شمر يهرعش (ت. ح. 340 م) ملك حميري يمني قبل الإسلام. وهوتـُبـَّـع الأكبر المذكور في خط التاريخ العربية. وإن كان قبله تبابعة عظماء، أعظم منه، وبرر ذلك بمحبة العرب للملك شمر يرعش وعظمته في قلوبهم. وقد واصل الحرب التي بدأها أبوه ناشر النعم ضد سبأ حتى النصر الذي بتر شأفتهم في معركة مأرب عام 270 م. وفي سنة 293، أوفد شمر يرعش جيشاً أخضع حضرموت وبذلك كان أول من وحـّد اليمن. ويذكر المؤرخان القديمان أبوالحسن الهمداني ووهب بن منبه وغيرهما أنه هوذوالقرنين المذكور في القرآن الكريم أنه بنى سداً على يأجوج ومأجوج.

وقيل أنه غزا أرمينية وفارس والهند والصين والحبشة كما أنه هدم سمرقند (بحسب الرواية فإن اسم سمرقند هوتحريف لشمر كند أي شمر خرب) وبنى حير الحيرة. إلا حتى المؤرخين المعاصرين لم يجدوا دليلا على صحة هذه الانادىءات، فكتابات المسند من أيامه، لا تذكر شيئا من هذه الروايات.

الاسم

اتفقت المصادر الإخبارية على حتى اسم الملك هو( شمر)، وهوعلى وزن فَعَّل بالفتح وتشديد العين ، وفسر وهب بن منبه معنى الاسم ونطق الشمر: البوار بلغة حمير .أما الحسن الهمداني فقد فسر الاسم ونطق شمر: العز .

وفيما يتعلق بلقبه هناك اتفاق بين المصادر على حتى لقبه هو(يرعش)- يهرعش في النقوش- ويقول عبيد بن شرية أنه سمي يرعش؛ لأنه كان به ارتعاش ، ونفس التفسير اتى به وهب ابن منبه ولكنه أضاف بأن سبب ارتعاشه هواستهلك الخمر .

واتفق معهم في ذلك العلامة ابن خلدون، وخالفهم الحسن الهمداني ونطق عن معنى اللقب "أرعش الأبدان بالرعب، وقد يقول من لا خبرة له بحمير إنه كان به ارتعاش" . والغريب في قول الهمداني أنه جعل كلاً من عبيد بن شرية ووهب بن منبه، لا خبرة لهم بحمير، وقوله هذا يتناقض مع ما اتى به في الجزء الثامن من الإكليل، حيث اعتمد عليهما في جميع ما ذكره عن الملك شمر يرعش، ويمثل هذا التناقض نموذجاً للتصحيف الذي تتعرض له المصادر الأخبارية.

أما نشوان الحميري فقد فسر معنى اللقب فنطق : "أرعشه أي أرعده" ، ونطق أيضاً سمي يرعش لأنه كان يُرعِشُ من رآه هيبة، وفي ذلك يقول نشوان في قصيدته:

كما ذكر نشوان تفسيراً آخر مؤداه حتى ارتعاش الملك كان بسبب إصابته بسقم الفالج، ولكنه عاد ليؤكد صحة تفسيره الأول، وأضاف بأن جميع حمير يقولون (يُرعِش) بكسرالعين .

نسبه

تعد أخبار عبيد بن شرية الجرهمي (ت 67هـ) أقدم مصدر أخباري عن تاريخ جنوب الجزيرة العربية القديم، ويليها رواية وهب بن منبه (ت 114هـ)، وجميع الكتاب الإخباريين الذين أتوا بعدهما نقلوا عنهما وخاصة كتاب التيجان مثل: ابن قتيبة في كتابه (المعارف)، والطبري في كتابه(تاريخ الرسل والملوك)، والمقدسي في كتاب ( البدء والتاريخ)، وابن حزم الأندلسي في كتاب (جمهرة أنساب العرب)، وقد عثر اتجاهه في كتابه التاريخ العالمي منذ بدء الخلق صدى قوياً عند المؤرخين جميعاً.

وقد نسب المؤرخون الإخباريون الملك شمر يرعش إلى أبوين مختلفين معتمدين على ما اتى في كتاب التيجان، رواية وهب، وكنلك أخبار عبيد. وقد كان نسب الملك في التيجان كما يلي:

ففي أخبار عبيد بن شرية هو(شمر يرعش بن أفريقيس بن أبرهة بن الرائش)، وكان حكمه بعد الملك (ناشر النعم بن عمروبن يعفر بن عمروبن شرحبيل بن ذي يقدم بن الصوار بن عبد شمس بن وائل بن الغوث بن حيدان بن قطن)، وبهذا النسب فإن الملك (شمر يرعش) ليس له علاقة قرابة بالملك الذي حكم قبله، ولم يُعطِ عبيد تفسيراً لذلك، واكتفى بنسبته إلى الملك أفريقيس بن أبرهة، الذي حكم قبل عهد الملكة بلقيس بزمن بعيد، فإذا تتبعنا الملوك الذين حكموا بعد أفريقيس، يفترض أن نجد ستة ملوك من حمير يفصلون بينه وبين عهد الملك (شمر يرعش)، كان آخرهم الملك (ناشر النعم بن عمرو). وهذا الفارق الزمني بين عهد الملك شمر يرعش وأبيه أفريقيس بن أبرهة يعد كبيراً نسبياً.

وعلى الرغم من ذلك نجد في أخبار عبيد بن شرية عند حديثه عن التبع أبي كرب أسعد قصيدة شعرية طويلة، منسوبة إلى التبع أبي كرب أسعد نطقها حين هبط غمدان، يقول في البيت التاسع منها:

وهذا البيت الشعري يجعل الملك شمر يرعش ابناً للملك ناشر النعم بكل وضوح، وهوما يتعارض مع ما نطقه عن نسب الملك شمر يرعش.

أخذ عن عبيد بن شرية عدد من المؤرخين الإخباريين، منهم أبوحنيفة الدينوري (ت 282هـ)، الذي نطق حتى نسب الملك هو(شمر يرعش بن أفريقيس بن أبرهة بن الرائش) ، وتكرر نلك عند المسعودي، الذي نسب الملك شمر يرعش إلى أفريقيس بن أبرهة ، ونفس القول اتى أيضاً عند الحسن الهمداني . واتفق معهم في ذلك أيضاً، مفسر قصيدة الدامغة التي خطها الهمدانى ، وبعد هؤلاء يردد نشوان الحميرى نفس القول مع بعض الإضافات والزيادات إلى السيرة، حيث نطق: إنه: "شمر يرعش بن أفريقيس بن أبرهة ذي المنار بن الحارث بن الرائش" .

وفي رواية وهب بن منبه اختلف نسب الملك، حيث صار "شمر يرعش بن ناشر النعم"، وناشر النعم عند وهب بن منبه هومالك بن يعفر بن عمروبن حمير بن السباب بن عمروبن زيد بن يعفر بن سكسك بن وائل بن حمير بن سبأ" .

وقد سار على هذا القول عدد من الكتاب الإخباريين الذين اتىوا من بعده، وإن كان البعض قد اختلط عليه النسب السليم، ونبدأ بالطبري الذي نسب الملك شمر يرعش، ونطق "كان بعد تبع الأول زيد بن عمرو، وشمر يرعش بن ياسر أنعم بن عمروذي الأذعار، ابن عمه ، وهذا أقرب إلى ما اتى به وهب بن منبه، وإن كان فيه بعض الأخطاء التي من الممكن كانت بسبب تصحيف النساخ. وفي موضع آخر ذكر ناقلاً عن هشام الكلبي، بأن من حكم بعد الملك ياسر أنعم هو"تبع وهوتبان أسعد وهوأبوكرب بن ملكي كرب تبع بن زيد بن عمروبن تبع وهوذوالأذعار بن أبرهة تبع ذي المنار بن الرائش بن قيس بن صيفي بن سبأ وكان ينطق له :الرائد".

أما العلامة الموسوعي الحسن بن أحمد الهمداني فقد سار على قول وهب بن منبه في نسب الملك فهو: "شمر يرعش بن ناشر النعم"، وناشر النعم عنده هو"مالك بن عمروبن يعفر بن مالك بن حمير بن المنتاب بن عمروبن زيد بن يعفر بن سكسك بن وائل بن حمير بن سبأ" ، وهذا مخالف لما أورده عبيد بن شرية ووافق عليه الهمدانى أيضاً . وفي قصيدة الدامغة للهمداني أخذ شارحها برواية عبيد في نسبة الملك شمر يرعش إلى (أفريقيس بن أبرهة).

وفي القرن السابع الهجري تحدث ابن الأثير عن ملوك اليمن، ونطق: بأن من حكم بعد الملك ياسر أنعم هوتبع وهوتبان وهوأسعد وهوأبوكرب بن ملكي كرب تبع، وهوبذلك لم يأت بجديد عن قول الطبري، ولكنه تميز عن سابقيه بالإشارة إلى الروايات المتنوعة لأصحاب السير والتواريخ بقوله: "وكل واحد منهم خالف الآخر فلم يحصل منهم كثير فائدة" .

ثم أتى العلامة ابن خلدون وتحدث عن تاريخ جنوب الجزيرة العربية فنطق: عن الملك شمر يرعش: "ثم ملك بعد ياسر هذا ابنه شمر يرعش" وبعد ابن خلدون بزمن قصير خط القلقشندى ناقلاً عن المسعودي والطبري اللذين اعتمدا على وهب عن نسب الملك شمر يرعش، الذي صار عنده (شمر مرعش)، ونسبه إلى أبيه" مالك ناشر النعم بن عمروبن يعفر بن شرحبيل بن عمروذي الأذعار"، وهوبهذاقد يكون قد أخذ بقول وهب بن منبه في نسب الملك شمر يرعش، وفي نسب الملك ناشر النعم بقول عبيد بن شرية.

أعماله

من خلال ما ذكرته المصادر الأخبارية يمكن القول حتى الملك شمر يرعش قد مر في حياته بمرحلتين، الأولى كانت مع أبيه (ناشر النعم) مشاركاً في غزواته، والثانية بعد وفاة أبيه وتوليه الحكم. وهناك روايتان في هذا الصدد، الأولى اتى بها عبيد بن شريه، والثانية اتى بها وهب بن منبه.

الفترة الأولى: جميع المعلومات عن هذه الفترة مصدرها وهب بن منبه، في حين خلت أخبار عبيد بن شرية من أي إشارة إلى هذه الفترة، حتى عندما تحدث عن الملك أفريقيس بن أبرهة.

وحسب رواية وهب بن منبه، فقد شارك شمر يرعش في جميع الغزوات التي قام بها أبوه الملك ناشر النعم، وكان أولها الغزوة التي قام بها إلى المغرب حتى بلغ البحر المحيط، ثم تورد الرواية مشاركة شمر يرعش لأبيه في بقبة الحملات التي قام بها إلى مختلف المناطق شرقاً وغرباً، إلى حتى تنتهي الرواية بوفاة الملك ناشر النعم بسنجار قبل حتى يحقق رغبته بالوصول إلى أرض التبت ومنها إلى الصين والهند. وقام ابنه شمر يرعش بدفنه هناك . وقد نقل عن وهب بن منبه فيما بعد، الدينوري ، والحسن الهمداني ، مع بعض الاختصار.

الفترة الثانية: وهي فترة توليه الحكم بعد وفاة أبيه، وهذه الفترة تناولتها أخبار عبيد بن شرية باختصار شديد، مقارنة بما اتى عند وهب بن منبه، وكما اختلفا في نسب الملك شمر يرعش، فقد اختلفا أيضاً في سرد الوقائع المتصلة بفترة حكمه.

ففي رواية عبيد بن شرية، فإن شمر يرعش قد وصل إلى سدة الحكم بعد وفاة سلفه الملك (ناشر النعم)، وبعد عدة سنين سار الملك شمر يرعش نحوالشرق وسواحل البحر حتى وصل إلى العراق لتأديب ملك بابل، الذي قام ببناء صرح إلى السماء متشبهاً بفرعون وهامان، حيث تم أسره وحبسه داخل بئر في مدينة مأرب، ثم أطلق سراحه بعد حتى شفعت له ابنة الملك، وتم توليته على بلاده لقاء خراج سنوي .

ثم تشير الرواية إلى قيام الملك شمر يرعش بقيادة حملة متوجهاً إلى الصين، وفي طريقه إلى هناك استولى على جميع المناطق التي مر بها، وبأنه قد خط على باب مدينة (السغد) كتاباً حميرياً يفخر فيه بفوزاته ووصوله إلى تلك الأماكن.

ثم تذكر الرواية حتى الملك شمر يرعش واصل زحفه نحوالصين، وأوردت الرواية سيرة تعرض الملك شمر وجيشه لخدعة من قبل أحد وزراء ملك الصين. الذي تمكن من كسب ثقة الملك شمر يرعش، ليكون دليله إلى أرض الصين، إلا حتى الوزير سار بهم إلى عمق الصحراء حتى نفد ما معهم من ماء، وبدأ أفراد الجيش يتساقطون من شدة العطش. فتم كشف الخديعة وأمر الملك بضرب عنق الوزير الصيني.

كما تذكر الرواية بأن الملك قد أمر جنوده بالتوجه حيث شاءوا، وبأن عدداً منهم تمكن من الوصول إلى التبت، أما الملك فقد عاد محمولاً فوق درع من الحديد وظلل عليه بدرقة من الحديد.

كما أورد عبيد رواية أخرى، مفادها حتى الملك شمر قد عاد إلى اليمن غانماً سالماً، وبأنه توفي قرب رئام من فوقه الحديد ومن تحته الحديد نتيجة لشدة حرارة النهار. وتنتهي الرواية بتحديد مدة حكمه بمائة وستين سنة.

أما رواية وهب بن منبه، فقد كانت أكثر شمولاً من سابقتها، حيث غطت أحداثها مناطق واسعة من الأرض شرقاً وغرباً.

تبدأ رواية وهب بالإشارة إلى حتى تبع الأكبر عند العرب والمذكور في القرآن الكريم،هوالملك شمر يرعش، وإن كان قبله تبابعة عظماء، أعظم منه، وبرر ذلك بمحبة العرب للملك شمر يرعش وعظمته في قلوبهم.

وكان أول عمل يقوم به الملك شمر يرعش بعد دفن أبيه بسنجار، هوعودته بالجيوش إلى غمدان. وبعد حين بدأ سكان المناطق التي غزاها مع أبيه في تجميع قواهم وأوفدوا يطلبون نصرة إخوانهم بني يافث بن نوح في أرمينية، كما بدأت بوادر العصيان ضد التبابعة في فارس، وتولى ملكهم (قباذ بن شهريار الفارسي)، وبدأت أول الأعمال المعادية للتبابعة بهدم قبر الملك ناشر النعم الموجود بسنجار.

ونتيجة لذلك خرج الملك بالجيوش وسار بها ومعه جميع أهل الجزيرة الذين غضبوا لغضبه، وعند وصولهم إلى المشلل، هجر الملك ابنه (عمر الأقرن) فيها، وخلف ابنه (صيفي) في عمان، ومع جميع واحد منهما، ألفا رجل، ثم سار الملك شمر يرعش وتجاوز عمداً أرض العراق حتى يتجاوز جمع فارس وبني يافث، واتجه نحوالجزيرة عبر الفرات حتى بلغ أرمينية، وهناك هزم الهجر الذين أوفدهم قباذ الفارسي، وخرب المدائن من أرض أرمينية.

بينما كان الملك شمر يرعش يقابل الهجر ويقوم بتخريب مدن أرمينية، زحف ملك فارس بمن معه قاصداً أرض العرب، مستغلاً غياب الملك شمر يرعش، حتى بلغ (حنوقراقر) في العراق وتجاوزها إلى المشلل وهناك التقى مع جيش عمراً الأقرن بن شمر يرعش، ودارت المعارك بينهما لعدة أيام، حتى وصل صيفي بن شمر يرعش من أرض عمان، وحسمت المعارك لصالح العرب، وهرب ملك فارس إلى جبال خراسان وتحصن بها.

ثم أوفد عمر الأقرن وأخوه صيفي إلى أبيهما بما كان من أمر قباذ، فعاد الملك شمر يرعش عبر الفرات حتى وصل أرض بابل وقصد يطلب قباذ بن شهريار، فما كان من ملك فارس بعد حتى استوعب أنه خاسر لا محالة إلا حتى ينتحر بعد حتى اتفق مع ابنه (بلاس) على حتى يمضي برأسه إلى شمر يرعش حتى ينال الأمان له ولقومه، بدعوى أنه اغتال أباه لعصيانه الملك شمر يرعش.

نال بلاس بعمله ذلك رضى الملك شمر يرعش، حيث ولاه على قومه، وأمره حتى يأخذ جيشاً من فارس وينضم إلى جيش الملك الذاهب إلى الصغد والكرد، وبعد حتى فرغ من أمر الصغد والكرد، أمر بإعادة بناء قبر أبيه بجماجم الصغد والكرد لنذرٍ نذره، ثم هدم ذلك البناء، وأمر بإعادة بنائه من حديث ، بعد ذلك هدم المدائن بدينور وسنج، وأصبحت تلك المدن تسمى (شمر كند) أي (شمر خرب) باللسان العربي، وصار العرب يسمونها (سمرقند).

عاد الملك شمر يرعش إلى قطربيل يريد أرض الصين، وكان ملك الهند بأرض الصين هو(نفير الهندي)، وعندما عهد بخروج (تبع) إليهم جمع الجيوش، ونهض لملاقاته، غير أنه هزم بالمعركة، ثم لجأ نفير الهندي مع أصحابه إلى جبل عظيم، وفكر بالمكر، حيث عمد إلى بتر أذنيه وجدع أنفه وأمر أصحابه حتى يضربوه بالسياط، ثم أتى تبعاً وادعى حتى ما به من عمل قومه، لأنه أمرهم بالسمع والطاعة للملك شمر يرعش، ولكنهم أنكروا عليه ذلك وعملوا به ما عملوا.

قدم نفير الهندي عرضاً للملك، فحواه أنه سيقود الملك وعساكره إلى موضع يمكنهم من الوصول إلى الجبل دون فهم من فيه، ولم يقبل الملك العرض كاملاً واكتفى بأن أوفد معه جيشاً من خيرة رجاله، وبعد حتى سار بهم نفير الهندي، أدخلهم في صحراء واسعة، وأبعدهم حتى نفذ ما معهم من ماء، عند ذلك اكتشفوا الخدعة التي أسقطهم فيها نفير الهندي، نقمة لقومه وشفقة عليهم.

وعند شعور (تبع) بالخدعة، أمر (ذا جدن بن المسكين الحميري) حتى يأخذ الماء ويتبع أثر الجيش، فعمل ذلك وأدركهم وهم يتساقطون عطشاً، وتمكن من إنقاذهم فعادوا إلى الملك ومعهم نفير، الذي مثل بين يدي الملك فكان مصيره العفوتقديراً لإخلاصه لقومه، وولاه عليهم وأعطاهم الأمان.

صعد نفير إلى قومه وأنزلهم من الجبل، وقدم للملك أولاده ليكونوا في خدمته، وجعل الملك أحدهم على أرض الصين بعد حتى اعتذر نفير عن ذلك، لما أصابه من تشويه .

ثم تشير الرواية إلى عودة الملك شمر يرعش من أرض الصين، وعند وصوله إلى قطربيل وصلته أخبار عن غدر الزط والكرد والخوز بجنوده السقمى والجرحى الذين هجرهم هناك حين توجه إلى أرض الصين. فسار حتى بلغ دينور ونهاوند وسنجار، وقتل من أصاب من بني يافث، وهم الزط والكرد والصغد والخوز، وسبي نساءهم، ثم مضى حتى وصل إلى أرض فارس، وجعل بلاس بن قباذ على فارس وخراسان، ثم توجه عبر الشام إلى أرض بابليون فوجد الأحباش يحاربون مصر منذ شهر، وعند فهمهم بقدوم الملك شمر يرعش، أوفدوا بهدية لتشغله عنهم ريثما يخلصوا من بين يديه.

وعند وصول الهدية استشار الملك أصحابه في أمرها، وخلصوا جميعاً إلى ضرورة مهاجمة الأحباش قبل هروبهم، حيث سقطت معارك في (القس) و(البهنسة) انتصر فيها الملك، فهرب الأحباش من النيل إلى الرمل، فتم مطاردتهم والقضاء عليهم.

ثم تشير الرواية إلى قيام الملك بمهاجمة الحبشة، وهزم ملوكها، وطارد من هرب منهم، أثناء ذلك هبت عليه ريح سوداء من ناحية البحر المحيط، فعاد أدراجه عن طريق أرض (بني ماريع بن كنعان) وقتل منهم أمماً حتى بلغ البحر المحيط.

وبعد وصوله إلى البحر المحيط عاد إلى المشرق ووصل إلى مدينة (شداد بن عاد) ومكث فيها خمس سنوات، ثم عاد إلى قمونية، ووصل إلى بابليون، ومر بالشام وعبر دجلة والفرات ذاهباً إلى سنجار لزيارة قبر أبيه هناك، وعند وصوله إليها أمر حتى يخط على بابها وهي أعظم مدينة بأرض سمرقند- بالمسند، نصاً يفخر فيه بما قام به من أعمال، واعتبر حتى من يعمل عمله فهومثله أما من جاوزه فهوأفضل منه.

ثم تختتم الرواية بالإشارة إلى عودة الملك إلى اليمن بعد حتى أهلك الأرض كلها، ودانت له الملوك، بأنه قد توفي وعمره ألف سنة وستين سنة، بعد حتى أوصى بتولي ابنه (صيفي) الحكم من بعده في جمع من أبناء ملوك حمير وكبار القوم من العرب.

انظر أيضاً

• قائمة ملوك سبأ وحمير

الهامش

المصادر

• المركز الوطني للمعلومات، الجمهورية اليمنية
• الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في عهد الملك شمر يهرعش ،خلدون هزاع عبده نعمان، رسالة ماجستير .

1- الحميري، نشوان بن سعيد الحميري منتخبات في أخبار اليمن، ط 3، اعتنى بنسخها وتسليمها عظيم الدين أحمد، منشورات المدينة، صنعاء، 1986م، ص 57.

2- ابن هشام، عبد الملك: التيجان في ملوك حمير، رواية وهب بن منبه، ط!، مركز الدراسات والبحوث اليمني، صنعاء6 979 م، ص 230.

3- الهمداني، الحسن ابن أحمد: الإكليل، ج 2، تحقيق محمد بن علي الأكوع، منشورات المدينة، بيروت، 1986م، 75.

4- ابن هشام، عبدالملك، التيجان في ملوك حمير، أخبار عبيد بن شرية الجرهمي، ط2، مركز الدراسات والبحوث اليمني، صنعاء، 1979م، ص 442.

5- ابن هشام، عبد الملك، التيجان في ملوك حمير، رواية وهب بن منبه، ط2، ص 230.

6- ابن خلدون، عبد الرحمن: العبر...، ص 97.

7- الهمداني، الحسن ابن أحمد: المصدر السابقستة ص 75.

8- الحميري، نشوان بن سعيد: منتخبات في أخبار اليمن، ص 41

9- الحميرى، نشوان بن سعيد: ملوك حمير أقيال اليمن، تحقيق علي بن إسماعيل المؤيد وإسماعيل بن أحمد الجرافي، دار العودة، بيروت،1986م، ص 92.

10- المصدر السابق: ص93.

وصلات خارجية