دار فور

نزاع دارفور
الجدول الزمني
الإستجابة الدولية
الإتحاد الأفريقي
المقاتلون
حركة تحرير السودان
حركة العدل والمساواة
الجنجاويد
منطقات أخرى
تاريخ دارفور
     

دار فور منطقة في غرب السودان، وسميت بهذا الاسم تيمناً بشعب "الفور" الذين كان لهم سلطنة فيها قبل الاستعمار الإنجليزي. ومن أكبر مدنها الفاشر وجنينة. ويتمثل سكانها من العرب، الفور، ماساليت، زغاوة وغيرهم. ونشبت فيها حرب في 2003، ولا تزال الحرب مستمرة.

تقدر مساحة دارفور بخمس مساحة السودان، وتحد الإقليم ثلاث دول: من الشمال ليبيا ومن الغرب تشاد ومن الجنوب الغربي أفريقيا الوسطى، فضلا عن متاخمته لبعض الأنطقيم السودانية مثل بحر الغزال وكردفان من الشرق.

والغالب على إقليم دارفور كثرة المرتفعات الجبلية وأهمها جبل مرة حيث يوجد أكثر الأراضي الدارفورية خصوبة. كما ينقسم الإقليم إداريا إلى ثلاث مناطق: شمال دارفور وعاصمته مدينة الفاشر، وجنوب دارفور وعاصمته مدينة نيالا، وغرب دارفور وعاصمته مدينة الجنينة. وتكثر في منطقة دارفور غابات الهشاب الذي يثمر الصمغ العربي فضلا عن حقول القطن والتبغ في الجنوب الغربي من الإقليم. وتتم في بعض مناطقه زراعة القمح والذرة والدخن وغيرها. ويمتاز دارفور بثروة حيوانية كبيرة قوامها الإبل والغنم والبقر. وقد تضررت هذه الثروة عندما ضرب الجفاف الإقليم في بداية السبعينات. وفضلا عن الحيوان والزراعة فإن بالإقليم معادن وبترول.

الجغرافيا

منطقة جنوب دارفور، شرق السودان
منطقة أبيي، صورة جوية أثناء زيارة مبعوث مهمة الأمم المتحدة الانسانية للسودان جون هملس، في 27 نوفمبر، 2008
إمرأة تسير وسط الأكواخ والمباني المتهدمة في منطقة أبيي، في 27 نوفمبر، 2008

تتميز دارفور ذات المساحة الكبيرة والتي تبلغ ضعف مساحة مصر، بالتنوع في مناخها، ومن ثم التنوع فيما تخرجه الأرض من نبات، وما تختزنه من ثروات، وما ينشأ عليها من بشر (بدارفور حوالي 160 قبيلة)؛ لهذا كان مدخل الجغرافيا ضروريا في رسم الصورة الذهنية المتكاملة.

وتقع دارفور في أقصى الجزء الغربي من السودان بين خطي عرضعشرة و16، وخطي طول 22/27,30 شرقا، وتحدها من الشمال ليبيا، ومن الغرب تشاد، ومن الجنوب الغربي جمهورية أفريقيا الوسطى، ومن الجنوب نهر بحر العرب وشمال غرب بحر الغزال، ومن الشرق كثبان كردفان، ومن الشمال الشرقي الإقليم الشمالي.

ويوجد بها ثلاثة مناخات تقريبا، وهي: المناخ شبه الصحراوي في الشمال، ومناخ شبه البحر المتوسط في منطقة جبل مرة الذي يصل ارتفاعه عشرة آلاف قدم فوق سطح البحر، وفي الجنوب والجنوب الغربي تنموحشائش السافانا.

وتبلغ مساحة دارفور حوالي (510,888) كيلومترا مربعا، أي ما يعادل خمس مساحة السودان، كما حتى تعداد سكانها يعادل ربع عدد سكانها، ويسكن حوالي 75% من سكان دارفور في الريف، و15% من الرعاة، و10% يسكنون المدن.

وتكثر بدارفور الجبال، فتتوسطها سلسلة جبال مرة، وهي أعلى هضبة في السودان، كذلك يوجد بها عدة جبال أخرى منها: "جبل الميدوب"، و"جبل أبوقران"، و"جبل تقابو"، و"جبل فشار"، و"جبل أم كردوس"، و"جبال الداجو".

ويوجد بها نهر بحر العرب الذي يصب في نهر بحر الغزال، وروافده المتعددة، وبحيرة كندي، إضافة إلى عدد من عيون الماء العذبة، ويوجد بها عدد من الوديان.


التاريخ

تاريخياً، لطالما كانت التوترات الكامنة والظاهرة بين المزارعين والرعاة، والأفارقة والعرب، حاضرة ومقبولة في دارفور، يفاقمها التنافس المديد على المراعي، والأرض الزراعية، والمياه حيث يمكن للنزاعات الكلامية حتى تتحول بسرعة إلى عنف متفجّر. ولقد غدت النزاعات على الموارد الشحيحة حادّة على نحوخاص خلال الجفاف العالمي الكبير في ثمانينيات القرن العشرين الذي سرّع تصحّر شمال دارفور ووسطها. وهذا ما خلق ضغوطاً هائلة على موارد المياه والمراعي المحدودة حين تحرّك بدوالجمال باتجاه الجنوب يحثاً عن كليهما.

ولقد تفاقم التنافس الإفريقي- العربي داخل دارفور مزيداً من التفاقم بعمل خارجي تمثّل بما مارسه أولاد البحر (والبحر هنا يعني نهر النيل) من احتقار وتفرقة ضد أولاد الغرب. فالخلافات البيّنة بين أولئك السودانيين الذين يعيشون في قرى، وبلدات، ومدن تمتد على طول النيل وبين أولئك الذين يعيشون في الأرياف ما وراء النهر هي خلافات قديمة وحاضرة، عميقة أشد العمق على الرغم من الصمت الشديد الذي يكتنفها. ولقد تفاقم التحيّز الإثني والثقافي ضد أولئك السودانيين الذين يعيشون في المحيط أوالهامش مزيداً من التفاقم بسبب نموذج الحكم الذي أقامه أولاد البحر في السودان، حيث يشكّل نطاق سيطرتهم محيطاً لا يبعد سوى بضعة مئات من الميال عن ملتقى النيلين، وحيث تقلّ سلطتهم حدثا ابتعدنا عن الخرطوم.

دارفور والنزاع

كثيرا ما عهد إقليم دارفور صراعات بين الرعاة والمزارعين تغذيها الانتماءات القبلية لكل طرف، فالهجريبة القبلية والنزاع على الموارد الطبيعية الشحيحة كانت وراء أغلب النزاعات، وغالبا ما يتم احتواؤها وتسويتها من خلال النظم والأعراف القبلية السائدة.

ففي عام 1989 شب نزاع عنيف بين الفور والعرب، وتمت المصالحة في مؤتمر عقد في الفاشر عاصمة الإقليم. ونشب نزاع ثان بين العرب والمساليت غرب دارفور عامي 1998 و2001، وتم احتواؤه باتفاقية سلام بين الطرفين وإن كان بعض المساليت آثر البقاء في تشاد.

ويمثل إقليم دارفور نظرا لحدوده المفتوحة ولمساحته الشاسعة ولوجود قبائل عديدة لها امتدادات داخل دول أفريقية أخرى، منطقة صراع مستمر. وقد تأثرت المنطقة بالصراع التشادي-التشادي والصراع التشادي-الليبي حول شريط أوزوالحدودي، وبالصراعات الداخلية لأفريقيا الوسطى فراجت في إقليم دارفور تجارة السلاح، كما تفاعلت قبائل الإقليم مع تلك الأزمات ويعتبر دارفور قاعدة تشاد الخلفية فجميع الانقلابات التي حدثت في هذا البلد الأفريقي تم تدبيرها -حسب المصادر التي رجعنا إليها- من دارفور، ما عدا أول انقلاب أطاح بفرانسوا تمبلباي الذي كان أول رئيس لتشاد بعد استقلالها عن فرنسا. فالإطاحة بالرئيس فيليكس مالوم أوغوكوني عويدي ونزاع حسن حبري مع الرئيس الحالي إدريس ديبي ارتبط بإقليم دارفور الذي كان االقاعدة الخلفية للصراعات التشادية الداخلية.

ويشكل الإقليم نقطة تماس مع ما يعهد بالحزام الفرنكفوني (تشاد، النيجر، أفريقيا الوسطى، الكاميرون) وهي الدول التي كانت تحكمها فرنسا أثناء عهد الاستعمار، لذلك يسهل -حسب المراقبين- فهم الاهتمام الفرنسي بما يجري في الإقليم في الوقت الراهن. وكانت دارفور في السابق مملكة إسلامية مستقلة تَعاقب على حكمها عدد من السلاطين، كان آخرهم السلطان علي دينار، وكان للإقليم عملته الخاصة وعلَمه، ويحكم في ظل حكومة فيدرالية يحكم فيها زعماء القبائل مناطقهم، وكانت هذه الفيدراليات مستقلة تماما حتى سقطت في الحقبة الهجرية. وقد اتجه أهل دارفور خلال الحكم الهجري الذي استمر نحوعشرة سنوات لأسلوب المقاومة، وشكل الأمراء والأعيان حكومات ظل كانت مسئولة عن قيادة جيش دارفور الموحد الذي كان يشن عمليات المقاومة ضد الجيش الهجري. كما شهد الإقليم عدة ثورات؛ من أشهرها ثورة السلطان هارون التي دحرها غردون باشا عام 1877، وثورة مادبوبمدينة الضعين، وثورة البقارة. وعند اندلاع الثورة المهدية سارع الأمراء والزعماء لمبايعة المهدي ومناصرته حتى نالت استقلالها مجددا. ولم يدم استقلال الإقليم طويلا؛ حيث سقط مجدداً تحت حكم المهدية عام 1884 الذي عثر مقاومة عنيفة حتى سقطت المهدية عام 1898، فعاد السلطان علي دينار ليحكم دارفور. وعند اندلاع الحرب العالمية الأولى أيد سلطان دارفور هجريا التي كانت تمثل مركز الخلافة الإسلامية؛ الأمر الذي أغضب حاكم عام السودان، وأشعل العداء بين السلطنة والسلطة المركزية، والذي كانت نتيجته الإطاحة بسلطنة دارفور وضمها للسودان عام 1917.

وقد تأثر إقليم دارفور -كما يقول المحرر مأمون الباقر- بالثقافة الإسلامية قبل دخول المستعمرين؛ فأقيمت المدارس الدينية لتعليم القرآن والشريعة الإسلامية، وتم إرسال الكثير من أبناء الإقليم إلى الدراسة في الأزهر الشريف؛ حيث خصص "رواق دارفور" منذ تلك الفترة، كما كانت هناك نهضة ثقافية وفكرية ساهمت في تلاحم القبائل. ومما يذكره التاريخ عن السلطان علي دينار أنه كان يكسوالكعبة المشرفة سنويا، ويوفر الغذاء لأعداد كبيرة من الحجاج فيما يعهد عند سكان الإقليم بـ"قدح السلطان علي دينار" أو"أبيار علي". وقد مرت على إقليم دارفور الكثير من التطورات والتدخلات التي أثرت على اختلاف ثقافات المنطقة وتنوع أعراقه، خصوصا مع توطن قبائل من الرحل من غير سكان الإقليم، ومع ظهور الدول الأفريقية نتيجة التقسيم الجغرافي وتعاظم الصراعات المسلحة في المنطقة بدأت تظهر أنواع من الانعزال المكاني والانعزال الاجتماعي والانعزال الفكري. وأضحى أكثر من 85% من الصراعات القبلية في السودان يدور في دارفور.. تلك المنطقة التي تمتد على مساحة 510 ألف كيلومتر، ويبلغ عدد سكانها ما يقاربستة ملايين نسمة وساهم في تصاعد هذه الحروب والصراعات المسلحة عدة أمور إضافة إلى الهجريبة القبلية التي تتحرك في فضائها الأحداث الدامية في الفاشر والجنينة وقولووكرنوي؛ بحيث يمكن القول بأن ما وقع نتيجة أخطاء بشرية وتدخل خارجي. فليس سرا حتى إدخال السلاح بكميات كبيرة لهذه المنطقة الملتهبة في الكثير من الصراعات الداخلية (للقاءة حركة التمرد الجنوبية)، وفي الصراعات الخارجية (القتال في تشاد وأفريقيا الوسطى) أدى لانتشار تجارة السلاح في المنطقة. وهناك رواية عن أول دفعة من السلاح دخلت دارفور بكميات كبيرة؛ حيث : "الجبهة الوطنية التي كانت تقود المعارضة ضد حركة مايوبزعامة الرئيس جعفر نميري أدخلت كمية كبيرة من السلاح.. عندما كانت تعد لانتفاضة 2 يوليو1976م.. وقد خزنت هذا السلاح في 20 حفرة بوادي هور على مسافة بضعة كيلومترات من بئر مواطن كباشي يدعى ود الفضل.. تقع في وادي هور.. هذا السلاح تسرب لدارفور عندما بدأ الحوار بين الجبهة والنظام حول المصالحة يومها.. ولتأكيد حسن نيتها وجديتها أهدت الجبهة الوطنية هذا السلاح للجيش وأرشدت على مكانه.. وبالعمل مضىت قوة من الجيش -القيادة الغربية بالفاشر- لإحضار ذلك السلاح، ولكنها وجدت بعض الحفر أخليت، وأخذ منها السلاح، ومضى لأيادي المواطنين من أبناء دارفور.. وكانت هذه هي بداية انتشار السلاح في دارفور. أما الدفعة الثانية من السلاح التي دخلت دارفور فقد اتىت مترتبة على النزاعات التشادية؛ حيث كانت دارفور مسرحا ومعبرا للسلاح بين الخصماء والجهات الداعمة لهم.. بل إذا التداخل القبلي في المناطق الحدودية وعدم وجود موانع طبيعية للفصل بين البطون السودانية وغيرها شجع الكثير من القبائل الحدودية المشهجرة على العبور إلى داخل الأراضي السودانية لنصرة فروع القبيلة، والوقوف معها في صراعاتها ضد القبائل الأخرى. ويقول مؤرخون سودانيون: إذا تسليح المليشيات العربية من المسيرية والرزيقات منذ عام 1986م من قبل حكومة الصادق المهدي "بهدف لقاءة تمدد حركة جارانج"، واستمرار التسليح في عهد الرئيس البشير للقاءة التمرد في جنوب السودان قد ساهم أيضا بصورة كبيرة في انفلات الأمن في دارفور.


القبائل في دارفور

أولاد أجبروا على رعاية الماشية طوال اليوم، جنوب دارفور

تنقسم القبائل في دارفور إلى "مجموعات القبائل المستقرة" في المناطق الريفية مثل: "الفور" و"المساليت" و"الزغاوة"، و"الداجو" و"التنجر" و"التامة"، إضافة إلى "مجموعات القبائل الرحل" التي تتنقل من مكان لآخر، ووفدت للمنطقة مثل: "أبالة" و"زيلات" و"محاميد" و"مهريه" و"بني حسين" و"الرزيقات" و"المعالية". وغالبية سكان دارفور مسلمون "سنّة".

وغالبية القبائل المستقرة من الأفارقة، ويتحدثون لغات محلية بالإضافة للعربية، وبعضهم من العرب، أما غالبية قبائل الرحل فهم عرب ويتحدثون اللغة العربية، ومنهم أيضا أفارقة. وقد عاش الرحل والمجموعات المستقرة وشبه الرعوية والمزارعون في دارفور في انسجام تام منذ قديم الزمان، وهناك علاقات مصاهرة بينهما، واعتادت مجموعات الرحل التنقل في فترات الجفاف إلى مناطق المزارعين بعد جني الثمار، وهذه العملية يتم تنظيمها في اتفاقيات محلية بين القبائل، وإن لم يخلُ الأمر -في أوقت الجفاف والتصحر- من بعض المناوشات المتكررة بين الرحل والمزارعين في نطاق ضيق، سرعان ما كان يجري حلها. ولم يسمع أحد حتى الاختلافات الإثنية والثقافية بين هذه المجتمعات التي تم استغلالها بصورة واسعة في هذا الصراع كان لها دور في أي خلافات بين مجموعتي القبائل المتنوعة؛ حيث كان يتم حل النزاعات في مؤتمرات قبلية تنتهي بتوقيع اتفاقيات المصالحة بين أطراف النزاع، غير حتى النزاعات والحروب القبلية اتسعت بصورة كبرى مع الوقت، وتشعب النزاع، وتدخلت أطراف دولية وإقليمية.

ففي 1989 اندلع نزاع عنيف بين الفور (أفارقة) والعرب، وتمت المصالحة في مؤتمر عقد في الفاشر؛ مما أخمد النزاع مؤقتا، ورعى اتفاقيةَ الفاشر -التي أنهت الصراع- الرئيسُ السوداني الحالي عمر البشير الذي كان قد تولى الحكم عام 1989 بعد انقلابه على النظام القائم في الخرطوم آنذاك. كما اندلع صراع قبلي آخر بين العرب والمساليت في غرب دارفور بين عامي 1998-2001؛ مما أدى إلى لجوء كثير من المساليت إلى تشاد، ثم سقطت اتفاقية سلام محلية مع سلطان المساليت عاد بموجبها بعض اللاجئين فيما آثر البعض البقاء في تشاد.

ميليشيا الجنجاويد

صورة بالقمر الصناعي للقرى التي تم تدميرها في اقليم دارفور، غرب السودان.

حدثة "جنجاويد" مكونة من ثلاثة مقاطع هي: "جن" بمعنى رجل، و"جاو" أو"جي" ويقصد بها حتى هذا الرجل يحمل مدفعا رشاشا من نوع "جيم 3" المنتشر في دارفور بكثرة، و"ويد" ومعناها الجواد.. ومعنى الحدثة بالتالي هو: الرجل الذي يركب جوادا ويحمل مدفعا رشاشا وهؤلاء غالبا ما يلبسون ثيابا بيضاء مثل أهل السودان، ويركبون الخيل، ويهاجمون السكان والمتمردين معا في دارفور، وهناك روايات عن نهبهم أهالي دارفور، واستهدافهم قبيلة الزغاوة الأفريقية التي خرج منها أحد زعماء حركات التمرد في دارفور، وعن مطاردتهم في الوقت نفسه للمتمردين على حكومة الخرطوم. وعلى حين تتهم حركات التمرد الثلاثة في دارفور ووكالات الإغاثة الدولية الجنجاويد بأنهم أعوان الحكومة وتابعوها، وأنهم عرب يشنون هجمات عنيفة على الأفارقة السود من قبائل الفور والمساليت والزغاوة.. تنفي الحكومة السودانية ذلك بشدة، وتقول: إنها لا ولاية لها عليهم، وإنهم يهاجمون قواتها أيضا. وينسب إلى هذه الميليشيات أنها تقوم بعمليات اغتال واغتصاب وتشويه ونهب وإحراق عشرات الآلاف من البيوت، وتشريد مئات الآلاف من الأشخاص، وينطق: إذا عددهم صغير جدا، من الممكن بضعة آلاف، لكنهم مسلحون تسليحا جيدا بالرشاشات ويركبون الخيل والجمال، وأن هدفهم من مهاجمة القبائل الأفريقية هوطردهم من بيوتهم، وإجبارهم على التخلي عن موارد المياه والمراعي المهمة للقبائل الرحل ذات الأصول العربية. وينطق: إذا الجنجاويد يعيشون على الرعي، وإنهم تعرضوا لضرر كبير بسبب التصحر الذي قلل من موارد المياه والمراعي في دارفور بشكل ضخم، وإنهم يهاجمون رجال القبائل الأفريقية؛ لأن منهم يخرج العدد الأكبر من مقاتلي حركات التمرد: جيش تحرير السودان وحركة العدالة والمساواة اللتين تمثلان المجموعتين المتمردتين الرئيسيتين في دارفور، وإن هدفهم بالتالي هوالقضاء على التمرد من خلال ضرب هذه القبائل.

بداية الأزمة

إمرأة تحاول تهدئة طفلها في مخيم أبوشوق للاجئين بالقرب من الفاشر، دارفور، السودان، 25 اغسطس 2008.
مخيم كساب كوتم، شمال دارفور، السودان، 27 مارس 2007.
إمرأةوطفلتها في خيمتهم بمخيم سكالي للاجئين، نيالا، دارفور، السودان، فبراير 2007.


وعندما استولى عمر حسن البشير وضباطه الإسلاميين على السلطة في 30 حزيران 1989، أسّسوا قوات الدفاع الشعبية التي تتألف من حوالي 150000 من المجنّدين لحماية ثورة 30 حزيران وقمع التمرد في الجنوب، حيث حلّت هذه القوات أساساً محلّ الجيش بوصفها أداة فرض الإسلام في السودان. غير أنّ هؤلاء الرعاع المسلحين، شأنهم شأن البقايا الواهنة والفاسدة من القوات المسلحة السودانية، لم يُدَرّبوا، أويُجَهّزوا، أويُحَفّزوا على القتال في الغرب شبه الصحراوي أوفي مناطق المستنقعات والغابات المطرية في الجنوب. ولذلك، حين أعرب جيش تحرير السودان وحركة العدالة والمساواة عن تمرّدهما في دارفور في آذار 2003 وراحا يحققان الفوز بعد الآخر، اضطر عمر حسن البشير إلى تسليح عرب البقّارة، الذين دعيت زمرهم غرب دارفور باسم الجنجويد، أوالبشمركة.

ومن الأمور الدقيقة والحاسمة في فهم هذه الجبهة من جبهات الإسلام ما عزم عليه النظام الثوري في الخرطوم من فرض الثقافة واللغة العربيتين، والإسلام المقاتل كأساس للمجتمع السوداني، على الرغم من أنّ الذين يدّعون أصولاً عربية لا يشكّلون سوى أقلّ من نصف السودانيين، وعلى الرغم من أنّ ثلث السودانيين هم غير مسلمين. لقد نكأت حماسة البشير وجبهته الوطنية الإسلامية (المؤتمر الوطني الآن) للمركزية العربية جراحاً قديمة وعميقة في المجتمع السوداني. ففرض التعريف الإيديولوجي الإسلامي والعرقي على من هو" عربي " ومن هوأزرق، أوأسود، أوعبد (في نعت أشد احتقاراً) للتمييز بين العرب والأفارقة خلق نوعاً من التراجيديا الرهيبة التي تبرّر اغتال أولئك المهمّشين، واغتصابهم، واسترقاقهم دون حتى تبدي الحكومة أيّ اهتمام أومبالاة.

ففي صيف العام 2003، بدأ 5000 من الجنجويد ، تدعمهم الحكومة بطائرات الهيلوكوبتر، عملية تطهير للفور، والمساليت، والزغاوة بطريقة نموذجية واحدة، حيث يُقتَل الرجال، وغالباً ما يُمَثّل بهم، وتُغتَصب النساء، ويُساء للأطفال في بعض الأحيان. أما القرى فتُحرَق، ويتم الاستيلاء على المواشي، وتُضرم النار في الحقول، وتُدَمّر البنية التحتية- من آبار، وأعمال سقاية، ومدارس، وعيادات- بطريقة منهجية بغية دفع الأفارقة خارج أرض أجدادهم. فالتطهير العرقي في دارفور يعني إخلاء الأرض للاستعمار العربي. وفي صيف 2004، حصد التطهير العرقي وإخلاء الأرض من الأفارقة 50000 من الأرواح على أقلّ تقدير، وأجبر مليوناً من البشر على هجر أرضهم والتشرّد داخل البلاد، كما أوفد 20000 إلى مخيمات اللاجئين في تشاد التي يدعم رئيسها، إدريس ديبي، نظام الخرطوم ذلك الدعم الثابت العنيد. ومن المتوقّع حتى يموت حوالي 350000 من أهل دارفور خلال الأشهر التسعة القادمة من جرّاء المجاعة والسقم حيث جعل الجنجويد من المحال عليهم حتى يقوموا بأعمالهم الزراعية قبل الأمطار الصيفية.

أحد أفراد جيش تحرير السودان، في صحراء غرب الفاشر، السودان،ثمانية نوفمبر 2004

لقد تمثّلت ردّة عمل المجتمع الدولي بالقلق، والغضب، والإحباط. فمع تبيان عشرات التقارير الموثوقة لهول التطهير العرقي الحاصل، وبالترافق مع الذكرى العاشرة للإبادة في رواندا، تحوّل خوف المجتمع الدولي المتنامي على أهل دارفور إلى ضَرْب من الغضب. وبرزت مطالبات كثيرة لاعتبار الكارثة في دارفور نوعاً من " الإبادة " التي تقتضي، بحسب المعاهدات، تدخّلاً عنيفاً بموافقة الأمم المتحدة أومن دون موافقتها. وقد تحول الغضب إلى إحباط مع مراوغة الحكومة السودانية، وإنكارها المفضوح. ومحاولتها التملص من الجهود التي بذلتها المنظمات الإنسانية، وتجاهلها مطالبة هذه المنظمات نزع أسلحة الجنجويد، الذين لم تستطع السيطرة عليهم لكنهم يمثلون تعريب دارفور الإفريقية. ولقد حدّ العراق، والانتخابات الأمريكية، ومصالح فرنسا والصين في السودان من احتمال التدخّل العسكري من قبل الولايات المتحدة، أوالاتحاد الأوربي، أوالأمم المتحدة، أوالاتحاد الإفريقي، الذي لا يحوز من الموارد اللازمة لمثل هذا التدخّل سوى التصريحات التقيّة الورعة.

روبرت كولينز أستاذ التاريخ المتقاعد في جامعة كاليفورنيا سانتا بربارة. كانت أول زيارة له إلى السودان عام 1956 وقد خط ذلك الحين الكثير عن السودان، وجنوبه، وعن النيل.


الأزمة الإنسانية

لقد تعهّد المجتمع الدولي منذ فترة مبكرة بأن يقدّم العون إلى السودان. لكننا لم نتلقّ إلى الآن سوى حوالي 37% ممّا تقرّر تقديمه، وقد اتى 25% منه من برنامج المعونة الأمريكي. ولذلك فإنّ مساهمة المجتمع الدولي محدودة على الرغم من صيحات الاحتجاج والتذمّر.

وفي الوقت ذاته، فإنّ الحكومة عبّأت المجتمع السوداني برمّته للمساعدة في هذا الأمر. وقد أوفدت المساعدات من مناطقنا المنتجة، وخاصة في الشرق، ومن سواها.

إنّ المؤن الإنسانية، على شكل أغذية مثلاً، تكفي حتى تشرين الأول. لكننا لا نزال نأمل حتى يعمل المجتمع الدولي أكثر مما عمله إلى الآن في تقديم التمويل وإرسال المساعدات الحقيقية لمن يحتاجونها، خاصة أولئك الذين يقيمون في معسكرات للاجئين داخل البلاد. فمساهمة المجتمع الدولي من حيث الغذاء والدواء لا تزال أدنى من المتوقّع، ولكي ننقذ الأرواح، خاصة في هذا الموسم الماطر، فإننا نأمل حتى يقدموا المزيد من الأغذية والأدوية.

