جهاد
|
هذه الموضوعة جزء من سلسلة: |
شخصيات محورية
|
أعياد ومُناسبات
|
الجهاد أوالجهاد في سبيل الله أوالقتال في سبيل الله هومصطلح إسلامي يعني جميع الأفعال أوالأقوال التي تتم لصد عدوما أولتحرير أرض ما أولمساعدة أحد ما. اتى هذا المصطلح في بدء الإسلام عندما ذكر الله معركة بدر الكبرى في القرآن الكريم ثم تم تعميم هذ المصطلح ليضم أي عمل أوقول يصب في مصلحة الإسلام لصد عدوما يستهدم الإسلام عملاً أوقولاً. هناك عدة نصوص في القرآن الكريم يستشهد بها حول هذه القضية : كتلك التي تدعولنشر العدل، وتلك التي تأمر بالقتال للتصدي لأي هجوم موجه ضد الإسلام، وتلك التي تأمر بالحرب ولكن ليس ضمن فترة الأشهر الحرم الأربعة وتلك التي تأمر بالقتال في جميع وقت. يجب حتى تأخذ بالحسبان قواعد (النسخ) والتي تحكمها قواعد فقهية.
والجهاد مراتب منها ما واجب على جميع مكلف، ومنها هوواجب على الكفاية إذا قام به بعض المكلفين سقط التكليف عن الباقين، ومنها ما مستحب. فجهاد النفس وجهاد الشيطان واجبان على جميع مكلف، وجهاد المنافقين والكفار وأرباب الظلم والبدع والمنكرات واجب على الكفاية، وقد يتعين جهاد الكفار باليد على جميع قادر في حالات معينة. نطق ابن القيم :«إذا عهد هذا فالجهاد أربع مراتب : جهاد النفس، وجهاد الشيطان، وجهاد الكفار، وجهاد المنافقين.»
فجهاد النفس أربع مراتب أيضاً : إحداها : حتى يجاهدها على تفهم الهدى ودين الحق الذي لا فلاح لها ولا سعادة في معاشها ومعادها إلا به ومتى فاتها عمله شقيت في الدارين. الثانية : حتى يجاهدها على العمل به بعد فهمه، وإلا فمجرد الفهم بلا عمل إذا لم يضرها لم ينفعها. الثالثة : حتى يجاهدها على الدعوة إليه وتعليمه من لا يفهمه وإلا كان من الذين يكتمون ما أنزل الله من الهدى والبينات ولا ينفعه فهمه ولا ينجيه من عذاب الله. الرابعة : حتى يجاهدها على الصبر على مشاق الدعوة إلى الله وأذى الخلق ويتحمل ذلك كله لله. فإذا استكمل هذه المراتب الأربع صار من الربانيين، فإن السلف مجمعون على حتى العالم لا يستحق حتى يسمى ربانيا حتى يعهد الحق ويعمل به ويفهمه فمن فهم وعمل وفهم فذاك يدعى عظيماً في ملكوت السماوات.
شرح الحدثة
الجهاد في اللغة : بذل الجهد والوسع والطاقة، من الجُهْد بمعنى الوُسع، أومن الجَهْد بمعنى المشقة وكلا المعنيين في الجهاد. وفي الشرع أوفي اصطلاح القرآن والسنة، يأتى بمعنى أعم وأضم، يضم الدين كله؛ وحينئذ تتسع مساحته فتضم الحياة كلها بسائر مجالاتها ولهذا يسمى حينئذ : الجهاد الأكبر. وله معنى خاص هوالقتال لإعلاء حدثة الله وهذا يشغل مساحة أصغر من الأولى ولهذا سُمِّىَ الجهاد الأصغر.
وكما يقول الدكتور عبد العزيز القاري :
ولذلك فإن تسمية الأول بـالجهاد الأكبر سليم المعنى، تدل عليه نصوص الكتاب والسنة، وإن لم يصح الحديث الوارد فيه بخصوصه. ففي حصر مفهوم الجهاد في القتال خطأ في فهم الكتاب والسنة، فإن الجهاد فيهما اتى بمعنى القتال، واتى بمعنى أكبر من ذلك وأضم : نطق تعالى : فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا نطق ابن عباس رضى الله عنهما :'«'وجاهدهم به أي القرآن.»
