شارلمان

عودة للموسوعة

شارلمان

شارلمان
Charlemagne
العظيم شديد السكون, المتوج من الرب, الإمبراطور العظيم المسالم, حاكم الإمبراطورية الرومانية وبرحمة من الرب, ملك اللومبارد والفرنجة
شارلمان (شمال) وپپن الأحدب. نسخة من القرن العاشرلمخطوط فـُقـِد من سنة 830 تقريباً.
العهد ملك الفرانك: 24 سبتمبر 768 - 28 يناير 814;
ملك اللومبارد: 774 - 28 يناير 814;
إمبراطور: 25 ديسمبر 800 - 28 يناير 814
تتويج ملك الفرانك: ح. يونيو754, سانت دني;
ملك اللومبارد: 774;
الإمبراطور الروماني المقدس: 25 ديسمبر 800, روما
سبقه پپن القصير
لويس الورع
Burial 28 يناير 814
مصلى القصر الملكي في اكس-لا-شاپل
Consort Desiderata of Lombardy,
هيلدگارد,
فاسترادا,
لويتگارد
Issue پپن الأحدب (763-811),
شارل الأصغر (772 or 773-811),
Carloman, renamed Pippin (773 or 777-810), King of Italy,
Rotrude (or Hruodrud) (777-810),
Louis the Pious (778-840), King of Aquitaine, later King and Emperor of the Franks,
Bertha (779-823)
Gisela (781-808)
Theodrada (b.784), abbess of Argenteuil
البيت Carolingian Dynasty
الأب پپن القصير
الأم Bertrada of Laon
شارلمان بريشة دورر

شارلمان (742- 814) هوملك الفرنجة بين عامي (768- 800) وإمبراطور الإمبراطورية الرومانية المقدسة بين عامي (800- 814). وهوالأبن الأكبر للملك پپن الثالث (القصير)، حكم مملكة الفرنجة مناصفة مع شقيقه كارلومان حتى موت الأخير عام 771. عندها أمسى شارلمان الملك الوحيد لشعبه، فقام بحملات واسعة للسيطرة على الأراضي الأوربية المجاورة لمملكته ولتبشيرها بالمسيحية.

فهزم اللومبارديين في شمال إيطاليا وضم إقطاعياتهم عام 774، وحاول طرد المسلمين من اسبانيا ولكنه فشل في ذلك عام 778، ونجح في السيطرة على بافاريا عام 778.

حارب شارلمان السكسون لسنوات عديدة فهزمهم وأدخلهم في المسيحية عام 804، وأخضع أيضا الآفاريين المقيمين على الدانوب وسيطر على الكثير من الدول السلافية. إلى غير ذلك تمكن من إنشاء إمبراطورية ضمت معظم الأراضي المسيحية في أوروبا الغربية باستثناء الجزيرة البريطانية، جنوب إيطاليا وجزء من اسبانيا.

البابا ليوالثالث يتوج شارلمان إمبراطوراً بريشة الرسام الفرنسي جان فوكيه

.

في يوم عيد الميلاد عام 800 م توجه البابا لاون الثالث إمبراطوراً على الإمبراطورية الرومانية المقدسة، واختار الإمبراطور مدينة آخن الألمانية لتكون عاصمته حيث بنى فيها تحف معمارية شتى لايزال قسم منها قائم حتى اليوم.

نادى شارلمان الكثير من الفهماء والأدباء والشعراء لمساعدته في البدء بنهضة دينية ثقافية في أوروبا عهدت بالنهضة الكارولنجية. كما قام أيضا بسن القوانين وبتنظيم الأمور الإدارية في إمبراطوريته وأدخل الكتابة في الشؤون الحكومية.


النشأة والأصل

ولد أعظم ملوك العصور الوسطى عام 742 في مكان غير معروف. وكان يجري في عروقه الدم الألماني وينطق باللسان الألماني، ويشهجر مع قومه في بعض الصفات-قوة الجسم، والبسالة ورباطة الجأش، والافتخار بالأصل، والبساطة الخشنة التي تفصلها مئات السنين عن رقة الفرنسيين الحضرية المصقولة. وكان قليل الفهم بالخط وما فيها، لم يقرأ منها إلا عدداً قليلاً، لكن ما قرأه منها كان من خيارها، وحاول في شيخوخته حتى يتفهم الكتابة باللغة التيوتونية القديمة واللاتينية الأدبية، وكان يفهم اللغة اليونانية(20).


صعوده للسلطة

ولما توفي پپن القصير في عام 771 انفرد شارل بالحكم وهوفي التاسعة والعشرين من عمره. وبعد سنتين من انفراده به بعث إليه البابا هدريان الثاني بدعوة عاجلة ليساعده على دسديريوس Desiderius اللمباردي الذي كان وقتئذ يغزوالولايات البابوية. ولبى شارلمان الدعوة وحاصر بافيا واستولى عليها، ولبس تاج لمباردي، وأيد عطية بيبي، وارتضى حتىقد يكون حامي الكنيسة، جميع سلطاتها الزمنية. ولما عاد إلى عاصمة في آخن بدأ سلسلة من الحروب عدتها ثلاث وخمسون- قادها كلها تقريباً بنفسه- يهدف بها إلى تأمين دولته بفتح باڤاريا وسكسونية وجعلها مسيحيتين، والقضاء على الآڤار المشاغبين المتعبين، وحماية إيطاليا من غارات المسلمين، وتقوية حصون فرنسا حتى تستطيع الوقوف في وجه مسلمي أسبانيا الذين يبغون بسط سلطانهم عليها.

وكان السكسون المقيمون عند الحدود الشرقية لبلاده وثنيين، أحرقوا كنيسة مسيحية وأغاروا مراراً على غالة، وكانت هذه الأسباب كافية في رأي شارلمان لأن يوجه إليهم ثماني عشرة حملة (772-804)، قاتل فيها الطرفان بمنتهى الوحشية. فلما هزم السكسون خيرهم شارلمان بين التعميد والموت وأمر بضرب رقاب 4500 منهم في يوم واحد(21)، وسار بعد عملته هذه إلى ثيونفيل ليحتفل بميلاد المسيح.

الحملات الاسبانية

حسب ابن الأثير، لما كان شارلمان في بادربون Paderborn إذ استغاث به ابن العربي حاكم برشلونة المسلم في عام 777 لينصره على خليفة قرطبة. فما كان منه إلا حتى سار على رأس جيش عبر به جبال البرانس، وحاصر مدينة بمبلونا المسيحية، وعامل البشكنس مسيحي أسبانيا الشمالية الذين لا يحصى عديدهم معاملة الأعداء، وواصل زحفه حتى وصل إلى سرقسطة نفسها. غير حتى الفتن الإسلامية التي وعد ابن العربي بإثارتها على الخليفة والتي كانت جزءاً من الخطة الحربية المدبرة لم يظهر لها أثر، ورأى شارلمان حتى جيوشه بمفردها لا تستطيع مقاومة جيوش قرطبة، وترامى إليه حتى السكسون ثائرون عليه وأنهم يزحفون وهم غضاب على كولوني Cologce، فرأى من حسن السياسة حتى يعود بجيشه إلى بلاده، واخترق بهم في وصف طويل رفيع ممرات جبال البرانس.


