ماذا لو لم يذهب الرئيس السادات إلى القدس؟


مرت، منذ أيام، الذكرى الرابعة والأربعون لزيارة الرئيس السادات إلى القدس وإلقائه خطابا تاريخيا بمعنى الكلمة أمام البرلمان «الكنيست» الإسرائيلى. ويتذكر معاصرو تلك الزيارة ما تعرض له الرئيس الراحل من اتهامات داخل مصر وخارجها من قبل معارضى تلك الزيارة من المصريين والعرب.

لقد سارع فريق من المصريين والعرب إلى كيل أشد الاتهامات قسوة إلى الرئيس السادات، الرجل الذى قاد مصر والمصريين قبل أربعة أعوام فقط لمحو عار هزيمة يونيو الكارثية بنصر مؤزر فى ملحمة العبور العظيمة.

وعارض هذا الفريق اتفاقيتى كامب ديفيد، وهاجم معاهدة السلام المصريةـ الإسرائيلية، وتمت معاقبة مصر بتعليق عضويتها فى جامعة الدول العربية، وبنقل مقر الجامعة من القاهرة إلى تونس العاصمة، وبقطع علاقات معظم الدول العربية معها. نهج الرئيس السادات نهجا اعتقد فى صحته، وحداه الأمل أن يتوصل إلى بداية حل للقضية الفلسطينية فى اتفاقيتى كامب ديفيد عام 1978، بيد أنه عدل عن ذلك بسبب الرفض الفلسطينى والعربى، وقرر عقد معاهدة سلام مصرية ـ إسرائيلية فى العام 1979.

وبغض النظر عن الذرائع الواهية التى ساقها معارضو مبادرة الرئيس السادات، وعن العقوبات القاسية التى أقدمت عليها الدول العربية فى مواجهة مصر وشعبها، يتضح، بجلاء، بعد أكثر من أربعة عقود، صواب رؤية الرئيس السادات ونهجه، وتهافت مواقف معارضيه. فلقد تمكنت مصر من تحرير جزء من أراضيها المحتلة فى سيناء بعد نصر أكتوبر المجيد، واستكملت تحرير سيناء بعد مفاوضات شاقة انتهت بمعاهدة السلام التى أجبرت إسرائيل على الانسحاب من شبه جزيرة سيناء، ثم استعادت منطقة طابا من خلال معركة التحكيم.

وعلى الجانب الآخر، لايزال أنصار النهج الذى اتهم الرئيس السادات بأقسى الاتهامات سادرا فى غيه يتحدث عن أوهام لا وجود لها على أرض الواقع. ولاتزال إسرائيل تحتل الجولان السورية، وتنشئ المستوطنات فى الضفة الغربية، وتتحدث عن «السلام مقابل السلام»، وليس عن «الأرض مقابل السلام»، وتثبت أقدامها كدولة «طبيعية» فى المنطقة.

لقد شاءت إرادة الله أن يتم اغتيال السادات قبل أشهر قلائل من إتمام الانسحاب الإسرائيلى من سيناء، وبعد أربعين عاما من اغتياله، لايزال معارضو نهجه يناضلون فى القنوات الفضائية ويلقون خطابات حماسية، ويصفون الهزائم المهينة بكونها انتصارات تاريخية.

يكفى السادات أنه تقلد رئاسة مصر وشبه جزيرة سيناء محتلة بالكامل، وقناة السويس مغلقة، ومدن القناة مدمرة، وسكان محافظات القناة خارج مدنهم وقراهم. وعندما تم اغتياله غدرا، كانت معظم أراضى سيناء قد تم تحريرها، واستكمل التحرير بعد عدة أشهر من اغتياله، وأعيد افتتاح قناة السويس، وتم تعمير محافظات القناة وعاد سكانها إليها.

وليت جميع المصريين والعرب يعيدون قراءة خطاب السادات فى القدس، والذى لم يحظ بالاهتمام اللائق بسبب معارضة «المناضلين بالصراخ». لقد كان خطاب الرئيس السادات فى القدس من أفضل خطاباته، إلى جانب خطابه فى مجلس الشعب أثناء حرب أكتوبر، حيث كان خطابا لقائد منتصر، بليغا فى ألفاظه وعباراته، قويا فى الدفاع عن الحقوق العربية، ولاسيما الفلسطينية، ولم يكن خطابا انهزاميا كما روج كذبا معارضو نهجه من المصريين والعرب.

نقلا عن "المصري اليوم"

تاريخ الخبر: 2022-09-27 03:18:15
المصدر: العربية - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 77%
الأهمية: 99%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية