مملكة ماري

عودة للموسوعة

مملكة ماري

Mari
تل حريري (بالعربية)
زقورة في ماري
Mari lies in the east of Syria, close to the border with Iraq.
Shown within سوريا
المكان البوكمال، محافظة دير الزور، سوريا
المنطقة بلاد الرافدين
الإحداثيات Coordinates:
النوع Settlement
المساحة 60 هكتارs (150 أكرs)
التاريخ
تأسس ح. 2900 ق.م.
هـُـجـِر القرن الثالث ق.ك.
الفترات العصر البرونزي
الثقافات حضارة كيش (ساميون شرقيون), العموريون
ملاحظات حول المسقط
الأثريون أندريه پارو
الحالة أطلال
الملكية عام
الاتاحة للعامة Yes

مملكة ماري إحدى ممالك الحضارات السورية القديمة والتي ازدهرت في الألفية الثالثة ق.م.. وأطلالها موجود حتى اليوم في تل الحريري، في محافظة دير الزور، سوريا.

تمهيد

ذكر فهماء الآثار والمراجع التاريخية والباحثون حتى حضارة مزدهرة أنارت بتطورها وقوانينها وتجارتها العالم القديم هي مملكة ماري التي قامت في سوريا حوالي عام 2900 قبل الميلاد، وكان تأسيس هذه المملكة عن طريق سلطة اجتماعية وسياسية ملكية كان لها حضور قوي ومسقط دعم في المنطقة على نهر الفرات في سورية، فقامت حضارة عريقة متأصلة ارتقت بين الحضارات هي حضارة ماري، وكان لمدينة ماري عاصمة المملكة دور هام في الطريق التجاري الذي يتبع مسلك الفرات في سورية الداخلية. ويعتقد حتى الخارطة الجغرافية المتغيرة للمنطقة آنذاك حفزت نشوء كثير من المدن الجديدة، من جانب سورية من الساحل إلى الداخل وبلاد الجزيرة السورية وما بين النهرين، فكانت ماري ميناء على نهر الفرات ترتبط مع النهر بقناة مجهزة للملاحة النهرية واستقبال المراكب والسفن التجارية، ضرورة كواصلة بين الطرفين فهي تتوسط المسافة بينهم، فقامت وازدهرت حضارة من أبرز الحضارات القديمة لذلك تمت العناية بعاصمة المملكة وهي مدينة ماري ومرافقها لتكون أحد أبرز الحضارات المتطورة.


مخطط مدينة ماري

رسم مطابق للواقع عما كانت عليه مدينة ماري في الألف الثالث قبل الميلاد.

مخطط مدينة ماري الأصلي كان على شكل دائرة قطرها 19 كم رسمت وخطط لها كأفضل تخطيط لمدينة ملكية، كان للمدينة ميناء يتصل بقناة مائية مجهزة مع النهر (نهر الفرات) تؤمن الماء وتسهل وصول السفن التي كانت تبحر من ماري وإليها. وكانت المدينة محاطة بسور من كافة جهاتها عدا جهة النهر حيث كان المخطط الأصلي للمدينة على شكل دائرة كاملة تخترقها قناة متفرعة عن الفرات تؤمن جر المياه إلى المدينة وتسهل وصول السفن إلى المرفأ التجاري. ويُلاحظ أنه تم بناء السور، ثم شيدت الأبنية داخله، وكان التوسع العمراني يتجه من المركز إلى السور. مع ملاحظة حتى السور يحيط بكافة جهات المدينة عدا الجهة التي على الفرات. وكان د. بشار خليف (باحث سوري) قد كشف للمرة الأولى عن وثائق مملكة ماري الواقعة على الفرات بعد 74 عامًا من العثور عليها وترجمتها ودراستها من قبل الباحثين في الحضارات السورية القديمة في عدد من الجامعات الأوروبية. وللمرة الأولى يطلع الجمهور السوري والعربي على تفاصيل حياة هذه المملكة التي أنشئت في منطقة الفرات الأوسط (شرق سوريا) في الألف الثالث قبل الميلاد وكونت حضارة قوية كان لها علاقاتها وصلاتها مع باقي الحضارات والممالك في سوريا وبلاد ما بين النهرين والأناضول. وتحدث صاحب كتاب مملكة ماري - د. بشار خليف في محاضرة له في دمشق عن المعطيات العامة التي أدت إلى نشوء أوإنشاء مملكة ماري على الفرات الأوسط، وركّز على حتى مدينة ماري عُمّرت وأُنشئت وفق مخطط مسبق وذلك نحو2900 قبل الميلاد.

تضمنت محاضرة الباحث السوري بوجوب زيادة الاهتمام بهذه المملكة التي اكتشفت في العام 1933 م وتعاقبت عليها بعثات التنقيب الأثرية السورية والأجنبية، بحيث أنها بحاجة لمزيد من المراجع التي تتحدث عنها بصورة أكثر شمولا ولاسيما المؤلفات التي تنطق بالعربية وبعقل سوري أوعربي فهما حتى الكثير من المؤلفات والمراجع الأجنبية وبلغات عديدة صدرت عن ماري وضمن سلسلة الحضارات السورية.

وثائق ومخطوطات ماري

اكتشف في ماري الكثير من المخطوطات والوثائق التي تدل على مدى الرقي والتطور التي ساد المملكة، ومن الوثائق اللافتة لمملكة ماري رسالة من حاكم المدينة إلى ابنه يستخدم فيها مثلًا شعبيًا عربيًا لا يزال دارجًا حتى اليوم وهوكما ورد في الوثيقة التي تعود إلى أكثر من أربعة آلاف عام

«الكلبة من عَجَلَتها ولدت جراءً عميانًا».

وتحدث د. خليف عن بيوت ماري المصنوعة من اللبن والتي تشبه البيت الدمشقي، أما عن طبيعة الحياة الاجتماعية الاقتصادية في ماري، فأشار إلى وجود جمعيات ونقابات وتنظيم وصل إلى درجة كبيرة من التقدم، فهناك غرفة تجارة ماري واسمها «كاروم» من جذر «كار» ويعني مهنة. كما كان هناك فرق موسيقية.

قدمت وثائق مملكة ماري السورية معلومات عن وجود جمعيات للفقراء والمساكين كان يُطلق عليها اسم «الموشكينوم» بمعنى المساكين وهذا يشير على مدى الرقي الإنساني والحضاري للمملكة. وفي مجال الحرف الصناعية أظهرت وثائق ماري وجود 11 نوعًا من الزيوت، وهناك مستونادىت للثلج. كما حتى هناك في ماريعشرة أنواع من العطور، ويشير المؤرخ الفرنسي جان بوتيروإلى أنه في وثائقه تبين له أنه في ورشات ماري كان يصنع نحو600 لتر من العطور شهريًا. وكانت تصدر العطور إلى كافة البلدان.

كما دلت الوثائق على وجود 26 نوعًا من الحلي والمجوهرات، و31 نوعًا من أواني الشرب، و21 نوعًا من الألبسة الداخلية، كما استخدمت الستائر والبطانيات وأغطية الأسرّة. وعن نهاية مملكة ماري أشار الدكتور خليف إلى حتى موت ملك آشور شمشي أدد فسح المجال للفاعلية العمورية في بابل عبر حمورابي من حتى تتبلور وتضم إليها آشور ثم بلاد بعل يموت في بلاد الشام ومن ثم بدأ نجم مملكة ماري في العام 1760 قبل الميلاد بعد نحو1140 سنة بالافول بعد حتى كانت منارة من الحضارة الروحية والمادية والاقتصادية والصناعية والاجتماعية refفصل من الكتاب مملكة ماري وفق أحدث المكتشفات الأثرية2900 -1760ق.م للدكتور:بشار خليف/ref.

