أحمد عرابي

عودة للموسوعة

أحمد عرابي

أحمد عرابي
أحمد عرابي عام 1906.
ناظر الجهادية
نائب رئيس مجلس النظار
في المنصب
4 فبراير 1882 – 14 سبتمبر 1882
الرئيس الخديوي توفيق
سبقه محمود سامي البارودي
خلفه مصطفى فهمي باشا
وزير الدفاع
في المنصب
1956–1967
تفاصيل شخصية
وُلِد (1841-03-31)31 مارس 1841
هرية رزنة، محافظة الشرقية، مصر
توفي 21 سبتمبر 1911(1911-09-21) (عن عمر 70 عاماً)
القاهرة، مصر
الدين مسلم سني
الخدمة العسكرية
الولاء  مصر
الخدمة/الفرع الجيش المصري
سنوات الخدمة 1939–1967
الرتبة أميرالاي (عميد حالياً)
المعارك/الحروب حملة الحبشة - معركة التل الكبير

أحمد عرابي (و. 31 مارس 1841 - ت. 21 سبتمبر 1911)، هوزعيم وشخصية وطنية وقائد عسكري مصري، في الجيش الخديوي. قاد عرابي عام 1879 تمرداً تطور إلى ثورة عامة ضد حكومة الخديوي توفيق التي كانت تخضع للهيمنة البريطانية-الفرنسية. أصبح وزيراً للجهادية وبدأ بإصلاح الادارات العسكرية والمدنية في مصر، لكن المظاهرات التي شهدتها الإسكندرية عام 1882 لكن القصف والغزوالبريطاني أطاح بعرابي وحلفائه تحت وطاة الاحتلال البريطاني.

التحق عرابي بالجيش فيستة ديسمبر 1854، ونظراً لإجادته القراءة والكتابة عين محرراً بدرجة أمين بلوك بالأورطة الرابعة من آلاي المشاة الأول، ثم رقي ملازماً عام 1858. لما تولى الخديوي توفيق الحكم رُقي عرابي إلى رتبة أميرالاي (عميد حالياً) عام 1879، وجعله ياوراناً له، وعينه أميرالاياً على آلاي المشاة الرابع بالقاهرة، وظل يشغل هذا المنصب حتى قيام الثورة العرابية.

قام أحمد عرابي فيتسعة سبتمبر 1881 بمظاهرة عابدين وطالب فيها بعزل رياض باشا رئيس الوزراء، وتشكيل مجلس النواب، وزيادة عدد الجيش، وكان من نتائجها قبول المطالب السابقة وأهمها سقوط وزارة رياض، وتأليف وزارة محمد شريف الثالثة (14 سبتمبر 1881- 2 فبراير 1882) وعين البارودي ناظراً للحربية فيها.

عُين عرابي وزيراً للحربية في عهد نظارة محمود سامي البارودي (4 فبراير 1882- 17 يونيو1882)، ولكن سرعان ما توالت الأزمات وتعاقبت الأحداث، بعد تقديم الدستور لمجلس شورى النواب، وتدخل وكيلي إنگلترة وفرنسا، وطالبا الخديوي بإنطقة الوزارة، ونُفي أحمد عرابي من القطر المصري، استنطقت وزارة محمود سامي وشكلت نظارة جديدة كان عرابي ناظراً للحربية فيها، واضطربت الأمور خاصة في ظل وجود الأسطولين الإنگليزي والفرنسي في مياه الإسكندرية، فحدثت مذبحة الإسكندرية (11 يونيو1882).

النشأة

أحمد عرابي (1882)

ولد أحمد عرابي في 1 أبريل 1841 في قرية هرية رزنة بمحافظة الشرقية. عندما شب عن الطوق، أوفده والده الذي كان عمدة القرية إلى التعليم الديني حتى عام 1849.

وكان والي مصر، سعيد باشا، الذي تولى حكم مصر في يوليو1854، قد أمر بدخول أولاد مشايخ البلاد وأقاربهم في العسكرية، فانتظم عرابي في سلك الجندية في ديسمبر عام 1854 وعمره وقتها يناهز 15 سنة. فالتحق بالمدرسة الحربية. ارتقى أحمد عرابي سلم الرتب العسكرية بسرعة حيث أصبح نقيباً في سن العشرين.

امتاز أحمد عرابي بطول القامة (180 سم) وتناسق الوجه، وغلاظة الشفاة وكثافة الحاجبين. مظهره الخارجي هذا – كما زعم المعاصرون كان السبب في ترقيته سريعا في عهد سعيد باشا (كذا). كان في العشرين من عمره يوم نال رتبة مقدم، في الجيش ولقب قائمقاما وأصبح ياورا للخديوي، لكنه كان في عد الرضا أيام اسماعيل باشا ولم يرق الى رتبة أعلى إلا بعد انصرام نيف وعشرة أعوام، فنال رتبة عقيد في الجيش ولقب "أميرالاي". وبالمناسبة ، اذا كانت تقييمات الكثيرين من الكتاب البورجوازيين نحوطموح عديم الكفاءة وصنيعة ثرثار وأمي، مرفوضة. فإن نجاريان يؤيد تأكيد المستشرق روتستين بأن عرابي رغم زيه العسكري المهيب ظل في الواقع فلاحا عادياً شبه أمي. ويردد مع إيڤانوڤ بأنه "لم يتلق تعليما عسكريا خاصا ولم يتميز بأية حنكة في التدريب العسكري".


وقد قيم لوتسكي الضباط الذين خرجوا من أحضان الفلاحين ، ورفاق عرابي في السلاح بأنهم "من العناصر الديمقراطية الراديكالية". ووضعهم في مسقط معارض من "الضباط الأشراف الباشوات"، فكان ديدنه الأساسي التذكير بالتيارات القائمة داخل الجيش، وطنية كانت أم اجتماعية، ولاسيما أنه سجل في مكان آخر من كتابه "كان ابنا لفلاح مصري من قرية هرية رزنة الواقعة في الوجه البحري"، لا بل وأنه أكد تأكيد شاهد العيان المعاصر حتى الضباط المصريين لم يتقاضوا رواتبهم شهورا كاملة، و"أن عوائلهم عانت الجوع".

