العرب وجهة نظر يابانية
المؤلف | نوبواكي نوتوهارا |
---|---|
اللغة | عربية |
الموضوع | الحياة في البلاد العربية |
الناشر | منشورات الجمل |
الإصدار | 2003 |
عدد الصفحات | 141 |
العرب وجهة نظر يابانية هوكتاب من تأليف نوبواكي نوتوهارا أستاذ الأدب العربي بجامعة طوكيوفي اليابان ، ومن منشورات الجمل في 2003 ، يتناول وجهة نظر المحرر في الحياة الإجتماعية في العالم العربي ومناقشة وتحليل قضية العدالة الإجتماعية والحريات ، كما يراها من الخارج كأي أجنبي عاش في البلدان العربية وقرأ الأدب العربي وأهتم بالحياة اليومية في المدينة والريف والبادية.
فكرة الكتاب
عندما انتهت الحرب العالمية الثانية ، كنت في عامي الخامس، ولقد رأيت اليابان مهزومة وعشت مع أسرتي نقابل مصيرنا بلا أي عون. كنا لا نملك شيئاً أمام الجوع والحرمان وظروف الطقس وغيرها. ولقد رافقت عملية إعادة البناء، كنت أعيش مع عائلتي في طوكيووطوكيوهدمت بالكامل حياً حياً شارعاً شارعاً. في الأيام الأخيرة من الحرب. عهدت هذا كله وعهدت أيضاً نتائج مسيرة تسليم الأخطاء وأنا نفسي استمتعت بثمار النهوض الاقتصادي الياباني. بعدئذ سافرت إلى البلدان العربية وكانت قد تجاوزت الثلاثين من عمري ورأيت وقرأت وتحدثت إلى الناس في جميع مكان نزلت فيه. لقد عانيت بنفسي غياب العدالة الاجتماعية وتهميش المواطن وإذلاله وانتشار القمع بشكل لا يليق بالإنسان وغياب أنواع الحرية كحرية الرأي والمعتقد والسوك وغيرها. كما غرفت عن قرب كيف من الممكن أن تضحي المجتمع بالأفراد الموهوبين والأفراد المخلصين، ورأيت كيف من الممكن أن يغلب على سلوك الناس عدم الشعور بالمسؤولية تجاه المجتمع وتجاه الوطن ولذلك كانت ترافقني أسئلة بسيطة وصعبة: لما لا يستفيد العرب من تجاربهم،يا ترى؟ لما لا ينتقد العرب أخطاءهم،يا ترى؟ لما يكرر العرب الأخطاء نفسها،يا ترى؟ نحن نعهد حتى تسليم الأخطاء يحتاج إلى وقت قصير أوطويل. فلكل شيء وقت ولكن السؤال هو: كم يحتاج العرب من الوقت لكي يستفيدوا من تجاربهم ويصححوا أخطاءهم، ويضعوا أنفسهم على الطريق السليم؟!
عرض الكتاب
يمكن ادراج موضوعات الكتاب تحت اربعة عناوين رئيسة مع ان المعالجة والنصوص متداخلة معا . وهذة الموضوعات هي: الشخصية العربية والصحراء والادب العربي والمقارنة بين الثقافة الشنتوية اليابانية والثقافة العربية كمنظومة قيم متكاملة.
يرصد المؤلف نوبوأكي بحب واخلاص أطياف الحياة اليومية العربية المعاشة من خلال رحلاته الى الكثير من الدول والصحارى العربية وبذلك يقدم صورة واضحه وكبيرة يسهل رؤيتها للعربي المتخصص والعادي ومقارنتها بحالات يابانية . وقد خط المؤلف كتابه باللغة العربية " السؤال الذي اقلقني لما أرى من واجبي ان أخط باللغة العربية مباشرة وللقاريء العربي ،يا ترى؟ وانا اعهد سلفا كم سترهقني الكتابة بالعربية ". إذ قادته الصدفة عام 1961 أومن الممكن اغواء المجهول لدراسة اللغة العربية حين أعربت جامعة طوكيوللدراسات الاجنبية عن إفتتاح قسم للدراسات العربية . وفي عام 1969 اصبح مدرسا ومعيدا للادب العربي المعاصر في قسم الدراسات العربية في جامعة طوكيو.
يشخص نوبوأكي السمة الظاهرة التي تميز المجتمع العربي وهي " غياب العدالة الاجتماعية " فكل شيء ممكن لان القانون لا يحمي الناس من الظلم سواء ظلم الحاكم ضد الرعية اوظلم الافراد لبعضهم بعضا. ينجم ايضا عن فقدان العدالة الاجتماعية غياب الديمقراطية وحقوق الانسان وحرية المواطن وسيادة القانون التي يتشدق بلفظها العربي لكنها مفرغة حقيقه من محتواها واهمها حدثة الحرية . " عندنا في اليابان نقول عندما لا نستطيع ان نتحدث بحرية : عندما افتح فمي فان هواء الخريف ينقل البرد الى شفتي . والعربي عندما لا يستطيع ان يصرح بما في نفسه عليه ان يقول تحت لساني جمرة ".
القمع – بكافة اشكاله - هوالداء العضال في المجمتع العربي . مما يجبر المواطن البحث عن الحماية الذاتيه له ، وتراه مشغولا بفكرة النمط الواحد على غرار الحاكم الواحد . فتختفي استقلالية وخصوصية الفرد وبالتالي لا نجد المواطن الفرد الصالح المخلص لوطنه . مثلا لا نشعر بهذا المواطن يدافع عن السجين الذي يطالب بحياة فضلى للمجتمع بل ينظر إليه على انه ضحية يعجز المواطن عن حمايتها . والازدواجية في المشاعر التي يعيشها المواطن في امتعاضه من الشرطي لاستغلاله منصبه في تحقيق المنفعه الذاتية والحصول على امتيازات اجتماعية واقتصادية لكنه في نفس الوقت لا يتوانى هذا المواطن عن اظهار الاحترام له . ان المشاعر مسألة شخصية محدودة لا تصنع مستقبلا ." ان الحرية هي باب الانتاج وباب التواصل والحياة النبيلة ولذلك ارى القمع داءاً عضالا مستوطنا في الوطن العربي والعالم وما لم نتخلص منه فستفقد حياتنا كبشر الكثير من معانيها ". فالمحرر لا يرى أي حدود بين ما سياسي واجتماعي فكلاهما يشكلان نسيج الحياة.
يسرد المحرر نماذج سلبية يمارسها العربي نتيجة شعوره بالقمع منها:-
- ظاهرة تخريب الممتلكات العامه حيث يقرن المواطن العربي لا شعوريا بين السلطة القمعية والممتلكات العامه فينتقم من السلطة سلبيا بتخريب الممتكات العامة . بذلك يدمر وطنه ومجتمعه بدل ان يدمر السلطة .
- عدم تعاملنا باحترام تجاه بعضنا اوتجاه الاخرين . ويتساءل المحرر متعجبا " انا لا افهم ماذا يخسر اولئك عندما يعاملون الناس باحترام اوماذا يكسبون عندما يعاملون بطريقة سيئة ".
حتى ان المحرر يتأثر بظاهرة القمع المنتشرة في العالم العربي فلا يذكر أسماء الأشخاص أوأسماء الأماكن وذلك ان الحوادث تتكرر معه بصورة متقاربة في اغلب الدول العربية .وللحفاظ أيضا على استمرار علاقته مع العالم العربي فهويخاف حتى يمنع من دخول البلاد العربية ، وأخيرا فهويخاف على اصدقائه في العالم العربي .
- يفهم المحرر العنصرية " انها سلوك متعال ومتغطرس " والمجمتع العربي مورست عليه العنصرية وفي نفس الوقت يمارسها داخليا ضد نفسه بعدم احترامه لكرامة الفرد . لا نستطيع ان نتخلص من العنصرية لكن نستطيع ان نخفضها الى الحدود الدنيا .
- أما عن الحاكم العربي فيذكر المحرر ان الحكم الطويل يفهم الحاكم القمع اذا كان لا يعهده . وأن السلطة والشخص في الوطن العربي لا حواجز بينهما والمعيار الوحيد لكرامة المواطن ووطنيته هي مقدار ولائه للحاكم وطاعته له والتسبيح بحمده في جميع الاوقات والظروف والمناسبات وعدم انتقاد الحاكم وأقربائه . فرجال السلطة وأقربائهم والتابعون لهم فوق القانون . فلا توجد رقابة تحقق العدالة الاجتماعية في العالم العربي . " ولوافترضنا حتى الزعيم السياسي استثنائي فإننا نعهد حتى مهام قيادة الدولة أوسع من أي فرد استثنائي ".
- يسيء المحرر فهم فكرة الخلود في الإسلام فيعتقد أنه بما حتى الفكرة تحاور المطلق المتعالي عن الزمان والمكان والمتمثلة في فكرة حتى الله واحد وأن الإنسان هومركز العالم على عكس ديانة شينتواليابانية التي تؤمن بتعدد الالهة فلا عجب حتىقد يكون الحاكم العربي مركز الشعب . حتى أنه لا يرى فرق بين السلطة القمعية والمعارضة التي هي بدورها سلطة قمعية أيضا ، أي أنها سلطة ضد سلطة تنتظر دورها لتسلم الحكم ، لإن المعارضة الحقيقية لا نستطيع لقاءة أفرادها الا في السجون أوفي المنافي الاضطرارية .
- يطرح المحرر اشكالية مستعصية الفهم لديه ولدى الشعب الياباني وهي العلاقة بين المحرر أوالشاعر أوحتى الرسام والمستوى الفني لابداعه ،يا ترى؟ في اليابان يحدد دور المحرر بأنه صاحب الموقف الذي يساند الشعب في قضاياه العادلة وهوصوت الحرية . اما الكتاب العرب فيرى ان معظمهم قد تعبوا اويئسوا اوانهزموا . معظم الكتاب العرب وشعرائهم كتاب وشعراء سلطة . فالشاعر العربي يستطيع حتى يمدح في آن واحد قادة يختلفون في اساليب قيادتهم الى حد التناقض . يتساءل المحرر من هوالزعيم العربي الحقيقي ؟وكيف يجب حتىقد يكون الزعيم ،يا ترى؟ ومن هوالزعيم الجدير بالثقة ،يا ترى؟ في رأيه حتى الزعيم الحقيقي هومن لا يلهث وراء السلطة نفسها بل هي تاتي اليه يفرضها عليه وعي المسؤوليه والشعور العميق بالواجب . يرى المحرر ان يوجه النشاط الادبي الى معالجة المهمات الكبرى التي لا بد من انجازها اذا أراد العرب التقدم ومن تلك المهمات تحقيق العدالة الاجتماعية والوحدة العربية والنهوض الصناعي وبناء علاقات جديدة داخل المجتمع نفسه – في دائرة المحيط العربي – ومع العالم الخارجي.
- الكتاب زاخر بأمثلة كثيرة عن ما يراه نواقص في المجمتع العربي من قمع الطفولة والجنس وسلوكيات العمل وعقدة الشرف التي تضرب الشعور بكل الحواجز الاجتماعية وتنسف اقدس العلاقات الاجتماعية وجرح الكرامة وغياب الثقة في العلاقات الاجتماعية . والثقة هي جهاز يضبط المجتمع ويحافظ عليه سليما وهي رابط اجتماعي يضمن حياة الحاضر والمستقبل. وكيف يسرق الناشرون العرب حقوق الكتاب ، وانتشار الرشوة – عشان خاطرك - وازدواجية التعامل والسلوك كما يمثلها احمد عبد الجواد بطل ثلاثية نجيب محفوظ أي ان معظم الرجال العرب لهم قيمتان واحدة في البيت وأخرى في الحياة العامة. لكنه يبدي اعجابه بالبيت العربي الكريم المفتوح دائما للضيف الى درجة ان تشبيهه البيت العربي بالمعبد الياباني الذي يفتح ابوابه على مدار الساعة .
- يطرح المحرر مفهوم ثقافة الأنا وثقافة الآخر من منظار التقبل المشهجر على قاعدة وعي الحياة اليومية وتخيل وجود الآخرين وبذلك نتجنب معيار القيم الجاهزة . وكما يقول الناقد الياباني شوإتي كاتوفي " إذا المهم في النهاية حتى نملك وعيا بان الاخرين الاجانب يعيشون في مجتمعات مثل مجتمعنا ، هذا الوعي هوالبداية".
- يشيد المحرر بثقافة البدوالتي تعتمد على الصبر والحيلة . ويقصد بالحيلة الترتيب والتدبير والتطبيق . فالمكان الذي يعيش فيه البدو، خيمة من الشعر في الشتاء وخيمة من القطن في الصيف ، يفهمه الشجاعة والصلابة لانه يقف امام الطبيعة وجها لوجه بلا حواجز كما هوالحال مع سكان الحضر المحتمين بالبيوت الخرسانية والحجرية . والبدولا يحتاجون لتطوير حياتهم لانهم يرونها مكتملة . فالحياة بسيطة في الطعام والسكن واللباس . اما ساكن المدن بسبب عدم ترحاله فقد احاط نفسه بالوفرة اكثر مما هوضروري مما ابعده عن فهم جوهر العلاقة مع الاشياء . بينما المستقرون يبحثون عن الكمية والبدويبحثون عن الكيفية التي تلبي حاجاتهم المتمثله في الماء والعشب والنار .
- الصبر قيمة أخلاقية والمحك الذي يجدد حياة البدوي يوميا ، ولفهم معنى الصبر يروي الطوارق الحكاية التالية: أوصى رجل عجوز وهوعلى فراش الموت ابنه فنطق: يا بني ! إذا اردت ان تعيش حياة ناجحة فلا تشرب سوى الماء الطازج ولا تأكل إلا الطعام الجيد ولا هجرب غير الجمل الاصيل الممتاز . فرد الابن قائلا : يا ابي! كيف من الممكن أن يستطيع رجل فقير مثلي ان يعمل ما طلبت ،يا ترى؟ نطق الاب : تحمل العطش الى النهاية عندئذ جميع ماء يصبح طازجا ولا تأكل قبل ان يعضك الجوع بقسوة عندئذ يصبح جميع الطعام شهيا ، وامش الى جوار الجمل حتى يهدك التعب فاذا ركبت أي جمل سيكون اصيلا ممتازا .
- يرتبط موقف المحرر من القضية الفلسطينية بمسألتين جوهريتين هما العدالة ووعي المسؤولية فهويعتقد ان البشر يتحملون المسؤولية عن أي جريمة تحدث على كوكبنا ، لذلك العالم كله مسؤول عن الجريمة التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني . فهويرى المسألة ببساطة شديدة مجموعة بشرية اتىت من خارج فلسطين واستوطنت بقوة السلاح ثم شردت شعبا واغتصبت أرضه وثقافته وتاريخه . القضية الفلسطينية خطأ ارتكبه العالم وما زال يتفرج عليه دون ان يعمل جديا على حله .إن حل معضلة ما ، اوتجاوز جريمة ما لاقد يكون بإيجاد معضلة جديدة ، أوارتكاب جريمة جديدة . الجريمة امتحان كبير لعدالة البشر ، ولوعيهم لمسؤوليتهم وامتحان للكرامة والشرف والضمير في وقت واحد.
- عهد المحرر الكثير من الكتاب العرب " قادني البحث والمصادفة الى غسان كنفاني واعترف حتى هذا المحرر اثر في وجداني تاثيرا عميقا وفهمني القضية الفلسطينية وقد كانت روايته – عائد الى حيفا – اول عمل اترجمه الى اليابانية ". فهويحترم غسان كنفاني لان غسان كنفاني يحترم الشعب الفلسطيني احتراما كبيرا ويثق به لذلك كان غسان كنفاني يقول " ان الشعب اكبر منه واعلى منه " . كما انه ترجم روايات عربية اخرى مثل رواية الارض والحرام وارخص ليالي وتلك الرائحه والعسكري الاسود " . وترجم الاستاذ كورودا رواية " رجال تحت الشمس". كما ان اول ياباني يترجم القران الكريم هوتوشيهيكوإزوتسو.
مع ان اعمال الترجمة لا تشكل الا جانبا من اهتماماته التي تضم الادب المصري والادب السوري والقضية والثقافة الفلسطينية والادب المغربي فانه يقدم تعريف لثلاثة كتاب عرب وهم : ابراهيم الكوني روائي ليبي وفنان بارع يتقن خطاب اللغة ويجيد رسم الشخصية المؤثرة ويعهد عميقا كيف من الممكن أن يبني رواية عصرية معاصرة على احمل المستويات .تجاوز انتاجه 35 كتابا كلها روايات وقصص قصيرة عن الصحراء الافريقية وعن الطوارق . والمحرر الثاني هوعبد اللطيف اللعبي من مواليد فاس عام 1942. خط الشعر والرواية والمسرحية وخط للاطفال والموضوعة ونشر خطا عديدة .أمضى حياته ما بين الكتابة والقمع في السجن مدة ثمانية سنوات ونصف والحرية في باريس . له كتاب بعنوان " رسائل السجن " و" حرقة الاسئلة " والمحرر الثالث محرر الموقف الذي لا يتراجع ولا يستسلم ولا يصالح ، انه يوسف ادريس . ادب يوسف ادريس يأخذ القاريء الى اعماق حياة الشعب في مصر ويساعد على فهم شخصية مصر من خلال المادة الملموسة في التفاصيل اليومية للمجتمع المصري .إذ يقدم واقع الفلاح المصري الملموس طازجا حيا في قصص دافئة ممتعة . يصف يوسف ادريس نفسه فيقول " أنا مختلف عن المحرر الذي يجلس على كرسي في المقهى ، وفي يده عصا وفي الاخرى مسبحة . أنا اقفز وأتحدث وأنفجر وأكره وأعاني من الكآبة وأفرح فرحا مجنونا وأتحرك بنشاط وأرحل وأقابل الناس ، أتجول . أنا أداة حية في المجتمع . فإذا فقد مجتمعي وعيه أهمس اليه وأنفخ عليه ليصحووأدفعه ليخرج الى المعركة واحيانا أخزه بقلمي لأجدد نشاطه .
- ختاما يعبر المحرر عن حبه تجاه العرب بقوله " هل علي حتى أقدم بكلام عاطفي عن محبتي للثقافة العربية،يا ترى؟ لقد أعطيتها عمري كله ، وجهودي وعملي وهذا برأيي أحمل تقدير وأكبر محبة ".
المصادر
- ^ نيل وفرات
- ^ خط العالم العربي