تحويل القبلة
تحويل القبلة هوتحول المسلمين من قبلة (الحرم المقدسي) إلي (الحرم المكي) في العام الثاني الهجري
التاريخ
ظل المسلمون طيلة العهد المكّي يتوجّهون في صلاتهم إلى المسجد الأقصى امتثالاً لأمر الله سبحانه وتعالى ، الذي أمر باستقباله وجعله قبلةً للصلاة. وفي تلك الأثناء كان رسول الله – – يمتثل للحكم الإلهي وفي فؤاده أمنية كبيرة طالما راودته، وتتمثّل في التوجّه إلى الكعبة بدلاً من المسجد الأقصى، ذلك لأنها قبلة أبيه النبي إبراهيم وهوأولى الناس به، وأوّل بيتٍ وضع للناس، ولحرصه على حتى تتميّز الأمة الإسلامية في عبادتها عن غيرها من الأمم التي حرّفت وبدّلت. ويدلّ على ذلك قول البراء بن عازب: " وكان يحب حتى يوجّه إلى الكعبة ". رواه البخاري. وما كان لرسول الله – – حتى يخالف أمر ربّه، بيد أنه استطاع الجمع بين رغبته في التوجّه إلى الكعبة وعدم مخالفة الأمر بالتوجّه إلى المسجد الأقصى بأن يصلّي أمام الكعبة ولكن متّجها إلى الشمال، كما يدلّ عليه الحديث الذي رواه ابن عباس حيث نطق : " كان رسول الله - - يصلي وهوبمكة نحوالمسجد الاقصى والكعبة بين يديه ". رواه أحمد . ثم أذن الله بالهجرة، ووصل المسلمون إلى المدينة، وبُنيت المساجد، وشرع الأذان، والنبي - -لم ينس حبّه للكعبة ويحزنه ألا يستطيع استقبال القبلتين معا كما كان يعمل في مكّة، وكان شأنه بين حتى يخفض رأسه خضوعاً لأمر الله وأن يحمله أملاً في إجابة دعوته. ويصف القرآن الكريم حال النبي – – بقوله : { قد نرى تقلب وجهك في السماء ( البقرة : 144 ) . وفي منتصف شعبان، وبعد مرور ستة عشر شهراً من استقبال المسجد الأقصى ، هبط جبريل عليه السلام بالوحي إلى النبي – – ليزفّ البشرى بالتوجّه إلى الكعبة، نطق تعالى : { فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره ( البقرة :. ويحدّث الصحابي الجليل البراء بن عازب حتى النبي - - كان أول ما قدم المدينة هبط على أخواله من الأنصار، وأنه صلى قبل المسجد الأقصى ستة عشر شهراً أوسبعة عشر شهراً، وكان يعجبه حتى تكون قبلته قِبَل البيت الحرام، وأنه صلى أول صلاة صلاها مستقبلا الكعبة كانت صلاة العصر، وصلى معه قوم، فخرج رجل ممن صلى معه فمر على أهل مسجد وهم راكعون، فنطق : أشهد بالله لقد صليت مع رسول الله - - قِبَل مكة فداروا كما هم قِبَل البيت، رواه البخاري. وعلى الرغم من انتشار الخبر وذيوعه، إلا أنّه تأخّر عن أهل قباء حتى صلاة الصبح، فاتى إليهم رجل فنطق : " أنزل الله على النبي - - قرآنا حتى يستقبل الكعبة فاستقبِلُوها "، فتوجهوا إلى الكعبة، رواه البخاري. ولأنّ نسخ الأحكام لم يكن معهوداّ عند المسلمين من قبل، كما نطق ابن عباس : "... فأول ما نسخ من القرآن القبلة "، رواه النسائي، لذلك كرّر الله الأمر بها تأكيداً وتقريراً ثلاث مرّات : الأولى في قوله تعالى : { فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره ( البقرة : 144 )، والثانية في قوله تعالى : { ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وإنه للحق من ربك وما الله بغافل عما تعملون ( البقرة : 149 )، والثالثة في قوله تعالى : { ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره لئلاقد يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا منهم ( البقرة : 150 ) . وقد تباينت ردود أفعال الناس تجاه هذا الحادث غير المألوف، أما المؤمنون فلم يترددوا لحظة عن التحوّل طاعةً لله ورسوله، فامتدحهم الله وبيّن لهم حتى هذه الحادثة إنما كانت اختبارا للناس وامتحاناً لهم كما نطق تعالى : { وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنفهم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله ( البقرة : 143 ) . وأظهر بعض المسلمين القلق على من لم يخط الله له شرف الصلاة إلى الكعبة ممن توفي قبلهم، وخافوا من حبوط أعمالهم، ونطقوا : يا رسول الله كيف من الممكن أن بإخواننا الذين ماتوا وهم يصلون إلى بيت المقدس ، ،يا ترى؟ فأنزل الله { وما كان الله ليضيع إيمانكم ( البقرة : 143 ) - يعني صلاتكم - رواه الترمذي وأصله في السليم. وأما اليهود فقد عابوا على المسلمين رجوعهم عن المسجد الأقصى إلى الكعبة، وقابلوا ذلك بالسخرية والاستهجان، واستغلّوا ذلك الحدث بدهاءٍ ليمرّروا من خلاله الشكوك والتساؤلات طعناً في الشريعة وتعميةً لحقائقها، وقد حذّر الله سبحانه وتعالى المسلمين وأبلغهم بموقف اليهود قبل وقوعه فنطق : { سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ( البقرة : 142 ) . إلى غير ذلك تحقّق للمسلمين فضل التوجّه إلى القبلتين جميعاً، واستطاعوا حتى يجتازوا هذا الامتحان الإلهي، وبذلك نالوا شهادة الله : { وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ( البقرة : 143 ) ، وكان ذلك التحوّل إيذاناً بنهاية الشرك وسقوط رايته، وأصبحت الكعبة قبلةً للمسلمين إلى حتى يرث الله الأرض ومن عليها. كان في اليوم السابع عشر من شهر رجب في العام الثاني بعد الهجرة النبوية إلى المدينة، تحويل الصلاة قبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام. كما قيل حتى ذلك كان في ثامن أيام المحرم من العام عينه، أثناء الركعة الثانية من صلاة الظهر كما قيل ان ذلك في نصف شعبان. وقد صلى المؤمنون نحوالمسجد الأقصى حوالي ستة عشرة شهرا إلى حتى سقط نسخ بقوله تعالى"قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيت ماكنتم فولوا وجوهكم شطره