وبينما كان يعبر أحد هذه الممرات عند رُنسفال Roncesvalles من أعمال نافاره إذا انقضت على مؤخرة الفرنجة قوة من البشكنس، ولم تكد تظل على أحد منها (778)، وهناك توفي هرودلاند Hruodland النبيل الذي أصبح بعد ثلاثة قرون بطل القصيدة الفرنسية الذائعة الصيت أغنية رولان Chancno de Roland. وسير شارلمان في عام 795 جيشاً آخر عبر جبال البرانس، واستولى به على شريط ضيق في شمالي أسبانيا الشرقي وضمه إلى فرنسيا Francia. واستسلمت له برشلونة، وأقرت أستراسيا ونبرة بستادة الفرنجة عليهما (806). وكان شارلمان في هذه الأثناء قد أخضع السكسون لسلطانه (785)، وصد الصنطقبة الزاحفين على بلاده (789)، وهزم الآفار وشتت ضمهم (790-805)، ثم أخلد في السنة الرابعة الثلاثين من حكمه والثالثة والستين من عمره إلى السلام. والحق أنه كان على الدوام يحب شئون الإدارة والحكم أكثر مما يحب الحرب، ولم ينزل إلى ميدان القتال إلا ليفرض على أوربا الغربية، التي مزقتها منذ قرون طوال منازعات القبائل والعقائد، شيئاً من وحدة الحكم والعقيدة.

وكان في أثناء هذا الحكم قد أخضع لسلطانه جميع الشعوب الضاربة بين نهر الفستيولا Vistula والمحيط الأطلنطي، وبين البحر البلطي وجبال البرانس، وإيطاليا كلها تقريباً، والجزء الأكبر من بلاد البلقان. ترى كيف من الممكن أن استطاع رجل واحد حتى يحكم هذه المملكة المتباينة المترامية الأطراف،يا ترى؟ الجواب أنه قد وهب من قوة الجسم والأعصاب ما يستطيع به حتى يأخذ على عاتقه مئات التبعات، والأخطار، والأزمات، وأن يتحمل ما أصعب على النفس من هذا كله وهوائتمار أبنائه به ليقتلوه.

عالمه الامبراطوري

الدبلوماسية الامبراطورية

Charlemagne's chapel at Aachen Cathedral.


الإدارة

الإصلاح السياسي

وكان في دمائه دم أوتعاليم پپن الثالث الحذر الحكيم، وشارل مارتل الذي لا يرحم ولايلين، وكان هونفسه إلى حد ما مطرقة مثل مارتل. وقد وسع أملاكهما وحافظ عليها بما وضعه لها من نظام عسكري قوي النادىئم، وسندها بما أفاء عليها من ظل الدين وشعائره. وكان في وسعه حتى يضع لنفسه الأهداف الكبار، وأن يهيئ الرسائل ويبتغي الغايات. وكان في مقدوره حتى يقود الجيوش، ويقنع الجمعيات، ويشرح صدور الأعيان، ويسيطر على رجال الدين، ويكبح جماح الحريم.

وقد جعل الخدمة العسكرية شرطاً لامتلاك أكثر من الكفاف من الأملاك، وبهذا أقام الروح العسكرية المعنوية على أساس الدفاع عن الأرض وتوسيع رقعتها، وأوجب على جميع حر إذا دُعي لحمل السلاح حتى يمثل تام العدة أمام الكونت المحلي، وكان جميع عامل نبيل مسئولاً أمامه عن كفاية وحداته. وكان بناء الدولة يقوم على هذه القوة المنظمة يؤيدها جميع عامل نفساني تخلعه عليها قداسة صاحب الجلالة الذي باركه رجال الدين، وفخامة الاحتفالات الإمبراطورية، والطاعة التقليدية للحكم القائم الموطد النادىئم. وكانت تجتمع حول الملك حاشية من النبلاء الإداريين ورجال الدين-رئيس خدم البيت، وقاضي القضاة وقضاة حاشية القصر، ومائة من الفهماء، والخدم، والخطة. وكان مما قوى إحساس الشعب باشتراكه في الحكم ما كان يعقده جميع نصف عام من اجتماعات يحضرها الملاك المسلحون، يجتمعون حدثا تطلبت اجتماعهم الشئون الحربية أوغيرها في مدن ورمز، وفلنسين، وآخن، وجنيف وباربون...


وكانت هذه الاجتماعات تعقد عادة في الهواء الطلق. وكان الملك يعرض على جماعات قليلة من الأعيان أوالأساقفة ما عنده من الاقتراحات التشريعية، فكانت تبحثها وتعيدها إليه مشفوعة باقتراحاتها ثم يضع هوالقوانين ويعرضها على المجتمعين ليوافقوا عليها بصياحهم؛ وكان يحدث في بعض الأحوال النادرة حتى ترفضها الجمعية بالأنين أوالقباع الجماعي. وقد نقل إلينا هنكمار Hincmar كبير أساقفة ريمس صورة دقيقة لشارلمان في هذه الاجتماعات، فنطق إنه كان "يسلم على أكابر الحاضرين، ويتحدث إلى من لم يكن يراهم إلا قليلاً، ويظهر اهتماماً ظريفاً بالكبار، ويلهومع الصغار". وكان يطلب إلى أسقف جميع إقليم ورئيسه الإداري حتى يبلغ الملك في هذه الاجتماعات عن جميع حادثة هامة سقطت في إقليمه منذ الاجتماع السابق، ويضيف هنكمار إلى أقواله السابقة حتى "الملك كان يرغب في حتى يعهد هل الأهلون في أي ركن من أركان مملكته قلقون مستاءون، وما سبب قلقهم واستيائهم"(22).


التنظيم

وكان عمال الملك يواصلون نظام الاستعلامات الرومانية القديمة فيستدعون إليهم كبار المواطنين ويطلبون إليهم حتى "يعطوا بيانات سليمة"، معززة بالإيمان عما في الإقليم الذي يزورونه من أملاك ترفض عليها الضرائب، وعن حالة النظام في هذا الإقليم وعما يقع فيه من الجرائم أومن فيه من المجرمين. وكانت شهادة جماعة الباحثين الذين يقسمون الإيمان تستخدم في أرض الفرنجة في القرن العاشر للفصل في كثير من المشاكل المحلية الخاصة بالأملاك العقارية أوالجرائم. وقد نشأ من هذه الجماعات، بعد تطورها على يد النورمان والإنجليز، نظام المحلفين القائم في هذه الأيام.

وكانت الدولة مقسمة إلى مقاطعات يحكم جميع مقاطعة في الشئون الروحية أسقف أوكبير أساقفة، وفي الشئون الدنيوية قومس Comes (رفيق للملك أوكونت. وكانت جمعية محلية من الملاك تجتمع مرتين أوثلاث مرات جميع سنة في عاصمة جميع مقاطعة لتبدي رأيها في حكومة الإقليم وتكون بمثابة محكمة استئناف فيه. وكان للمقاطعات الواقعة على الحدود المعرضة للخطر حكام من طراز خاص يسمونهم جراف graf أومارجريف Margravc، أومرخرزوج Markherzog، فكان رولان المرسستفالي Roland of Maecesvallcs مثلاً حاكم مقاطعة برتن Breton وكانت جميع الإدارات المحلية خاضعة لسلطان "مبعوثي السيد" missi dominici- الذين يرسلهم شارلمان يحملون رغباته للموظفين المحليين، ويطلعون على أعمالهم، وأحكامهم، وحساباتهم، ويمنعون الربا، والاغتصاب، والمحاباة، واستغلال النفوذ، ويتلقون الشكاوي، ويردون المظالم، ويحمون "الكنيسة، والفقراء، والذين تحت الوصاية، والشعب أجمع" من سوء استعمال السلطة أوالاستبداد، وأن يعهدوا الملك بأحوال مملكته. وكان العهد الذي عين بمقتضاه هؤلاء المبعوثون بمثابة عهد أعظم للشعب وضع قبل حتى يوضع العهد الأعظم Magna Garta لحماية أشراف إنجلترا بأربعة قرون.


