فاعل

[]

أنواع الفاعل
الاسم الظاهر
النوع (من حيث العدد) علامة الإعراب مثال
مفرد الضمة (علامة أصلية) ذَهَبَ أَحمَدُ
مثنَّى الألف (علامة فرعية) نَجَحَ الطَالِبَانِ
جمع مذكر سالم الواو(علامة فرعية) اجتَهَدَ العَامِلُونَ
جمع مؤنث سالم الضمة (علامة أصلية) اجتَهَدَتِ العَامِلاتُ
جمع تكسير الضمة (علامة أصلية) اجتَهَدَ العُمَّالُ
الضمائر المستترة
الضمير المستتر نوع الاستتار مثال
الواحد الغائب جائز في معظم الحالات الكَاتِبُ كَتَبَ
الواحدة الغائبة جائز في معظم الحالات الكَاتِبَةُ كَتَبَت
الواحد المُخَاطَب واجب هَل سَتَحضُرُ الحَفلَ،يا ترى؟ (مضارع)
اُحضُرِ الحَفلَ (أمر)
المتحدث
(المضارع فقط)
واجب سَأُغَادِرُ الآنَ
الضمائر المتصلة
الضمير المتصل الاستعمال مثال
تاء الفاعل للمُتَكَلِّم الواحد أوللمخاطب الواحد كَتَبتُ كِتَاباً (للمتحدث)
كَتَبتَ كِتَاباً (للمخاطب)
نون النسوة للجمع المؤنث الغائب سَمِعنَ كَلَاماً
واوالجماعة للجمع المذكر الغائب استَمَعُوا إِلَى المِذيَاعِ
ألف الأثنين للمثنى الغائب ذَهَبَا إِلَى العَمَلِ (مذكر)
ذَهَبَتَا إِلى العمل (مؤنث)
ياء المخاطبة للمخاطب المؤنث انتَبِهِي إِلىَ الدَرسِ
نا المتكلِّمين للمتكلِّمين (للمتحدث الجمع) شَهِدنَا حَادِثَاً
الضمائر المنفصلة
نوع الضمير المنفصل ملاحظات مثال
كُلُّ أنواع الضمائر المنفصلة.
من الغائب والمتحدث والمخاطب
إلى المفرد والمثنى والجمع
إلى الضمائر المذكرة
أوالمؤنثة
يُشترط لكيقد يكون الفاعل
ضميراً منفصلاً حتى يقع
عليه الحصر. والأشهر
أن يُحصَرَ بواسطة «إِلَّا».
لَم يَنجَح إِلَّا أَنتَ
المصادر المؤولة
المصدر المؤول مثال
أنَّ ومعموليها يُسعِدُنِي أَنَّكَ بِخَيرٍ
أَنْ والعمل المضارع يُرِيحُنِي أنْ يَنتَشِرَ الأَمنُ
أنَّ ومعموليها يُطرِبُنِي مَا قُلتَهُ مِن شِعرٍ

الفاعل في اللغة العربية هواسم مرفوع أوفي محلِّ حمل تقدَّمه عمل تام مبني للمعلوم أوشبهه، فأُسنِدَ إليه العمل. والفاعل في المعنى هومن قام بالعمل أي من عمله حقيقةً، مثل: «قرأَ الطالبُ». فالطالب هومن أحدث العمل أي القراءة. وهوأيضاً من قام به العمل أومن اقترن به أونُسب إليه، بدون حتىقد يكون هومن قام بالعمل أوأحدثه، مثل: «انكسرت الزجاجة» فالزجاجة لم تحدث العمل وإنما العمل سقط بها. وحتى يكتمل التعريف فهوأيضاً من يقوم بالعمل الآن، مثل: «يَقرَأُ الطَالِبُ». أومن سيقوم به في المستقبل، مثل: «سَيَقرَأُ الطالبُ». والفاعل هوالركن الثاني من أركان الجملة العملية، حيث يكوّن مع العمل جملة كاملة الأركان. وليس من الضروري أنْ يأتي الفاعل بعد العمل مباشرةً، فقد ينفصل عن عمله بأكثر من فاصل. والفاعل إمّا اسم صريح أومؤول بالصريح. والحمل في الفاعل حمل ظاهريّ أومحليّ أوتقديريّ. ولا يأتي الفاعل مرفوعاً دائماً فقد يحدث مجروراً لفظاً مرفوعاً محلّاً. ويُسَمَّى الفاعل مع عمله مبنياً للمعلوم، لأنَّ الفاعل عندها مذكور معروف في الذهن وبالتالي فهومعلوم، في لقاء الجمل المبنية للمجهول التي يُحذف فيها الفاعل ويصير مجهولاً. والفاعلقد يكون إمّا اسماً ظاهراً أوضميراً متصلاً أومستتراً ويأتي أيضاً مصدراً مؤولاً، وقليلاً ماقد يكون الفاعل جملة. ويمكن حتى يُذَكَّر أويُؤَنَّث أوأنْ يؤتى به مفرداً أومثنّى أوجمع مذكر سالم أومؤنث سالم أوجمع تكسير. ويكون الفاعل اسماً معرباً أومبنياً، ويبنى عندماقد يكون ضميراً أواسم إشارة أواسماً موصولاً أوغيره من الأسماء المبنية.

يُرفَع الفاعل بالضمة الظاهرة على آخره، مثل: قَامَ الوَلَدُ، ويحمل بالألف إذا كان مثنى، مثال: جَاءَ الرَّجُلَان، ويُرفَع بالواوإذا كان جمعًا مذكرًا سالمًا، مثال: صَلَّى المُؤمِنُون. العامل الأصلي في حمل الفاعل هوالعمل، وتتضمَّن العوامل الفرعية أسماء شابهت العمل في عمله ودلالته على الحدث ولكنَّها خالفته في دون ذلك، لذا سُمِّيت أشباه الأفعال، وهي اسم العمل والمصدر العامل واسم المصدر بالإضافة إلى مشتقات كاسم الفاعل والصفة المشبهة واسم التفضيل.

لا يجوز حذف الفاعل بشكل عام، وإذا لم يوجد في الجملة فهوعلى الأرجح ضمير مستتر على رأي الأغلبية، غير أنَّ هناك حالات خاصة نصَّ عليها النحاة في مؤلفاتهم يجوز فيها حذف الفاعل على وجه الوجوب أوالجواز. وأشهرها وأكثرها استعمالاً إذا بُنِي العمل إلى المجهول فإنَّ الفاعل يحذف وجوباً، ويحلُّ محلَّه نائب الفاعل الذي هوفي العادة المفعول به.

للفاعل ثلاثة أحكام هي: لا يتقدم الفاعل على عمله، فلا يجوز حتى يُنطق في «قام أخوك» «أخوك قام»، ولكن يُنطق «أخوك قام هو»، على اعتبار حتى «هو» ضمير مستتر في محل حمل فاعل لقام، والجملة العملية في محل حمل خبر للمبتدأ «أخوك». ولا يثنى العمل مع الفاعل المثنى، ولا يجمع مع الفاعل الجمع، فلا يصح حتى يُنطق مثلًا: «اتىا الطالبان»، والأصح: «اتى الطالبان»، لأنه لا يصح حتى يأخذ العمل فاعلين: الأول هوألف الاثنين، والثاني هوالطالبان. وما ينطبق على التثنية ينطبق على الجمع. بصورة عامة إذا كان الفاعل مؤنثاً دخلت علامة التأنيث على العمل، وإذا كان مذكراً امتنع دخولها. غير أنَّ هناك عوامل أخرى في تأنيث العمل، مثل نوع تأنيث الفاعل من ناحية كونه حقيقياً أومجازياً أولفظياً، وكذلك مسقطه في الجملة والفواصل التي تدخل بينه وبين عمله. وتشابه العوامل الأخرى العمل من هذه الناحية، وفي معظم الأحيان تنطبق القواعد الخاصة بتأنيث العمل على تأنيث أشباه الأفعال. أمَّا من ناحية الدلالة على العدد، فيظلُّ العمل مفرداً مهما كان وضع الفاعل من حيث العدد، وينطبق هذا أيضاً على معظم العوامل الأخرى.

التاريخ والاصطلاح

في اللغة «الفاعل» هومن يقوم بالعمل، ويعود استخدام مصطلح «الفاعل» إلى الفترة التي نشأ فيها فهم النحو. وتذكر بعض الروايات أنَّ أول من تحدث عن الفاعل هوأبوالأسود الدؤلي، الذي يعدّه الكثيرون مؤسس النحوالعربي، وتنْسِب إليه الروايات كذلك مصطلح «الفاعل»، حيث ذكر ابن سلام الجمحي في "طبقات فحول الشعراء" أنَّ أبا الأسود «وضع باب الفاعل والمفعول به والمضاف». وتذكر روايات أخرى أنَّ السبب الكامن وراء إفراده باب عن الفاعل هوأنَّ غير العرب ممن احتكوا بالثقافة العربية بعد الفتوحات الإسلامية لمقد يكونوا قادرين على التمييز بين بعض الحروف العربية المتقاربة في النطق، ويستبعد نحاة معاصرون هذا التفسير فلا رابط بينه وبين صناعة باب الفاعل. ويستبعد بعضهم أيضاً الرأي القائل أنَّ أبا الأسود هومن وضع مصطلح «الفاعل»، ويفسّرون موقفهم بقولهم أنَّ النحاة المتأخرين عن أبي الأسود خلطوا بين مصطلحي «الضم» و«الفاعل»، حيث نسبوا كلاهما إليه وهولم يضع سوى الأول. ويعتقد محمد أسعد طلس باستحالة حتى يتوصل أبوالأسود إلى مصطلحات متقدمة نسبياً مثل مصطلح الفاعل، في حين النحوفي عصره كان لا يزال في شذراته الأولى. وتذكر الروايات أنَّ رجلاً من بني ليث أضاف إلى ما قد خطه أبوالأسود عن الفاعل والمفعول به، حيث ذُكر في "طبقات النحويين البصريين" «أنَّ أبا الأسود لمَّا وضع باب الفاعل والمفعول زاد في ذلك الكتاب رجل من بني ليث أبواباً، ثم نظر فإذا في كلام العرب ما لا يدخل فيه أقصر عنه».

واستمر بعد ذلك تطور النحوباطراد، ولم يأتِ زمن الخليل ومن بعده سيبويه إلا وقد استقرَّ النحاة على مصطلح الفاعل واتضحت المفاهيم حوله واكتملت أبوابه، حيث تناول سيبويه مسقط الفاعل في الجملة والتغييرات التي تطرأ على العمل بتذكير الفاعل أوتأنيثه وتحدَّث أيضاً عن دخول حروف الجر الزائدة على الفاعل. إلا أنَّ سيبويه لم يتعمّق كثيراً في التفاصيل، ولم يربط أيضاً بين القليل الذي ذكره حيث نجد الحديث عن الفاعل مشتت موزع على أجزاء الكتاب، بل حتى أنَّ سيبويه أطلق مصطلح الفاعل على اسم كان وأخواتها.

وأول من عَرَّف الفاعل اصطلاحاً، ولم يكتفِ بالإشارة إليه عبر أمثلة أوما شابهها، هوابن السراج الذي خط عن الفاعل: «هوالذي بنيته على عمل تحدث به عنه»، فلمَّا لاحظ أنَّ التعريف السابق ينطبق أيضاً على المبتدأ ونائب الفاعل زاد فيه وجعله أكثر اختصاصاً بالفاعل من غيره، فخط: «هوالذي بنيته على العمل الذي بنيته على الفاعل، ويجعل العمل حديثاً عنه مقدمَّاً قبله، كان فاعلاً في الحقيقة أم لم يكن»، فهوبقوله «بنيته على الفاعل»، أي بنيت العمل للمعلوم، يميز الفاعل عن نائب الفاعل، وعندما يُلزِمُ العمل حتىقد يكون مقدماً يمنع من حتى ينطبق التعريف على المبتدأ. ومع ذلك فيظلُّ تعريف ابن السراج الاصطلاحي للفاعل قاصراً عن ضم فاعل العمل الإنشائي، الذي لا يتحدث العمل عنه ولكن يسند إليه، فاتى أبوعلي الفارسي بعده بنصف قرن وأكمل النقصان الذي اعترى تعريفه، فأضاف إلى تعريفه بما معناه أنَّ الفاعل هوما يُسند العمل إليه.

ومن بعد ذلك سار النحاة على تعريف أبي علي الفارسي، ومنهم من غيَّر صياغته ولكن أبقى مضمونه على حاله، مثل ابن جني ومحمد بن القاسم الأنباري، ومنهم من نقل تعريفه بالنص، مثل عبد القاهر الجرجاني وابن الخشاب، ولم يضِف أحد شيئاً، وذلك إلى حتى اتى الزمخشري بعد قرنين من الفارسي فأشار في تعريف الفاعل إلى أشباه العمل التي تعمل فيه، غير أنَّ الزمخشري لم يفرق بين الفاعل ونائب الفاعل في التعريف، متأثراً بأفكار أستاذه الجرجاني. ومن بعد الزمخشري أخذ النحاة يضيفون مصطلح شبه العمل إلى تعريف الفاعل. وأضاف إمام نحويِّي الأندلس أبوعلي الشلوبين الإشارة إلى أنَّ الفاعل ليس بالضرورة اسم ظاهر، بوصفه الفاعل أنَّه قد يحدث «مُشبه»، أي الاسم غير الظاهر المشبه به. وأضاف ابن مالك في القرن السابع الهجري إضافتين إلى اصطلاح الفاعل، حيث أشار إلى أنَّ العمل لا بدَّ حتىقد يكون تاماً، ليستبعد بذلك الأفعال الناسيرة التي لا تحمل فاعلاً، وأيضاً ألزم العمل ألَّاقد يكون فارغاً لكي يخرج المبتدأ من دائرة التعريف. وبعض من النحاة لم يتقبل إضافات ابن مالك باعتبارها غير ضرورية لاعتبارات عدة.

يُسقِط النحاة أحياناً بعض بنود تعريف الفاعل، لا لأنَّهم يعارضونها بل لاعتقادهم أنَّها من أحكام الفاعل وصفاته، وليست من ذواته أوتعريفه الاصطلاحي. مثل عدم الإشارة إلى وجوب تقدُّم عمله، مع أنَّ معظم النحاة ينصون على ذلك في تعاريفهم، فقد يسقط هذا البند عند البعض.


إعراب الفاعل

الحمل

إنَّما كان الفاعل حملاً لأنَّه هوالعمل جملة يُحسن عليها السكوت، وتجب بها الفائدة للمخاطب. فالفاعل والعمل بمنزلة الابتداء والخبر، إذا قُلتَ: «قَامَ زَيدٌ» فهوبمنزلة قولك: «القَائِمُ زَيدٌ». وإنَّمَا كان الفاعل حملاً والمفعول به نصباً، ليُعرَفَ الفاعل من المفعول به
—المبرد
المقتضب (146/1)

حُكم الفاعل الحمل دائماً عدا بضع حالات يُجَرُّ فيها لفظاً ويبقى مع ذلك مرفوع المحل. والحمل في الفاعل حمل ظاهري أومحلي أوتقديري. ويُحمل الفاعل بالعلامة الأصلية، أي يُحمل بالضمة أوالتنوين المضموم، إذا كان اسماً ظاهراً مُفرداً أوجمع تكسير أوجمع مؤنث سالم. وفي اللقاء فإنَّ هناك حالات يحمل فيها الفاعل بعلامات فرعية، فيحمل بالألف حينماقد يكون اسم مثنى، وبالواوإذا كان جمع مذكر سالم أوأحد الأسماء الخمسة.

يخط المبرد أنَّ الفاعل إنما كان مرفوعاً لأنه هووالعمل يُشَكِّلان جملة مكتملة المعنى يصحّ الوقوف عندها، ويعقد مقارنة بين الفاعل وعمله وبين المبتدأ وخبره من ناحية السبب الكامن وراء حمل كلاً منهما. ومضى كثير من النحاة إلى أنَّ الحمل في أصله مختصٌّ بالفاعل فقط، وكلّ المرفوعات الأخرى ملحقة به من هذه الناحية. وقد أجمع معظم النحاة أنَّ الفاعل كان مرفوعاً لأنَّ الحمل في أصله هوفهم الإسناد، أي أنَّ إسناد العمل إلى الفاعل وحاجة الفاعل إلى مسند إليه هي العلة والمُوجب في حمله، وخط سيبويه بما معناه هذا، وكذلك يوافقه ابن كيسان، والزجاجي. ويرى البعض أنَّ مماثلة الفاعل للمبتدأ هي العلة في حمله، بينما يمضى البعض إلى أنَّ السبب في حمل الفاعل هوللتمييز بينه وبين المفعول به المنصوب. ووضعت كذلك عدة تفسيرات مختلفة، استندت إلى المنطق وإعمال العقل المجرَّد بدون الإتيان بأي أدلة أوبراهين موضوعية، بل بالاعتماد على تنبؤات وتكهنات حدسية غير أكيدة، ومنها مثلاً أنَّ الفاعل أقوى أوأسبق من غيره من معمولات العمل ولذا كان له الحمل، لأنَّ الحمل أقوى وأثقل من النصب والجر، ووضع أبوالبركات الأنباري خمسة أوجه من مثل هذه يُفسِّر فيها سبب حمل الفاعل.

جرَّه لفظاً

الفاعل لاقد يكون دائماً مرفوعاً فقد يُجَرُّ لفظاً ولكنه محلاً يبقى مرفوعاً، وذلك إذا سبقه عامل جرّ زائد أوكان في موضع مضاف إليه. والفاعل في هذه الحالة كما هودائماً مرفوع المحل، إلَّا أنَّه مشغول الآخر بحركة حرف الجر الزائد أوالإضافة، وتُقدّر هذه الحركة حتى على آخر الاسم المبني إذا كان فاعلاً في هذا الموضع. ويجوز في هذه الحالة لتابع الفاعل حتى يُجر باعتبار أنَّ اللفظ الذي يتبعه مجرور، ويجوز له حتى يحمل باعتبار اللفظ مرفوع المحل، سواءً كان هذا التابع صفة أومعطوف أوبدل أوغيره، وسواء كان العامل عمل أومصدر أوغيره، فينطق مثلاً: «أَعجِب بِالعُمَّالِ المُجتَهِدِين» أو«المجتهدون». ويُجرُّ الفاعل وجوباً في موضع واحد فقط، وذلك في التعجب على صيغة «أعمل به»، مثل: «أَجمِل بِالسَّمَاءِ» وأصل الجملة قبل زيادة حرف الجر: «جَمُلَتِ السَّمَاءُ». فتكون زيادة حرف الجر «الباء» هنا واجبة ولا يصحّ التعجب بدونها، و«السماء» في الجملة السابقة اسم مجرور لفظاً مرفوع محلاً على الفاعلية. أمَّا المواضع المتبقية فيجر فيها الفاعل على الجواز لا على الوجوب. وقد يجر الفاعل لفظاً على الجواز إذا سبقه إحدى حروف الجر الزائدة هذه: «من، الباء، اللام». ويشترط لإمكانية جر الفاعل بحرف الجر الزائد «من» شرطان اثنان، فيشترط حتى تُبدء الجملة بنفي أواستفهام على حتىقد يكون الاستفهام أداته «هل»، والشرط الآخر حتىقد يكون الفاعل نكرة فلا يصح الجر إذا كان فهم، مثل: «مَا نَجَحَ مِن أَحَدٍ غَيرِي فِي الاِمتِحَانِ» أو«هَل فَشِلَ مِن طَالِبٍ فِي الاِمتِحَانِ». وقد يجر الفاعل إذا سُبق بحرف الجر الزائد «الباء»، مثل: «وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدَا» حيث «اللَّهِ» مجرور لفظاً بالباء. ويشترط في ذلك أنْقد يكون العمل هو«كفى» الذي يأتي بمعنى حَسبُ أويَكفِي، ويشترط أيضاً حتىقد يكون العمل «كفى» لازماً فإن كان متعدياً، وهويتعدى إلى مفعولين، لم يصح جر الفاعل. إضافة إلى زيادته وجوباً على فاعل عمل التعجب من صيغة «أعمل به». أما حرف الجر الثالث «اللام»، فاشتهر سماعه قبل الفاعل لاسم العمل «هيهات»، مثل: «هَيهَاتَ لِمَا تُوعَدُون».

قضينا عمرنا ونحن نظن عجائب الدنيا - كما عُلِّمنا - سبعاً. حتى إذا قرأنا في خط الصناعة أنَّ الفاعلقد يكون مجروراً، فهمنا عند ذلك يقيناً أنَّها ثمان.
—يوسف الصيداوي يتهكم على فكرة كون الفاعل مجروراً
الكفاف، ص. 870

ولا يجر الفاعل لفظاً بحروف الجر الزائدة فقط، فقد يجر أيضاً بالإضافة، حيث تكثر إضافة المصدر العامل واسم المصدر إلى الفاعل بعدهما، مثل: «تَعلِيمُ المُعَلِّمِ الطِفلَ يَنفَعُهُ». حيث «المُعَلِّمِ» اسم مجرور لفظاً بالإضافة مرفوع محلّاً على الفاعلية، حيث أُضيف إليه المصدر «تَعلِيمُ». وأصل الجملة: «تَعلِيمٌ المُعَلِّمُ الطِفلَ يَنفَعُهُ». وقد يُجَرُّ الفاعل بإضافة الصفة المشبهة إليه، مثل: «الرَجُلُ جَمِيلُ الكَلَامِ» حيث أُضيف إلى «الكَلَامِ» الصفة المشبهة بالعمل «جَمِيلٌ»، فيعرب مضاف إليه مجرور لفظاً مرفوع محلاً باعتباره فاعل، وتقدير الجملة: «الرَجُلُ جَمِيلٌ كَلَامُِهُ».

في الاستخدام المعاصر للعربية الفصيحة، ظهرت عدة تعابير تدخل فيها حروف الجر الزائدة على الفاعل في غير المواضع التي تشير إليها خط النحو. ويكثر دخول حروف الجر الزائدة خطأً على المصدر المؤول الواقع في محلِّ حمل فاعل، فينطق مثلاً: «تَبَيَّنَ بأنَّ الرَجُلَ صَادِقٌ» أو«يُدَمِّرُ الحَيَاةَ بِأَنْ تَقُومَ الحَربُ» والسليم ذكر المصدر المؤول بغير إسباقه بحرف جر. وينطق أيضاً: «انضَمَّ الأصدِقاء إلى بعضهم البعض» والأصح: «انضَمَّ بعض الأصدِقاء إلى بعض». وينطق أيضاً: «يَقتَضِي أويَنبَغِي لِلتِرحَالِ أنْ تَتَعَلَّمَ الصَبرَ» فالأصل حمل «التِرحَالِ» على الفاعلية، ودخول حرف الجر الزائد هنا غير فصيح ولا هومعروف عن العرب، وناتج من الأساس عن سوء فهم لمعنى الجملة، فقد يتوهم المرء أنَّ المصدر المؤول هوالفاعل، وهذا خطأ لأنَّ الترحال هوالذي اقتضى ضرورة تفهم الصبر فهوالذي قام بالعمل، لذا فيجب حتى ينطق: «يَقتَضِي التِرحَالُ أنْ تَتَعَلَّمَ الصَبرَ». ومن التعبيرات الشائعة والخاطئة أيضاً حتى ينطق: «نَتَجَ عَنِ الزلزالِ تَدمِيرَ منازلٍ» والأصح القول: «نَتَجَ الزلزالُ تَدمِيرَ منازلٍ». ويكثر أيضاً دخول حرف الجر خطأً على فاعل المصدر، فيفصل بينه وبين المصدر الذي عمل على حمله، فينطق على سبيل المثال: «يُسمَعُ الإِنشَادُ مِنَ التَلامِيذِ فِي الصَبَاحِ». والأصح حتى ينطق: «يُسمَعُ إِنشَادُ التَلامِيذِ فِي الصَبَاحِ». وهذه التعبيرات الخاطئة يصفها محمود عمار أنَّها «من أفحش» المواضع التي يُخطَئُ فيها استعمال حروف الجر، لأنَّها تفصل بين ركنين رئيسيين في الجملة العملية.


