الپاپا إنوسنت الثامن Pope Innocent VIII (1432 – 25 يوليو1492)، وُلد جيوڤاني باتيستا كيوبو (أوكيبو)، كان پاپا من 1484 حتى وفاته عام 1492.

حياته

أكدت الفوضى التي ضربت أطنابها في روما بعد موت سكستس عجزه عن بلوغ أهدافه. ذلك حتى الفوغاء نهبوا الأهراء البابوية، وسطوا على مصارف الجنويين، وهاجموا قصر جيرولامورياريو، وجرّد خدّام الفاتيكان هذا القصر من أثاثه، وتسلحت أحزاب النبلاء،وأقيمت المتاريس في الشوارع، واضطر جيرولاموحتى يقف حملته على آل كولنا، ويعود على رأس جنوده إلى المدينة، فعاد آل كولنا إلى الاستيلاء على كثير من حصونهم. ونادى مجمع مقدس عاجل في الفاتيكان تبودلت فيه الوعود والرشا بين الكردنال بورجيا والكردنا جوليانودلا روفيري، وأدت إلى انتخاب جوفاني باتستا تشيبوالجنوي وتسمى باسم إنوسنت الثامن.

الپاپوية

وكان عند انتخابه في الثانية والخمسين من عمره، طويل القامة، وسيم الطلعة، لطيف المعشر، مسالماً وديعاً إلى حد الضعف، متوسط الذكاء والتجربة، وقد وصفه أحد معاصريه بأنه "غير جاهل جميع الجهل". وكان له على الأقل ابن وابنة، ولكنه كان له في أغلب الظن غيرهما من الأبناء، يعترف بهم صراحة، ولمّا ارتدى الثياب الكهنوتية عاش كما يظهر عيشة العزاب. وكان الفكهون من أهل روما يخطون النكات عن أبنائه، ولكن قل من الرومان من كان يأخذ على البابا هذا الإخصاب في أيام شبابه؛ غير أنهم اعترتهم الدهشة حين احتفل بزواج أبنائه وأحفاده في الفاتيكان.

والحق حتى إنوسنت بعد حتى صار بابا قد قنع بأنقد يكون جداً، وأن يستمتع بالحب الأبوي والراحة المنزلية. وقد منح بوليتيان مائتي دوقة لأنه أهدى إليه ترجمة لكتاب هيرودوت، ولكنه فيما عدا هذا قلّما كان يعبأ بالكتّاب الإنسانيين. وظل يعمل على مهل مستعيناً بغيره من الرجال لتجديد بناء روما وتجميلها، فاستخدم أنطونيوبلا يولوفي بناء بيت بلفدير في حدائق الفاتيكان، واندريا مانتنيا في تصوير المظلمات في معبد مجاور لهذا البيت؛ لكنه كان في الأغلب الأعم يهجر تشجيع الآداب والفنون لكبار الموظفين والكرادلة. وجرى على هذه السنّة نفسها، سنّة هجر الأمور تجري في أعنتها،فهد بشئون السياسة الخارجية إلى الكردنال دلا روفيري، ثم إلى لورندسوده ميديتشي. وعرض المصرفي الثري حتى يزوج ابنته مدالينا ذات البائتة الكبيرة من فرانتشيسكوتشيبوابن البابا؛ ووافق إنوسنت على هذا الزواج، وعقد حلفاً مع فلورنس (1487)، وهجر من ذلك الحين الفلورنسي المجرب المسالم يقود السياسة البابوية، واستمتعت إيطاليا بسلم دامت خمس سنين.

