نهب روما (1527)
| ||||||||||||||||||||||||||||||||
نهب روما (1527) Sack of Rome (في.ستة مايو1527) كان حدثا عسكرياً نفذته قوات تمردت على شارل الخامس، الامبراطور الروماني المقدس في روما، التي كانت جزءا من الدويلات الپاپوية. وكان فوزاً حاسما للامبرطورية في الصراع بين شارل وعصبة كونياك (1526-1529) - تحالف فرنسا، ميلان، البندقية، فلورنسا والبابوية.
الپاپا حدثنت السابع منح دعمه لمملكة فرنسا في محاولة لتغيير توازن القوى في المنطقة، ولتحرير الپاپوية من الاعتماد على، أي الضعف المتزايد تجاه "التحكم الامبراطوري" من الامبراطورية الرومانية المقدسة (وأسرة هابسبورگ).
خلفية
كان شارل لا يزال مقيماً في أسبانيا يحرك منها بيادقه التي يسيطر عليها سيطرة الساحر من بعيد. ومنها أمر عماله بأن يحشدوا جيشاً جديداً. فاتصل هؤلاء بجورج فن فرندنسبرج الزعيم التيرولي المغامر، الذي كانت جنوده الألمانية المرتزقة قد ذاعت شهرتها في الآفاق. ولم يكن في وسع شارل حتى يعرض على هذا الزعيم المغامر وجنوده إلا القليل من المال، ولكن عماله منوهم بالنهب الكثير في إيطاليا. وكان فرندسبرج لا يزال كاثوليكيا بالاسم، ولكنه كان شديد العطف على لوثر، ويكره حدثنت لأنه في رأسه عدوالإمبراطورية اللدود. ورهن هذا الزعيم المغامر قصره وسائر أملاكه، وحتى حلى زوجته نظير مبلغ 38.000 جولدن . واستطاع بهذا المال حتى يجمع عشرة آلاف من الرجال الراغبين أشد الرغبة في المغامرة والنهب، ليس منهم من يتردد حتى يحطم حربته فوق رأس البابا؛ وينطق إذا منهم من كان يحمل حبلا معقوداً ليشنقه به. وفي نوفمبر من عام 1526 عبر هذا الجيش المرتجل الجبال وزحف على بريشيا، وجازى ألفنسودوق فيرارا البابوية على ما بذلته من جهود متكررة لخلعه، بأن أوفد إلى فراندسبرج أربعة من أقوى مدافعه. وحدثت مع الغزاة مناوشة بالقرب من بريشيا أصيب فيها جيوفني دلي باندي بالرصاص؛ ومات في مانتوا في 30 نوفمبر وهوفي السادسة والعشرين من عمره. ولم يبق بعد وفاته من يمنع دوق أربينومن حتى يعمل أي شيء يريد.
النهب
وعبر غوغاء فرندسبرج نهر ألبوكما عمل جوفني ونهبوا حقول لمباردى الغنية نهباً بلغ من شدته حتى السفراء الإنجليز وصفوا أرضه بعد ثلاث سنين من ذلك الوقت بأنها "أشقى أرض وجدت في العالم المسيحي في وقت من الأوقات"(33). وكان قائد جيش الإمبراطور وقتئذ في ميلان هوشارل دوق بوربون، الذي عين وقتئذ قائداً أعلى للجيوش الفرنسية لما أظهره من البسالة في مارنيانو. وكان شارل هذا قد خرج على فرانسس حين حرمته أم الملك، حسب اعتقاده، من أراضيه الخاصة؛ فانحاز إلى الإمبراطور، وكان له نصيب في هزيمة فرانسس في بافيا، وعين دوقاً لميلان. وأراد وقتئذ حتى يجند جيشاً لمساعدة شارل ويؤدي له مرتباته، ففرض من الضرائب على أهل ميلان ما كاد يقتلهم قتلا، وخط إلى الإمبراطور يقول إنه استنزف دماء المدينة ؛ وكان جنوده الذين أسكنهم في بيوت أهلها لا يفتئون يضايقون بالسرقة، والمعاملة الوحشية، وهتك الأعراض، مما حمل كثيرين منهم على حتى يشنقوا أنفسهم أوينتحروا بإلقاء أنفسهم من الأماكن العالية في الشوارع(34) وفي أوائل شهر فبراير من عام 1527 خرج بوربون على رأس جيشه من ميلان، وضمه إلى جيش فرندسبرج بالقرب من بياتشندسا. واتجه هذا الجيش المختلط الذي بلغت عدته الآن 22.000 جهة الشرق متتبعاً طريق إيميليا، متجنباً المدن الحصينة، ولكنه ينهب جميع ما يجده في طريقه ويهجر البلاد وراءه قاعاً صفصفاً.
ولما تبين حدثنت حتى ليس لديه من الجنود ما يكفي لصد الغزاة، توسل إلى لانوي حتى يعمل لعقد هدنة. واتى هذا الحاكم من نابلي ووضع شروط هدنة مدتها ثمانية أشهر: وتتضمن حتى يقف حدثنت وكولنا الحرب ويتبادلا ما فتحاه من الأرضين. ودفع البابا ستين ألف دوقة يرشوبها جيش فرندسبرج حتى يبقى خارج الولايات البابوية. ورأى حدثنت أنه أوشك على الإفلاس، وظن حتى فرندسبرج وبوربون سيراعيان شروط الاتفاق الذي سقطه نائب الإمبراطور بشرف وأمانة، فخفض جيش روما إلى ثلاثمائة جندي لا أكثر. غير حتى جنود بوربون السارقين النهابين ثاروا غضباً حين سمعوا بشروط الهدنة. ذلك أنهم ظلوا أربعة أشهر يقاسون آلاف الصعاب وكل ما يأملونه هونهب روما؛ وكانت كثرتهم الغالبة ترتدي الآن أسمالا بالية، وتمشي حافية الاقدام؛ وكانوا كلهم جياعاً ولم يتناول منهم أحد مرتبه. ولهذا أبوا حتى يُشتروا بمبلغ تافه لا يزيد على ستين ألف دوقة، يعهدون أنه لن يصل إلى جيوبهم منه إلا جزء قليل. وإذ كانوا يخشون حتى يسقط بوربون شروط الهدنة، فقد حاصروا خيمته، وحملوا عقيرتهم قائلين: "الأجور! الأجور!" واختفى بوربون في مكان آخر، ونهب الجند خيمته، وحاول فرندسبرج حتى يهدئ ثورة غضبهم، ولكنه أصابته نوبة تشنجية في أثناء هذه المحاولة. ولم يشهجر بعدها في الحملة حتى توفي بعد عام واحد من ذلك الوقت. وتولى بوربون القيادة العليا على شرط حتى يزحف على روما. وفي التاسع والعشرين من مارس بعث برسله إلى لانوي وحدثنت يبلغهما أنه لا يستطيع كبح جماح جنوده، ولهذا فهومرغم على نقض الهدنة.
وأدركت روما أخيراً أنها هي الفريسة الضعيفة المقصودة. وفي يوم خميس الصعود (8 أبريل) بينما كان حدثنت يمنح بركته لجموع محتشدة تبلغ عشرة آلاف نفس أمام كنيسة القديس بطرس، إذ صعد إنسان متعصب متهور، لا يلبس إلا ميدعة من الجلد، فوق تمثال القديس بولص وصاح في وجه البابا قائلا: "أيها النّغل اللائط! إذا روما ستدمر بسبب خطاياك؛ فكفر عن ذنوبك وارجع عن غيك! وإذا لم تصدقني فسترى بعد أربعة أشهر ما يحل بها". وفي مساء يوم عيد الفصح أخذ هذا الزاهد الناسك- بارتولميوكاروسي Bartolommeo Carosi الذي يطلق عليه اسم براندانوBrandano- يطوف بالشوارع وهويصيح: "روما، كفري عن ذنوبك! إنهم سيعاملونك كما عامل الله سدوم وعمورة".
وأوفد بوربون إلى حدثنت يطلب 240.000 دوقة، ولعله كان يأمل حتى يرضي جنوده بهذه الزيادة الكبيرة في ماله؛ فرد عليه حدثنت بأنه عاجز جميع العجز عن جمع هذه الفدية الضخمة. وزحف الجحفل اللجب إلى فلورنس، ولكن جوتشارديني دوق أربينو. ومركيز سالتسوكانا قد حشدا من الجنود ما يكفي للدفاع عن حصونها دفاعاً قوياً؛ ولهذا ارتدت تلك الجحافل خاسرة، واتخذت طريقها إلى روما. ووجد حدثنت حتى الهدنة غير كفيلة بنجاته، فانضم إلى حلف كنياك المناوئ لشارل، وطلب المعونة من فرنسا، ونادى أغنياء روما حتى يسهموا في جمع المال اللازم للدفاع عنها، فكانوا أشحاء في الاستجابة إلى رغبته، واقترحوا عليه طريقة أجدى عنها، فكانوا أشحاء في الاستجابة إلى رغبته، واقترحوا عليه طريقة أجدى من هذه وهي بيع القلانس الحمر . ولم يكن حدثنت قد باع المناصب بالمال إلى جماعة الكرادلة، ولكنه أخذ بهذا الاقتراح حين وصل جيش بوربون إلى فيتربوالتي لا تبعد عن روما بأكثر من اثنين وأربعين ميلا، وباع ستة من هذه المناصب. وقبل حتى يؤدي المرشحون المال أبصر البابا من نوافذ الفاتيكان الجحافل الجياع تتقدم مجتازة حقول نيرون، وكان لديه في ذلك الوقت أربعة آلاف جندب يدفعون عن روما ضد عشرين ألفاً من المهاجمين.
