تفاعل مغردون مع طلب الأمير فيصل بن عبدالعزيز بن محمد بن عياف أمين منطقة الرياض في إشراك سكان العاصمة للخطط التشغيلية والبرامج التطويرية التي يعمل عليها سمو الأمين وزملائه في الأمانة، والتي دعا فيها سكان الرياض لتقديم تجاربهم وآرائهم ومقترحاتهم لجعل مدينتهم أفضل، وكذلك الأفكار التي يتمنون رؤيتها في المدينة.

"الرياض" استطلعت رأي مختصين في هذا التوجه والدعوة نحو إشراك سكان العاصمة في البرامج والمشاريع التي تعكف عليها أمانة منطقة الرياض، ورصدت أبرز ردود الأفعال والتعليقات حيال ذلك التوجه الذي يقوده أعلى هرم أمانة منطقة الرياض وهي المعنية بالعديد من الخدمات المتعلقة بتعزيز جودة الحياة وتجميل المدينة والأنسنة وإزالة التشوه البصري وإيجاد أحياء آمنة سهلة التنقل ينعم فيها الجميع بالراحة والهدوء.

التشجير والأرصفة

وتصدرت مطالب الحدائق والتشجير وأرصفة المشاة وتعزيز مفهوم سهولة الانتقال والمشي سواء داخل الحي أو ما سيكون مستقبلا مع انطلاق مشروع النقل العام للحافلات والقطارات، وخلق صورة ذهنية تجميلية للمدينة أبرز تعلك التعليقات.

فيما كان لهواة الدراجات الهوائية اقتراحات بوضع مسارات خاصة فيها، وتكثيفها في جميع أحياء الرياض،  ورفع مستوى الوعي عند السائقين وكذلك المشاة بتلك المسارات لتعزيز السلامة وتشجيع محبي ركوبها لاستخدامها بشكل دائم عند تنقلاتهم داخل الحي وخارجه.

الحركة المرورية وطرق مرنة

وعن الحركة المرورية وتعزيز الخطط والمبادرات لتخفيض الازدحام في بعض الطرق، جاء اقتراح تحويل طريق العروبة إلى حر الحركة ليكون موازيا لطريق مكة المكرمة – خريص، صاحبه مقترح تحويل طريق نجم الدين حر الحركة ليكون رديف للجزء الواقع عند الجسر المعلق.

وكان لمداخل مدينة الرياض العاصمة نصيب من التعليقات والمشاركات، والاهتمام بتطويرها وخلق صورة ذهنية مميزة عند الدخول للمدينة من جهاتها الأربع، وربط تصاميمها بأحداث تاريخية حدثت لـ"الرياض".

حفريات المشاريع... وحفر الشوارع

أما عن الحفريات والمشاريع الخدمية من سيول وصرف صحي فكان لها النصيب الأوفر في التعليقات والمشاركة لإنجازها بأسرع وقت ممكن، والاهتمام بسلامة الطرق والشوارع الداخلية للأحياء والتشديد على عملية السفلتة للمشاريع الخدمية بعد الحفر، ودعوة للاهتمام بذلك الأمر الذي يؤرق الجميع، فيما كان لأحد التعليقات معالجة وضع حاويات النفايات عند المنازل وما تسببه من إشكالات بين الجيران والاستفادة من التجارب العالمية في هذا المجال.

ورغم كثرة الاقتراحات والتعليقات، إلا أنها جاءت لتدعم المرونة في اتخاذ القرارات وتحفيز الوضع الحالي نحو الأفضل ومنها الاهتمام بالأحياء من حيث مداخل الحي والإنارة إزالة التشوه البصري رفع المخلفات السفلتة دعم مواقف السيارات وإيجاد حلول للمواقع الخدمية المزدحمة، وأشار أحد المشاركين في التعليقات إلى السماح برفع المباني المطلة على الحدائق لتكون أدوار متعددة شريطة أن لا تقل مساحة الشقة عن 200 متر لتحقيق الاستفادة من عناصر الحديقة.

تأهيل الأحياء.. وربط العاصمة بمناطقها الريفية

وكان للأحياء والطرق الواقعة شمال طريق الملك سلمان مطلب مثل القيروان العارض النرجس وكذلك حي المهدية والبيان التفاتة لتطويرها جماليا وسلامة مرورية، ورغم كثرة التعليقات جاء الاهتمام بتعزيز نمط العمارة الخضراء وربط الرياض بشكل أكبر وأسهل بالمناطق الريفية ضمن تلك التعليقات التي تم إحالة الكثير منها إلى الإدارات المختصة لدراستها وإمكانية الاستفادة منها.

مساهمة اجتماعية

من جهته قال باحث الدكتوراه في تخطيط المدن د. عبدالرحمن الصايل: "تجدرُ الإشارة إلى أنّ قيادة المدن لا تقتصر على من هم "في القمة" فقط –مثل الأمناء ورؤساء البلديات وغيرهم - ففي الأنظمة الحديثة للحكم المحلي تكون القيادة موزّعة ومتعددة المستويات، ويمكن لحساب في مواقع التواصل الاجتماعي أو لناشط في الحي أو لرائد الأعمال الاجتماعي أن يقدم مساهمة كبيرة في التأثير على القرار الحضري للمكان جنبًا إلى جنب مع الجهود الاستراتيجية لهيئة التطوير أو أمانة المنطقة على سبيل المثال.

وأكد المهندس الصايل على أنّ تحفيز المجتمع للمشاركة في سياقنا المحلي أمر بالغ الأهمية؛ لضمان أن يرحب أطياف المجتمع بالتغيير التدريجي، كما أن المدينة تُحدث تغييرًا مبتكرًا وتستجيب لخططها الموضوعة لها إذا اشركت جميع المؤثرين بشكل فعّال، إنّ ما نحتاج إليه هو ذلك السلوك الإبداعي والذكاء الاجتماعي الذي ينتقل في عملية المشاركة مع المؤثرين من مستوى الاطلاع والإخبار إلى مستوى يعزّز ثقافة الاصغاء والاستماع، الذي يمكن أن يؤدي بدوره إلى الابتكار في تطوير المدن وتطوير القيادة على المكان.

تحقيق التكامل

وأشار الصايل إلى نماذج تستحق الإشادة في نموذجنا المحلي بتحقيقها التكامل والتداخل بين قيادة المدينة والمجتمع، ونقصد هنا تغريدة سمو أمين الرياض الأمير فيصل بن عياف حين سأل المجتمع على حسابه في تويتر: كيف يمكن أن نجعل مدينتنا أفضل؟ وماهي الأفكار التي تتمنون رؤيتها في المدينة؟

ولفت إلى أن تحفيز المجتمع للمشاركة الفعالة مع قيادة المدن يُمَكّنهم من التواصل مع مشاعر الولاء وهوية المدينة. كما يجعل للمجتمع دورًا رئيسا في تحديد النغمة وتشجيع المخاطرة في التغيير الإيجابي، مستشهدا بما تشير فيه الأبحاث إلى أن مناطق الابتكار لا تحدث بشكل طبيعي. بدلاً من ذلك، يحتاج قادة المدن الراغبون في فتح آفاق جديدة إلى أن يكونوا سباقين في إنشائها من خلال الاصغاء لرغبات السكان بعد نشر البيانات بشفافية وبأسلوب مبسط وتوضيح التبعات الاقتصادية والبيئية والاجتماعية لكل تغيير بشكل موضوعي.

تخطيط الطرق

فيما قال المتخصص في النقل م. عبدالله المبارك إنه لا زالت ممارسات تخطيط الطرق في السعودية تعطي أهمية كبيرة لعرض الطرق وأقطار التفاف كبيرة وتخصص عدد مسارات أكبر من الطلب الوقعي عليها في عملية تخطيط شوارع الأحياء لضمان انسيابية الحركة فيها وتقليل احتمالية حصول الحوادث. إلا أن اتباع هذه الممارسات في تخطيط الأحياء ساهم في تكوين بيئة داخل الحي تشحذ رغبة قائدي السيارات للسرعة، مما يجعل المشي رحله يشوبها القلق المستمر، حيث تتحول الرحلات اليومية الاعتيادية (مثل المشي للمسجد أو الحديقة) رحلات محفوفة بالمخاطر.

وأوضح أن من الحلول المقترحة لتقليل السرعة في الأحياء إعادة النظر في متطلبات الأدلة الفنية المستخدم في تحديد عرض الشوارع وأعداد المسارات خصوصا على الشوارع التجارية داخل الحي واستبدالها بما يناسب سياق الأحياء ومرافقها، بناء أرصفة مناسبة للمشاة وتشجيرها لتمثل حاجز بين المشاة والسيارات بالإضافة لمساعدتها تخفيف سرعة قائدي المركبات، حيث يساهم اكتظاظ مجال الرؤية بالأشجار تقليل السرعة لا شعوريا كعامل نفسي، ومن المهم تخصيص استراتيجيات واضحة لتقليل السرعة حول الحدائق والمساجد من خلال تغيير مواد رصف الشوارع وإضافة عناصر هندسية تمنع السيارات من السرعة في جوارها مثل تضييق الشوارع عند ممرات المشاة لتصبح عنق زجاجة يصعب المرور من خلالها تضمن سلامة المشاة، لافتا أنه يجب التنويه على أن الشوارع الواسعة في الأحياء لها تداعيات اجتماعية، فهي تصعب من تكوين مكان مناسب للالتقاء وتكوين علاقات اجتماعية بين ساكنة الحي، وتحديدا للأطفال، الذين يفقدون فرص المشي للمرافق وتكوين مهارات وخبرات اجتماعية مهمة في التنشئة.

لوحة وضعتها أمانة الرياض لأحد المشروعات
الازدحام المروري أهم الإشكالات التي تحتاج للمعالجة
طالب الأهالي بإيجاد آليات للحفريات وردمها
م. عبدالله المبارك
م. عبدالرحمن الصايل