أسفار الڤيدا

عودة للموسوعة

أسفار الڤيدا

جزء من سلسلة عن
الخط المقدسة الهندوسية

خط ڤيدا

رگ‌ڤدا • ياجورڤـِدا
سـَماڤـِدا • أثارڤاڤـِدا

الأقسام
سامهيتا • برهمانا
أرنياكا • أوپانيشاد

أوپانيشاد

Aitareya • Brihadaranyaka
إيشا • Taittiriya • Chandogya
كـِنا • منداكا • Mandukya
كاثا • پراشنا • Shvetashvatara

ڤيدانگا

شيكشا • Chandas • Vyakarana
نيروكتا • جيوتيشا • كلپا

مهابهاراتا • رامايانا

خط أخرى

سمريتي • شروتي
بهاگڤاد گيتا • پورانا
أگاما • درشانا
Pancharatra • تنترا • سوترا
ستوترا • دارماشاسترا
Divya Prabandha
تـِڤـَرام • Akhilathirattu
Ramacharitamanas
شيكشاپاتري • ڤاچانمروت


     

أسفار الڤـِدا (بالسنسكريتية वेद véda, "الفهم") عن سجلٍ فكريٍّ وتاريخي وحضاري لتصوّرات الآريين ولفلسفتهم الحياتية ولذلك فإن أسفار الفيدا لا تعود إلى إنسان واحد ، فهي من وضع الكثيرين ، وبالتالي فهي تزداد مع الزمن عبر إضافة نظرات الأشخاص الدينية أثناء أعمالهم وتجاربهم.


التأريخ


الڤـِدات الأربع

Rigveda (padapatha) manuscript in Devanagari, early 19th century

The canonical division of the Vedas is fourfold (turīya) viz.,

  1. Rigveda (RV)
  2. Yajurveda (YV, with the main division TS vs. VS)
  3. Sama-Veda (SV)
  4. Atharva-Veda (AV)

Of these, the first three were the principal original division, also called "trayī vidyā", that is, "the triple sacred science" of reciting hymns (RV), performing sacrifices (YV), and chanting (SV). This triplicity is so introduced in the Brahmanas (ShB, ABr and others), but the Rigveda is the older work of the three from which the other two borrow, next to their own independent Yajus, sorcery and speculative mantras.


ڤـِدانتا

Veda Vyasa attributed to have compiled the Vedas


ديانة أسفار الفيدا

الديانة السابقة للفيدا

الظاهر حتى أقدم ديانة نعهدها عن الهند، تلك الديانة التي وجدها الغزاة الآريون بين " الناجا " والتي لا تزال قائمة في الأجناس البشرية البدائية التي تراها هنا وهناك في ثنايا شبه جزيرة العظيمة، هي عبادة روحانية طموطمية لأرواح كثيرة تسكن الصخور والحيوان والأشجار ومجاري الماء والجبال والنجوم، وكانت الثعابين والأفاعي مقدسات- إذ كانت آلهة تعبد ومثلاً عليا تنشد في قواها الجنسية العارمة، كذلك شجرة "بوذِي" المقدسة في عهد بوذا كانت تمثل تقديسهم لجلال الأشجار الصامت(57)، وهوتقديس صوفي لكنه سليم: وهناك من آلهة الهنود الأولين ما هبط مع الزمن إلى هنود العصور التاريخية، مثل "ناجا" الإله الأفعوان، و"هاتومان" الإله القرد، و"ناندس" الثور المقدس، و"الياكشا" أوالآلهة من الأشجار(58)؛ ولما كان بعض هذه الأرواح طيباً وبعضها خبيثاً، فلا يستطيع حفظ الجسم من دخول الشياطين فيه وتعذيبه في حالات السقم أوالجنون، تلك الشياطين التي تملأ الهواء، إلا مهارة عظيمة في أمور السحر، ومن ثم نشأت مجموعة الرقى في "فيدا أثارفا" أي "سفر الإلمام بالسحر" ، فلا بد للإنسان من صيغ سحرية يتلوها إذا أراد الأبناء أوأراد اجتناب الإجهاض، أوإطالة العمر، أودفع الشر، أوجلب النعاس، أوإيقاع الأذى أوالارتباك بالأعداء .