العامل في حمل الفاعل

يُقصد بعامل الفاعل ما يُرفَع الفاعل به. وما يحمل الفاعل هوواحد من تسعة عوامل، والعمل هوالعامل الأصلي بينهم حيث يحمل الفاعل ويسند إليه. غير حتى أسماء تتضمن معنى العمل بإمكانها أيضاً حتى تحمل فاعل فيسند إليها، وتسمى هذه أشباه الأفعال. وعندما تعمل الأسماء في الفاعل، فهي في العادة تكون مرفوعة على الابتداء، أي أنَّ الجملة التي تعمل فيها الأسماء في الفاعل هي جملة اسمية، حتى وإن كانت دلالتها على العملية. وهذه العوامل التسعة مجموعة في النقاط:

  1. العمل، مثل: «أَمسَكَ المُحَقِّقُ المُجرِمَ». ويُشتَرط للعمل كي يسند إلى الفاعل حتىقد يكون تاماً، لأنَّ الأفعال الناسيرة - مثل كان وأخواتها - تدخل على الجمل الاسمية وتحمل اسماً لها لا فاعلاً. ويشترط أيضاً حتىقد يكون العمل مبنيٌّ للمعلوم، لأنَّ الأفعال المبنية للمجهول تحمل نائب فاعل بعدها وليس فاعلاً. ولهذا السبب فإنَّ الأفعال المبنية للمعلوم تُسَمَّى أحياناً الأفعال المبنية للفاعل، في لقاء الأفعال المبنية للمفعول والتي يُقصد بها المبنية للمجهول. هناك صنف من الأفعال لا يحتاج إلى فاعل أومسند إليه، تعهد بالأفعال المفردة، وهذه الأفعال لا تعمل في أي فاعل (انظر: الاستغناء عن الفاعل)
  2. اسم العمل، مثل: «هيهات السقم» حيث السقم فاعل. واسم العمل حدثةٌ تُشَابِه العمل في المعنى والعمل والدلالة على الحدث والزمن، غير أنها لا تتصرف ولا تقبل جميع علاماته، واسم العمل قد يأتي بمعنى عمل ماض أوعمل مضارع أوعمل أمر. وأسماء الأفعال في عملها قد تكون لازمة، أي تكتفي بحمل الفاعل، وقد تكون متعدية، أي تتعدى ذلك لتنصب مفعولاً به. ويشابه اسم العمل الأفعال التي في معناه من ناحية التعدي واللزوم، وكذلك من ناحية إظهار الفاعل أوإضماره، فالأفعال التي تُضمِر الفاعل وجوباً، يأتي فاعل اسم العمل الذي يقابلها في المعنى مضمر وجوباً أيضاً، مثل: «صَه» فالفاعل في المثال السابق مضمر وجوباً، نظراً لأنَّ اسم العمل اتى بمعنى العمل «اسكُت» الذي فاعله مضمر وجوباً.
  3. اسم الفاعل: صيغة قياسية تدلُّ على من قام بالعمل أومن اتصف به على وجه الحدوث لا الثبوت، وتُصاغ من الثلاثي المجرد على وزن «فَاعِل»، ومن الثلاثي المزيد والرباعي والخماسي والسداسي على وزن المضارع المبني للمعلوم وبإضافة ميم مضمومة محل حرف المضارعة وكسر الحرف قبل الأخير. مثل: «وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ» حيث «ذراعيه» مفعول به لاسم الفاعل «باسط»، والفاعل ضمير مستتر عائد على «كلبهم».
  4. المصدر: والمصدر هواسم يشير على الحدث المجرد، وهويشابه العمل من ناحية الدلالة على الحدث، ولكنه يختلف عنه في عدم تحديد زمن معين لوقوع الحدث، والمصدر هوأصل العمل، ويعمل عمل عمله لأنَّه يتضمن كلَّ حروف عمله الأصلية. مثل: «إِنشَادُ التَلَامِيذِ الأُغنِيَةَ كَانَ رائِعاً» حيث «التَلَامِيذُ» فاعل للمصدر «إِنشَادُ».
  5. اسم المصدر: يُقصد باسم المصدر ما شابه مصدر العمل في الدلالة على الحدث المجرد، ولكنَّه لم يضم جميع حروف عمله الأصلية، واسم المصدر يشابه المصدر في العمل ويساويه في القواعد والأصول. ومن أسماء المصدر «وضوء» لأنَّ المصدر الأصلي لعمله «تَوَضَّأَ» هو«تَوَضّؤ»، ويعمل اسم المصدر مثل المصدر الأصلي: «تَوَضّؤُ الرَّّجُلِ للصَّلَاةِ مُهِمٌّ» أو«وُضُوءُ الرَّجُلِ للصَّلَاةِ مُهِمٌّ». حيث «الرَّجُلِ» في المثالين كليهما فاعل.
  6. اسم التفضيل: هوفي الأصل صفة مشتقة تأتي بالقياس على وزن «أَفعَل»، ولهذا يسمى اسم التفضيل أحياناً «أَفعَل التفضيل»، وتأتي هذه الصفة لتفضِّل أوترجح شيئاً على آخر، بشرط حتى يشهجرا في معنى ويزيد أحدهما على الآخر، مثل: «ابنِي أَذكَى مِن ابنَكَ». حيث «أَذكَى» اسم تفضيل، والفاعل أي المُفَضَّل ضمير مستتر عائد على «ابنِي».
  7. الصفة المشبهة باسم الفاعل: هي صفة تشتق من مصدر العمل اللازم، تشابه اسم الفاعل في المعنى. كأن نقول: «رَأَيتُ حِصَاناً قَوِيّاً مَظهَرُهُ» حيث «مَظهَرُ» فاعل للصفة المشبهة «قَوِيّاً».
  8. ما كان في معنى الصفة المشبهة باسم الفاعل: ويسمى أيضاً الجامد المؤول بالمشتق. وذلك من الأسماء الجامدة التي تحمل معنى صفة مشبهة، مثل: «الطعام علقم طعمه».
  9. صيغ المبالغة: عند استخدام صيغة «فَاعِل» لغرض المبالغة والتكثير والتهويل تظهر هناك نسخ جديدة من هذه الصيغة تُعهد بمصطلح «صيغ المبالغة»، وهذه الصيغ تعمل مثل صيغة «فَاعِل» فتحمل فاعل وتنصب مفعول به، وتنطبق عليها أحكام وثوابت اسم الفاعل. وهي خمس صيغ: «فَعَّالٌ»، «فَعُولٌ»، «مِفعَالٌ»، «فَعِيلٌ»، «فَعِلٌ». مثل: «عَمَّارٌ كَذَّابٌ أخُوهُ» حيث «أخُوهُ» فاعل لصيغة المبالغة «كَذَّابٌ» على وزن «فَعَّالٌ».

يرى البعض أنَّ الجار والمجرور والظرف من عوامل حمل الفاعل، ويرى آخرون أنَّ شبه الجملة بشكل عام، والتي ستتضمن الظرف والمضاف إليه، من عوامل حمل الفاعل.

عمل اسم الفاعل

يعمل اسم الفاعل عمل عمله ويحمل فاعلاً، واسم الفاعل هوأقوى العوامل بعد العمل التي تحمل الفاعل، والسبب في ذلك هومشابهته البالغة للعمل المضارع من ناحية المعنى واللفظ. وإذا اقترن اسم الفاعل بأل التعريف فهويعمل في الفاعل بدون أي شروط، لأنَّه باقترانه بأل التعريف يؤول بالعمل، أي أنَّه أصبح بمنزلة العمل وقوته في العمل، فلم يحتج إلى شروط أومواضع بعينها حتى يحمل فاعلاً، مثل: «القابض على دينه كالقابض على الجمر» حيث «القابض» في الجملة السابقة اسم فاعل، وفاعله ضمير مستتر تقديره «هو». أما إذا لم يقترن بأل التعريف فيكون فاعله ضمير مستتر وجوباً، مثل: «كَاتِبُ الكِتَابَ أَبدَعَ فِيهِ». ولكي يحمل اسم الفاعل غير المقترن بأل التعريف فاعلاً ظاهراً وليس ضميراً مستتراً فلا بد من توفُّر هذه الشروط جميعها:

  1. أن تكون دلالة اسم الفاعل على الحال أوالاستقبال أوالاستمرار. والسبب في ذلك يعود إلى أنَّ عمل اسم الفاعل إنما وُجِد لمشابهته العمل المضارع في الدلالة على الحال والاستقبال، فلمَّا انعدم هذا التشابه ضعف عمل اسم الفاعل ولم يقدر على إظهار الفاعل.
  2. شرط الاعتماد. ويقصد به حتى يعتمد اسم الفاعل على ألفاظ تسبقه. ومن هذا حتى يُسبق اسم الفاعل بنفي أواستفهام، مثل: «أَذَاهِبٌ أَنتَ إِلَى السُّوقِ» أو«مَا ذَاهِبٌ أَنتَ إِلَى السُّوقِ» حيث «ذَاهِبٌ» اسم فاعل سُبِقَ في المثال الأول بهمزة استفهام، وفي المثال الثاني بأداة النفي «مَا». والضمير المنفصل «أَنتَ» في المثالين في فمحلِّ حمل فاعل. وكذا يجوز إظهار فاعل اسم الفاعل إذا كان اسم الفاعل خبر لمبتدأ مقدم عليه، مثل: «المَدرَسَةُ مُلقٍ مُدِيرُهَا خِطَاباً» حيث «مُدِيرُ» فاعل اسم الفاعل «مُلقٍ». وأيضاً إذا كان اسم الفاعل صفة، بحيثقد يكون معتمداً على الاسم الموصوف. ويجوز إظهار فاعل اسم الفاعل إذا كان حال معتمد على صاحب الحال، مثل: «رَأَيتُ رَجُلاً كَاتِباً قَلَمُهُ جُملَةً».
  3. يُشترط ألَّاقد يكون اسم الفاعل مصغراً. لأنَّ معناه بذلك سيتغير وستختفي العلة وراء عمله، أي أنَّه لن يشابه العمل المضارع، وذلك لأنَّ التصغير من خصائص الأسماء فقط.
  4. لا يجب حتىقد يكون اسم الفاعل موصوفاً. لأنَّ الصفة ستفصل بينه وبين معموله، وبالتالي تضعف عمله.

أجمع النحاة باختلاف مذاهبهم وآراءهم على منع إضافة اسم الفاعل إلى فاعله إذا كان اسم الفاعل مشتق من مصدر عمل متعد لمفعول واحد، إمَّا إذا كان مشتق من مصدر عمل متعد إلى أكثر من مفعول، فمضى جمهور النحاة إلى منع الإضافة في جميع الحالات وتحت جميع الظروف، إلا أنَّ من النحاة من أجاز هذا تحت شروط معينة، وكان أبوعلي قد أجاز هذا بشرط حتى يُأمن اللبس، ولا يهمُّ إذا ذُكرت جميع المفاعيل أوحذفت بعضها طالما العمل بإمكانه حتى يتعدى لأكثر من مفعول.

وتجدر الإشارة إلى أنَّ شروط وأحكام وثوابت عمل اسم الفاعل تنطبق أيضاً على صيغ المبالغة.


عمل المصدر واسم المصدر

يعمل المصدر عمل عمله ليس لمشابهته بل لأنَّه أصل العمل، ويتضمن حروفه ودلالته على الحدث، وهوإلى جانب حمل الفاعل ينصب مفعولاً إذا كان عمله متعدياً، وكذلك ينصب فضلات أخرى كالمفعول لأجله والمفعول المطلق والحال. غير أنَّ المصدر لا يرقى إلى مستوى العمل في العمل، فهوبحاجة إلى توفر شروط حتى يقوى على حمل الفاعل. ويجوز في المصدر حذف الفاعل بدون إضماره، وهوما لا يجوز في العوامل الأخرى من ضمنها العمل. ولا بدَّ للمصدر كي يعمل توفُّر أحد الشرطين الآتيين:

  1. أنقد يكون المصدر بدلاً من اللفظ بعمله، أي حتىقد يكون نائباً عن عمله، مثل: «فَنَدلاً زريقُ المَالَ» حيث «نَدلاً» مصدر ناب عن عمله «نَدَلَ» بمعنى نهب أواختلس، و«زريقُ» فاعل المصدر. ويكون هذا في الجمل الإنشائية التي تأتي لأغراض بلاغية كالأمر أوالنادىء.
  2. أن يصح إحلال عمله مُسبقاً بأحد الأحرف المصدرية محلَّه، مثل: «مُسَاعَدَةُ الرَّجُلِ المُحتَاجَ كُرمٌ» حيث «مُسَاعَدَةُ» مصدر ميمي عمل عمل عمله «سَاعَدَ» وهومضاف، و«الرَّجُلِ» مضاف إليه مجرور لفظاً مرفوع محلاً على الفاعلية. والسبب في عمل المصدر إمكانية إبدال المصدر في المثال السابق بعمله مسبوق بحرف النصب والتوكيد المصدري «أَنْ» على النحوالتالي: «أَن يُسَاعِدَ الرَّجُلُ المُحتَاجَ كُرمٌ». ويصحُّ عمل المصدر كذلك إذا أمكن استبداله بعمله مسبوق بحرف «مَا» المصدري أو«أن» المخففة.

ليست جميع المصادر صالحة لأن تعمل عمل أفعالها، فهناك عدد من أنواع المصادر لا يعمل على الإطلاق. ولا يعمل من المصادر المصدر المؤكّد لعامله المذكور، غير أنَّه يعمل إذا ناب عن عمله. ولا المصدر المُبَيِّن للنوع، سوى في حالات نادرة. ولا المصدر المبيِّن للعدد. ولا المصدر المُصغَّر. ولا يعمل كذلك المصدر الذي اُريد به أثره المسموع فقط، بدون احتواءه أي دلالة على الحدث. ويشترط لكي يعمل المصدر ألَّا ينعت قبل حتى يكتمل عمله في الفاعل، بمعنى يجب تأخير نعته كيلا يفصل بين المصدر العامل ومعموله.

إذا أُضيف المصدر إلى فاعله كان الفاعل في مسقط مضاف إليه مجرور باللفظ فقط، غير أنَّه محلّاً مرفوع باعتباره فاعل، وفي هذه الحالة فإنَّ المفعول بهقد يكون منصوب. أمَّا إذا أُضيف المصدر إلى المفعول به فيكون المفعول مجرور اللفظ منصوب المحل، بينما يبقى الفاعل مرفوع اللفظ والمحل. وقد يُضاف المصدر إلى الظرف فيؤدي هذا إلى حمل الفاعل ونصب المفعول لفظاً ومحلاً.

اسم المصدر يعمل نفس عمل المصدر في الفاعل وتحت نفس الشروط والثوابت.

عمل الصفة المشبهة باسم الفاعل

تشابه الصفة المشبهة اسم الفاعل في عمله، وعلى الرغم من أنَّها لا تشابه العمل المضارع في اللفظ والصياغة، فهي تشابهه من ناحية المعنى والدلالة على الاستمرار والثبات، غير أنَّها لا تشارك العمل المضارع في دلالته على الحال والاستقبال. والصفة المشبهة لا تعمل إلا في الفاعل من حيث المعنى، فهي لا تنصب مفعولاً به أوغيره من المفاعيل والفضلات إلا بشروط معينة. ويكثر تحوُّل فاعل الصفة المشبهة إلى تمييز، كما قد يحدث أحياناً للعمل. وهي في الغالب، على عكس اسم الفاعل، تُضاف إلى فاعلها، فيكون مجرور لفظاً مرفوع محلاً. ويُشترط للصفة المشبهة لكي تعمل في الفاعل ما يُشترط لاسم الفاعل. ويحدث أحياناً حتى يأتيَ فاعلها منصوب ومعهد بأل، وتعريفه في هذه الحالة يمنع من حتىقد يكون تمييز، وفقاً لرأي نحاة البصرة، فالتمييز لا يمكن إلا حتىقد يكون نكرة، فمضى النحاة إلى مقارنته بالمفعول به المعمول باسم الفاعل، فأطلقوا عليه شبه المفعول به. وإعراب معمول الصفة المشبهة يأتي على أربعة أوجه جميعها سليمة في الوقت ذاته، فقد يحدث فاعل مرفوع، أوتمييز أصلي منصوب، أومضاف إليه مجرور، أوشبيه بالمفعول منصوب.

إذا كان فاعل الصفة المشبهة غير مقترن بأل التعريف، فلا يجوز إضافة الصفة المشبهة الفهم بأل التعريف إليه، فلا ينطق: «المُوَظَّفُ الجَيِّدُ عَمَلِهِ»، بل ينطق «المُوَظَّفُ الجَيِّدُ العَمَلِ».

عمل اسم التفضيل

اسم التفضيل هوأضعف العوامل التي تحمل الفاعل، ويدلُّ على ذلك كثرة شروطه وعدم مقدرته على نصب مفعول به. وفاعل اسم التفضيل غالباً ماقد يكون ضمير مستتر، مثل: «مُحَمَّدٌ أَكرَمُ مِن صَالِحٍ»، حيث «أَكرَمُ» اسم تفضيل والفاعل ضمير مستتر تقديره «هُوَ» عائد على «مُحَمَّدٌ». ولا يحمل اسم التفضيل فاعل ظاهر إلا إذا صلح وقوع عمل بمعناه مسقطه، فإن لم يصلح لم يحمل اسم التفضيل فاعل، إلَّا في لغة ضعيفة مشكوكة. ويشترط لكي يعمل اسم التفضيل حتى تتوافر ثلاثة شروط إذا اختلَّ أحدها بَطُل عمله، وهذه الشروط هي:

  1. أن يُسبق اسم التفضيل بأداة نفي أوما شابهها.
  2. أنقد يكون الفاعل أجنبياً.
  3. أنقد يكون مفضلاً على نفسه.

الإسناد إلى الفاعل

الصفحة 88 من شرح ابن يعيش لكتاب المفصل للزمخشري. يبدأ فيها الحديث عن الفاعل
انقر على الصورة للانتنطق إلى ويكي مصدر لقراءة الملف

الأصل حتى يسند إلى الفاعل عمل تام متصرف مبني للمعلوم، إلا أنَّ الفاعل قد يُسند إلى غير العمل من العوامل التي تحمله. وإسناد العمل أوشبهه إلى الفاعل مهم، ولا يسمى الفاعل فاعلاً إِلَّا إذا أُسند العمل إليه. لا يُسنَد العمل أوشبه العمل إِلّا إلى فاعل واحد فقط، أمَّا في جملة مثل: «جَاءَ صَالِحٌ ومُحَمَّدٌ» فحتى إذا كان العمل مُتعلّق معنوياً بكلاهما، إلَّا أنّه يسند إلى واحدٍ فقط، فيسند إلى اللفظ الأول والاسم الثاني يُعطف على الاسم الأول. وبعض النحاة يجعل العمل مُسنَداً إلى المعنى المفهوم من مجموع المعطوف والمعطوف عليه. والأمر نفسه ينطبق على التوكيد، فإذا قيل: «جَاءَ مُحَمَّدٌ مُحَمَّدٌ» فإنَّ العمل يُسند إلى الاسم الأول والثاني هوتوكيد لفظي للاسم الأول. وينطبق أيضاً على البدل، فينطق: «جَاءَ مُحَمَّدٌ الَّذِي تَحَدَّثتَ عنهُ» بإسناد العمل إلى «مُحَمَّدٌ» فقط، و«الَّذِي» بدل منه.

لا يُسنَدُ العمل إلى الفاعل دائماً فقد يُسند في بعض الأحيان إلى غيره، ويُصبح غيره هذا الذي أُسنِدَ إليه العمل هوالفاعل حتى وإن لم يكن فاعلاً في الواقع، فمثلاً قد يُسند العمل المبني للمعلوم إلى المفعول به في المعنى، كقولنا: «رَضِيَتْ عِيشَتُهُ» فالأصل في قولنا هذا: «رَضِيَ الفَاعِلُ عِيشَتَهُ». حيث أُسند العمل إلى المفعول به إسناداً معنوياً مجازياً بدلاً من الإسناد الأصلي إلى الفاعل، وذلك للمشابهة بين الفاعل والمفعول به في الجملة السابقة في تعلّق العمل بهما. وقد يُسند العمل أيضاً إلى المصدر بدلاً من الفاعل الحقيقي، فيصير المصدر فاعلاً، مثل: «جَدَّ جَدُّهُ» فالمقصود هو: «جَدَّ الفَاعِلُ جَدَّاً» وذلك أيضاً للمشابهة بين الفاعل والمصدر من حيث تعلّق العمل بهما. ويسند العمل أيضاً إلى ظرف الزمان، مثل: «قَامَ لَيلُهُ» بمعنى: «قَامَ الفَاعِلُ لَيلَهُ» أي ظلَّ مستيقظاً ليلاً.

قد يرتبط الفاعل معنوياً بعاملين أوأكثر، إلَّا أنَّ عاملاً واحداً فقط يُسند إليه، وهذا كقولنا: «كَلَّمَنِي وأَخبَرَنِي صَالِحٌ» والنزاع هنا حول العامل في حمل «صَالِحٌ» على الفاعلية، فكلّ من العملين السابقين في موضع يسمح له حتى يُسند إلى الفاعل. ففي حين يُفَضِّل البصريون إسناد العمل الأخير لقُربه من الفاعل، فإنَّ الكوفيين يُعطون العمل الأول أولوية الإسناد بحكم أسبقيته على غيره من الأفعال. ويرى نحاة آخرون أنَّ كُلاً من الأفعال السابقة تصلح حتى تُسند إلى الفاعل، ولا يُفضل في ذلك بعضها على بعض. والفراء يجيز حتى يُسنَد العملان كلاهما إلى الفاعل، فيصبح للفاعل عاملان. وإذا أُسند مثلاً العمل الثاني إلى الاسم الظاهر، فإنَّ العمل الأول حينها سيسند إلى ضمير مستتر مماثل للاسم الظاهر من ناحية العدد ومن ناحية التذكير والتأنيث. أمَّا إذا تَوسّط «صَالِحٌ» بينهما فيكون العمل الأول هوالمُسند إليه، أما العمل الثاني فيُسند إلى ضمير مستتر عائد على الفاعل المتوسط. وإذا تقدَّم «صَالِحٌ» على العملين كليهما، فيسند العمل الأول والثاني إلى ضمير مستتر عائد على «صَالِحٌ». وهذا على رأي البصريين.

أنواع الفاعل

يأتي الفاعل في أربع صور، مع الاختلاف على الأقل في صورة واحدة. فقد يحدث الفاعل اسماً ظاهراً، وهوالأصل ويكثر مجيئه على هذه الصورة، سواء كان هذا الاسم مفرد أومثنى أوجمع، مثل: «تَكَلَّمَ الخَطِيبُ» أو«تَكَلَّمَ الخَطِيبَانِ» أو «تَكَلَّمَ الخُطَبَاءُ». ويأتي الفاعل أيضاً ضميراً، ويكون هذا الضمير مستتراً، مثل: «الخَطِيبُ تَكَلَّمَ» أوضميراً بارزاً وفي أغلب الأحيانقد يكون متصلاً، مثل: «سَمِعتُ الصَّوتَ». والضمائر المتصلة التي يصحُّ حتى تكون في محلِّ حمل فاعل هي: تاء الفاعل للمتكلِّم أوالمخاطَب، نون النسوة، نَا الدالة على المتكلِّمين، واوالجماعة، ألف الاثنين، الياء للمخاطَب المؤنث. ويأتي كذلك ضميراً بارزاً منفصلاً، مثل: «مَا حَضَرَ إِلَّا هُوَ». ويجيء الفاعل مصدراً مؤولاً مسبوكاً من حرف مصدري وما تعلَّق به. والحروف المصدرية خمسة إلا أنَّ ثلاثاَ فقط يُسبك منها مصدراً في محل حمل فاعل، وهي: "«أنْ» والعمل المضارع" و"«مَا» والعمل الماضي" و"«أنَّ» واسمها وخبرها"، مثل: «يُرِيحُنِي أنْ يَنتَشِرَ الأَمنُ»، أو«يُطرِبُنِي مِن شِعرٍ مَا قُلتَهُ »، أو«يُسعِدُنِي أَنَّكَ بِخَيرٍ». وعلى رأي بعض النحاة فإنَّ الحروف المصدرية ستة حروف، بإضافة همزة التسوية إلى الخمسة المتفق عليهم، والمصدر المسبوك من همزة التسوية بإمكانه حتى يأتي في محل حمل فاعل، مثل: «سَوَاءً عَلِيهِم أَأَنذَرتُهُم أَم لَم تُنذِرهُم لَا يُؤمِنُون» حيث المصدر المؤول من «أَأَنذَرتُهُم أَم لَم تُنذِرهُم» وتقديره «إنذارك» في محل حمل فاعل لـ «سَوَاءً»، التي بمعنى اسم فاعل. ودائماً ما تأتي همزة التسوية بعد «سَوَاء»، وليس فقط في هذا المثال، وتلحقها حدثة «أَم». والبعض يرى أنَّ همزة التسوية لا يتكون منها مصدر مؤول في محل حمل فاعل، بلقد يكون في محلِّ حمل مبتدأ. أمَّا الحروف المصدرية الأخرى، وهي «كَي» و«لَو»، فلاقد يكون المصدر المؤول منها فاعلاً على الإطلاق. لأنَّ «كَي» يسبقها حرف الجر اللام، إما يسبقها ظاهراً أومقدّراً، لذا فالمصدر المؤول منها اسم مجرور بحرف الجر. أمَّا «لَو» فيسبقها عمل، ظاهر أومقدر أيضاً وتقديره: «يَودُّ»، لذا فالمصدر المؤول منها ينصب على المفعولية. ويكون الفاعل جملة، مثل: «وَتَبَيَّنَ لَكُم كَيفَ فَعَلنَا بِهِم». إلّا أنَّ هناك خلاف حول هذه المسألة (انظر: الخلاف حول وقوع الفاعل جملة)

استتار الضمائر إمَّاقد يكون جائزاً أوواجباً. وفي العادة فإنَّ الضمير المفرد المسند إلى الواحد الغائب أوالواحدة الغائبة في العمل الماضي والمضارعقد يكون استتاره جائزاً، وهذا عدا بضع حالات يوجب فيها استتاره، حيث يوجب استتار ضمير الغائب لعمل التعجب من صيغة «ما أعمله»، ويضاف إليه ضمائر الغائب لأفعال الاستثناء وهي: «خلا»، «عدا»، «حاشا»، فاستتاره فيها واجب أيضاً. ويعتقد سعيد الأفغاني بوجوب استتار ضمائر المفرد المتحدث والمفرد المخاطب في العمل المضارع والعمل الأمر إلى جانب أسماء الأفعال. أمّا محمد النادري فيرى أنَّ فاعل العمل المضارع يستتر وجوباً إذا أُسند إلى الواحد المخاطب أوإذا أُسند إلى المتحدث، سواء كان المتحدث مفرداً (أنا) أوجمعاً (نحن)، ويستتر وجوباً أيضاً فاعل عمل الأمر المسند إلى المفرد المخاطب فقط، وفاعل اسم العمل المسند إلى المخاطب أوالمتكلِّم. ويختصر ابن كمال باشا حالات وجوب استتار الفاعل في أربعة حالات، فيخط أنَّ الفاعل يُضمر لزوماً في الأفعال على الصيغ الآتية: «أَفعَلُ» و«نَفعَلُ» للمتكلّم، و«تَفعَلُ» و«إِفعَلْ» للمخاطب.

بما أنَّ الزمخشري يرى أنَّ الفاعل ونائب الفاعل هما في الحقيقة الشيء نفسه، فيجوز بالنسبة له حتىقد يكون الفاعل شبه جملة من الجار والمجرور، بحكم أنَّ نائب الفاعل يمكن حتىقد يكون جاراً ومجروراً، مثل: «كُتِبَ عَلَى السَبُّورَةِ» حيث شبه الجملة «عَلَى السَبُّورَةِ» من الجار والمجرور في محلِّ حمل فاعل حسب رأيه. ويمكن أيضاً للسبب نفسه حتىقد يكون الفاعل مصدراً مختصاً، مثل: «ضُرِبَ ضَربٌ مُبرِحٌ». أوظرفاً مختصاً، مثل: «وجِدَ مَكَانٌ جَمِيلٌ». ويكون الفاعل مفعولاً في المعنى، مثل: «ضُرِبَ قِطٌّ» إذا افترضنا أنَّ أصل الجملة السابقة: «ضَرَبتُ قِطَّاً». ونجد أيضاً حتى نحاة مثل عبد القاهر الجرجاني، وابن يعيش، ومهدي المخزومي يأخذون بهذا الرأي، وعندهم نائب الفاعل هوفاعل إصطلاحاً ومفهوماً. ومن النحاة المعاصرين إبراهيم مصطفى.

إذا اتى المصدر المؤول من أنَّ واسمها وخبرها بعد «لو» فيكون عندها المصدر المؤول فاعلاً لعمل محذوف وجوباً تقديره «ثبتَ»، مثل: «لوأنَّ السَمَاءَ تُمطِرُ لَمَا جَفَّ الزَرعُ» وتقدير الجملة بعد إظهار العمل المحذوف: «لَوثَبَتَ إِمطَارُ السَمَاءِ» حيث المصدر «إِمطَارُ» المسبوك من أنَّ واسمها وخبرها فاعل «ثَبَتَ».

حذف الفاعل

الأصل في اللغة العربية ألّا يُحذف شيء من الكلام، إلّا أنَّ جزءاً منه قد يخفى إذا ما ذُكر من قبل، وهوما يسميه بعض النحاة «حذفاً». والمشهور حتى حذف الفاعل ممنوع، إلا في مواضع خاصة تناولها النحاة. فيحذف الفاعل إذا سَبَقَ الحديث عنه ولم تقتضِ الحاجة إعادة ذكره، فينطق مثلاً: «جَاءَ» جواباً لمن يسأل: «هَل جَاءَ أَحمَدٌ؟» فالملاحظ أنَّ الفاعل حُذِفَ لأنَّ الحديث بأكمله يدور حوله، فلم يعد هناك داع للإشارة إليه بحكم أنَّ هويته معروفة عملاً بين المتحدثين، وتقدير الجملة قبل حذف الفاعل: «جَاءَ أَحمَدٌ». وقد يحذف الفاعل إذا دلَّ عليه السياق، حتى وإنْ لم يسبق ذكره، مثل: «حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ» بمعنى "حتى توارت الشمس بالحجاب". حيث عُرف الفاعل بالسياق الذي دلَّ عليه، بينما لم يسبق ذكر الشمس قبل هذه الآية. وهناك خلاف حول هذه المسألة، حول ما إذا كان الفاعل يُحذف، أي لا يوجد بتاتاً، أوأنَّه فقط يُضمر فيكون الفاعل في الجمل السابقة ضمير مستتر. ويستشهد القائلون بحذف الفاعل بحديث سليم يُذكر فيه: «لا يزني الزّاني حين يزني وهومؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهومؤمن» ويصرّحون أنَّ فاعل «يشرب» محذوف، إذ لا يمكن حتىقد يكون ضمير مستتر عائد على «الزاني» لاختلاف المعنى، وبدلاً من هذا يُقدّرون فاعل محذوف وهو«شارب». وقد أجاز حذف الفاعل جميع من الكسائي والسهيلي وابن مضاء

وفي اللقاء، فإنَّ هناك من النحاة من يرفض حذف الفاعل عامةً، مع وجود استثناءات يُحذف فيها. ويخط عبده الراجحي، أستاذ اللغة العربية بجامعتي الإسكندرية وبيروت، أنَّ «مِن أحكام الفاعل أنَّه لا يحذف، بل يستتر جوازاً أووجوباً»، ويستدرك لاحقاً ويستثني حالة واحدة يوجب فيها حذف الفاعل، وهي عندما يُسند العمل المضارع إلى واوالجماعة أوياء المحاورة مع دخول نون التوكيد عليه. ويمنع عباس حسن حذف الفاعل لأنَّه كما يقول جزء أساسي من الجملة. ويمنع محمد النادري حذف الفاعل، لأنَّه حسب قوله «عمدة لابد منه ظاهراً أومستتراً في الكلام». ويرى جرجي شاهين عطية أنَّ العمل لا يمكن حتى يوجد بدون الفاعل، فهم معاً كالحدثة الواحدة على حدِّ تعبيره، فإن لم يكن الفاعل ظاهر فهوإذاً مستتر. ويشترط فؤاد نعمة وجود فاعل لأيَّ عمل مبني للمعلوم. ويجيز ابن كمال باشا حذف العمل والفاعل إذا دَلَّت عليهما قرينة، إِلَّا أنَّه يمنع حذف الفاعل وحده دون حذف عمله.

مضى جمهور النحاة إلى منع حذف الفاعل، مع وجود عدد من الاستثناءات يُحذف فيها الفاعل على وجه الوجوب أوالجواز، ويوجب حذف الفاعل أويجوز حذفه في الحالات الآتية:

  1. كثير من النحاة يجيزون حذف الفاعل بشرط حذف عامله معه، وذلك إذا دَلَّت عليهما قرينة، كأن ينطق: «نَعَم» جواباً لمن يسأل: «هَل جَاءَ أَحمَدٌ؟». فالأصل أنَّ «نَعَم» ترتبط إمَّا بجملة اسمية أوعملية تلحقها، وتقدير الكلام قبل حذف الجملة العملية افتراضاً: «نَعَم، جَاءَ أحمَدٌ» أمَّا إذا قلت كما في المثال السابق: «نَعَم، جَاءَ» فوفقاً لهذا الرأي، فأنت هنا ذكرت الفاعل إلا أنَّه هنا مضمر. أمَّا الكسائي فيخالف هذا، فهويجيز حذف الفاعل بدون حذف عامله، ويستشهد في إثبات صحة قوله بعدد من الآيات ومنها الآية 259 من سورة البقرة، التي يُذكر فيها: «فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ». ففاعل «تَبَيَّنَ» محذوف لديه، لأَنَّ إضماره سيؤدي إلى الإضمار قبل الذكر. ويوافقه فيما مضى إليه جميع من: ابن هشام، ابن الشجري، السهيلي، ابن مضاء. غير أنَّ الفراء يخالفه.
  2. ويُحذف الفاعل في أسلوب الاستثناء المفرع، فينطق: «مَا اجتَازَ البَابَ إِلَّا أَنتَ» حيث فاعل «اجتَازَ» محذوف تقديره «أحدٌ»، وتقدير الجملة بعد إظهار الفاعل المحذوف: «مَا اجتَازَ البَابَ أَحَدٌ إِلَّا أَنتَ». وهذا على رأي من يقول أنَّ «أَنتَ» هي في الأصل بدل من «أَحَدٌ».
  3. يُحذف الفاعل عندما يُسند العمل المضارع إلى واوالجماعة أوياء المحاورة مع دخول نون التوكيد عليه، فيؤدي ذلك وجوباً إلى حذف الضمائر المُسند إليها العمل، مثل: «لتنتصرُنَّ في المعركة» أو«لتدرِّسِنَّ يا مُفهمة»، وأصل العملين قبل حذف الفاعل واتصال نون التوكيد: «تَنتَصِرُونَ» و«تُدَرِّسِينَ».
  4. فاعل المصدر يُحذف جوازاً، مثل: «كِتَابَةٌ بِالقَلَمِ دَرساً وَاجِبَةٌ» حيث «دَرساً» مفعول للمصدر العامل عمل عمله «كِتَابَةٌ»، والفاعل محذوف لأنَّ المصدر لا يُضمَر فاعله، لكونه جامد فهولا يحتمل ضمير مستتر. غير أنَّ الأمر فيه خلاف، حيث يرى بعض النحاة المصدر اسم جامد مؤول بالمشتق، لذا فهويحتمل ضمير مستتر، وبالتالي فإنَّ فاعله ليس محذوفاً.
  5. يرى بعض النحاة أنَّ فاعل العمل المضارع المبدوء بالهمزة الدالة على المتحدث أوالنون الدالة على المتحدثين محذوف، بينما يمضى غيرهم إلى أنَّه مُضمر. والمسألة نفسها في عمل الأمر الموجه إلى المخاطب المذكر الواحد، حيث يعتقد البعض بوجوب حذف الفاعل وآخرون يُضمِرُوهُ.
  6. إذا كان عمله مبنيّاً إلى المجهول. ويُحذف على وجه الوجوب.

نائب الفاعل

عندما يُبنى العمل إلى المجهول يُحذف الفاعل كما سبق، ويحلُّ المفعول به محلَّ الفاعل المحذوف، فيأخذ حكمه في الحمل ويماثله في كثير من الأحكام سواءً المتعلّقة بمطابقة عامله له من حيث التذكير والتأنيث أوغيرها من أحكام الفاعل. ولا يُبنى إلى المجهول غير العمل الماضي والمضارع، أمَّا العمل الأمر فلا يُسند إلى نائب فاعل على الإطلاق. ولا ينوب عن الفاعل المفعول به فقط، فقد ينوب عنه ظرف متصرف مختص أومصدر متصرف مختص أوشبه جملة من الجار والمجرور حرفها متصرف واسمها مختص. ويجوز لأشباه العمل المبني للمجهول حمل نائب فاعل مثل الاسم المفعول أوالاسم المنسوب أوالمصدر المسبوك من أنْ والعمل المضارع المبني للمجهول.

وردت بعض الأفعال عن العرب مبنية للمجهول دائماً ولا تبنى للمعلوم، ويجب الانتباه فإنَّ هذه الإفعال تحمل بعدها فاعل وليس نائب فاعل، ومن أشهر هذه الأفعال: عُنِيَ، زُهِيَ، فُلِجَ، حُمَّ، سُلَّ، جُنَّ، غُمَّ، أُغْمِيَ، شُدِهَ، امْتُقِعَ، انْتُقِعَ، هُزِلَ، دُهِشَ، شُغِفَ به، أُوْلِعَ به، أُهْتِرَ به، اُسْتُهْتِرَ به، أُغْرِيَ به، أُغْرِمَ به، أُهْرِعَ، نُتِجَ. ويسلك المضارع مسلكها، فلا يحمل نائب فاعل وإنما فاعل، مثل: يُهْرَعُ، يُعْنَى، يُوْلَعُ، يُسْتَهْتَرُ. ويعتبر النحاة هذه الأفعال مبنية للمجهول في اللفظ لا في المعنى. وفي اللقاء فإن هناك من النحاة من ينكر وجود مثل هذه الأفعال، وأشهرهم ابن درستويه وابن بري ويوافقهم الرأي عباس حسن.

أغراض حذف الفاعل

متى ما بُني العمل إلى المجهول وحُذِف الفاعل وحلّ محلّه نائبه، لا يجوز بعدها حتى يُذكر الفاعل في الجملة أوحتى يؤتى بما يدلُّ عليه، فلا يُنطق مثلاً: «نُفِّذَت الخطة من قبل الحكومة» فهنا حُذف الفاعل ومن ثم ذكر ما يدلُّ عليه، فالفاعل إنما يُحذف لغرض ما فذكر ما يدلُّ عليه لاحقاً مناف لذلك. وإذا اقتضت الحاجة ذكر الفاعل فلا يُحذف في بداية الجملة، ويمكن صياغة العبارة بصورة سليمة على النحو: «نَفَّذَت الحكومةُ الخطّة». والأغراض التي تدعوالمتكلّم إلى حذف الفاعل كثيرة جدّاً، ويمكن ردّها إلى نوعين: أغراض لفظية، وأخرى معنوية. وهذه الأغراض لا تهمُّ النحاة كثيراً، فهي لا ترتبط بفهم النحوبصورة مباشرة، بقدر ما لها من ارتباط وأهمية في مباحث فهم البلاغة. والأغراض اللفظية منها مثلاً رغبة المتحدث في الإيجاز والاختصار في العبارة، مثل: «عندما اجتَهَد العامل رُقِّيَ». وقد يحذف الفاعل أيضاً للمماثلة بين حركات آخر الحدثات لتوحيد السجع في الكلام المنثور، مثل: «من حَسُنَ عمله، عُرِفَ فضله» أومثل «من طابت سريرته، حمدت سيرته». وكذلك للضرورة الشعرية كالمحافظة على النظم ووزن البيت الشعري. وقد يحذف الفاعل الذي يناب عنه لأغراض معنوية، وهي أكثر تنوعاً وتعدداً من الأغراض اللفظية. ومن الأغراض المعنوية المتكررة الشائعة:

  • الجهل به. فيحذف الفاعل من الجملة عندماقد يكون مجهولاً، ويحلّ محله نائب الفاعل. مثل: «سُرِقَ المال»، في حالة إذا كان السارق مجهولاً للمتكلّم ولكنَّ آثاره أوأفعاله معلومة.
  • الفهم به. فإذا كان الفاعل معلوماً لدى ذهن المتحدث ومن يكلّمه فلا تقتضي الحاجة ذكره ويحذف لذلك. مثل: Ra bracket.png خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آَيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ Aya-37.png La bracket.png. ففي الآية السابقة، لم تقتضي الحاجة التذكير بأن الله هوخالق الإنسان، بافتراض حتى تلك حقيقة معلومة. فُحذف الفاعل، ويقدّر "الله"، وحلّ محله "الإنسان" وهوالمفعول به.
  • الخوف منه أوالخوف عليه. إذا كان ذكر الفاعل يعتبر بوجه من الأوجه تعدياً عليه، فيحذف الفاعل للخوف منه. مثل: «قُتِلَ الرجل»، فلا يذكر القاتل - إذا كان معلوماً - خوفاً من سطوته أوأذاه، وفي الجملة السابقة ناب عنه المفعول به. وكذلك من الممكن حتى يحذف الفاعل في الجملة نفسها لغرض إخفاء القاتل خوفاً عليه أوحفاظاً على مصلحته الشخصية كيلا يُعاقب أويُسجن مثلاً.
  • حذف الفاعل لقصد إبهامه. عندما لا يريد المتكلّم إظهاره، مثل: «تُصُدِّقَ على مسكين» فيُخفى المتصدق لأسباب أخلاقية أودينية، أو«أُهِيْنَ مُتَكَبِّرٌ» فيقصد إبهامه لغرض التواضع أولأغراض أخرى.
  • تعظيم الفاعل أوتحقيره. ففي السياق الذي يُصبح ذكر الفاعل فيه انتقاص من قدره، يحذف الفاعل تعظيما لشأنه وصيانة له. مثل: «خُلِقَ الخنزير»، فيحذف اسم "الله" من الجملة السابقة تعظيماً للخالق. وكذلك قد يُحذف الفاعل لغرض تحقيره بإهماله وتصغير شأنه ، كالقول: «نُظِّفَ الشارعُ» تحقيراً لمن يُنظّفه. ويجب لفت الانتباه إلى أنَّ تعظيم الفاعلقد يكون بحذفه في مواضع ولكنه قد يحدث في مواضع أخرى بذكره، مثل الآية: «أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ» فالغرض وراء ذكر الله الإيحاء بعدم قدرة أحد على تغيير إرادته، وفي هذا تعظيماً له. وعموماً، فإنَّ التعبير القرآني مثال جيّد على حذف الفاعل أوالامتناع عن حذفه لتعظيمه، فنجد عند ذكر النِعم والخير أنَّ الفاعل - الله - عادة ما يُذكر، وفي اللقاء فعند الحديث عن الشرور عادة ما يُبنى العمل إلى المجهول ويحذف الفاعل، تنزيهاً للإله عنها.
  • إذا كان ذكره لا يفيد شيئاً. وذلك عندما لاقد يكون الفاعل محور الحديث ولا طرفاً أوعاملاًَ مهمّاً فيه ولا غرض يتعلّق به، فعندها ذكر الفاعل أوتجاهله لا يغيّر أويؤثّر شيئاً، وذلك لأن ذهن المتكلّم والمخاطب موجّه إلى غيره. مثل: «أُعْلِنَتْ نَتَائِجُ الإنتخابات البرلمانية، وفاز حزب العدالة والتنمية بأكبر تمثيل فيها»، فالخبر الرئيس في الجملة السابقة هوفوز حزب محدَّدٌ في إنتخابات برلمانية، ولا يهمُّ - في الجملة السابقة - من هي الجهة التي اصدرت هذه النتائج. وأيضاً مثل: Ra bracket.png يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا ت Aya-11.png La bracket.png، والغرض من العمل في مثل هذه الجمل ليس إسناده إلى فاعل معيّن، بل إلى أي فاعل يمكن حتىقد يكون.

التماثل بين الفاعل ونائبه

الاستغناء عن الفاعل

بعض الأفعال لا بحاجة إلى فاعل، لذا فلاقد يكون فاعلها مذكور في الجملة ولا هومحذوف، وقد يتوهم المرء خطأً أنَّه حُذف لسبب من الأسباب. وهذه الأفعال استغنت عن فاعلها استغناءً تاماً فهوغير موجود ولا يمكن حتى يوجد لا ظاهراً ولا مُضمَراً، ويُطلق على الأفعال من هذا الصنف «الأفعال الساذجة» أو«الأفعال المفرغة» أو«الأفعال المفردة»، والمصطلح الأخير هوالأكثر شهرة، وسُمِّيت هذه الأفعال مفردةً لعدم قدرتها تكوين جمل عملية. ويُفَرِّق النحاة بين مصطلحي «الفاعل المحذوف» و«الفاعل المستغنى عنه»، فالفاعل المحذوف موجود ومطلوب حتى يستقيم معنى الكلام، وذلك قبل حتى تُوجِب أوتسمح مواضع بحدِّ ذاتها حذفه، وحتى يكتمل معنى الجملة بعد حذفه فلا بُدَّ من تراكيب لغوية تقوم مقامه وتملأ فراغه. بينما الفاعل المستغنى عنه ليس مطلوباً ليكتمل معنى الجملة، ولا ضرورة لملأ فراغَ انعدامه. ومن هذه الأفعال التي لا تحمل فاعلاً، الأفعال الناسيرة التي تدخل على الجملة الاسمية فتحمل المبتدأ وتنصب الخبر، مثل كان وأخواتها وأفعال المقاربة والراتى والشروع، ففاعلها ليس محذوفاً مع أنَّه ليس موجود، وذلك لأنَّه لم يكن موجوداً أصلاً حتى يُحذَف، فهذه الأفعال لا بحاجة إلى فاعل حتى يوجد ويحذف في البداية. ومن الأفعال التي لا بحاجة إلى فاعل كان الزائدة، مثل: «الوَضعُ - كَانَ - مُعَقَّدٌ ويَتَحَسَّنُ تَدرِيجِياً» أو«لَم يَتَكَلَّم - كَانَ - عَالِمٌ»، و«كَانَ» هنا غير كان العمل الناقص أوكان العمل التام، وهي تأتي في صيغة العمل الماضي فقط وتتوسط بين شيئين متلازمين كالمبتدأ والخبر كما في المثال الأول والعمل والفاعل كما في المثال الثاني، وفاعل كان الزائدة غير موجود ولا يمكن حتى يوجد على الإطلاق.

ومن هذه الأفعال المستغنية عن الفاعل، العمل الذي يأتي للتوكيد اللفظي، مثل: «احذَر - احذَر - الاحتِكَاكَ بِالمَرضَى» فالعمل الثاني هوتوكيد لفظي الغرض منه التأكيد على معنى العمل الأول، ولا يلحقه أي فاعل سوى فاعل العمل الأول. والعمل إذا اتصلت به «مَا» التي تكفُّ العامل عن العمل لم يحمل فاعلاً ولا يعتبر كذلك محذوفاً وفقاً لبعض النحاة، مثل: «يَأمَنَكَ النَّاسُ طَالَمَا تَصدِقُ فِي قَولِكَ» حيث فاعل «طَالَمَا» لا يُذكر على الإطلاق ولا هومحذوف ولكنه غير موجود، لدخول ما الكافة على العمل، وأفعال أخرى تدخل عليها ما الكافة مثل: «قَلَّمَا» و«كَثُرَ مَا». غير أنَّ المسألةَ فيها خلاف، حيث يرى بعض آخر من النحاة أنَّ «مَا» هذه هي في الواقع حرف مصدري، والمصدر المسبوك منها ومن الجملة العملية التي تليها فاعل للعمل. ويفسر بعض النحاة عدم احتياج هذه الأفعال إلى فاعلٍ بشبهها بالحرف «رُبَّ»، وهي حجة يصفها عباس حسن أنَّها واهية. ويعتقد خليل عمايرة أنَّ «طَالَمَا» ومثلها «قَلَّمَا» و«كَثُرَ مَا» ليست أفعالاً، بل هي في واقع الأمر أدوات، ويبرهن على ذلك بافتقار تلك الألفاظ إلى الدلالة على الحدث والزمان، وهما السمتان المشهجرتان في جميع الأفعال، وينفي في الوقت نفسه حتى تكون «طَالَمَا» مكونة من العمل «طَالَ» بالإضافة إلى «مَا».

البعض يرى أنَّ العمل المعطوف على عمل آخر منصوب أومجزوم لا يحتاج إلى أيِّ فاعل، أما إذا عُطِفَ على عمل مرفوع فله وجهان، فيمكن حتى يَرفَع فاعلاً مضمراً ويمكن حتى يُضَمَّ إلى البقية ولا يوضع له فاعل، والفصل عند المُعرِب. وكذلك العمل الذي يفصل بين المضاف والمضاف إليه، فلا يعمل في أي اسمِ. ويرى بعض النحاة أنَّ العمل الذي يأتي مُفَسِّراً لعمل آخر محذوف وجوباً لا يحتاج إلى أيِّ فاعل، كالعمل الذي يأتي بعد اسم مرفوع مسبوق بأداة شرط، مثل الآية: «وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرهُ» حيث «أَحَدٌ» فاعل لعمل محذوف وجوباً تقديره «استجارك»، والعمل «اسْتَجَارَكَ» الظاهر في الآية مُفَسِّر للعمل المحذوف وفاعله غير موجود وغير محذوف طبقاً لرأي جماعة من النحاة، وعلى رأي نحاة آخرين فإنَّ فاعل «اسْتَجَارَكَ» هوضمير مستتر عائد على فاعل العمل المحذوف، وغيرهم يرى أنَّ الفاعل هواسم مضاف إلى ضمير مستتر يعود على الفاعل الأول.

تبعية العمل للفاعل

تأنيث العمل تبعية للفاعل

الأصل إذا كان الفاعل مؤنثاً لُحِقَ بالعمل علامة التأنيث، وهي تاء التأنيث الساكنة التي تلحق بآخر العمل الماضي، مثل: «كَتَبَت فَاطِمَةُ» وتاء التأنيث المتحركة التي تلحق بأول العمل المضارع، مثل: «تَكتُبُ فَاطِمَةُ» أمَّا إذا اتصل بآخر العمل المضارع نون النسوة فالأفضل عندها بدء العمل بياء المضارعة، مثل: «المُعَلِّمَاتُ يُدَرِّسنَ» مع جواز بدء العمل بتاء التأنيث المتحركة، مثل: «المُعَلِّمَاتُ تُدَرِّسنَ». بينما إذا كان الفاعل مذكّراً فالأصل أنْ يجرّد العمل من علامات التأنيث، مثل: «كَتَبَ أَحمَدٌ». ويجب التفريق بين تاء التأنيث المتحركة التي تدخل على أول العمل المضارع للدلالة على التأنيث، وبين تاء المحاورة التي تدخل أيضاً على أول العمل المضارع ولكن لتوجيه الحديث نحوالمخاطب، فينطق مثلاً: «لَا تَلعَب بِالنَّار» فالمخاطب هنا أوالفاعل ليس بالضرورة مؤنث أومذكر، فالتاء هنا لم تأتي للدلالة على الجنس.

والعمل في الأصل لا يؤنث أويُذكر، ولكن يطلق عليه كذلك مجازاً. حيث تدخل تاء التأنيث في الأساس ليس لتأنيث العمل، وإِنَّما للدلالة على تأنيث الفاعل أونائب الفاعل. وتختلف حالة تأنيث العمل من الجواز إلى الوجوب إلى المنع وفقاً لنوع تأنيث وحالة الفاعل الذي يسند إليه العمل. وتجدر الإشارة إلى أنَّ الفاعل إذا كان اسم مؤنث لغوياً ولا يمكن التفريق بين مذكره ومؤنثه، مثل مفرد اسم الجنس الجمعي، أي أنَّ اللفظ المؤنث يضم كلاً من المذكر والمؤنث في المعنى، فيعامل باعتباره مؤنث ويؤنث العمل تباعاً له، مثل: «مَاتَتْ بَقَرَةٌ» حيث تدخل علامة التأنيث على العمل سواء أكانت «بَقَرَةٌ» في الواقع مذكر أومؤنث. وفي اللقاء فإنَّ الألفاظ التي لا تؤنث لغوياً، أي الألفاظ التي لا تدخل عليها علامات التأنيث ولا يمكن التفريق بين مذكرها أومؤنثها، تعامل باعتبارها اسم مذكر ولا تدخل علامة التأنيث على عملها حتى وإن كان الفاعل مؤنث في المعنى، ومن هذه الأسماء اسم الجنس المفرد الخالي من التاء، مثل: «برغوث». أمَّا إذا كان بالإمكان التفريق بين الجنس المؤنث والمذكر، فتدخل علامات التأنيث في هذه الحالة على العمل.

إذا أُضيف الفاعل إلى حدثة أخرى فقد يؤثر ذلك على تذكيره أوتأنيثه وفقاً لنوع الحدثة التي أُضيف إليها، وهوما سيؤثر على تأنيث العمل أوتذكيره ويسبب خروقاً لقواعد مطابقة العمل للفاعل، فيمكن القول مثلاً: «كَتَبَت قَلَمُ الكَاتِبَةِ» عملى الرغم من أنَّ القواعد تقضي بوجوب تذكير العمل بحكم حتى الفاعل اسم مفرد مذكر ظاهر لم ينفصل عن عمله، إلّا أنَّ تأنيث العمل جائز لأنَّ الفاعل اكتسب من المضاف إليه نوعاً من التأنيث. ويشترط في ذلك حتى يصح إسناد العمل إلى المضاف إليه بدلاً من الفاعل، أي أنْ يصح إقامة المضاف إليه مقام الفاعل بعد حذفه بدون حتى يحدث أي تغيّر في المعنى، وتُقَدَّر الجملة السابقة طالما إسناد العمل إلى المضاف إليه على النحو: «كَتَبَتِ الكَاتِبَةُ» ويلاحظ حتى لا خلل وقع في المعنى. أمّا في جملة مثل: «تَقَدَّمَ قَائِدُ الوَحدَةِ» فلا يصحُّ تأنيث العمل وذلك لأنَّ إسناد العمل إلى المضاف إليه يُحدث تغيّراً في المعنى. أمَّا في حالة عَطف اسم مذكر على فاعل مؤنث، فلا يؤثر هذا في تأنيث العمل حتى وإن صحَّ إسناد العمل إلى المعطوف، فينطق: «كَتَبَت عَائِشَةٌ وأَحمَدٌ الدَرسَ» بتأنيث العمل. والعكس سليم، إذا عُطِفَ على الفاعل المذكر اسم مؤنث فلا يؤثر هذا في تذكير العمل، مثل: «كَتَبَ أَحمَدٌ وعَائِشَةٌ الدَرسَ». أمَّا إذا تقدّم على العملِ الفاعلُ والاسم المعطوف فيُوجَبُ في هذه الحالة تذكير العمل، ولا يُنظَر في ذلك إذا كان المذكر هوالفاعل أوالاسم المعطوف، وهذا من طبيعة الحال إنْ صَحَّ تَقَدُّم الفاعل على عمله، مثل: «أَحمَدٌ وعَائِشَةٌ كَتَبَا الدَرسَ» أو«عَائِشَةٌ وأَحمَدٌ كَتَبَا الدَرسَ» بتذكير العمل في الحالتين.

إذا كَان الفاعل يُقصد به لفظ معيّن، سواء كان هذا اللفظ في الواقع اسم أوحرف أوعمل، فيُعامل باعتباره اسم مفرد مُذكَّر ويُذَكَّر العمل تبعية له، أويُعَاملُ كاسم مفرد مؤنث ويُؤَنَّثُ العمل تبعية له. فيُنطق مثلاً: «يكفِينِي شُكراً» فالفاعل هنا ليس ذات مجسدة في الواقع وإنَّما حدثة «شُكراً» في حدِّ ذاتها، ويجوز إذا كان الفاعل يقصد به لفظ حتى يُذْكَر عامله أوحتى يؤنث، والتذكير كما في المثال السابق على التأويل بحدثة «لَفظ»، فكأنَّما القائل في المثال عنى بقوله السابق: «يكفِينِي لَفظُ «شُكراً»» حيث «لَفظُ» المذكَّرة هي الفاعل والسبب وراء تذكير العمل. وقد يؤنَّث العامل، مثل: «تكفِينِي شُكراً»، والتأنيث يأتي على التأويل بحدثة «كَلِمَة»، فكأنَّما الفائل قصد: «تكفِينِي كَلِمَةُ «شُكراً»» حيث «كَلِمَةُ» هي الفاعل والسبب وراء تأنيث العمل.

وجوب التأنيث

«تنطبق على الاسم المثنى الأحكام جميعها التي تنطبق على الاسم المفرد، من ناحية وجوب أوجواز أومنع تأنيث عامله، أمَّا الاسم الجمع فله أحكام تخصّه يكثر ذكرها في قسم جواز التأنيث»

يؤنث العمل تبعية للفاعل وجوباً في خمسة حالات، إذا أحصيت جميع الآراء. وهي على النحو:

  1. فيؤنث العمل وجوباً إذا كان الفاعل ضمير مستتر يعود على مؤنث حقيقي أومجازي، مثل: Ra bracket.png وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ Aya-38.png La bracket.png فالعمل المضارع «تَجْرِي» لُحِقَت به علامة التأنيث لأنَّ الفاعل هنا هوضمير مستتر يعود على الشمس، والتي هي اسم مؤنث مجازي. غير أنَّ ابن مالك يجيز تذكير العمل إذا كان الفاعل ضمير مستتر عائد على مؤنث مجازي، فيجوز القول على رأيه: «العَجَلَةُ دَارَ» أو«العَجَلَةُ يَدُورُ».
  2. ويُوجَبُ تأنيث العمل كذلك إذا أُسند إلى اسم ظاهر حقيقي التأنيث ولا يفصله عن العمل أي فاصل، مثل: «كَتَبَتْ فَاطِمَةُ الرِسَالَةَ» حيث أُلحق بآخر العمل الماضي تاء التأنيث الساكنة لأنَّ «فَاطِمَةُ» مؤنث حقيقي غير منفصل عن العمل. فإذا كان الفاعل مؤنث مجازي غير حقيقي أوسبقه فاصل ما جاز ألّا يؤنث عمله. ويُستثنى من ذلك عملي المدح والذم «نِعمَ» و«بِئسَ» وما ماثلهما، حيث يجوز فيهما تذكير العمل أوتأنيثه، أوالأفعال التيقد يكون فاعلها جمعاً فلها أحكام خاصة بها. ويزعم بعض النحاة، لعلَّ أشهرهم ابن مالك وابن عقيل، أنَّ العمل يجوز تذكيره حتى وإنْ كان الفاعل اسم ظاهر حقيقي التأنيث غير منفصل عن عمله.
  3. وعلى رأي الأغلبية، إذا كان الفاعل جمع مؤنث سالم وجب تأنيث العمل تبعية للفاعل، مثل: «انْطَلَقَتْ القَافِلاتُ». ويستثني سعيد الأفغاني جمع المؤنث السالم الذي مفرده مؤنث لفظاً ولكنه مذكر تماماً في المعنى، فإنَّ التأنيث فيه جائز وليس واجب، مثل: «ظهر الحمزات» أو«ظهرت الحمزات» لأنَّ الاسم المفرد «طلحة» قد يحدث مؤنث لفظاً إلا أنَّه لا يدلُّ إلا على التذكير. ويشترط عباس حسن استيفاء جمع المؤنث السالم جميع شروطه حتى يُوجبُ تأنيث عمله، أمَّا إذا خالف أحد الشروط، كما في المثال السابق، فيجوز تذكيره أوتأنيثه. وتجدر الإشارة إلى أنَّ جماعة من النحاة الكوفيين أجازوا تذكير عمل جمع المؤنث السالم على الإطلاق، وبدون وضع قيود أوشروط لتذكيره.
  4. وأيضاً إذا كان الفاعل ضمير عائد على جمع تكسير لمذكر غير عاقل، مثل: «العصور المظلمة انتهت». وفي هذه الحالة، قد يؤنث العمل إمَّا بالتاء أوبنون النسوة، مثل: «الحِجارُ تَكَسَّرَت» أو«الحِجارُ تَكَسَّرنَ».
  5. ويخط بعض النحاة أنَّ العمل يؤنث وجوباً إذا كان الفاعل ضمير متصل بالعمل عائد على مؤنث حقيقي أومجازي، مثل: «العاملتان اجتهدتا».

يختصر يوسف الصيداوي الحالات الخمس السابقة في حالتين فقط، فيذكر أنَّ العمل يؤنث وجوباً إذا كان فاعله مؤنث حقيقي ولم ينفصل عن عمله، والحالة الأخرى عندما يتقدم الفاعل المؤنث على العمل. وبينما هناك الكثير من الشواهد التي تدعم وجوب تأنيث العمل في الحالات الخمس السابقة، إلّا أنَّ هناك شواهد أخرى تخرق قواعد وجوب تأنيث العمل، وهي شواهد نادرة ومنها بيت شعر للبيد يخاطب فيه ابنتيه حيث يقول فيه: «تَمَنّى ابنَتَايَ حتى يَعيشَ أبُوهُما» فبحكم أنَّ الفاعل اسم مؤنث حقيقي لم ينفصل عن عمله، فالأصل وفق القواعد حتى يؤنث العمل الماضي على النحو: «تَمَنَّت»، وهوما لم يحدث. وتفسير النحاة أنَّ لبيد عنى بالعمل السابق حتىقد يكون مضارعاً، ويجوز من الناحية الصرفية حذف تاء المضارعة التي تلحق بأول العمل، حيث أنَّ العمل قبل حذف التاء على الصورة: «تَتَمَنَّى».

جواز التأنيث

الصفحة الثامنة عشر من ألفية ابن مالك. يبدأ فيها الحديث عن الفاعل
انقر على الصورة للانتنطق إلى ويكي مصدر لقراءة الملف
الصفحة 120 من شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك
انقر على الصورة للانتنطق إلى ويكي مصدر لقراءة الملف

يؤنث العمل تبعية للفاعل جوازاً في خمسة حالات:

  1. فيؤنث العمل جوازاً إذا كان الفاعل اسماً ظاهراً مجازي التأنيث، ولا يشترط في هذه الحالة وجود فاصل من عدمه، مثل: «حَكَمَتْ المَحْكَمَةُ» فيصحُّ القول كذلك «حَكَمَ المَحْكَمَةُ». حيث صحَّ تأنيث العمل باعتبار الفاعل مؤنث لغوياً، وصحَّ التذكير باعتبار أنَّ الفاعل ليس مؤنثاً في الواقع. والتأنيث في هذه الحالة أكثر فصاحة من التذكير.
  2. ويؤنث جوازاً إذا كان الفاعل اسم ظاهر حقيقي التأنيث، وسقط بينه وبين العمل أي فاصل ما عدا «إلّا» أو«غَير» أو«سوى»، مثل: «تستريح هناك العاملات» أو«يستريح هناك العاملات». ref>محمد عيد، ص. 404</ref> ومضى معظم النحاة إلى أنَّ تأنيث العمل هوالأكثر فصاحةً في هذه الحالة، ويرى سيبويه أنَّه حدثا كان الفاصل بين العمل والفاعل أطول أصبح تذكير العمل أكثر استساغةً، أمَّا فاضل السامرائي فيخط بما معناه أنَّ المعنى المفهوم والسياق المحيط هوالذي يُحدِّد الأسلوب الأكثر فصاحة، أهوتذكير العمل أم تأنيثه، وبدون الالتفات إلى طول أوقصر الفاصل. ويعود سبب تأنيث العمل إلى الفاعل المؤنث الذي أسند إليه، وتفسير إمكانية تذكير العمل هوالفاصل، حيث أنَّ بُعد الفاعل عن عمله أدى إلى ضعف الإسناد بينهما وضعف الحاجة إلى علامة تأنيث تدخل على العمل. أما إذا كان الفاصل الحروف السابق ذكرها فالأولى تذكير العمل. ويجيز بعض النحويون تأنيث العمل حتى إذا كان الفاصل بين الفاعل الحقيقي التأنيث وعمله هوأداة الاستثناء «إلّا» أوغيرها من أدوات الاستثناء، غير أنَّهم يفضّلون تذكير العمل في هذه الحالة مع الإبقاء على جواز تأنيثه.
  3. ويؤنث العمل أيضاً جوازاً إذا كان الفاعل جمع تكسير، سواء كان الاسم المفرد منه مذكر أومؤنث، مثل: «قَالَتِ الْأَعْرَابُ» أو«نطق الأعراب». ويتضمن هذا أيضاً اسم الجمع، مثل «قوم» أو«نساء». واسم الجنس الجمعي المعرب دون المبني، مثل: «العرب» أو«الروم». وذلك بإجماع النحاة على اختلاف مذاهبهم. والأولى في هذه الحالة تذكير العمل إذا كان مفرد جمع التكسير مذكراً، وتأنيث العمل عندماقد يكون مفرد جمع التكسير مؤنثاً. ويعود سبب تأنيث عمل جمع التكسير حسب رأي بعض النحاة إلى التأويل بلفظ «جماعة» أو«فئة»، ويعود التذكير إلى التأويل بلفظ «جمع» أو«فريق». فإذا نطق قائل: «كَذَبَ السَّحَرَةُ» بتذكير العمل، فكأنَّما عنى بقوله: «كَذَبَ جَمعُ أَوفَرِيقُ السَّحَرَةِ». وكذلك في التأنيث فإذا نطق: «كَذَبَت السَّحَرَةِ»، فكأنَّما عنى: «كَذَبَت جَمَاعَةُ أَوفِئَةُ السَّحَرَةِ». ووفقاً لرأي جماعة من النحاة أغلبهم من المدرسة الكوفية، فإنَّ جواز التأنيث ليس خاص فقط بجمع التكسير بل هوعام ينطبق على أيّ جمع كان، ويتضمن هذا جمع المذكر السالم وجمع المؤنث السالم . أمّا أبوعلي الفارسي فيجيز التأنيث في جميع جمع ما عدا جمع المذكر السالم حسب رأيه فإن التذكير فيه واجب. ويوافقه الرأي فاضل السامرائي. ويجيز ابن مالك تذكير العمل أوتأنيثه إذا كان الفاعل جمع مؤنث سالم. ويجيز عباس حسن تأنيث عمل جمع المذكر السالم إذا لم يستوفِ الشروط، ويمنع التأنيث إذا كان جمعاً مذكراً سالماً مستوفياً جميع شروطه. أمّا جمهور البصريين فمضىوا إلى وجوب تأنيث عمل جمع المؤنث السالم الذي تأنيثه حقيقي، أما جمع المؤنث السالم مجازي التأنيث فإنَّ تأنيث عمله جائز حسب رأيهم وليس واجب. ويؤنث جوازاً عمل الملحق بالجمع المذكر السالم والملحق بالجمع المؤنث سالم.
  4. ويجوز تأنيث العمل أوتذكيره إذا كان الفاعل اسماً مؤنثاً ظاهراً، و«نِعْمَ» أو«بِئْسَ» أوما ماثلهما هوالعمل الذي أسند إليه. وفي هذه الحالة أغلب الآراء تشير إلى أنَّ التأنيث هوالأكثر فصاحة. وتأويل جواز التأنيث في هذه الحالة عند بعض النحاة هوأنَّ العمل الجامد يجري مجرى المشتق فيُؤنث لذلك، وفي نفس الوقت فإنَّ الجمود فيه سبب لتذكيره. ويرى نحاة آخرون أنَّ دلالة الفاعل على عموم العمل على جنس معين السببُ وراء جواز تأنيث عمله أوتذكيره، مثل: «نِعمَ المُدَرِّسَةُ» فالمتحدث هنا لا يخصُّ بالمدح فرد معين، وإنَّما يُعمِّمهُ على جنس تام من المدرِّسات. فيجوز القول: «نِعمَت المُدَرِّسَةُ».
  5. ويؤنث العمل جوازاً إذا كان الفاعل ضميراً منفصلاً مؤنثاً، واقع عليه الحصر، مثل: «مَا حَضَرَ إِلَّا هِيَ» أو«إنَّمَا حَضَرَ هِيَ». فيجوز القول كذلك: «مَا حَضَرَت إِلَّا هِيَ» «إنَّمَا حَضَرَت هِيَ». والتذكير في هذه الحالة أفصح، مع تقبيح التأنيث. إلَّا أنَّ المسألة فيها خلاف. فمن النحاة من يرفض بتراً تأنيث العمل في هذه الحالة.
  6. ويضيف بعض النحاة حالة أخرى وهي إذا كان الفاعل ضمير عائد على جمع تكسير لمذكر عاقل، مثل: «العُلماء أفتوا» فيجوز كذلك «الفهماء أفتت». والتذكير أفصح في هذه الحالة.
  7. إذا كان الفاعل جمع مؤنث سالم غير أنَّ مفرده مُذَكَّر تماماً في المعنى، وهوفي الأصل لفظ مذكر جُمِعَ بألف وتاء زائدتين، مثل: «قَالَت الطَلحَاتُ» أو«قَالَ الطَلحَاتُ». والتذكير في هذه الحالة هوالأكثر فصاحة.

