"ميليشيا بن غفير".. تحذيرات من انقسام إسرائيلي ومخاوف من زيا


كتبت- سلمى سمير:

أثار اقتحام الشرطة الإسرائيلية للحرم القدسي ليل الثلاثاء سلسلة إدانات عربية ودولية أجمعت على رفض العنف والدعوة إلى تجنب التصعيد. وسط مشاهد العنف التي تداولتها وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، زعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إسرائيل ملتزمة بالحفاظ على حرية العبادة وحرية الوصول إلى جميع الأديان والوضع الراهن في الحرم القدسي. فيما أعلنت قوات الاحتلال اعتقال أكثر من 350 شخصًا في الحرم القدسي.

في الوقت الذي اشعل فيه الاحتلال الأحداث في الأقصى، تواجه حكومة نتنياهو انقسامًا غير مسبوقًا منذ عدة أشهر بسبب التعديلات التي تسعى لإدخالها على نظام القضاء، واضطرت لتأجيلها بعد مظاهرات وإضراب عام في البلاد، بعد توقيع صفقة مع وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير، الذي يسعى جاهدًا لإنشاء حرس وطني تحت إدارته.

الصفقة التي أعلنت في ظل توتر الأوضاع الداخلية في إسرائيل "التأجيل مقابل الحرس" ظهرت أولى ملامحها بتصديق حكومة الاحتلال على تأسيس الحرس الوطني الإسرائيلي وإخضاعه للوزير المتطرف بن غفير، الذي قاد اقتحامات لباحات الأقصى سابقًا قبل وبعد توليه منصبه والمتهم بتمويل المنظمات الإرهابية اليهودية، فضلاً عن تصريحاته العنصرية ودفاعة عن المتطرفين في بلاده.

وسط التوترات التي تشهدها القدس تحدثت صحيفة "الإيكونوميست" الأربعاء عن خطورة تأثير تولي بن غفير لرئاسة الحرس الوطني المزمع تشكيله على الفلسطينيين، مشيرة إلى أنه أُدين بالتحريض والكراهية ضد العرب، وتمويل المنظمات الإرهابية اليهودية. مشيرة إلى قلق المراقبين، من عمل الحرس الوطني كميليشيا ممولة من القطاع العام، خاصة مع وضعها في يد زعيم لأكبر الأحزاب المتطرفة مما يشكل خروجًا عن الأعراف القانونية.

المعارضة الإسرائيلية أعربت عن قلقها وحذرو من "حرس بن غفير" وقال كبار قادة في شرطة الاحتلال بينهم قائد الشرطة السابق، موشيه كرادي، إن وزير الأمن القومي قد يستخدم حرسه لإحداث انقلاب على السلطات الإسرائيلية، الأمر الذي وافقه عليه قائد الشرطة الحالي كوبي شبتاي.

وحذر شبتاي، من تبعات سيطرة بن غفير على الحرس الوطني، متوقعًا أن يحدث أضراراً واسعة ستصيب سلامة وأمن المواطنين الإسرائيلين. واعتبر أن فصل الحرس الوطني عن سيطرة الشرطة من شأنه أن يدمر الأمن الشخصي، ويكون مضيعة للموارد ويؤدي إلى تفكك الشرطة الإسرائيلية من الداخل، منادياً بضرورة إبقاء جميع الأجهزة الأمنية تحت سقف رقابة واحدة.

من جانبه اعتبر يائير لابيد رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، أن إنشاء حرس وطني تابع ل بن غفير، بمثابة تحويل "ميلشيات البلطجية" الخاصة بالوزير المتطرف إلى حرس وطني يجلب الإرهاب والعنف في كل مكان بالبلاد، حسبما ذكرت صحيفة "فرانس 24" الفرنسية.

رغم التحذيرات من الجهاز الجديد ككل، يرى معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، أن الحرس الوطني الإسرائيلي فكرة جيدة لكن خطورته تكمن في تركه تحت يد بن غفير وفي معزل عن الشرطة الإسرائيلية، وسط توقعات بعجز جهاز الشرطة في التعامل مع مهامه إضافة إلى إلحاق الضرر بهيئات الأمن الأخرى أهمها جيش الدفاع الإسرائيلي، وشدد المعهد على ضرورة رفض الحكومة لمثل هذا المقترح، والتركيز على إنشاء حرس وطني يكون جزء من الشرطة الإسرائيلية.

ما هو الحرس الوطني؟

الحرس الوطني هي قوة أمنية، تابعة لدولة الاحتلال، مزمع تشكيلها قوامها 2000 جندي، بطلب من بن غفير الذي اشترط تكوينه مقابل موافقته على الانضمام للحكومة، لكن نضجت الفكرة بشكل واضح لدى اندلاع المظاهرات بشأن التعديلات القضائية التي أراد نتنياهو إدخالها على القضاء لزيادة صلاحياته، ومع مواجهة نتنياهو حالة رفض الكبيرة للتعديلات قرر التراجع عنها بشرط من بن غفير بالموافقة على إنشاء الحرس الوطني تحت إمرة الوزير المتطرف الذي هدد بالانسحاب من الحكومة حال عدم الموافقة.