آلهة الفيدا

وأقدم آلهة ذكرتها "أسفار الفيدا" هي قوى الطبيعة نفسها وعناصرها: السماء والشمس والأرض والنار والضوء والريح والماء والجنس(62)، فكان ديوس (وهوزيوس عند اليونان، وجوبتر عند الرومان)، أول الأمر هوالسماء نفسها، كذلك اللفظة السنسكريتية التي معناها مقدس، كانت في أصلها تعني "اللامع" فقط، ثم أدت هذه النزعة الشعرية التي أباحت لهم حتى يخلقوا لأنفسهم جميع هذا العدد من الآلهة، إلى تشخيص هذه العناصر الطبيعية، فمثلاً جعلوا السماء أباً، وأسموها "فارونا"؛ وجعلوا الأرض أماً، وأطلقوا عليها اسم "بريثيفي" ، وكان النبات هوثمرة التقائهما بوساطة المطر(63)، وكان المطر هوالإله "بارجانيا"، والنار هي "آجني" ، والريح كانت "فايو" ، وأما إذا كانت الريح مهلكة فهي "رودْرا" ، وكانت العاصفة هي "إندرا"، والفجر "أوشاس"، ومجرى المحراث في الحقل كان اسمه "سيتا"، والشمس "سوريا" أو"مترا" أو"فشنو"؛ والنبات المقدس المسمى "سوما" ، والذي كان عصيره مقدساً ومسكراً للآلهة والناس معاً، كان هونفسه إلهاً يقابل في الهند ما كان "ديونيسوس" عند اليونان، فهي الذي يوحي الإنسان- بمادته المنعشة- حتى يعمل الإحسان ويهديه إلى الرأي الثاقب، وإلى المرح، بل يخلع على الإنسان حياة الخلود(64).

ولما كانت الأمة كالفرد تبدأ بالشعر وتنتهي بالنثر، فقد تحول جميع شئ لمّا أصبحت الأمور في أعين الناس أشخاصاً، إذ أصبحت صفات الأمور أشياء قائمة بذاتها، وباتت نعوتها بمثابة الأسماء، والعبارات التي تجري مجرى الحكمة أصبحت آلهة، والشمس التي تهب الحياة انقلبت إلهاً جديداً اسمه "سافيتار واهب الحياة"، وأما ضوءها فإله آخر اسمه "فيفاسفات" أي الإله الساطع، والشمس التي تولد الحي أصبحت إلها عظيماً هو"براجاباتي" أي رب الأحياء جميعاً .

ولبثت النار "وهي الإله أجني" حيناً من الدهر أبرز آلهة الفيدا جميعاً، إذ كان هذا الإله هوالشعلة المقدسة التي تحمل القربان إلى السماء، وكان هوالبرق الذي يثب في أراتى الفضاء، وكان للعالم حياته النارية وروحه المشتعلة، غير "أن" إندرا "الذي يتصرف في الرعد والعاصفة كان أشيع الآلهة كلهم ذكراً بين الناس، لأنه هوالذي يجلب للآري الهندي الأمطار النفسية التي بدت له عنصراً جوهرياً يكاد يزيد في أهميته للحياة على الشمس ذاتها، لذا فقد جعلوه أعظم الآلهة مقاماً، يلتسمون معونة رعودة وهم في حومات القتال، وصوروه- بدافع الحسد له- في صورة البطل الجبار الذي يأكل العجول مئات مئات، ويشرب الخمر بحيرات بحيرات(66)، وكان عدوة المحبب إلى نفسه هو"كرشنا" الذي لم يذكر في أسفار الفيدا إلا على أنه إله محلي لقبيلة "كرشنا" إذ لم يكن حينئذ قد تجاوز هذه الفترة؛ كذلك كان "فشنو" أي الشمس التي تجتاز الأرض بخطواتها الجبارة، إلهاً ثانوياً، كأنما هولا يدري حتى المستقبل له ولـ "كرشنا" الذي يجسده؛ وإذن فمن فوائد أسفار الفيدا لنا حتى تعرض علينا الدين وهوفي طريق التكوين، فنرى مولده ونموه وموت الآلهة والعقائد، ونرى ذلك بادئين من النزعة الروحانية البدائية حتى نبلغ وحدة الوجود الفلسفية، بادئين بالخرافة في "فيدا أثارفاً" (أي سفر السحر) ومنتهين إلى الوحدانية الجليلة كما ذكرت في أسفار "اوپانيشاد".