وفي حالات الجواز هذه، الأغلب حتىقد يكون تأنيث العمل أوعدم تأنيثه متعلّق بما يُقصَد بالفاعل من معنى، فبشكل عام إذا كان الفاعل لفظ مذكر قُصِدَ به معنى مؤنث فإن تأنيث العمل في هذه الحالة يظهر مستساغاً، وكذا إذا كان الفاعل لفظ مؤنث قصد به معنى مذكر فتذكير العمل يصبح مقبول أيضاً. وقد ورد في القرآن عدد من الألفاظ مذكرة العمل حيناً بينما يؤنث عملها في أحيان أخرى وفق السياق الذي وردت فيه والمعنى المقصود بها، ومنها: الشفاعة، الموعظة، الظلالة، العاقبة، البينة، الصيحة. وفي اللقاء فإنَّ أحمد الهاشمي يقر حتى التأنيث هوالأولى، لأنه حسب قوله «الأصل ولا مقتضى للعدول عنه».

تذكير العمل (منع التأنيث)

وفي اللقاء فإن العمل يُذَكَّر، أي لا تدخل عليه تاء التأنيث في العمل الماضي ولا تاء المضارعة للمؤنث في العمل المضارع، إذا كان الفاعل اسم مفرد مذكر، مثل: «كَتَبَ الرَجُلُ». أوإذا كان اسم مثنى مذكر، مثل: «تَقَاتَلَ الجَيشَان». أوإذا كان الفاعل جمع مذكر سالم، مثل: «عَمِلَ العَامِلُون»، أمّا الملحق بالمذكر السالم فإنَّه يجيز تذكير العمل وتأنيثه في الوقت نفسه، مثل: «نقض بنوقريظة العهد» فيجوز كذلك القول «نقضت بنوقريظة العهد» حيث «بنو» من الملحقات بالجمع المذكر السالم. وجمع المذكر السالم هوالوحيد من الجموع الذي يوجب تذكير العمل على رأي الأغلبية، إلا أنَّ هناك جماعة من النحاة الكوفيين يجيزون تأنيثه. والخلاصة أنَّ العمل يذكر إذا كان الفاعل مذكراً. ولا يُفَرَّق في هذا إذا كان الفاعل اسماً ظاهراً أوضميراً متصلاً أومنفصلاً أومستتراً، طالماقد يكون الفاعل مذكراً فإنَّ العمل يُذكَّر تباعاً له. ويوجَب تذكير العمل أيضاً إذا كان الفاعل اسماً مؤنثاً انفصل عن عمله بالحرف «إلا» أو«غير» أو«سوى»، مثل: «ما جاء إلا عائشة». والسبب في ذلك هوأنَّ الفاعل - في المعنى - في الأصل اسم مفرد مذكر محذوف تقديره: «ما حَضَرَ أَحَدٌ إلا عائشةٌ». حيث «عائشة» بدل منه. ويُستثنى من ذلك إذا كان الفاعل في هذه الحالة ضمير بارز منفصل مؤنث، فيجوز تأنيثه مثل: «مَا حَضَرَتْ إِلَّا هِيَ» ويجوز تذكيره «ما جاء إلا هِيَ». مع تفضيل التذكير على التأنيث. غير أنَّ هذه المسألة ككل فيها خلاف، حيث يجيز بعض من النحاة تأنيث العمل حتى وإنْ كان الفاعل مؤنثاً انفصل عن عمله بحروف الاستثناء، ووردت كذلك شواهد مخالفة لهذه القاعدة ومن ضمنها أبيات شعرية وآية قرآنية وفقاً لبعض القراءات. وكان الأخفش يوجب تذكير العمل في هذه الحالة ويخصّ التأنيث بلغة الشعر فقط، أمَّا ابن مالك فهويبيح تأنيث العمل حتى في النثر. وتجدر الإشارة إلى أنَّ أداة الاستثناء «غير» أو«سوى» هي التي تُعرب فاعلاً، وتضاف إلى الاسم المؤنث بعدها.

ويُذَكَّر العمل إذا كان الفاعل نون النسوة للغائبات، مثل: «وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ». ويذكر العمل أيضاً إذا كان الفاعل مؤنث في اللفظ ولكنه مذكر تماماً في المعنى، حيث لا يشير إلى أي معنى مؤنث، مثل: «حمزة» أو«طلحة» فينطق «أتى حمزة». أمّا إذا كان الفاعل لفظ مؤنث، وضم معناه كلا من التذكير والتأنيث معاً، فيعامل كاسم مؤنث ويؤنث العمل تباعاً له. ويزعم بعض النحاة أنَّ العمل يُذَكّر وجوباً إذا كان الفاعل جمع مؤنث سالم منفصل عن عمله، فيمنع القول مثلاً: «ذَهَبَت إِلَى المَدرَسَةِ المُعَلِّمَاتُ».

هناك حالات أوصور للفاعلقد يكون فيها مؤنثاً تأنيثاً حقيقياً ولكن عمله لا يؤنث إطلاقاً، ولا يُنظرُ في ذلك مدى قُربه أوبُعده عن عمله أونوع الفاصل الذي يفصله عن العمل، ومن ذلك إذا كان الفاعل هوتاء الفاعل للمتكلِّم أوالمخاطب العائد على مؤنث، مثل: «ذَهَبتُ لِلتَّسَوِّقِ» فلا ينطق «ذَهَبتتُ لِلتَّسَوِّقِ». أوإذا كان الفاعل نون النسوة للغائبات، مثل: «ذَهَبنَ لِلتَّسَوِّقِ» فلا ينطق «ذَهَبَتنَ لِلتَّسَوِّقِ». ويُستَثنَى من ذلك إذا أُسند فقط العمل المضارع إلى نون النسوة، فيجوز تأنيثه في هذه الحالة كما سبق، مثل: «تَذهَبنَ لِلتَّسَوِّقِ». ومن هذه الحالات أيضاً إذا كَان الفاعل مجرور بحرف الباء الزائد، ويُشترط لجر الفاعل بحرف الباء حتىقد يكون عمله هو«كَفَى» الذي يأتي بمعنى حَسُبَ، ولا تدخل علامة التأنيث على «كَفَى» إطلاقاً إذا كان فاعله مجرور، حتى وإن كان الفاعلُ مؤنثاً حقيقياً، فينطق: «كَفَى بِفَاطِمَةِ أُمّاً» ولا ينطق «كَفَت بِفَاطِمَةِ أُمّاً».

ويجوز تذكير العمل في حالات الجواز التي تجاوز الحديث عنها.

تأنيث العوامل الأخرى

بشكل عام تخضع بقية العوامل لنفس القواعد التي يخضع لها العمل من ناحية التذكير أوالتأنيث، غير أنَّ علامة التأنيث هي في الغالب تاء التأنيث المربوطة. فإذا كان الفاعل على سبيل المثال مؤنثاً لحق بآخر الصفة المشبهة باسم الفاعل تاء التأنيث المتحركة، مثل: «كِتَابٌ جَمِيْلَةٌ صَفَحَاتُهُ» حيث الفاعل «صَفَحَاتُ» اسم مؤنث مجازي. غير أنَّ هناك حالات لا تؤنث فيها هذه العوامل على الإطلاق وبدون مراعاة لقواعد المطابقة بين الفاعل وعامله، مثل صيغة «فَعُول» التي تأتي كمرادفة لصيغة اسم الفاعل، فلا تدخل عليها علامة التأنيث أبداً، ولا يؤنث أعمل التفضيل في بعض الحالات. أمّا بالنسبة لاسم العمل فيظل على حاله ولا تطرأ عليه أي تغيّرات سواء كان الفاعل مذكر أومؤنث، ما عدا أسماء الأفعال التي تلحق بآخرها كاف المخاطب، حيث تفتح الكاف إذا كان الفاعل مفرد مذكر مثل: «هَاكَ مفتاحاً»، بينما تكسر الكاف إذا كان الفاعل مفرد مؤنث مثل: «هَاكِ مفتاحاً». أمّا عند الجمع، فتدخل نون النسوة - بعد كاف المخاطب التي تظل مضمومة - في حالة إذا كان الفاعل جمعاً مؤنثاً، مثل: «هاكُنَّ مفتاحاً». واسم التفضيل يماثل الفاعل من ناحية التذكير والتأنيث إذا اقترن بأل التعريف فقط. أمَّا طالما إذا تجرَّد من أل التعريف وتجرَّد كذلك من الإضافة فلا يطابق الفاعل من ناحية الجنس ويلزم التذكير دائماً. وإذا أُضيف اسم التفضيل إلى اسم نكرة، فهويلزم التذكير ولا يؤنَّث. أما إذا أُضيف إلى فهم فهويطابق الفاعل من ناحية التذكير والتأنيث بشرط حتى يؤول بما لا تفضيل فيه.

تبعية العمل للفاعل من حيث العدد

أمّا من حيث العدد، فيظل العمل على حاله من الإفراد ولا تدخل عليه علامة التثنية أوالجمع، سواء كان الفاعل الظاهر اسم مفرد، مثل: «كَتَبَ الْكَاتِبُ»، أوكان اسم مثنى، مثل: «كَتَبَ الْكَاتِبَان» فلا ينطق: «كَتَبَا الكَاتِبَان»، أوكان جمع مذكر سالم أومؤنث سالم أوجمع تكسير، مثل: «كَتَبَ الكَاتِبُون» فلا ينطق: «كَتَبُوا الكَاتِبُون».. ويلاحظ أنَّ العمل يُجَرَّد من ضمائر التثنية والجمع إذا كان الفاعل اسم ظاهر مثنى أوجمع. وتفسير ذلك لدى بعض النحاة هوأنَّ العمل لا يسند إلّا إلى فاعل واحد فقط، فإذا - فرضاً - دخلت علامة التثنية على العمل كألف الأثنين، سيكون العمل عندها قد أُسند إلى الضمير المتصل وإلى الاسم الظاهر المثنى في الوقت نفسه، وهوأمر غير مقبول.

وهذا هوالمتعارف عليه، إلّا حتى هناك لغة من العربية تثنّي وتجمع العمل تباعاً للفاعل، وهي لغة ضعيفة يعبرون عنها بلغة «أكلوني البراغيث»، مثل: «حَضَرَا الصَدِيْقَانِ». والأمر نفسه ينطبق على الجمع، حيث ينطق: «حَضَرُوا الأَصْدِقَاءُ» وأيضاً «حَضَرنَ الصَدِيقَاتُ». وينسب البصريون هذه اللغة إلى قبيلتي طيء وأزدَ شنوءة. وهي لغة يرى البعض أنَّها فصيحة، غير أنها ليست شائعة، ووصفها ابن هشام بالشذوذ. يرفض أغلب النحاة هذه اللغة تماماً، وتؤول شواهد في حالات مماثلة بتآويل تناسب السياق، مثل الآية الثالثة من سورة الأنبياء: «وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا»، فيرفض النحاة حتىقد يكون العمل قد أُسند إلى واوالجماعة وإلى الاسم الموصول «الَّذِينَ»، وعوضاً عن هذا يعرضون احتمالية إبدال الاسم الموصول من واوالجماعة، أوأنَّ «الَّذِينَ» مبتدأ مؤخر وجملة «وَأَسَرُّوا النَّجْوَى» خبر مقدم. ويرى نحاة آخرون أنَّ ألف الإثنين وواوالجماعة ونون النسوة الداخلة على العمل لتثنيته أوجمعه، هي في الواقع ليست ضمائر على الإطلاق وإنما مجرد علامات جمع أوتثنية لا محلَّ لها من الإعراب. فيكون «الَّذِينَ» في الآية السابقة هوالفاعل، وواوالجماعة علامة جمع لا محل لها من الإعراب. وهذا الرأي يعود بداية إلى سيبويه، وأخذ به نحاة كوفيون مثل أبوبكر الأنباري. أمَّا الفراء فلا يقبل زيادة حروف جمع أوتثنية على العمل، فهويراها ضمائر متصلة في محل حمل على الفاعلية، أمَّا الأسماء التي تليها فهي أيضاً مرفوعة على الفاعلية وإنما لعامل مضمر غير ظاهر. أمّا في الوقت الحاضر، فيكثر استعمال هذه اللغة في اللهجات الدارجة المتعامل بها في المحادثات اليومية، مع استعمال نون النسوة وألف الاثنين بدلاً من واوالجماعة. ويتخذ محمد عيد من استعمال العوام لهذه اللغة مرشد على عدم صحة نسبتها إلى العربية الفصيحة.

بالنسبة للعوامل الأخرى غير العمل من أشباه الأفعال فحكمها حكم العمل في هذه المسألة، حيث تظل على حالها ولا تجمع أوتثنى مهما كانت حالة الفاعل. وأعمل التفضيل يطابق الفاعل من ناحية العدد إذا كان مقرون بأل التعريف، أمَّا إذا تجرَّد منها ومن الإضافة فهويلزم الإفراد ولا يُثنَّى أويجمع، أمَّا إذا أُضيف إلى اسم نكرة فلا يطابق الفاعل ويلزم الإفراد مثلماقد يكون عندما يُقرن بأل التعريف، وإذا أُضيف إلى اسم فهم طابق الفاعل بشرط التأويل بما لا تفضيل فيه.

تقدمه أوتأخره عن المفعول به

فإنْ قَدَّمتَ المفعول وأخَّرتَ الفاعل جرى اللفظ كما جرى في الأوَّلِ، وذلك قوله: «ضَرَبَ زَيداً عَبدُ اللَّهِ». لأنَّكَ إِنَّمَا أَرَدتَ به مؤخَّراً ما أَرَدتَ بِه مُقَدَّماً. ولم تَرُدْ حتى تشغُلَ العمل بأول منه وإنْ كان مؤخَّراً في اللفظ، فمن ثم كان حدّ اللفظ حتىقد يكون فيه مقدّماً، وهوعربي جيد كثير. كأنَّهم [إنَّما] يُقَدِّمُون الذي بيانه أبرز لهم، وهم ببيانه أعنى وإن كانا جميعاً يهمّانهم ويعنيانهم
—سيبويه
الكتاب (14/1-15)

عمل + فاعل + مفعول

الأصل أنْ يأتي الفاعل بعد العمل مباشرة فيفصل بين العمل والمفعول به، أي حتى يتأخر المفعول به عن الفاعل وينفصل عن العمل. وهذا لا يمنع من إمكانية حتى يتقدم المفعول به على الفاعل، مثل: «كَتَبَ كِتَاباً المُؤَلِّفُ». أوحتى يتقدم المفعول به على العمل والفاعل، مثل: «كِتَاباً كَتَبَ المُؤَلِّفُ». وعادة ما يُقدَّم المفعول به عندما يتمحور حوله الحديث وعندما يقع عليه الإهتمام، ففي الجملة السابقة فإنَّ ما يهم المتحدث وما يقع عليه عنايته هوالكتاب أكثر من غيره، ولهذا قُدِّم. أمَّا إذا كان اهتمام المتكلِّم والمخاطب وما يعنيهما ينصبُّ حول الفاعل، فالأولى حينها والأكثر فصاحة إبقاء الفاعل مُقَدَّماً على المفعول به، فينطق: «كَتَبَ المُؤَلِّفُ كِتَاباً» إذا اُفتُرَِضَ انَّ شهرة المحرر أكبر من شهرة الكتاب عند بداية صدوره مثلاً. إلَّا أنَّ من النحاة من يرى أنَّ الالتزام بالترتيب الأصلي أولى من تقديم المفعول، بدون اعتبار أيًّ منهم أكثر أهمية في الحديث. وفي معظم الحالاتقد يكون الأمر منوَّط بالمتحدث فله الحرية في تقديمه أوتأخيره. إلّا أنَّ هناك حالات معينة يوجب فيها تأخُّر المفعول به على الفاعل، وحالات أخرى يوجب فيها تقديمه.

ويشترط لتقديم المفعول به ألّا يحدث أيَّ لبس في المعنى، وإنْ وقع فيوجب عندها تأخير المفعول به. وعادة ما تتعلق حالات اللبس بتشابه العلامات الإعرابية بين الفاعل والمفعول به، فتحدث مثلاً عندما لا تظهر علامة إعراب الفاعل والمفعول لتعذر النطق أوثقله فتقدر، مثل: «ضَرَبَ يَحْيَى عِيْسَى». أوإذا كان كلٌ من الفاعل والمفعول من المبنيات، مثل: «ضَرَبَ هُوَ الَّذِي تَعرِفُهُ». فلا يجوز في هاتين الجملتين السابقتين تقديم المفعول به، فلا علامة إعرابية تظهر مسقطه الحقيقي كمفعول به وتميزه عن الفاعل، وستختلط حينها الأدوار بحيث يصير في المثال الأول «عِيْسَى» هوالضارب و«يَحْيَى» المضروب. أمَّا إذا أُمِنَ اللبس فيجوز تقديم المفعول به، حتى مع تشابه العلامات الإعرابية بين الفاعل والمفعول، وذلك بوجود قرينة تدلُّ على الفاعل وتُمَيّزه عن المفعول. وقد تكون هذه القرينة لفظية، مثل: «رَأَتْ عِيسَى سَلمَى» فالقرينة في الجملة هي تاء التأنيث التي دخلت على العمل الماضي، ومنها عهدنا أنَّ الفاعل مؤنث واستطعنا تمييزه عن المفعول، ومثال آخر هواتصال ضمير بالمفعول به يعود على الفاعل، فيمكن بواسطته تمييز المفعول عن الفاعل، مثل: «بَلَّغَ هُدَاهُ عِيسَى». وقد تكون القرينة معنوية، مثل: «دَخَلَ المَبنَى مُوسَى» عملمنا انطلاقاً من المعنى العام للجملة أنَّ موسى هوالذي ولج المبنى وليس المبنى الذي دخله، فهوالفاعل إذاً. ويُفَضِّلُ بعض النحاة تقديم الفاعل على المفعول به إذا لم تظهر على أيٌّ منهما العلامة الإعرابية، حتى بوجود قرينة تميّز بينهما، وذلك احترازاً من اللبس.

ولا يمكن كذلك تقديم المفعول به عندماقد يكون الفاعل ضمير متصل بالعمل، لأنَّ الضمير المتصل بالعمل لا ينفصل عنه. مثل: «كَتَبتُ كِتَاباً». إلَّا أنَّ هذا لا يجدي نفعاً إذا تَقدَّم المفعول على العمل، فهوبذلك يتقدّم على الفاعل حتى وإن كان الفاعل ضميراً متصلاً، فينطق: «كِتَاباً كَتَبتُ». ويظل الفاعل مقدّماً حتى عندماقد يكون المفعول ضميراً متصلاً أيضاً، بشرط ألّا يقع الحصر على أي منهما، مثل: «كَلَّمتُهُ» أو«كَلَّمتَنِي» حيث تقدم وجوباً تاء الفاعل للمتحدث في المثال الأول وللمخاطب في المثال الثاني على ضمائر هاء الغائب وياء المتحدث المنصوبة محلا على المفعولية. ولا يمكن أيضاً تقديم المفعول به عندماقد يكون محصوراً بإنَّما أومحصوراً بإلَّا، مثل: «إنَّما تمطِرُ السَّمَاءُ مَاءً» حيث سقط الحصر على المفعول به، فإنْ قُدِّمَ المفعول به على الفاعل سيحدث هذا تغيّراً في المعنى، بحيث يصير الفاعل هومن يقع عليه الحصر. غير أنَّ البصريين والفراء والكسائي وابن الأنباري يجيزون تَقَدُّم المفعول به على الفاعل عندماقد يكون المفعول محصوراً بإلَّا، فيجوز القول وفقاً لما مضىوا إليه: «ما يُطيع إِلَّا الأبَ الابنُ»، ويستشهدون في ذلك بشواهد شعرية منها قول مجنون بني عامر: «مَا زَادَ إِلَّا ضِعفَ ما بِي كلامُها». وبيت شعري لدعبل يقول فيه: «ولَمَّا أَبَى إِلَّا جِمَاحاً فُؤَادُهُ». ويجيز عباس جسن تقديم المفعول به المحصور بأداة الحصر «إِلَّا»، بشرط تقديم أداة الحصر معه، غير أنَّ يفضّل تأخر المفعول به لمخالفة التقديم اللغة الشائعة ومخالفته الذوق الأدبي والبلاغي الرفيع حسب رأيه. ويرى بعض النحاة أنَّ الفاعل يُقَدَّمُ وجوباً على المفعول به عندماقد يكون ضميراً مستتراً عائداً على مذكور قبله، مثل: «الكَاتِبُ كَتَب كِتَاباً» ففاعل «كَتَب» هوضمير مستتر عائد على «الكَاتِبُ»، وموضع استتار الفاعلقد يكون بين العمل والمفعول به.

عمل + مفعول + فاعل

في لقاء الحالات التي يوجب فيها الإلتزام بالترتيب الأصلي بين الفاعل والمفعول به، فإنَّ هناك حالات أخرى يُوجَبُ فيها تَوسُّط المفعول به بين العمل والفاعل، ويكون ذلك إذا اتصل بالفاعل ضمير يعود على المفعول به، فيوجب عندها تقديم المفعول به، مثل: «يُطِيعُ المُعَلِّمَ تَلمِيذُهُ» حيث الهاء ضمير متصل بالفاعل عائد على المفعول به أي «المُعَلِّمَ». ولا يجوز تأخَّر المفعول به في هذه الحالة، لكي لا يعود الضمير المتصل بالفاعل إلى متأخر لفظاً ومتأخر رتبة. غير أنَّ هناك نحاة يجيزون تأخّر المفعول به في هذه الحالة وعودة الفاعل إلى موضعه الأصلي تالياً العمل، فينطق وفقاً لما مضىوا إليه: «يُطِيعُ تَلمِيذُهُ المُعَلِّمَ» ومن أشهر هؤلاء ابن جني الذي أجاز هذه المسألة انطلاقاً من كثرة تقديم المفعول على الفاعل، بحيث صار تقديم المفعول به كالأصل وفقاً لرأيه. ومن نحاة الكوفة أبوعبد الله الطوال وابن هشام. إلَّا أنَّ ابن الشجري يجزم أنَّ أحداً لا يجيز هذه المسألة، وأنَّ تأخر الفاعل في هذه الحالة ممنوع باتفاق النحاة جميعهم. ولا يُشترط حتى يتَّصل الضمير بالفاعل فقط، فقد يتصل بشيء ملازم له، كأن يتصل بجملة صلة الموصول إذا كان الفاعل اسماً موصولاً، مثل: «ضَرَبَ سَعِيداً الَّذِي يَبغَضُهُ». بنَصب «سَعِيداً» على المفعولية، وحلول «الَّذِي» في محل حمل فاعل.

ويتقدّم المفعول به وجوباً إذا كان الفاعل محصوراً بواسطة «إنَّما» أو«إِلَّا»، مثل: «إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ» حيث حُصِرَتْ خشية الله على الفهماء (الفاعل) دون غيرهم من العباد. والحالة الأخيرة التي يُوجَبُ فيها توسُّط المفعول به بين العمل والفاعل هي إذا كان المفعول به ضميراً متصلاً بالعمل، والفاعل في هذه الحالة اسماً ظاهراً، فلا يمكن حينها حتى ينفصل المفعول به عن العمل ويتأخر عن الفاعل، مثل: «كَلَّمَكَ عُمَرُ» أو«يُسعِدُنِي وُجُودُكَ» حيث كاف المخاطب في المثال الأول وياء المتحدث في المثال الثاني ضمير متَّصل في محلِّ نصب مفعول به مقَّدم على الفاعل وجوباً.

غير أنَّ هناك شواهد شعرية لم تلتزم بالقواعد السابقة، وغالباً ما تُفسّر باعتبار أنَّ للشعر لغة خاصة به، ومن هذه بيت لسليط بن سعد يُذكر فيه: «جَزَى بَنُوهُ أَبَا الغَيْلاَنِ» حيث اتصل بالفاعل ضمير يعود على المفعول به، ومع ذلك لم يتوسّط المفعول به بين العمل والفاعل. وأيضاً بيت آخر يُذكر فيه: «ما عابَ إِلاَّ لَئِيمٌ فِعْلَ ذي كَرَم» حيث سقط الحصر على الفاعل «لَئِيمٌ» ولم يتقدّم المفعول به.

مفعول + عمل + فاعل

قد يُقَدَّم المفعول به على العمل، وبهذا فهويُقدم على الفاعل، مثل: «كِتَاباً قَرَأَ مُحَمَّدٌ». ويأتي هذه التقديم بمعنى التخصيص أوالحصر، أي أنَّ محمداً في الجملة السابقة قرأ كتاباً فقط، فيُستبعد مما قيل أنَّ محمداً قرأ أيضاً منطق أوصحيفة. وقد يأتي أيضاً لإزالة الوهم من ذهن المخاطب، فمن الممكن أنَّ المتكلِّم ألقى الجملة السابقة ليصحح فكرة خاطئة في ذهن المخاطب، ليبيّن له مثلاً أنَّ محمداً قرأ كتاباً ولم يقرأ منطق كما كان يظنُّ. وغالباً ماقد يكون تقديم المفعول على العمل والفاعل جائزاً تحت تصرّف المتحدث، فله حتى يقدّمه وله حتى يؤخّره، إلَّا أنَّ هناك حالات يوجب فيها تقديم المفعول به على العمل والفاعل. حيث يوجب تقديم المفعول به عندماقد يكون من الأسماء التي لها الصدارة في الكلام كاسم شرط، مثل: «أيَّاً تَفْعَلْ أَفْعَلْ». أوإذا كان المفعول به اسم استفهام، مثل: «كَمْ صَفْحَةً قَرَأْتَ؟»، ويُوجب تقديمه على العمل عندماقد يكون مضافاً إلى اسم له الصدارة، مثل: «سَيَّارَةَ مَنِ استَعَرتَ؟». ويوجب تقديم المفعول به عندماقد يكون ضميراً منفصلاً يراد به التخصيص بحيث لوتأخر عن عمله لأصبح متصلاً، مثل «إِيَّاكَ نَعْبُدُ» فإن تأخّرَ المفعول به ستصير الجملة: «نَعبُدُكَ» وفي هذا تغيّراً في المعنى وضياعاً للمعنى البلاغي وهوكما تجاوز الحصر والتخصيص. ويقدَّم المفعول به وجوباً عندما يقع عمله بعد فاء الجزاء التي تدخل على جملة الجواب لأسلوب شرط أداته «أمَّا» الظاهرة أوالمقدّرة، وليس للعمل حينها أي مفعول آخر مقدم، مثل: Ra bracket.png فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ Aya-9.png La bracket.png أو«أمَّا قَوَانِينَ المُرُورِ فَالتَزِم». ويُقَدَّم المفعول به هنا وجوباً ليفصل بين «أمَّا» والعمل، لكون الأداة لا يلحقها أيُّ عمل وخاصة الأفعال المقرونة بفاء الجزاء، فلا ينطق مثلاً: «أمَّا فَالتَزِم قَوَانِينَ المُرُورِ». فإذا سقط فاصل غير المفعول به بين «أمَّا» والعمل، فيجوز عندها تأخير المفعول به، فيجوز القول على سبيل المثال: «أمَّا أَثنَاءَ وَقتِ الذَروَةِ فَالتَزِم قَوَانِينَ المُرُورِ». .

في لقاء الحالات التي يوجب فيها تقدّم المفعول به على عمله، فهناك حالات أخرى يُمنع فيها ذلك ويُوجب تأخّره. وجميع الحالات التي يُمنع فيها تقدّم المفعول به على الفاعل، وقد تجاوز ذكرها، يُمنع فيها أيضاً تَقدّمه على العمل، ما عدا وقوع الفاعل ضميراً متصلاً والمفعول به اسماً ظاهراً فيجوز عندها تقديمه على العمل ولا يجوز تقديمه على الفاعل. ويمنع تقدّم المفعول به عندماقد يكون عامله هوعمل التعجب من صيغة «مَا أَفعَلَهُ»، مثل: «مَا أَصدَقَ كَلَامَهُ» بحمل «كَلَامَ» على المفعولية. ويمنع ذلك أيضاً إذا كان المفعول به مصدراً مؤولاً من أنَّ ومعموليها، سواءً المشددة أوالمخففة، مثل: «كَرِهتُ أنَّ السَماءَ سَتُمطِر» فلا ينطق «أنَّ السَماءَ سَتُمطِر كَرِهتُ»، أمَّا إذا سُبقت الجملة بأداة شرط فيجوز ذلك، مثل: «إذا أنَّ السَماءَ سَتُمطِر كَرِهتُ». ويُمنع تَقدُّم المفعول به على عامله عندماقد يكون عامله واقع في صلة حرف مصدري ناصب للعمل، والحروف المصدرية الناصبة للعمل هي «أَنْ» و«كَي»، مثل: «يُزعِجُنِي أَنْ يَبغَضَ النَّاسُ بَعضَهُم» بنصب «بَعضَ» على المفعولية ومنع تقدّمه على عمله، أومثل: «اصرُخ كَي يَسمَعَ النَّاسُ كَلَامَكَ» حيث «كَلَامَ» مفعول به مؤخر وجوباً، أمَّا إذا كان الحرف المصدري غير ناصب فيجوز تقدّم المفعول به. ولا يُقَدّم المفعول به عندما يتصل بآخر عمله نون التوكيد، وعندما يتصل بأول عمله لام الابتداء بدون حتى يتقدّم على العمل الحرف «إِنَّ». ولا يُقَدَّم المفعول به عندما يسبق عمله لام القسم، أو«قَد»، أو«رُبَّمَا»، أو«قَلَّمَا»، أو«سَوفَ». وعندماقد يكون العمل مجزوم بأحد حروف الجزم التي تجزم عملاً واحداً، مثل: «لَا تَبغَضْ أَخَاكَ» فلا يجوز تقدّم المفعول به ووقوعه بين أداة الجزم والعمل، فلا ينطق: «لَا أَخَاكَ تَبغَضْ» ولكن يجوز تقدّمه على العمل بشرط تَقدّمه على الأداة أيضاً، فينطق: «أَخَاكَ لَا تَبغَضْ»، وحروف الجزم التي تجزم عملاً واحداً هي: لَم، لَا الناهية، لام الأمر. أمَّا إذا جُزِمَ العمل بأحد الحروف التي تجزم عملين، فيجوز تقدم المفعول به على الإطلاق. والأمر نفسه ينطبق على حروف نصب العمل، فلا يجوز للمفعول به حتى يتوسّطَ بين العمل والأداة، ولكن يمكن حتى يسبق كلاهما. وتجدر الإشارة إلى أنَّ حروف النصب والجزم لا تدخل إِلَّا على العمل المضارع، فهوالوحيد الذي يُعرَب من بين الأفعال. ويمنع تقدُّم المفعول به على اسم العمل وفاعله عندما يعمل فيه، وذلك على الإطلاق، فلا ينطق: «كِتَاباً هَاكَ».

أوضاع خاصة للفاعل

فاعل نِعمَ وبِئسَ

الأفعال المخصصة للمدح والذم مثل «نِعمَ» و«بِئسَ» وما جرى مجراهما مثل «سَاءَ» تحمل فاعلاً له أحكام خاصة به. فهذه الأفعال تدخل عليها تاء التأنيث في مواضع خاصة بها، وذلك إذا كان الفاعل اسماً مؤنثاً ظاهراً، مثل: «نِعمَت المُدَرِّسَةُ فَاطِمَةُ»، وهي في هذه الحالة تشابه غيرها من الأفعال. وتدخل تاء التأنيث عليها إذا كان الفاعل ضمير مفسر بتمييز مؤنث، مثل: «نِعمَت مُدَرِّسَةً فَاطِمَةُ» (انظر الفقرة التالية). وتؤنث هذه الأفعال إذا كان المخصوص بالمدح أوالذم مؤنثاً، ولا يهم في ذلك جنس الفاعل، مثل: «نِعمَت المُدَرِّسُ فَاطِمَةُ». وجميع حالات التأنيث السابقة تكون على الجواز لا الوجوب.

وفاعل أفعال المدح والذم لا يمكن إلَّا حتىقد يكون واحداً من هؤلاء الستة:

  1. أنقد يكون معرّفاً بـ«أل» الجنسية، مثل: «نِعمَ الرَجُلُ سَعِيدٌ»
  2. أنقد يكون مضافاً إلى معرّفٍ بـ«أل» الجنسية، مثل: «نِعمَ لِبَاسُ الرَجُلِ»
  3. أنقد يكون مضافاً إلى مضافٍ إلى معرّفٍ بـ«أل» الجنسية، مثل: «نِعمَ أَزرَارُ لِبَاسِ الرَجُلِ»
  4. اسم موصول يُقصَدُ به الجنس لا العهد، مثل: «بِئسَ الَذِي يُتَاجِرُ بِالمُخَدِّرَاتِ أَيمَنٌ»
  5. يأتي كذلك ضميراً مستتراً مُفَسَّراً بتمييز يلحقه، بشرط حتىقد يكون الضمير للمفرد المذكر، وأن يتأخّر التمييز عن العمل ويتقدم على المخصوص بالمدح أوالذم وأن يطابقهما في التذكير والتأنيث. مثل: «نِعمَ وَلَداً أَنتَ». ويشترط أيضاً للتمييز حتىقد يكون له مثيل من نفس الصنف، فلا ينطق مثلاً: «نِعمَ قَمَراً القَمَرُ».
  6. حدثة «مَا». مثل: «بِئسَ مَا سَمِعتُ مِن أَنبَاءٍ».

الفاعل المُفسَّر بالتمييز

قد يستتر الفاعل أحياناً بدون عودته إلى جهة معينة، ولكن يمكن تقديره أواستيعابه من تمييز يتأخر عن العمل، ومن ذلك ما ذُكِرَ في الآية الخامسة من سورة الكهف: «كَبُرَت كَلِمَةً تَخرُجُ مِن أَفوَاهِهِم» فيلاحظ أنَّ فاعل «كَبُرَت» هوضمير مستتر عائد على مؤنث، إلَّا أنَّ الضمير لا يعود على أي لفظ، وإذا قَدّرنا الفاعل بالمعنى نجده مُفسّراً بالتمييز الذي اتى بعده، فتُقَدّر الجملة بعد إظهار الضمير المستتر: «كبرت الكَلِمَةُ حدثةً». ومن ذلك أيضاً فاعل عملي المدح والذم، عندما يُستتر ويُفَسَّر بتمييز يلحقه، مثل: «نِعمَ كِتَاباً هَذا الكِتَابُ». ويؤثِّر استتار الفاعل وتفسيره بالتمييز على المعنى العام للجملة، بحيث يخرج معناها من الإخبار إلى الإنشاء، فتتغير الجملة من جملة خبرية إلى إنشائية. فقد يُفيد معناها المدح أوالذم أوالتعجب وغيرها من الأغراض الإنشائية. وقد يؤدّي إبدال الفاعل بالتمييز إلى تغيير معنى العمل إلى النهي، مثل: «كَفَى أَعذَاراً» بمعنى انتهي عن التعذر.

حذف العمل

الأصل أنْ يُذكر العمل مع الفاعل، إلّا أنَّه قد يُحذف في بعض الحالات. ويحذف العمل جوازاً إذا دلَّ عليه دليل، كأنْ يُحذف من جملة الجواب لاستفهام ظاهر، بحيث يتضمن الاستفهام نظير العمل المحذوف، مثل: «عُمَرٌ» جواب للسؤال «من يطرق الباب؟»، حيث «عُمَرٌ» فاعل لعمل محذوف جوازاً تقديره «يَطْرُقُ»، قُدِّرَ من نظيره في جملة الاستفهام. ومثل الاستفهام الظاهر يمكن أنْ يُحذف العمل من جملة الجواب لاستفهام مُقَدّر، مثل: «جَاءَ رَمَضَانُ وبَدَأَ الصِيَامُ. الأطفال، الشباب، الشابات، الرجال، العجائز» فالاستفهام المقدر ويسمى أيضاً الاستفهام الضمني لا يظهر في الكلام ولا يُنطق به، ولكن يُفهم من السياق العام للجملة، فكأنَّ الشطر الثاني من الجملة السابقة اتى جواباً على سؤال طُرِحَ على المتحدث «مَن صَامَ؟»، وتقدير جملة الجواب قبل حذف العمل: «صام الأطفال، صام الشباب، صامت الشابات...». ويُخذف العمل إذا أُجيب به منفي، مثل القول: «عُمَرٌ» جواب للنفي «مَا حَضَرَ أَحَدٌ»، وتقدير الجملة: «حَضَرَ عُمَرٌ». وأيضاً الاسم الذي يؤتى به بعد أداة من أدوات الشرط يعرب فاعل لعمل محذوف، وخاصةً أداتي الشرط: «إنْ» و«إذا»، وذلك إذا اتى بعد أداة الشرط اسمٌ مرفوع ومن ثَمَّ تبعه عمل مُفَسِّر للعمل المحذوف يعمل في ضمير مستتر عائد على فاعل العمل المحذوف، أويعمل في اسم مضاف إلى ضمير يعود على فاعل العمل المحذوف ويسمى هذا الاسم «المُلابس للفاعل»، والحذف في هذه الحالة وفقط هذه واجب، لعدم جواز الجمع بين المفسِّر والمفَسَّر في جملة واحدة. مثل الأية: «وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرهُ» حيث «أَحَدٌ» فاعل لعمل محذوف وجوباً تقديره «استجارك»، فتُقَدّر الجملة قبل الحذف «وإن استجارك اَحد من المشركين استجارك، فأجره». غير أنَّ بعض النحاة يرون أنَّ العمل هنا مضمر وجوباً وليس محذوفاً على الإطلاق. وتجدر الإشارة إلى أنَّ هذه المسألة فيها خلاف، يعرب البعض «أَحَدٌ» فاعل مقدم على عمله «استجار» (انظر: الخلاف حول تقدُّم الفاعل على عامله). ويُحذف وجوباً عمل المصدر المؤول من أنَّ ومعموليها إذا اتى بعد لوالشرطية، ويُقَدَّر العمل المحذوف بمعنى: «ثَبَتَ»، مثل: «لَوأَنَّكَ عَلِمتَ لَمَا أَخطَأتَ» والجملة بعد إظهار العمل المحذوف وتقدير المصدر المؤول: «لَوثَبَتَ عِلمُكَ لَمَا أَخطَأتَ». وسبب الحذف كما يرى بعض النحاة هودلالة «أنَّ» على الثبوت، وهوما جعلها بمثابة مُفَسِّر للعمل، ولا يجوز الجمع بين المُفَسِّر والمُفَسَّر في جملة واحدة، ولهذا حُذِف العمل المُفَسَّر بإنَّ.

تتناول معظم خط النحو، قديماً وحديثاً، مسألة حذف العمل في باب الفاعل. وهوما يلقى انتقاداً من قبل البعض، باعتبار أنَّ هذه المسألة موضعها المناسب في باب العمل لا الفاعل.

مسائل خلافية

تقدُّم الفاعل على عامله

الصفحة 27 من كتاب "أسرار العربية" ألَّفه أبوالبركات الأنباري. يبدأ فيها الحديث عن الفاعل
انقر على الصورة للانتنطق إلى ويكي مصدر لقراءة الملف

لا يجوز تقديم الفاعل على عامله على رأي أغلبية النحاة، ففي الجملة «المُؤَلِّفُ كَتَبَ كِتَابَاً» فإنَّ «المُؤَلِّفُ» مبتدأ، حتى وإنْ كان فاعل في المعنى، والفاعل هنا هوضمير مستتر عائد على المبتدأ، وتقدير الجملة بعد إظهار الضمير: «المُؤَلِّفُ كَتَبَ هُوَ كِتَابَاً». وعادة ما ينسب هذا الرأي إلى مدرسة البصرة، التي تمنع تَقدُّم المعمول على العامل كقاعدة كلية. إلا أنَّ جماعة من النحاة تجوّز تقديم الفاعل على عامله، حيث «المُؤَلِّفُ» في الجملة السابقة هوفاعل مُقَدَّم، وعادة ما يُنسب هذا الرأي إلى الكوفيين.

غير أنَّ الزجاجي ينفي وجود مثل هذا الخلاف بين مدرستي البصرة والكوفة، ويخط بما معناه أنَّ كُل من نحاة البصرة والكوفة أجمعوا على انعدام الصحة في تقديم الفاعل على عامله، ونجد هذا القول أيضاً عند الرضي. ويذكر البطليوسي أنَّ نحاة الكوفة يجيزون تقدُّم الفاعل على عامله فقط في الضرورة الشعرية، ويمنعونه في دون ذلك. وينسب أبوجعفر النَّحاس القول بتقدم الفاعل على عامله إلى ثعلب وحده دون غيره من نحاة الكوفة. وينقل أبوحيَّان التوحيدي عن أبي عمروالشيباني منعه تقديم الفاعل على عامله. ويخط حمدي الجبالي أنَّ الفراء صرَّح في مؤلفاته أكثر من مرة بمنع تقدُّم الفاعل على عامله. وفي اللقاء فإنَّ هناك كثير من النحاة المتقدمين والمتأخرين يرون هذه المسألة من أكثر المسائل خلافاً بين البصرة والكوفة. وهناك نحاة من خارج الكوفة نطقوا بتقدّم الفاعل على عامله، ومن هؤلاء أبوجعفر النحاس.

وتتكرر هذه المسألة في جزم العمل المضارع بأدوات الشرط، حيث يدور خلاف بين الكوفيين والبصريين حول إعراب «أَحَدٌ» في الآية السادسة من سورة التوبة التي يُذكر فيها: «وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ» فهي عند الكوفيين فاعل مقدَّم للعمل «اسْتَجَارَكَ». أمَّا نحاة البصرة الذين يمنعون تقدّم الفاعل على عمله وأيضاً يمنعون اتصال أدوات الشرط بالأسماء، فإنَّ «أَحَدٌ» فاعل لعمل محذوف تقديره «استجارك»، فتكون الآية بعد تقدير العمل المحذوف على النحو: «وإن استجارك أحد من المشركين استجارك، فأجره». ويستشهد الكوفيون في إثباتهم جواز تقديم الفاعل على عامله بقول الزباء: «ما للجمال مشيها وئيداً» بحمل «مشي» باعتباره فاعلاً مقدّماً للوصف «وئيداً». أمَّا البصريون فاختلفوا حوله، فبينما يمضى بعضهم إلى أنَّه مبتدأ خبره محذوف لسَدِّ الحال مسده وتقديره: «يظهر»، فإنَّ جماعة أخرى تُبيح تقديم الفاعل في هذه الحالة على وجه الضرورة، ولا تستنبط منها قاعدة عامة.

تظهر عدد من المسائل العالقة أمام من يقول بتقدم الفاعل على عامله، ويتخذ منها نحاة البصرة دليلاً على صحة ما مضىوا إليه، ومن هذه الإشكاليات أنَّه لا يصحُّ حتى ينطق مثلاً: «المحررون خط» بعد تقديم الفاعل على عمله. فمن القواعد المعروفة أنَّ العمل لا يتغير بجمع أوتثنية الفاعل، وهوعلى عكس ما يُلاحظ هنا فإنَّ بقاء العمل على حاله بدون دخول علامات الجمع والتثنية عليه يُخالف النطق السليم الذي نجده في العبارة: «المحررون خطوا»، وهوما يجده البصريون خرق صريح لأحد القواعد الأصولية للعلاقة بين الفاعل وعمله، ويستدلون من ذلك انعدام الصحة في تقديم الفاعل على عمله. ومن الإشكاليات أيضاً دخول «انَّ» الناسخة على الجملة العملية التي فيها الفاعل مقدم على عمله، مثل: «إنَّ الأَرضَ تَدُورُ»، فهذا سيؤدي كما في المثال إلى نصب الفاعل باعتباره اسم إنَّ، وبالتالي فإنَّ العمل حينها سيظلُّ بدون أي فاعل. تبرز هذه الانتقادات وغيرها للرأي القائل بتقديم الفاعل على عامله من نحاة كالمبرد وجماعة من البصريين قبله. وينتقد البصريون فكرة تقدم الفاعل على عمله بحد ذاتها، بغض النظر عن المشاكل الناجمة عن ذلك، باعتبار أنَّ العمل مع فاعلهقد يكونان وحدة لغوية مترابطة كصدر البيت مع عجزهقد يكونان بيتاً واحداً، حيث يعتمد معنى العجز على معنى الصدر ولا يكتمل معنى الصدر إلا بالعجز، فكما لا يمكن تقديم العجز على الصدر لا يمكن تقديم الفاعل على عمله. ووضع عبد الرحمن الأنباري سبعة أوجه يستدلُّ منها العلاقة الوثيقة بين العمل والفاعل، بحيث يصير كلاهما جزء من حدثة واحدة، فلا يصحَّ تقديم جزء على الآخر. وتبرز كذلك انتقادات أخرى من ناحية أنَّ تقدم الفاعل على عمله سيُحدث لبساً في المعنى بينه وبين المبتدأ.

وفي جملة مثل: «الرياضيون ركضوا»، فإنَّ من يأخذ برأي أهل الكوفة ويقول بتقدّم الفاعل على عامله ويعرب «الرياضيون» فاعلاً مقدّماًً، يضطر إلى نفي الفاعلية عن واوالجماعة، فتصبح الواومجرد علامة تدلُّ على الجمع لا محلَّ لها من الإعراب، وليست ضميراً متصلاً له مسقط إعرابي.

يجوز تقدُّم معمول اسم الفاعل عليه، مثل: «مُحَمَّدٌ الدَّرسَ كَاتِبٌ» حيث الفاعل مُحَمَّدٌ تقدَّم على عامله كَاتِبٌ. ويشترط في ذلك ألَّاقد يكون اسم الفاعل مقترن بال التعريف، ولاقد يكون كذلك مجرور بالإضافة، أومجرور بحرف جر أصلي، أمَّا إذا كان مجرور بحرف جر زائد فيجوز تقديمه. أمَّا بالنسبة للمصدر العامل فلا يجوز تقديم معموله عليه إلَّا في حالة إذا كان نائباً عن عمله.

أغراض تقديم الفاعل على عامله

الأصل حتى يأتي الفاعل مؤخراً عن عمله، ولا يُقدَّم أويُستتر مع عودته إلى المبتدأ إلا لأغراض معينة، وهي كثيرة ومن أشهرها:

  1. تسليم الأفكار الخاطئة المفترض صحتها في ذهن المخاطب، كأنْ يُنطق مثلاً: «مُحَمَّدٌ جَاءَ». جواباً على السؤال: «هل الذي اتى صالح؟» حيث قُدِّمَ الفاعل لأنَّه الأهم في الجملة وهوالذي تكمن فيه فائدة الحديث. فمن الثابت بين المتكلِّم والمخاطب أنَّ شخصاً ما قد اتىَ، فلم يعد العمل نقطة مهمة في الحديث، إلا أنَّ الشكوك تحوم حول هوية الفاعل، حيث أخطأ المخاطب حين تكهّن أنَّ من اتى هوصالح، ولكي يصحح المتحدث هذه الفكرة الخاطئة التي تكوّنت في ذهن المخاطب لسبب ما، قدّم الفاعل حتى يلفت نظر المخاطب إليه، أويؤكِّد على هوية الفاعل الذي قام بالعمل.
  2. قَصر وتخصيص العمل على الفاعل دون غيره. مثل: «مُحَمَّدٌ تَسَلَّقَ الشَجَرَةَ» فإنَّ الصورة الأولية البدائية التي تكوّنت في ذهن المخاطب بدون تمحيص أوتدقيق في الحقائق تُرَجِّح أنَّ محمد وحده تسلّق الشجرة، أوأنَّ ما يهمُّ المتحدث والمخاطب حتى محمداً تسلّق الشجرة دون الاهتمام بغيره ممن تسلّقوها، ولا يعني بالضرورة أنَّ هذا ما قصده المتحدث أوفهمه المخاطب. على عكس إذا قيل مثلاً: «تَسَلَّقَ مُحَمَّدٌ الشَجَرَةَ» فهنا فُتِحَ المجال لغير محمد ليفهم احتمال تسلّقهم الشجرة، مع إبقاء نوع من الاهتمام والتخصيص للفاعل.
  3. للتبشير بمسرّة أوالتحذير من مأسآة. كأن يُنطق مثلاً: «الأَمطَارُ تَسَاقَطَت والزَّرعُ اخضَرَّ» أو«البُركَانُ ثَارَ والنِيرَانُ انتَشَرَت».
  4. للتعظيم من شأن الفاعل أوللتحقير من شأنه. مثل: «».
  5. للتعجب. مثل: «البَقَرَةُ تَكَلَّمَت». أما إذا قُدِّمَ العمل: «تَكَلَّمَت البَقَرَةُ» فسيعطي هذا انطباعاً بأنَّ الأمر معتاد أومتسقط وليس فيه شيء من الغرابة.
  6. للسؤال أوالاخبار عن جنس الفاعل. فعندما يُسأل مثلاً بتأخير الفاعل: «هَل اتىَكَ رَجُلٌ؟» فالاستفهام في الجملة السابقة حول مجيء رجل أوعدم مجيئه، بدون الاستفهام عن جنس الذي اتى. أما إذا قيل: «هَل رَجُلٌ جَاءَكَ؟» بتقديم الفاعل تغيّر المعنى، حيث ثُبِتَ الآن حتى شخصاً اتى، وصار الاستفهام حول جنس الفاعل، بمعنى: هل الذي اتى رجل أوامرأة؟
  7. نفي العمل عن الفاعل مع إثباته لغيره. كأن ينطق مثلاً: «مَا مُحَمَّدٌ كَتَبَ عَلَى الجِدَارِ» حيث نفى المُتَحَدِّثُ حتىقد يكون محمد هوالمحرر على الجدار، ولكنه يخبر أنَّ هناك يقيناً من عمل ذلك. أمَّا إذا تأخر الفاعل: «مَا كَتَبَ مُحَمَّدٌ عَلَى الجِدَارِ» فإنَّ المعنى يختلف، حيث ينفي المتحدث هذه المرة أيضاً حتىقد يكون محمد قد خط على الجدار، إلَّا أنَّه لا يُثبت أوينفي حتى هناك أحد غيره عمل ذلك أولم يعمل. ويتكرر الأمر نفسه مع الاستفهام، فحين نقول: «أَمُحَمَّدٌ كَتَبَ عَلَى الجِدَارِ» فنحن نستفهم حول هوية الفاعل مع إثبات أنَّ هناك عملاً من كَتَب على الجدار، أما إذا قُلنا: «أَكَتَبَ مُحَمَّدٌ عَلَى الجِدَارِ» فالاستفهام يقع حول ما إذا خط محمد على الجدار أولم يخط، مع عدم إثبات أونفي ما إذا خط غيره على الجدار أولا.

مجيء الفاعل جملة

يمضى جمهور النحاة إلى أنَّ الفاعل لاقد يكون إلَّا «مُفرداً»، والمقصود بالمفرد هنا هوكلُّ هجريب لغوي ما عدا الجملة، ويندرج تحت هذا المصطلح أنواع الفاعل جميعها من الاسم الظاهر والضمائر بأنواعها والمصادر المؤولة. غير أنَّ هناك حالات يأتي فيها مدلول جملة مناسب ليقوم بدور الفاعل، ومن هنا برز الخلاف فبينما الأغلبية يلجأون إلى تفسيرات بديلة لاقد يكون فيها الفاعلُ جملةً، فإنَّ غيرهم يتجنبون تكلُّف هذه التفسيرات ويجعلون من الجملة فاعلاً. مثل: «وَتَبَيَّنَ لَكُم كَيفَ فَعَلنَا بِهِم». فيمضى من يقول بوقوع الجملة في محل حمل فاعل أنَّ الجملةَ «كَيفَ فَعَلنَا بِهِم» فاعل للعمل «تَبَيَّنَ». بينما في اللقاء يرفض نحاة آخرون هذا الرأي ويفضِّلون تقدير الفاعل من مصدر العمل، فيكون الفاعل في الجملة السابقة ضمير مستتر مقدر من مصدر العمل وتقديره «التَبيين»، وتقدير الجملة بعد إظهار الفاعل: «وَتَبَيَّنَ لَكُم التَبيين: كَيفَ فَعَلنَا بِهِم». وغيرهم يجيز وقوع الفاعل جملة بشرط حتى تكون جملة الفاعل معلّقة بعمل قلبي وأداة التعليق فيها اسم استفهام، كما هوالحال في المثال السابق. ويجب التفريق بين وقوع الفاعل جملة وبين وقوعه محكيا بالقول، فالثاني جائز بإجماع النحاة. والجمل المحكية بالقول هي الجمل التي تُعَامل باعتبارها وحدة لغوية واحدة، فتُعَامل وكأنها اسم مفرد، مثل: «تَحيَا لَا إِلَه إِلَّا الله» بمعنى: «تَحيَا الحدثة».

العامل في حمل الفاعل

اختلف النحاة حول العامل في حمل الفاعل، واستقر معظمهم على أنَّ العمل هوالعامل الأصلي، ويجوز لأسماء يتضمن معناها العمل حتى تحمل الفاعل. وللكوفيين آراء متعددة ومتضاربة حول هذه المسألة. وبعض هذه الآراء لا تنكر فقط أنَّ العمل هوالعامل الأصلي في حمل الفاعل، بل تنكر أيضاً إمكانية حتى يحمل العملُ الفاعلَ. ويرى الكسائي، مؤسس المدرسة الكوفية في النحو، أنَّ الفاعل يُرفَع لدخوله في الوصف أي لتلبسه بالعمل. ويمضى كوفيون آخرون إلى أنَّ العامل في حمل الفاعل هومعنى الفاعلية نفسه، وليس للعمل أي تأثير في ذلك، وأشهر من أخذ بهذا الرأي هوخلف الأحمر. بينما الكسائي ومن مضى ممضىه، ومنهم نحاة متأخرون من البصرة، يرون أنَّ الفاعلية تحمل الفاعل فقط في الأفعال المستعارة التيقد يكون فاعلها لغوياً ليس فاعلاً في الواقع، فيكون العامل الأصلي في حمل الفاعل هوعمل غير العمل المسند إليه، وبما أنَّ هذا العمل ليس ظاهراً ولا هومعلوم فيكون العامل هوفاعليته لذلك العمل. وينتقد أبوالبقاء العكبري ولاحقاً مهدي المخزومي هذا القول، لأنه في نهاية المطاف سيؤدي إلى عمل جميع لفظ في ذاته. وهناك جماعة من نحاة الكوفة يوافقون أنَّ العمل هوالعامل في حمل الفاعل، والفراء هوأشهر من نطق بهذا الرأي، ومضى ممضىه هشام بن معاوية. ويرى بعض النحاة أنَّ التشابه بين الفاعل والمبتدأ هوالعامل في حمل الفاعل، من حيث إخبار العمل عنه كما يخبر الخبر عن المبتدأ، ويرفض البعض هذا القول انطلاقاً من مبدأ كون المعاني لا تعمل في الأسماء. وبعضهم يجد في إسناد العمل إلى الفاعل العامل وراء حمله، ويُرَدُّ هذا القول باعتبار أنَّ الإسناد معنوياً هوالإضافة أوالنسبة، وأنَّ العمل يسند إلى الفاعل وأيضاً إلى المفعول به فكيفقد يكون الإسناد هوالعامل في حمل الأول ولا يحمل الثاني. وغيرهم يمضى إلى أنَّ إحداث العمل هوالذي حمل الفاعل، ويُرَدُّ هذا القول أيضاً باعتبار أنَّ هناك حالات لا يُحدِث فيها الفاعل نحوياً العملَ. ويستدل النحاة المتقدمين على عمل العمل في الفاعل وأيضاً المفعول من تأثيره فيهما، وذلك لأنَّ بالعمل يتغير مسقط الاسم الإعرابي من كونه مبتدأ إلى فاعل.

تقديم الفاعل أوالمفعول المحصور

أجمع النحاة على رفض تقديم الفاعل أوالمفعول به في حالة الحصر بإنَّما، واختلفوا عندماقد يكون محصوراً بإلَّا أومَا. فبينما يجيز البصريون تقدّم المفعول به على الفاعل عندماقد يكون محصوراً بإلَّا، فإنَّ الكوفيين اختلفوا فيما بينهم. فنجد الكسائي يجيز تقديم أوتأخير الفاعل أوالمفعول به في هذه الحالة، باعتبار أنَّ اللبس موجود فقط في حالة الحصر بإنَّما. بينما الفراء يجيز تقديم المفعول به المحصور ويمنع تقديم الفاعل المحصور.

التشكيك في الفاعل

يعتقد بعض النحاة المجدِّدين أنَّ الفاعل، كمسقط إعرابي وكهجريب لغوي له دوره وتأثيره الخاص في الجملة، لا يوجد سوى في اصطلاح النحاة، وهوفي واقع الأمر لا يختلف شيئاً عن غيره من الأسماء المرفوعة كنائب الفاعل أوالمبتدأ، فهي جميعها أسماء مرفوعة مُسند إليها. وهذا بدون التشكيك في اشتمال الاسم المسند إليه على معنى الفاعلية عندما يأتي في الجملة العملية، فالتشكيك في الفاعلقد يكون نحوياً فقط. وتاريخياً ظهرت بوادر هذا الرأي عند عبد القاهر الجرجاني وتلميذه الزمخشري، اللذين أنكرا وجود نائب الفاعل ووحدا المصطلحات بين الفاعل ونائبه، وسار مسارهما ابن يعيش. ومن ثم أتى نحاة معاصرون تبنَّوا هذا الرأي ووسعوا دائرة توحيد المصطلحات لتضم المبتدأ أيضاً، تحت سقف مصطلح واحد هو«المُسند إليه»، أخذوه من فهماء البيان الذين يستعملون هذا المصطلح للإشارة إلى المرفوعات الثلاث.

ومن هؤلاء النحوي المصري المُجَدِّد إبراهيم مصطفى، فخط في "إحياء النحو": «وإذا تتبعنا أحكام هذه الأبواب [يقصد الفاعل ونائب الفاعل والمبتدأ]، لم نرَ ما يدعوإلى تفريقها، ورأينا في أحكامها من الاتفاق والتماثل ما يُوجِب حتى تكون باباً واحداً يعفينا من تشقيق الكلام وتكثير الأقسام». ونطق بهذا الرأي النحوي العراقي مهدي المخزومي، وأضاف إليهم اسم كان، فذكر في كتابه "في النحوالعربي": «إنَّ كُلاً من المبتدأ والفاعل ونائب الفاعل [وأضاف إليهم اسم كان في الفقرة السابقة]، يقوم مقام الفاعل عندهم في جميع أحكامه من كونه مرفوعاً، ومن مطابقة العمل إيَّّا في النوع والعدد، فجميع هذه الموضوعات إنَّما جِيءَ بها ليُتَحَدَّثَ عنها بحديثٍ، أوليُسنَد إليها، فهي جميعاً مسند إليه، وهي إذن موضوع واحد». ومع هذا التوحيد في المصطلحات نحوياً، يظل التفريق بينهم قائماً من ناحية المعنى، فنرى مهدي المخزومي يُفرق بين المبتدأ والفاعل من حيث أنَّ الأول يشير على الجمود والثبات وهوما استدعى حتىقد يكون المسند إليه جامداً، بينما الفاعل يدلُّ على التجدد الدائم لذا فإنَّ المسند إليه عمل أووصف دال على التجدد.

ملاحظات

  • [[#ref_ملاحظة:1{{{3 |^]] : لا يأتي الفاعل دائماً مرفوع فقد يحدث مجروراً لفظاً ولكنه محلاً مرفوع على الفاعلية. ولا يتقدم الفاعل على عامله على رأي الأغلبية، لأنه حينها سيكون مبتدأ (راجع: تقدم الفاعل على عامله). ويشترط للعمل الذي يسند إلى الفاعل حتىقد يكون تاماً، لأنَّ الأفعال الناسيرة - مثل كان وأخواتها - تدخل على الجمل الأسمية وتحمل اسماً لها لا فاعلاً. ويشترط حتىقد يكون مبني للمعلوم، لأنَّ الأفعال المبنية للمجهول تحمل نائب فاعل بعدها وليس فاعل. ويُقصد بشبهه أي أشباه الأفعال مثل المصدر واسم الفاعل واسم التفضيل والصفة المشبهة.

  • [[#ref_ملاحظة:2{{{3 |^]] : يُستثنى من ذلك حالة واحدة فقط يوجب فيها حمل التابع للفاعل المجرور، وذلك عند جر الفاعل بحرف الجر «مَن» وعَطف اسم مُعَرَّف على الفاعل المجرور، مثل: «مَا حَضَرَ مِن عَامِلٍ وَالمُدِيرُ» بعطف «المُدِيرُ» على «عَامِلٍ». والسبب في ذلك أنَّ دخول «مَن» على الفاعل يشترط فيه حتىقد يكون الفاعل نكرة، وبما أنَّ المعطوف ينسخ حكم المعطوف عليه فيجب فيه أيضاً حتىقد يكون نكرة ليُجر، فإذا كان المعطوف اسم معهد فلا يجر لمخالفته الشرط الذي تقتضيه «مَن» لتعمل على جره، فيوجب فيه الحمل بدلاً من ذلك. إِلَّا أنَّ عباس حسن يرى في هذا تشدد وتفريع لأحكام الفاعل لا داعي له، ويجيز جر أوحمل التابع.

  • [[#ref_ملاحظة:3{{{3 |^]] : يجد بعض النحاة أنَّ الفاعل هنا هوضمير مستتر عائد على «الشَارِب»، الذي يدلُّ عليه العمل «يَشرَبُ» وما رَجَّح ذلك وجود نظير له في الجملة وهو«الزَّانِي».

  • [[#ref_ملاحظة:4{{{3 |^]] : بعض الشواهد تخالف هذه القاعدة، حيث يُحذَف الفاعل فيها ويُبنَي العمل إلى المجهول ومن ثم يُذكَرُ الفاعل لاحقاً. ومنها الآية السادسة والثلاثون من سورة النور، حيث تُقرأُ وفقاً لبعض القراءات ببناء العمل إلى المجهول، على النحو: «يُسَبَّحُ لَهُ فِيهَا بِالغُدُّوِ والآصَالِ، رِجَالٌ...» حيث حُذِفَ الفاعل، وهو«رِجَالٌ»، ومن ثم ذُكر بعد ذلك. ومن هذه الشواهد أيضاً بيت شعري يقول فيه الشاعر : «لِيُبكَ يَزِيدٌ ضَارِعٌ لِخُصُومَةٍ» بمعنى ليَبكِ ضارعٌ يزيداً بسبب خصومة بينهما، فالملاحظ أنَّ الفاعل حُذف ومن ثَمَّ ذكر لاحقاً. ويرى البعض أنَّ الفاعل المذكور بعد حذفه هوفي الحقيقة فاعل لعمل آخر محذوف يُفسّره العمل المبني للمجهول، فكأنَّ المقصود من البيت السابق ذكره: «لِيُبكَ يَزِيدٌ يُبكِيه ضارعٌ».

  • [[#ref_ملاحظة:5{{{3 |^]] : الرأي الأشهر تذكير العمل في حالة إذا كان الفاعل جمعاً مذكراً سالماً، وتأنيثه عندماقد يكون جمعاً مؤنثاً سالماً. إلا أنَّ هناك خلاف شديد حول هذه المسألة.

  • [[#ref_ملاحظة:6{{{3 |^]] : وردت شواهد شعرية أُنِّثَ فيها العمل مع أنَّ الفاعل انفصل عن عمله بحروف الاستثناء، ومن هذه الشواهد قول الشاعر:

ما بَرِئَتْ منْ ريبةٍ وذَمٍّ في حَربِنا إلا بناتُ العَمٍّ

ومن الشواهد المخالفة أيضاً الآية التاسعة والعشرون الواردة في سورة يس، حيث يُذكر فيها وفقاً لبعض القراءات: «إنْ كَانَت إِلَّا صَيحَةٌ» بحمل «صَيحَةٌ» على الفاعلية.


  • [[#ref_ملاحظة:7{{{3 |^]] : من الشواهد الأخرى التي يتداولها النحاة وفيها تدخل علامات التثنية والجمع على العمل عندماقد يكون الفاعل مثنى أوجمع حديث أخرجه مسلم في سليمه، ويُذكَر فيه: «يَتَعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار». فيلاحظ دخول واوالجماعة على العمل المضارع، على الرغم من إسناده إلى «ملائكة». وكان ابن مالك يسمي اللغة بهذا الحديث، فكان يقول «لغة يتعاقبون فيكم ملائكة» بدلاً من «لغة أكلوني البراغيث». ويفسّر النحاة الرافضون لهذه اللغة موقفهم بقولهم أنَّ الحديث رُويَ ناقصاً، والحديث كاملاً على النحوالآتي: «إنَّ لله ملائكة يتعاقبون فيكم، ملائكة بالليل وملائكة بالنهار». شاهد آخر وهوحديث ورد أيضاً في سليم مسلم، حيث يقول الرسول: «أَوَ مُخرِجِيَّ هُم» في حديثه مع ورقة بن نوفل، والملاحظ أنَّ علامة الجمع دخلت على اسم الفاعل حتى عندما أُسند إليه الفاعل «هم»، وعلامة الجمع هي الواوحيث أصل الجملة: «أومُخرِجُويَ هم». ومن الشواهد في هذا السياق بيت لعبد الله بن قياس الرقيات يرثي فيه مصعب بن الزبير ويقول فيه:

تَوَلَّى قِتَالَ الْمَارِقِينَ بِنَفْسِهِ وَقَدْ أَسْلَمَاهُ مُبْعَدٌ وحَمِيمُ

وبيت آخر يُستشهد به، وهوللعتبي يقول فيه:

رَأَيْنَ الغَوَانِي الشَّيْبَ لاَحَ بِعَارِضِى فَأَعْرَضْنَ عَنِّى بالْخُدُودِ النَّوَاضِرِ

ويذكر السيوطي بيت آخر تدخل فيه نون النسوة على العمل مع إسناد العمل إلى اسم ظاهر، وهوبيت للفرزدق يهجوفيه عمروبن عفراء الضبي، حيث يقول:

وَلَكِن دِيَافيٌّ أبُوهُ وَأُمُّهُ بحَورَانَ يَعصِرنَ السّلِيطَ أقارِبُه

ويذكر ابن هشام في كتابه «مغني اللبيب عن خط الأعاريب» مثالاً شعرياً آخراً على دخول واوالجماعة على العمل مع بقاء الفاعل:

يَلُومُونَنِى فِي اشتِرَاءِ النّخِيل أهلي، فكُلُّهُمُ أَلُومُ

  • [[#ref_ملاحظة:8{{{3 |^]] : وفي اللقاء، إذا اتصل بالمفعول به ضمير يعود على الفاعل، فيجوز عندها تقديم المفعول به أوتأخيره. فينطق: «عَظَّمَ التَلمِيذُ مُعَلِّمَهُ» أو«عَظَّمَ مُعَلِّمَهُ التَلمِيذُ».