هذا من الجانب الإنساني. أما الوضع الأمني، فهويتحسّن، لكننا نرى أنّ المجتمع الدولي لم يمارس على الجماعتين المتمردين ما يكفي من الضغط لاحترام اتفاقيات وقف إطلاق النار الذي وقّعناه معهما فيثمانية نيسان 2004. وإذا ما تمالكت [هاتان الجماعتان] نفسيهما، سنكون قادرين، في وقت قصير، على إعادة السلم إلى المنطقة.

عمليات الإبادة

أحد الصبية من اللائجين السودانيين تحت شهرة، مخيم موساي، نيالا، جنوب السودان،ثمانية اكتوبر 2004
ابراهيم، أحد الناجين السودانين يقف بفي أحد ضواحي مكجار، السودان يحمل جماجم وبقايا عظام بشرية والتي تنتشر في أراتى المدينة
أحد الصبية من اللائجين السودانيين تحت شهرة، مخيم موساي، نيالا، جنوب السودان،ثمانية اكتوبر 2004


وهذه مبالغة محض في تقويم الأمور. فالوضع لا يقترب من الإبادة أدنى اقتراب. والواقع هوأنّ أكثر من 40% من جيشنا الوطني مستمدّ من القبائل ذاتها- التي يفضل بعضهم حتى يشير إليها باسم الأفارقة- كما تشكّل هذه القبائل حوالي 40-50 % من أجهزتنا التطبيقية والتشريعية، وهذا ما ينبغي على أولئك حتى يفنّدوه ويردّوا عليه.

ومن ثم فإنّ الصورة ليست بذاك الوضوح. عملى مدى قرون من الزواج البيني اختلط الناس وامتزجوا. ولذلك فإنّ الحديث عن الإبادة، التي تشير في معناها الحرفي إلى اغتال كلّ إنسان من قبيلة معينة، هوببساطة غير سليم أوصائب. إنه مبالغة لا مكان لها.

أما الواقعة الأخرى التي تدحض ذلك فهي أنّ معظم هؤلاء السكّان الذين تشرّدوا في داخل البلاد، وهم حوالي مليون شخص، قد التمسوا ملاجئ حول مراكز المدن، المدن الكبرى في المنطقة. ولوكانت الحكومة تخطط أوتحاول بالوكالة حتى تتخلص منهم جميعاً أوتخرجهم خارجاً، لما كانوا بقوا في مناطق تطولهم فيها. ولذلك فإنّ هذه، للأسف، حملة تحريضية تستهدف صورة البلد برمّته، وليس الحكومة وحدها. شهدت الأسابيع القليلة الماضية بعض الكلام على تدخّل عسكري دولي، وقد وقفت الجامعة العربية والعالم الإسلامي ضدّ مثل هذا الاقتراح. ما مدى أهمية دعم الجامعة العربية والبلدان الإسلامية عموماً للسودان إننا نقدر تفهّمهم للوضع هناك، لأنّ التجارب السابقة لم تشجّع، في الواقع، أي نوع من التدخّل العسكري على هذا المستوى، وذلك ببساطة لأنه سيفاقم الوضع أكثر. لا يزال أمامنا تفويض مجلس الأمن حتى نهاية هذا الشهر. ونحن نحرز تقدماً على الأرض، ولذلك فإنّ من الواجب الانتظار على الأقل ومراقبة كيف من الممكن أن ستتطور الأمور. وفي النهاية، إذا ما وجدنا أننا بحاجة إلى المساعدة، فسوف نطلب بالتأكيد من إخواننا في أفريقيا، وكذلك في العالم العربي حتى يعينونا على احتواء الوضع. أما الشرط الوحيد الذي يجب حتى يلبيه المجتمع الدولي فهوالحدّ من الأعمال الوحشية والفظائع التي يرتكبها الطرف الآخر.

الحكومة

تنقسم دارفور إلى ثلاث ولايات فدرالية: غرب دارفور، جنوب دارفور وشمال دارفور. بناء على اتفاقية سلام دارفور تأسست السلطة الاقليمية الانتنطقية في دارفور تمارس مهام الحكومة بالإنابة في الاقليم. وسوف يجرى استفتاء على الوضع النهائي لدارافور في 2011.مني أركوا مناوي كان أول رئيس للسلطة الاقليمية الانتنطقية في دارفور, تولى المنصب في يوليو2007 حتى ديسمبر 2010 عندما خلفه الشرتاي جعفر عبد الحكم.

في مارس 2011، اقترح حتى تضاف ولايتين لاقليم دارفور، وسط دارفور وعاضمتها زالنجي وشرق دارفور وعاصمتها الضلعين. وفي مايو2011، أجاز مجلس الوزراء السوداني ، برئاسة الرئيس عمر البشير، قرارا بإنشاء الولايتين الجديدتين. ونطق الرئيس السودانى إذا إنشاء الولايتين الجديدتين اتى ليعكس رغبة ومطالب المواطنين في دارفور، مشيرا إلى حتى الولايتين الجديدتين تحتاجان دعما من المركز خاصة عاصمتيهما "الضعين وزالنجي".


