العلوم العربية فى الأندلس

عودة للموسوعة

العلوم العربية فى الأندلس

المدخل

البيروني كان أول من أجرى تجارب مفصلة ترتبط بظواهر فلكية, وقدم تحليلا لتسارع الكواكب, وإكتشف حتى حركة الأوج الشمسية والبدارية ليسا متطابقين, وبحث إمكانية حتى الشمش مركز الكون, وإقترح حتى دوران الأرض حول محورها يمكن حتى تتسق مع قياساته الفلكية.


منذ حتى خلق الله الإنسان، وأودع في جبلته قبساً من نوره الكشاف، ثم منذ حتى جعل الله الناس شعوباً وقبائل ليتعارفوا، بدأت في ذلك الوقت عملية التفاعل الثقافي والتبادل المعهدي بين البشر.وهكذا اكتسبت الحضارات الإنسانية غنى ومضاء عبر العصور، وكان ذلك بفضل هجرة الأفكار إلى الأفكار، ورحلة العقول إلى العقول. وكان من أبرز المثاقفات الكبرى في التاريخ ما وقع من تمازج فعال بين ثقافة العرب وبين ثقافات شعوب الفرس والإغريق والهند والصين... وذلك إبان العهود العباسية في العصور الوسطى, ثم ما وقع من هذا القبيل عبر موجة تالية من المثاقفة الواسعة بعد حين في أثر الاحتكاك المباشر بين العرب والفرنجة إبان الحروب الصليبية. وماتم أيضاً من المثاقفة بين الشعوب عبر موجة ثالثة كانت تعمل عملها خلال زمان مواز للحقبة العباسية، وعلى صعيد آخر في أقصى العالم القديم من الغرب الأوروبي، ولاسيما في شبه جزيرة إيبريا وربوع الأندلس.


بداية اللقاء العربى الأسبانى

على حتى هذا التلاقي العربي الإسباني في العصر الأموي لم يكن أول لقاء بين العرب وإسبانيا في التاريخ، "فقد وصل ملاحون من سورية القديمة إلى سواحل إسبانيا والبرتغال والجزر القريبة منها بقصد التجارة منذ أواخر الألف الثاني من قبل الميلاد. ففي قادس ومالقة وقرطاجنة وجزيرة إيبيزا وغيرها، نزلت جماعات من الكنعانيين الفينيقيين ومن البونيين"(1)" الذين أبحروا من مدن فلسطين وسورية (2)، من القدس وانطاكية وصور وبيروت ودمشق وجبيل وأوغاريت وأرواد. وهناك في شواطئ شبه جزيرة إيبريا، تشكلت في أثر تلك الموجات النازحة جاليات سورية ناشطة حيث أقامت مستوطنات لها، تاركة مياسمها فوق تلك الأرض من أسمائها وأسماء أربابها منقوشة على الحجر الأصم وعلى شواهد القبور. "وكان بعض هذه الأسماء والأفعال عربياً من مثل (عز، عزة، ملك، بعل، عشترت)، ومثل (عمل، نذر، حدّث...)، وأقدمها يرجع إلى نحوسبعة قرون قبل الميلاد"(3)، وينبئ عن وجود حضاري كنعاني ذي شأن في شبه جزيرة إيبريا على الصعيد الديني والاقتصادي والاجتماعي.

كان هذا التفاعل الحضاري الغابر أول الغيث، قبل الانهمار الكبير بعد قرون أخرى، حين تم الفتح الإسلامي للأندلس محدثاً ذلك المنعطف التاريخي البارز في خارطة العالم القديم.

لقد استمر الوجود العربي في الأندلس قرابة ثمانية قرون، كان خلالها ظلهم السياسي والثقافي المنبسط على تلك الربوع يتراوح بين أعطى وجزر، قبل حتى ينحسر عن الأفق الغربي، وينكفئ إلى الشاطئ الأفريقي في نهاية المطاف، لتسقط بذلك تلك الدرة النفيسة من تاج الملك العربي.


الانصهار والتمازج

غير حتى سيل الماء قد ينحسر، ومع ذلك فإن آثاره تظل طويلاً بعده وتتجلى في تلك الأخاديد المنتشرة على جميع صعيد، وخلال جميع مسيل، كما حتى تلك المياه التي تغيب وتتبدد من على سطح الأرض هي باقية على نحوما في الداخل، نافذة على نحوغير ظاهر إلى باطن التراب، منسربة على مهل في الأعماق. وهذا ماكان من حال حضارة العرب والإسلام في تلك الربوع في العالم الغربي...

لقد ازدهرت هذه الحضارة ازدهاراً هائلاً، بحيث هجرت بصماتها على جميع التاريخ الإسلامي بل والعالمي. ثم ضعفت وتراجعت حتى اندثرت، ثم خلّفت وراءها بعض الرواسب أوالبقايا والمخلّفات الثقافية في المجتمع الإسباني حتى الوقت الحاضر، ولم تكن حضارة الأندلس حضارة بسيطة الهجريب، وإنما كانت تتألف من عناصر متعددة ومتباينة أشد التباين في أصولها البشرية والثقافية. وكان هذا التباين وذلك التعدد في وقت من الأوقات عاملاً من عوامل قوة تلك الحضارة وثرائها وعمقها، ولكنهما كانا يحملان في الوقت نفسه بذور الضعف وأسباب التدهور والاضمحلال"(4).

ففي أعقاب فتح الأندلس امتزج أولئك الوافدون من عرب وبربر بالسكان الأصليين الذين يدينون في معظمهم بالمسيحية، وفيهم الكلت القادمون من أوروبا والرومان والقوط والفاندال والجرمان وبعض العناصر الأوربية الشمالية، التي تعهد باسم النورمانديين أوالفايكنغ، ثم الصنطقبة وجماعات يهودية قديمة....

وكانت بداية التخالط السكاني والتمازج الثقافي جنوح الكثيرين من السكان إلى اعتناق العقيدة الإسلامية، إذ دخلت في هذا الدين أفواج غفيرة من العبيد والأسرى الذين استعبدهم القوط والجرمان من قبل، فتحولوا إلى أحرار بحكم اعتناقهم الإسلام. يضاف إلى هؤلاء وأولئك كثيرون من المضطهدين الذين استردوا اثر الفتح أملاكهم وعقاراتهم المصادرة واستعادوا مكانتهم. وكان من نتائج هذا الواقع الجديد تحسن الزراعة ونشاط التجارة وازدهار الاقتصاد. وكان في جملة المستفيدين من الفتح اليهود، إذ تمتعوا بالحماية ونعموا بالرعاية وأعيدت إليهم حقوقهم، وفسح لهم المجال لتولي المناصب الرفيعة في الدولة الإسلامية(5).

ومما أورده المستشرق الإسباني غارسيا غوميس (6) حتى قرطبة كانت بلداً نصف عربي، يتحدث أهله العربية وعجمية أهل الأندلس، ويختلط فيه رنين الأجراس بأذان المؤذنين. ونجم عن تخالط الأجناس وتجاور الديانات مناخ إنساني سَمْح جميل، وجوحضاري متألق رفيع.

ابن رشد رفض دوران أوسع غريب الأطوار قدمها بطليموس. لكنه رفض النموذج البطلمي واقترحوا بدلا من ذلك على نحوصارم نموذج واحد للكون.