نماذج للإعراب

مراجع

هوامش

  1. ^ محمد أبوالعباس، ص. 63
  2. ^ سليمان الفياض، ص. 108
  3. ^ عباس حسن، ص. 63
  4. ^ فؤاد نعمة، ص. 45
  5. ^ محمد عيد، ص. 396-397
  6. ^ الدروس النحوية، ص. 432
  7. ^ فؤاد نعمة، ص. 48
  8. ^ عبد الله النقراط، ص. 72
  9. ^ سليمان الفياض، ص. 109
  10. ^ فؤاد نعمة، ص. 43
  11. ^ الفاعل: تعريفه – إعرابه – حالاته - نماذج لإعرابه. بقلم: د. فهمي قطب الدين النجار. تاريخ التحرير: 17 ذوالحجة 1435هـ الموافق فيه 12 أكتوبر 2014
  12. ^ علي مطر، ص. 320
  13. ^ عوض القوزي، ص. 35-36
  14. ^ عوض القوزي، ص. 51
  15. ^ عوض القوزي، ص. 48
  16. ^ عوض القوزي، ص. 106
  17. ^ عوض القوزي، ص. 128
  18. ^ علي مطر، ص. 320-321
  19. ^ علي مطر، ص. 322-328
  20. ^ علي مطر، ص. 323
  21. ^ أبوالعباس المبرد، ج. 1، ص. 416
  22. ^ فاضل السامرائي (الجملة العربية والمعنى)، ص. 41
  23. ^ كريم الخالدي، ص. 217
  24. ^ عبد الرحمن الأنباري، ص. 60
  25. ^ عبد الرحمن الأنباري، ص. 60-61
  26. ^ محمود عمار، ص. 241
  27. ^ محمد النادري، ص. 128
  28. ^ عباس حسن، ج. 2، ص. 68
  29. ^ سعيد الأفغاني، ص. 188
  30. ^ محمد الحلواني، ص. 188
  31. ^ محمد الحلواني، ص. 188-189
  32. ^ محمد الحلواني، ص. 189
  33. ^ محمد النادري، ص. 494
  34. ^ عبد الهادي الفضلي، ص. 112
  35. ^ محمود عمار، ص. 241-250
  36. ^ عبد الله النقراط، ص. 73
  37. ^ أحمد الهاشمي، ص. 140
  38. ^ سعيد الأفغاني، ص. 185
  39. ^ عبد الهادي الفضلي، ص. 111-112
  40. ^ محمد عيد، ص. 397
  41. ^ كاملة الكواري، ص. 253-254
  42. ^ أحمد الهاشمي، ص. 113
  43. ^ عبد الهادي الفضلي، ص. 111
  44. ^ مصطفى الغلاييني، ج. 1، ص. 155
  45. ^ محمد النادري، ص. 331
  46. ^ محمد النادري، ص. 332
  47. ^ مصطفى الغلاييني، ج. 1، ص. 178-179
  48. ^ محمد الحلواني، ص. 164-165
  49. ^ محمد النادري، ص. 147
  50. ^ محمد النادري، ص. 141-143
  51. ^ فاضل السامرائي (معاني النحو)، ج. 2، ص. 39
  52. ^ عباس حسن، ج. 2، ص. 85
  53. ^ محمد الحلواني، ص. 168
  54. ^ مصطفى الغلاييني، ج. 3، ص. 280
  55. ^ محمد الحلواني، ص. 169
  56. ^ محمد النادري، ص. 136
  57. ^ محمد الحلواني، ص. 169-173
  58. ^ محمد النادري، ص. 137
  59. ^ مصطفى الغلاييني، ج. 3، ص. 276-277
  60. ^ محمد الحلواني، ص. 165-166
  61. ^ مصطفى الغلاييني، ج. 3، ص. 277
  62. ^ محمد النادري، ص. 126-127
  63. ^ محمد النادري، ص. 125-126
  64. ^ مصطفى الغلاييني، ج. 3، ص. 279
  65. ^ محمد النادري، ص. 150-153
  66. ^ محمد الحلواني، ص. 175-177
  67. ^ مصطفى الغلاييني، ج. 3، ص. 282-283
  68. ^ مصطفى الغلاييني، ج. 3، ص. 283
  69. ^ محمد الحلواني، ص. 178
  70. ^ مصطفى الغلاييني، ج. 3، ص. 283-284
  71. ^ محمد النادري، ص. 171
  72. ^ محمد الحلواني، ص. 177
  73. ^ معجم المصطلحات النحوية، ص. 140
  74. ^ عباس حسن، ج. 2، ص. 94
  75. ^ المنهاج الواضح للبلاغة، ص. 104
  76. ^ ابن كمال باشا، ص. 98-99
  77. ^ كاملة الكواري، ص. 254
  78. ^ سعيد الأفغاني، ص. 189
  79. ^ محمد النادري، ص. 493-494
  80. ^ عباس حسن، ج. 2، ص. 65
  81. ^ يوسف الصيداوي، ص. 872
  82. ^ ابن كمال باشا، ص. 95
  83. ^ فاضل السامرائي (الدراسات عند الزمخشري)، ص. 347
  84. ^ علي مطر، ص. 332-333
  85. ^ إبراهيم مصطفى، ص. 54
  86. ^ جرجي عطية، ص. 208
  87. ^ يوسف الصيداوي، ص. 245-246
  88. ^ محمد عمايرة، ص. 139
  89. ^ محمد عيد، ص. 399
  90. ^ عبده الراجحي، ص. 183
  91. ^ عباس حسن، ج. 2، ص. 69-70
  92. ^ جرجي عطية، ص. 205
  93. ^ فؤاد نعمة، ص. 46
  94. ^ ابن كمال باشا، ص. 205
  95. ^ حمدي الجبالي، ص. 240-241
  96. ^ كاملة الكواري، ص. 260
  97. ^ عباس حسن، ج. 2، ص. 70
  98. ^ أحمد عبد الغني، ص. 174
  99. ^ عباس حسن، ج. 2، ص. 108-109
  100. ^ محمد عيد، ص. 417
  101. ^ أحمد الهاشمي، ص. 121
  102. ^ جرجي عطيه، ص. 210
  103. ^ محمد عيد، ص. 411
  104. ^ عباس حسن، ج. 2، ص. 97
  105. ^ عبد الرحمن الأنباري، ص. 64
  106. ^ جرجي عطية، ص. 210
  107. ^ عبد الله النقراط، ص. 76
  108. ^ محمد أبوالعباس، ص. 66
  109. ^ محمد عيد، ص. 411-412
  110. ^ فاضل السامرائي (معاني النحو)، ج. 2، ص. 62-68
  111. ^ أحمد عبد الغني، ص. 39-40
  112. ^ خليل عمايرة، ص. 139-140
  113. ^ عباس حسن، ج. 1، ص. 579
  114. ^ عباس حسن، ج. 2، ص. 72-73
  115. ^ خليل عمايرة، ص. 141
  116. ^ خليل عمايرة، ص. 142
  117. ^ أحمد عبد الغني، ص. 40
  118. ^ أحمد عبد الغني، ص. 168-169
  119. ^ عباس حسن، ج. 2، ص. 77
  120. ^ الدروس النحوية، ص. 120
  121. ^ القواعد الأساسية في النحووالصرف، ص. 86
  122. ^ عبد الهادي الفضلي، ص. 114
  123. ^ فاضل السامرائي (معاني النحو)، ج. 2، ص. 52
  124. ^ عباس حسن، ج. 2، ص. 76
  125. ^ كاملة الكواري، ص. 257
  126. ^ عباس حسن، ج. 2، ص. 84
  127. ^ أحمد الهاشمي، ص. 115
  128. ^ سعيد الأفغاني، ص. 187
  129. ^ عباس حسن، ج. 2، ص. 79
  130. ^ القواعد الأساسية للنحووالصرف، ص. 86-87
  131. ^ محمد عيد، ص. 403
  132. ^ جرجي عطية، ص. 206
  133. ^ كاملة الكواري، ص. 259
  134. ^ عباس حسن، ج. 2، ص. 78-79
  135. ^ يوسف الصيداوي، ص. 879
  136. ^ عبد الله النقراط، ص. 74
  137. ^ سعيد الأفغاني، ص. 186
  138. ^ عباس حسن، ج. 2، ص. 81
  139. ^ محمد النادري، ص. 498
  140. ^ يوسف الصيداوي، ص. 244-245
  141. ^ محمد عيد، ص. 403-404
  142. ^ عبد الله النقراط، ص. 75
  143. ^ القواعد الأساسية في النحووالصرف، ص. 87
  144. ^ أحمد الهاشمي، ص. 116
  145. ^ فاضل السامرائي (معاني النحو)، ج. 2، ص. 53
  146. ^ محمد عيد، ص. 405
  147. ^ عباس حسن، ج. 2، ص. 80
  148. ^ يوسف الصيداوي، ص. 244
  149. ^ كاملة الكواري، ص. 258
  150. ^ عباس حسن، ج. 2، ص. 82
  151. ^ جرجي عطية، ص. 207
  152. ^ أحمد الهاشمي، ص. 116-117
  153. ^ عباس حسن، ج. 2، ص. 83
  154. ^ محمد أبوالعباس، ص. 65
  155. ^ أحمد الهاشمي، ص. 117
  156. ^ محمد النادري، ص. 499
  157. ^ الدروس النحوية، ص. 434
  158. ^ يوسف الصيداوي، ص. 878
  159. ^ النحوالأساسي، ص. 321
  160. ^ عباس حسن، ج. 2، ص. 82-83
  161. ^ عباس حسن، ج. 2، ص. 84-85
  162. ^ محمد النادري، ص. 165، ص. 167-168
  163. ^ القواعد الأساسية للنحووالصرف، ص. 86
  164. ^ النحوالأساسي، ص. 320
  165. ^ أحمد الهاشمي، ص. 114-115
  166. ^ جرجي عطية، ص. 205-206
  167. ^ محمد عيد، ص. 400
  168. ^ محمد النادري، ص. 495
  169. ^ عباس حسن، ج. 2، ص. 74
  170. ^ كاملة الكواري، ص. 256
  171. ^ حمدي الجبالي، ص. 139
  172. ^ شوقي ضيف، ص. 35
  173. ^ محمد عيد، ص. 402
  174. ^ محمد أبوالعباس، ص. 64
  175. ^ فاضل لسامرائي، ج. 2، ص. 48
  176. ^ زمن الجمالي، ص. 78
  177. ^ فاضل لسامرائي، ج. 2، ص. 50-51
  178. ^ الدروس النحوية، ص. 435
  179. ^ عبد الله النقراط، ص. 75-76
  180. ^ النحوالأساسي، ص. 322
  181. ^ جرجي عطية، ص. 207-208
  182. ^ ابن كمال باشا، ص. 96
  183. ^ محمد النادري، ص. 496
  184. ^ يوسف الصيداوي، ص. 877
  185. ^ عباس حسن، ج. 2، ص. 87
  186. ^ كاملة الكواري، ص. 261
  187. ^ ابن كمال باشا، ص. 96-97
  188. ^ زمن الجمالي، ص. 79
  189. ^ حمدي الجبالي، ص. 239
  190. ^ أحمد الهاشمي، ص. 118
  191. ^ محمد عيد، ص. 407-408
  192. ^ فاضل السامرائي (معاني النحو)، ج. 2، ص. 51
  193. ^ عباس حسن، ج. 2، ص. 89-90
  194. ^ محمد عيد، ص. 409
  195. ^ كاملة الكواري، ص. 262
  196. ^ عباس حسن، ج. 2، ص. 90-93
  197. ^ محمد النادري، ص. 945-946
  198. ^ سعيد الأفغاني، ص. 26
  199. ^ محمد النادري، ص. 946-947
  200. ^ كاملة الكواري، ص. 946-947
  201. ^ فاضل السامرائي (معاني النحو)، ج. 2، ص. 61
  202. ^ محمد عيد، ص. 397-398
  203. ^ عبد الهادي الفضلي، ص. 113-114
  204. ^ محمد النادري، ص. 495-496
  205. ^ عباس حسن، ج. 2، ص. 75-76
  206. ^ ابن كمال الباشا، ص. 97
  207. ^ يوسف الصيداوي، ص. 870
  208. ^ يوسف الصيداوي، ص. 245، ص. 172
  209. ^ حمدي الجبالي، ص. 233-236
  210. ^ زمن الجمالي، ص. 75
  211. ^ يوسف الصيداوي، ص. 246
  212. ^ عبد الهادي الفضلي، ص. 113
  213. ^ فاضل السامرائي (معاني النحو)، ج. 2، ص. 40
  214. ^ حمدي الجبالي، ص. 237
  215. ^ عبد الرحمن الأنباري، ص. 62-63
  216. ^ يوسف الصيداوي، ص. 868
  217. ^ مصطفى الغلاييني، ج. ثلاثة ص. 281-282
  218. ^ مصطفى الغلاييني، ج. ثلاثة ص. 278
  219. ^ فاضل السامرائي (معاني النحو)، ج. 2، ص. 40-44
  220. ^ أحمد عبد الغني، ص. 49
  221. ^ عباس حسن، ج. 2، ص. 66-67
  222. ^ حمدي الجبالي، ص. 133-134
  223. ^ أبوالبقاء العكبري، ص. 175
  224. ^ حمدي الجبالي، ص. 74-75
  225. ^ حمدي الجبالي، ص. 238
  226. ^ علي مطر، ص. 322-323
  227. ^ إبراهيم مصطفى، ص. 53
  228. ^ مهدي المخزومي، ص. 71
  229. ^ مهدي المخزومي، ص. 73
  230. ^ عباس حسن، ج. 2، ص. 69
  231. ^ محمد النادري، ص. 494-495
  232. ^ محمد عيد، ص. 406
  233. ^ محمد عيد، ص. 401
  234. ^ شوقي ضيف، ص. 34-35

مصادر مطبوعة

  • الدروس النحوية، تأليف: حفني ناصف، محمد دياب، مصطفى طموم، محمد صالح، محمود عمر. دار إيلاف - الكويت، الطبعة الأولى - 2006.
  • القواعد الأساسية في النحووالصرف، تأليف: يوسف الحمادي، محمد محمد الشناوي، محمد شفيق عطا. الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية - القاهرة. طبعة 1994-1995.
  • النحوالأساسي، تأليف: أحمد مختار عمر، مصطفى النحاس زهران، محمد حماسة عبد اللطيف. منشورات ذات السلاسل - الكويت. الطبعة الرابعة - 1994.
  • إبراهيم مصطفى، إحياء النحو، القاهرة، الطبعة الثانية - 1992.
  • أبوالبركات الأنباري، أسرار اللغة العربية، تحقيق: محمد شمس الدين، دار الخط الفهمية - بيروت، الطبعة الأولى - 1997.
  • أبوالبقاء العكبري، كتاب التبيين عن مذاهب النحويين البصريين والكوفيين، تحقيق ودراسة: عبد الرحمن السليمان العثيمين، جامعة أم القرى - مكة،
  • أبوالعباس المبرد، المقتضب، تحقيق: محمد عبد الخالق عضيمة، وزارة الأوقاف - القاهرة، طبعة 1994.
  • ابن كمال باشا، أسرار النحو، تحقيق: أحمد حسن حامد، دار الفكر للطباعة والنشر، الطبعة الثانية - 2002.
  • أحمد الهاشمي، القواعد الأساسية للغة العربية، دار الخط الفهمية - بيروت، تاريخ الطبعة ورقمها لم يدوّن.
  • أحمد عبد الغني، 'المصطلح النحوي: دراسة نقدية تحليلية، دار الثقافة للنشر والتوزيع - الفجالة، طبعة 1990.
  • أنطوان الدحداح، معجم قواعد اللغة العربية في جداول ولوحات، تحقيق: جورج متري عبد المسيح، مخطة لبنان ناشرون - جونيه، الطبعة السابعة - 1996.
  • جرجي عطية، سلم البيان في الصرف والنحووالبيان، دار بيحاني للطباعة والنشر - بيروت، الطبعة الرابعة - تاريخ الطبعة لم يدوّن.
  • حمدي الجبالي، الخلاف النحوي الكوفي، الجامعة الأردنية - عمّان، 1954.
  • خليل عمايرة، في نحواللغة وتراكيبها، نشر لعالم الفهم - جدة، الطبعة الأولى - 1984.
  • زمن الجمالي، تباين الرأي في المسألة النحوية الواحدة في القرن الرابع الهجري،
  • سعيد الأفغاني، الموجز في قواعد اللغة العربية، صادر عن دار الفكر - بيروت، طبعة 2003.
  • سليمان الفياض، النحوالعصري، مركز الأهرام، الطبعة الأولى - 1995.
  • شوقي ضيف، تحريفات العاميّة للفصحى في القواعد والبِنْيات والحروف والحركات، دار المعارف - القاهرة، ISBN 977-02-4799-5
  • عباس حسن، النحوالوافي، دار المعارف - مصر، الطبعة الثالثة.
  • عبد الرحمن الأنباري، أسرار اللغة العربية، تحقيق: محمد شمس الدين، دار الخط الفهمية - بيروت، الطبعة الأولى - 1997.
  • عبد الهادي الفضلي، مختصر النحو، دار الشروق - جدة، الطبعة السابعة - 1980.
  • عبد الله النقراط، الكامل في اللغة العربية، بنغازي - ليبيا، الطبعة الأولى - 2003، ISBN 9959-22-289-6
  • عبده الراجحي، التطبيق النحوي، دار النهضة العربية - بيروت، طبعة 1988.
  • علي مطر، مصطلحات نحوية (6)، دراسة نشرت في مجلة تراثنا، العدد (47-48)، الصفحات (307-333).
  • عوض القوزي، المصطلح النحوي: نشأته وتطور حتى أواخر القرن الثالث الهجري، عمادة شؤون المخطات – جامعة الرياض، الطبعة الأولى - 1981.
  • فاضل السامرائي، معاني النحو، العاتك - القاهرة، توزيع أنوار دجلة - بغداد، الطبعة الثانية - 2003.
  • فاضل السامرائي، الدراسات النحوية واللغوية عند الزمخشري، مطبعة الإرشاد - بغداد، طبعة 1971.
  • فاضل السامرائي، الجملة العربية والمعنى، دار ابن حزم - بيروت، الطبعة الأولى - 2000.
  • فؤاد نعمة، ملخَّص قواعد اللغة العربية، المخط الفهمي للتأليف والترجمة - القاهرة، الطبعة التاسعة عشر، تاريخ النشر لم يدون ، رقم الإيداع (3175).
  • كاملة الكواري، الوسيط في النحو، مراجعة وتقديم: محمد بن خالد فاضل، دار ابن حزم، طبعة 2011.
  • كريم الخالدي، نظرية المعنى في الدراسات النحوية، دار صفاء للنشر والتوزيع -عمَّان، الطبعة الأولى - 2006، رقم الإيداع لدى دائرة المخطة الوطنية (2005/11/2738)، ISBN 9957-24-234-2.
  • مصطفى الغلاييني، جامع الدروس العربية، المخطة العصرية - صيدا\بيروت، الطبعة السادسة والثلاثون - 1999.
  • محمد أبوالعباس، الإعراب الميسّر، دار الطلائع - القاهرة، طبعة 1998.
  • محمد الحلواني، الواضح في النحووالصرف، مخطة الشاطئ الأزرق - اللاذقية، الطبعة الثالثة - 1979.
  • محمد النادري، نحواللغة العربية، المخطة العصرية - صيدا\بيروت، الطبعة الثانية - 1997.
  • محمد عيد، النحوالمصفى، مخطة الشباب - القاهرة، طبعة 1975.
  • محمود عمار، الأخطاء الشائعة في استعمالات حروف الجر، دار عالم الخط - الرياض، الطبعة الأولى - 1998. رقم الإيداع (18/1714). ISBN 9960-775-91-7
  • مهدي المخزومي، في النحوالعربي: نقد وتوجيه، دار الرائد - بيروت، الطبعة الثانية - 1986
  • يوسف الصيداوي، الكفاف: كتاب يعيد صوغ قواعد اللغة العربية، نشر دار الفكر - دمشق، دار الفكر المعاصر - بيروت، طبعة 1999.

وصلات خارجية

نطقب:ويكي جامعة

  • الفاعل، على مسقط اللغة العربية. يديره مسعد محمد زياد.
  • الفاعِلُ. تفهم مقدم من مسقط الجزيرة.نت.

انظر أيضاً

  • فاعل (لغة)
  • إعراب
تاريخ النشر: 2020-06-04 18:56:52
التصنيفات: All pages needing cleanup, مقالات بالمعرفة تحتاج توضيح, مقالات مميزة, نحو عربي

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

تنسيقية التعليم ترد على حلول أخنوش وبنموسى بخطوات تصعيدية

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-12-04 00:10:15
مستوى الصحة: 68% الأهمية: 78%

أسرار العلاقات الاستثنائية بين المغرب والإمارات

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-12-04 00:09:52
مستوى الصحة: 65% الأهمية: 75%

بعد واقعة طاهر.. نجوم عالمية يتحايلون في ارتداء واقي الساق

المصدر: الأهلى . كوم - مصر التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2023-12-04 00:09:22
مستوى الصحة: 31% الأهمية: 43%

جواو فليكس يمنح برشلونة فوزا ثمينا على أتلتيكو مدريد

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-12-04 00:08:04
مستوى الصحة: 77% الأهمية: 93%

مستجدات وظهور ضحايا جدد في ملف البيدوفيل الفرنسي بطنجة

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-12-04 00:10:07
مستوى الصحة: 68% الأهمية: 74%

السلاح المغربي يحبس أنفاس الجيش الإسباني

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-12-04 00:10:10
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 79%

الحكومة تُخفّض الضريبة على الخمور

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-12-04 00:09:55
مستوى الصحة: 67% الأهمية: 78%

رجل يطعن أربعة من أسرة واحدة حتى الموت ويجرح شرطيين في نيويورك

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-12-04 00:07:51
مستوى الصحة: 88% الأهمية: 96%

لليوم الثالث على التوالي.. زلزال بقوة 6.9 درجات يضرب سواحل الفلبين

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-12-04 00:07:41
مستوى الصحة: 77% الأهمية: 97%

تحميل تطبيق المنصة العربية