فالجهاد الكبير هنا ليس هوالقتال، وإنما هوالدعوة والبيان بالحجة والبرهان، وأعظم حجة وبيان هوهذا القرآن، إنه حجة الله على خلقه, ومعه تفسيره وبيانه الذى هوالسنة. ونطق تعالى : يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ في هذه الآية ليس المراد بجهاد المنافقين القتال، لأن المنافقين يظهرون الإسلام ويتخذونه جُنَّة والنبي صلى الله عليه وسلم لم يقاتلهم بل عاملهم بظواهرهم، وحتى من انكشف كفره منهم كعبد الله بن أبى بن سلول لم يقتله سياسة منه، صلى الله عليه وسلم ونطق :«لا يتحدث الناس حتى محمدًا يقتل أصحابه.» ولكن جهاد المنافقينقد يكون بالوسائل الأخرى، مثل كشف أسرارهم ودواخلهم وأهدافهم الخبيثة، وتحذير المجتمع منهم، كما اتى في القرآن. ونطق تعالى : وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ولاشك حتى المراد بالجهاد هنا مفهومه الكامل المتضمن نوعيه الأكبر والأصغر، نقل ابن كثير عن ابن أبى حاتم بإسناده عن ابن عباس، نطق في تفسير هذه الآية :«الذين يعملون بما يفهمون يهديهم الله لما لا يفهمون» فتفسير الآية (الذين جاهدوا فينا) أي جاهدوا في ذات الله أنفسهم وشهواتهم وأهواءهم وجاهدوا العراقيل والعوائق وجاهدوا الشياطين، وجاهدوا العدومن الكفار المحاربين، فالمقصود : الجهاد في معهجر الحياة كلها، وفي حلبة الصراع الكامل.
وفى السنة النبوية بين النبى صلى الله عليه وسلم أنواع الجهاد بمفهومه الكامل فنطق :
والمراد بجهاد القلب هنا هوبغضهم وبغض حالهم، التي هي عقيدة الولاء والبراء؛ بدونها لا يصير الإنسان مؤمناً ؛ سمى النبي صلى الله عليه وسلم عمل القلب هذا جهادًا، كما سمى عمل اللسان جهادًا، ومن باب أولى حتى يسمى عمل اليد جهادًا؛ عن عبد الله بن عمرورضى الله عنهما نطق :«اتى رجل للنبى صلى الله عليه وسلم فنطق:أجاهد،يا ترى؟ نطق : (ألك أبوان) نطق: نعم، نطق: (ففيهما فجاهد).» وأمثلة هذا من السنة كثيرة يسمى فيها بعض الأعمال الصالحة أويجعلها بمنزلة الجهاد؛ كقوله صلى الله عليه وسلم:«الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله.» إلى غير ذلك يتضح لنا مدى اتساع دائرة الجهاد، وأنها ليست محصورة في القتال، بل هى مرتبطة بمجالات الحياة كلها. إلى غير ذلك حتى عندماقد يكون هناك قتال سليم مع العدو، فإن جهاد جميع واحد بحسبه الطبيب بخبرته الطبية، وأهل الإغاثة بإغاثتهم، وأهل الإعلام بإعلامهم ، وأهل الأموال بأموالهم، ويبقى بقية في البلد يقومون بشؤونها ويخلفون المجاهدين في أهليهم بالخير والرعاية والحراسة، لتستمر عجلة الحياة في الدوران. والملاحظ حتى بعض الناس نظر إلى الجهاد نظرة ضيقة فحصره في جانب القتال، وهذا قصور في فهم الشرع وفي فهم نصوص الكتاب والسنة.
نشأة الجهاد
فرض الجهاد في السنة الثانية من الهجرة ونادى لنشر العدل والمساواة بين البشر في الحقوق والواجبات بين الغني والفقير الحاكم والمحكوم القوي والضعيف الشريف والوضيع العالم والجاهل الحبر والراهب العابد والزاهد تحت شعار واضح وحديث:«لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمى على عربي ولا لأبيض على أسود. ولا لأسود على أبيض إلا بالتقوى الناس من آدم وآدم من تراب.» فلا عنصرية بغيضة ولا طبقية مقيتة. ويعبر القرآن عن ذلك بوضوح في قوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ أي يا أيها الذين آمنوا بالله ورسوله محمد كونوا قوامين بالحق, ابتغاء وجه الله, شهداء بالعدل, ولا يحملنكم بغض قوم على ألا تعدلوا, اعدِلوا بين الأعداء والأحباب على درجة سواء, فذلك العدل أقرب لخشية الله, واحذروا حتى تجوروا.
إن الله خبير بما تعملون, وسيجازيكم به. كما يفرض الإسلام على الأغنياء دفع جزء من أموالهم - الزكاة على المسلمين أوالجزية على غير المسلمين - ليتم توزيعه على فقراء الناس وضعفائهم وحرم أكل أموال الناس بالباطل من النهب والسلب أومن الربا أومن الغش أوالخداع. وكل هذه القيم والمبادئ قد تتعارض تماماً مع مصالح بعض الطغاة والجبابرة الذين استذلوا الناس واستعبدوهم، فأعربوا عداوتهم للإسلام والمسلمين فكان لزاماً على المسلمين من إعداد العدة للقاءة تلك المخاطر - حتى لا يؤخذوا على غرة - فأمرهم ربهم بذلك: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْك
ولما كانت رسالة محمد للناس كافة فكان لزاماً عليه السعي لحمل هذا الظلم عن الناس كافة ولقاءة هؤلاء الطغاة في أي مكان ومهما كلف الثمن فكان فرض الجهاد على المسلمين لتحقيق مقاصد الدين السامية، ليوصل الإسلام لأهل البلد التي رفض حكامها على الدعوة إلى الإسلام في بلادهم وأعربوا الحرب على الإسلام, فكان الجهاد على من حارب الإسلام, لا يهم حتى يدخل الناس في دين الإسلام ولكن المهم حتى ينعموا بالعدل والأمن تحت حكمه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ
الهدف من الجهاد
الأصل في فقه الفتوحات الإسلامية هوتبليغ دين الله للناس بالحكمة والموعظة الحسنة، وتعريفهم كذلك بقيمه ورسالته العالمية دون حرب أواعتداء، ولكن حين يمنع المسلمون قهراً من القيام بواجب التعريف بدينهم، ويوم يحال بينهم وبين التعريف برسالته العالمية الإنسانية وبعد رفض الأسلوب السلمى في توصيل أمور الدين إلى غير المسلمين في هذه البلد، فإن الإسلام قد رسم للمسلمين منهجاً واضحاً في التعامل مع حالات المنع التي تقابلهم في سبيل تبليغ رسالة ربهم، كما يلي :
- إن اتى المنع مقروناً بإعلان حالة الحرب على المسلمين ومباشرة القتال معهم، فالحكم في مثل هذه المسألة: «وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا» ومع مثل هذه الحالة تطبق جميع القواعد والأعراف، وكل الجزاءات والضوابط والآداب المتعلقة بحالة الحرب، وفق القاعدة القرآنية : الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ
- وإن وقف الأمر عند حالة المنع، وعدم السماح للمسلمين بالاتصال بالناس بدون قتال أواعتداء على المسلمين، فالحكمقد يكون باستخدام الحوار, والمجادلة معهم بالتي هي أحسن، مع الصبر والمصابرة، واستخدام جميع الوسائل السلمية الممكنة مع الجهة الممانعة، حتى يفتح الله بينهم وبين المسلمين بالحق: فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آَمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا ﴿وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آَمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ [29:46]
- وإن أتيح للمسلمين تبليغ دعوتهم، والتعريف بدينهم فالحكم مع هذه الحالة هوالسلم والمودة : لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ
آيات في الجهاد
من تلك الآيات، قول المولى عز وجل: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآَنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وفي هذه الآية ترغيب في الجهاد في سبيل الله على نحوبليغ وقد نطق ابن القيم فيها: فجعل الله سبحان ها هنا الجنة ثمنًا لنفوس المؤمنين وأموالهم. إذا بذلوها فيه استحقوا الثمن. وعقد معهم هذا العقد وأكده بأنواع من التأكيدات:
ومن الآيات التي وردت في الحث على الجهاد أيضًا قوله تعالى: وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ وقوله تعالى: وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ
ونطق تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ويقول تعالى: الَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ونطق عز وجل: لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُـلاًّ وَعَدَ اللّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا
ونطق تعالى: انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ونطق تعالى: أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
ونطق تعالى : وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا
ونطق تعالى : وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ
ونطق تعالى : وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ
أحاديث في الجهاد
جهاد المنافقين
وأما جهاد الكفار والمنافقين فأربع مراتب : بالقلب واللسان والمال والنفس. وجهاد الكفار أخص باليد، وجهاد المنافقين أخص باللسان. وأما جهاد أرباب الظلم والبدع والمنكرات فثلاث مراتب الأولى : باليد إذا قدر، فإن عجز انتقل إلى اللسان، فإن عجز جاهد بقبله. فهذه ثلاثة عشر مرتبة من الجهاد، ومن توفي ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزوتوفي على شعبة من النفاق. ونطق الشيخ عبد العزيز بن باز :«الجهاد أقسام : بالنفس، والمال، والنادىء، والتوجيه والإرشاد، والإعانة على الخير من أي طريق، وأعظم الجهاد : الجهاد بالنفس، ثم الجهاد بالمال والجهاد بالرأي والتوجيه، والدعوة كذلك من الجهاد، فالجهاد بالنفس أعلاها.»