وقد نجم عن زواج العرب بالإسبانيات عنصر مسلم حديث عهد باسم المولدين الذين أصبحوا بمرور الزمن يؤلفون معظم سكان الأندلس. وكان لابد لهؤلاء حتى يكتسبوا كثيراً من عناصر الثقافة الإسبانية من لغة وعادات وسلوك... وربما كان أخطر مثل لهذا التأثر هوازدواج اللغة، حيث انتشرت لغة الرومانس إلى جانب لغة العرب، وهذا يكشف عن مدى قوة ذلك الاحتكاك الثقافي بين الحضارة العربية الوافدة والحضارة الإسبانية السالفة. ثم ظهرت في تلك الربوع، تبعاً لذلك الاحتكاك المباشر والمتنوع، فئات أخرى غدا لها دور هام في حياة المجتمع الأندلسي وثقافته، كان أبرزها جماعة المستعربين Mozarabes وهي العناصر الأصلية التي بقيت على دين المسيح، إلا أنها تعرّبت في اللغة والعادات والسلوك والتنطقيد، وهذا ما أهّلها لأداء دور ناشط في الحياة العامة. وقد أفرز الواقع الاجتماعي والسياسي في الأندلس خلال حقبة تالية من الوجود العربي فئات أخرى، في طليعتها جماعة المدجنين، أوالمستعجمين ونعني المسلمين الذين وجدوا أنفسهم عائشين في ديار المسيحيين فتم تدجينهم وصبغهم بالصبغة الإسبانية، وإن ظلوا محافظين على دينهم الإسلامي وثقافتهم العربية، وهؤلاء المدجنون ـ تبعاً لظروف حياتهم، واختلاطهم بالإسبان ـ ساهموا مساهمة كبيرة في نقل التراث العربي الإسلامي وكثير من التنطقيد والمثل والأفكار والقيم إلى مواطنيهم.

وفي لقاء هؤلاء المدجنين كانت هنالك فئة ثالثة تضم المسيحيين الذين اعتنقوا الإسلام، وإلى جانبهم المسلمون الذين اعتنقوا المسيحية أوالذين ارتدوا عن الإسلام. وكانت حصيلة ذلك كله هذا الاحتكاك الفريد والتلاقي المتميز بين ديانتين وعقيدتين، وأيضاً بين ثقافتين وحضارتين، وذلك على نحوليس له مثيل بين الأمم.

المثاقفة العربية الإسبانية

ولعل أبرز ما تمخضت عنه تلك المثاقفة الفعالة بين العرب والفرنجة في بلاد الأندلس هوولادة حركة ترجمة ناشطة كان عمادها في الغالب فئات من المستعربين الفرنجة Mozarabes التي برز منها أناس كثيرون وجمعوا بين لغتهم الأصلية واللغة العربية الوافدة. وقد أتقن بعضهم العربية ونبغوا في أدبها على نحويذكرنا بمن كان من هذا القبيل أ يضاً في المشرق مثل ابن المقفع وسيبويه وأبي عبيدة.... الذين كانوا فرساً ثم تعرّبوا ونبغوا في العربية. وابن القوطية (367 هـ-977م) واحد من أئمة الفهم والأدب والفقه والتاريخ، وهوكما يشير عليه لقبه متحدر من أم إسبانية من القوط، ومثله حفص بن البرّة الذي أسلم وتعرّب وصار قاضياً لأمثاله من المسلمين في طليطلة من ذوي الأصول الفرنجية(7).

وقد شاركت في حركة الترجمة جماعات المستعجمين المسيحيين الذين أصبحوا يمثلون الموريسكيين Los Moriscos وهم المسلمون الذين بقوا في إسبانيا يتحدثون الإسبانية ويخطونها بالعربية إلى حتى تم إخراجهم من الأندلس سنة 1614 على الرغم من تنصرهم. لقد بلغ من أمر المستعربين الإسبان أنهم شغفوا بالعربية وأدبها، حتى حتى كثيرين منهم نسوا لغتهم أوتخلوا عنها، وأقبلوا على تعلّم لغة العرب الفاتحين، فراحوا يستعملونها في مخاطباتهم ومعاملاتهم، ويتدارسون آدابها وعلومها، ويرتدون الأزياء العربية، ويصطنعون أساليب الحياة الإسلامية. وقد عبّر البيروالقرطبي عهدئذٍ عن شعور مرير تجاه هذه الأحوال فنطق(8).

""إن إخواني في الدين يجدون لذة كبرى في قراءة شعر العرب وحكاياتهم، ويُقبلون على دراسة مذاهب أهل الدين والفلاسفة المسلمين، لا ليردوا عليها وينقضوها، وإنما ليكتسبوا من ذلك أسلوباً عربياً جميلاً سليماً. وأين تجد الآن واحداً ـ من غير رجال الدين ـ يقرأ الشروح اللاتينية التي خطت على الأناجيل المقدسة،يا ترى؟ ومن سوى رجال الدين يعكف على دراسة كتابات الحواريين وآثار الأنبياء والرسل،يا ترى؟ ياللحسرة، إذا الموهوبين من شبان النصارى لا يعهدون اليوم إلا لغة العرب وآدابها، ويؤمنون بها ويقبلون عليها في نهم. وهم ينفقون أموالاً طائلة في جمع خطها، ويصرّحون في جميع مكان بأن هذه الآداب حقيقة بالإعجاب، فإذا حدثتهم عن الخط النصرانية أجابوك في ازدراء، بأنها غير جديرة بأن يصرفوا إليها انتباههم. ياللألم، لقد أُنسي النصارى حتى لغتهم، فلا تكاد تجد بين الألف منهم واحداً يستطيع حتى يخط إلى صاحب له كتاباً سليماً من الخطأ، فأما عن الكتابة في لغة العرب فإنك واجد فيهم عدداً عظيماً يجيدونها في أسلوب منمق، بل هم ينظمون من الشعر العربي ما يفوق شعراء العرب أنفسهم فناً وجمالاً"."

وقد أورد المستشرق بالنثيا في هذا الصدد خبراً من مخطوط يضم مجموعة من القوانين الكنسية التي تمت ترجمتها من اللغة اللاتينية إلى اللغة العربية بقلم قس إسباني اسمه (بنجينسيوس) كان يتقن لسان الضاد إتقاناً تاماً، وقد توج الكتاب المترجم بإهداء شعري موجه إلى أسقف يدعى عبد الملك. وهذا الشعر العربي الذي نظمه القس (بنجينسيوس) لا يفترق في شيء عما ينظمه المسلمون في مثل ذلك المقام شكلاً وموضوعاً، ومن ذلك قوله(9):


كتاب لعبد المالك الأسقف الندب


جواد نبيل الرفد في الزمن الجدب


همام ذكي الحدس واحد عصره


عليم كريم ذوحلوم وذولب


يجدد فضل الله فينا بفضله


وعم به كلَّ الأنام هدى الرب


والكثير من الخط اللاتينية التي خطها المستعربون تحمل هوامشها شروحاً وتعليقات عربية.


حركة الترجمة

ونظراً إلى حتى العربية كانت في تلك الحقبة هي لغة الفهم والحضارة في القرون الوسطى، وأنها في مسقطها عهدئذٍ كانت تمثل التراث الأغنى والثقافة الأرقى، فقد غدا من الطبيعي حتى تكون حركة الترجمة متجهة إليها، على حين كانت حركة الترجمة المعاكسة، أي من اللاتينية إلى العربية دون هذا المدى. يضاف إلى ذلك حتى الفرنجة أواللاتين الذين تفهموا العربية باعتبارها لغة الفاتحين كانوا يشكلون الكثرة البالغة، أما المسلمون فكان إقبالهم أقل من أولئك على تعلّم اللاتينية بطبيعة الحال.

ومن أشهر المتأثرين بالعلوم العربية وأقدمهم الراهب جيلبرت الذي اعتلى فيما بعد عرش البابوية في روما سنة 999 باسم سلفستر الثاني ، وقد وفد إلى قرطبة في أيام الخليفة عبد الرحمن الناصر للتزود بالفهم.

وكذلك وفدت على منطقة ابروالإسبانية في الشمال مجموعة من طلاب الفهم من مدرسة شارتر Chartre بفرنسة وقاموا بنشاط ملحوظ في ترجمة الخط العربية. وما لبث دير سانتا ماريا دوريبول S.M.de Ripoll في مقاطعة كاتالونيا الإسبانية حتى أصبح مركزاً هاماً لحركة نقل العلوم العربية وخاصة في الفلك والحساب والزراعة.

وجملة القول حتى حركة الترجمة في المقاطعات الأندلسية قد ازدهرت إلى حد كبير، ومما نطقه شارل هاسكينس في هذا الصدد: (10)

""إن مراكز الترجمة نشطت في إسبانيا وفرنسا وغربي أوربا، ولاسيما في برشلونة وطرزونة وسيكوفيا وليون وبامبالونة ومرسية، ثم كان المركز الرئيسي في نهاية الأمر مدينة طليطلة"، حيث ضمت مجموعة كبيرة من أساقفة إسبانيا مالبثت بعد استرداد الفونسوالسادس لها حتى اشتهرت باسم مدرسة المترجمين الطليطليين التي تم بفضلها نقل المؤلفات العربية في مختلف العلوم بإشراف الأسقف رايموند(11)، كبير الأساقفة (1130 ـ 1158هـ)، "وقد عهد إلى يحيى الإشبيلي وهويهودي اعتنق المسيحية بترجمة الكثير من خط العرب في العلوم، وكلف معه كبير الشمامسة والمترجمين دومنغوغونديسلفي ليتوليا نقل الخط العربية في الرياضيات والفلك والتنجيم والفلسفة، وعدد من رسائل الخوارزمي ورسالة العمل بالاصطرلاب لابن الصغار، وكتاب عبد العزيز القابسي في التنجيم، وكتاب مقاصد الفلاسفة للغزالي وكتاب السماء والعالم لابن سينا".(12)."

كذلك كان بلاتوالتيفولي Plato de Tivoli الذي عاش في القرن الثاني عشر من أقدم النقلة الذين كان لهم كما يقول الدكتور محمد السويسي فضل تعريف الغرب بالعلوم اليونانية ـ العربية مثل كتاب الهندسة التطبيقية. وهوناقل رسالة الفلك للبتاني (13)، ونشرت في نورمبرغ سنة 1237. ومعظم ترجماته أنجزها في برشلونة، وكان يؤرخها بالتقويم الهجري(14).

على حتى واسطة عقد المترجمين على الإطلاق كان جيرار القرموني ، وكان على رأس فريق ترجم أكثر من سبعين مؤلفاً ترجمة حسنة منها ملخص لكتاب الخوارزمي الموجود في أكسفورد. ومن أبرز المترجمين أبوالوفاء الذي ترجم كتاب المجسطي ، وقد نشرت الترجمة في البندقية سنة 1515، وكتاب جابر بن أفلح الإشبيلي في إصلاح المجسطي الذي نشر في نورمبورغ سنة 1537، ومن هذه المترجمات زيج الزرنطقي، وتوجد عدة نسخ منه مكتوبة باللاتينية. ومن هؤلاء غوندي سلفووهوغوسانتا ليسنسيس وبلاتوتيبرتينوس وروبيرتوكاتينانسيس.

وقد ظهر في الأندلس عدد من الفهماء والشعراء اليهود الذين خطوا وألّفوا بلغة العرب، أوبالعبرية، في بعض الأحوال. غير حتى ثقافة يهود إسبانيا، كما يرى المستشرق بالنثيا "قد نبعت من موارد الثقافة الإسلامية بصورة مباشرة(15)". وأشهر هؤلاء المفكرين موسى بن ميمون القرطبي الذي نحا منحى مفكري الإسلام في التوفيق بين الفلسفة والدين(16). غير حتى كلَّ جهود اليهود انصرفت بعد ذلك إلى الترجمة، إلى العبرية في بعض الأحيان وإلى اللاتينية في أغلب الأحيان. وكان أكثر مترجميهم يعيشون في مقاطعتي كاتالونيا الإسبانية وبروفانس الفرنسية ، بالإضافة إلى كثرتهم في طليطلة وسائر مدن الأندلس الكبرى. ويدل استنطاق التاريخ على حتى أولئك "اليهود كانوا دائماً يتعاطفون مع الفرنجة ويميلون إليهم حين يتغلبون على المسلمين(17). وهؤلاء يعيدون إلى الأذهان على نحوما جماعة السريان الذين اهتموا بالترجمة في المشرق إبان العهد العباسي. وأشهرهم إبراهيم برحيّا وموسى بن طبون اليهودي الفرنسي الذي أقام في مونبلييه ونقل فيها سنة 1270 كتاب الحساب والجبر لمحمد الحصار الذي يعد تلميذاً لابن البناء المراكشي صاحب كتاب تلخيص أعمال الحساب. وابن شلومون وإبراهام بن صموئيل بن حسداي وليفي بن غرسون وموسى الأربوني(18).

ثم استمرت حمى الترجمة على هذا النحووسرت إلى سائر الحواضر الأوروبية في فرنسا وإيطاليا وألمانيا ، وتواصلت حتى القرن الخامس عشر، "وكان من أبرز المترجمين في هذه الفترة المتأخرة فهماء في البندقية وبيزا مثل ليونارد فيبوناتشي ومثل لوقا دوبورغومن مقاطعة توسكانا الذي نشر سنة 1484 الكتاب العربي: خلاصة الحساب والهندسة والنسبة والمناسبة(19).

ويمكن القول في ضوء ما تقدم من شذور متناثرة في مجال النقل ولاسيما عن العربية، حتى الأندلس وما جاورها من البلدان شهدت حركة ترجمة موارة، وازدهرت ازدهاراً لم تشهد مثله تلك البلاد في القرون الوسطى، وكانت بذلك رافداً كبيراً لنظيرتها في المشرق العربي في إبان العصر العباسي، ثم في أعقاب الحروب الصليبية. وذلك كله ساهم إلى حد بعيد في بعث النهضة الفهمية في أوروبا وإغناء الحضارة الإنسانية.


تفتح العقل العربي

في الطور الأول من حياة العرب الفهمية كان التطلع منصباً على كشف أسرار الطبيعة وسبر أغوار الكون. لذلك كثرت في مؤلفاتهم وبحوثهم عناوين مثل: كشف الأسرار أوحمل الحجاب أونحوذلك(20)، ولكن هذه النزعة المغشاة بالماورائية أخذت تنحسر عن العقل العربي ليحل محلها النزوع الفكري إلى فهم وإدراك الحقائق.

وبرغم إقرار مفكري العرب في القرون الوسطى بقصور العقل البشري عن إدراك الفهم الكلية، وأنه ليس بوسع الإنسان حتى يجيب عن جميع سؤال ويحل جميع معضلة، فإنهم كانوا يدركون في الوقت نفسه حتى للحقيقة الموضوعية وجوداً ثابتاً، وأنه بوسع الإنسان حتى يقترب إلى أبعد مدى من بؤرة الحقيقة(21)، ولاسيما في العلوم البحتة من فلك وحساب وفلاحة... ويجسد هذا المنحى العالم الفلكي الرياضي أبوعلي الحسن المراكشي من رجال القرن السابع الهجري، الثالث عشر الميلادي، وهوصاحب كتاب (جامع المبادئ والغايات) الذي وصفه مؤرخ العلوم جورج سارتون بقوله: "إن هذا المصنف أبرز مساهمة للجغرافيا الرياضية، ليس في ديار الإسلام، بل في خارجها، وفي جميع مكان"(22)، هذا العالم الجليل فطن إلى شأن ينطوي على أهمية بالغة في مضمار البحث الفهمي، إذ نطق في مقدمة كتابه "جامع المبادئ والغايات بصدد الرصد الفلكي(23):

"إن الطرق التي نذكرها سليمة في نفس الأمر. وما يُتوصل بها إليه من المقادير الجزئية قد يوجد فيها تقريب. وأسباب هذا التقريب كثيرة، منها ضعف حواسنا عن إدراك الأجزاء الدقيقة، وعدم ثبات الأجرام السماوية، ودوام تغير آلات الرصد، وأشباه ذلك".

وفحوى هذا القول هونسبية الفهم الإنسانية ومحدوديتها وأنها لا تتسم دوماً بالحتمية. وهذا منطلق ركين في الفهم والفهم ومنطلق أساسي لمن يطمح إلى بلوغ حقائق الكون والحياة جنح إليه الجاحظ من قبل ثم ديكارت من بعد في صدد الفهم اليقينية والبحث التجريبي.

كان القرن الرابع الهجري، العاشر الميلادي منطلق النهضة الفهمية العربية في الأندلس، التي بلغت شأواً كبيراً من النضج والازدهار في هذا العصر أيضاً بالمشرق الإسلامي. وإذا كانت الفنون، ومنها الشعر، تتأبى أحياناً على حتمية التطور وتتمرد على منطق الزمن، فإن العلوم تبعاً لارتباطها بتطور العقل وتسلسل معطيات الفهم لابد لها من معايير وأسس تتنامى في ضوئها وتزدهر على هديها.


في الفلك والرياضيات

العنصر الأساسى لنظرية بطليموس في الفلك, تظهر كوكبا فلك الدوران ( الدائرة المتبترة الصغرى) , فلك دوران أوسع (الدائرة المتبترة الكبرى), وإيكوانت .

إلى غير ذلك أخذ فهم الفلك Astronomie، القائم على الرصد والحساب يبتعد عن التنجيم Astrologie القائم على التوهم والغيبية. وكان من نتائج سياسة التسامح ورعاية الفهم التي بدأها الخليفة عبد الرحمن الناصر, وحمل لواءها عالياً ولده الحكم المستنصر "أن ظهرت المدارس واجتمع المشتغلون بكل فهم من العلوم بعضهم إلى بعض. وكان الحكم نفسه من المشغوفين بالدراسة، وكان يحيط نفسه بالفهماء، وقد جمع في القصر مخطة عظيمة زاخرة، واجتهد في الحصول على خط علوم الإغريق.".

ومن أوائل ثمار هذه الحركة الناشطة نبوغ العالم الرياضي والفلكي أبي القاسم المجريطي (394هـ-1004م)، وفي طليعة مؤلفاته في فهم الفلك (رسالة في الاصطرلاب)، "وقد ترجمها إلى اللاتينيةجون هيسبالنسيس Joan Hispalensis". وقام رودولف اف بورغس Rodolf of Burges بترجمة شروحه على كتاب بطليموس إلى اللغة اللاتينية(24)، وهوكتاب (قبة الفلك Planisphaerium)، الذي تم نقله إلى اللاتينية سنة 1536، في مدينة بازل بسويسرا(25)". وقد عهد المجريطي في الأوساط الفهمية بأنه إقليدس الأندلس.

وأنجب المجريطي عدداً من تلاميذه النبهاء أنشأ بعضهم مدارس في قرطبة ودانية كأبي السمح الغرناطي وأبي القاسم المهري والزهراوي وأبي القاسم بن الصفّار ، وابن الصفّار هذا (980 ـ 1034)، من أبرع فهماء الرياضيات والفلك. وعبد الرحمن بن زيد المعروف بالإقليدس، كان مهندساً ذا شهرة.

أما الزرنطقي القرطبي أحد فهماء القرن الخامس الهجري، الحادي عشر الميلادي فقد عهدته الأوساط الفهمية الأوربية فهم جيدة من خلال مؤلفاته الحسنة. ويورد بالنثيا رأياً فيه يقول (26) "أنه يعتبر أعظم أهل الفلك من العرب، وهومن طبقة أكابر فهماء هذا الفن في العصور القديمة. فقد وضع جداول فلكية وركّب اسطرلاباً، واخترع أجهزة دقيقة منها (الزرنطقية) و(الصفيحة) وهذه معروفة في الغرب تسمى Asafia"(27). وقد قام الزرنطقي حوالي سنة 1029م بأكثر من أربعمئة عملية رصد فلكي في طليطلة بهدف تحديد أوج الشمس، ومحاولة الضبط الدقيق لنقطة الاعتدال الربيعي(28). وكان طبيعياً حتى تحظى أعماله باهتمام معاصريه وأمثالهم من بعدهم، وإن تلقى خطه اهتمام محب الفهم الملك ألفونسوالعاشر والذين حوله من الفهماء، إذ كان اعتماد هؤلاء على مؤلفاته وأدواته كبيراً (29). كما عني الغرب بكتابه (زيج الزرنطقي) وعمدوا إلى نقله إلى اللاتينية في جملة ما نقلوه من خط جمة مماثلة.

وإذا ما قفزنا إلى عصر تال متجاوزين عدداً وافراً من الفهماء، قد ينتهي بنا السير عند أبي الحسن القلصادي (30)، أبرز فهماء القرن التاسع الهجري، الخامس عشر الميلادي (815 ـ 891هـ، 1412 ـ 1486م). وهوعالم بالحساب وفقيه، ويعد آخر أئمة الفهم من أصحاب التصانيف في الأندلس. وكتابه الهام هوفي الحساب واسمه: شرح الأرجوزة الياسمينة وقد لقي عناية فهماء أوربا، بالإضافة إلى كتابيه (قانون الحساب) وشرح ايساغوجي. ومن أفضال القلصادي في فهم الرياضيات إيجاده ظاهرة الاختزال واعتماده على الرموز في الحساب والجبر والمعادلات والمجاهيل.

ثم مضى في أثره أحمد بن غازي المكناسي (841 ـ 919هـ، 1477 ـ 1512م) فزاد في هذا المجال، إلى غير ذلك رمز للشيء وهوالعدد المجهول بحرف ش = شيء الذي تم اختزاله ليغدوبعده (س)، وهوما نستعمله إلى اليوم، واستخدم الغرب لقاءه حرف S أوX، والرمز: ك = مكعب كما رمز للمجموع بحرف ل وهومختصر من اصطلاح (المال) الذي يعني حصيلة الجمع عند الفهماء العرب. كذلك اتخذ حرف ج = الجذر التربيعي، وكان يوضع في أعلى العدد. ثم طرأ تعديل على حرف جـ أي رمز الجذر (31)، بعد حتى انتقل إلى فرنسا فحوَّل فهماء الغرب زاويته إلى الأعلى وزاد عليه خطاً أفقياً على هذا النحو(9 )، وبذلك استقر هذا الرمز وغدا عالمياً.

في علوم الزراعة والنبات والأعشاب

وعلى صعيد آخر من تقدم العلوم في الأندلس وامتداد تأثيرها إلى شعوب أوربا، خطت العلوم الزراعية خطوات واسعة، إذ الزراعة وما يتصل بها من صناعة الزيوت والخمور والأنسجة... كانت عماد الحياة الاقتصادية في تلك البلاد. ولما كان للفلك والحساب صلة وثيقة بأحوال المناخ والحرارة والرطوبة وبشؤون الفلاحة والحصاد والقطاف فقد اقتضت حياة الأندلسيين تأليف خط في الأنواء والنبات وما إليها. من هذا القبيل أبوالحسن القرطبي الذي ألف (كتاب الأنواء) وهومن أعلام القرن الرابع الهجري. وفي طليعة الفهماء في هذا المجال عبد الرحمن بن وافد الذي ألف رسالة هامة في فهم الفلاحة، مالبثت حتى ترجمت إلى اللغة الكاتالونية(32). وابن وافد هذا كان المشرف الرسمي على الحدائق الملكية في طليطلة بعد حتى عادت إلى حوزة الفرنجة(33).

وقد تكاثرت خط الفلاحة الأندلسية بعد ذلك، من مثل ما ألفه العالم الأديب أبوبكر بن خير الإشبيلي أحد أعلام القرن السادس الهجري (502 ـ 575هـ، 1108 ـ 1885م)، ثم معاصره وتلميذه أبوزكريا بن العوام(34) الإشبيلي أيضاً (580 هـ-1885م)، وتمت ترجمة كتاب الفلاحة هذا لابن العوام مرتين في القرن التاسع عشر، إذ نشر بانكويري J.A. Banqueri نصه العربي مصحوباً بترجمته إلى الإسبانية وصدر سنة 1802 في مدريد. كذلك عمد إلى ترجمته إلى الفرنسية خلال 1864 ـ 1867 كليمان موليه Clement Mullet وصدر في باريس (35)، وهذا الكتاب كما يقول آنخل بانيثا "يعطينا فكرة عن ازدهار الفلاحة في الأندلس الإسلامية، وكان مؤلفه نفسه من المشتغلين بالزراعة في ناحية إشبيلية. وهوأشبه بدائرة معارف تاريخية عن الفلاحة، وكان له أثر كبير فيما بعد في كتابات ج.أ.هريرا G.A.de Herrera

في الصيدلة والطب والجراحة

وإذا كان طبيعياً حتى ينشط التأليف في الفلك والأنواء والفلاحة ضمن زمرة متآلفة، فمن الطبيعي أيضاً حتى تظهر خط أخرى تمت بصلات إلى علوم الزراعة والنبات والأعشاب، وهي خط الصيدلة أوالصيدنة كما كان يسميها العرب، إذ أنها بطبيعتها رافد كبير للعلوم الطبية. وفي هذا المجال برع أبوجعفر الغافقي ، من فهماء القرن السادس الهجري ـ الثاني عشر الميلادي ـ فألف (كتاب الأدوية المفردة) عن العقاقير والأعشاب. ومن مزايا كتابه أنه "ذكر أسماء النباتات باللغات العربية واللاتينية والبربرية(36)". كما ألَّف كتاباً آخر اسمه (المرشد في الكحل) وهوفي مداواة العيون، وقد نهض بترجمته ماكس مايرهوف ، وهوالقائل فيه: "إن الغافقي أفهم أطباء المسلمين في العصور الوسطى في الأدوية والأعشاب(37)".

ويبقى العالم ضياء الدين بن البيطار "أعظم فهماء النبات في المشرق في عصره(38)". وهومن أعلام القرن السابع الهجري، الثالث عشر الميلادي (593 ـ 646هـ، 1197 ـ 1248م). وقد ولد بمالقة وسكن إشبيلية، ثم رحل إلى مصر، وتوفي بدمشق. وكتابه الرئيسي اسمه كتاب الجامع لمفردات الأغذية والأدوية. وهوموسوعة طبية رتبها مؤلفها على حروف الهاتى. ويعد "أكمل ما ألف العرب في ذلك الباب وأكثر تفصيلاً، وهويضم أكثر من 2330 مادة جمع فيها جميع ما ذكره سابقوه من اليونان والعرب عن الأدوية، وزاد عليهم بثلاثمئة دواء لم يشر إليها أحد قبله (39)". وآخر من عني بكتاب الجامع لابن البيطار هومؤرخ العلوم لوكليرك، إذ نهض بترجمته إلى اللغة الفرنسية.

وإذا كانت صلة فهم النبات والأعشاب وثيقة بالتداوي والصيدلة، فإن صلة الصيدلة أوثق بفهم الطب، وهي جميعاً تدخل في زمرة العلوم الطبية التي كان الفهماء الأوائل يجمعون بينها، على قدر كبير من البراعة، إذ قلما اقتصر عالم كبير، ممن ذكرنا ومن لم نذكر، على فهم دون فهم أوفن دون فن، فكان أولئك الأفذاذ متنوعي الجوانب متعددي المواهب.

وأبوالقاسم الزهراوي (40) أحد هؤلاء الأفذاذ في العلوم الطبية، (937 ـ 1013) وقد وصفه ابن أبي أصيبعة بأنه أعظم أطباء ذلك العصر (41)، وهوالمعروف عند اللاتين باسم Abulcasis. وكان الزهراوي من الفهماء العرب الأوائل الذين اعتمدت أوربا على مؤلفاتهم في تدريس الطب وممارسته مدة تزيد على خمسة قرون. وكتابه التصريف لمن عجز عن التأليف, ويعهد بـ"الزهراوي" اختصاراً، أشهر خطه إطلاقاً. نطق براون Brown: "إن الزهراوي أشهر جراح عربي أنجبه العالم الإسلامي على مر العصور". وهومبدع آلات حديثة ومبتكر عمليات لم يسبقه إليها أحد، وحمل شأن الجراحة وقفز بها، كما اكتشف فنوناً جديدة في الجراحة لم تكن معروفة من قبل، ولاسيما في الجراحة النسائية، بعد حتى شكا من قلة الطبيبات والمسقمات في عصره، وهوأول من وصف الاستعداد الجسدي الخاص لنزف سقم الناعور Hemophilia ويرى الدكتور محسن الخير(41) حتى فضل هذا العالم الجليل والجراح الفذ يتجلى في أنه أول من ابتكر عملية حمل حصاة المثانة عن طريق المهبل، وأول من استخدم السنارة لاستئصال الزوائد اللحمية من الأنف، وأول من وصف المحقنة الشرجية والمس الشرجي ، وأول من استخدم المقحنة المعدنية لزرق المحاليل الطبية إلى داخل المثانة. كما أنه أول من استخدم الآلة التي تستعمل لخفض اللسان أثناء عملية استئصال اللوزتين . وأول من ربط الأوعية الدموية بخيوط الحرير.

وفي صدد الطب النسائي كان الزهراوي أول من أشار إلى إمكان حدوث الحمل خارج الرحم وأول من شق جيب المياه أثناء المخاض لتعجيل الولادة. وهومكتشف ملقط الجنين. وكان اعتماده كبيراً على الشق والكي في مجال الأورام حين لا يجدي التداوي المعهود، ومن ذلك أنواع من الدمل وأورام الرحم. وقد بين الزهراوي حتى أورام الرحم نوعان، سليمة وتعالج بالاستئصال، وخبيثة لا فائدة من علاجها. وإليه ينسب الفضل في استعماله للعديد من أدوات الجراحة التي شاعت من بعده، مثل السنارة، المبضع، المنشار، الملقط، الكلاّب، لولب المهبل وعنق الرحم المشرط ، المثقب، المكواة، القثطرة(42).