وحدثت في عهد جم حادثة. أشبه ما تكون بالتمثيليات المضحكة يستمتع بها أهل زمانه، وكانت من أحب التمثيليات التي حدثت في التاريخ. وتفصيل ذلك حتى بايزيد الثاني وجم ابني محمد الثاني أوقدا نار حرب داخلية بعد موت أبيهما (1481) في نزاعهما على عرش آل عثمان. ولمّا هزم جم في بروصة أراد حتى ينجومن القتل بالاستسلام إلى فرسان القديس يوحنا في جزيرة رودس (1482). وأبقاه رئيس الفرسان بيير دوبسون عنده يهدد به بايزيد. وارتضى السلطان حتى يؤدي إلى الفرسان 45.000 دوقة جميع عام لإنفاقها على جم في الظاهر ولكنها في الحقيقة كانت إغراء لهم على ألاّ يشجعوا جم على المطالبة بعرش السلطنة العثمانية، وألاّ يتخذوه عوناً نافعاً لهم في شن حرب صليبية مسيحية على الأتراك. وأراد دوبسون حتى يضمن سلامة هذا الأسير الذي يدر المال الكثير فبعثه ليقيم تحت حراسة الفرسان في فرنسا. وعرض جميع من سلطان مصر، وفرديناند وإزبلا ملك أسبانيا وملكتها، وماتياس كرفينوس ملك المجر، وفيرانتي ملك نابلي، وإنوسنت نفسه، عرض جميع واحد من هؤلاء مبالغ طائلة على أوبسون إذا رضى بأن ينقل جم إلى بلده ليكون فيها مشمولاً بعنايته. وفاز البابا إذا رضى بأن ينقل جم إلى بلده ليكون فيها مشمولاً بعنايته. وفاز البابا بذلك لأنه وعد رئيس الفرسان بقلنسوة حمراء فضلاً عن الدوقات، وأنه ساعد شارل الثامن ملك فرنسا على حتى يتزوج آن صاحبة بريطاني ويحصل بذلك على هذه المقاطعة لنفسه. وبناء على هذا سار "الهجري العظيم" كما كن جم يسمى في ذلك الوقت، في الثالث عشر من شهر مارس عام 1489 في موكب فخم من الفرسان مخترقاً شوارع روما حتى وصل إلى قصر الفاتيكان حيث سجن سجناً يستمتع فيه بضروب الترف والمجاملة. وأراد بايزيد حتى يضمن حسن مقاصد البابا فبعث إليه بمرتب ثلاث سنين نفقة لجم، ثم بعث إليه في عام 1492 رأس حربة أكد له أنه هوالذي نفذ في جنب المسيح. وشك بعض الكرادلة في هذا، ولكن البابا أعد العدة لنقل هذا الأثر من أتكونا إلى روما، ولمّا وصل إلى "باب الشعب" (بورتا دل بوبولو) تلقّاه هوبنفسه وحمله في موكب فخم رهيب إلى الفاتيكان، وحمله الكردنال بورجيا عالياً ليعظّمه الناس ثم عاد بعدئذ إلى عشيقته.

وقد عثر إنوسنت صعوبة كبيرة في موازنة دخله ونفقاته رغم المعونة السخية التي يحبا بها السلطان الكنيسة. ولهذا أخذ يجري على الستة التي جرى عليها سكستس الرابع، ومعظم حكام أوربا. فملأ خزانته بالأموال التي كان يتقاضاها من طلاب المناصب الكبيرة، ولمّا عثر ما في هذا من نفع كبير أنشأ مناصب جديدة وعرضها للبيع؛ فحمل أمناء البابوية إلى ستة وعشرين وحصل بذلك على 62.400 دوقة؛ ثم حمل عدد حاملي الأختام، وكان واجبهم الثقيل هومهر القرارات البابوية بخاتم من الرصاص، إلى اثنين وخمسين، وجنى من ذلك 2500 دوقة من جميع واحد عينه في المنصب الجديد. ولقد كان يسع الإنسان ألاّ يرى في هذه الأعمال ما أسوأ من ضريبة تؤدي نظير تأمين على منصب لولا حتى من أدوا هذا المال لمقد يكونوا يعوضون أنفسهم عمّا أدوه بمرتبهم الضخم فحسب بل بابتزاز المال بأسفل الطرق في مناصبهم. من ذلك حتى اثنين من أمناء البابا أقرّا بأنهما زورا في عامين أكثر من خمسين مرسوماً بابوياً أحلاّ فيها بعضهم من الفروض الدينية؛ وغضب البابا من هذا العمل فأمر بشنق الرجلين وإحراق جثتيهما لأنهما تجاوزا في السرقة الحد الذي يجيز منصباهما (1489). وبدا حتى جميع شيء في روما يمكن شراؤه، من الإعفاء من الأحكام القضائية إلى مقام البابوية نفسه. ويحدثنا أنفيسورا الذي لا يوثق بكثير من أقواله حتى رجلاً ضاجع ابنتيه ثم قتلهما قد عفا عنه بعد أداء ثمانمائة دوقة. ولمّا سئل الكردنال بورجيا عن السبب في عدم إقامة الحد، أجاب كما تقول الرواية: "إن الله لا يريد حتى يموت الآثم، بل يريد حتى يعيش ويؤدي الثمن"(. وكان فرانتشيسكوتشيبووغدا مجرداً من الذمة والضمير، وكان يشق طريقه إلى بيوت الأهلين "لأغراض دنيئة"؛ ويحرص على حتى يستولي على قدر كبير من الغرامات التي تحصلها المحاكم الكنسية في روما، لينفقه في الميسر. وقد خسر في إحدى الليالي 14.000 دوقة (350.000،يا ترى؟ دولار) كسبها منه الكردنال رفائيلي رياريوRaffaelle Riario، ثم شكا إلى البابا بأنه خدع في اللعب، وحاول إنوسنت حتى يسترد له المال، ولكن الكردنال أقر بأنه أنفقه على البلاتسا دلا كنتشيليربا الذي كان يشيّده.

