ابن وهب الكاتب

عودة للموسوعة

ابن وهب المحرر

ابن وهب المحرر (ت. 335 هـ/947م)، هوأبوالحسين إسحاق بن إبراهيم بن وهب المحرر، نحوي ناقد ومؤلف عربي، وصاحب البرهان في وجوه البيان.

محاولاته المبكرة في إعادة صياغة التراث البياني العربي

البرهان في وجوه البيان، تأليف ابن وهب المحرر. لقراءة الكتاب، اضغط على الصورة.

اعتبر ابن وهب المحرر في الدراسات الأدبية المعاصرة نموذجا متميزا في تفهم البيان العربي ينضاف إلى البلاغي المشهور أبي عثمان عمروبن بحر الجاحظ المؤسس الأول للبيان العربي في الطرح الأدبي والرائد الأول لهذا الدرس، كلاهما حاولا التنظير للبيان العربي ولأنواع الدلالات البيانية، لكن كلا على طريقته وحسب متطلبات عصره.


مرجعيات البيان في مشروع ابن وهب المحرر

أثًرت مكتسبات ابن وهب الثقافية والفهمية في إعادة صياغة البيان العربي، إذ هوالفقيه الشيعي الإمامي الذي "جمع إلى فهمه بالأدب وروايته، فهمه بالتأويل وبالفقه وأصول التشريع والمنطق والفلسفة اليونانية"، ورغم زخمه المعهدي وإطلاعه الواسع على المنطق لم يتمتع بشهرة كالتي تمتع بها معاصراه، "قدامة بن جعفر" و"عبد الله بن المعتز"، حيث سكتت المراجع عن التعريف به وبكتابه قديما وحديثا، ولم يتسن للدارسين الكشف عن فهمه إلا في عهد قريب، ووقتها اعتبر بثقافته الواسعة، ثاني اثنين يمثل علامة دالة على دخول "الغارة الهيلينية" على البيان العربي في القديم، وفي القرن الرابع بصفة خاصة.

إن ابن وهب عاش في عصر عُرف بالنهضة في الإسلام، وفي زمن نبع فيه ثلة من الفهماء فهو:

1- عصر الصدام بين النحاة والمناطقة، مثله النحوي الكبير أبي سعيد السيرافي (ت 368) والمنطقي الشهير متى بن يونس (ت 328)، أجريت بينهما مناظرة مشهورة نطق في ختامها الوزير ابن الفرات لأبي سعيد يهنئه "عين الله عليك، لقد نديت أكبادا وأقررت عيونا وبيضت وجوها وحكت طرازا لا يبليه الزمان".

انعكس بعض هذا الصدام في مشروع ابن وهب، وهوصدام آت من نظامين مختلفين حددهما "محمد عابد الجابري" في النظام المعهدي البياني الذي ينطوي تحته النحاة، والنظام المعهدي البرهاني المتضمن لأهل المنطق؛ أدى تمكنُ ابن وهب إلى الجمع بين النظامين مستعينا بالأول في مضمون البيان ومادته، وبالثاني في المنهج والتبويب والتفصيل والتقسيم ويظهر مسلكه جليا في مقدمة كتابه "البرهان في وجوه البيان" من خلال قوله "وقد ذكرت في كتابي هذا جملا من أقسام البيان، وفقرا من آداب حكماء أهل هذا اللسان، لم نسبق المتقدمين إليها، ولكن شرحت في بعض قولي ما أجملوه، واختصرت في بعض ذلك ما أطالوه، وأوضحت في كثير منه ما أوعروه، وجمعت في مواضع منه ما فرقوه، ليخفّ بالاختصار حفظه، ويقرب بالجمع والإيضاح فهمه" ولشدة حرص ابن وهب على متطلبات الفترة المنهجية ختم كتابه قائلا " وقد انتهينا إلى الغرض فيما أردنا حتى نتحدث فيه من أقسام البيان، وتوهمنا حتى قد سلكنا من الإطالة له بعض ما لعله يُظن بنا مخالفة لما وعدنا به في أول كتابنا من الإيجاز، ولم آت في جميع فصل إلا بأقل ما يمكن حتى يؤتى به. وإذا نظرت في جميع باب منه وجدتنا قد اختصرناه، وإنما طال الكتاب لكثرة فنون القول وأقسامه، واختلاف معاني البيان وأحكامه، لأنا لم نحب حتى نحل بشيء منه حتى ندل عليه، ونشير إليه"20.