وفي السادس من مايواقتربت جموع بوربون من الأسوار مستترة بالضباب، ولكنها صدت عنها بوابل من الرصاص، وأصيب بوربون نفسه برصاصة قضت عليه لساعته تقريباً. ولكن هذا لم يمنع المهاجمين من حتى يعاودوا الهجوم، لأنهم لم يكن أمامهم غير واحدة من اثنتين، فإما حتى يستولوا على روما وإما حتى يموتوا جوعاً. واتفق حتى عثروا على مسقط ضعيف في خط الدفاع، فاخترقوه عنوة، وتدفقوا إلى داخل المدينة، وحارب حرس رومة، والحرس السويسري ببسالة ، ولكنهما أبيدا عن آخرهما. وفر حدثنت، ومعظم الكرادلة المقيمين في المدينة ومئات من الموظفين إلى قلعة سانت أنجيلوحيث حاول تشيليني وغيره حتى يوقفوا زحف الغزاة بنار المدفعية. ولكن الغزاة دخلوا المدينة من اتجاهات مختلفة أسقطت الارتباك في صفوف المدافعين، فمن المهاجمين من سترهم الضباب، ومنهم من اختلطوا بالفارين اختلاطاً لم تستطع معه مدافع القلعة حتى تضربهم من غير حتى تقتل معهم التي فقدت قوتها المعنوية، وما لبثت المدينة حتى أصبحت تحت رحمة الغزاة.
ولما اندفع هؤلاء في شوارعها أخذوا يقتلون جميع من قابلوه في طريقهم دون حتى يفرقوا بين الرجال، والنساء، والأطفال. واشتد تعطشهم إلى سفك الدماء، فدخلوا مستشفى سانتواسبريتو(الروح القدس) وملجأ اليتامى فيه، وذبحوا جميع من فيهما من السقمى كلهم تقريباً. ثم اتجهوا إلى كنيسة القديس بطرس، وذبحوا من لجأوا إلى هذا الحرم المقدس، ونهبوا بعدئذ جميع ما استطاعوا حتى يصلوا إليه من الكنائس والأديرة، وحولوا بعضها إلى إسطبلات لخيولهم، وقتلوا مئات من القساوسة، والرهبان، والأساقفة، ورؤساء الأساقفة، وجردت كنيسة القديس بطرس والفاتيكان من أعلاهما إلى أسفلهما من جميع ما فيهما، وربطت الخيول في حجرة رافائيل.
ونهب جميع بيت في روما وحرق الكثير منها عجا اثنين لا أكثر هما قصر الكانتشيلريا الذي كان يشغله الكردنال كولنا، وقصر آل كولنا الذي لجأت إليه إزبلادست، ومعها بعض أغنياء التجار، ونفح هؤلاء زعماء الغوغاء بخمسين ألف دوقة لينجوهم من الهجوم، ثم سمحوا لألفين من اللاجئين حتى يحتموا وراء الأسوار. وأدى جميع قصر من القصور الفدية نظير حمايته، ولكن هذه القصور نفسها هاجمتها جماعات أخرى واضطرت حتى تفتدي نفسها من جديد. وقد وقع في معظم البيوت حتى اضطر من فيها جميعاً إلى افتداء أنفسهم بمبلغ محدد؛ فإذا لم يوفوا به كله تعرضوا لألوان من العذاب، وقتل منهم آلاف، وألقى بالأطفال من النوافذ العليا، لكي يضطر آباؤهم إلى إخراج ما اكتنزوه من المال وأخفوه، حتى غصت الشوارع بالقتل. وشهد الثرى دومينيكوصاحب الملايين بعينيه أبناؤه يقتلون، وابنته يهتك عرضها، وبيته يحرق، ثم انتهى الأمر بقتله هونفسه. ويقول بعض الواصفين: "ولم تكن في المدينة كلها نفس فوق الثالثة من العمر لم تضطر إلى حتى تبتاع سلامتها بالمال".