وكان تحويل البابوية إلى سلطة زمنية - انهماكها في السياسية، والحرب، وشئون المال ـ سبباً في امتلاء هيئة الكرادلة برجال اشتهروا بمقدرتهم الإدارية، ونفوذهم السياسي، وقدرتهم على حتى يؤدوا أثمان مناصبهم. وقد أضاف إنوسنت إلى مجمع الكرادلة ثمانية آخرين كثرتهم غير صالحة قط لشغل هذه المناصب السامية، مع أنه وعد ألاّ يزيد عدد أعضاء هذا المجمع على أربعة وعشرين. وبذلك خلع لقب كردنال على جيوفني ده ميديتشي، وكان كثير من الكرادلة رجالاً متفهمين تعليماً عالياً، خيّرين، مناصرين للآداب، والموسيقى، والتمثيل، والفن. وكانت قلة منهم نقية طاهرة؛ وكان منهم من لم يتجاوزوا المراتب الصغرى في السلك الكهنوتي ولم يصبحوا قسيسين. لكن الكثيرين منهم كانوا رجال دنيا، تتطلب منهم واجباتهم السياسية، والدبلوماسية، والمالية حتى يشتغلوا بالشئون الدنيوية، وكانوا قادرين على حتى يقابلوا أمثالهم من الموظفين في الحكومات الإيطالية أوحكومات البلاد التي ما وراء جبال الألب بنفس الكفاية الفهمية والدهاء السياسي. ومنهم من حذا حذوالنبلاء الإيطاليين، فحصنوا قصورهم واحتفظوا برجال مسلحين يحمونهم من هؤلاء النبلاء، ومن غوغاء روما، ومن غيرهم من الكرادلة ولعل باستور المؤرخ الكاثوليكي العظيم قد أفرط في القسوة بسبب مهامهم الدنيوية حين نطق:

لقد كانت المنزلة المنحطة التي وضع فيها لورندسوده ميديتشي مجمع الكرادلة أيام إنوسنت الثامن قائمة لسوء الحظ على أساس سليم. فقد كان الكرادلة أسكانيواسفوؤدسا، ورياريو، وأرسيني واسكا لفيناتوس، وجان ده لا بالووجوليانودلا روفيري، وسافلي، وردريجوبورجيا من أبرز الكرادلة الزمنيين ، سرت إليهم عدوى الفساد الذي كان منتشراً في إيطاليا بين الطبقات العليا في عصر النهضة. فقد أحاطوا أنفسهم في قصورهم الفخمة بأكبر ما تتيحه المدنية الراقية من أعظم ضروب الترف؛ فكانوا يعيشون كما يعيش الأمراء الزمنيون، ويبدوأنهم كانوا يحسبون حتى أثوابهم الكهنوتية ليست إلاّ زينة تتطلبها مراتبهم. وكانوا يصيدون، ويقامرون، ويقيمون الولائم وضروب التسلية الفخمة ويشهجرون في جميع ضروب المرح التمثيلي الذي تجري به المساخر المقنعة؛ وينغمسون في الفساد الخلقي الطليق من جميع قيد؛ وينطبق ذلك أكثر ما ينطبق على ردريجوبورجيا.