آلهة الأخلاق

كان هؤلاء الآلهة بشراً في صورة الجسم وفي الدافع المحرك للعمل، بل كادت تكون بشراً في جهلها كذلك، فانظر أحدها وقد أحاطت به دعوات الداعي، فجعل يفكر ماذا عسى حتى يهب هذا المتوسل : "هذا ما سأصنعه- كلا، لن أصنع هذا، سأعطيه بقرة- أم هل أعطيه جواداً،يا ترى؟ ترى هل تقرب إليّ حقاً بشراب السوما؟"(67)، لكن بعض هؤلاء الآلهة قد صعد في العصور الفيدية المتأخرة إلى مستوى خلق رفيع، خذ مثلاً "فارونا" الذي كان بادئ ذي بدء هوالسماء المحيطة بالأرض، أنفاسه هي ريح العواصف، ورداؤه هوالسماء، هذا الإله قد تطور على أيدي عُبَّادُه حتى أضحى أكثر آلهة الفيدا علواً في الأخلاق وقرباً من المثل الأعلى للآلهة، أصبح يرقب العالم بعينه الكبرى، التي هي الشمس، يعاقب الشر ويكافئ الخير، ويعفوعن ذنوب التائبين، وبهذا كان "فارونا" حارساً على القانون الأبدي ومنفذاً له، ذلك القانون الذي يسمونه "ريتا" وهوالذي كان أول أمره قانوناً يقيم النجوم في أفلاكها ويحفظها هناك فلا يضطرب مسيرها، ثم تطور بالتدريج حتى أصبح قانون الحق إطلاقا، أصبح نغمة خلقية كونية لا مندوحة لكل إنسان عن مراعاتها إذا أراد حتى يجتنب الضلال والدمار(68).


سيرة الفيدا عن الخلق

ولما كثر عدد الآلهة نشأت مشكلة، هي: أي هؤلاء الآلهة خلق العالم،يا ترى؟ فكانوا يعزون هذا الدور الأساسي تارة لـ "آجنى" وتارة لـ "إندرا" وطوراً لـ "سوما" وطوراً رابعاً لـ "براجاباتي" ، وفي أحد أسفار "يوبانشاد" يعزي خلق العالم إلى خالق أول قهار:

"حقاً إنه لم يشعر بالسرور، فواحد وحده لا يشعر بالسرور، فتطلب ثانياً؛ كان في الحق كبير الحجم حتى ليعدل جسمه رجلاً وامرأة تعانقا، ثم شاء لهذه الذات الواحدة حتى تنشق نصفين، فنشأ من ثمَّ زوج تملؤه الزوجة، وعلى ذلك تكون النفس الواحدة كبترة مبتورة ... وهذا الفراغ تملؤه الزوجة، وضاجع زوجته وبهذا أنسل البشر؛ وسألت نفسها الزوجة قائلة: "كيف استطاع مضاجعتي بعد حتى أخرجني من نفسه، فلأختف" واختفت في صورة البقرة، وانقلب هوثوراً، فزاوجها، وكان بازدقابلما حتى تولدت الماشية، فاتخذت لنفسها هيئة الفرس، واتخذ لنفسه الجواد، ثم أصبحت هي حمارة فأصبح هوحماراً، وزاوجها حقاً، وولدت لهما ذوات الحافر، وانقلبت عنزة فانقلب لها تيساً، وانقلبت نعجة فانقلب لها كبشاً، وزاوجها حقاً، وولدت لهما الماعز والخراف، إلى غير ذلك حقاً كان خالق جميع شئ، مهما تنوعت الذكور والإناث، حتى تبلغ في التدرج أسفله إلى حيث النمال، وقد استوعب هوحقيقة الأمر قائلاً: "حقاً إني أنا هذا الخلق نفسه، لأني أخرجته من نفسي، من هنا نشأ الخلق"(69).

الخلود

في هذه الفقرة الفريدة بذرة ممضى وحدة الوجود وتناسخ الأرواح، فالخالق وخلقه شيء واحد، وكل الأمور وكل الأحياء كائن واحد، فكل صورة من الكائنات كانت ذات يوم صورة أخرى، ولا يميز هذه الصورة من تلك ويجعلهما حقيقتين إلا الحس المخدوع وإلا تفريق الزمن بينهما؛ هذه النظرة لم تكن قد ظهرت بعد أيام الفيدا جزءاً من العقيدة الشعبية، وان تكن قد لقيت صياغتها على هذا النحوفي "يوباتشاد" ، فالآرى الهندي- مثل زميله الآري الفارسي- بدل حتى يعتقد في تناسخ الأرواح على صور متتابعة، آمن بعقيدة أبسط، إذ آمن بالخلود الشخصي، فالروح بعد الموت تلاقي إما عذاباً أونعيماً، فإما حتى يلقيها "فارونا" في هوة مظلمة سحيقة، أوفي جهنم ذات السعير، وأما حتى يتلقاها "ياما" فيحملها إلى الجنة حيث جميع صنوف اللذائذ الأرضية قد كمأت ودامت إلى أبد الآبدين(70)، وفي ذلك يقول سفر "كاثا" من أسفار يوبانشاد: "يفني الفاني كما تفني الغلال، ويعود إلي الحياة في ولادة جديدة كما تعود الغلال"(71).

التضحية بالجوار

وليست تدلنا الشواهد على حتى الديانة الفيدية في أولى مراحلها كان لها معابد وأصنام(72)، بل كانت مذابح القرابين تنصب من حديث لكل قربان يراد تقديمه، كما هي الحال في فارس الزرادشتية، وكان يناط بالنار المقدسة حتى تحمل القربان الممنوح إلى السماء، وفي هذه الفترة تظهر آثار ضئيلة من التضحية بالإنسان، كما ظهرت في فاتحة المدنيات كلها تقريباً، لكنها آثار قليلة يحوطها الشك، وكذلك أشبهت الهند فارس في أنها كانت تحرق الحصان أحياناً ليكون قرباناً تقدمه للآلهة(74) وأن "أشفاميزا"- أو"تضحية الجواد"- لمن أغرب الطقوس جميعاً، إذ تخيل للناس فيها حتى ملكة القبيلة زاوجت الحصان المقدس بعد ذبحه على حتى القربان المعتاد هوحتى يكسب قليل من عصير "سوما" وأن يصب شيء من الزبد السائل في النار(77)، وكانوا يحيطون القربان برقى السحر، فلوقدمه على النحوالأكمل اتىته بالجزاء المطلوب بغض النظر عما هوحقيق به من ثواب بالنسبة إلى خلقه الشخصي(78)، وكان الكهنة يتقاضون أجوراً عالية على مساعدة المتعبد في أداء طقوس القربان التي أخذت تزداد مع مر الزمن تعقداً، فإذا لم يكن قد وسع المتعبد حتى يدفع للكاهن أجره، رفض حتى يتلوله الصيغ اللازمة، فأجره لا بد حتى يسبق ما يدفع لله من أجر، ولقد وضع رجال الدين قواعد تضبط مقدار ما يدفعه صاحب هذه العبادة- كم من الأبقار والجياد وكم من المضى، وقد كان المضى بصفة خاصة عميق التأثير في الكهنة والآلهة(79) وفي "أوراق البراهمانا" التي خطها البراهمة، إرشادات للكاهن تدله على الكيفية التي يستطيع بها حتى يقلب الصلاة أوالقربان شراً على رؤوس أصحابه إذا لم يؤجروه أجراً كافياً(80)، وكذلك سنوا قوانين أخرى تفصل دقائق المحافل والطقوس التي ينبغي حتى تقام في جميع ظرف من ظروف الحياة تقريباً، وهي عادة تتطلب معونة الكهنة في أدائها، إلى غير ذلك أصبح البراهمة شيئاً فشيئاً طبقة ممتازة، تسيطر على الحياة الفكرية والروحية في الهند سيطرة تهددت جميع تفكير وكل تغيير بالمقاومة المميتة.

الأدب الڤيدي

أسفار الفيدا باعتبارها أدباً

السنسكريتية والإنجليزية - الكتابة - الفيدات الأربعة سفر دج - ترنيمة الخلق


إنه لمما ينبغي حتى يثير اهتمامنا الخاص، هذه اللغة السنسكريتية التي كان يخطها الآريون الهنود، ذلك لأنها تعد من أقدم مجموعات اللغات "الأوربية الهندية" التي تنتمي إليها لغتنا التي نتحدث بها، فإننا نشعر للحظة من الزمن شعوراً عجيباً باتصال حلقات الثقافة عبر هذه الآماد الفسيحة من الزمان والمكان، حين نلاحظ أوجه الشبه- في السنسكريتية واليونانية واللاتينية والإنجليزية- بين الألفاظ التي تدل على الأعداد، وعلى أنواع الصلة في الأسرة؛ وفي حدثات صغيرة وكبيرة الدلالة في هذا الصدد، وهي الحدثات التي أطلق عليها اسم "العمل المزاوج" ولعل هذا الاسم قد أطلق عليها في غفوة من رجال الأخلاق.

وبعيد جداً حتىقد يكون هذا اللسان القديم الذي نطق عنه "سير وليم جونز" أنه "أكمل من لغة اليونان، وأوسع من لغة الرومان، وأدق من كلتيهما معاً"(83)، بعيد جداً حتىقد يكون هذا اللسان القديم هوما كان يتحدث به الغزاة الآريون، فلسنا ندري بأية لغة كان هؤلاء يتحدثون، وكل ما نستطيعه في هذا الصدد هوحتى نفرض فرضاً أنها كانت لغة قريبة الصلة باللهجة الفارسية القديمة التي خطت بها "الأفستا" ، وأما السنسكريتية التي خطت بها أسفار الفيدا والملاحم فتحتوي بالعمل على علامات اللغة الأدبية الكلاسيكية التي لا يستخدمها إلا الفهماء والكهنة، بل إذا حدثة "سنسكريتي" نفسها معناها "المعدة، أوالخالصة، أوالكاملة، أوالمقدسة" ، ولم يكن الناس في العصر الفيدي يستخدمون في كلامهم لغة واحدة، بل لغات، لكل قبيلة لهجتها الآرية الخاصة(84)، فلم يكن للهند في أي عصر من عصورها لغة واحدة.

ليس في الڤيدات إشارة واحدة تدل على حتى مؤلفيها عهدوا الكتابة، ولم يحدث إلا في القرن الثامن أوالتاسع قبل الميلاد حتى اتى التجار الهنود- والأرجح حتىقد يكونوا من طائفة الدرافيدين- من آسيا الغربية بكتابة سامية قريبة الشبه بالكتابة الفينيقية، وأطلق فيما بعد على هذه الكتابة اسم "الكتابة البراهمية" ومنها اشتقت جميع أحرف الهاتى في الهند(85).

ولقد لبثت الكتابة قروناً طويلة- فيما يظهر- لا تستخدم إلا لأغراض تجارية وإدارية، دون حتى يرد على أذهان الناس إلا خاطر جد ضئيل بأن يتخذوها وسيلة أدبية، "وكان التجار- لا الكهنة- هم الذين ارتقوا بهذا الفن الأساسي"(86) حتى القانون البوذي لم يدون- على الأرجح- قبل القرن الثالث السابق لميلاد المسيح وأقدم ما بقي لنا من كتابات الهند المحفورة على الجدران، هي محفورات "آشوكا"(87) وإنه ليتعذر علينا نحن الذين جعلت منا القرون المتعاقبة قوماً تعتمد على عقولهم على رؤية عيونهم للمكتوب والمطبوع (حتى اتى هذا العهد الذي امتلأ به الهواء من حولنا ألفاظا وأنغاما) يتعذر علينا حتى نفهم كيف من الممكن أن اطمأنت الهند- بعد حتى عهدت الكتابة بزمن طويل- حتى استمساكها بالأساليب القديمة في نقل التاريخ والأدب عن طريق الرواية والذاكرة، فأسفار الفيدا والملاحم كانت أناشيد أخذت تنموعلى تتابع الأجيال التي تناقلها بالرواية جيلاً بعد جيل، ولم يقصد بها إلى الكتابة لتراها العيون، بل قصد بها إلى حتى تكون أنغاماً تسمعها الآذان ومن هذا الإهمال للكتابة نشأت ضآلة فهمنا بالهند القديمة.

إذن فما هي أسفار الفيدا التي نستمد منها جل عملنا بالهند في مرحلتها البدائية،يا ترى؟ إذا حدثة "فيدا" معناها فهم وإذن فسفر الفيدا معناه الحرفي كتاب الفهم، و"والفيدات" يطلقها الهندوس على جميع تراثهم المقدس الذي ورثوه عن أولى مراحل تاريخهم، وهي شبيهة بالإنجيل عندنا في أنها تدل على أدب أكثر مما تتخذ لنفسها صورة الكتاب، ولوحاولت تنظيم هذه المجموعة وتبوبيها لأحدثت خلطاً فظيعاً، ولم يبق لنا من الفيدات الكثيرة التي شهدها الماضي إلا أربعة أسفار:

  1. سفر رگ، أوفهم ترانيم الثناء.
  2. سفر ساما، أوفهم الأنغام.
  3. سفر باجور، أوفهم الصيغ الخاصة بالقرابين.
  4. سفر أتارفا، أوفهم الرقى السحرية.

وكل واحد من هذه الفيدات الأربعة، ينقسم إلي أربعة أقسام :

  1. إلى "مانترا" أوالترانيم.
  2. إلى "براهمانا" أوقواعد الطقوس والنادىء والرقي لهداية الكهنة في مهمتهم.
  3. إلي "أرانياكا" أونصوص الغابة، وهي خاصة بالقديسين الرهبان.
  4. إلى "أوپانيشاد" أوالمحاورات السرية، وهي تقصد إلى الفلاسفة


وليس بين أسفار الفيدا إلا سِفر واحد ينتمي إلى الآداب أكثر مما تنتمي إلى الدين أوالفلسفة أوالسحر، فسفر "رج" ضرب من الدواوين الدينية، يتألف من 1028 ترنيمة، أوأنشودة من أناشيد الثناء يتوجه بها الناس إلى مختلف معبودات الآريين الهنود- الشمس والقمر والسماء والنجوم والريح والمطر والنار والفجر والأرض وغيرها ومعظم الترانيم دعوات واقعية في سبيل البتران والمحصول وطول العمر، وقليل جداً منها هوما يرتفع إلى مستوى الأدب، وبينها عدد ضئيل يبلغ درجة "الأنشاد" في رشاقتها وجمالها(92) بعضها شعر طبيعي ساذج، كأنه الدهشة الفطرية يبديها الطفل إزاء ما يرى، فترنيمة أخرى تدهش لما لا تسقط الشمس على الأرض سقوطاً عمودياً حينما تبدأ في الانحدار، وترنيمة ثالثة تتساءل: كيف من الممكن أن أمكن "لمياه الأنهار كلها حتى تثب فواره إلى المحيط فلا تملؤه" ومنها ترنيمة على أسلوب "ثاناتويسيس" قيلت على جثمان زميل سقط صريعاً في ميدان القتال :

هاأنذا آخذ القوس من يد ميتة كانت تشدها
لتكسب لنا ملكاً وقوة ومجداً،
فأنت هناك، ونحن هاهنا، أعزاء بأبنائنا الأبطال،
سنهزم جميع هجمة يوجهها لنا الأعداء،
اقترب من صدر الأرض، آمنا،
هذه الأرض الفسيحة الأراتى العطوف بأبنائها،
هذه الشابة الناعمة كأنها الصوف المندوف تحت جنوب الأسخياء،
هاأنذا أضرع إليها حتى تصونك من أيدي الفناء،
انفرجي له أيتها الأرض، ولا تضمي جسده ضماً ثقيلاً،
كوني له مثوى هينً، ومجديه بعونك الشفوق،
فكما تدثر الأم بالثوب ابنها،
كذلك دثري هذا الرجل أيتها الأرض.

وقصيدة أخرى (رج، الجزء العاشر ص10) تعبير عن محادثة صريح بين الأبوين الأولين للبشر، هذين التوأمين من أخ وأخته، "ياما" و"يامي" ، فأما "يامي" فتأخذ في إغراء أخيها حتى يضاجعها على الرغم من تحريم مثل هذا الاتصال الجنسي بين أفراد الأسرة الواحدة، زاعمة له حتى جميع ما تريده من الأمر هواستمرار الجنس البشري، فيقاومها "راما" على أسس خلقية رفيعة، وتحاول معه جميع ضروب الإغراء وتفشل، وأخيرً تصفه بالضعف، والسيرة كما هي بين أيدينا ليست كاملة، ولوأنه في مقدرونا حتى نحكم كيف من الممكن أنقد يكون تماماً من منطق السياق، وأسمي أجزاء القصيدة سيرة هائلة هي "ترنيمة الخلق" وفيها ترى عقيدة وحدة الوجود مبسوطة بظلالها الرقيقة، بل ترى ريبة التقي الورع، في هذا الكتاب الذي أقدم كتاب ظهر بين أشد الشعوب تمسكاً بالدين:

لم يكن في الوجود موجود ولا عدم، فتلك السماء الوضاءة
لم تكن هناك، كلا ولا كانت بردة السماء منشورة في الأعالي،
فماذا كان لكل شئ غطاء،يا ترى؟ ماذا كان موئلاً،يا ترى؟ ماذا كان مخبأ؟
أكانت هي المياه بهوتها التي ليس لها قرار؟
ولم يكن ثمة موت، ومع ذلك لم يكن هناك ما يوصف بالخلود
ولم يكن فاصل بين النهار والليل
و"الواحد الأحد لم يكن هناك سواه
ولم يوجد سواه منذ ذلك الحين حتى اليوم،
كانت هناك ظلمة، وكان جميع شئ في البداية تحت ستار
من ظلام عميق- محيط بغير ضياء -
والجرثومية التي لم تزل كامنة في اللحاء
برزت طبيعة واحدة من الحر الحرور
ثم أضيف إلى الطبيعة الحب، وهوالينبوع الجديد
للعقل- نعم إذا الشعراء في أعماقهم يدركون
إذ هم يتأملون- هذه الرابطة بين ما خلق
وما يخلق، فهل اتىت هذه الشرارة من الأرض
تتخلل جميع شيء وتضم جميع شيء، أم اتىت من السماء؟
ثم بذرت الحبوب، ونهضت جبابرة القوى -
فالطبيعة في أسفل، والقوة والإرادة أعلى-
من ذا يفهم السر الدفين،يا ترى؟ من ذا أعربه هاهنا،
من أين، من أين اتىت هذه الكائنات على اختلافها
إن الآلهة أنفسها اتىت متأخرة في مراحل الوجود-
من ذا يفهم أنى اتى هذا الوجود؟
إن من صدر عنه هذا الخلق العظيم،
سواء خلقه بإرادته، أوصدر عنه وهوساكن،
إنه هوربنا الأعلى في السماوات العُلى،
إنه هويفهم السر- بل لعله لا يفهم من الشر شيئاً(94)

ولبث الأمر هكذا حتى أدركه مؤلفوأسفار "يوبانشاد" فتناولوا هذه المشكلات بالحل، وهذه الإشارات بالتوضيح، فكان ما أخرجوه في ذلك أدل نتاج على العقل الهندوسي، بل لعله أعظم نتاج أخرجه ذلك العقل.

الهامش

الفكر الشرقي القديم (الهند والصين). انقر على الصورة لمطالعة الكتاب.
  1. ^ Radhakrishnan & Moore 1957, p. 3; Witzel, Michael, "Vedas and Upaniṣads", in: Flood 2003, p. 68
  2. ^ MacDonell 2004, pp. 29–39
  3. ^ Witzel, M., "The Development of the Vedic Canon and its Schools : The Social and Political Milieu" in Witzel 1997, pp. 257–348

انظر أيضاً

  • الفلسفة الهندوسية
  • Pandit
  • Vedic chant
  • شاخا
تاريخ النشر: 2020-06-06 18:36:59
التصنيفات: Missing redirects, ڤـِدات, نصوص هندوسية, نصوص سنسكريتية, Sanskrit words and phrases, Articles containing non-English-language text

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

الأمير ويليام يتصدر غلاف مجلة بريطانية للمثليين

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-31 15:16:55
مستوى الصحة: 91% الأهمية: 89%

نقل مهاتير محمد إلى المستشفى إثر إصابته بكورونا

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-31 15:17:07
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 99%

بيربوك وضعت خطة من 4 نقاط لتنظيم العلاقات مع روسيا

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-31 15:17:06
مستوى الصحة: 91% الأهمية: 88%

نهضة بركان يحدد 7 شتنبر القادم موعدا للجمع العام العادي السنوي

المصدر: البطولة - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-08-31 15:16:42
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 65%

 اكتشاف نظائر مشعة في جنوب شرق فنلندا

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-31 15:17:10
مستوى الصحة: 93% الأهمية: 95%

الأمم المتحدة ستنشر تقريرها حول شينجيانغ الأربعاء

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-31 15:17:01
مستوى الصحة: 94% الأهمية: 89%

السلطات السعودية تحقق في مداهمة أمنية عنيفة في دار للأيتام

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-31 15:17:00
مستوى الصحة: 79% الأهمية: 96%

بعد غياب 33 عاما الصحافيون السودانيون يؤسسون نقابة مستقلة

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-31 15:17:00
مستوى الصحة: 81% الأهمية: 97%

تحميل تطبيق المنصة العربية