..فى ذكرى ميلاده ال”61″.. عماد عبد الحليم ..لحن الشجن المحفور فى القلوب


 

كان كلما أطل علينا عبر الشاشة نشعر بالألفة ونشعر أيضا بالحزن يغلف ملامحه الرقيقة حتى لو بدا مبتسما وكأنه فى هذا كان يحاكى أبيه الروحى ومكتشفه الذى منحه إسمه “عبد الحليم حافظ” الذى كنا نشعر مع إطلالته بذات المشاعر المختلطة ..إنه المطرب الغائب الحاضر”عماد عبد الحليم” الذى رحل فى عمر الزهور بشكل مأساوى لتكتب نهايته خلودا خاصا له يضاف لخلود عطائه الفنى المتميز الذى قدمه فى مشواره الفنى القصير كصوت حساس دافئ يندر تكراره، مما جعل حتى الأجيال الجديدة تعشقه وتدشن عشرات الصفحات بإسمه على مواقع التواصل الإجتماعى وتتداول روائعه الغنائية وأفلامه ومسلسلاته وخاصة رائعته”ليه حظى معاكى يا دنيا كده” التى بدا فيها وكأنه يغنى حياته التى رغم قصرها لم تخلو من أشواك الشائعات والإحباطات وإنطفأ نجمه وهو فى بدء سطوعه.

وتألقه..وفى ذكرى ميلاده ال”61″ نستعرض ملامح من حياته ومشواره الفنى المتميز رغم قصره.

ميلاده:

في المنزل رقم 33 بالدور الأرضي، شارع حافظ قبطان بحي الباب الجديد في الإسكندرية، ولد عماد الدين علي سليمان فليفل في 4 فبراير عام 1960، نشأ في بيت فني، فوالده هو الملحن علي سليمان أشهر ملحني الإسكندرية في ذلك الوقت، لم يكن عماد هو الابن الوحيد، بل كان له 9 أشقاء، أشهرهم الملحن المعروف محمد علي سليمان والد المطربة أنغام، لذلك وجد عماد الغناء يحيطه من كل جانب، وأذناه لا تسمع سوى ألحان وأغاني يرددها والده، ولا يرى بعينيه سوى ملحنين ومطربين في منزله، فتربى ونشأ على حب الموسيقى.

الكتكوت الفصيح من البيضة يصيح:

ظهرت موهبة عماد في امتلاكه الصوت الجميل منذ نعومة أظفاره، حيث لاحظ كل من في البيت أنه بمجرد استيقاظه من النوم يهرول إلى الراديو يفتحه موقفا المؤشر على إذاعة القرآن الكريم، ويظل منصتا وهو في غاية الاستمتاع لأصوات المقرئين، ولم يكن يكتفي بمجرد الاستماع بل كان يحفظ الآيات سريعا ويرددها بصوته، فاكتشفوا جمال هذا الصوت الذي جعلهم يطلقون عليه لقب “الشيخ عماد”، وفي المدرسة أيضا اكتشفوا موهبته فضمه أساتذته إلى فرقة الموسيقى والغناء، واستطاع أن يلفت الانتباه عندما كان يغني في حفلات المدرسة، فأطلقوا عليه لقب “الطفل المعجزة”، وبدأ الطلب عليه من متعهدي الحفلات، فأصبح يشارك في الحفلات الآخرى بعيدا عن المدرسة، ووصل أجره إلى 30 قرشا في الحفلة الواحدة آنذاك.

العندليب وفرصة العمر :

ظل عماد يواصل دراسته بجانب الغناء، حتى لعب القدر لعبته الكبيرة في حياته وحدث ما لم يكن يتوقعه، فذات مرة جاء العندليب عبدالحليم حافظ لإحياء حفل له بالإسكندرية، فالتقاه متعهد الحفلات المعروف عياد الرشيدي وكان بصحبته عماد الذي لم يكن تجاوز وقتها 14 عاما، وقدمه للعندليب مؤكدا له أن هذا الطفل يمتلك صوتا جميلا وعاشق لأغانيه ولا يقوم بإحياء أي حفل دون أن يغني شيئا من أغنياته، فطلب عبدالحليم منه أن يسمعه صوته، فأعجب به، ولم يكتف بمجرد الثناء عليه، لكنه طلب أن يقابل والده، وبالفعل لبى والد عماد دعوة العندليب، الذي أثنى على موهبته ابنه وطالبه بضرورة الاهتمام به ولاقتناعه به سيشركه معه في الحفل الذي جاء لإحيائه، وبالفعل أدى عماد أغنية “يا صلاة الزين وأغنية حب الوطن” ونجحت الحفلة التي لم ينقطع فيها التصفيق للطفل المعجزة، وأمام النجاح الكبير الذي تحقق اقترح العندليب على والده أن يتبناه فنيا ويمنحه اسمه ويصطحبه معه للحياة في القاهرة ولن يتركه حتى يصبح نجما كبيرا في سماء الطرب.

وإبتدى المشوار:

رحب الأب بذلك وهو في غاية السعادة، خصوصا أنه أراد لابنه أن يحيا بعيدا عن الفقر الذي نشأ فيه، وانتقل عماد إلى القاهرة ومنذ ذلك الوقت أصبح اسمه عماد عبدالحليم، واستأجر له العندليب شقة في مدينة نصر بالقاهرة أقام فيها مع شقيقه محمد، وخصص له مصروفا شهريا وأشركه بعد ذلك في معظم حفلاته، وبخبرته الكبيرة رأى عبدالحليم ضرورة أن تكون هناك أغاني خاصة لعماد، وآن له أن يكتفي بتقديم أغنيات غيره، أخبر شقيقه بذلك، وما هي إلا شهور حتى كانت له أغنياته الخاصة، حيث لحن له حلمي بكر أغنية “الحب زي المعجزة” كما تغنى من ألحان شقيقه محمد علي سليمان بأغنية “خاف علي”، وقدمهما لأول مرة في حفل العندليب الأسمر بجامعة القاهرة.

عندما وصل عماد إلى فترة البلوغ، نصح الأطباء العندليب بضرورة أن يتوقف عن الغناء حتى تمر هذه المرحلة التي لو واصل فيها غناءه فسوف تؤثر بشكل سلبي عليه، فأقنعه عبدالحليم حافظ أن يترك الغناء قليلا حتى يتخطى تلك المرحلة العمرية، على أن يستثمر تلك الفترة في الدراسة، فأدخله المعهد العالي للموسيقى، حتى يصقل موهبته بالدراسة، وتمر الشهور وعماد يواصل دراسته والعندليب يتابعه حتى تجاوز الفترة التي حددها الأطباء، بعدها وجد أن هناك مرحلة جديدة يجب أن يخوضها عماد، وهي مرحلة أن يكون له ألبوم مثل كبار المطربين، فاتفق مع شركة “صوت الفن”، على تقديم أول ألبوم غنائي لعماد، وبالفعل تعاقدت معه الشركة وقدم ألبوم “ألوان” من أشعار عبدالرحيم حسن وألحان أحمد فؤاد حسن، الذي حقق نجاحا مبهرا جعل الجميع يرون فيه خليفة عبدالحليم.

كان عماد في ذلك الوقت يعيش مشاعر متضاربة بين النجاح والشهرة الكبيرة التي حققها في سن مبكرة وبين الخوف على العندليب الذي كان يرى فيه أبيه الروحي، حيث بدأ المرض ينال منه بشكل كبير، وفي سنة 1977 رحل العندليب تاركا ابنه بالتبني، كان ذلك بمثابة الصدمة الكبيرة في حياة عماد، وقتها شعر باليتم، وبأنه فقد الداعم والمساند له، أيضا القادر على حمايته من استغلال الآخرين، حاول شقيقه أن يعوضه فقدانه العندليب، خصوصا أن اسمه بات معروفا في عالم الملحنين ولديه خبرة بالوسط الفني فقدم له العديد من الألحان، لكنه سرعان ما تزوج وانشغل بحياته، ولم يهمله بل أكثر أوقات عماد كان يعيشها في بيت شقيقه، وهو ما كشفته المطربة أنغام عندما روت في أحد البرامج التلفزيونية بأن عمها عماد تربى على يد والدتها فعاش معهم، ولأنه كان قريبا منها في السن، أصبح صديقها قبل أن يكون عمها لذلك كانت علاقتها به علاقة خاصة.

بعد شهور من الرحيل بدأ المنتجون ينظرون لعماد على أنه صورة مصغرة من العندليب، فبدأ الجميع يستغل ذلك، حتى أصبح عماد في أيديهم مثل “الملاك الحزين” تتخطفه الطيور من كل جانب، فاستغل منتجو الدراما الشهرة التي حققها في الغناء وتأثر الناس برحيل العندليب وتلهفهم على رؤية من يفكرهم به، فاستعانوا به كممثل في مسلسل “الضباب”، قصة ثروت أباظة وإخراج فايز حجاب، وشاركه البطولة كوكبة من النجوم في ذلك الوقت، مثل كريمة مختار، صلاح منصور، خالد زكي، ليلى حمادة، عبدالمنعم إبراهيم، هناء ثروت، ولاقى المسلسل نجاحا كبيرا عند عرضه، ولاقت أغنية تتر المسلسل “الضباب” نجاحا منقطع النظير، فكانت شوارع القاهرة تكاد تخلو من المارة وقت عرض المسلسل، وواصلوا رحلة الاستغلال عندما اختاروه ليقدم دور عبدالحليم في مسلسل يتناول قصته والذي عرض بعد رحيله بعامين وهو “العندليب الأسمر”، إلا أن المسلسل لم يلق أي نجاح، فكان ذلك بمثابة صدمة كبيرة لعماد،

محطات هامة فى مشواره الفنى:.

قدم عماد للسينما العديد من الأفلام مثل “حياتي عذاب، كرامتي، الإخوة الغرباء، مذبحة الشرفاء، وعد مكتوب، وانتهى الحب”، كما قام بالمشاركة في عدد من المسرحيات منها “خيل الحكومة، النهاردة آخر جنان، للسيدات فقط”.

وفي عالم الغناء واصل رحلته، حيث قدم مجموعة من الاغاني منها “مقسومالي، مين قالك، زي ما أنت عايز، خلينا في اللي جاي، عارفاني، دورت عليكي، مقدرش أتوب، راجع، مانيش خاين، لا، وحياتك يا حبيبي، كده يا دنيا، بعدين وياكي، الرحايا,مهما خدتنى المدن”، إلى جانب العديد من الألبومات مثل “أمرك عجيب، غدار طبع الهوا، راجع، أهواك، اتعشم يا قمر، مسيك بالخير، عابر سبيل، يتيم، خلي شوية عليا، صادني الهوا، ليه حظي كده، طريق الاحباب”.

أشواك الشائعات ..ونهاية تراجيدية :

عاش عماد عبدالحليم محاصرا بالشائعات، بداية من شائعة أنه الابن غير الشرعي للعندليب الأسمر عبدالحليم حافظ، خصوصا أنه يشبهه كثيرا، وقد نفى العندليب تلك الشائعة في أحد الحوارات الصحافية قائلا “ياريت عندي ابن زي عماد”، كما ربطته الشائعات بالراقصة والفنانة نجوى فؤاد، حيث تردد أنها تزوجته وهو ما نفته تماما، بل أقسمت بأن ذلك لم يحدث، وربما راجت هذه الشائعة بسبب ملازمتها له في معظم حفلاته واشتراطها أن تكون موجودة كراقصة فيها، كما نفى عماد ذلك أيضا حين وصلته هذه الشائعة وكذا نفى شقيقه “محمد على سليمان”هذه الشائعة، وقال فى تصريحات صحفية “كان شقيقي على وشك الزواج من فتاة من خارج الوسط الفنى وهى شقيقة أحد أصدقائه من العازفين وقرأنا الفاتحة قبل وفاته بأيام وكان الطرفان فى مرحلة التعارف ولم يحدث أنه تزوج من الفنانة نجوى فؤاد”، وحتى عندما حانت لحظة النهاية أصبح موته لغزا محيرا، حيث انطلقت شائعة تفيد بأنه توفي نتيجة تعاطيه جرعة مواد مخدرة “حقنة هيرويين”، حيث تردد أنه عندما عثر عليه ميتا في الشارع وجدوا بجواره حقنة وكان ذلك يوم 20أغسطس 1995، وهو ما نفته أسرته مؤكدة أنها كان يعاني من مرض بالقلب وأن الوفاة حدثت نتيجة هبوط حاد في القلب رغم أن أسرته علمت بوفاته من خلال الصحافة والإعلام، ومن جانبه نفى شقيقه الملحن “محمد على سليمان” فى تصريحات صحفية وفاة شقيقه بالمخدرات، وقال أن سيارة مسرعة صدمته ولاذت بالفرار وكانت أنغام حسبما أكدت فيما بعد، تقوم بإحياء إحدى حفلاتها الغنائية في تونس ولكنها فى لقاء تلفزيونى فى برنامج “واحد من الناس” مع الإعلامى “عمرو الليثى” لم تستبعد وفاة عمها على أثر جرعة زائدة من المخدرات لأنه فى الفترة الأخيرة من حياته كان يعيش حالة إكتئاب حاد حتى أنه إبتعد حتى عن تقديم أى أعمال فنية جديدة رغم نجوميته التى حققها فى وقت قصير نسبيا .

ورحل “الملاك الحزين” أو”لحن الشجن” عماد عبدالحليم الذي كان صوته مليئا بالشجن، ويغلفه الحزن، رحل تاركا خلفه أسرارا لم تكشف حتى اليوم رغم رحيله منذ 26 عاما ، رحل وقد تنبأ من قبل بحياته التي كانت أشبه بفيلم تراجيدي مليء بالأحزان عندما غنى “ليه حظي معاكي يا دنيا كده”.

 

تاريخ الخبر: 2022-02-04 12:21:15
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 49%
الأهمية: 59%

آخر الأخبار حول العالم

400 فرصة لتطوير القطاع اللوجستي بالشرقية السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-04-30 03:24:44
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 65%

السعودية تنشئ مركزاً عالمياً متخصصاً في الفضاء - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-30 03:24:33
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 58%

75.3 مليار ريال نموا بإيرادات السعودية للكهرباء السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-04-30 03:24:42
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 51%

بتهم ارتكــاب جرائم إبادة جماعية

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-30 03:24:40
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 60%

أزيلال.. فاعلون إسبان وإيطاليون يكتشفون الإمكانيات السياحية للجهة

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-30 03:25:30
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 50%

هضبة تكنوبول قسنطينة: نحو استحداث ركن خاص بتمويل المؤسسات الناشئة

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-30 03:24:34
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 52%

الجلاجل: إجراءات استباقية لمواجهة تحديات المستقبل - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-30 03:24:34
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 58%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية