آزياده
غلاف رواية آزياده، برسوم توضيحية من أوگوست لى رو
| |
المحرر | Calmann-Lévy |
---|---|
المؤلف | پيير لوتي |
البلد | فرنسا |
الصنف | رواية |
الصفحات | 200 |
«آزياده» (1879) هي أول أعمال پيير لوتي، المنشورة على الأقل. وهو، في الحقيقة، ما كان أبداً ليفكر في نشرها أوحتى كتابتها مكتملة. ففي الزمن الذي دوّن مجموع الفقرات والنصوص والملاحظات التي حولها لاحقاً الى رواية، كان جوليان فيو(والذي سيعهد باسم بيير لوتي) لا يزال مجرد بحّار يجوب الآفاق في السفن الفرنسية، محققاً واحداً من حلمي طفولته وصباه: حلم حتى يصبح بحاراً، وحلم حتى يصبح محرراً. تلك المقتطفات والشذرات كان البحار دوّنها عام 1877، وكان بلغ من العمر سبعة وعشرين عاماً، وكانت كما أبلغ أصدقاءه يومها، وهويقرأها عليهم، حصيلة مغامرة حقيقية وسيرة غرامية عاشها في سالونيك، ثم خصوصاً في اسطنبول خلال الفترة السابقة. أصدقاؤه ما إذا سمعوا ما يروي، حتى صرخوا به: ولماذا لا تحول هذا كله الى رواية... ففيها جميع عناصر الرواية. إلى غير ذلك «وعى» الشاب انه، إذا عمل، سيبدأ بتحقيق حلم الكتابة. وما ان انقضى عام ونصف العام على ذلك حتى كانت «آزياده» اكتملت في نص روائي، آثر صاحبه حتى يصدره من دون أي توقيع. سليم حتى الرواية لم تحقق النجاح الذي كان متسقطاً، لكنها فرضت حضورها وكانت بالنسبة الى لوتي طريقه الى الكتابة، إذ منذ ذلك الحين لم يتوقف عن هذا النشاط، وصارت حياته كلها، وحتى رحيله بعد أربعة عقود من السنين، موزعة بين التجوال في الآفاق وكتابة الروايات. سليم حتى أياً من هذه الروايات، إذا استثنينا «آزياده» و«راموتتشو» (1897) و«زواج لوتي» (1880)، لا يمكن اعتبارها سفراً أدبياً خالداً، لكن هذا الوصف ينطبق على مجمل عمل لوتي إذا نظر إليه ككل متكامل متماسك، يعبق برائحة الأمكنة البعيدة، والنزعة الانسانية الكوزموبوليتية، والمغامرات الهادئة. انه عمل يمتلئ بالأماكن والأشخاص والأحداث، وتلوح منه، في نهاية الأمر رومنطيقية، تبعث الى الحياة تلك النزعة الغرائبية الرومنطيقية التي كانت أثارت المخيلات منذ اكتشاف الغرب الأول للشرق، لكنها كانت تنظر من بعيد... مع لوتي صارت النظرة مقتربة عن كثب. وصارت الرومنطيقية معيوشة، لا موضوعاً أدبياً وحسب. ومن هنا، حين اندلعت مثلاً، أوائل القرن، حملات هجومية على الإسلام انطلاقاً من العداء للدولة العثمانية، كان بيير لوتي، في منطق شهير نشره في «الفيگارو» من أول المتصدّين للحملات المتحدثين عن الإسلام كواقع حياتي يجدر التعايش معه، وليس كفكرة طوباوية تناصر أوتعادى في شكل قبلي.
يا لسعادة پيير لوتي... فهووهب موهبة مزدوجة: من ناحية يرى جيداً، ومن ناحية أخرى يعهد كيف من الممكن أن يعبر، في شكل رائع عما يراه... وأعني بهذا انه لا يخترع شيئاً. بالأحرى هويعيد اختراع ما يعيشه، ذلك ان شيئاً مما يسطره على اللوح لا يظهر أبداً وليد خياله (...). جميع ما يحتاج إليه هوحتى يفتح عينيه جيداً ليلتقي بواقع غريب وشاعري. لذلك نتمنى عليه ألا يدنومن فن الرواية أبداً، لأن هذا الدنويحتاج الى إعمال مخيلة، وجهد ابتكار شخصي، يقيناً انه غير قادر عليه». كان هذا هوالحكم الذي أطلقه عام 1885، ناقد فرنسي شهير عند ذاك، على المحرر بيير لوتي، حين قرأ «رواية» كان أصدرها هذا الأخير في ذلك الحين بعنوان «صياد إيسلندا». وهذا الناقد نفسه كان قبل ذلك بأعوام قليلة هاجم «رواية» أخرى، أوبالأحرى الرواية الأولى التي أصدرها بيير لوتي وعنوانها «آزياده»، وصدرت من دون اسم المؤلف. وما الفارق في هذا طالما حتى اسم «بيير لوتي» نفسه لم يكن اسماً حقيقياً،يا ترى؟ المهم ان اعتماد لوتي في «آزياده» ثم في «صياد إيسلندا» ولاحقاً في العشرات من النصوص الروائية والقصصية التي خطها خلال العقود التالية، على مشاهداته وملاحظاته التي دوّنها خلال تجواله حول العالم، أتى ليبرر حقاً هذا الحكم الذي أطلقه الناقد. فالحال ان قارئ اليوم، إذ يقرأ من ناحية روايات لوتي وقصصه، ومن ناحية ثانية خط رحلاته ومشاهداته، سيضنيه البحث عن فوارق كبيرة بينها. في الحالين يشعر القارئ حقاً ان بيير لوتي، «فتح عينيه جيداً ورأى، ثم أمسك قلمه ووصف ما رأى». خط لوتي، في الواقع، نصوصاً كثيرة جداً، ومع هذا لنقد يكون من الصعب علينا حتى نقول ان «روايته» الأولى «آزياده» تظل أجمل أعماله وأقواها. ولكأنه، وهوصديق العرب والمدافع، في فرنسا وغيرها، عن المسلمين في زمنه، عثر نفسه منساقاً، هوالآخر، في تطبيق المقولة التي أوردها «صديق العرب والمسلمين» الآخر لورانس في كتابه «أعمدة الحكمة السبعة» وفحواها ان العرب أهل البدايات الجيدة. إذ هنا، يكاد يتساوى لوتي مع عدد كبير من مبدعينا العرب من حيث إذا أول أعماله يكادقد يكون أقواها.
ملخص
وهذا الحس طغى، على أية حال على جميع أعمال لوتي. وما «آزياده» على رغم انها في نهاية الأمر حكاية غرام لا أكثر، سوى المثال الأسطع على هذا. فهذه الرواية - التي هي، كما أشرنا، أشبه بسيرة ذاتية معدلة -، يطالعنا بطلها وهوضابط بحرية يصل إلى سالونيك. وحين يقوم بجولة فيها، يطالعه من خلف مشربية نافذة قصر حريم وجه جميل لمحظية رائعة الحسن خضراء العينين. على الفور يشعر البحار انه سقط في الغرام حقاً... وأنه لن يمكنه من الآن فصاعداً حتى يهنأ له عيش إذا لم يحيا، حقاً، غرامه مع فتاة الأحلام هذه. وبالعمل لم يمض زمن إلا ويتعارف البحار والمحظية ذات الأصول الشركسية والشخصية المدهشة، وتبدأ بينهما حكاية غرام ولهٍ. ويدبر العاشقان أمرهما بحيث يتمكنان من اللقاء جميع مساء، في مركب يتطارحان فيه الهوى بعيداً من العيون المشرئبة التي ترصد جميع حبيبين وتدمر حياتهما وعواطفهما... وهذه اللقاءات، كما يصفها قلم لوتي تدور وسط أجواء الغموض الشرقي المحبب الى الغربيين في ذلك الحين، ووسط عطور الشرق ومخاطره وأجوائه الساحرة - ما سيجعل النقاد يقولون ان مثل هذه الأجواء لا وجود لها إلا في مخيلة المحرر، لأنهم، هم، إذ زاروا الشرق، أوحدثوا عنه مراراً، لم يلتقوها -. المهم بالنسبة الى المحرر/ العاشق/ البحار، هوحتى حكاية الغرام، في جزئها الأول، في سالونيك تنبتر، إذ نودي البحار الى اسطنبول ليقوم بمهمات عمله هناك. وفي اسطنبول، وفي شكل غير متسقط تماماً، يعود البحار الى الالتقاء بحبيبته ويستأنفان هواهما هنا، من جديد، وسط وصف لوتي المتجدد، لسحر الشرق ودسائسه، كما تتجلى في عاصمة الامبراطورية هذه المرة. ولكن، لأن الغرام الحقيقي لا يدوم، يستدعى البحار مرة أخرى، الى الاهتمام بواجباته المهنية فيسافر بعيداً من حبيبته التي، إذ يضنيها هذا الفراق الذي تحسه هذه المرة نهائياً، تموت حباً وألماً ويأساً... ولكن في الوقت الذيقد يكون حبيبها بدوره يلفظ أنفاسه الأخيرة عند أسوار «كارس» حين كان يخوض، كجندي باسل، أعتى المعارك، دفاعاً عن وطن حبيبته.
طبعاً، هذا الجزء الأخير المتعلق بموت البحار، لا علاقة له بسيرة لوتي، حتى وإن كانت بقية الحكاية تشي بأنها حكايته. لكنه المناخ الرومنطيقي الذي أملى عليها هذه النهاية... ولن نعدم ان نلتقي - على أية حال - في أعمال بيير لوتي اللاحقة ما يفيدنا بأن هذا المحرر، الذي عهد دائماً كيف من الممكن أن يستخدم سيرته الذاتية اطاراً أساسياً، قد ملأ «آزياده» بالتيمات التي ستطبع جميع تلك الأعمال - على حد محرري سيرة حياته - ومنها «فكرة الموت» و«حتمية تفريق القدر للمحبين» و«نبل المعاناة»، إضافة الى ملامح الحياة البدائية والغرائبية وعناصر الطبيعة في تشكيلها خلفية لأحاسيس المرء.
المؤلف
بيير لوتي (جوليان فيو) ولد في الجنوب الغربي لفرنسا (سانت أونج) عام 1850، وسيدفن عند موته عام 1923 في جزيرة اوليرمون غير بعيد منها. وهوأمضى حياته كما أشرنا في السفر والكتابة، وهجر عشرات الأعمال بين رواية وأدب رحلة... وعاش عشقاً للشرق لا يضاهيه فيه أي محرر غربي آخر.
المصادر
- ابراهيم العريس. "آزياده لپيير لوتي: غرام وآلام في اسطنبول المتخيّلة". دار الحياة.
هذا article عن رواية من القرن 19 هوبذرة. بإمكانك مساعدة الفهم بأن تنمـِّـيـه. |