الجزم بالأصل الفلاحي للأميرالاي عرابي باشا لا يقتصر على لوتسكي وحده، وهوعار عن الحقيقة تماماً. كان ابنا لواحدا من أغنياء الفلاحين الذي عين عمدة (شيخ البلد). وكان قد ورث عن أبيه في الشرقية ثمانية فدادين (زهاء 3.5 هكتارات) من الأرض. استفاد من تفاقم أوضاع الفلاحين الفقراء الذين أصابهم الخراب فأوصل - ملكيته ابان خدمته العسكرية – إلى 750 فداناً أي ما يعادل 240 هكتارا. وأصبح من كبار الفلاحين العقاريين. ينبغي التذكير هنا حتى من يملك خمسين فداناً وما فوق من الأرض في مصر يعد من طبقة الاقطاعيين الذين كانوا يشكلون نسبة 1.55% من سكان مصر ويمتلكون 43.8% من الأرضي المزروعة. وقد أصاب كيلبرگ الحقيقة في تحديده هوية عرابي باشا الطبقية- الاجتماعية: "كان من كبار الملاكين الذي استغل الفلاحين وحلم دوماً بأن يصبح اقطاعيا كبيرا، وقد تحقق حلمه عملاً".


الأوضاع في عهد إسماعيل

أحمد عرابي باشا

كان الخديوي إسماعيل يطمع حتى يدفع مصر لكي تساير النهضة الأوروبية ولكنه لم يلتفت إلى الجوهر أوالمضمون، بل وضع مجهوده في إعطاء مصر قشور الحضارة ومظاهرها، واضطر إسماعيل باشا إلى الاستدنة من بنوك أوروبا، وبجانب ذلك ما تحملته مصر من نفقات لإنشاء قناة السويس، وهوما لا يقل عن 16 مليون جنيه، وهذا ما يزيد عن نصف تكاليف إنشائها، ونتيجة لعجز فرنسا وبنوكها عن إمداد مصر بما تطلبه تحول الخديوي إلى البيوت المالية الإنجليزية، وسهلت إنجلترة للخديوي إمكانية إمداده بالديون، وتدخلت بنفوذها لدى الباب العالي لتطبيق ذلك، وتوالت الأحداث والأزمات المالية على مصر ووصلت إلى أسوأ حال بسبب حرب الحبشة، واضطرت مصر إلى بيع حصتها في شركة قناة السويس، وكانت إنجلترة بالمصراد، ولم تضيع الفرصة واشترت حصة مصر بأبخس الأثمان. وتوالت الأحداث والأزمات المالية حتى طلب الخديوي من إنجلترة إيفاد أحد الخبراء لإنقاذ الحالة المالية، فأوفدت الحكومة البريطانية لجنة برئاسة المستر "كيف" لكي تقدم تقريراً وافياً، وقد اتى في التقرير "تشكومصر من الجهل والإهمال والتبذير.. وتشكوأيضاً من كثرة النفقات التي سببها إنجاز مشروعات إصلاحية ولكنها أنجزت بسرعة وبدون دراسة". واقترح للعلاج إنشاء إدارة للمراقبة المالية يرأسها موظف إنجليزي. إلى غير ذلك تمت أول خطوة علنية للتدخل في الشئون المصرية من جانب إنجلترة- وتم إنشاء الرقابة المالية التي أصبحت رقابة عامة على الحكومة المصرية، والتي مُنحت سلطات واسعة في الإشراف على الدواوين، حتى وصل الأمر إلى رهن موارد الدولة وأراضيها، وفرضت أنواعاً مختلفة من الضرائب، وكان من قراراتها لتوفير الأموال للحكومة إحالة عدد كبير من ضباط الجيش إلى الاستيداع، فكان حادث اعتداء الضباط على رئيس الوزراء نوبار باشا وولسن في وزارة المالية، ولولا تدخل الخديوي لحصل ما لا تحمد عقباه، وتعتبر هذه الظاهرة أول نذير بالثورة العرابية، وتميزت فترة السبعينيات من القرن التاسع عشر بنهضة فكرية كبيرة، فمنذ الحملة الفرنسية والمناخ الفكري في تطور وانتشار لكل الأفكار الليبرالية والإسلامية، فكان لطلاب البعثات في عصر محمد علي الفضل الكبير في هذه النضهة الفكرية، كذلك إدخال نظم التعليم الحديثة، وانتشار الصحافة ورسوخ أقدامها في مصر، وكذلك ظهور شخصيتين كان لهما أكبر الأثر في نشر الوعي في ذلك الحين وهما رفاعة الطهطاوي (1801- 1873) وجمال الدين الأفغاني (1839-1897) كان عاملين نشطين في تنشيط النهضة الفكرية، الذي أثرت أفكارهما على الثورة العرابية بشكل كبير.

الالتحاق بالعسكرية

رسم لأحمد عرابي في استعراض لقواته.

الضباط "الجائعون" من غير العرب الذين انضموا الى الجمعية السرية، كانوا أيضا "فلاحين" من نوع عرابي باشا. و"كانت أوضاعهم المادية تخولهم حق الانتساب الى الفئات الميسورة في المجتمع المصرية"، على حد تعبير المستشرقة تشرنوڤسكايا. وقد وصفهم المستشرق الروسي نيرسيسوڤ (1923-1982) بأنهم "ارتبطوا اجتماعية بطبقة صغار الملاكين – الاقطاعيين في الريف". أما گولدوبين فقد كان على حق تماما حين نطق: "لقد خرج هؤلاء الضباط من صفوف الملاكين العقاريين الجدد، ومن أحضان الفلاحين الأغنياء في الريف".

تجدر الاشارة هنا الى الحقيقة الهامة التالية: إذا البورجوازية التي تشكلت في مطلع الربع الأخير من القرن التاسع عشر، يمكن اعتبارها "مصرية" مجازاً. ومن الحقائق المسلم بها حتى الأجانب شكلوا القسم الأساسي من سكان المدن البورجوازيين، في حين كانت العناصر المختلطة بهم من المصريين العرب أوالأجانب المتمصرين (المسلمين) ممن يعدون على الأصابع. كان التجار الوسطاء من الأوروبيين القادمين من جنوب وشرق المتوسط. ولذلك نطلق مجازا تسمية البورجوازية الوسيطة المصرية على أولئك الناس الذين تحكموا في الصادرات والواردات والأعمال المصرفية والتشييد والبناء والتجارة الداخلية والصناعة المتدنية.

كان حملة العلاقات الرأسمالية من المصريين "شبه البورجوازيين" (تماذج أنماط الاستغلال الاقطاعي وشبه الاقطاعي مع نمط الانتاج الرأسمالي) من ممثلي الأسرة الخديوية، الذين شكلوا غالبية مطلقة بالنسبة لملاكي الأراضي الأجانب، وهم من كبار الاقطاعيين والملاكيين العقاريين الدخلاء ومن متوسطي الملاكين العرب. وقد وسع الأخيرون أملاكهم الخاصة على حساب أراضي أبناء بلدهم من الفلاحين الذين تعرضوا للخراب، أوعن طريق التدابير القسرية كالضرب والاهانة وغيرها من الوسائل التأديبية التي حاكوا فيها كبار الاقطاعيين المحليين. وكانوا يتتلمذون على أيدي الملاكين الاقطاعيين الأجانب في مجال الاستثمار الرأسمالي البشع. أجل، كانوا يستغلون كد وعرق الفلاحين الحقيقيين مع أولئك الضباط "الفلاحين" الذين أوكل اليهم أمر استثمار الفلاحين بوساطة شتى أنواع السخرة، والذين لم يجمعهم أي جامع بالوصف الذي أعطاه لوتسكي إياهم "عناصر ديمقراطية راديكالية وطنية". اللهم سوى الكفاح الذي سيخوضون غماره للحافظ على وجودهم وتعزيز مواقعهم من خلال الاصطراع مع الفريقين القويين: رجال الاقطاع والملاكين المحليين الذين "تبرجزا رغما عنهم" أولاً، ومع كبار الاقطاعيين الأجانب الذين "تحولوا رغم أنفهم الى شبه اقطاعيين".

كان بمقدور الضباط "الفلاحين" الموصوفين "بالعناصر الديمقراطية الراديكالية" حتى يوطدوا علاقاتهم "بالبورجوازيين المدنيين" داخل المدن الكبيرة، حيث كانت البورجوازية التجارية المصرية تعاني سكرات الموت منذ مطلع القرن في جومن أطماع الدول الاستعمارية الكبرى والتأثير القوي النفوذ للشركات الرأسمالية الاحتكارية. وبكلام إجمالي كانت تعيش ضمن ظروف خانقة ان كان على الصعيد الاقتصادي أم السياسي داخليا وخارجيا معا. هؤلاء التجار حكم عليهم موضوعيا بالفناء والاندثار من جراء الاسلوب المبتذل والمهتري الذي مارسوا فيه نشاطهم التجاري – المالي في ظل غياب حماية ورعاية الدولة. أضف الى ذلك حتى تدهور الحرف أصبح ناجزا، لأن أصحاب المؤسسات المهنية اعتمدوا على مساندة الدوائر العسكرية لقاء دفع مبالغ طائلة لها بالطبع.

اذا كانت الأوضاع على هذه الحال عصرئذ، فانها ازدادت حدة وتفاقما في أواخر الربع الثاني من القرن التاسع عشر، حين أصبحت الفئات العليا من التجار وأرباب المهن الحرة التي أفرزتها طبقة العسكر خاضعة لا لإمرة "الباشاوات الجراكسة"، وانما أصبحت تحت رحمة فئة الضباط "الفلاحين" الذين تسللوا بوسائل مختلفة الى هاتيك المناصب القيادية، وبالتالية قامت بدور "جابي الضرائب". ومن المضحك المبكي حتى الضباط "الفلاحين" كانوا يتسترون بقناع الحفاظ على الرأسمال الوطني، وبتعبير آخر الدفاع عن الأغنياء "الوطنيين" ضد استفزازات وضغوط الرأسماليين الأجانب، متخذين من ذلك مظلة واقية لحماية التجار المصريين الذين كانوا يدوسون بأقدامهم أبسط المعايير البورجوزاية وينتهكون قدس أقداس قواعد العلاقات الرأسمالية.

كان الضباط "الفلاحين" يتطلعون الى الرتب العسكرية العالية (مقدم وما فوق) ليس من مسقط الحافز المادي فقط، فاذا كان البنباشي ينال شهريا مرتبا قدره ثلاثة آلاف قرش، والمقدم (القائمقام) ثلاثة آلاف وستمائة قرش، فان راتب الأميرالاي (العقيد) يقفز فوق عشرة آلاف، وأمير اللواء الى خمسة عشرة ألف قرش. وفيما يخص الأميرالات (عرابي باشا مثلا) فان مرتبهم لا يتوقف عند زيادته بمقدار النصف (50%) فقط، بل ويتعداه الى نيل لقب الأميرالاي الذي يعني بحد ذاته نيل لقب الباشا السامي. وقد أكدت تشرنوفسكايا قائلة: "كان معظمهم من الفلاحين الذين ينظرون الى الخدمة العسكرية بوصفها الوسيلة الوحيدة التي تمكنهم من الارتقاء الى درجة اجتماعية أعلى".

كان الضباط المصريون العرب يصبون ليس الى زيادة رواتبهم من 30-36 ألف حتى 100-150 ألف قرش وحسب، بل كانوا يتطلعون خصوصا الى الانتنطق من رتبة البكوية الى الباشوية، ومن طبقة الاقطاعيين – الملاكين الى طبقة الأشراف. وبالتالي الحصول على الامتيازات الواسعة الممنوحة للباشاوات الجراكسة. فكانت الهوية "الفلاحية" التي أطلقها عليهم خصومهم ومنافسوهم، أوتبنوها بأنفسهم في سبيل الاستفادة من شعار "مصر للمصريين" الجذاب، خدمة لمآربهم المهنية الفئوية الضيقة في جوهرها ومحتواها، وفي سبيل كسب شعبية واسعة داخل الأوساط العسكرية. كيف من الممكن أن لا ومعظم الجنود من أبناء الفلاحجين الذين كانوا يعبرون عن سخطهم وتذمرهم ليس من مواقع فئوية – مهنية فحسب، بل من مواقع اجتماعية – اقتصادية وقومية – وطنية واعية. ومن هذا المسقط بالذات اتسم شعار "مصر للمصريين" بطابع شعبي ديمقراطي استقطب آمال وتطلعات الغالبية الساحقة في الجيش المصري. وبهذا الصدد خط كولفين يقول: "يتألف الجيش أساسا من المصريين أبناء دافعي الضرائب التعساء، كان تعاطف الجيش بكل مستوياته مع أبناء الوطن حتما".

حدثات كولڤن الأخيرة تدفعنا للهجريز على الاعتبار الهام التالي: كانت الخدمة الاجبارية في الجيش بمثابة حكم بالأشغال الشاقة المؤبدة على أبناء الفلاحين. فمن الحقائق الثابتة في مصادر التاريخ العربية والأجنبية (الجبرتي، الدبلوماسي الروسي قسطنطين بازيلي، الأكاديمي الفرنسي بوجولا، العالم الانكليزي لين وغيرهم) حتى السوط كان يرمز الى سلك الضباط في مفهوم الجنود الفلاحين. ومن هنا يصبح جليا حتى النفخ في صور الشعار الوطني وجعله أكثر شعبية ورواجا من الضرورات اللازمة بالنسبة لعرابي باشا وأنصاره في كفاحهم ضد الباشوات الجراكسة، باعتباره النادىمة الأساسية الاجتماعية تحلقيق النتائج المرجوة.

مهما يكن من الأمر، فقد اصطمدت تطلعات الضباط العرب الاجتماعية أم الاقتصادية بالمعارضة الشديدة من قبل "الباشاوات الجراكسة" ، فاتخذت طابع التمرد العكسرية داخل الثكنات. فانضمام الضباط الى معسكر "اللائحة الوطنية" وموالاتهم "للحزب الوطني المصري" في أبريل 1879 شكلا غطاءا قوميا لتطلعاتهم وطموحاتهم، فضلا عن نيلهم الدعم القوي من قبل رجال الاقطاع والأشراف الملتفين حول الخديوي إسماعيل، أي من "الجناح المدني للتنظيم الصاعد".

ومن اللافت للنظر حتى تبني الضباط لشعار "مصر للمصريين" اتصف بتناقش ظاهري ملموس. "فالعداء للأتراك" (الكراهية ازاء العناصر الدخيلة الناطقة بالهجرية من الأتراك العثمانيين الأصليين اوالذين استهجروا من الجركس والأكراد والألبانيين وغيرهم) لدى هذه الفئة من الضباط، لم يقف حائلا دون انتعاش النزعة العثمانية في أوساطهم، إما عن قناعة وإيمان، واما مواربة واحتيالا، ودون اخلاص – ولوظاهريا – للسلطان الحليفة والتفاني في سبيل السلطنة العثمانية . أولئك الناس الذين لمقد يكونوا يعدون من الموالين للسلطان. فشالأمر لا يتعلق فقط بالخضوع للسلطان – الخليفة من منطلق الايمان بالإسلام، ولا بحوية الدعم المتسقط من الأستانة باتجاه تقوية الميول المعارضة لتسلط الحكام الأتراك المحليين، وللحد من الهيمنة المتزايدة للأجانب الكفار. بل هنا اعتبار خطير وهام جدا يتربط مباشرة بمصالح فئوية – ضيقة ومنافع مهنية محددة. فالترقي من رتبة الضباط الذين هم دون الأشراف – البكوات الى رتبة الأميرالاي – الباشا لا يتم إلا بموافق السلطان.


وهنا بالضبط يتجلى لنا الوجه الآخر والأكثر أهمية في التناقض الظاهري. فالشعار الذي حمله الضباط الوطنيون "مصر للمصريين" كان موجها ضد احتكار الأتراك لرتبة الضباط الأشراف، كما كان نصله الحاد موجها بالضرورة ضد السلطنة، التي كانت تضفي هالة قدسية على ذلك الاحتكار. بيد حتى توسيع مضامين الشعار من قبل العناصر الموالية للنزعة العثمانية والمتفانية في اخلاصها للسلطان ، كان يعني موضوعيا تأجيج المشاعر المعادية للنصارة والاستفزازات الاستمعارية الأجنبية التي غذت أيضا الميول الذاتية المعادية للأوربيين عامة، والتي وجدت تجلياتها في اطار الحزب الوطني. وهذا الأمر أدى بالضرورة الى تقليص وتحجيم طبيعة الشعار المعادي في الواقع للسلطان والسلطنة، والى تصاعد حمأة الدعوات المنادية بالتوجه صوب الباب العالي. هذا العامل الهام يجب أخذه بالحسبان في محاولتنا الرامية للبحث عن الدوافع التي حالت دون عرقلة انضمام الضباط ذوي الرتب الدنيا الى "الجناح العسكري" البارودي في الحزب الوطني المصري.

وفي آخر المطاف، كانت الجبهة "الوطنية" التي التأمت في ربيع عام 1879، موجهة أساسا ضد الاعتداءات من جانب انكلترة وفرنسة، وكان السلطان يتسقط منها جميع الخير والمنفعة، أوبالأحرى كان السلطان يمتع ناظريه بمشاهدة الخلاف الذي ذر قرنه بين تابعه الخديوي المصري وأصدقائه الأوربيين، الأمر الذي قد يتيح له القيام بدور الوسيط بين الطرفين المتنازعين.

وعلى جميع حال، كان خروج شعار "مصر للمصريين" عن نطاق ثكنات الضباط والجنود الذين كانوا مستعدين تماما للسير وراء زعمائهم وقادتهم. لم يكن يعني اطللاقا أنه أصبح شعارا مصريا شاملا. وبتعبير آخر، ما كان بامكان هذا الشعار حتى يكتسب شعبية واسعة بالقدر الذي يخرجه من السر إلى العلن لولم يجد الغليان الشعبي انعكاسات له في أوساط اجتماعية قوية التأثير والفعالية.


نظارة الجهادية

في البداية رقي عرابي باشا، ثم أصبح مساعد-وزير الحربية، وأصبح وزيرا في نهاية المطاف. وبدأ خططه بتأسيس مجلس برلماني. في نهاية أشهر الثورة (يوليو- سبتمبر 1882)، تولى عرابي منصب رئيس الوزراء. ونتيجة لشغوره بالخطر، نادى الخديوي توفيق السلطان لقمع الثورة، ولكن الباب العالي تردد.


الثورة العرابية

أحمد عرابي يسلم الخديوي توفيق مطالب الشعب في مظاهرة ميدان عابدين

الثورة العرابية وسميت آنذاك هوجة عرابي، وقامت إثر قرار طرد الضباط المصريين من الجيش المصري.

  • الخديوي: جميع هذه الطلبات لا حق لكم فيها، وأنا ورثت ملك هذه البلاد عن آبائي وأجدادي، وما أنتم إلا عبيد إحساناتنا.

- عرابي: لقد خلقنا الله أحرارًا، ولم يخلقنا تراثًا أوعقارًا؛ فوالله الذي لا إله إلا هو، لا نُورَّث، ولا نُستعبَد بعد اليوم.

استجاب الخديوي لمطالب الأمة، وعزل رياض باشا من رئاسة الوزارة، وعهد إلى شريف باشا بتشكيل الوزارة، وكان رجلا كريمًا مشهودًا له بالوطنية والاستقامة، فألف وزارته في (14 سبتمبر 1881)، وسعى لوضع دستور للبلاد، ونجح في الانتهاء منه وعرضه على مجلس النواب الذي أقر معظم مواده، ثم عصف بهذا الجهد تدخل إنجلترا وفرنسا في شئون البلاد، وتأزمت الأمور، وتقدم "شريف باشا" باستنطقته في (2 فبراير 1882).

وتشكلت حكومة جديدة برئاسة محمود سامي البارودي، وشغل عرابي فيها منصب "وزير الجهادية" (الدفاع)، وقوبلت وزارة "البارودي" بالارتياح والقبول من مختلف الدوائر العسكرية والمدنية؛ لأنها كانت تحقيقًا لرغبة الأمة، ومعقد الآمال، وكانت عند حسن الظن، فأعربت الدستور، وصدر المرسوم الخديوي به في (7 فبراير 1882 م).

غير حتى هذه المستوى الوليدة إلى الحياة النيابية تعثرت بعد نشوب الخلاف بين الخديوي ووزارة البارودي حول تطبيق بعض الأحكام العسكرية، ولم يجد هذا الخلاف مَن يحتويه من عقلاء الطرفين، فاشتدت الأزمة، وتعقد الحل، ووجدت بريطانيا وفرنسا في هذا الخلاف المستعر بين الخديوي ووزرائه فرصة للتدخل في شئون البلاد، فبعثت بأسطوليهما إلى شاطئ الإسكندرية بدعوى حماية الأجانب من الأخطار.

ولم يكد يحضر الأسطولان الإنجليزي والفرنسي إلى مياه الإسكندرية حتى أخذت الدولتان تخاطبان الحكومة المصرية بلغة التهديد والبلاغات الرسمية، ثم تقدم قنصلا الدولتين إلى البارودي بمذكرة مشهجرة في (7 رجب 1299 هـ = 25 مايو1882 م) يطلبان فيها استنطقة الوزارة، وإبعاد عرابي وزير الجهادية عن القطر المصري مؤقتًا مع احتفاظه برتبه ومرتباته، وإقامة "علي باشا فهمي" و"عبد العال باشا حلمي" –وهما من زملاء عرابي وكبار قادة الجيش- في الريف مع احتفاظهما برتبتيهما ومرتبيهما.

وكان رد وزارة البارودي رفض هذه المذكرة باعتبارها تدخلا مهينًا في شئون البلاد الداخلية، وطلبت من الخديوي توفيق التضامن معها في الرفض؛ إلا أنه أعرب قبوله لمطالب الدولتين، وإزاء هذا الموقف قدم البارودي استنطقته من الوزارة، فقبلها الخديوي.

بقاء عرابي في منصبه

كتاب مذكرات عرابي، صادر عن دار المعارف، سلسلة كتابك، تأليف عميد. أ.ح. محمد فريد حجاج. لقراءة الكتاب، اضغط على الصورة.

غير حتى عرابي بقي في منصبه بعد حتى أعربت حامية الإسكندرية أنها لا تقبل بغير عرابي ناظرًا للجهادية، فاضطر الخديوي إلى إبقائه في منصبه، وتكليفه بحفظ الأمن في البلاد، غير حتى الأمور في البلاد ازدادت سوءًا بعد حدوث مذبحة الإسكندرية في (11 يونيو1882م)، وكان سببها قيام مكاري (مرافق لحمار نقل) من مالطة من رعايا بريطانيا بقتل أحد المصريين، فشب نزاع تطور إلى قتال سقط خلاله العشرات من الطرفين قتلى وجرحى.

وعقب الحادث تشكلت وزارة جديدة ترأسها "إسماعيل راغب"، وشغل "عرابي" فيها نظارة الجهادية، وقامت الوزارة بتهدئة النفوس، وعملت على استتباب الأمن في الإسكندرية، وتشكيل لجنة للبحث في مسببات المذبحة، ومعاقبة المسئولين عنها.



قصف الإسكندرية

ولما كانت إنجلترا قد بيتت أمرًا، فقد أعربت تشككها في قدرة الحكومة الجديدة على حفظ الأمن، وبدأت في اختلاق الأسباب للتحرش بالحكومة المصرية، ولم تعجز في البحث عن وسيلة لهدفها، فانتهزت فرصة تجديد قلاع الاسكندرية وتقوية استحكاماتها، وإمدادها بالرجال والسلاح، وأوفدت إلى قائد حامية الإسكندرية إنذارًا في (10 يوليو1882 م) بوقف عمليات التحصين والتجديد، وإنزال المدافع الموجودة بها.

ولما رفض الخديوي ومجلس وزرائه هذه التهديدات، قام الأسطول الإنجليزي في اليوم التالي بضرب الإسكندرية وتدمير قلاعها، وواصل الأسطول القصف في اليوم التالي، فاضطرت المدينة إلى التسليم وحمل الأعلام البيضاء، واضطر أحمد عرابي إلى التحرك بقواته إلى "كفر الدوار"، وإعادة تنظيم جيشه.

وبدلاً من حتى يقاوم الخديوي المحتلين، استقبل في قصرالرمل بالإسكندرية الأميرال بوشامب سيمور قائد الأسطول البريطاني، وانحاز إلى الإنجليز، وجعل نفسه وسلطته الحكومية رهن تصرفهم حتى قبل حتى يحتلوا الإسكندرية. فأثناء القتال أوفد الإنجليز ثلة من جنودهم ذوي الجاكتات الزرقاء لحماية الخديوي أثناء انتنطقه من قصر الرمل إلى قصر التين عبر شوارع الإسكندرية المشتعلة. ثم أوفد الخديوي إلى أحمد عرابي في كفر الدوار يأمره بالكف عن الاستعدادات الحربية، ويحمّله تبعة ضرب الإسكندرية، ويأمره بالمثول لديه في قصر رأس التين؛ ليتلقى منه تعليماته.

لقاءة الخديوي ورفض قراراته

رفض عرابي الانصياع للخديوي بعد موقفه المخزي، وبعث إلى جميع أنحاء البلاد ببرقيات يتهم فيها الخديوي بالانحياز إلى الإنجليز، ويحذر من اتباع أوامره، وأوفد في 16 يوليوإلى "يعقوب سامي باشا" وكيل نظارة الجهادية يطلب منه عقد جمعية وطنية ممثلة من أعيان البلاد وأمرائها وفهمائها للنظر في الموقف المتردي وما يجب عمله، فاجتمعت الجمعية في (غرة رمضان 1299هـ= 17 يوليو1882م)، وكان عدد المجتمعين نحوأربعمائة، وأجمعوا على استمرار الاستعدادات الحربية ما دامت بوارج الإنجليز في السواحل، وجنودها يحتلون الإسكندرية.

في اليوم نفسه إجتمع يعقوب سامي بعدد من وكلاء النظارات وكبار المواطنين والضباط.. وكان عدد الذين حضورا 70 شخصا.. وقرر الحضور إنعقاد إجتماع موسع من كبار الفهماء والرؤساء الدينيين وأمراء العائلة الخديوية والأعيان.. وعقد هذا الإجتماع الموسع في اليوم التالي الإثنين 17 يوليو، وحضره نحو400 إنسان في مقدمتهم الشيخ الإمبابي شيخ الإسلام والبطريرك كيرلس الخامس ، وقرروا ضرورة حضور الخديوي توفيق إلى العاصمة القاهرة ، وتشكيل لجنة برياسة علي مبارك لإبلاغ هذا القرار للخديوي ، ومضى علي مبارك ولم يعد للقاهرة. وعهد الناس حتى المراقبين الماليين الإنجليز أخذوا الاموال الموجودة في صندوق الدين إلى المراكب الحربية.

وكان رد عمل الخديوي على هذا القرار هواصدار بيان في نفس اليوم 17 يوليو1882، بعزل عرابي من منصبه، وتعيين "عمر لطفي" محافظ الإسكندرية بدلا منه. وأردف البيان الخديوي بأن تجهيزات الحرب مسؤولية عرابي والخديوي غير مسئول عن تصرفات عرابي. ولكن عرابي لم يمتثل للقرار، واستمر في عمل الاستعدادات في كفر الدوار لمقاومة الإنجليز. بعد فوز عرابي في معركة كفر الدوار أوفد عرابي إلى يعقوب سامي يدعوه إلى عقد اجتماع للجمعية العمومية للنظر في قرار العزل.

وفي (6 رمضان 1299 هـ = 22 يوليو1882 م) عُقِد اجتماع في وزارة الداخلية، حضره نحوخمسمائة من الأعضاء، يتقدمهم شيخ الأزهر وقاضي قضاة مصر ومُفتيها، ونقيب الأشراف، وبطريرك الأقباط، وحاخام اليهود والنواب والقضاة والمفتشون، ومديروالمديريات، وكبار الأعيان وكثير من العمد، فضلا عن ثلاثة من أمراء الأسرة الحاكمة.

وفي الاجتماع أفتى ثلاثة من كبار شيوخ الأزهر، وهم "محمد عليش" و"حسن العدوي"، و"الخلفاوي" بمروق الخديوي عن الدين؛ لانحيازه إلى الجيش المحارب لبلاده، وبعد مداولة الرأي أصدرت الجمعية قرارها بعدم عزل عرابي عن منصبه، ووقف أوامر الخديوي ونظّاره وعدم تطبيقها؛ لخروجه عن الشرع الحنيف والقانون المنيف.ولم يكتفوا بهذا بل جمعواالرجال والأسلحة والخيول من قرى وعزب وكفور البلاد.

تكوين جيش المقاومة الشعبية لدعم الجيش المصري

وقد قام العمدة محمد إمام الحوت عمدة الصالحية شرقية والعمدة عبد الله بهادر عمدة جهينة جرجاوية ببث الحماسة في الناس وجمع ما يستطيعون من الرجال والسلاح لدعم الدفاع عن البلاد فقد قدم العمدة عبد الله بهادر نحوا من 600 مقاتل من رجال جهينة المعروفون بالبأس والشجاعة و140 فرس و74 بندقية والكثير من الأسلحة الأخرى وكميات كبيرة من الغلال وقدم العمدة محمد امام الحوت نحومن 40 مقاتل بعددهم وعتادهم وقدم سليمان زكى حكيم من أعيان مركز طوخ 41 فرس وأحمد حسنى مأمور مركز ميت غمر قدم 33 بندقية.

اغلاق ترعة السويس

لجأ الإنجليز والخديوي توفيق لمختلف الحيل لكسر شوكة أحمد عرابي ورجاله. صدر منشور من السلطان عبد الحميد الأول يعلن عصيان أحمد عرابي وأكد دليسبس حتى الإنجليز لن يهاجموه في الجبهة الشرقية عن طريق قناة السويس لأن القناة محايدة. وانضم محمد سلطان باشا صراحة إلى الخديوي توفيق ضد عرابي. يوسف خنفس وعدد من الضباط. إحتل الإنجليز بورسعيد. وفي 21 أغسطس وصلت القوات الهندية إلى السويس وفي 25 أغسطس سقطت المسخوطة.

معركة القصاصين

سقطت معركة القصاصين في 28 أغسطس 1882 أثناء تقدم الجيش البريطاني غربا في محافظة الإسماعيلية بقيادة جنرال جراهام حوصر من قبل الأهالي العزل فطلب الإمداد بمزيد من الذخيرة في الساعة 4:30 عصرا فوصلته الساعة 8:45 مساءا مما مكنه من القيام بمذبحة كبيرة بين الأهالي. [1]


معركة التل الكبير

معركة التل الكبير

سقطت معركة التل الكبير في 13 سبتمبر 1882 (الموافق 29 شوال 1299هـ) الساعة 1:30 صباحا واستغرقت أقل من 30 دقيقة. الإنجليز فاجأوا القوات المصرية المتمركزة في مواقعها منذ أيام والتي كانت نائمة وقت الهجوم. والقي القبض على أحمد عرابي قبل حتى يكمل ارتداء حذائه العسكري (حسب اعترافه أثناء رحلة نفيه إلى سيلان). حصدت المدفعية البريطانية في تلك المعركة أرواح نحو10,000 مصري (حسب أحمد شوقي - انظر قصائد هجائه المرفقة لاحقاً).

عقب المعركة نطق الجنرال گارنت ولسلي قائد القوات البريطانية حتى معركة التل الكبير كانت مثال نموذجي لمناورة تم التخطيط الجيد لها مسبقا في لندن وكان التطبيق مطابقا تماما كما لوكان الأمر كله لعبة حرب Kriegspiel . إلا أنه أردف حتى المصريون "أبلوا بلاءاً حسناً" كما تشي خسائر الجيش البريطاني.

اختار ولسلي الهجوم الليلي لتجنب القيظ ولمعهدته بتفشي العشى الليلي (night blindness) بشكل وبائي بين الجنود المصريين إلا أنه لاحظ حتى الجنود النوبيين والسودانيين لم يعانوا من هذا السقم.

عرابي في الأسر مع طلبة باشا

وفي اليوم نفسه 15 سبتمبر عام 1882، عاد أحمد عرابي إلى القاهرة ليدافع عنها. وواصلت القوات البريطانية تقدمها السريع إلى الزقازيق حيث أعادت تجمعها ظهر ذلك اليوم ثم استقلت القطار (سكك حديد مصر) إلى القاهرة التي استسلمت حاميتها بالقلعة عصـر نفس اليوم. وقبض على أحمد عرابي وعلى العرابيين وعلى ثلاثين ألفا من المصريين الوطنيين.

عقد الإنجليز ما سُمى بالمجلس العهدي الذي قرر حمل عريضة الإستسلام إلى الخديوي توفيق.. وطلب المجلس من عبد الله النديم كتابة هذه العريضة. خطها عبد الله النديم ولم يعتذر عن الثورة وألقى بالمسئولية كلها على الإنجليز وتوفيق. إعتذر المجلس العهدي عن عدم حمل العريضة بصياغة النديم إلى الخديوي. وكلف بطرس غالي بصياغة عريضة جديدة وخطها وفيها كثير من المحاسنة والملاينة. وتلك هي العريضة التي حملت للخديوي توفيق. وكان ذلك بداية الإحتلال البريطاني لمصر الذي دام 72 عاماً.

إثنين رفضا الإعتذار عن الثورة ، علي الروبي الذي قبض عليه وتقرر نفيه إلى السودان، حيث توفي هناك وعبد الله النديم الذي ظل يكافح بما سمحت له ظروف الإختفاء لأكثر من تسع سنوات.

المحاكمة

محاكمة عرابي

احتجز أحمد عرابي في ثكنات العباسية مع نائبه طلبة باشا حتى انعقدت محاكمته في ثلاثة ديسمبر 1882 والتي قضت باعدامه. تم تخفيف الحكم بعد ذلك مباشرة (بناءا على اتفاق مسبق بين سلطة الإحتلال البريطاني والقضاة المصريين) إلى النفي مدى الحياة إلى سرنديب (سيلان). انتقل السفير البريطاني لدى الباب العالي، لورد دوڤرن، إلى القاهرة كأول مندوب سامي - حيث أشرف على محاكمة أحمد عرابي وعلى عدم اعدامه.


النفي إلى سريلانكا

أحمد عرابي في المنفى بسيلان

وفي الساعة الواحدة بعد ظهر يوم 28 ديسمبر عام 1882 غادرت الباخرة مريوط ميناء السويس برفقة الأسطول البريطاني لنفي أحمد عرابي وزملائه ومحمود سامي البارودي ولاحقاً عبدالله النديم إلى سريلانكا حيث استقروا بمدينة كولومبولمدةسبعة سنوات. بعد ذلك نقل أحمد عرابي والبارودي إلى مدينة كاندي بذريعة خلافات دبت بين رفاق الثورة.

أوفد أحمد عرابي اعتذارات عدة إلى الملكة فيكتوريا انتهت بموافقة البريطانيين عام 1901 على العفوعنه واعادته إلى مصر.


العودة إلى مصر

عرابي بعد العودة من المنفى
اقرأ نصاً ذا علاقة في

أحمد عرابي


عاد أحمد عرابي من المنفي في 30 سبتمبر 1901م ليقيم مع أولاده بعمارة البابلي بشارع الملك الناصر المتفرع من شارع خيرت، بحي السيدة زينب. وفي 13 أكتوبر 1901 صدرت جريدة المقطم الإحتلالية، وبها حديث مع عرابي يلقي فيه سيفه ويعتذر عن الثورة.