ومما يشير على حتى هذا العهد كان يقصد به ما اتى فيه ما وقع لدوق إستريا Istria، إذ اتهمه المبعوثون بارتكاب عدة مظالم، واغتصاب الأموال، فأرغمه الملك على حتى يرد ما اختلسه، وأن يعوض جميع مظلوم عما سقط عليه من ظلم، ويعترف علناً بجرائمه، ويقدم الضمانات التي تمنعه من تكرارها. وإذا ما غضضنا النظر عن حروب شارلمان كان هوأعدل الحكام الذين عهدتهم أوربا منذ عهد ثيودريك القوطي وأكثرهم استنارة.

وتعد القوانين الست والخمسون الباقية من تشريعات شارلمان من أكثر المجموعات القانونية طرافة في العصور الوسطى. فهي لا تكون مجموعة منتظمة، بل هي توسيع القوانين "الهمجية" الأقدم منها عهداً وتطبيقاً على الظروف والمطالب الجديدة. ولقد كانت في بعض تفاصيلها أقل استنارة من قوانين ليوتبراند اللمباردي: فقد أبقت على عادات الكفارة عن الجرائم الكبرى، والتحكم الإلهي، والمحاكمة بالاقتتال، والعقاب ببتر الأعضاء(24)، وحكمت بالإعدام على من يرتد إلى الوثنية، أومن يأكل اللحم في أيام الصوم الكبير-وإن كان يسمح لرجال الدين حتى يخففوا هذه العقوبة الأخيرة(25). ولم تكن هذه كلها قوانين، بل منها ما كان فتاوي، ومنها ما كان أسئلة موجهة من شارلمان إلى موظفيه، ومنها ما نصائح أخلاقية. وقد اتى في إحدى المواد: "يجب على جميع إنسان حتى يعمل بكل ما لديه من قوة وكفاية لخدمة الله وإتباع أوامره، لأن الإمبراطور لا يستطيع حتى يراقب جميع إنسان في أخلاقه الخاصة"(26). وحاولت بعض المواد حتى تقيم العلاقات الجنسية والزوجية بين أفراد الشعب على قواعد أكثر نظاماً مما كانت قبل، على حتى الناس لم يطيعوا هذه النصائح كلها؛ ولكن القوانين والنصائح في مجموعها تنم عن جهود صادقة لتحويل الهمجية إلى حضارة. وشرع شارلمان للزراعة، والصناعة، والشئون المالية، والتعليم، والدين، كما شرع لشئون الحكم والأخلاق. وكان حكمه في فترة انحطت فيها الحالة الاقتصادية في جنوبي فرنسا وإيطاليا إلى الحضيض من جراء سيطرة المسلمين على البحر المتوسط. وفي هذا يقول ابن خلدون إذا المسيحيين لم يكن في وسعهم حتى يسيروا لوحاً فوق البحر(27)، وكانت العلاقات التجارية بأجمعها بين غربي أوربا وأفريقية وشرقي البحر المتوسط غاية في الاضطراب. وكان اليهود وحدهم هم الذين يربطون النصفين المتعاديين من البلاد التي كانت أيام حكم روما عالماً اقتصادياً موحداً. وبقيت التجارة قائمة في أوربا الخاضعة لحكم الصنطقبة وبيزنطية، وفي شمالها التيوتوني. وكذلك كانت القناة الإنجليزية وكان بحر الشمال يموجان بالمتاجر، ولكن هذه التجارة الأخيرة أيضاً اضطربت أحوالها قبل موت شارلمان، وقد أسقطتها في هذا الاضطراب غارات أهل الشمال وقرصنتهم.

وكاد أهل الشمال يغلقون ثغور فرنسا الشمالية، والمسلمون يغلقون ثغورها الجنوبية، حتى أضحت لهذا السبب جزيرة منفصلة عن العالم، وبلداً زراعياً، واضمحلت فيها طبقة التجار الوسطى، فلم تبق هناك طبقة تنافس كبار الملاك في الريف؛ وكان مما ساعد على قيام نظام الإقطاع في فرنسا هبات شارلمان للأراضي وفوز الإسلام.


الإصلاحات الاقتصادية والنقدية

Monogram of Charlemagne, from the subscription of a royal diploma: "Signum (monogr.: KAROLVS) Caroli gloriosissimi regis"

وبذل شارلمان جهوداً جبارة لحماية الفلاحين الأحرار من نظام رقيق الأرض الآخذ في الانتشار. ولكن قوة الأشراف والظروف القاهرة المحيطة به أحبطت جهوده. وحتى الاسترقاق نفسه اتسع نطاقه وقتاً ما نتيجة لحروب الكارولنجيين ضد القبائل الوثنية. وكانت أبرز موارد الملك مزارعه الخاصة التي كانت مساحتها تتسع من حين إلى حين نتيجة المصادرة، والهبات، وعودة بعض الأراضي إلى الملك ممن يموتون بغير ورثة، واستصلاح الأراضي البور. وقد أصدر للعناية بهذه الأراضي قانوناً زراعياً مفصلاً أعظم تفصيل يشهد بعنايته التامة في درس جميع موارد الدولة ومصروفاتها. وكانت الغابات والأراضي البور، والطرق العامة، والمواني وجميع ما في الأرض من معادن ملكاً للدولة(28).


وشجع ما بقي في البلاد من تجارة بكافة السبل ؛ فبسطت الدولة حمايتها على الأسواق، ووُضع نظام دقيق للموازين والمقاييس والأثمان، وجففت المكوس، ومُنعت المضاربات على المحاصيل قبل حصادها، وأنشئت الطرق والجسور أوأصلحت، وأنشئ جسر عظيم على نهر الرين عند مينز، وطهرت المسالك المائية لتبقى مفتوحة على الدوام، واختطت قناة تصل الرين بالدانوب حتى يتصل بحر الشمال بالبحر الأسود. وحافظت الدولة على ثبات النقد، ولكن قلة المضى في فرنسا واضمحلال التجارة أدّيا إلى استبدال الجنيه الفضي بجنيه شارلمان المعروف باسم السوليدس Solidus.