وكان الفساد المنتشر في تلك الطبقة العليا صورة من الفوضى الأخلاقية السائدة في روما كما كان من مسببات انتشارها. فقد كان العنف، واللصوصية، والسلب والنهب، والرشوة، والتآمر، والانتقام من الأعمال اليومية العادية. وكان جميع صباح يكشف في الأزقة عن رجال قتلوا في أثناء الليل. وكان قطاع الطرق يترصدون الحجاج وسفراء الدول، ويجردونهم أحياناً من ثيابهم حين يقتربون من عاصمة العالم المسيحي. وكانت النساء يهاجمن في الشوارع وفي البيوت. وسرقت بترة من الصليب الحق مغلفة بالفضة من مكان المقدسات في كنيسة سانتا ماريا في تراستيفيري، ثم عثر خشبه مجرداً من غلافه الفضي في كرمة. وكان هذا التشكك الديني واسع الانتشار؛ وشاهد ذلك حتى أكثر من خمسمائة أسرة في روما أدين أفرادها بالإلحاد في الدين ثم عفي عنهم بعد حتى أدوا غرامات. ولعل حكومة البابا المأجورة في روما كانت خيراً من محكمة التفتيش المأجورة السفاحة التي كانت أعمالها تروع أسبانيا في تلك الأيام. وحتى القساوسة أنفسهم لمقد يكونوا مبرئين من الشكوك الدينية، من ذلك حتى أحدهم قد اتّهم بأنه استبدل بعبارة التجسد الواردة في القداس تعبير أخرى من عنده تقول: "أيها المسيحيون البلهاء، يا من تعبدون الطعام والشراب وتتخذونهما إلهين من دون الله!".

ولما قربت ولاية البابا إنوسنت من نهايتها ظهر المتنبئون يلعنون اقتراب القيامة، وعلا في فلورنس صوت سفنرولا يصم ذلك العهد بأنه عهد المسيح الدجال.

وفي ذلك يقول أحد الإخباريين: "في العشرين من شهر سبتمبر وقع اضطراب شديد في مدينة روما، أغلق التجار على أثره حوانيتهم، ورجع من كانوا في الحقول والكروم إلى بيوتهم مسرعين؛ وكان سبب ذلك ما أعرب من حتى البابا إنوسنت قد مات". ورويت قصص غريبة عمّا وقع في ساعات وفاته، فقيل إذا الكرادلة وضعوا جم تحت حراسة خاصة خشية حتى يستحوذ عليه فرانتيسكتوتشيبو، وإن الكردناليين يورجيا ودلا روفيري كادا يتلاكمان إلى جانب سرير الميت. وإنفيسورا الذي لا يوثق بأقواله هومصدر الرواية القائلة إذا ثلاثة أولاد ماتوا من كثرة ما نقل من دمائهم إلى البابا المحتضر أملاً في إنقاذ حياته. وأوصى إنوسنت بثمانية وأربعين ألف دوقة (600.000،يا ترى؟ دولار) لأقاربه، ومات ودفن في كنيسة القديس بطرس؛ وغطى أنطونيوبلايونوخطيئاته بضريح فخم.

انظر أيضاً

• كرادلة الپاپا إنوسنت الثامن

المصادر

• "Black Africans in Renaissance Europe", N. H Minnich, Thomas Foster Earle, K. J. P. Lowe, Cambridge University Press, 2005, ISBN 0-521-81582-7
• "For the glory of God: how monotheism led to reformations, science, witch-hunts, and the end of slavery", Rodney Stark, p. 330, Princeton University Press, 2003, ISBN 0-691-11436-6
• "The problem of slavery in Western culture", David Brion Davis, Oxford University Press US, 1988, ISBN 0-19-505639-6 [1]

هوامش

مشاع الفهم فيه ميديا متعلقة بموضوع [[commons: Category:Innocentius VIII | Innocentius VIII ]].