2- عصر ثبَتتْ فيه الثقافةُ اليونانية وعلومُها أقدامها وذلك باستيعاب "العقول العربية ما تناقلته الأجيال من ذلك التراث الأجنبي وخاصة منه الأرسطي" وتظهر بوادر هذا الاستيعاب في:

أ- ترجمة متى بن يونس لكتابي "الخطابة" و"الشعر" لأرسطو.

ب- ترجمة يحي بن عدي (ت364) ترجمة جديدة للمنطق الأرسطي.

ج- تقريب الفارابي المنطق من الذهنية العربية.

د- استعانة قدامة بن جعفر بالثقافة اليونانية في تأليف "نقد الشعر".

سهل هذا الاستيعاب وجود ترجمات أسهمت في نشر الثقافة اليونانية وخاصة منها الأرسطية إلى جانب الثقافة الأصولية التي تمتع بها ابن وهب وأحال عليها كثيرا في مؤلفه البرهان، مما يشير على استنارة عقله بالفهم التي واكبتها عناية المنطق في التحليل.

3- عصر، اشتغل فيه المتحدثون وفي مقدمتهم "المعتزلة" بقضية "الإعجاز القرآني" أدى هذا الاشتغال إلى نضج التفكير النظري وخاصة منه العقدي وذلك باحتداد الحجاج العقلي ودخول الثقافة الإسلامية في "حوار مباشر مع بعض الثقافات الأجنبية وإن ظل هذا الحوار مقتصرا على فئة قليلة جدا". فقد صرف هذا النضج الفكري فئة المتحدثين والبلاغيين إلى تحليل مظاهر الإعجاز في القرآن الكريم و"التحقوا بسبب ذلك بزملائهم اللغويين والفقهاء والأصوليين الذين انشغلوا منذ البداية، بوضع قوانين لتفسير الخطاب البياني، وبكيفية خاصة الخطاب القرآني الذي يمثل أعلى مراتب البيان". عاد هذا الانشغال بالفضل الكبير على ابن وهب الذي استطاع بحذقه وفطنته إتباع منهج في التحليل وطريقة في التفكير تحفظ التراث البياني وتعيد صياغة البيان الصياغة الفهمية.

أثر مرجعيات ابن وهب المحرر في مشروع البيان

1- الشمول المعهدي:

انطلقت نظرة ابن وهب للبيان من منزعين اثنين المنزع الأصولي، من جهة استفادة ابن وهب من تعريف الإمام الشافعي للبيان "والبيان اسم جامع لمعاني مجتمعة الأصول متشعبة الفروع" الذي قفز به في الفكر العربي الإسلامي –آنذاك- قفزة نقلته من مستوى المواضعة اللغوية الجارية إلى مستوى المصطلح الفهمي".

استغل ابن وهب هذا المفهوم المجرد للبيان، موظفا إياه في منهجه الفهمي المنطقي وهويعيد صياغة البيان العربي للانتنطق به في بيداغوجية التأليف عند العرب من الطرح الموسوعي إلى الطرح الفهمي الدقيق الذي تطلبته الفترة.

نتج عن هذه الصياغة إشراك جميع وجوه البيان التي تفطن لها فهماء الأصول وتبنى بعضها الجاحظ في كتابه البلاغي المشهور "البيان والتبيين " لكنه سرعان ما تخل عنها، واقتصر على وجه واحد تمثل في دلالة اللفظ، وهذا ما سعى ابن وهب في استدراكه بعد درسه للبيان والتبيين.

إن التراجع الذي أحدثه الجاحظ في مفهوم البيان هجر ابن وهب يستدرك الناقص فيه، مستفيدا من طروحات البيانيين السابقين له وفي مقدمتهم الجاحظ الذي اشتهر فيه برؤيته البيانية اللغوية التي تهتم باللفظ اهتماما بيانيا متفاوتا أي بلاغيا فأفرط في الاهتمام بالسامع بإقحامه وإفحامه، وهذا ما لم يكن من اهتمامات الأصوليين الذين حُصر درسهم في فهم النص القرآني واستنباط أحكامه الشرعية بناء على قاعدة الأصل والفرع بعيدا جميع البعد عن السامع ومتطلباته.

هكذا تصور ابن وهب مشروعه البياني، مستغلا المنزعين المذكورين في مسألتي "الفهم والإفهام" أو"الظهور والإظهار" أو"البيان والتبيين" فاستدرك ما ضُيَق بعد اتساع وأعاد للبيان تنوعه الوظيفي الذي انعكس بوضوح في مفهوم البلاغة ومجالاتها.

يعود فضل ازدهار تفهم البيان إلى الأطروحات التي مزجت بين الحقول المعهدية التي برزت آنذاك: الأصولية والمنطقية والطائفية، شكلت كما يرى الجابري في جملتها مرجعيات ابن وهب الفهمية والثقافية، جمعها ذهنه وصاغ على إثرها بيانا نتلمس فيه شرح الشافعي له "عالم من الأفكار تتضمنه أصول، تتشعب عنه فروع، وتعبر عنه لغة معينة ذات أساليب تعبير خاصة".

إن غوص ابن وهب في هذه المرجعيات واستغلاله إيَاها استغلالا متداخلا متكاملا، فتح له باب الإبداع في طرح موضوع البيان بإعادة صياغته وفق متطلبات الفترة، فصاغ البيان العربي صياغة فهمية جمعت بين الفهم "الأصولي" المستنبط (لقوانين تفسير الخطاب) والإفهام "البلاغي" المنتج للخطاب وفق شروط التبليغ فكان من نتاج هذه النزعة الفهمية الاهتمام بمفهوم البيان اهتماما يحرص على شروط الفهم، والأسباب الموصلة إليها، ووسائل التبليغ والتواصل، التي تعنى بكيفية استنباط الفهم واستثمارها في الواقع الملموس وهذا ما تحدث عنه جميع من الباحثيْن المعاصريْن: "محمد عابد الجابري" و"محمد العمري" عند ما طرحا أبعاد مشروع البيان عند ابن وهب لخصها "محمد العمري" في:

1- استنباط الفهم عن طريق بياني "الاعتبار" و"الاعتقاد":

تقوم وظيفة هذين البيانين "الاعتبار " والاعتقاد" على وظيفة أساس هي "التفكير والتأمل " تليها وظيفة لا تقل أهمية عن الوظيفة السابقة، حصرها الباحث في" وظيفة الاختزان " التي تفيد الوصول للفهم النافع، يأتي عملها عن طريق العقل الذي يعني عند ابن وهب "حجة الله على خلقه والدليل إلى معهدته". اهتم ابن وهب بمهام العقل وعدَها من جوهر كلامه وذلك بتقسيم العقل إلى موهوب "الأصل" ومكسوب " الفرع" وجعل الفرع وسيلة لإبقاء الأصل وتطويره وذلك باستغلال العقل للدليل الخارجي وتوظيفه بالوجه اللائق فيحمل الإنسان إلى درجات الفهم والفهم، بينما معكوسه يُنزل الإنسان منزلة عدم التمييز بينه وبين بقية الكائنات الأخرى، فتزول الوظيفة التي خلق الله لأجلها الإنسان لأنه غير قادر على استنباط الفهم.

2- تداول الفهم واستثمارها عن طريق بياني"العبارة" و"الكتاب":

يكون تداول الفهم بالتعبير والنقل معا، ينطوي التعبير تحت " بيان العبارة "، والنقل تحت " بيان الكتاب " يمثل البيانان في هندسة البيان العربي عند ابن وهب الجزء الثاني من مجالات كسب الفهم واستنباطها.

عدً ابن وهب "التعبير" و" النقل" من وسائل كسب الفهم في الجزء الثاني من وجوه البيان، إذ علومهما تعد مرجعيات أساسية يأتي ترتيبها بعد القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف ويشكلان المصدر الهام في فهم نصوص القرآن واستنباط أحكامها، تمثلها علوم اللسان العربي التي تحفظ المنطوق والمكتوب من الكلام، فحفظ اللسان هوحفظ العقل والقلب معا و"الجهل بالعربية جهل بالمعتقد، وللسان خصوصية لا بد من معهدتها حتى يدرك ذلك المراد".

سعي ابن وهب وراء الفهم جعله يجتهد في تفصيل وسائل هذين البيانين "العبارة" و"الكتاب" فوقف على خصوصيات القول والكتابة في اللسان العربي قائلا " وللغة العربية التي هبط بها القرآن الكريم وجوه وأقسام ومعان وأحكام متى لم يقف عليها من يريد تفهم معانيها واستنباط ما يشير عليها لفظها لم يبلغ مراده ولم يصل إلى بغية، ومنها ما عام للسان العرب وغيره ومنها ما خاص له دون غيره".

عملا بالنزعة الفهمية استطاع ابن وهب ولوج تفهم البيان بتقديم المعارف اللازمة في بعض وجوه البيان بالاستدلال والإقناع بالوسائل المنطقية والخطابية كما ارتبط عنده وجه من الوجوه البيانية بتجويد قناة التواصل مثل الكتابة، وبهذا الشكل لم تخرج المرجعيات الأساسية التي اعتمدها ابن وهب عن دائرة المورث العربي الإسلامي الأصيل استغلهامحرر البرهان منطلقا من كتاب ثمين، عهد الصدارة في البيان العربي إنه " البيان والتبيين " للجاحظ.

كما لم يمنع هذا التشبع المعهدي ابن وهب من وصل الإحالات الأصيلة بإحالات خارجية يعود إليها ابن وهب حدثا سنحت الفرصة خاصة ما تعلق منها بالثقافة الأرسطية، ويبقى مسقط هذه الإحالة وغيرها من إحالات أرسطية أخرى أتى بها ابن وهب لتعزيز ثقافة العرب والمسلمين وبيان مكانتها في مختلف سياقاتها، ونكتفي بصياغته القائلة "وقد ذكر أرسطاطاليس الشعر في كتاب الجدل، فجعله حجة مقنعة....." لينهي قوله " .... وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق بالتقدمة وأولى بالإتباع ، وقد نطق: " إذا من الشعر لحكما ".


التأصيل المعهدي

تمثل التأصيل المعهدي عند ابن وهب في المادة البيانية التي تعامل بها أومعها، سواء المادة البيانية التي فكر بها ، أوالمادة البيانية المستشهد بها.

إن المتمعن في المادة المعهدية التي تعامل بها ومعها ابن وهب استنباطا وتداولا لا تخرج عن دائرة الفهم العربية الإسلامية التي استغلها ابن وهب استغلالا فهميا من" قرآن ، حديث، أقوال الصحابي علي بن أبي طالب، أقوال الإمام الشيعي أبي جعفر الصادق، فقه، نحو,أدب بنوعيه "المنظوم والمنثور" وكلام حكماء العرب".

التصميم المنطقي المنظم

استعان ابن وهب بما واكب معهدته من منطق داخلي فقدم في البيان دراسة منظمة تعتمد على بناء الموضوع على أصول وفروع وبكيفية تقريرية ، طريقة الأصوليين من فقهاء ومتحدثين ، وليس بالكيفية التي اعتمدها الجاحظ في بيداغوجيته البيانية بسبب اهتمامه المفرط بالسامع.

إن التصميم الذي اتبعه ابن وهب كان نتيجة متطلبات الفترة التي سعى على إثرها ابن وهب لتحويل بيداغوجية الكتابة والتأليف من التنويع في الموضوعات " موسوعة الطرح " و" الترويح على السامع" ، إلى اعتماد عرض الفكرة وتقريرها بخطاب استدلالي.

نتلمس في إتباع ابن وهب هذه البيداغوجية، جانبا من تأثره بالنزوع البرهاني، ولعل عنوان كتابه ' البرهان في وجوه البيان" لأوضح مرشد على نزوعه هذا المنزع في رأينا؛ كما ترتب عن هذا النزوع هندسة المادة البيانية وعرضها في شكل وجوه أربعة (الاعتبار ، الاعتقاد ، العبارة والكتاب ) تقوم على الاستدلال والإقناع، بكيفية تسير من الكل إلى الجزء ، ومن المشهجر إلى الخاص، يمكن تلخيص محاورها بتشجير46 يبرز جميع الجزئيات والتفاصيل الصغيرة في مسقطها الطبيعي47 .

وبهذاقد يكون ابن وهب بوعيه العميق وإطلاعه الواسع قد أفادنا إفادة كبرى في إحصاء رؤوس المسائل البيانية ، وتقسيمها إلى أنواع "ففلسف الأدب بطريقته وأحيا أقسامه وحدد جميع قسم منها تحديدا منطقيا على وجه سليم من الناحية المنطقية ، ومن حيث التبويب واستيفاء الأقسام مما لا نكاد نرى له نظيرا في كتاب الجاحظ "48 دون حتى يلحق بمصنفه " البرهان في وجوه البيان " عند التأليف أي نوع من الجفاف في الأسلوب لأن ابن وهب انحدر من قوم تتأصل فيهم صناعة الكتابة.

مشروع البيان في ظل المرجعيات

حاول "ابن وهب" حتى يوظف حصيلته الثقافية في قراءة "البيان العربي بطريقة" لا يقحمها ولا يشرع لها ، ولا يطبقها ، وإنما يسـتأنس بها في الفهم والتفهيم " ويظهر ذلك عندما قام بإجراء منهجي إزاء البيان عند الجاحظ وذلك بإعادة النظر في البيداغوجية البيانية الجاحظية ، وهوالعمل نفسه قام به معاصر له "قدامة بن جعفر " إزاء البلاغيين في قضية الشعر عندما ألف "نقد الشعر" ويعد عمل جميع من ابن وهب وقدامة بن جعفر مطلبا من متطلبات القرن الرابع للهجرة في المستوى المنهجي أملته الفترة آنذاك.

إن ثقافة ابن وهب وعمله ، أديتا ببعض المحدثين من أمثال "بدوي طبانة ،أحمد مطلوب، محمد العمري ، محمد عابد الجابري ، عباس أرحيلة وغيرهم " إلى إنصاف هذا الرجل الذي تفهم البيان دراسة مستوعبة عميقة ممعنة اهتدى بها إلى ما حوى كتاب البيان والتبيين من دقائق البحث في أصول البيان بعامة والأدب بخاصة فاتى مصنفه البرهان في وجوه البيان " يحمل أصداء الثقافة المعاصرة له ، ويشكل خطوة في دراسة البيان العربي دراسة فهمية ، ويذكر بعض أراء أرسطوخاصة ويفتح صدره لاستقبال الثقافات الأجنبية عامة " دون حتى تهيمن عليه الغارة الهيلينية التي أدعى "طه حسين" تأثيرها في البيان العربي القديم ، وبالضبط في القرن الرابع للهجرة، وذلك يوم حتى حقق طه حسين كتاب البرهان في وجوه البيان مع عبد الحميد العبادي معتقدا جميع منهما أنه "نقد النثر" العائد لقدامة بن جعفر ، ولم يكتف طه حسين بهذا فحسب بل ختم التحقيق بحكم خطير ألصق بمصنف " البرهان في وجوه البيان" باعتبار المرجعية في البيان العربي سلطتها خارجيةقد يكون فيها " أرسطوالمفهم الأول ليس فقط في الفلسفة وإنما أيضا المفهم الأول في فهم البيان"، هجر هذا العمل ، أثرا سلبيا بالغا في الدرس البياني عند المحدثين ، من أثره تأنيب شوقي ضيف لابن وهب والتطاول عليه بقوله " وكأنه يريد حتى يقول حتى البحث في البيان ليس من شأن المتحدثين من أمثال الجاحظ وإنما هومن شأن المتفلسفة الذين استوعبوا استيعابا دقيقا كتابات أرسطوفي المنطق والجدل والشعر ".

لكن استمرار البحث باجتهاد الدارسين والباحثين المعاصرين رد اعتبار جهود الرجل الذي جمع بين الأدب, الفهم والثقافة الأجنبية " ولم يعرب لحظة عن انبهاره بالتراث الهيليني ، ولا فكر حتىقد يكون مشروعه استجابة له ، أواستلهاما له ، أوإعجابا به "؛ ومنها مكانة البيان العربي الأصيل.

حقيقة استفاد ابن وهب من جملة الحقول المعهدية بما فيها الثقافة الأجنبية التي طعمها بالروح العربية الإسلامية الأصيلة، ومنح بهذا العمل منها منح الريادة في مشروع البيان ،بحسبه متم هذا المشروع الذي بنى صرحه جميع من الإمام الشافعي والجاحظ، شكلا الاثنان أصول المشروع البياني العربي ليكمل ابن وهب مشوارهما في فترة النضج المعهدي الذي واكبته ثقافة منطقية ." وإذا كان ابن وهب ارتبط صراحة بالجاحظ وبالتالي بالبلاغيين والمتحدثين فان حضور النحاة والأصوليين الفقهاء في مشروعه ، حضور قوي مضمونا وشكلا. أما المنطق ، منطق أرسطوفهوحاضر عملا ولكن لا " كمؤسس " ولا "كموجه" بل فقط كـ "آخر" يساعد حضوره على الوعي بـ "الأنا" إنه " الضد " الذي يتميز به البيان.

المصادر

  1. ^ مرجعيات البيان عند ابن وهب المحرر (ت335هـ)، وأثرها في التفكير البياني العربي، جامعة الجزائر
تاريخ النشر: 2020-06-08 20:53:32
التصنيفات: وفيات 335 هـ, وفيات 947, نحاة عرب, لغويون عرب, مؤلفون عرب

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

ارتفاع ضحايا زلزال المغرب إلى 632 قتيلا

المصدر: صحيفة الإقتصادية - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2023-09-09 09:23:05
مستوى الصحة: 40% الأهمية: 45%

مصر تدين الهجومين الإرهابيين فى مالى وتدعو لتجفيف منابع الإرهاب

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-09-09 09:21:46
مستوى الصحة: 33% الأهمية: 39%

انطلاق فعاليات قمة العشرين في الهند بمشاركة الرئيس السيسي

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-09-09 09:21:44
مستوى الصحة: 38% الأهمية: 49%

صباح الخير يا مصر..

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-09-09 09:21:07
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 69%

استقرار سعر الذهب اليوم السبت.. كم يبلغ عيار 21؟ - اقتصاد

المصدر: الوطن - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-09 09:20:36
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 61%

وسائل إعلام إسرائيلية: أشرف مروان خدع تل أبيب فى حرب أكتوبر 1973

المصدر: صوت الأمة - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-09 09:20:40
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 70%

أغلى 10 صفقات فى الدوري السعودي بالميركاتو الصيفى.. نيمار فى الصدارة

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-09-09 09:21:31
مستوى الصحة: 40% الأهمية: 47%

روسيا والصين تتخليان عن الدولار في العلاقات الاقتصادية بينهما

المصدر: صحيفة الإقتصادية - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2023-09-09 09:23:08
مستوى الصحة: 32% الأهمية: 36%

ما تركزيش بس على لانش بوكس.. كيف تهتمى بحصة طفلك من الأطعمة حسب سنه؟

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-09-09 09:21:38
مستوى الصحة: 31% الأهمية: 37%

الاتحاد الأفريقى يتولى مقعده رسميا كعضو جديد فى مجموعة العشرين

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-09-09 09:21:34
مستوى الصحة: 44% الأهمية: 43%

البابا تواضروس يشهد حفل “قيثارة السماء” بالإسكندرية

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-09-09 09:21:05
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 70%

بالصور..مشاركة الكنيسة في المؤتمر العالمي للسكان والصحة

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-09-09 09:21:06
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 58%

القصة الكاملة لقانون "الأسواق الرقمية للاتحاد الأوروبى"

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-09-09 09:21:41
مستوى الصحة: 30% الأهمية: 42%

طقس اليوم.. تحسن نسبى بدرجات الحرارة والعظمى بالقاهرة 36 درجة

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-09-09 09:21:35
مستوى الصحة: 35% الأهمية: 41%

تحميل تطبيق المنصة العربية