آمال كبيرة تعقدها الشعوب العربية على القمة ٣٢ للزعماء والقادة والملوك العرب، التى تستضيفها مدينة جدة السعودية، الجمعة، فى ظل لحظة تاريخية حاسمة يتحدد على ضوئها المستقبل، إذ تعصف الأزمات الاقتصادية والسياسية والعسكرية بعدة دول.

ويولى القادة أهمية كبرى لملف الاقتصاد فى القمة المرتقبة، جنبًا إلى جنب مع تصفير الأزمات السياسية العسكرية، وفى مقدمتها الحرب فى السودان، والتصعيد الإسرائيلى فى الأراضى المحتلة. ويرفع وزراء الاقتصاد العرب توصياتهم بشأن القضايا الاقتصادية والاجتماعية للقادة المشاركين بالقمة قبيل انعقادها، وتتضمن عدة استراتيجيات عربية للسياحة والاتصالات والمعلومات والأشخاص ذوى الإعاقة. وانطلقت أعمال الاجتماع الاقتصادى والاجتماعى التحضيرى للقمة، أمس الأول الإثنين، بمشاركة رسمية للوفد السورى وحضور وزيرة الاقتصاد السورية. وقال وزير المالية السعودى، محمد الجدعان، فى كلمته خلال الاجتماع، إن الأزمات العالمية المتتالية والتحديات التنموية والاقتصادية المشتركة أظهرت أهمية التكامل الاقتصادى بين الدول العربية، مؤكدًا أن الظروف الحالية تتطلب تطوير نماذج مالية مستدامة تساهم فى تعزيز المرونة لمواجهة التحديات فى المنطقة.

وأوضح أن المملكة قدمت ١٠ مليارات دولار للحفاظ على الأمن الغذائى العربى وقدمت عدة مبادرات لمواجهة التحديات الاقتصادية بالمنطقة. من جهته، نبه الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبوالغيط، إلى تراكم التحديات الخطيرة التى يتعرّض لها البنيان العربى وأركانه الأساسية، إذ أفرزت موجة جديدة من موجات النزوح واللجوء فى المنطقة. ودعا فى كلمته إلى تعزيز العمل العربى الاقتصادى والاجتماعى من أجل تخفيف المعاناة عن الفئات الضعيفة فى المجتمعات العربية، وتلك التى تواجه مصاعب متراكمة.

فى السياق ذاته، يأتى ملف السد الإثيوبى على رأس الملفات المهمة، التى تناقشها القمة العربية، بما يشكله من خطورة بالغة على مصر والسودان خاصة بعد تقديم مصر مشروع قرار لجامعة الدول العربية لمناقشته، فى ظل رفض أديس أبابا تدخل الجامعة العربية فى هذا الملف باعتباره شأنًا إفريقيًا وليس عربيًا.

من جهته، دعا وزير الخارجية، سامح شكرى، خلال كلمته أمام مجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية، فى مارس الماضى، الدول العربية إلى القيام بدور داعم للموقف المصرى فى هذه القضية، خاصة أنها تعد إحدى أكثر الدول جفافًا.

واعتبر أن هناك ضرورة لصياغة عمل عربى جماعى للحفاظ على الأمن بالدول العربية من خلال منع التدخل فى الشئون الداخلية، ومنع تفاقم الأزمات.

وقال «أبوالغيط»، فى تصريحات سابقة، إن إثيوبيا تريد أن يكون ملف السد فى الاتحاد الإفريقى؛ حتى لا يتحرك شىء، مؤكدًا أنه على مجلس الأمن تحمل مسئولياته فيما يتعلق بالسد الإثيوبى؛ لأن ما تقوم به أديس أبابا يهدد الأمن والسلم الدوليين.

ونبه إلى أن سد إثيوبيا يهدد المجتمعات الزراعية فى مصر والسودان، لافتًا إلى أهمية أن يشكل مجلس الأمن مجموعة عمل بمشاركة الدول دائمة العضوية، وإجراء تسوية بشأن السد.

وكعادتها تأتى القضية الفلسطينية وتطوراتها فى صدارة الملفات المطروحة للنقاش فى القمة العربية، حيث تشهد الأراضى المحتلة فى الآونة الأخيرة توترات عديدة فى ظل الانتهاكات التى تمارسها إسرائيل وغاراتها المستمرة التى تستهدف المدنيين، ما دفع الفصائل الفلسطينية للرد بإطلاق مئات الصواريخ على المناطق المتاخمة لقطاع غزة فى واحدة من أسوأ جولات العنف بين الجانبين منذ أشهر.

وقال مندوب فلسطين لدى الجامعة، السفير مهند العكلوك، إن لجنة وزارية ستعقد على هامش أعمال القمة لبحث عدة ملفات مهمة تخص القضية الفلسطينية، مؤكدًا أن الرئيس الفلسطينى محمود عباس سيشارك على رأس وفد رفيع المستوى.

وأضاف أن اللجنة الوزارية ستترأسها الجزائر، باعتبارها الرئيس الحالى للقمة العربية، وتضم: الأردن، وفلسطين، ومصر، والمغرب، وموريتانيا، ولبنان، وقطر، والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط، لبحث الحماية الدولية للشعب الفلسطينى، ومتابعة حصول دولة فلسطين على العضوية الكاملة فى الأمم المتحدة وحشد الدعم الدولى اللازم، وتوسيع الاعتراف بدولة فلسطين، فى إطار حل الدولتين، وعقد مؤتمر دولى للسلام وفق رؤية الرئيس محمود عباس.

فى السياق ذاته، تشكل الأزمة السودانية أحد أبرز التحديات فى القمة العربية، إذ تفرض حرب السودان نفسها على طاولة النقاشات، وتهدد تطورات الأحداث بحرب مستمرة تستنزف موارد البلد العربى.

وتلقى رئيس مجلس السيادة السودانى الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، دعوة للمشاركة فى القمة، حيث يسعى القادة العرب إلى الوصول لحل ينهى الصراع الداخلى بهدف احتواء الأزمة الإنسانية المتفاقمة بالخرطوم وسائر البلاد.