من جانبه،أوضح محمد بشارة دوسة وزير العدل حتى زيادة عدد ولايات دارفور يعتبر تطبيقا لرغبة أهل دارفور، كما يمثل جزءا من إستراتيجية سلام دارفور ، كما حتى وزارته أعدت قانونا بإنشاء الولايتين.

انظر أيضاً

بقايا جثة حمار في أحد الطرق، دارفور، السودان
مخيم للاجئين السودانية بالقرب من الفاشر، السودان، 25 مارس 2007
أطفال في انتظار الحصول على مياه، منطقة دارفور، السودان
  • نزاع دارفور
  • تاريخ دارفور
  • تاريخ الإسلام في دارفور
  • قبائل دارفور
  • دول وإدارات دارفور
  • الحركة الشعبية لتحرير السودان
  • حركة العدل والمساواة

المصادر

  1. ^ "Sudan Tribune". Sudan Tribune. Retrieved 2010-07-13.
  2. ^ "Darfur to be cut into smaller states; rebel protest". Reuters. 2011-03-08.
  3. ^ "الحكومة السودانية تقرر إنشاء ولايتين جديدتين بدارفور". المصري اليوم. 2011-05-05.
  • لقاء مع خضر هارون أحمد سفير السودان في الولايات المتحدة.

المراجع

  • Arkell, A. J., "A History of Darfur. Part II: The Tunjur etc.", Sudan Notes and Records, 32, 2 (1951), 207-238.
  • Daly, M.W., Darfur's Sorrow: A History of Destruction and Genocide, Cambridge 2010.
  • Elliesie, Hatem, "Sudan under the Constraints of (International) Human Rights Law and Humanitarian Law: The Case of Darfur", in Hatem Elliesie (ed.), Islam and Human Rights / al-islam wa-huquq al-insan, Frankfurt, Berlin, Bern, Bruxelles, New York, Oxford, Vienna 2010, pp. 193-217 ISBN 978-3-631-57848-3
  • Elliesie, Hatem et al., "Different Approaches to Genocide Trials under National Jurisdiction on the African Continent: The Rwandan, Ethiopian and Sudanese Cases", in Recht in Afrika, Cologne 2009, 12/1, pp. 21-67. ISBN 978-3-89645-804-9
  • Nachtigal, G. transl. H. Fisher, Sahara and Sudan, vol. IV (vol. III, 1889), London 1971.
  • O'Fahey, R. S., The Darfur Sultanate: A History, London 2008.

وصلات خارجية

  • The gap between narratives and practices. Darfur: Responses from the arab world (by FRIDE)
  • Eyes on Darfur (by Amnesty International)
  • Radio Dabanga (with daily news about Darfur)
  • [1](by UN),
  • [2](by MSF),
  • [3](by SLD, Sauver Le Darfour)

Coordinates:

تاريخ النشر: 2020-06-04 15:58:50
التصنيفات: دارفور, تاريخ إسلامي, بلدان سابقة في أفريقيا, مناطق السودان, نزاعات حدودية

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

إطلاق اسم "القاهرة" على أحد الميادين الرئيسية فى جيبوتى

المصدر: صوت الأمة - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-08 21:20:44
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 62%

الرجاء الرياضي يعلن تعاقده مع المدرب الألماني جوزيف زينباور

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-08 21:19:51
مستوى الصحة: 62% الأهمية: 78%

أيها اللبنانيون فكّروا بإيصال سيدة لرئاسة الجمهورية!

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-08 21:18:51
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 95%

الرئيس السيسى يتوسط رؤساء الدول الأعضاء بتجمع الكوميسا

المصدر: صوت الأمة - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-08 21:20:37
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 59%

الاتحاد الإفريقي يشيد باستضافة المغرب اجتماع لجنة ” 6 + 6 ” الليبية

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-08 21:19:49
مستوى الصحة: 72% الأهمية: 70%

السودان... ومخاطر الحل الرمادي

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-08 21:18:54
مستوى الصحة: 87% الأهمية: 88%

رئيس الكينست الإسرائيلي يهدي المغرب أصغر مصحف في العالم

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-08 21:19:59
مستوى الصحة: 61% الأهمية: 81%

حتى لا تكون آفة حارتنا النسيان.. ماذا حدث فى 9 يونيو 2013؟ فيديو

المصدر: صوت الأمة - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-08 21:20:39
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 51%

تحميل تطبيق المنصة العربية