جهاد الكفار
وجهاد الكفار باليد مر في مراحل متنوعة بحسب الحال الذي كانت عليه أمة الإسلام نطق ابن القيم :
الجهاد باليد للكفار فرض على الكفاية نطق ابن قدامة:
ونطق الشيخ عبد العزيز بن باز :
ويكون جهاد الكفار باليد واجباً متعيناً في أربع حالات : إذا جاء المسلم الجهاد, إذا جاء العدووحاصر البلد, إذا استنفر الإمام الرعية يجب عليها حتى تنفر, إذا احتيج إلى ذلك الشخص ولا يسد أحد مسده إلا هو. يقول الشيخ ابن عثيمين :
الثاني: إذا حصر بلده العدوفيجب عليه القتال دفاعاً عن البلد، وهذا يشبه من جاء الصف في القتال ؛ لأن العدوإذا حصر البلد فلا بد من الدفاع ؛ إذ إذا العدوسيمنع الخروج من هذا البلد، والدخول إليه، وما يأتي لهم من الأرزاق، وغير ذلك مما هومعروف، ففي هذا الحال يجب حتى يقاتل أهل البلد دفاعاً عن بلدهم. الثالث : إذا نطق الإمام انفروا والإمام هوولي الأمر الأعلى في الدولة ولا يشترط حتىقد يكون إماماً للمسلمين ؛ لأن الإمامة العامة انقرضت من أزمنة متطاولة، والنبي صلى الله عليه وسلم نطق: اسمعوا وأطيعوا ولوتأمر عليكم عبد حبشي، فإذا تأمر إنسان على جهة ما صار بمنزلة الإمام العام، وصار قوله نافذاً، وأمره مطاعاً.»
المفهوم العام للجهاد
نطق شيخ الاسلام ابن تيمية مبيناً المفهوم العام للجهاد ما نصه:«فالجهاد تحقيق كون المؤمن مؤمناً، ولهذا روى مسلم في سليمه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه نطق: من توفي ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزوتوفي على شعبة من نفاق، وذلك حتى الجهاد فرض على الكفاية، فيخاطب به جميع المؤمنين عموماً، ثم إذا قام به بعضهم سقط عن الباقين. ولابد لكل مؤمن من حتى يعتقد أنه مأمور به، وأن يعتقد وجوبه، وأن يعزم عليه إذا احتيج اليه، وهذا يتضمن تحديث نفسه بعمله، فمن توفي ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزونقص من إيمانه الواجب عليه بقدر ذلك، فمات على شعبة نفاق.»
وأما بالنسبة للحكم في جهاد العدوين الظاهر والباطن، فقد نطق القاضي ابوبكر بن العربي:«نطق فهماؤنا رضي الله عنهم: جهاد العدوالظاهر فرض من فروض الكفاية وهم الكفار، وجهاد العدوالباطن فرض من فروض الأعيان، وهوالشيطان.» ونطق عبد الله بن عمر:«إن سبيل الله جميع عمل صالح.» وكذلك نطق عباية بن رفاعة: «ادركني أبوعبس وأنا ذاهب إلى الجمعة، فنطق سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمه الله على النار.» نطق بدر الدين ابومحمد العيني:«مطابقته للترجمة من حيث حتى الجمعة تدخل في قوله سبيل الله لأن السبيل اسم جنس مضاف فيفيد العموم، ولأن أبا عبس جعل السعي إلى الجمعة حكم الجهاد.»
وفي سليم مسلم من حديث أبي مالك الأشعري حتى رسول الله صلى الله عليه وسلم نطق:«وانتظار الصلاة إلى الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط» وعن أنس بن مالك نطق:«سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أفضل الشهداء عند الله المقسطون.» وفي السنن حتى النبي صلى الله عليه وسلم نطق:«الساعي على الصدقة بالحق كالمجاهد في سبيل الله.» ولذلك نطق العلامة عبد الرحمن السعدي مبيناً هذا المعنى العام للجهاد:
جهاد النفس
تحدث الفهماء في نوعي الجهاد: الظاهر والباطن، لأهمية النوعين خصوصاً الباطن، حتى لا يمني العبد نفسه بما ليس في تناوله، وهوفي الواقع قد أهلكه وأرداه عدوه الباطن. نطق الحافظ ابن رجب الحنبلي:«وهذا في جهاد العدوالظاهر وهوجهاد الكفار، وكذلك جهاد العدوالباطن، وهوجهاد النفس والهوى، فإن جهادهما من أعظم الجهاد، كما نطق النبي صلى الله عليه وسلم المجاهد من جاهد نفسه في الله.» ونطق عبد الله بن عمر لمن سأله عن الجهاد:«ابدأ بنفسك فجاهدها، وابدأ بنفسك فاغزها.» ونطق بقية بن الوليد:«اخبرنا إبراهيم بن ادهم حدثنا الثقة عن علي بن أبي طالب نطق: أول ما تنكرون من جهادكم جهادكم انفسكم.» ويروى من حديث سعد بن سنان عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم نطق:«ليس عدوك الذي اذا قتلته ادخلك الجنة، واذا قتلته كان لك نوراً، اعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك.»
ونطق ابوبكر الصديق لعمر حين استخلف:
ونطق ابومحمد عبدالله بن ابي مرة:
جهاد الشيطان
وأما جهاد الشيطان فمرتبتان : إحداهما : جهاده على دفع ما يلقي إلى العبد من الشبهات والشكوك القادحة في الإيمان. الثانية : جهاده على دفع ما يلقي إليه من الإرادات الفاسدة والشهوات. فالجهاد الأولقد يكون بعده اليقين والثانيقد يكون بعده الصبر نطق تعالى : وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يُوقِنُونَ فأبلغ حتى إمامة الدين إنما تنال بالصبر واليقين، فالصبر يدفع الشهوات، والإرادات الفاسدة، واليقين يدفع الشكوك والشبهات.
جهاد الفهم
مضى بيان مفهوم الجهاد العام وهوتحقيق كون المؤمن مؤمناً، ومن أعظم ذلك الفهم، فعن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم نطق:«من خرج في طلب الفهم فهوفي سبيل الله حتى يرجع.» ونطق معاذ بن جبل:«تفهموا الفهم فإن تفهمه لله حسنة، وطلبه عبادة ومدارسته تسبيح والبحث عنه جهاد.»
لذلك نطق شيخ الاسلام ابن تيمية معلقا على أثر معاذ «فجعل البحث عن الفهم من الجهاد، ولابد في الجهاد من الصبر.» ونطق أبوالدرداء:«من رأى الغدووالرواح الى الفهم ليس بجهاد فقد نقص عقله ورأيه.» نطق الحافظ ابن رجب الحنبلي:«وكذلك من يشتغل بالفهم، لأنه أحد نوعي الجهاد، فيكون اشتغاله بالفهم كالجهاد في سبيل الله والدعوة إليه..»
ونطق العلامة عبد الرحمن السعدي:«ومن اعظم الجهاد سلوك طريق التفهم والتعليم، فإن الاشتغال بذلك لمن صحت نيته لا يوازيه عمل من الاعمال، لما فيه من احياء الفهم والدين، وارشاد الجاهلين، والدعوة الى الخير والنهي عن الشر، والخير الكثير الذي لا يستغني العباد عنه.» ونطق العلامة محمد العثيمين:«إن المتفقهين في دين الله يوازون تماما المجاهدين في سبيل الله.»
فالمتفقه في دين الله وهويتصفح خطه ويحضر الى مجالس الفهم هوكالذي يتفقد قوسه ورمحه مجاهدا في سبيل الله. والذي يعرض بصره وفكره وقلبه لادراك المسائل الفهمية كالذي يعرض رقبته لأعداء الاسلام ليقاتلهم اعداء الاسلام حتى تكون حدثة الله هي العليا، ولست اقول ذلك مجازفة اومحاباة لكم، ولكني اقول ذلك مستندا الى كتاب الله عز وجل، فقد نطق الله تبارك وتعالى وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ فاللام في قوله (ليتفقهوا في الدين) ليست تعليلا للفرقة النافرة، ولكنها تعليل للفرقة الباقية (ليتفقهوا) أي القاعدون الذين لم ينفروا للجهاد، (ولينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم لعلهم يحذرون)، فأنتم الآن ومن في ميدان القتال سواء.
جهاد التعليم
القيام بالفهم وتحصيله ونشره هي وظيفة المرسلين وهوأفضل أنواع الجهاد، ولا شيء يعدل هذه الوظيفة، فضلاً عن حلاوتها التي يجدها القائمون بها. وكلام السلف كثير في تقرير هذا الأصل، نطق أبوهريرة رضي الله عنه «لأن أفهم بابا من الفهم في أمر ونهي أحب إلي من سبعين غزوة في سبيل الله.» وعن يحيى بن أبي كثير الأزدي نطق:«سألت ابن عباس رضي الله عنهما عن الجهاد، فنطق: ألا أدلك على خير من الجهاد،يا ترى؟ فقلت: بلى، نطق: تبني مسجداً، وتفهم فيه الفرائض والسنة والفقه في الدين.»
ونطق الحسن البصري:«ما من شيء مما خلق الله أعظم عند الله في عظيم الثواب من طلب فهم، لا حج، ولا عمرة، ولا جهاد، ولا صدقة، ولا عتق، ولوكان الفهم صورة لكانت صورته أحسن من صورة الشمس والقمر والنجوم والسماء والعرش.» ونطق مسروق:«لأن أقضي يوما بحق أحب إلي من حتى أغزوسنة في سبيل الله عز وجل.»
ونطق الإمام الشافعي:«ليس بعد الفرائض شيء أفضل من طلب الفهم، قيل له: ولا الجهاد في سبيل الله،يا ترى؟ نطق: ولا الجهاد في سبيل الله.» ونطق ابن المبارك لأصحابه وهوفي الغزو«هل تفهمون عملاً أفضل من هذا،يا ترى؟ نطقوا: لا نفهمه، نطق: بلى أنا أفهمه، رجل متعفف محترف أبوعيال، قام من الليل، فوجد صبيانه مكشفين فغطاهم، وثار إلى صلاته.»
وهذه النقولات الكثيرة دالة على توافق أئمة السلف في فهم مقاصد الشريعة، ومن أعظم الأدلة على تفضيل الفهماء على الشهداء، قوله تعالى (ومن يُطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا)، فقد جعل الله منزلة الفهماء فوق منزلة الشهداء في الجنة، والعلامة ابن بطال لما ساق قوله عليه السلام في جوابه لما سئل: أي الناس أفضل،يا ترى؟ فنطق عليه السلام «مؤمن يجاهد في سبيل الله علق بقوله: ليس على عمومه، ولا يريد أنه أفضل الناس قاطبة، لأن أفضل منه من أوتي منازل الصديقين، وحمل الناس على شرائع الله وسنن نبيه، وقادهم إلى الخيرات، وسبب لهم مسببات المنفعة في الدين والدنيا، لكن إنما أراد عليه السلام أفضل عامة الناس، لأنه قد يحدث في خاصتهم من أهل الدين والفهم والفضل والضبط بالسنن من هوأفضل منه.»
ونطق ابن بطال مبينا فضل الفهماء على المجاهدين والشهداء:
ونطق أبوالعباس القرافي في وجه تفضيل الفهماء على الشهداء:«بسبب طاعة الفهماء لله بضبط شرائعه، وتعظيم شعائره التي من جملتها الجهاد، وهداية الخلق إلى الحق، وتوصيل معالم الأديان إلى يوم الدين، ولولا سعيهم في ذلك من فضل الله تعالى لانبتر أمر الجهاد وغيره، ولم يبق على وجه الأرض من يقول: الله، وكل ذلك من نعمة الله تعالى عليهم.»
جهاد الدعوة
الذب عن السنة وحراسة العقيدة، ورد بدع وضلالات اهل الاهواء، ونفي انتحال الغالين وتأويل الجاهلين افضل انواع الجهاد، والسر في ذلك ان الذب عن السنة حفظ رأس مال الاسلام،وهومقدم على قتال المشركين لان فيه طلب كسب في الاسلام، كما نطق الوزير ابن هبيرة. ونطق محمد بن يحيى الذهلي:«سمعت يحيى بن معين يقول: الذب عن السنة أفضل من الجهاد في سبيل الله، فقلت ليحيى: الرجل ينفق ماله، ويتعب نفسه، ويجاهد، فهذا افضل منه؟! نطق: نعم، بكثير.»
ونطق شيخ الاسلام ابن تيمية :«من الحكايات المشهورة التي بلغتنا حتى الشيخ أبا عمروبن الصلاح أمر بانتزاع مدرسة معروفة من أبي الحسن الأمدي، ونطق: أخذها منه أفضل من أخذ عكا.ن» نطق الشيخ حامد الفقي معلقا «من الافرنج أيام احتلالهم لبعض بلاد الشام ومصر في المائة السادسة.»
ونطق ابن القيم:
ونطق العلامة عبد الرحمن السعدي مقرراً هذا الأصل:
ونطق ابن حزم مبيناً المفاضلة بين أنواع الجهاد :
وبقى القسم الثاني، وهوالرأي والمشورة، فوجدناه خالصاً لأبي بكر ثم لعمر. بقي القسم الثالث وهوالطعن والضرب والمبارزة فوجدناه أقل مراتب الجهاد، ببرهان ضروري، وهوحتى رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ريب عند جميع مسلم في أنه المخصوص بكل فضيلة فوجدنا جهاده صلى الله عليه وسلم إنما كان في أكثر أعماله وأحواله بالقسمين الاولين من النادىء إلى الله عز وجل والتدبير والإرادة وكان أقل عمله الطعن والضرب والمبارزة لاعن جبن، بل كان أشجع أهل الأرض قاطبة نفساً ويداً، واتمهم نجدة، ولكنه كان يؤثر الأفضل فالأفضل من الأعمال، فيقدمه ويشتغل به، ووجدناه يوم بدر وغيره كان ابوبكر لا يفارقه إيثاراً من النبي صلى الله عليه وسلم له بذلك واستظهاراً برأيه في الحرب، وأنسا بمكانه، ثم كان عمر من الممكن شورك في ذلك، وقد انفرد بهذا الحل دون علي ودون سائر الصحابة إلا في الندرة.
ثم نظرنا مع ذلك في هذا القسم من الجهاد، الذي هوالطعن والضرب والمبارزة، فوجدنا عليا لم ينفرد بالسيوف فيه، بل قد شاركه فيه غيره شركة العيان، كطلحة والزبير وسعد، ومن اغتال في صدر الإسلام كحمزة، وعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب، ومصعب بن عمير، ومن الأنصار سعد بن معاذ، وسماك بن خرشة، يعني أبا دجانه، وغيرهما، ووجدنا أبا بكر قد شاركاه في ذلك بحظ حسن، وأن لم يلحقا بحظوظ هؤلاء وإنما ذلك لشغلهما بالافضل من ملازمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومؤازرته في حين الحرب، وقد بعثهما على البعوث أكثر مما بعث عليا، وقد بعث أبا بكر إلى بني فزارة وغيرهم، وبعث عمر إلى بني فلان، وما نفهم لعلي بعثاً إلا إلى بعض حصون خيبر ففتحه. فحصل أحمل الجهاد لأبي بكر وعمر، وقد شاركا علياً في أقل أنواع الجهاد مع جماعة غيرهم.»
انظر أيضاً
- الخليفة
- الأحكام السلطانية
المصادر
- ^ حكم الجهاد وأنواعه بقلم الشيخ محمد صالح المنجد.
- ^ ما هوالجهاد ? بقلم حمدي شفيق.
- ^ انظر (الأسرار المرفوعة) للملا على القارى/الحديث رقم 480، 481 / طبعة دار الخط الفهمية ببيروت 1405هـ . وانظر في معنى الجهاد : الدكتور عبد الحليم محمود شيخ الأزهر الأسبق - الجهاد ط دار المعارف المصرية.
- ^ تفسير ابن كثير (3/337).
- ^ تفسير ابن كثير (4/393).
- ^ مسلم (فى الإيمان / ص 70) - وقد عدد الإمام ابن القيم 14 مرتبة من مراتب الجهاد- انظر : زاد المعاد .
- ^ متفق عيه : البخارى (10/403) ومسلم (4/1975) .
- ^ البخارى في النفقات (7/80) الحلبى بمصر .
- ^ رواه الترمذي (3270) وحسنه الألباني.
- ^ بقلم أ. د. حامد بن أحمد الرفاعي, الأمين العام المساعد لمؤتمر العالم الإسلامي, رئيس المنتدى الإسلامي العالمي للحوار, من كتابه (شركاء... لا أوصياء) الفصل الثاني
- ^ رواه مسلم ( 1910)
- ^ انتهى من زاد المعاد ( ثلاثة /تسعة – 11 ).
- ^ فتاوى الشيخ ابن باز (سبعة / 334 ، 335 ).
- ^ زاد المعاد ( ثلاثة / 159 ).
- ^ المغني (تسعة / 163 ).
- ^ فتاوى الشيخ ابن باز (سبعة / 335 ).
- ^ انتهى من الشرح الممتع (ثمانية /10 )
- ^ جامع المسائل (361/9)
- ^ القبس في شرح موطأ مالك (579/2).
- ^ رواه البخاري في الادب المفرد 192/1 واسناده حسن.
- ^ رواه البخاري كتاب الجمعة باب المشي الى صلاة الجمعة 453/2
- ^ وكذلك رواه في كتاب الجهاد باب من غبرت قدماه في سبيل الله 29/.6
- ^ رواه ابونعيم في فضيلة العادلين من الولاة ص130
- ^ ونطق السخاوي: رجاله ثقات الا سعيد بن بشير فهوصدوق
- ^ الرياض الناضرة والحدائق النيرة الزاهرة ص 183ـ.2.182
- ^ جامع العلوم والحكم (460ـ489/1) باختصار.
- ^ بهجة النفوس (71ـ70/2).
- ^ رواه الترمذي (29/5).
- ^ رواه ابن عبدالبر في جامع بيان الفهم وفضله ص .94
- ^ مجموع الفتاوى (39/10).
- ^ رواه ابن عبدالبر في جامع بيان الفهم وفضله ص .60
- ^ الحكم الجديرة بالاذاعة (244/1) مجموع رسائل ابن رجب
- ^ الفتاوى السعدية ص.45
- ^ وصايا وتوجيهات لطلبة الفهم (176/175/1).
- ^ الفقيه والمتفقة (16/1)
- ^ جامع بيان الفهم وفضله ص60، ص.105
- ^ مجموع رسائل ابن رجب (36/1).
- ^ مصنف ابن ابي شيبة (540/4).
- ^ المدخل إلى السنن ص.310
- ^ شرح حديث جبريل لشيخ الإسلام ابن تيمية ص.610
- ^ شرح سليم البخاري (8ـ7/5).
- ^ شرح سليم البخاري (50ـ49/5).
- ^ الفروق (375/2).
- ^ الافصاح عن معاني الصحاح «280/1».
- ^ سير اعلام النبلاء «518/10».
- ^ قض المنطق ص 156
- ^ جلاء الافهام ص 582ـ.581
- ^ وجوب التعاون بين المسلمين ص 8ـ.7
- ^ الفصل في الملل والاهواء والنحل «211/4 ـ 212».
وصلات خارجية
- ما الجديد في جهاد القرضاوي، راشد الغنوشي، الفهم، الجزيرة نت، 20 سبتمبر 2009م
- الجهاد أنواعه وضوابطه منطق بقلم الشيخ سعد البريك.