هاتى شوقي

لدى عودته من المنفى عام 1901 سعى أحمد عرابي إلى إقناع الإنجليز بتنصيبه ملكاً على مصر وبلاد العرب. وقد أعرب عن نسبه إلى الحسين بن علي بن أبي طالب. وقد أثارت تلك المطالبة الخديوي وأنصاره، مما عرض أحمد عرابي لحملة إعلامية شعواء تتقدمها جريدة اللواء والمجلة المصرية وأمير الشعراء أحمد شوقي. طالع هاتى أحمد شوقي لأحمد عرابي في فهم المصادر، وهجاه شوقي القصائد التالية:

  • عاد لها عرابي
  • عرابي وما جنى
  • صوت العظام

كما أحضر أحمد عرابي شجرة المانجوإلى مصر لأول مرة. توفي في القاهرة في 21 سبتمبر 1911. ويعتبر قائد أول ثورة مصرية في العصر الحديث.


ذكراه

صورة من متحف أحمد عرابي، هرية رزنة، محافظة الشرقية، مسقط رأس عرابي.


  • سميت على اسمه إحدى محطات متروالأنفاق في منطقة وسط مدينة القاهرة.
  • يحمل اسمه ميدان كبير في مدينة الاسكندرية.
  • توجد صورته في شعار جامعة الزقازيق.
  • يحمل اسمه شارع في محافظة الجيزة - شارع أحمد عرابي.
  • سمي على اسمه طريق ساحلي في قطاع غزة - شارع أحمد عرابي.
  • متحف هرية، أومتحف أحمد عرابي، أفتحح عام 1973 في هرية رزنة، محافظة الشرقية، مسقط رأس عرابي.

انظر أيضاً

  • الثورة العرابية
  • معركة التل الكبير
  • معركة القصاصين
  • أحمد عرابي - فهم المصادر

الهوامش

  • The earliest published work of Isabella Augusta, Lady Gregory - later to embrace Irish Nationalism and have an important role in the cultural life of Ireland - was Arabi and His Household (1882), a pamphlet (originally a letter to The Times newspaper) in support of Ahmed Urabi ("Arabi" being an archaic mistransliteration not uncommon in English at the time).

المصادر

  1. ^ Buzpinar, S. Tufan. "The Repercussions of the British Occupation of Egypt on Syria, 1882–83". Middle Eastern Studies. 36.
  2. ^ أحمد عرابي باشا، ذاكرة مصر المعاصرة
  3. ^ يغيا نجاريان (1986). "أحمد عرابي باشا". . يريڤان، أرمنيا: أكاديمية العلوم الأرمنية.
  4. ^ مذكرات عرابي، سلسلة كتابي
سبقه
محمود سامي البارودي
رئيس وزراء مصر (أثناء الإنقلاب)
يوليو1882 - 13 سبتمبر 1882
تبعه
محمد شريف باشا
تاريخ النشر: 2020-06-05 15:51:27
التصنيفات: مواليد 1841, وفيات 1911, أشخاص من محافظة الشرقية, رؤساء وزراء مصر, وزراء حكومة مصر, جنود مصريون, عسكريون مصريون, ثوريون مصريون, أشخاص من الثورة العرابية, مصريون منفيون, وزراء دفاع مصر

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

كيف تغيرت تجارة روسيا بعد فرض الغرب عقوبات عليها؟

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-03 09:17:03
مستوى الصحة: 93% الأهمية: 85%

بن غفير: اليميني المتطرف الذي بات صانع الملوك في إسرائيل

المصدر: BBC News عربي - بريطانيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-03 09:16:41
مستوى الصحة: 95% الأهمية: 90%

تقرير: نتنياهو سيكلف بتشكيل الحكومة بحلول الأسبوع المقبل

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-03 09:16:59
مستوى الصحة: 94% الأهمية: 95%

في زمن الأزمة.. إمعان في هدر الماء في سقاية بمراكش وتجاهل للسلطات

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-03 09:15:27
مستوى الصحة: 32% الأهمية: 43%

إحباط مخطط هجوم إرهابي على محطة زابوروجيه للطاقة النووية

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-03 09:17:08
مستوى الصحة: 77% الأهمية: 92%

التضخم يواصل الارتفاع.. بيانات حديثة في تركيا

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-03 09:17:06
مستوى الصحة: 79% الأهمية: 86%

البابا فرنسيس إلى البحرين لتعزيز الحوار مع الإسلام

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-03 09:17:07
مستوى الصحة: 79% الأهمية: 86%

إصابة عنصرين من الشرطة الإسرائيلية في عملية طعن بالقدس

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-03 09:17:05
مستوى الصحة: 92% الأهمية: 92%

شولتس يتعهّد عدم تجاهل القضايا "الجدلية" خلال زيارته الصين

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-03 09:16:53
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 90%

تشاووش أوغلو: خطوات مصر في تطبيع العلاقات بطيئة

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-03 09:16:59
مستوى الصحة: 80% الأهمية: 91%

دوري "أن بي ايه": فوز سابع توالياً لباكس

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-03 09:16:54
مستوى الصحة: 91% الأهمية: 100%

أجواء حارة في توقعات أحوال الطقس ليومه الخميس

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-03 09:15:31
مستوى الصحة: 38% الأهمية: 41%

4 دول عربية تسير على خطى الفيدرالي الأمريكي

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-03 09:17:09
مستوى الصحة: 81% الأهمية: 98%

فشل عملية إطلاق كورية شمالية لصاروخ بالستي عابر للقارات (سيول)

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-03 09:16:52
مستوى الصحة: 81% الأهمية: 94%

باتروشيف: الهجوم على السفن في الممر الإنساني عمل إرهابي

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-03 09:17:02
مستوى الصحة: 78% الأهمية: 87%

"دبليو تي ايه" الختامية: جابر تحيي آمالها وساكاري إلى نصف النهائي

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-03 09:16:51
مستوى الصحة: 90% الأهمية: 95%

ما الدول العربية التي زارها بابا الفاتيكان خلال العقود الماضية؟

المصدر: BBC News عربي - بريطانيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-03 09:16:42
مستوى الصحة: 89% الأهمية: 90%

بالصور.. مراكش تتزين لاستقبال المهرجان الدولي للفيلم

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-03 09:15:28
مستوى الصحة: 42% الأهمية: 39%

تحميل تطبيق المنصة العربية