وكان نصف الغوغاء المنتصرين من الألمان، لم يكن يشك معظمهم في حتى البابوات والكرادلة لصوص، وأن ثروة الكنيسة في روما سرقة ونهب من الأمم، وفضيحة للعالم. وأرادوا هم أم يخففوا من هذه الفضيحة، فاستولوا على جميع ما في الكنائس من ثروة منقولة بما فيها الأواني المقدسة، والتحف الفنية، وخرجوا بها ليذيبوها أويفتدوا بها أنفسهم، أويبيعوها. أما المخلفات المقدسة فقد هجروها مبعثرة على الأرض. وارتدى أحد الجنود الأثواب البابوية، ولبس غيره قلانس الكرادلة، وقبلوا قدميه، ونادى جماعة من الغوغاء في الفاتيكان بلوثر بابا.
وكان اتباع ممضى لوثر من الغزاة يجدون لذة خاصة في نهب أموال الكرادلة، وتقاضى فديات عالية منهم نظير هجرهم أحياء، وتعليمهم مراسم دينية جديدة. ويقول جوتشارديني إذا بعض الكرادلة "أركبوا دواب قذرة حقيرة، وأديرت وجوههم نحوذيولها وعليهم ملابس مناصبهم وشاراتها، وطاف الغوغاء ببعضهم في شوارع المدينة معرضين لأقسى ضروب السخرية والاحتقار. وعذب بعض من لم يستطيعوا جمع جميع ما طلب إليهم من مال الفداء تعذيباً قضى على حياتهم في التووالساعة أوبعد أيام قلائل". وانزل أحد الكرادلة في قبر من القبور وهدد بأنه سيدفن حياً إذا لم يأت بالفدية في زمن محدد؛ واتى هذا المال في اللحظة الأخيرة. ولم يلق الكرادلة الألمان، الذين ظنوا أنفسهم بمنجاة من شر أبناء وطنهم، خيرا مما لقيه غيرهم. وهتكت أعراض الراهبات والمحصنات من النساء في بيوتهم أوفي الأديرة نفسها، أوحملن ليشبع فيهم جماعات من الجند شهواتهم بوحشية في أماكنهم(40). وهوجمت النساء على أعين أزقابلن أوآبائهن؛ وأستبد اليأس بكثيرات من الفتيات بعد هتك أعراضهن فأغرقن أنفسهن في نهر التيبر.
وكان الدمار الذي حاق بالخط، والمخطوطات، ونفائس الفن يجل عن الوصف. واستطاع فليبرت ، أمير أورنج Prince of Orange الذي تولى وقتئذ قيادة هذه الحشود المختلة النظام، أوما يشبه قيادتها، استطاع هذا الأمير حتى ينقذ مخطة الفاتيكان باتخاذها مقراً لقيادته، ولكن كثيرا من مخطات الأديرة والمخطات الخاصة التهمتها النيران، وضاعت بذلك كثير من المخطوطات القيمة. ونهبت كذلك جامعة روما وبدد ضم موظفيها. وشهد العالم كولوتشي بيته يحترق عن آخره هووما جمعه فيه من المخطوطات وروائع الفن. وأبصر الأستاذ بالدوس تعليقاته الجديدة على كتاب بلني تتخذ لإشعال نار في معسكر الناهبين. وفقد الشاعر ماروني قصائده، ولكنه كان أسعد حظاً من غيره؛ أما الشاعر باولوبمباتسي فقد قتل؛ وعذب العالم كرستوفور مارتشيلوبنزع أظافر يديه ظفراً بعد ظفر، أما الفنانان بيرينودل فاجا، وماركنتوريوريمندي وكثيرون غيرهما فقد عذبوا وجردوا من جميع ما يمتلكون، وتفرق ضم مدرسة رافائيل فلم يبق لها وجود.
وليس من المستطاع إحصاء عدد من قتلوا في هذه الكارثة المدلهمة؛ وكل ما نستطيع حتى نقوله حتى ألفي جثة ألقيت في نهر التيبر من شاطئه الذي تقع عليه الفاتيكان؛ وأن 9.800 من الموتى دفنوا؛ وما من شك في حتى عدداً آخر كبيراً من الناس قد قتل. وتقدر قيمة المنهوبات تقديراً متواضعاً بأكثر من مليون دوقة، وقيمة ما دفع من مال الفداء بثلاثة ملايين، وقدر حدثنت مجموع الخسائر بعشرة ملايين (125.000.000 دولار).
ودام السلب والنهب ثمانية أيام، كان حدثنت في خلالها يشاهده بعينيه من أبراج سانت أنجيلو؛ ويتوسل إلى الله كما توسل إليه أيوب المعذب: "فلماذا أخرجتني من الرحم، كنت قد أسلمت الروح ولم ترني عين"! وامتنع وقتئذ عن حلق لحيته، فلم يحلقها بعد ذلك أبداً، وظل سجيناً في القلعة منستة مايوإلىسبعة ديسمبر سنة 1527، وهويأمل حتى تأتيه النجاة من جيش دوق أربينو، أومن فرانسس، أوهنري الثامن. وسر شارل، وكان لا يزال وقتئذ في أسبانيا، عند سماعه بسقوط روما، ولكنه روع حين ترامت إليه أنباء وحشية الناهبين، وتنصل من تبعة هذه المنكرات، ولكنه أفاد جميع الإفادة من ضعف البابا وخذلانه. وفي السادس من شهر يونيه أرغم ممثلوه- وقد يحدث ذلك على غير فهم منه- حدثنت بأن يسقط شروط سلم مهينة، وافق البابا بمقتضاها على حتى يؤدي لهم وللجيش الإمبراطوري 400.000 دوقة، وأن يسلم إلى شارل مدائن بياتشتدسا، وبارما، ومودينا، وقصور أستيا، وتشفيتا فيتشيا، وسانت أنجيلونفسها؛ وأن يبقى سجيناً في هذه القلعة الأخيرة حتى يسلم المائة والخمسين ألفا الأولى من هذا المبلغ،
ثم ينقل بعدئذ إلى جائيتا أونابلي، حتى يقرر شارل نفسه مصيره. وسمح لجميع من كانوا في قلعة سانت أنجيلوبمغادرتها ماعدا حدثنت وثلاثة عشر من الكرادلة، الذين صحبوه إليها، وعهد إلى الجنود الأسبان والألمان بحراسة الحصن، وأبقوا البابا على الدوام تقريباً محصوراً في جناح ضيق منه، وصفه جوتشيارديني في 21 يونيه بقوله: "إنهم لم يهجروا له فيه من المتاع ما يساوي عشرة اسكودوات . وأسلم جميع ما كان قد أخذه معه في فراره من الفضة والمضى إلى آسريه ليوفي بذلك مائة ألف دوقة من مال الفداء.
وفي هذه الأثناء استولى ألفنسوصاحب فيرارا على رجيوومودينا اللتين كان لفيرارا فيهما حقوق من أقدم الأزمنة، كما استولت البندقية على رافنا. وطردت فلورنس آل ميديتشي للمرة الثالثة وأعربت يسوع المسيح ملكا على الجمهورية الجديدة، وبدا حتى صرح البابوية كله مادياً وروحياً آخذ في الانهيار، وحركت مأساة هذا الخراب أسى الناس جميعاً حتى الذين كانوا يشعرون بأن خيانات حدثنت، وآثام البابوية، وشره حكومتها، وترف رجال الدين، ومظالم روما، كانت كلها خليقة ببعض العقاب. وسمع سادوليتو، وهوآمن مطمئن في كاربنتراس بسقوط روما فروعه النبأ، وتحسر على مضي تلك الأوقات الحلوة الهادئة التي جعلها بمبو، وكستجليوني، وإزبلا، ومائة من الفهماء، والشعراء، وأنصار الفهم والفن، موطناً لهما حتى بلغا فيها ذروة مجدهما. وخط إرازمس لسادوليتويقول: "لم تكن كعبة الدين المسيحي، ومهد النفوس النبيلة، وموطن الآداب والعلوم والفنون فحسب، بل كانت أيضاً أم الأمم. وكم من الناس كانت أعز عليهم وأحلى لهم، وأعظم قيمة لديهم، من بلادهم نفسها!... ألا إذا هذا الخراب لم يكن في الحقيقة خراب بلدة واحدة، بل كان خراب العالم أجمع".
الهامش
-
^ ول ديورانت. سيرة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود. Unknown parameter
|coauthors=
ignored (|author=
suggested) (help)
وصلات خارجية
مشاع الفهم فيه ميديا متعلقة بموضوع Sack of Rome (1527). |
- Pope's guards celebrate 500 years, BBC News Online; dated and retrieved 22 January 2006
- Vatican's honour to Swiss Guards, BBC News Online; dated and retrievedستة May 2006