نقش أم الجمال الأول
نقش أم الجمال الأول اكتشفه المستشرق الألماني أ. لتمان في بدايات القرن الماضي، في منطقة أم الجمال جنوب دمشق. وقد قدر تأريخ النقش من قبل مكتشفه بين العامين 250 و270 ميلادي. ويسميه البعض نقش أم الجمال الأول اوالنبطي لتفريقه عن نقش أم الجمال بالحروف العربية الذي اكتشف لاحقا من قبل لتمان، أيضا، في منتصف العقد الثالث من القرن العشرين. وقد اسمته مصادر المستشرقين في البداية باسم "نقش فهرو" لاعتقاد لتمن، حسب قراءته له، إنه شاهد قبر إنسان اسمه "فهروبن سالي". أما تأريخه فقد تم تحديده بناء على فهم الباحثين لتأريخ حكم الملك جديمة الأبرش والذي ذُكر اسمه تحديدا في هذا النقش. وقد اكتشفت بعثة لتمان أيضا عام 1909 وفي منطقة قريبة من مطقة اكتشاف هذا النقش الحجري، نقش حجري اخر باللغة والحروف الإغريقية، ونصه هوترجمة بتصرف لنص نقش أم الجمال بالنبطية. ورغم اقتضاب نص نقش أم الجمال بالنبطية إلا حتى ذكره لاسم الملك جذيمة واستخداماته لمفردات عربية فصحى يجعله نقشاً ذا أهمية تأريخية ولغوية قصوى.
القراءة الأولى للنقش
رغم اكتشافه قبل عقود طويلة لم يعيد قراءة هذا النقش، للاسف، أي من الباحثين خلال الثمانين سنة الماضية واكتفى جلهم بالرجوع إلى القراءة الأولى للنقش والتي قام بها مكتشف الحجر لتمان. وحسب قراءته السائدة اليوم هذه والتي تمت بناء على تتبعه لحروف النقش النبطية وقراءته للنقش الإغريقي المترجم على الاغلب، تمت ترجمة النقش للعربية كالتالي:
"دنه نفسوفهروبر سلي رب جذيمت ملك تنوخ"
وبالعربية الحديثة:
"هذا شاهد قبر فهر بن سالي قائد اومربي جذيمة ملك تنوخ".
وبناء على هذه القراءة يظهر استخدام النص لحدثة "نفس" بمعنى "شاهد قبر"، حسب المستشرقين، بعد اسم إشارة وقبل اسم فهم وذلك مما يجعله للوهلة الأولى مشابها في استخدامه هذا لنقش النمارة الذي قرأ المستشرقون حدثته الأولى أنها اسم إشارة، وقرأوا الحدثة اللاحقة "نفس" أيضا بمعنى "شاهد قبر". وقد كان مطلع نقش الترجمة الإغريقية كالتالي:
Η CΤΗΛΗ ΑΥΤΗ ΦΕΡΟΥ CΟΛΛΕΟ TPOΦEYC …
وترجمة هذا النص الإغريقي للعربية هو: "هذا هوشاهد قبر فروسالي".
القراءة الحديثة للنقش
أشارت دراسة حديثة معمقة لنقش أم الجمال الأول قام بها الباحث الأمريكي العراقي سعد الدين أبوالحب عام 2009 ونشرت في كتابه الصادر نهاية 2011، وبأدلة الصور الملموسة، إلى حتى القراءة السائدة لحروف النقش النبطية وترجمتها الحرفية للعربية غير سليمة واعتمدت كليا على قراءة المستشرقين بتصرف لترجمة نقش أم الجمال الإغريقي. وقد اشارت هذه الدراسة إلى ان قراءة المستشرقين اهملت حدثة "فرأ" (اسم فهم) الواضحة في نهاية السطر الأول من النقش النبطي وقرأت الحدثة "قبر" مع جزء من الحدثة اللاحقة لها على انها الحدثة "فهرو". كما اشار الباحث في دلائله أيضا إلى ان اسم الميت الأول حسب النقش الإغريقي كان ФEPOY (بالعربية "فرو") وليس "فهرو"، إذ لا اثر لحرف الهاء العربي الحلقي الذي يلفظ من البلعوم فيه، رغم ان اللغة الإغريقية تتضمن هذا الحرف. ووضحت هذه الدراسة أيضا ان المستشرقين قرأوحدثة "مملك تنوخ"، اي من جعلهم ملوكا واسس مملكتهم، على انها "ملك تنوخ" رغم ان النص النبطي استخدم بوضوح حرفين للميم وليس حرف واحد في بداية الحدثة، وهذا استخدام جلي للعربية الفصحى. اما اهمية قراءة ابوالحب، تأريخيا، فانها برهنت صحة ما ذكره الخوارزمي وغيره من ان جديمة كان أول ملوك تنوخ في الحيرة.
وحسب قراءة ابوالحب الجديدة لنص نقش أم الجمال النبطي، نطق النص:
"دنه نفسوقبر فرأ بن سلي رب جذيمت مملك تنوخ"
وترجمته بالعربية الحديثة:
"دنه (ادناه اوهنا) نفسوقبر (ربما تعني "روح وقبر" او"هذا نفسه قبر") فرأ بن سلي ربّ (قائد عسكري اومربي) جذيمة مملك (مؤسس) تنوخ".
واستخدام تعبير "نفسوقبر" حسب قراءة ابوالحب اعلاه يأتي مطابقا لاستخدام نقوش المسند الكثيرة في شرق الجزيرة العربية وجنوبها لعبارة "نفس وقبر" مما يشير أيضا إلى اصول تنوخ في تلك المناطق كما مضى مؤرخي الحضارة العربية الإسلامية.
مصادر
- ^ Littmann, Nabataen Inscriptions from the Southern Hauran, p. 37 Cantineaue, Nabateen et Arabe, p. 27
- ^ ^ Littmann, Nabataen Inscriptions from the Southern Hauran, p. 37 Cantineaue, Nabateen et Arabe, p. 27
- ^ Littmann, Nabataen Inscriptions from the Southern Hauran, p. 37 Cantineaue, Nabateen et Arabe, p. 27
- ^ The History of Writting. Edited by Wayne Senner. University of Nebraska Press. 1989 p. 98
- ^ Saad D. Abulhab. DeArabizing Arabia: Tracing Western Scholarship on the History of the Arabs and Arabic Language and Script. Page 100. 2011. New York: Blautopf Publishing. 240 pg. 24 cm. Archived 22 September 2014[Date mismatch] at the Wayback Machine.
- ^ سعد الدين ابوالحب، ترجمة الفصل الثالث: نقش النمارة العربي النبطي 328م، من كتاب DeArabizing Arabia: Tracing Western Scholarship on the History of the Arabs and Arabic Language and Script. 2011. New York: Blautopf Publishing Archived 21 January 2017[Date mismatch] at the Wayback Machine.
انظر أيضاً
- جذيمة الأبرش
- مملكة تنوخ
- الحيرة
- أبجدية نبطية
- المناذرة