والزهراوي أصبح رائداً في فن الجراحة حين أفلح في شق القصبة الهوائية ، وإيقاف نزيف الدم بربط الشرايين الكبيرة(43). وهذا إنجاز فهمي كبير ادعى الجراح الفرنسي أمبرواز باريه Amproise Pare من أطباء القرن السادس عشر أنه حققه لأول مرة، مع حتى أبا القاسم الزهراوي حقق تلك العملية قبله بستة قرون(44). كذلك كان الزهراوي سباقاً حين أوصى ـ لدى إجراء جراحة في النصف السفلي للإنسان حتى يتم حمل الحوض والأرجل قبل جميع شيء. وهذه الطريقة كما تقول زيغريد هونكة ، "اقتبسها الغربيون منه واستخدموها كثيراً حتى قرننا العشرين، حين عهدت باسم الجراح الألماني فريدريك ترندلنبورغ "(45).

لقد تمت ترجمة القسم الأخير من كتاب الزهراوي الشهير (التصريف لمن عجز عن التأليف)، أي القسم الجراحي، إلى اللغة اللاتينية في طليطلة في القرن الثالث عشر تحت اسم الجراحة Chirurgia بفضل (جيرا ردوالكريموني، أوالقرموني)، ومن اللاتينية نقله (شائين توب) إلى العبرية. ثم انتقل هذا الجزء المترجم من الزهراوي إلى صقلية بفضل روجار الملك أي (روجيه الباليرمي) ثم آل إلى فرنسا بفضل الجراح (شولياك)، ثم إلى أوكسفورد سنة 1778. كما أعيدت ترجمات أقسام أخرى من الكتاب على مراحل، إلى العبرية واللاتينية. وفي عام 1519 طبع منه جزء بعنوان "كتاب النظر والعمل"(46)، فكان أبرز وأذيع كتاب في تاريخ الطب كله(47). وبعدئذٍ طبع في مدينة غوتنبرغ سنة 1815(48). وبعد ذلك طبع القسم الجراحي من كتاب الزهراوي بنصه العربي في حيدر آباد بالهند سنة 1908، وأخيراً صدر النص العربي مرة أخرى بطبعة أنيقة في جامعة كاليفورنيا سنة 1973 مع ترجمة إنكليزية بفضل سبينك لويس Spink Lewis(49)... جميع ذلك حمل الزهراوي في أعين الشرق والغرب إلى طبقة أبقراط وجالينوس(50).

ثم بلغ الطب العربي أوجه في الأندلس خلال القرن السادس الهجري ـ الثاني عشر الميلادي، أي في ذلك العصر الذي جمع الفلاسفة فيه بين الفلسفة والطب كأبي الصلت أمية الداني وابن باجه ، وكذلك أبوالوليد ابن رشد صاحب كتاب "الكليات"، وقد جعله في مقدمة وسبعة أجزاء، تناول فيه أعضاء الجسد والتشريح ، وأحوال الصحة والسقم، ثم الطب الوقائي والعلاجي(51).

"بيد حتى زعامة الطب في ذلك العصر عقدت بلواء بني زهر ، تلك الأسرة العالمة الشهيرة التي أنجبت أبا مروان عبد الملك بن زهر وابنه أبا العلاء (525 هـ-1131م)، ثم أعظمهم جميعاً وهوأبومروان عبد الملك بن أبي العلاء بن زهر(ـ 557هـ-1162م)، من أهل إشبيلية(52)".

ومؤلفات ابن زهر Avizohr في الطب عديدة، منها كتابه: "الاقتصاد"، وهوفي الطب عامة، وكتاب "في الأغذية والأدوية"، ثم كتابه "التيسير". ولعله أجل خطه، وقد أهداه إلى ابن رشد ، وفيه تتجلى شخصيته بكل وضوح، ويعتبر خير ما ألفه العرب في الطب العملي. وتثوي أهمية ابن زهر أيضاً في أنه جنح إلى تطبيق مبدأ الاختصاص في الطب، وقد صرف همه إلى الطب الباطني ، وابتعد به عن الجراحة من جهة، وعن الصيدلة من جهة أخرى. ومؤلفاته هذه وتجاربه كانت كأمثالها موضع احتفال أوساط الغرب على هذا الصعيد.



هبة الأرقام

ولعلّ أظهر المؤثرات العربية في أوروبا وسائر العالم على صعيد العلوم البحتة إنما يتجلى في استخدام سلسلة الأرقام في الفهم والحياة، وهي نمطان، نمط يعهد بالأرقام الهندية وهوالمتداول بين عرب المشرق العربي وبعض بلدان الشرق، ونمط يسمى الأرقام الغبارية، وكلاهما انبثق على الأرجح من الهند. أما الأرقام الغبارية فقد انتقلت إلى بلاد المغرب والأندلس (53)، وبفضل المعاملات التجارية والرحلات التي قام بها بعض فهماء العرب، والسفارات التي كانت تجري بين الحكومات الإسلامية وبعض البلاد الأوربية، دخلت هذه الأرقام إلى أوربا (54)، وأزاحت الأرقام الرومانية التي كان يرمز إليها بالحروف الأبجدية. إلى غير ذلك عهدت أوربا هذه الأرقام الجديدة "الغبارية" وأطلقت عليها التسمية الجديدة التي تعهد اليوم في العالم، وهي "الأرقام العربية Chiffres Arabes".

والأهم من ذلك هودخول العدد (صفر) إلى أوروبا بفضل الحضارة العربية الإسلامية، وبفضل الخوارزمي على وجه التحديد. وبذلك أمكن إيجاد طريقة الحساب العشري.

ولفظ (صفر) انتقل بنصه أيضاً مع مفهومه، وغدا ينطق سيفر Cifer بالبرتغالية، وسيفرا Cifra بالإسبانية وسيفيرا Sifera بالإيطالية، وسيفر Cipher بالإنكليزية، وشيفر بالفرنسية Chiffre...

ثم طرأ اختصار وتحريف على الحدثة، إذ يظهر أنه اكتفي بالحرفين الأول والثاني، فأصبحت الحدثة (زيرو Zero)، وبفضل هذا الرقم (صفر) أصبحت الأرقام عشرة بدلاً من تسعة (55)، وهذه ثورة في العلوم الرياضية والفلكية أدت إلى تيسير العمليات الأربع الحسابية والمسائل الرياضية المعقدة. وعلى صعيد آخر أصبحت الحدثة العربية (صفر) المنطوقة (سيفرا أوشيفرا) رمزاً عاماً لنظام التخاطب السري بالأرقام، وهوالذي بات يعهد في المصطلح الغربي باسم (الشيفرة).

إلى غير ذلك يسجل التاريخ حتى العرب السالفين في مملكة أوغاريت السورية الذين منحوا الحضارة الإنسانية حروف الهاتى هم الذين حملوا أيضاً إليها في عهود تالية نظام الأرقام الغبارية.

في اللغة والمصطلح

ولعل أبرز الدلائل على مدى ما بلغه التأثير الحضاري العربي بمشرقه ومغربه في العالم الغربي هوتلك المعطيات الباقية في لغاته الأوروبية، ولاسيما في اللاتينية وسائر اللغات المتحدرة منها، وفي مقدمتها الإسبانية والبرتغالية، ومن ثم الفرنسية والإيطالية، بالإضافة إلى بعض اللغات الأخرى كالإنكليزية والألمانية واليونانية...

ومعاجم اللغات الأوربية حافلة بالألفاظ العربية التي دخلت إليها وفرضت نفسها عليها، تبعاً للتفاعل الفكري والتمازج الثقافي الذي تم عبر العصور. ومن هذا القبيل:

"

الانبيق


ALAMBIC


الزرنيخ


ARSENIC


القاضي


ALCADE


الزعفران


SAFFRON


الجبر


ALGEBRI


السكر


SUCRE,


القصر


ALCAZAR


الشراب


SIROP


الجبة


JUPE


الطاس، الفنجان


TASSE


الحمام


HAMMAM


الغزال


ALGAZELLE


الحساب الخوارزمي (اللوغاريتمه)


ALGORITHME


الفستق


PISTACHE


أمير البحر


AMIRAL


القطن


COTTON


البرقوق


APRICOT


الصفر (الرقم)


CHIFFRE


التعهدة


TARIF


القهوة


COFFÉE


دار الصناعة


ARCENAL


الكافور


CAMPHRE


الرز


RIS, RISO


الكحول


ALCOOLE


الزرافة


JIRAFE


الكمون


CUMIN


الكوب، الكأس


COUPE


الليمون


LEMON


المسجد


MOSQÉ


المخزن


MAGASIN


النارنج


ORANGE


المناخ ـ التقويم


ALMANACH


الياسمين


JASMIN


المنارة


MINARET


الله


OLEH

"


والملاحظ في هذه الألفاظ الأجنبية وفي المئات الأخرى التي تملأ بطون المعاجم والخط الأوربية حتى عدداً وافراً منها مبدوء بالمبتر اللاتيني AL، وهذا المبتر في حقيقته هوأل التعريف المعهودة في لغة العرب، ثم التصقت بكثير من الحدثات في اللغات الأوربية، إذ توهم الغربيون أواللاتين أنها من صلب الحدثة العربية، ومن هنا باتت هذه الحدثات وأمثالها تشكل نسبة كبيرة في تلك اللغات ولاسيما في الإسبانية والبرتغالية.


وينبغي حتى نلاحظ أيضاً حتى قسماً من الألفاظ الأجنبية ذات الأصول العربية ما زال مستخدماً في اللغات الأوربية إلى الآن، على حين تم التخلي عن قسم آخر واستعيض عنه بمصطلحات جديدة.


وإذا كانت اللغة هي وعاء العقل، والألفاظ هي حاملة الأفكار، وإذا كان الأدنى في سلم الحضارة ـ وفق قوانين فهم الاجتماع ـ هوالذي يستمد معطيات الأرقى، فإن وجود هذه الكثرة البالغة من الألفاظ المنحدرة من اللسان العربي داخل اللغات الأوربية، إنما ينبئ عن مدى عمق التأثير الأندلسي في نهضة الغرب وحضارته. وقد يحدث حصر هذه الألفاظ مهمة عسيرة، ولكنها ممكنة في السعي إلى تصنيف معجم مقارن تام في هذا الموضوع.


ومجمل القول، حين ينضج العقل وتؤتي النهضة ثمارها، فإن التقدم الفهمي يتجلى على جميع صعيد في رحاب المعارف الإنسانية المتنوعة، إلى غير ذلك كان الشأن في الأندلس منذ القرن الرابع الهجري ـ العاشر الميلادي، عندما أخذت العلوم والآداب، على اختلافها، تغتني وتتنامى على نحويكادقد يكون متوازياً. لقد شهدت البلاد الأندلسية تقدم العلوم الرياضية والفلكية، كما عهدت في الوقت نفسه تطور العلوم الزراعية والطبية، ونضج المعارف الفقهية والفلسفية. وكان من ذلك كله، ـ وفي موازاته ازدهار الفنون والآداب والشعر والموسيقى، والموشحات والأزجال ـ تألق حضاري أشع من الأندلس، كما أشع من الشرق فأضاء العالم بسناه قروناً مديدة من الزمن، نعمت خلالها الإنسانية عبر مسيرتها المتعاظمة بما أكد حقيقتها وأغنى وجودها.


إن فضل عرب الأندلس في الحقبة العربية الإسلامية لا يقتصر على ما قدموه إلى أوربة وسائر العالم من إبداعاتهم الأدبية وإنجازاتهم الفهمية في تلك الربوع، بل يتعدى ذلك إلى أنهم قدموا إلى أوربة حصيلة ماكان يؤول إليهم من علوم عرب المشرق وفنونهم وآدابهم وسائر معارفهم، إذ الحضارة العربية الإسلامية بشطريها جميع متلاحم متكامل. على حتى تأثر أوربة بمعطيات الأندلسيين كان أظهر، تبعاً للاحتكاك المباشر الذي وقع فوق ربوع الغرب الأوربي نفسه، وتجلى في التزاوج السكاني والتفاعل الفهمي والتمازج الثقافي. وفي رأي كراتشكوفسكي حتى التفاعل الحضاري في شبه الجزيرة الإيبرية كان متواصلاً، وهومثال ساطع على عدم ثبات الحدود الفاصلة بين الشرق والغرب على الصعيد الثقافي العالمي.


ولعل من أبرز ما استمده الأوربيون من حضارة العرب على صعيد منهج البحث والدرس هوما امتاز به العرب من تغليب عنصر المشاهدة على النظر والخبرة على الخبر.


على حتى أبرز ما لمسه الأوربيون في الأندلس، حين تهافتوا على قرطبة وسواها من الحواضر للتزود بالفهم، ما لمسوه في الحضارة العربية الإسلامية من إشادة بقيمة الإنسان. وهذا المفهوم السامي لمنزلة الإنسان لمقد يكونوا يعهدونه في مجتمعاتهم، وقد كرمه الله تعالى، وتجلى ذلك في آيات قرآنه الكريم.


إن المعارف الإنسانية قسمة مشهجرة بين الشعوب، على تفاوت فيما بينها، وهي لذلك أخذ وعطاء. ومن قبل اطلع العرب على جملة العلوم والفنون والآداب والصناعات لدى شعوب الهند والصين والفرس والإغريق، وتمثلوا ذلك كله واختزنوه، ثم اتى دورهم في العطاء في مشرق العالم القديم ومغربه.


أنظر أيضا


إن العلوم العربية في الأندلس، وما امتازت به من تقدم وازدهار، كانت البذرة الأولى للتطور الفهمي في الغرب، والشرارة التي اتقد بها عصر النهضة الأوربية.


مصادر البحث:


ـ أثر الأندلس على أوروبا: د.عباس الجراري. مجلة عالم الفكر. المجلد 12، إبريل ـ مايوـ يونيو. الكويت 1981.


ـ الأعلام: خير الدين الزركلي، بيروت 1970.


ـ تاريخ الفكر الأندلسي: آنخل جنثالث بلنثيا. ترجمة: د.حسين مؤنس، القاهرة 1955.


ـ تراث العرب الفهمي في الرياضيات والفلك: قدري حافظ طوقان. القاهرة 1963.


ـ الثقافة العربية ـ الإسبانية عبر التاريخ: (الدراسات التي ألقيت في ندوة الثقافة العربية الإسبانية) وزارة الثقافة ـ دمشق 1991.


ـ حضارة الأندلس: د.أحمد أبوزيد. مجلة عالم الفكر، المجلد 12، إبريل ـ مايوـ يونيو. الكويت 1981.


ـ دراسات في تاريخ العلوم عند العرب: حكمت نجيب عبد الرحمن منشورات جامعة الموصل 1977.


ـ شمس العرب تسطع على الغرب: زيغريد هونكه.


ـ الشعر الأندلسي: غارسيا غوميز، ترجمة: د.حسين مؤنس. القاهرة 1966 بحوث مخطوطة متفرقة مقدمة إلى ندوة الثقافة العربية ـ الإسبانية عبر التاريخ التي انعقدت بدمشق سنة 1990، وهي بقلم د.محمد حرب فرزات، د.عدنان البني، د.روبرت لاندا، د.محمد السويسي، د.محسن الخير.


  • الحواشي:


(1) ـ دلالات حضارية في قراءة عربية لنصين بونيين من إسبانيا. درس مخطوط قدمه الدكتور محمد حرب فرزات إلى (الندوة العالمية للثقافة العربية الإسبانية عبر التاريخ)، التي انعقدت في دمشق، كانون الأول (ديسمبر 1990).


(2) ـ البونيون، ويسمون أيضاً البونيقيين، هم الفينيقيون الغربيون.


(3) ـ العلاقات بين الكنعانيين (الفينيقيين) والإسبان في الأزمنة الأقدم، درس مخطوط قدمه الدكتور عدنان البني إلى الندوة العالمية للثقافة العربية الإسبانية بدمشق 1990.


(4) ـ حضارة الأندلس. د.أحمد أبوزيد، مجلة عالم الفكر، ص 4-خمسة المجلد الثاني عشر، إبريل ـ مايوـ يونيو1981، الكويت.


(5) ـ كان عدد الفاتحين في جيش طارق نحوعدة آلاف معظمهم من البربر، وكان بينهم بضع مئات من العرب، وحين تولى الداخل حكم الأندلس لم يتجاوز عدد المسلمين خمسين ألفاً، على حين كان السكان المحليون بقومياتهم الكثيرة نحوستة ملايين.


(6) ـ الشعر الأندلسي: ترجمة. د.حسين مؤنس 35، القاهرة 1966.


(7) ـ التفاعل والتآلف الحضاري في شبه الجزيرة الإيبرية، درس مخطوط قدمه روبرت لاندا إلى الندوة العالمية للثقافة العربية الإسبانية عبر التاريخ، التي انعقدت في دمشق، كانون الأول ـ ديسمبر ـ 1990.


(8) ـ تاريخ الفكر الأندلسي، أنخل جنثالث بالنثيا، ترجمة: د.حسين مؤنس ص 485، مخطة دار النهضة المصرية ـ القاهرة: 1955.


(9) ـ تاريخ الفكر الأندلسي، بالنثيا ـ مؤنس 486.


(10)-CHARLES HSKINS. Studies in the History of Medieval Sciences, P.113, Cambridge. 1924.


(11) ـ أثر الأندلس على أوربا، د.عباس الجراري، مجلة عالم الفكر، ص 19 المجلد الثاني عشر، إبريل ـ مايوـ يونيو1981، الكويت.


(12) ـ العلوم العربية بالأندلس ونقلها إلى أوروبا، درس مخطوط ص 12 ـ 13 قدمه الدكتور محمد السويسي إلى الندوة العالمية للثقافة العربية الإسبانية، في دمشق. كانون الأول ـ ديسمبر ـ 1990.


(13) ـ المرجع السابق 11.


(14) ـ المرجع السابق 12.


(15) ـ تاريخ الفكر الأندلسي، ترجمة: د.حسين مؤنس 488.


(16) ـ تاريخ الفكر الأندلسي، بالنثيا ـ مؤنس 502.


(17) ـ أثر الأندلس على أوربا، د.عباس الحراري، مجلة عالم الفكر، المجلد الثاني عشر 1981.


(18) ـ المرجع نفسه.


  • موسوعة دهشة http://www.dahsha.com/viewarticle.php?id=26857
تاريخ النشر: 2020-06-04 15:47:09
التصنيفات: تاريخ إسپانيا

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

الشرطة الهندية تقتل 3 مسلحين في جامو وكشمير

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-24 18:17:15
مستوى الصحة: 83% الأهمية: 88%

تعرّض سيارة دبلوماسي كويتي لوابل من الرصاص في واشنطن

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-24 18:17:16
مستوى الصحة: 83% الأهمية: 86%

"فرانس برس": 10 قتلى بهجوم على موقع عسكري في بوركينا فاسو

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-24 18:17:17
مستوى الصحة: 85% الأهمية: 85%

الأوكرانيون يحيون عيد الفصح في أجواء حرب

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-24 18:17:09
مستوى الصحة: 86% الأهمية: 87%

للمرة الأولى.. العراق يستضيف شعلة النار المقدسة القادمة من القدس

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-24 18:17:17
مستوى الصحة: 94% الأهمية: 90%

الأردنيون على موعد مع أطول عطلة في تاريخ المملكة

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-24 18:17:19
مستوى الصحة: 84% الأهمية: 97%

مصرع 17 مهاجرا وإنقاذ 97 اثر غرق أربعة قوارب قبالة سواحل تونس

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-24 18:17:09
مستوى الصحة: 88% الأهمية: 100%

هل تصبح إمارة رأس الخيمة لاس فيغاس الشرق؟

المصدر: BBC News عربي - بريطانيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-24 18:17:01
مستوى الصحة: 82% الأهمية: 100%

كيريل: بطريرك موسكو الذي يصف عهد بوتين "بالمعجزة"

المصدر: BBC News عربي - بريطانيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-24 18:17:02
مستوى الصحة: 87% الأهمية: 95%

بايدن يحيي ذكرى ضحايا إبادة الأرمن

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-24 18:17:22
مستوى الصحة: 93% الأهمية: 98%

قطر تنسق بين العرب

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-24 18:17:25
مستوى الصحة: 85% الأهمية: 88%

المالكي ينفي تدخله بإعادة سياسيين "مطلوبين" للقضاء العراقي

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-24 18:17:21
مستوى الصحة: 80% الأهمية: 98%

السيسي يهنئ أقباط مصر بعيد الفصح

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-24 18:17:27
مستوى الصحة: 77% الأهمية: 97%

مصر.. إطلاق سراح 9 متظاهرين أقباط بعد 3 أشهر في الحبس الاحتياطي

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-24 18:17:24
مستوى الصحة: 79% الأهمية: 88%

سقوط قذيفة أوكرانية في قرية بمقاطعة بيلغورود الروسية

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-24 18:17:19
مستوى الصحة: 87% الأهمية: 100%

كوريا الشمالية تشيد بقدراتها العسكرية عشية ذكرى تأسيس جيشها

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-24 18:17:21
مستوى الصحة: 93% الأهمية: 94%

مقتل 6 جنود وإصابة 20 آخرين في ثلاث هجمات "إرهابية" في مالي

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-24 18:17:24
مستوى الصحة: 83% الأهمية: 87%

دورة بلغراد: روبليف يسقط ديوكوفيتش في النهائي على أرضه

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-24 18:17:10
مستوى الصحة: 89% الأهمية: 94%

أستراليا تضع مع الولايات المتحدة خطا أحمر للصين

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-24 18:17:26
مستوى الصحة: 90% الأهمية: 97%

تحميل تطبيق المنصة العربية