أبوزيد البلخي
أحمد بن سهل، أبوزيد البلخي ( 235 - 322 ه / 849 - 934 م ) الملقب: «الجاحظ الثاني» هوأحد حكماء الإسلام وفهمائهم البارزين في الأدب والفقه والفلسفة.
أبوزيد أحمد بن سهل البلخي، أحد حكماء الإسلام وفهمائهم البارزين في الأدب والفقه والفلسفة. ولد في قرية قريبة من بَلْخ تدعى شامِسْتيان، وكان والده مفهماً للصبيان فيها، فلما شبّ أبوزيد رغب في طلب الفهم، وعمل مفهماً في القرية التي نشأ فيها. وقد روي عنه أنه نطق: «كان الحسين بن علي المروزي (من كبار قادة السامانيين) وأخوه، وأنا صعلوك، يُجريان عليّ صلات معلومة دائمة، فلما صنّفت كتابي في البحث عن التأويلات بتراها. وكان لأبي علي محمد بن أحمد الجيهاني، وزير نصر بن أحمد الساماني، جوارٍ (عطايا ) يُدرّها عليّ، فلما أمليت كتاب القرابين والذبائح حرمنيها».
وحين كان في عنفوان شبابه حدثته نفسه حتى يسافر أرض العراق، ويقصد الفهماء، ويقتبس منهم العلوم، فتوجّه إليها، وأقام فيها ثماني سنوات. وهناك تلمذ لأبي يوسف إسحاق بن يعقوب الكندي (ت260هـ)، وحصّل من عنده علوماً جمّة، وتعمّق في فهم الفلسفة. كما أقبل على أسرار التنجيم والهيئة، وبرز في فهم الطب والطبائع. ولما قضى وطره من العراق، وصار في جميع فنٍّ من فنون الفهم قدوة، قصد العودة إلى بلده، فتوجّه إليها عن طريق مدينة هرات، حتى وصل إلى بلخ، حيث اشتهر وانتشر فهمه.
ولما استولى القائد الساماني أحمد بن سهل بن هاشم المروزي على بلخ، طلب من أبي زيد حتىقد يكون وزيراً له، فأبى، فاتخذ أبا القاسم الكعبي البلخي[ر] وزيراً، وأبا زيد البلخي محرراً. فعظم محلهما، وأصبحا من المرموقين. تحدث أبومحمد الحسن الوزيري عن فضائل أستاذه أبي زيد وكان يتردد عليه طلباً للفهم فنطق: «كان قويم اللسان، جميل البيان، متثبتاً، نزر الشعر، قليل البديهة، واسع الكلام في الرسائل والتأليفات... وكان قليل المناظرة، حسن العبارة. وكان يتنزّه عما ينطق في القرآن، إلا الظاهر المستفيض من التفسير والتأويل، وحسبك ما ألّفه من كتاب نظم القرآن، الذي لا يفوقه في هذا الباب تأليف».
كان أبوزيد يتحرّج عن تفضيل الصحابة بعضهم على بعض، وكذلك عن مفاخرة العرب والعجم. وهويقول: ليس في هذه المناظرات ما يُجدي طائلاً، ولا يتضمّن حاصلاً. لأن الله تعالى يقول في معنى القرآن )قرآناً عربياً غيرَ ذي عِوَج( (الزمر28). وأما معنى الصحابة وتفضيل بعضهم على بعض، فقوله عليه الصلاة والسلام: «أصحابي كالنجوم، بأيِّهم اقتديتم اهتديتم». وكذلك العربي والأعجمي، فإنه سبحانه يقول: )فلا أنسابَ بينهم يومئذٍ ولا يَتَساءلون( (المؤمنون101(، ويقول في موضع آخر: )إنَّ أَكْرَمكُم عِنْد اللهِ أَتْقَاكُم( (الحجرات13).
بحث أبوزيد في أصول الدين، وقاده ذلك إلى الحيرة واضطراب الممضى في شبابه، فكان يطلب الإمام المنتظر تارة، ويسند الأمر إلى النجوم تارة. وقد خرج في أول أمره في طلب الإمام إلى العراق، لأنه كان قد أظهر ممضى الزيدية ثم عاد عنه، واشتغل بالفلسفة.
وذكر الإمام فخر الدين الرازي (ت606هـ) في شرح أسماء الله حتى أبا زيد قد طَعن في عدّة أحاديث سليمة، وازدرى أهل العلوم الشرعية، ولكن شهد آخرون أنه كان حسن الاعتقاد، ومنهم أحمد بن محمد بن العبّاس البزّار، وهوالإمام ببلخ والمفتي بها. الذي نطق فيه: «إنه كان قويم الممضى، حسن الاعتقاد، لم يُعهد بشيء في ديانته». وممن بالغ في إطراء أبي زيد أبوحيّان التوحيدي (ت404هـ)، فقد أورد في كتاب «البصائر والذخائر»: «أبوزيد البلخي ينطق له بالعراق جاحظ خراسان». ونطق في كتاب «تقريظ الجاحظ» عن أبي زيد «إنه لم يتقدم له شبيه في الأعصر الأول، ولا يظن أنه يوجد له نظير في مستأنف الدهر. ومن تصفّح كلامه في كتاب أقسام العلوم، وفي كتاب أخلاق الأمم، وفي كتاب نظم القرآن، وفي كتاب اختيارات السِيَر، وفي رسائله إلى إخوانه، وجوابه عمّا يسأل عنه.. فهم أنه بحر البحور، وأنه عالم الفهماء، وما رُئي في الناس من جمع بين الحكمة والشريعة سواه».
كان أبوزيد واسع الاطلاع، متعدد الثقافة، كثير المصنفات. وقد أورد النديم أسماء الخط والرسائل التي صنّفها، فتجاوز عددها الأربعين. ومؤلفات أبي زيد متعددة الأغراض، بعضها في أقسام العلوم والرياضيات، وبعضها في السير والأخبار والتاريخ والجغرافية والفلك، وأحكام النجوم والطب. وبعضها في الفلسفة، وعلوم اللغة والأدب، والكتابة والشعر، ولكن أكثر مؤلفاته كانت عن الأديان عامة، والدين الإسلامي خاصة. وقد أثارت بعض مؤلفاته الدينية والفلسفية جدلاً بين الفهماء، فكان منهم القادح ومنهم المادح. وأشهر مؤلفاته الدينية: «شرائع الأديان» و«الردّ على عبدة الأوثان» و«القرابين والذبائح» و«عصمة الأنبياء» و«كمال الدين» و«نظم القرآن» و«قوارع القرآن» و«أسماء الله الحسنى» و«البحث عن التأويلات».
فقد الكثير من مؤلفات أبي زيد، ولم يبق منها سوى عدد يسير لا يتجاوز العشرة.
أسس مدرسة في الجغرافية العربية، لعنايته بالخرائط في كتابه.
ألف نحوسبعين كتاباً، ولكن فقد أغلبها. تتلمذ عليه كثيرون، منهم: أبوجعفر الخازن وأبوالحسن العامري النيسابوري وأبوبكر الرازي وأبومحمد الوزيري ومعن بن فرعون.
المراجع
- ^ Empty citation (help)
- ^ Empty citation (help)
- ^ Empty citation (help)
وصلات خاريجية
- أحمد بن سهل البلخي أبوزيد - معجم الأدباء - ياقوت الحموي
هذه بذرة منطقة عن حياة شخصية بحاجة للنمووالتحسين، فساهم في إثرائها بالمشاركة في تحريرها. |