«التأسيس».. منعطف مفصلي في تاريخ الجزيرة العربية


يجسد يوم التأسيس الذي بدأه الإمام محمد بن سعود «رحمه الله» مرحلة مفصلية ومنعطفا تاريخيا مهما في تاريخ الجزيرة العربية بكاملها، حيث قام بتأسيس وبداية فلسفة جديدة لم يكن المجتمع يعرفها، وهي بداية فكرة «التوحيد» أي توحيد المجتمع؛ لأن المجتمع قبل ذلك كان متناحرا يسوده عدم الاهتمام بالأمن والاقتصاد، كما كانت الإمارات والوحدات السياسية لا تهتم بالجانب الأمني ولا بالجانب الاقتصادي، ولا حتى الثقافي، بحيث إن هناك فراغا سياسيا وعدم اهتمام بالأمن، وتدهورا اقتصاديا، بالإضافة للضعف بالجانب العلمي الثقافي، وجميع هذه العوامل ازدهرت في عهد الإمام محمد بن سعود وأبنائه من بعده، مما يدل على أنه كان لديه توجه ونظرة من زاوية سياسية، وزاوية حكم مختلفة عن أقرانه وعن الحكام المعاصرين له.

قال أستاذ التاريخ الحديث المساعد، ومدير مركز تاريخ العلوم العربية والإسلامية في جامعة الإمام محمد بن سعود د. عبدالمحسن بن صالح الرشودي، إن يوم التأسيس، يُعد منعطفا للوحدة السياسية ولإيجاد حياة مستقرة منطلقة من قول الله «سبحانه وتعالى»: «واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا»، كما يحمل هذا اليوم راية ورسالة سامية تحمل بين طياتها الوحدة السياسية والاستقرار، وبلا شك نجح الإمام محمد بن سعود في تأسيس إمارته والتي بدأت بوادر الوحدة والفلسفة الجديدة في نظام حكم مختلف عن الوقت السابق وإمارات نجد المتناحرة، لأن ذلك الوقت كان هناك تشتت ما بين الحاضرة والحاضرة، والبادية والبادية، والحاضرة والبادية أيضا، لذلك يوم التأسيس جمعها ببعضها البعض.


حياة مختلفة

وبالمجهر نجد أن هناك تظاهرة سياسية جديدة كانت تمشي في مصلحة المجتمع، بحيث انتقل من حياة غير مستقرة وشتات وبؤس إلى حياة مختلفة تماما على جميع الأصعدة، وذلك لأن المنطقة لم تكن تعرف الوحدة السياسية منذ انتهاء العهد الراشدي وبعدها الدولة الأخيضرية التي لم تستقر في كامل نجد، ومنذ يوم التأسيس أصبحت الدولة السعودية الأولى تحكم بحاكم واحد تحت نظام استقراري إداري، عبر تعيين القضاة والأمراء ونشر نظام الحسبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في جميع المناطق التي خضعت للدولة، والتي امتدت من الحديدية جنوبًا وحتى حدود الأردن وما يُعرف بحوران شمالًا، ومن الخليج العربي شرقًا حتى البحر الأحمر غربًا، كل هذه المناطق أصبحت تحت حكم حاكم واحد ونظام واحد وجيش واحد وعلاقات وارتباط بعضها البعض.

فكرة جديدة

وحول تولي إمارة الدرعية أوضح د. الرشودي أن تولي الإمام محمد بن سعود إمارة الدرعية لم يأتِ من فراغ، وإنما جاء سليل حكام منذ عام 850 بحيث أسس الدرعية الجد الأكبر للأسرة وهو مانع المريدي، وتعاقبت ذريته على إمارة الدرعية شيئا فشيئا حتى وصلت إلى سعود بن محمد الذي تنسب إليه «السعودية» ومن أبنائه محمد بن سعود الذي تولى الإمارة بعد والده في عام 1139، والذي يعتبر المحك الأساسي؛ كونه جاء بفكرة جديدة وبدأ في توحيد البلاد ونشر السلم والاستقرار في ربوع نجد.

هوية وشخصية

وتحدث د. الرشودي عن الفرق بين اليوم الوطني ويوم التأسيس، قائلا: هذا اليوم يختلف عن «اليوم الوطني»، حيث إن اليوم الوطني خاص بالدولة السعودية الحديثة التي أسسها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن «رحمه الله»، الذي نشأ وتربى وواصل سياسة أجداده وآبائه من الدولة السعودية الأولى ثم الثانية، وبعدها قام بإعادتها مرة ثالثة، وحينما بدأ بتوحيد البلاد كان يسير على سياسة أئمة الدولة السعودية الأولى والثانية، كما أن زمن الملك عبدالعزيز يختلف، حيث عاصر وبانت جهوده بالتزامن مع العالم الحديث، فلا بد أن يتزامن ويواكب العالم، ولذلك أعلن الاسم لدولته، ولا بد أن تكون له راية وهوية وشخصية مميزة، من هنا أعلن في عام 1351 اسم «المملكة العربية السعودية» وأنها مملكة دستورية شرعية يحكمها عبدالعزيز ومقيّد بأحكام الشرع، وهذا هو اليوم الوطني للدولة السعودية الثالثة، وباختصار فإن الفرق هو أن يوم التأسيس هو تأسيس الحكم السعودي على يد الإمام محمد بن سعود، أما اليوم الوطني فهو ذكرى لنهاية عصر الدماء والقتال بين الأطياف التي تضمها المملكة العربية السعودية، على يد موحدها الملك عبدالعزيز، لذلك يُعد اليوم الوطني هو للاحتفاء بوحدتنا ولمّ شتات أطيافنا على يد مؤسس هذه البلاد.

المرتكز الأول

وفيما يتعلق بالمرتكزات والمنهج التي قامت عليها الدولة، أبان د. الرشودي أن الانطلاقة بدأت منذ حكم الإمام محمد بن سعود على منهج واضح وهو منهج (أهل السنة والجماعة)، والذي يقوم على إعادة الناس لما كان عليه الرسول «عليه الصلاة والسلام»؛ لأن الناس ومن أتوا للدرعية ونجد في ذلك الوقت وجدوا هذا الشيء، ووجدوا أن المجتمع يعيش كما كان الصحابة «رضي الله عنهم» يعيشون، من زهد وتمسك بالدين وتطبيقه، لذلك يُعد هذا هو المرتكز الأول للدولة السعودية بشكل شامل «الأولى والثانية والثالثة» هو كتاب الله وسنة نبيه محمد «صلى الله عليه وسلم»، كما يمثل المصحف والسيف أهمية كبيرة، حيث إن الأول الشرع والآخر قتال أعداء الدين، ولا شك في أن الآلية تختلف بحيث يمثل «السيف» أداة الإصلاح، كما يتم الاعتماد على الحكم مقيدا بالشريعة الإسلامية، وعندما قام الملك عبدالعزيز لم يحِد قدر أنملة واحدة عن حكم آبائه وأسلافه من الدولة السعودية الأولى والثانية.
تاريخ الخبر: 2022-02-22 12:23:55
المصدر: اليوم - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 53%
الأهمية: 66%

آخر الأخبار حول العالم

طقس الأحد.. أمطار رعدية بعدة مناطق من المملكة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 12:26:15
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 68%

الحبس النافذ للمعتدين على “فتيات القرآن” بشيشاوة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 12:26:12
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 54%

ساعة جيب لأغنى ركاب "تايتانيك" بيعت في مزاد لقاء 1,46 مليون دولار

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 12:26:31
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 64%

طقس الأحد.. أمطار رعدية بعدة مناطق من المملكة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 12:26:21
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 69%

ساعة جيب لأغنى ركاب "تايتانيك" بيعت في مزاد لقاء 1,46 مليون دولار

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 12:26:38
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 70%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية