الدار/ تحليل
بدأت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، اليوم الخميس زيارة الى الرباط، هي الأولى من نوعها، منذ عودة الدفء الى العلاقات بين البلدين، عقب التوتر الذي استمر لعام كامل، بسبب قضايا عدة.
زيارةٌ تأتي كتتويج لسلسة من المباحثات، التي جرت طيلة الأشهر الأخيرة، على مستوى الدبلوماسيين في البلدين، بهدف تقريب الرؤى وإنهاء سوء الفهم، وتعزيز فرص التعاون بينهما.
والأكيد أن المراقب للشأن الدولي، يلحظ عزم البلدين على الدفع بالعلاقات بينهما، إلى آفاق أكبر مما كانت عليه قبل “الأزمة”، مع التأكيد على أهمية التنسيق الدائم والمستمر في معظم القضايا التي تخصهما.
ويعكس اجتماع الوزيرين “ناصر بوريطة” و “أنالينا بيربوك”، رغبة البلدين في مواصلة العمل معا مستقبلا، ضمن اطار من الاهتمام المشترك بتكثيف ومشاركة التعاون الثنائي من أجل تنمية “روح الشراكة والاحترام المتبادل”.
ويعتمد التعاون بين المغرب وألمانيا في المقام الأول على التنمية الاقتصادية والمستدامة، بما في ذلك العمل المشترك في مجالات مثل التنمية المستدامة والمناخ والطاقة المتجددة والمياه. وتبرز في هذا الصدد، الإمكانات الهائلة التي يتمتع بها كلا البلدين، فضلاً عن رغبتهما في إعطاء دفعة إيجابية، لتجاوز التداعيات التي واجهها العالم خلال أزمة كوفيد19 .
ينضاف اليها، الحرب الروسية الاوكرانية، التي يُرجح أن تدفع بدورها، في اتجاه زيادة تعميق العلاقات الألمانية المغربية، بالنظر الى ما تكتسيه “شراكة الطاقة مع الرباط” من أهمية خاصة بالنسبة لبرلين. حيث أنه وبمساعدة المغرب، يمكن لألمانيا أن تنجح في تقليل اعتمادها على الغاز الروسي، وفي الآن نفسه، استخدام الهيدروجين الأخضر من الصحراء المغربية لتعزيز مكافحة تغير المناخ.
على الجانب الآخر، تعد ألمانيا شريكًا اقتصاديا مهمًا للمملكة، حيث سُجلت زيادة في الاستثمارات الألمانية المباشرة منذ عام 2015، وفقًا لبيانات “البنك الفدرالي الألماني. ليرتفع مستوى الاستثمارات الألمانية المباشرة من 213 مليون يورو سنة 2015 إلى 1.3 مليار أورو في 2020. وبالمثل، فإن عدد الشركات الألمانية التي تم توطينها في المغرب، تضاعف تقريبًا ليصل الى ما يناهز 100 شركة.
وبفضل الاستثمارات من كلا الجانبين في قطاعات صناعة السيارات والإلكترونيات والخدمات اللوجستية، وهي القطاعات التي ستظل أساسية في المستقبل، أصبح الرفع من مستوى الاستثمار الألماني، -ليتجاوز نظيره الفرنسي-، قابل للتحقق على أرض الواقع خلال سنوات قليلة، وهو ما يتماشى مع رغبة المغرب في تنويع شركائه الاقتصاديين.
كما أن استمرار جهود التعاون بين البلدين يمكن أن يتيح للمملكة المغربية الاستفادة من الخبرة الألمانية في مجاليْ الرقمنة أو التحول البيئي، وهي قيمة مضافة حقيقية للمغرب. ضف على ذلك أن السياق الدبلوماسي المتميز بين البلدين، مثلما يُستشف من الدعم الألماني للمقترح المغربي القاضي بمنح حكم ذاتي للصحراء المغربية، هو إضافة أخرى لتوتيق وتقوية العلاقات بين البلدين.