وامتدت جهود الملك وعنايته إلى جميع ناحية من نواحي الحياة، فأسمى الرياح الأربع بأسمائها التي تعهد بها الآن؛ ووضع نظاماً إعانة الفقراء، وفرض على النبلاء ورجال الدين ما يلزمه من المال لهذا المشروع، ثم حرم التسول وجعله جريمة يعاقب عليها القانون(29). وهاله انتشار الأمية في أيامه حتى لا يكاد أحد يعهد القراءة والكتابة غير رجال الدين، كما هاله انعدام التعليم بين الطبقات الدنيا من هذه الطائفة، فاستدعى فهماء من الأجانب لإعادة مدارس فرنسا إلى سابق عهدها؛ فأغرى بولس الشماس على حتى يأتي إليه من منتي كسينو، وألكوين من يورك (782)، ليفهما في المدرسة التي أنشأها شارلمان في القصر الملكي بآخن. وكان ألكوين هذا (735-804) رجلاً سكسونياً، ولد بالقرب من مدينة يورك، وتفهم في مدرسة الكتدرائية وهي المدرسة التي أنشأها الأسقف إجبرت في تلك المدينة، وقد كانت بريطانيا وأيرلندة في القرن الثامن متقدمتين من الناحية الثقافية عن فرنسا. ولما بعث أفا Offa ملك مرسية Mercia ألكوين في بعثة إلى شارلمان ألح شارلمان على ألكوين حتى يبقى عنده، وسر ألكوين حتى يخرج من إنجلترا حين كان "الدنمرقيون يتلفون أرضها، ويدنسون الأديرة بما يرتكبونه فيها من الزنى"(30)، فآثر البقاء، وبعث إلى إنجلترا وغيرها من البلاد في طلب الخط والمفهمين، وسرعان ما أضحت مدرسة القصر مركزاً نشيطاً من مراكز الدرس، ومراجعة المخطوطات ونسخها، كما أضحت مركزاً لإصلاح نظم التربية إصلاحاً عم جميع المملكة. وكان من بين طلابها شارلمان نفسه، وزوجته ليوتجارد Liutgard، وأولاده وابنته جزيلا Gisela، وأمين سره اجنهارد Eginhard، وإحدى الراهبات، وكثيرون غيرهم، وكان أكثرهم شغفاً بالتعليم؛ فكان يحرص على الفهم حرصه على تملك البلاد، يفهم البلاغة وعلوم الكلام، والهيئة؛ ويقول إجنهارد إنه بذل جهوداً جبارة ليتفهم الكتابة "وكان من عادته حتى يحتفظ بالألواح تحت وسادته، حتى يستطيع في أوقات فراغه حتى يمرن يده على رسم الحروف؛ ولكن جهوده هذه لم تلق إلا قليلاً من النجاح لأنه بدأ هذه الجهود في سني حياته"(31). ودرس اللاتينية بنهم شديد، ولكنه ظل يتحدث بالألمانية مع أفراد حاشيته؛ وقد وضع كتاباً فينحواللغة الألمانية وجمع نماذج من الشعر الألماني القديم.

اصلاح نظام الكتابة

Page from the Lorsch Gospels of Charlemagne's reign.

ولما ألح ألكوين على شارلمان، وبعد حتى قضي في مدرسة القصر ثمة سنين، حتى ينقله إلى بيئة أكثر منها هدوءاً، عينه الملك على كره منه رئيساً لدير تور (796)؛ وهناك حشد ألكوين الرهبان لينقلوا نسخاً من الترجمة اللاتينية المتداولة للتوراة والإنجيل التي قام جيروم أحد آباء الكنيسة اللاتين، ومن الخط اللاتينية القديمة، بحيث تكون أكثر دقة من النسخ المتداولة وقتئذ. وحذت الأديرة الأخرى حذوهذا الدير، وبفضل هذه الجهود كانت كثير من أحسن ما وصل إلينا من النصوص القديمة من مخطوطات هذه الأديرة في القرن التاسع الميلادي؛ وقد احتفظ لنا رهبان العصر الكارولنجي بما لدينا من الشعر اللاتيني كله تقريباً عدا شعر كاتلس Gatullus، وتيبلس Tibullus، وبروبرتيوس Poptrtius، وبما لدينا من النثر اللاتيني كله تقريباً ما عدا كتابات فاروVarro، وتاستس Tacitns وأبوليوس Apnleius(32). وكانت كثير من المخطوطات الكارولنجية جميلة الزخرفة يزينها فن الرهبان وصبرهم الطويل،

وكان من آثار هذه الخط المزخرفة التي أخرجتها مدرسة القصر أناجيل "فينا" التي كانت أباطرة ألمانيا المتأخرون يقسمون عليها أيمان تتويجهم.

وأصدر شارلمان في عام 787 إلى جميع أساقفة فرنسا ورؤساء أديرتها "توجيهات لدراسة الآداب"، يلوم فيها رجال الدين على ما يستخدمونه من "اللغة الفظة" و"الألسنة غير المهذبة" ويحث جميع كنيسة ودير على إنشاء مدارس يتفهم فيها رجال الدين على السواء القراءة والكتابة. ثم أصدر توجيهات أخرى في عام 789 يدعوفيها مديري هذه المدارس حتى "يحرصوا على ألا يفرقوا بين أبناء رقيق الأرض وأبناء الأحرار، حتى يمكنهم حتى يأتوا ويجلسوا على المقاعد نفسها ليدرسوا النحو، والموسيقى، والحساب". وفي عام 805 صدرت تعليمات أخرى تهيئ لهذه المدارس تعليم الطب، وتعليمات غيرها تندد بالخرافات الطبية. ومما يدلنا على حتى أوامره لم تمضى أدراج الرياح كثرة ما أنشئ في فرنسا وألمانيا الغربية من مدارس في الكنائس والأديرة؛ فلقد أنشأ ثيودولف Theodulf أسقف أورليان مدارس في جميع أبرشية من أسقفيته، رحب فيها بجميع الأطفال على السواء، وحرم على القساوسة الذين يتولون التدريس حتى يتناولوا أجوراً(33)، وذلك أول مثل للتعليم العام المجاني في تاريخ كله. ونشأت مدارس هامة، متصلة كلها تقريباً بالأديرة، في خلال القرن التاسع في تور، وأوكسير Auxer، وبافيا، وسانت جول St, Gall، وفلدا Fulda، وغنت Ghent وغيرها من المدن. وأراد شارلمان حتى يوفر حاجة هذه المدارس إلى المفهمين، فاستقدم الفهماء من أيرلندة، وبريطانيا، وإيطاليا، ومن هذه المدارس نشأت في المستقبل الجامعات الأوربية.

على أننا يجب حتى لا نغالي في تقدير القيمة العقلية لذلك العهد. فلقد كان هذا البعث المدرسي أشبه بيقظة الأطفال منه بالنضوج الثقافي الذي كان قائماً وقتئذ في القسطنطينية، وبغداد، وقرطبة، فلم يثمر هذا البعث كتاباً كباراً من أي نوع كان. وكتابات ألكوين الشكلي مملة، مقبضة، خانقة؛ وليس فيها ما ينفي عنه تهمة التحذلق والتباهي بالفهم، وتدل على أنه إنسان لطيف يستطيع حتى يوفق بين السعادة والتقي؛ وليس فيها ما يشير على هذا وينفي ذاك إلا بعض وسائله وأبيات من شعره. ولقد أنشأ كثير من الناس أشعاراً في أثناء هذه النهضة الفهمية القصيرة الأجل، منها قصائد ثيودولف التي فيها قدر كاف من الجمال على طريقتها الضعيفة الخاصة بها. غير حتى الأثر الأدبي الخالد الوحيد الذي خلفه ذلك العهد هوالترجمة المختصرة البسيطة لشارلمان التي خطها اجنهارد. وهي تحذوحذوكتاب ستونيوس Seutonius حياة القياصرة Lives of the Caesars، بل الكتاب الأول ليقتطف بعض فقرات من الثاني يصف بها شارلمان. على أننا يجب حتى نغفر جميع شيء للمؤلف الذي يصف نفسه في تواضع جم بأنه "همجي، لا يعهد إلا قليلاً من لسان الرومان"(34)، وما من شك رغم هذا الاعتراف في أنه رجل عظيم المواهب، لأن شارلمان عيّنَه أستاذاً اقصره، وخازناً لبيت ماله، واتخذه صديقاً مقرباً له، واختاره ليشرف على الكثير من العمائر في حكمه الإنساني العظيم، ولعله قد اختاره لتخطيطها.

التتويج الامبراطوري

عرش شارلمان في كاتدرائية آخن


Coronation of an idealised king, depicted in the Sacramentary of Charles the Bald (about 870).


A depiction of the imperial coronation of Charlemagne.

وشيدت قصور للإمبراطور في أنجلهيم Ingelheim ونيمگن Njimegen، وأقام في آخن عاصمته المحببة القصر والكنيسة الصغيرة الذائعي الصيت الذين تعرضا لأكثر من ألف من الأخطار وظلا قائمين حتى دمرتهما قنابل الحرب العالمية الثانية. وقد أقام المهندسون المجهولون تلك الكنيسة على نمط كنيسة سان فيتال San Vitale برافنا وهي التي أقيمت على غرار الكنائس البيزنطية السورية؛ فكانت النتيجة حتى وجدت كنيسة شرقية جانحة في الغرب. وقد أقيمت فوق البناء المثمن قبة مستديرة، وقسم البناء من الداخل عدة أقسام بطابقين من عمد مستديرة "وزينت بمصابيح من المضى والفضة، وحظارٍ، وأبواب من البرونز المصمت، وأعمدة وبوارق جيء بها من روما ورافنا"(35)، وينقش فسيفسائي ذائع الصيت في القبة.

وكان شارلمان سخياً غاية السخاء على الكنيسة، ولكنه مع هذا جعل نفسه سيدها، واتخذ من عقائدها ورجالها أدوات لتعليم الناس وحكمهم. وكانت كثرة رسائله متعلقة بشئون الدين، فكان يقذف الفاسدين من موظفيه والقساوسة الدنيويين بعبارات مقتبسة من الكتاب المقدس؛ وإن ما في أقواله من القوة لينفي عنه مظنة حتى تقواه كانت خدعة سياسية. فقد كان يبعث بالمال إلى المسيحيين المنكوبين في البلاد الأجنبية، وكان يصر في مفاوضاته مع الحكام المسلمين على حتى يراعوا العدالة في معاملة رعاياهم المسيحيين(36). وكان للأساقفة شأن كبير في مجالسه، وجمعياته، ونظامه الإداري، ولكنه كان ينظر إليهم، رغم احترامه الشديد لهم، على أنهم عماله بأمر الله، ولم يكن يتردد في حتى يصدر أوامره لهم، حتى في المسائل المتعلقة بالعقائد أوالأخلاق. ولقد ندد بعبارة الصور والتماثيل حين كان البابوات يدافعون عنها، وطلب إلى جميع قس حتى يبعث إليه بوصف مكتوب لكيفية التعميد في أبرشيته، ولم تكن توجيهاته للبابوات أقل من هداياه لهم، وقضى على ما يحدث في الأديرة من تمرد، ووضع نظاماً للرقابة الصارمة على أديرة النساء ليمنع "النادىرة، والسكر، والشره" بين الراهبات. سأل القساوسة في أمر وجهه لهم عام 811 عما يقصدون بقولهم إنهم ينبذون العالم على حين "أننا نرى" بعضهم يكدحون يوماً بعد يوم بجميع الوسائل، ليزيدوا أملاكهم، فتارة يتخذون التهديد بالنار الأبدية وسيلة يستخدمونها لأغراضهم الخاصة، وتارة يعدون الناس بالنعيم السرمدي لهذه الأغراض نفسها، وطوراً يسلبون السذج أموالهم باسم الله أواسم أحد القديسين، ويلحقون بذلك أعظم الضرر بورثتهم الشرعيين". على أنه رغم هذا قد أبقى لرجال الدين محاكمهم الخاصة، وأمر بأن يؤدي إلى الكنيسة عشر غلة الأرض، وجعل لرجال الدين الإشراف على شئون الزواج، والوصايا، وأوصى هونفسه بثلثي ضياعه لأسقفيات مملكته(37)، ولكنه كان يطلب إلى الأساقفة بين الفينة والفينة حتى يقدموا "هبات" قيمة لتساعد على الوفاء بنفقات الحكومة.

وقد أثمر هذا التعاون الوثيق بين الكنيسة والدولة فكرة من أجلّ الأفكار في تاريخ الحكم: ألا وهي استحالة دولة شارلمان إلى الإمبراطورية الرومانية المقدسة التي تستند إلى جميع ما كان لروما الإمبراطورية والبابوية من هيبة، وقداسة، واستقرار. ولقد كان البابوات من زمن طويل يستنكرون خضوع أنطقيمهم إلى بيزنطية التي لا تصد عنها غارة ولا تقر فيها أمناً، وكانوا يشاهدون خضوع البطارقة المتزايد إلى إمبراطور القسطنطينية ويخشون حتى تضيع حريتهم هم أيضاً. ولسنا نعهد من الذي لاحت له فكرة تتويج شارلمان إمبراطوراً رومانياً على يد البابا أومنذا الذي وضع خطة هذا التتويج، وكل ما نعهده حتى ألكوين، وثيودولف وغيرهما من الملتفين حوله قد تناقشوا في إمكانه، ولعلهم هم الذين خطوا فيه المستوى الأولى، أولعل مستشاري البابا هم الذي فكروا في هذا الأمر. وقامت في سبيل تطبيقه صعاب شديدة: فقد كان إمبراطور الروم يلقب وقتئذ بلقب الإمبراطور الروماني، وكان أحق الناس من الوجهة التاريخية بذلك اللقب، ولم يكن للكنيسة حق معترف به في حمل الألقاب أونقلها من إنسان إلى آخر، ولربما كان منح اللقب لشخص منافس لبيزنطية سبباً في إشعال نار حرب عاجلة عوان بين المسيحيين في الشرق وإخوانهم في الغرب، حرب تهجر أوربا المخربة غنيمة سهلة للفتوح الإسلامية. غير حتى الأمر قد سيره بعض التيسير إذا إيريني جلست على عرش أباطرة الروم (797)، فقد نطق البعض وقتئذ إنه لم يعد هناك إمبراطور روماني، وإن الباب أصبح مفتوحاً لكل من يطالب باللقب، فإذا ما نفذت هذه الخطة الجريئة قام مرة أخرى إمبراطور روماني في الغرب، تقوى به المسيحية اللاتينية وتتوحد، فتستطيع مقاومة انشقاق بيزنطية وتهديد المسلمين ولعل ما في اللقب الإمبراطوري من رهبة وسحر يمكن أوربا الهمجية من حتى تعود أدراجها خلال القرون المظلمة وترث حضارة العالم القديم وثقافته وتنشر المسيحية في ربوعه.

وحدث في السادس والعشرين من ديسمبر عام 795 حتى اختير ليوالثالث بابا؛ ولم يكن شعب روما يحبه، وكان يتهمه بعدة فعال خبيثة، ثم هاجمه العامة في الخامس والعشرين من إبريل عام 799، وأساءوا معاملته، وسجنوه في دير. لكنه هرب من سجنه، وفر إلى شارلمان في بادربورن وطلب إليه حتى يحميه. وأحسن الملك استقباله، وأعاده إلى رومة مع حرس مسلح، وأمر البابا ومتهميه حتى يمثلوا أمامه في تلك المدينة في العام المقبل. ودخل شارلمان العاصمة القديمة بموكب فخم في الرابع والعشرين من نوفمبر عام 800، واجتمعت في أول ديسمبر جمعية من الفرنجة الرومان، واتفقت على إسقاط التهم الموجهة إلى ليوإذا ما أقسم يميناً مغلظة على أنه لم يرتكبها. وأقسم ليواليمين وتهيأت السبيل إلى إقامة احتفال فخم بعيد الميلاد. فلما أقبل ذلك اليوم ركع شارلمان للصلاة أمام مذبح القديس بطرس بالعباءة اليونانية القصيرة والصندلين، وهما اللباس الذي كان يرتديه كبراء الرومان، ثم أخرج ليوعلى حين غفلة تاجاً مطعماً بالجواهر ووضعه على رأس الملك. ولعل المصلين كانوا قد فهموا من قبل حتى يعملوا ما توجبه عليهم الشعائر القديمة التي يقوم بها كبراء الشعب الروماني لتأييد هذا التتويج، فنادوا ثلاث مرات: "ليحي شارل الأفخم، الذي توجه الله إمبراطوراً عظيماً للرومان لينشر بينهم السلام!". ومسح رأس الملك بالزيت المقدس، وحيا البابا شارلمان ونادى به إمبراطوراً وأغسطس، وتقدم إليهم بمراهم الولاء التي ظلت محتفظاً بها للإمبراطور الشرقي منذ عام 476.

وإذا جاز لنا حتى نصدق اجنهارد، فإن شارلمان قد نطق له إنه ما كان ليدخل الكنيسة لوأنه عهد حتى ليوينوي تتويجه إمبراطوراً. ولربما كان قد عهد الخطة بوجه عام، ولكنه لم يرض عن السرعة التي تمت بها والظروف المحيطة بها وقت إتمامها؛ ولعله لم يكن يسره حتى يتلقى التاج من البابا، فيفتح بقبوله منه باباً للنزاع الذي دام قروناً طوالاً بين البابا والإمبراطور، وأيهما أعظم مكانة وأقوى سلطاناً: المعطي: أوآخذ العطية؛ ولعله فكر أيضاً فيما يفترض أن يجره ذلك من نزاع مع بيزنطية في المستقبل. ثم أوفد شارلمان عدة رسائل وبعوث إلى القسطنطينية يريد بها حتى يأسوالجرح الذي أحدثته هذه العملة، وظل زمناً طويلاً لا ينتفع بلقبه الجديد؛ حتى كان عام 802 فعرض الزواج على إيريني ليكون ذلك وسيلة يجعل بها لقبيهما المشكوك فيهما شرعيين(39)، ولكن سقوط إيريني عن عرشهما أفسد هذه الخطة اللطيفة. وأراد بعد ذلك حتى يقلل من خطر هجوم بيزنطية عليه فوضع خطة لعقد اتفاق ودي مع هارون الرشيد، وقد أيد هارون ما نشأ بينهما من حسن التفاهم بأن أوفد إليه عدداً من الفيلة ومفاتيح الأماكن المقدسة في بيت المقدس. وردّ الإمبراطور الشرقي على ذلك بأن شجع أمير قرطبة على عدم الولاء لبغداد، وانتهى الأمر في عام 812 حين اعترف إمبراطور الروم بشارلمان إمبراطوراً نظير اعترافه بأن البندقية وإيطاليا الجنوبية من أملاك بيزنطية.

وكان لتتويج شارلمان نتائج دامت ألف عام، فقد قوى البابوية والأساقفة إذ جعل السلطة المدنية مستمدة من الهبة الكنسية، وأتاحت حوادث عام 800 لجريجوري السابع وإنوسنت الثالث حتى يقيما على أساسها كنيسة أقوى من الكنيسة السابقة، وقوت شارلمان على البارونات الغضاب وغيرهم لأنها جعلته ولياً لله في أرضه، وأيدت أعظم التأييد نظرية حق الملوك الإلهي في الحكم، ووسعت الهوة بين الكنيسة اليونانية والكنيسة اللاتينية، لأن أولاهما لم تكن ترغب في الخضوع إلى كنيسة رومانية متحالفة مع إمبراطورية منافسة لبيزنطية. ولقد كان استمرار شارلمان في اتخاذ آخن لا روما عاصمة له شاهداً على انتنطق السلطة السياسية من بلاد البحر المتوسط إلى أوربا الشمالية، ومن الشعوب اللاتينية إلى التيوتون. وأهم من هذا كله حتى تتويج شارلمان أقام الإمبراطورية الرومانية المقدسة عملياً وإن لم يقمها من الوجهة النظرية. وكان شارلمان ومستشاروه يرون حتى سلطته الجديدة إحياء للسلطة الإمبراطورية القديمة، على حتى الصبغة الجديدة الخاصة بهذا النظام لم يعترف بها إلا في عهد أتوOtto الأول، كما أنها لم تصبح "مقدسة" إلا حين ضم فردريك باربروسا Frederik Barbarossa لفظ مقدس sacrum إلى ألقابه في عام 1155. وجملة القول حتى الإمبراطورية الرومانية المقدسة كانت-على الرغم من تهديدها للعقول والمواطنين-فكرة نبيلة، وحلماً من أحلام الأمن والسلام، وعودة للنظام والحضارة إلى عالم أنقذ من براثن الهمجية، والعنف، والجهل.

وأصبحت المراسيم الإمبراطورية تكتنف الإمبراطور في المهام الرسمية، فكان عليه حتى يلبس أثواباً مزركشة، ذات مشبك مضىي، وحذاءين مرصعين بالجواهر وتاجاً من المضى والجوهر، وكان على زائريه حتى يسجدوا أمامه لقبلوا قدمه أوركبته، هذا ما أخذه شارلمان عن بيزنطية وما أخذته بيزنطية عن طيسفون. غير حتى اجنهارد يؤكد لنا حتى ثيابه-إذا استثنينا ما ذكرناه عنها آنفاً-لم تكن تختلف إلا قليلاً عن ثياب الفرنجة العادية: كانت تتألف من قميص من التيل، وسروال قصير لا شيء تحته، ومن فوق القميص والسروال القصير قناء من الصوف من الممكن كانت له أهداب من الحرير، وجورب طويل مربوط بشريطين يغطي ساقيه وحذاءين من الجلد في قدميه، وكان يضيف إليها في الشتاء معطفاً ضيقاً من جلود ثعلب الماء أوالفنك ، وكان يحتفظ بسيف إلى جانبه لا يفارقه أبداً. وكان طول قامته ست أقدام وأربع بوصات، وكانت بنيته تناسب مع هذا الطول. وكان أشقر الشعر، شفذ العينين ، أشم الأنف، له شاربان وليست له لحية "جليلاً مهيب الطلعة على الدوام"(40). وكان معتدلاً في طعامه وشرابه، يمقت السكر أشد المقت، جيد الصحة على الدوام مهما تعرض لتقلبات الجوومهما قاسي من الصعاب. وكثيراً ما كان يخرج للصيد أويمارس ضروب الرياضة العنيفة على ظهور الخيل، وكان سبّاحاً ماهراً، يحب الاستحمام في عيون آخن الدفيئة. وقلّما كان يدعوالناس إلى الولائم، لأنه كان يفضل الاستماع إلى الموسيقى أوقراءة كتاب في أثناء الطعام. وكان يعهد قيمة الوقت كما يعهدها جميع عظيم. وكان يستقبل زائريه ويستمع إلى قضاياهم في الصباح وهويرتدي ثيابه أويلبس حذائيه.

وكان من وراء مهابته وجلاله عاطفة قوية وهمة عالية، ولكنه كان يسخّر عاطفته وهمته لتحقيق أغراضه ويوجههما بذكائه وثاقب بصره. ولم تستنفد حروبه التي تربى على نصف المائة قوته وحيويته. وكان إلى هذا كله شديد العناية بالعلوم والقوانين، والآداب، وعلوم الدين لا تفتر حماسته لها على مر السنين، وكان يسوئه حتى يبقى جزء من الأرض لم يستول عليه أوأي فرع من فروع الفهم لم يضرب فيه بسهم. وكان شريف النفس من بعض الوجوه، وكان يزدري الخرافات، ويحرّم أعمال المتنبئين أوالعرّافين، ولكنه صدّق كثيراً من الأعاجيب الأسطورية، وبالغ في مقدرة الشرائع على إصلاح أخلاق الناس وعقولهم. ولقد كان لهذه السذاجة النفسية بعض المحاسن: لقد كان في تفكيره وحديثه صراحة ونُبل قلَّما نراهما في رجال الحكم.

وكان يسعه حتىقد يكون قاسياً إذا تطلبت سياسة الدولة القسوة، وأشد ما كانت قسوته فيما بذله من جهود لنشر الدين المسيحي، ولكنه مع هذا كان عظيم الرأفة، كثير الإحسان، وفياً مخلصاً لأصدقائه، ولقد بكى بالدمع عند وفاة أولاده، وبنته، والبابا هدريان. ويرسم لنا ثيودولف في قصيدة له عنوانها "حكم شارل" صورة لطيفة للإمبراطور في بيته، فيقول إنه إذا قدم من أعماله أحاط به أبناؤه، فيخلع عنه ابنه شارل عباءته، ويأخذ ابنه نويس سيفه، وتعانقه بناته الست، ويأتين له بالخبز، والخمر، والتفاح، والأزهار، ويدخل الأسقف ليبارك طعام الملك، ويقترب منه ألكوين ليبحث معه ما لديه من الرسائل، ويهرول إجنهارد الضئيل الجسم هنا وهناك كأنه نملة، ويأتيه بخط ضخمة(41).


وقد بلغ من حبه لبناته حتى أقنعهن بعدم الزواج، ونطق إنه لا يطيق فراقهن، ومن أجل هذا أخذن يواسين أنفسهن بالارتماء إلى أحضان العشاق وجئن بعدة أبناء غير شرعيين(42). وقد قابل شارلمان هذه الأعمال منهن بنفس سمحة، لأنه هونفسه قد جرى على سنة أسلافه، فاتخذ له أربع أزواج واحدة بعد الأخرى، وأربع عشيقات أوحظايا. ذلك حتى حيويته الموفورة جعلته شديد الإحساس بمفاتن النساء، وكانت نساؤه يؤثرن حتىقد يكون للواحدة منهن نصيب منه على حتىقد يكون لها رجل آخر بمفردها. وقد ولدت له نساؤه نحوثمانية عشر من الأبناء والبنات منهم أربعة شرعيون(43). وغض من في حاشيته ومن في روما من رجال الدين أبصارهم عن تحلل رجل مسيحي مثله من قيود الأخلاق المسيحية.

وكان شارلمان وقتئذ على رأس دولة أعظم من الإمبراطورية البيزنطية لا يعلوعليها في عالم الرجل الأبيض إلا دولة الخلفاء العباسيين. ولكن جميع توسع في حدود الإمبراطوريات أوالعلوم يخلق مشاكل جديدة. فلقد حاولت أوربا الغربية حتى تحمي نفسها من الألمان بإدماجهم في حضارتها؛ غير حتى ألمانيا كان عليها في هذا الوقت حتى تحمي نفسها من أهل الشمال ومن الصنطقبة؛ وكان الملاحون من أهل الشمال قد أنشئوا لهم مملكة في جتلندة Jutland قبل عام 800 م وأخذوا يغيرون على سواحل فريزيا Frisia. وأسرع إليهم شارل من روما، وأنشأ الأساطيل والقلاع عند الشواطئ والأنهار، وأقام حاميات في الأماكن المعرضة للأخطار، ولما أغار ملك جتلندة على فريزيا عام 810 صُدَّ عنها، ولكن شارلمان هاله حتى يشهد من قصره في نربونة بعد قليل من ذلك الوقت، إذا جاز لنا حتى نصدق أخبار راهب سانت جول، سفن القراصنة الدنمرقيين في خليج ليون.

ولعله قد تنبأ، كما تنبأ دقلديانوس من قبل، بأن إمبراطوريته الواسعة في حاجة إلى الدفاع السريع عنها في عدة مواضع في وقت واحد، فقسمها في عام 806 بين أولاده الثلاثة-بيبين، ولويس، وشارل. ولكن بيبن توفي عام 810، وشارل في عام 811، ولم يبق من هؤلاء الأبناء إلا لويس، وكان منهمكاً في العبادة انهماكا بدا معه أنه غير خليق بأن يحكم عالماً مليئاً بالاضطراب والغدر. غير حتى لويس رغم هذا قد حمل باحتفال مهيب في عام 813 من ملك إلى إمبراطور ونطق المليك الشيخ قائلاً: "حمداً لله يا إلهي إذ أنعمت عليَّ بأن أرى بعين ولدي يجلس على عرشي"(44).

وفاته

Persephone sarcophagus of Charlemagne

وبعد أربع سنين من ذلك الوقت أصيب الملك الشيخ وهويقضي الشتاء في آخن بحمى شديدة نتج عنها التهاب البلورة، وحاول حتى يداوي نفسه بالاقتصار على السوائل، ولكنه توفي بعد سبعة أيام من بداية السقم بعد حتى حكم سبعاً وأربعين سنة وعاش اثنتين وسبعين (814)، ودفن تحت قبة كتدرائية آخن، مرتدياً أثوابه الإمبراطورية. وما لبث العالم كله حتى أسماه كارولس ماجنس Carolus Magnus أوكارل در جروس Karl der Grosse أوشارلمان Charlemagne (أي شارل العظيم)، ولما حل عام 1165 ومحا الزمان جميع ذكريات عشيقاته ضمته الكنيسة التي أحسن إليها الإحسان كله في زمرة الصالحين المنعمين.


الأهمية الثقافية

The Coronation of Charlemagne, by assistants of Raphael , circa 1516-1517.

الخليلات والأبناء غير الشرعيين

16th Century depiction of Charlemagne, from Jean du Tillet's Rois de France
الإمبراطور شارل الأول العظيم
الأسرة الكارولنجية
توفي: 28 January 814
ألقاب ملكية
سبقه
پپن القصير
ملك الفرنجة
768 - 814
مع كارلومان الأول
شارل الأصغر
تبعه
لويس الورع
لقب حديث
اللقب أنعم به
البابا ليوالثالث
امبراطور روماني (مقدس)
800 - 814
مع Louis the Pious
سبقه
Desiderius
ملك اللومبارد
774 - 814
مع پپن من إيطاليا كملك إيطاليا
تبعه
برنارد من إيطاليا
بصفته ملك إيطاليا

هامش

المصادر

  • الموسوعة البريطانية
  • ويكيبديا
  • Riché, Pierre. The Carolingians: A Family Who Forged Europe. University of Pennsylvania Press: 1993. ISBN 0-8122-1342-4
  • Einhard (1960) [1880]. . trans. Samuel Epes Turner. Ann Arbor: University of Michigan Press. ISBN 0-472-06035-X.
  • Oman, Charles (1914). The Dark Ages, 476-918 (6th ed. ed.). London: Rivingtons.CS1 maint: extra text (link)
  • Painter, Sidney (1953). A History of the Middle Ages, 284-1500. New York: Knopf.
  • Santosuosso, Antonio (2004). Barbarians, Marauders, and Infidels: The Ways of Medieval Warfare. Boulder, Colo.: Westview Press. ISBN 0-8133-9153-9.
  • Scholz, Bernhard Walter (1970). Carolingian Chronicles: Royal Frankish Annals and Nithard's Histories. Ann Arbor: University of Michigan Press. ISBN 0-472-08790-8. Unknown parameter |coauthors= ignored (|author= suggested) (help) Comprises the Annales regni Francorum and The History of the Sons of Louis the Pious.
  • Charlemagne: Biographies and general studies, from Encyclopædia Britannica, full-article, latest edition.
  • Barbero, Alessandro (2004). Charlemagne: Father of a Continent. trans. Allan Cameron. Berkeley: University of California Press. ISBN 0-520-23943-1.
  • Becher, Matthias (2003). Charlemagne. trans. David S. Bachrach. New Haven: Yale University Press. ISBN 0-300-09796-4.
  • Ganshof, F. L. (1971). The Carolingians and the Frankish Monarchy: Studies in Carolingian History. trans. Janet Sondheimer. Ithaca, N.Y.: Cornell University Press. ISBN 0-8014-0635-8.
  • Langston, Aileen Lewers (1974). Pedigrees of Some of the Emperor Charlemagne's Descendants. Baltimore: Genealogical Pub. Co. Unknown parameter |coauthors= ignored (|author= suggested) (help)
  • Pirenne, Henri (1939). Mohammed and Charlemagne. trans. Bernard Miall. New York: Norton.
  • Sypeck, Jeff (2006). Becoming Charlemagne: Europe, Baghdad, and The Empires of A.D. 800. New York: Ecco/HarperCollins. ISBN 0-06-079706-1.
  • Wilson, Derek (2005). Charlemagne: The Great Adventure. London: Hutchinson. ISBN 0-09-179461-7.

وصلات خارجية

  • by Einhard. At Medieval Sourcebook.
  • by Einhard. Latin text at The Latin Library.
  • A reconstructed portrait of Charlemagne, based on historical sources, in a contemporary style.
  • The Sword of Charlemagne (myArmoury.com article)


مواضيع ذات صلة

  • الفرنجة
  • الإمبراطورية الرومانية المقدسة
هذه بذرة منطقة عن حياة شخصية بحاجة للنمووالتحسين، فساهم في إثرائها بالمشاركة في تحريرها.
تاريخ النشر: 2020-06-04 14:45:22
التصنيفات: Pages using deprecated image syntax, Pages using infobox royalty with unknown parameters, Articles containing non-English-language text, CS1 maint: extra text, Pages with citations using unsupported parameters, إمبراطورية رومانية مقدسة, مواليد 742, وفيات 814

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

مرتضى منصور يرد على تهديدات فاركو

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-12 15:17:07
مستوى الصحة: 93% الأهمية: 91%

تصريح لمسؤول إيراني يثير جدلاً.. حول صحة خامنئي

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-12 15:17:57
مستوى الصحة: 83% الأهمية: 90%

حميدتي يرحب بمشروع الدستور الانتقالي.. ويدعو لحوار شامل

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-12 15:17:25
مستوى الصحة: 86% الأهمية: 86%

الوكالة الذرية: محطة زابوريجيا لا تزال تتعرض للقصف

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-12 15:17:25
مستوى الصحة: 78% الأهمية: 97%

غروسي: إيران لم تتعاون مع تحقيقات الوكالة الذرية

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-12 15:17:56
مستوى الصحة: 91% الأهمية: 86%

صورة بألف كلمة.. ابنة الملكة إليزابيث رافقت جثمانها حزينة باكية

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-12 15:18:27
مستوى الصحة: 92% الأهمية: 88%

سفير السعودية ومبعوث أميركا: هدنة اليمن تهدف لوقف نار دائم

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-12 15:18:00
مستوى الصحة: 95% الأهمية: 90%

خوفا من اغتيالات..ميليشيات إيران في سوريا تجمد تحركاتها

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-12 15:17:48
مستوى الصحة: 81% الأهمية: 85%

حكم نهائي ضد الأستاذة الجامعية.. صاحبة فيديوهات الرقص

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-12 15:17:44
مستوى الصحة: 82% الأهمية: 86%

الدفاع الروسية: نفذنا ضربات جوية دقيقة على خاركيف

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-12 15:17:28
مستوى الصحة: 87% الأهمية: 95%

زياش "الأسد الأطلسي" يعود إلى تشكيلة منتخب المغرب

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-12 15:17:08
مستوى الصحة: 79% الأهمية: 89%

انطلاق أعمال القمة العالمية للذكاء الاصطناعي بالرياض .. غداً

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-12 15:18:16
مستوى الصحة: 90% الأهمية: 92%

"موديز" تتوقع تراجع إصدارات الصكوك إلى 170 مليار دولار في 2022

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-12 15:17:27
مستوى الصحة: 86% الأهمية: 87%

بوتين: تكتيكات حرب الغرب الاقتصادية فشلت.. واقتصاد البلاد ينمو

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-12 15:17:24
مستوى الصحة: 82% الأهمية: 100%

"المحاماة حرة والإخوان بره".. محامو تونس يختارون قيادة جديدة

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-12 15:18:06
مستوى الصحة: 77% الأهمية: 94%

الكرملين لا يرى آفاقا للمفاوضات بين بوتين وزيلينسكي

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-12 15:17:05
مستوى الصحة: 81% الأهمية: 90%

رداً على قديروف.. الكرملين "بوتين مطلع على وضع خاركيف"

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-12 15:17:26
مستوى الصحة: 93% الأهمية: 94%

لابيد: حان الوقت لتجاوز مفاوضات النووي الفاشلة مع طهران

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-12 15:17:58
مستوى الصحة: 83% الأهمية: 97%

اليمن.. مقتل وإصابة 2300 مدني بقصف الحوثي في مأرب

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-12 15:18:01
مستوى الصحة: 92% الأهمية: 99%

سوريا.. ضحايا بينهم أطفال بانفجار في الحسكة

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-12 15:17:47
مستوى الصحة: 85% الأهمية: 91%

أزمة جديدة تهدد عودة الدوري الإنجليزي

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-12 15:17:08
مستوى الصحة: 79% الأهمية: 85%

بوتين: الغرب فشل في حربه التقنية والاقتصادية ضدنا

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-12 15:17:23
مستوى الصحة: 91% الأهمية: 93%

عملة "إيثر" تستقر فوق 1700 دولار قبل تحديث يسمح لها بإثبات الملكية

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-12 15:18:24
مستوى الصحة: 76% الأهمية: 88%

تحميل تطبيق المنصة العربية