سيتم تفويض الحرس الوطني، بمهام أمنية، كالتعامل مع الجرائم، والاشتباكات، واستعادة الحكم وقت اللزوم، وخصصت الحكومة الإسرائيلية مليار شيكل من ميزانيتها في سبيل إقامته كما ذكرت صحيفة "الإيكونوميست"، وليست تلك المرة الأولى التي يتشكل فيها حرس وطني داخل إسرائيل، فكانت تلك آخر خطوات الحكومة الإسرائيلية السابقة وهي حكومة نفتالي بينيت، الذي أعلن تشكيل حرس وطني قبيل مغادرته، وتألف حينها من قوات إسرائيلية نظامية وقوات احتياطية ومتطوعين في حرس الحدود، بهدف تعزيز الأمن الداخلي، بسبب تحديات واجهت المنطقة وقتها، التمس خطورتها حينها، ورأى ضرورة معالجتها سريعا.

ولم يتضح حتى الآن الجدول الزمني، الذي سيستغرقه تشكيل تلك القوة الأمنية، فوفق، "ذا تايمز أوف إسرائيل" من المحتمل أن يستغرق الأمر أشهر، وذكر بيان لمجلس الوزراء الإسرائيلي، أن لجنة من المهنيين من مختلف الأجهزة الأمنية والجهات الحكومية ستنظر في مختلف الصلاحيات الممنوحة للحرس الوطني وجهات الرقابة المسؤولة عنه خلال 90 يوما

ما تأثير الحرس الوطني على الفلسطينيين؟

من المقرر أن يعمل الحرس الوطني تحت مسئولية بن غفير، صاحب السوابق الجنائية والدعوات للتطهير العرقي للعرب، مع إدانته عام 2007 بالعنصرية لحمله لافتة كتب عليها "الموت للعرب"، وفي سبيل ذلك ندد المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية، بخطورة الحرس الوطني على الفلسطينيين، قائلا في بيان "إن تلك الهيئة ليست سوى ميليشيا مسلحة تحت غطاء قانوني لمحاربة الفلسطينيين ولتعزيز الفصل العنصري".

وأثار البيان التخوفات من نقل صلاحيات جهاز الشرطة الإسرائيلية، إلى متطوعين مدنيين سيعملون بالحرس الوطني، والذي طالب المركز بإلغائه في رسالة أُرسلت إلى المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، جالي باهراف، ونتنياهو، وبن غفير، الذي يترأس حزب "عوتسما يهوديت" المتشدد، وكانت أول تصريحاته عن استخدام الحرس الوطني لإنهاء ما وصفه بـ "الفوضى" في منطقة النقب التي تحتوي على أعداد كبيرة من العرب البدو من ذوي الأدوار البارزة في المنطقة، وتحدثت مصادر لصحيفة "ذا تايمز أوف إسرائيل" عن سعي بن غفير للسيطرة على إدارة المدن المختلطة التي تحوي عرب ويهود مثل اللد والرملة.

ورغم أن بن غفير حاول غسل خطاياه في الماضي، بقوله إنه لا يريد تكرارها، لكن لم يمر العام على رفع بن غفير مسدسه في أحداث حي الشيخ جراح، لإخلاء الفلسطينيين منازلهم بالقوة للمستوطنين، وكان حينها عضو بالكنيست، فوفق حديث ناتاشا روث رولاند، المحللة السياسة، لصحيفة، "ذا يموكراسي" الأمريكية، فإن بن غفير لا يذهب فقط للمناطق المتأججة بالاشتعالات بل يفتعل بنفسه حالة العدوان، ضد الفلسطينيين، والدليل على ذلك توثيق مرتين حيث أطلق النار من مسدسه على فلسطينيين، وتكمل ناتاشا باحتمالية وجود مرات أخرى حيث أطلق بن غفير النار، من مسدسه.

وسبق أن علق بن غفير على قرار الحرس الوطني قائلاً إنه سيكون وسيلة للرد على أعمال الشغب التي شهدتها المدن التي تحتوي على عرب ويهود، عام 2021، حسب تعبيره، وقلل البعض من أهمية إنشاء حرس الوطني الذي يسعى بن غفير إليه، نظراً لعمد الحكومة الأخيرة، لإنشاء وحدات أخرى تقوم بنفس الدور المزمع كحرس الحدود والشرطة،

وذكرت صحيفة "ذا هيل" الأمريكية، أن البعض يرى احتمالية استخدام بن غفير للحرس الوطني الجديد كوسيلة لقمع المتظاهرين، في حالة الاعتراض على التمرير القانوني الذي يستهدف تعديل نظام القضاء، وأضافت الصحيفة أن الحرس الوطني بمثابة جيش تحت إمرة بن غفير.

اقرأ أيضًا:

تاريخ التوترات في الشهر الكريم.. هل يندلع نزاع فلسطيني إسرائيلي في رمضان؟

متطرف في منصب وزير.. من هو بن غفير قائد اقتحام الأقصى؟

تاريخ الخبر: 2023-04-06 03:24:03
المصدر: مصراوى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 56%
الأهمية: 51%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية