تواصل تركيا تحركاتها الدبلوماسية المكثفة بشكل مثير للانتباه، لا سيما أنها باتت أكثر حضوراً على الصعيد الدولي منذ اندلاع الحرب الروسية-الأوكرانية أواخر فبراير/شباط الماضي.

إذ انخرطت تركيا في دور الوساطة بين موسكو وكييف، منذ الأيام الأولى لاندلاع الاشتباكات بينهما، وذلك عبر نجاحها في ترتيب لقاء بين وزيرَي خارجية روسيا وأوكرانيا، على هامش منتدى أنطاليا الدبلوماسي.

مساعي تركيا لوقف إطلاق النار بين موسكو وكييف ووضع حد لأزمتَي الطاقة والغذاء حول العالم، حظيت بدعم وإشادة من دول عدة أبرزها الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا، إلى جانب منظمات دولية بارزة مثل حلف شمال الأطلسي (ناتو) والاتحاد الأوروبي.

انتصارات تركيا الدبلوماسية

الحرب الروسية-الأوكرانية فتحت الباب أمام مرحلة تشهد مخاوف متزايدة تشعر بها الدول المجاورة لروسيا.

الأمر الذي دفع كلاً من فنلندا والسويد (المجاورتين لروسيا) لتقديم طلب انضمام إلى الناتو، لتتجه الأنظار من جديد إلى تركيا.

إذ واجه البلدان الأوروبيان رفضاً تركيّاً لانضمامهما إلى الناتو، لاحتضانهما على أراضيهما فاعليات لتنظيمَي كولن وPKK الإرهابيين، إلى جانب فرضهما عقوبات تجارية واقتصادية على تركيا.

وفي ظل هذه التطورات أطلق أطراف دوليون بارزون مثل أمين عام الناتو ينس ستولتنبرغ والرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون مبادرات حول الموقف التركي من انضمام فنلندا والسويد إلى الحلف.

وفي هذا الإطار شكلت القمة الثلاثية التي جمعت تركيا وفنلندا والسويد أبرز محطات قمة دول أعضاء الناتو في العاصمة الإسبانية مدريد بين 28 و30 يونيو/حزيران الماضي، شهدت اتخاذ قرارات حساسة أبرزها قبول فنلندا والسويد، عبر اتفاق مكتوب، المطالب المُحقة لتركيا.

مواقف تركيا خلال قمة الناتو في مدريد ونيْلُها دعمَ دول بارزة في صفوف الحلف دفع اليونان إلى انتهاج ليونة في مواقفها العدائية المتواصلة منذ سنوات تجاه أنقرة.

وظهر هذا الأمر جلياً في طلب رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس موعداً للقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على هامش قمة مدريد لإجراء مباحثات حول المسألة القبرصية، إلا أن أنقرة ردت على ذلك بالإشارة إلى أن قبرص المكان المناسب للحديث حول هذا الموضوع، الأمر الذي سجل نجاحاً دبلوماسياً لتركيا.

توازنات الشرق الأوسط

إلى جانب هذه التطورات في العالم الغربي شهدت منطقة الشرق الأوسط تحولات فتحت الباب أمام مرحلة جديدة في المنطقة.

في ظل هذه التطورات لجأت تركيا إلى إعادة ترتيب الأوراق السياسية والاقتصادية ضمن المنظومة الديمقراطية والتوازنات الإقليمية.

وفي هذا الإطار أجرت عدداً من اللقاءات والاتصالات لتعزيز العلاقات الثنائية مع كلّ من الإمارات العربية المتحدة والسعودية ومصر.

وإلى جانب هذا ساهم الاجتماع السابع في طهران في إطار عملية أستانا الذي ضم زعماء تركيا وروسيا وإيران في تحريك الملف السوري.

خلاصةً كثفت تركيا تحركاتها الدبلوماسية منذ يناير/كانون الثاني الماضي، ما عزز دورها ومكانتها في النظام الدولي.

TRT عربي - وكالات