كشفت صفحة «SABAH the Songbird»، على فيس بوك عن تفاصيل تنشر لأول مرة خاصة بالفنانة صباح وفيلم «فاتنة الجماهير».

وقال أدمن الصفحة في منشور له: «في أواخر يونيو 1963 عادت صباح إلى لبنان، في زيارة كان من المفترض أن تكون مؤقتة، لتنفيذ بعض الارتباطات الفنية التي تعاقدت عليها وهي في القاهرة، بينها أوبريت الشلال، ثم فيلم فاتنة الجماهير، إضافة الى سبب آخر كان يشكّل أولوية لصباح، ألا وهو نقل إقامة إبنتها هويدا الى لبنان خوفاً من انتزاعها منها، من قبل عائلة والدها، على أن تظل هي بين القاهرة وبيروت، الّا ان الظروف التي إستجدّت بعد مغادرتها جعلت منها إقامة دائمة».

وأكمل: «وبعد أن أنتهت من اوبريت الشلال والتي عُرِضت من 2 الى 10 أغسطس 1963، باشرت صباح، تصوير فيلم "فاتنة الجماهير" وتسجيل أغانيه في استوديو بعلبك في بيروت، والذي كانت قد اتفقت عليه ووضعت ترتيباته مع المخرج محمد سلمان فيما كانت لا زالت في القاهرة، وبدأ عرض فيلم فاتنة الجماهير في 20 إبريل 1964، بمناسبة عيد الإضحى المبارك، في سينما بيبلوس، أحدث وأجمل الصالات السينمائية في لبنان في ذلك الوقت، وكانت تقع الى جانب سينما ريفولي في وسط بيروت».

وتابع: «وكان هذا الفيلم ثاني فيلم يعرض لصباح عام 1964، بعد فيلم "افراح الشباب" الذي بدأت تصويره في نوفمبر 1963، اي بعد فيلم فاتنة الجماهير، لكنه عرض قبل فيلم فاتنة الجماهير، وتحديداً في 15 فبراير 1964 وليس في 20 ابريل 1964، كما ذكر احد جروبات صباح، الذي ذكر ايضا ان فيلم فاتنة الجماهير عرض ايضاً في ابريل دون ذكر اليوم بالتحديد، وفي إجتهاد شخصي  بعد ورود اعلانات اسطوانات الفيلمين في نفس عدد مجلة الشبكة الصادر بتاريخ 20 ابريل 1964، وعلى عكس فيلم افراح الشباب الذي حقق نجاحاً كبيراً وانتقل عرضه الى سينما اخرى، فإن فيلم فاتنة الجماهير  إستقبل بفتور من الجمهور اللبناني».

فيلم فاتنة الجماهير إنتاج الشركة العربية للسينما - صبّاح اخوان، قصة وحوار سيد المغربي، سيناريو واخراج محمد سلمان، التصوير وتسجيل الاغاني في ستوديو بعلبك، التحميض والطبع في معامل إكلير في باريس، ازياء صباح: مدام صالحة، بطولة صباح، يوسف شعبان، عبد السلام النابلسي (الذي كان ملفتاً ان إسمه في تيتر الفيلم تقدّم اسم البطل يوسف شعبان وبخط اكبر)، إضافة الى شريفة ماهر، جاكلين، كيغام وحسن المليجي وابو الفهم ونجا نصار وآخرين .

 كيف ولد فيلم فاتنة الجماهير وما كانت شروط صباح للموافقة عليه؟ 

وأضاف: «فكرة الفيلم بدأت منذ صيف 1962، إثر مشاركة صباح بفيلم لبنان في الليل، وطلبت صباح تأجيله للصيف التالي لانشغالها بارتباطات عمل في القاهرة وبعض الدول العربية. 

ونامت الفكرة، ثم أعاد سلمان طرحها على صباح في منتصف مارس 1963، وكانت صباح مرتبطة بحفلات في القاهرة لغاية شهر حزيران-يونيو 1963، كما كانت مرتبطة بحفلات في تونس والكويت ودمشق ، إضافة الى أن ظروفها الشخصية كانت مرتبكة، بعد حصولها على حضانة ابنتها، كما كانت حياتها الزوجية مع الإعلامي أحمد فراج في أواخر أيامها وباشرت إجراءات الطلاق،  اضافة الى انها كانت في حالة عدم إستقرار، بين البقاء في مصر او العودة النهائية الى بيروت ، فأعادت صباح طلبها بإرجاء الموضوع إلى الصيف القادم، ولا شك أن صباح ، كانت ايضاً، وكما يبدو، مترددة وقلقة من  فكرة فيلم من إخراج محمد سلمان، وهذا فعلاً ما استشعره سلمان نفسه، فلجأ الى صديقه ، الصحافي الكبير، صاحب ورئيس تحرير مجلتي الموعد وكل شيء، الاستاذ محمد بديع سربيه، فذهب اليه، وطلب منه ان يكلّم صباح في مصر، ويقنعها بمقدرته كمخرج سينمائي، بالموافقة على تمثيل دور البطولة في فيلم من إخراجه . 

وقال سلمان لمحمد سربيه، مستقبلي كمخرج سينمائي بين يديك، فإذا وافقت صباح على تمثيل دور البطولة في فيلم من إخراجي، للحِقَت بها كل نجمات الشاشة المصرية، وعندئذ انضم إلى صفوف المخرجين المعروفين، وتُعرَض افلامي في مصر.

فسأله سربيه، لما لا تكلّمها انت؟  فبينك وبينها زمالة ومحبة وصداقة قديمة مستمرّة. 

فأجابه سلمان: لقد فاتحتها في الامر منذ الصيف الماضي، وأبدت موافقتها المبدئية، وطلبت تأجيل الفيلم للصيف القادم، لكن لم احصل منها على موافقة أكيدة، و كلما اعدت مفاتحتها بالموضوع ترجئ البحث فيه ، يبدو انها مترددة وقلقة، وانت يمكن ان تتحدث عني كمخرج امامها بما لا استطيع انا. 

فقال له سربيه، كيف أقنعها واحدثّها عنك كمخرج وأنا لم أشاهد بعد أي فيلم من إخراجه. 

فردّ سلمان بلهجة عتاب: ولو يا صديقي ، شو ما بتعرف موهبة اخوك ابو سمر ؟ 

وفي نهاية الحوار وعده محمد سربيه بأن يفاتح صباح بالموضوع حين يلتقي بها في القاهرة التي سيزورها بعد أيام . 

وسافر الاستاذ سربيه الى القاهرة، والتقى صباح،  وتكلم معها ونجح في إقناعها بحسب رواية الأستاذ سربيه ،ووافقت على تمثيل الفيلم، لكنها استمهلته بعض الوقت لمراجعة برنامج ارتباطاتها ، ودراسة ظروفها الخاصة ، لكي تحدد الموعد المناسب لها للسفر إلى لبنان وتصوير الفيلم.

لكن موافقة صباح على تمثيل الفيلم، كانت مشروطة بعدة أمور، وهي :

اولاً: أن يكون لها حرية إختيار البطل الذي سيمثّل معها في هذا الفيلم. 

ثانياً: ان يكون لها في الفيلم اغنية من تلحين الموسيقار محمد عبد الوهاب، لكي يكون الفيلم قوياً من الناحية الغنائية والموسيقية فيما لو كان ضعيفاُ من الناحية الإخراجية. 

ثالثاً: أن تستعين خلال تصوير الفيلم بالماكيير الخاص بها الذي تتعامل مه في القاهرة منذ سنوات، اي انه سيكون معها خلال التصوير في لبنان على نفقة الإنتاج. 

وفي هذا الإطار،  زارت صباح يرافقها سربيه، الموسيقار محمد عبد الوهاب، وحصلت على موافقته لتلحين اغنية لها للفيلم العتيد.

وحمل سربيه هذه الأخبار السارّة الى محمد سلمان في بيروت ، وطار سلمان من الفرح، مستجيباً لكل شروط صباح، معرباً عن استعداده لتنفيذ أي شرط آخر او اي طلب حتى لو كان لبن العصفور، مقابل ان تكون بطلة في فيلم من إخراجه. 

وتعبيراً عن فرحته وإمتنانه لنجاح الاستاذ محمد سربيه في إقناع صباح، إختار للفيلم إسم "فاتنة الجماهيـر" وهو اللقب الذي كانت مجلة الموعد تصف به دائماً الفنانة صباح،  وإنصرف بعدها محمد سلمان الى إعداد العدّة لإخراج الفيلم الأهم في حياته، وكان ينتظر بفارغ الصبر وبقلق ايضاً ، برقية من صباح تبلغه فيها بإسم النجم الذي إختارته ليشاركها بطولة الفيلم، إضافة الى موعد وصولها الى لبنان لبدء تصوير الفيلم .

ووصلت البرقية ، في اوائل ايار-مايو 1963، وطلبت فيها صباح من محمد سلمان ان يتعاقد مع الممثل المصري يوسف شعبان لبطولة الفيلم، مضيفة، انها ستوافيه لاحقاً بموعد وصولها. 

وشكّل الإسم مفاجأة لمحمد سلمان و للأستاذ محمد بديع سربيه ايضاً، فقد كانت المرة الأولى التي يسمعان بها بإسم النجم يوسف شعبان. 

وصودف أن كان في بيروت حينها المخرج والمنتج المصري الكبير حلمي رفلة، فسألاه عنه، فقال لهما انه ممثل ممتاز، قدّم بعض الادوار السينمائية، إلا أنه مشهور أكثر في مصر من خلال الدراما التلفزيونية . 

بعدها أبرق محمد سلمان الى صباح في مصر وقال لها بأنه موافق وسوف يتعاقد مع يوسف شعبان فوراً، وبأن المنتج والمخرج حلمي رفلة، سيتولّى إتمام العقد مع يوسف شعبان فور عودته الى القاهرة نيابة عنه. 

وعادت صباح  الى لبنان في يونيو 1963 ، ومع اقتراب بدء تصوير الفيلم،  جاء يوسف شعبان. وانطلق تصوير الفيلم.

ووفى الموسيقار محمد عبد الوهاب بوعده وأهدى صباح لحناً، بدون اي مقابل، وهي اغنية سنة حلوة يا جميل،  وبعد ان فرغ عبد الوهاب من تلحينها،  ارسلها الى الأخوين رحباني في بيروت لكي يقوموا بتوزيعها وقاما بتحفيظ صباح اللحن . 

وليس هذا فحسب، بل قام الأخوين رحياني أيضاً،  بإهداء صباح  اغنية ثانية وهي اغنية "جيب المجوز يا عبود وهي من تأليفهما وتلحينهما بطبيعة الحال".

فاتنة الجماهير في مهرجان بيروت السينمائي 1963؟

كان من المفترض أن يعرض فيلم فاتنة الجماهير في مهرجان بيروت السينمائي الثالث الذي عقد في الأسبوع الأخير من سبتمبر 1963، إلا أنه لم يجهز في الموعد المحدد، وقد تبقّى له بضعة أيام وينتهي. فقام محمد سلمان بعرض فيلم قصير ضمن فعاليات المهرجان تضمّن مشاهد من الفيلم وكواليسه ومشاهد له وهو يقوم بإخراجه ختمه بأغنية سنة حلوة يا جميل ، على سبيل الدعاية للفيلم ، وبالطبع لنفسه، كمخرج سينمائي، وكانت هذه فرصته الذهبية، أمام هذا الحشد من كبار نجوم السينما والسينمائيين المصريين والأوروبيين.

كما دعا محمد سلمان، معظم ضيوف المهرجان من النجوم والسينمائيين إلى ستوديو بعلبك لمشاهدة تصوير المشاهد الأخيرة للفيلم، وبالفعل وحسب الصحف، حضر أكثر من ثلاثة أرباع النجوم.