ماري ورقي الحضارة الإنسانية

ماري ورقي الحضارة الإنسانية: لعل الخوض في تاريخ ماري على الفرات الأوسط والتي امتدت فعاليتها التاريخية الحضارية لما يزيد على خمسة آلاف عام /من حوالي 3000 - 1760 ق.م/، تدفعنا إلى البحث في العوامل والمعايير التي أدت إلى اعتبار الألف الثالث قبل الميلاد، مفصلا أساسيا في حركة تطور الاجتماع البشري في سورية والمشرق العربي آنذاك حيث كانت هناك الكثير من الممالك والمدن في منطقة الجزيرة السورية والتي تعد من أقدم الحضارات الإنسانية على الإطلاق. ولعل هذا التطور لم يكن ليحصل إلا عبر استناده على مجمل حركة التطور والرقي التي شهدها المجتمع الإنساني في الشرق منذ نقطة انعطافه الأساسية التي تكمن في ابتكار الزراعة في الألف التاسع قبل الميلاد في سورية. فمن عالم الزراعة ومفرزاته أصبحنا أمام معادلات حضارية جديدة أدت فيما أدته إلى توالد منجزات ساهمت في تفعيل الحياة الإنسانية في كافة أوجهها الاقتصادية التجارية الاجتماعية الاعتقادية والحرفية والفنية.

وعلى هذا نستطيع فهم مقولة الباحث جاك كوفان من حتى المعنى التقليدي لنشوء الزراعة يرتكز في معياره الحاسم على إنتاج المعيشة وأنه بهذا الإنتاج ،إنما بدأ في الواقع صعود المقدرة البشرية التي ليست حداثتنا سوى ثمرة لها، والجدير ذكره هنا هوحتى ابتكار الزراعة لأول مرة في التاريخ البشري، تم في المشرق العربي وبالتدقيق من المنطقة الممتدة من الفرات الأوسط مرورا بحوضة دمشق وحتى مناطق جنوب سوريا. ولتبيان أهمية هذا المنجز على صعيد الحياة الإنسانية فلا بد من تحديد الآفاق التي فتحها هذا الابتكار:

  • أولا:إن الاستقرار الذي وفرته الحياة الزراعية أدى إلى إحساس المجتمعات القديمة بالسلام والطمأنينة مما أدى إلى ازدياد أعداد أفرادها وتوسع مواقعها إلى مستوطنات زراعية أخذت تكبر باطراد مع الزمن مؤدية إلى منجز نشوء المدن الأولى وهوما تمّ في المشرق في النصف الثاني من الألف الرابع قبل الميلاد.
  • ثانيا: إذا ما وفرته الحياة الزراعية من منتج ومردود دفع إلى التبادل التجاري النشط وتطور عالم التجارة مما أدى إلي ازدهار المواقع وغناها وهذا يستتبع توسعها وزيادة فاعليتها الاجتماعية والاقتصادية. أدى هذا المنجز وفق مقولة الحاجة أم الاختراع إلى استنباط وسائل أولية للعدّ تسهل من التبادل التجاري والسلعي ما اعتبر بداية لفهم الحساب والعدّ.
  • ثالثا: يفترض أن تتوالى المظاهر التطورية لهذا الأمر وصولا إلى بدايات الكتابة، المتجلية في الكتابات التصويرية وذلك في النصف الثاني من الألف الرابع قبل الميلاد.
  • رابعا: لا بد حتى يؤدي ابتكار الزراعة إلى تطور تقنيات الصناعات الحرفية والفخارية بما سيساهم في تطور الفنون في مناحيها المجتمعية والفردية. وإن تراكم الخبرات التقنية عبر العصور هوالذي أدى إلى الدخول في عالم استثمار المعادن بدءا من النحاس فالبرونز ثم الحديد مرورا بالقصدير والفضة والمضى.
  • خامسا: إذا نشوء الزراعات المروية جعل المجتمعات تنظم وسائل الري وجرّها عبر السواقي أوالسدود أوالأقنية، ما اقتضى انبثاق سلطات مجتمعية تنظم هذه الأعمال مما أدى ذلك إلى نشوء السلطة في المجتمعات القديمة عابرة من السلطة المعبدية إلى السلطة الزمنية التي أكّدت انفصالها عن سلطة المعبد مع نشوء مدن الدول في الألف الثالث قبل الميلاد.

يقول الباحث بوهارد برينتس: إذا التطور الذي أدى إلى الثورة العمرانية ونشوء المدن الأولى /في نهاية الألف الرابع قبل الميلاد/ لم يكن ليحصل إلا نتيجة لظهور الزراعة وتطورها وتقسيم العمل في الحرفة والزراعة وظهور التجارة. وان النموالكبير لمردود العمل /حيث أنه في الزراعة، ازداد الإنتاج خمسة أضعاف عما كان عليه في فترة الصيد/ أدى إلى زيادة سريعة في عدد السكان، مما أدى إلى ظهور المدن الكبرى وبروز أشكال جديدة في حياة المجتمع

إذن نصل من جميع هذا إلى حتى ثمة تواصلية في المنجز الحضاري لسورية والمشرق العربي القديم، ولعل التوالد الحضاري للمنجز هوالذي أدى إلى سلسلة واحدة من الإبداعات الحضارية، فالزراعة أدت إلى الاقتصاد الحضاري والزراعة أدت إلى تعميق وتنظيم وانتظام العلاقات الاجتماعية، وهي التي ساهمت في الازدهار والغنى الذي أدى إلى أوجه النشاط الاقتصادي التجاري، مما أوصل تلك المستوطنات إلى الاتساع والكثافة السكانية وبالتالي نشوء المدن الأولى. وهوالذي أدى إلى بزوغ عالم الرياضيات في نواته البسيطة ثم نشوء الكتابات التصويرية وتطورها إلى الكتابات الأبجدية فيما بعد.

ولا بأس من رصد أوجه الحياة في سوريا للفترة الممتدة بين منتصف الألف الرابع قبل الميلاد، لتحديد المعايير والقواعد الأساسية التي أدت إلى نشوء المدن الأولى في المشرق العربي.


نشوء المدن وظهور الزراعة

سورية المشرق العربي بين ظهور الزراعة ونشوء المدن الأولى (الألف التاسع ق.م _ 3500ق.م):

مع الألف الثامن قبل الميلاد نلاحظ حتى الزراعة ضمت معظم مواقع مناطق شرق سوريا فهي من أقدم مناطق الاستيطان البشري في التاريخ، بالإضافة إلى تطور تدجين الحيوان الذي بدء من هنا من قلب الجزيرة السورية. وقد لوحظ حتى النمط المعماري للمساكن قد أخذ بعدا جديدا عبر التصاق المساكن ببعضها البعض، ما يعطي انطباعا بمعالم الاستقرار الدائم، وهذا ما يستتبع تعميق أواصر اللحمة الاجتماعية وترسخ التنطقيد المجتمعية بحيث حتى عالم الزراعة خلق إيقاعا مجتمعيا تبعا لإيقاع الطبيعة والفصول، وهذا ما انعكس في الذهنية المجتمعية وما تبدى من نشوء الأساطير الشفوية الخصبية وعوالمها الاعتقادية.

ولعل التطور المتبدي في أوجه النشاط الزراعي، والتعاون الاجتماعي المنبثق عنه أدى إلى تطورات في استخدام وسائل الري الصناعي عبر الأقنية والسدود والسواقي، وهذا يفترض أن يؤدي إلى نشوء الزراعات المروية كالكتان مثلا، وهذا نجده قد تغفّل في حدود 6500 ق.م. وفي هذه الفترة أصبحنا أمام تطور معماري صحي، تجلى في إنشاء أقنية للتصريف داخل المنازل. وهنا لا بد حتى نشير إلى مسقط بقرص في سورية والعائد إلى /6500-6000ق.م/ ويعد من أقدم المواقع الأثرية في العالم. بالإضافة إلى نشوء أول قرية منتظمة بشكل مبكر، حيث أنشئت وفق مخطط معماري مسبق.

موطن الحضارة

الفترة الممتدة بين 6000-3500ق.م، أكدت الممالك السورية والمكتشفات على حتى سوريا هي موطن الحضارات في المشرق فمثلا إذا مسقط الكرم في البادية السورية، قدّم دليلا على ممارسة الزراعة المروية عبر جرّ المياه من الينابيع أوالأنهار (الفرات). وهي من أوائل المواقع التي دجنت الحيوانات وعهدت الزارعة. ولعل الاستقرار الذي أمنته حياة الزراعة أدى إلى ابتكارات وتقنيات جديدة في كافة المجالات. وتنبغي الإشارة إلى حتى مواقع المجتمع المشرقي استخدمت المعادن ولا سيما النحاس منذ الألف الخامس قبل الميلاد. ومع حوالي 4500 ق.م يفترض أن نجد مواقع الجنوب الرافدي وتبعا لإشراطات البيئة الطميية والمستنقعية تعمد إلى تكييف الوسط الطبيعي بما يلائم احتياجاتها فقد قام سكان هذه المواقع بمكافحة ملوحة التربة، وتجفيف المستنقعات ومارسوا الزراعة المروية بإتقان، ولعل استخدامهم لتقنيات الري الصناعي حتّمت نشوء سلطة مجتمعية وبنى اجتماعية متطورة وهذا ما أدى إلى تأسيس أولي للقاعدة المادية الاجتماعية لنشوء المدن الأولى مع نهاية الألف الرابع فبل الميلاد.

وعلى هذا يقول برنيتيس: إذا الفترة الممتدة بين نهاية الألف الرابع قبل الميلاد وبداية الألف الثالث قبل الميلاد (فترة قيام مملكة ماري)، تلعب دورا خاصا في تاريخ البشرية، ففي هذه الفترة قامت سلطة الدولة التي هي نتاج حركة المجتمع وتطوره.

  • سورية وما حولها في منتصف الألف الرابع قبل الميلاد 3500 ق. م:

مع حلول منتصف الألف الرابع، أصبحنا أمام محددات عدة أدت فيما أدته إلى نشوء المدن الأولى في سوريا والمشرق. فالتطور الاجتماعي الاقتصادي التجاري الذهني شكّل رافعة حضارية مستمرة منذ نشوء الزراعة حتى هذا العصر. فكان طبيعيا حتى نصبح أمام مجتمعات مركبة ذات علاقات حياتية معقدة فرضت وجود سلطات سياسية ولوفي طورها الابتدائي بالإضافة إلى بدايات التواجد المؤسساتي للفاعليات التجارية والاقتصادية والحرفية.

وكل هذا يندغم بشكل متجانس مع تضخم العمران والتمدن حيث بتنا في مواقع هذه الفترة نعثر على معابد ضخمة. ولعل مواقع الجناح الشرقي للمشرق العربي تؤكد ما ذكرناه آنفا، فمن مسقط مدينة أوروك إلى أريد ومرورا بتبة غورا أما مواقع الجناح الغربي فنجد تل براك وتل حلف في الجزيرة السورية العليا ومواقع مدن حبوبة الكبيرة الجنوبية وعارودة وتل قناص. وتشير الأبحاث الأثرية والتاريخية إلى تشابه النمط المعماري لمعابد تلك المواقع فيما بينها. ويبدووأن الخط الحضاري للمشرق العربي آنذاك تطور متزامنا بين المواقع الرافدية والمواقع الشامية وهذا ما يوثق في بواكير نشوء الكتابة في نهاية الألف الرابع قبل الميلاد.

وبالاتجاه نحوالربع الأخير من هذه الألفية نجد ظهور الأختام الأسطوانية التي ابتكرت نتيجة الحاجة لها في التبادل التجاري والسلعي لكافة أوجه الحياة التجارية الزراعية والحرفية والحيوانية. حيث بتنا في هذه الفترة أمام أختام اسطوانية تخّتم البضائع وتحمل أسماء أصحابها.

الجدير ذكره هنا، هوحتى مدينة حبوبة الكبيرة الجنوبية أنشئت على الفرات وفق مخطط مسبق ودقيق. وقد أحيطت بسور طوله 600 متر وعرضه ثلاثة أمتار. إذا صفة المخطط المسبق للإنشاء والسور الواقي للمدينة سنجدها مكررة في نشوء مدينة ماري مع مطلع الألف الثالث وكذلك في تل الخويرة وإبلا وغيرها من الحضارات السورية القديمة.

وتشير الدراسات التاريخية إلى حتى الواقع الديمغرافي في هذه الفترة كان يضم السومريين والأكاديين، حيث يلاحظ تواجد أكادي إلى جانب السومريين منذ ذلك الوقت وهذا ما تؤكده معطيات الوثائق والاكتشافات الأثرية الحديثةref/ د. سلطان محيسن 1994 //ref.

ويشير الباحث برينتس إلى حتى السومريين وحين جاؤوا إلى المشرق العربي /الرافدي (سوريا والعراق)/ في أواسط الألف الرابع قبل الميلاد، أكملوا ما كان بدأه العبيديون /4500 _3500 ق.م/ وقد دل على ذلك بأن الكتابة واللغة السومرية احتوت على حدثات كثيرة مقتبسة ممن قبلهم، بالإضافة إلى حتى الكثير من أسماء الآلهة السومرية مأخوذة من لغات الشعوب التي سكنت الرافدين قبل السومريين. كذلك يشير الباحث إلى حتى المدن السومرية كلها تقريبا تحمل أسماء غير سومرية وتعود في أصولها إلى الحضارات التي سبقت السومريين /العبيديون/ وغيرهم من الحضارات السورية في المنطقة.

وباطراد ومع اقترابنا من نهاية الألف الرابع قبل الميلاد، فإننا نجد حتى مدن المشرق الأولى تمتلك مصالح اقتصادية تجارية حتمت نشوء السلطة الزمنية بديلا عن سلطة المعبد بحيث بدأت تنظم فاعليات الحياة المشرقية بما يتلائم مع تطور المجتمع في مواقعه المتعددة. وسرعان ما نجد أنه مع نهاية الألف الرابع قبل الميلاد، مثل بعض المدن في شمالي شرق سوريا: تل العشارة _ تل ليلان _ تل براك وغيرها من مدن سورية قديمة. ونلحظ ظهور الموازييك في معبدها كأول ظهور له في المشرق.

الجدير ذكره هنا.. هوحتى في هذه الفترة كانت الكتابة تخرج من عالم الحساب والعدّ باتجاه نشوء الكتابات التصويرية ومن ثم تحّول الصورة إلي رمز له قيمة صوتية مجردة. بحيث أصبحنا أمام ظهور لكتابات تسجيلية اقتصادية الطابع تحمل فواتير وسجلات لمواد واردة أوصادرة عن المعابد. ومع مطلع الألف الثالث قبل الميلاد يفترض أن نلاحظ حتى مملكة ماري السورية بدأت إنشاء مدينتها وفق مخطط مسبق وداخل سور على الفرات الأوسط بادئة الخط الحضاري لسورية في عصر الكتابة.

يقول جان كلودمارغرون: لقد جاز نهر الفرات لسورية حتى تشرع بعملية التمدن، ذلك أنه يسّر لها التطور من خلال العلاقات التجارية انطلاقا من المدن السومرية في الألف الرابع قبل الميلاد. وهودائما وأبدا وللأسباب ذاتها الذي ضمن تطور سورية الداخلية في الألف الثالث قبل الميلاد.

  • إنشاء مدينة ماري 2900 ق.م

مدن المشرق العربي مع مطلع الألف الثالث قبل الميلاد: مع حوالي 2900 قبل الميلاد يفترض أن نجد أننا أمام ظهور لمدن جديدة، بالإضافة إلى استمرارية لمدن من العصر السابق. فإلى جانب أوروك نجد كيش _ أور _ لجش _ شوروباك _ أدب في الجناح الشرقي، في الجناح السوري فسنجد مملكة ماري وتل الخويرة بالإضافة إلى وجود مواقع ك ابلا وأوغاريت وغيرها من ممالك ومدن سوريا القديمة. أما البروفيسور مارغرون فيؤكد حتى ماري حسب الاعتقاد القديم هي عاصمة سومرية ولكن الأبحاث الحديثة تظهر حتى ماري تمتلك صفات خاصة بها والى جانبها صفات سومرية وسورية قديمة.

ولعل من أبرز خصائص دورة حياة هذا العصر:

  • أولًا: حصول تطور في مجال العمران وتقنياته مما أدى إلى توسع المدن وتلبية النظام العمراني لحاجات السكان المادية والروحية.
  • ثانيًا: انفصلت السلطة المعتقدية عن المجتمع عمرانيا، بحيث أصبحنا أمام معابد مفصولة عن المحيط المديني ففي العصر السابق أبانت مواقع مدن أوروك وحبوبة الكبيرة الجنوبية وعارودة وقناص حتى المعابد كانت تقام في أحياء خاصة. مع ملاحظة أنه عثر في مملكة ماري على معابد الألف الثالث ومعبد مرتبط بالقصر الملكي /قصر معبد/ الذي يعد من أكبر القصور في الممالك القديمة، ما يشي باستقلالية ما عن الخط المعماري الذهني الاعتقادي الذي كان سائدا
  • ثالثًا: في مجال الحياة الفنية أصبحنا في هذا العصر أمام ظهور لاتجاهات فنية جديدة، سواء في الأسلوب أوالمعالجات أومواضيع المجالات الفنية. جميع هذا تحقق في الفسيفساء والنقش على الأختام وصناعة الفخار.
  • رابعًا: لعل من أبرز ما يميز هذا العصر هوتوطد نادىئم السلطة الزمنية وانفصال السلطة المعتقدية عنها، ونشوء مؤسسات تعنى بأوجه الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتجارية والحرفية.

يقول الباحث مارك لوبو: إذا الإشغال البشري في سورية والمشرق العربي في الألف الثالث قبل الميلاد، كان أثره ملموسا في منحيين:

  • الأول في الزراعة
  • الثاني المتولد عن الأول والذي يتجلى في التجمعات المدنية وبناء الحضارات.

إن هذين المنحيين يتميزان في الانتشار الواسع والعميق بحيث بتنا أمام بنى اجتماعية واقتصادية لجماعات بشرية ومدن وممالك وصلت لمراحل متطورة في كافة المجالات التجارية والصناعية والفنية والاجتماعية وفي التنظيم والعلاقات والقوانين والتجارة وجميعها كانت من صفات مملكة ماري التي ارتقت بين الحضارات السورية القديمة.


مصادر

  • الأبجدية الجديدة

مراجع وهوامش

وصلات خارجية

  • الموسوعة العربية
  • اكتشف سوريا
  • النشاط التجاري في مملكة ماري
  • مملكة ماري من أعظم حضارات العالم القديم في حوض الفرات
بوابة سوريا تصـفح مقـالات الفهم المهـتمة بسوريا.
تاريخ النشر: 2020-06-08 03:01:19
التصنيفات: آثار سوريا, ممالك سورية, حضارة سوريا, مواقع أثرية في سوريا, مواقع أثرية في محافظة دير الزور, البوكمال, مدن عمورية, مدن سوريا القديمة, أماكن مأهولة سابقاً في سوريا, مواقع أثرية, مواقع العصر البرونزي في سوريا, تلال, مملكة ماري, دول وأقاليم تأسست في الألفية الثالثة ق.م., دول وأقاليم انحلت في القرن 18 ق.م., أماكن مأهولة تأسست في الألفية الثالثة ق.م., تأسيسات القرن 29 ق.م., صفحات تستعمل قالبا ببيانات مكررة

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

مبادرة موارد وتنمية الرياض الخضراء في السعودية الخضراء السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-04-03 03:24:39
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 59%

وفاة ملحن «يا طيور الطايرة» في الدنمارك - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-03 03:24:35
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 59%

مسلسل جودر الحلقة 8 .. جودر يعود للديار ويجد والدته متسولة

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-04-03 03:22:34
مستوى الصحة: 30% الأهمية: 38%

عائلة الضحية الدكتور بدر: بغاو يرجعو ولد الفشوش مسطي باش يبعدو التهمة عليه

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-03 03:23:12
مستوى الصحة: 63% الأهمية: 80%

مطلوب أكثر من 485 ألف عامل لكندا في عام 2024

المصدر: الوظيفة مروك - المغرب التصنيف: وظائف وأعمال
تاريخ الخبر: 2024-04-03 03:25:14
مستوى الصحة: 93% الأهمية: 85%

إسرائيل تحاول منع نشر وثيقة بريطانية تكشف جرائم الاحتلال في

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-04-03 03:22:55
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 57%

هكذا انتهت قضية الصحراء.. مناورات بحرية في مياه الصحراء الطاهرة

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-03 03:25:32
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 63%

كاميرون: بريطانيا تدعم السلطة الفلسطينية لاتخاذ إجراءات الإص

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-04-03 03:22:49
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 65%

ضبط 3 مقيمين مخالفين لنظام البيئة بالمنطقة الشرقية - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-03 03:24:37
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 52%

حركة فتح تعلن رفضها التدخلات الإيرانية في الشأن الفلسطيني

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-04-03 03:22:37
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 58%

الطارف: 6 مواقع لتوطين مشاريع برنامج عدل 3

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-03 03:24:35
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 51%

إصابة 4 من شرطة الاحتلال في عملية دهس بمستوطنة كوخاف بالضفة

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-04-03 03:22:44
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 65%

تحميل تطبيق المنصة العربية