هل يمكن للدول العربية والإسلامية التوسط لوقف إطلاق النار؟

صدر الصورة، Getty Images

التعليق على الصورة،

انعقدت القمة العربية الإسلامية في الرياض بحضور الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي

  • Author, عاطف عبد الحميد
  • Role, بي بي سي - القاهرة

أصدرت القمة العربية الإسلامية التي استضافتها السعودية السبت بيانها الختامي تضمن "إدانة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وجرائم الحرب والمجازر الهمجية الوحشية واللاإنسانية التي ترتكبها حكومة الاحتلال الاستعماري"، بحسب البيان.

ودعا البيان إلى "كسر الحصار على غزة والسماح بدخول قوافل مساعدات إنسانية عربية وإسلامية ودولية إلى القطاع ووقف صادرات الأسلحة والذخائر إلى إسرائيل".

كما طالب مجلس الأمن باتخاذ قرار حاسم ملزم يفرض وقف العدوان ويكبح ما وصفه بـ "جماح سلطة الاحتلال الاستعماري التي تنتهك القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وقرارات الشرعية الدولية".

وطالب أيضا جميع الدول بوقف تصدير الأسلحة والذخائر إلى "سلطات الاحتلال التي يستخدمها جيشها والمستوطنون الارهابيون في قتل الشعب الفلسطيني وتدمير بيوته ومستشفياته ومدارسه ومساجده وكنائسه وكل مقدراته".

وقد انعقدت القمة العربية الإسلامية الطارئة في العاصمة السعودية الرياض السبت لمناقشة معاناة الفلسطينيين في غزة المتواصلة منذ أكثر من شهر جراء القصف الإسرائيلي والعملية البرية التي تقوم بها القوات الإسرائيلية. وليست هذه هي القمة العربية والإسلامية الأولى التي تنعقد بشأن غزة.

تخطى قصص مقترحة وواصل القراءة
قصص مقترحة
  • هل يمكن أن تؤثر الحرب في غزة على إمدادات النفط والغاز العالمية؟
  • هل يمكن أن يُسقط الناخبون العرب والمسلمون جو بايدن بسبب دعمه إسرائيل؟
  • العكلوك في بلا قيود: كنا ننتظر مواقف غير مسبوقة من الدول العربية
  • هل تغيرت لهجة أردوغان من "إدانة إسرائيل" إلى "الحياد"؟

قصص مقترحة نهاية

وسوف نستعرض فيما يلي ما الذي يمكن أن تقدمه مثل هذه القمم والاجتماعات العادية والطارئة للقضية الفلسطينية وما قد تحدثه من تغيير على صعيد حصار وقصف غزة المستمر الذي يصل بالأوضاع في القطاع إلى حد الانهيار على الصعيد الإنساني والأمني وعلى كافة المستويات جراء هذا التصعيد.

وعلى الرغم من المطالبات المستمرة بوقف إطلاق النار في غزة أو على الأقل الدخول في هدنة إنسانية – وهي المطالبات التي رددتها القمة العربية الإسلامية الطارئة في الرياض – توقع حازم الضمور، مدير عام معهد ستراتيجيكس للدراسات والابحاث الاستراتيجية، أن ما توصلت إليه هذه القمة قد لا يكون له أثر كبير على أرض الواقع.

بيد أنه رأى في الوقت نفسه أن بإمكان بعض الدول العربية والإسلامية التوسط لعقد هدنة بفضل علاقات بعضها مع حركة المقاومة الفلسطينية حماس، وبالجانب الإسرائيلي.

  • بدء الاجتماعات التحضيرية للقمة العربية بمشاركة وفود سورية
  • "شقاق" في أروقة الخارجية الأمريكية إزاء السيناريوهات المتوقعة لقطاع غزة بعد انتهاء المعارك - صحف
تخطى البودكاست وواصل القراءة

بودكاست أسبوعي يقدم قصصا إنسانية عن العالم العربي وشبابه.

الحلقات

البودكاست نهاية

وقال الضمور في هذا الصدد لبي بي سي إن "الآثار ستكون متواضعة نسبياً، حيث من الممكن أن تساهم في التهدئة بحكم الجهود الأمريكية المبذولة في هذا السياق، كما بحكم وجود قيادة حركة حماس في القاهرة قبيل القمة العربية الإسلامية، وذلك من خلال التنسيق مع حماس والاتفاق على ترتيبات التهدئة وتفاصيلها".

وأضاف: "لا يتوقع أن تساهم القمة في وقف إطلاق النار في ضوء الموقف الإسرائيلي الرافض لذلك، والموقف الأمريكي الداعم للموقف الإسرائيلي، علاوة على أن من يقرر ذلك هو الإدارة الأمريكية التي قام مسؤولوها بجولات مكوكية في المنطقة، أبرزهم وزير الخارجية، ومدير وكالة المخابرات المركزية".

وخلص إلى القول إن "كل ما يمكن أن تقوم به القمة العربية الإسلامية وغيرها من الاجتماعات المماثلة هو إصدار البيان الختامي التقليدي المعتاد بعد كل قمة عربية، والدعوة إلى تنسيق الجهود العربية لإغاثة غزة وإرسال المساعدات لها، والتأكيد على الحل السياسي الشامل للقضية الفلسطينية، والحرص على عدم امتداد الحرب وتوسعها إقليميا".

وانعقدت هذه القمة الطارئة بعد أكثر من شهر من الهجوم الذي شنته حركة حماس على منطقة غلاف غزة داخل إسرائيل، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، واحتجاز 239 آخرين كرهائن، وفقا للسلطات الإسرائيلية.

وفي المقابل، أدى الهجوم الإسرائيلي المكثف بكل أشكاله – الذي يستمر حتى وقت كتابة هذا التقرير – على قطاع غزة إلى مقتل 11078 فلسطينيا، من بينهم حوالي 4506 طفلا، وفقا لوزارة الصحة التابعة لحماس في غزة.

لكن أنس القصاص، خبير الشؤون الدولية والاستراتيجية وعضو لجنة الجيوبوليتيك بالجمعية الدولية للعلوم السياسية، لم يكن متحمسا بشأن قدرة الدول العربية والإسلامية على إحداث أثر مادي على أرض الواقع والتوصل إلى تهدئة في قطاع غزة، مفضلا أن "تكون هناك وقفة مع النفس من قبل الدول المشاركة لإضفاء قدر من الفاعلية والتأثير على قرارات وتوصيات المنظمات العربية والإسلامية".

وقال القصاص لبي بي سي: "منذ انعقاد القمة العربية في بيروت عام 2002 وما طرحته من مبادرة السلام العربية برعاية سعودية و الأداء العام للجامعة العربية على مستوى التنسيق بين الأعضاء وتحديد أجندة العمل العربي آخذ في التدهور."

وأضاف: "من الجيد طلب وقف إطلاق النار والسماح بتيسير السبل وفتح المعابر لإدخال المعونات الإنسانية، لكن الجامعة العربية تحتاج لأن تقوم بدور أكثر فعالية مع أطراف العمل الدولي من منظمات إقليمية ودولية بالضغط لإيجاد صيغة محددة لوقف إطلاق النار، مع الأخذ في الاعتبار العلاقات الدبلوماسية الرفيعة للدول العربية في هذه المنظمات الدولية والأممية".

الوضع الإنساني في غزة

صدر الصورة، GETTY IMAGES

التعليق على الصورة،

يعاني القطاع الصحي في غزة انهيارا وسط حصار يمنع وصول الإمدادات الطبية والغذائية ومياه الشرب والكهرباء والوقود إلى القطاع

لم تمر أيام قليلة على هجوم حركة حماس على بلدات إسرائيلية متاخمة لقطاع غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حتى أعلنت إسرائيل عن فرض حصار شامل على قطاع غزة يتضمن إغلاق المعابر كافة وقطع الإمدادات الكهربائية والمياه والغذاء والطاقة عن القطاع.

وإضافة إلى القصف المكثف، سواء في شكل غارات جوية إسرائيلية أو توغل بري للقطاع، طال القصف الإسرائيلي العديد من المنشآت الطبية ومراكز الرعاية الصحية في غزة لتخرج تماما من الخدمة علاوة على منشآت رعاية صحية أخرى توقفت عن العمل بسبب العجز الحاد في الوقود اللازم لتوليد الكهرباء اللازمة لرعاية المرضى جراء الحصار الإسرائيلي الشامل، من بينها وحدة رعاية صحية لحالات حرجة مثل مستشفى الصداقة التركي في غزة، وهو المنشأة الطبية الوحيدة في القطاع التي كانت تقدم الرعاية الصحية لمرضى السرطان.

وتزامنا مع القمة العربية الإسلامية الطارئة، يستمر القصف الإسرائيلي الذي بدأ مساء الجمعة على محيط مستشفى الشفاء في قطاع غزة، وسط انقطاع للكهرباء ونفاد للوقود.

وتقدر الأمم المتحدة أن حوالي 2.1 مليون شخصاً في الأراضي الفلسطينية يحتاجون لمساعدات إنسانية، من بينهم مليون طفل.

وقال الضمور: "الأوضاع الإنسانية وصلت لمرحلة الانهيار، وكل ما يتم تقديمه من مساعدات إنسانية إغاثية وطبية لا يوفر الحد الأدنى المطلوب لوقف ذلك الانهيار، خاصة وأن الأيام القادمة ستشهد أحوالاً جوية سيئة، وتصعيد إسرائيلي متواصل".

وأضاف: الإجراءات الإسرائيلية في التوغل البري والقصف العنيف مستمرة، وطالت كل مناحي الحياة من مستشفيات ومدارس وأحياء سكنية وغيرها، وعشرات الألوف نزحوا من شمال غزة إلى جنوبها، ولا يمكن إلا لوقف إطلاق النار الدائم المساهمة في وضع حد للأوضاع الإنسانية المتدهورة".

  • أكثر من 40 مشفى ومركزاً طبياً يخرج عن الخدمة في غزة
  • منظمة الصحة العالمية تسجل 111 حالة استهداف لمرافق صحية في غزة والجيش الإسرائيلي "يفحص الأمر"

رد فعل متأخر

وقال حازم الضمور: "القمة أصلا متأخرة كثيراً، وبالتالي فقدت الكثير من فرص التأثير بحكم ذلك التأخير، ولا يمكن التعويل على نتائجها من حيث الإجراءات الفعلية في ضوء كل ما سبق".

وأشار إلى أن أسباب التأخير في رد الفعل تجاه ما يحدث في غزة من قبل الدول العربية والإسلامية جاء نتيجة للضغط الأمريكي المتواصل على الدول العربية "خاصة الحليفة منها للولايات المتحدة"، مؤكدا أن هناك "حالة دعم غير مسبوقة من الغرب لإسرائيل".

وأضاف أيضا أن من أهم أسباب التأخير في الرد العربي "تباين في المواقف العربية من تلك الحرب، من حيث الأسباب والدوافع والنتائج المتوقعة، واختلاف المواقف العربية حول حماس وتحالفاتها وسياساتها"، مشيرا إلى ضعف الضغط الشعبي على الحكومات العربية في اتجاه اتخاذ إجراءات حاسمة لمساعدة الفلسطينيين في غزة.

صدر الصورة، REUTERS

التعليق على الصورة،

بن سلمان التقى الرئيس السوري بشار الأسد على هامش مشاركته في القمة العربية بجدة

"كيانات أصغر"

ورأى القصاص أن جامعة الدول العربية "ينبغي أن تلعب دورا أكثر فعالية في توحيد الصف العربي إزاء قضاياه المصيرية وعلى رأسها القضية الفلسطينية والصراع مع إسرائيل ومناقشة مخاوف دول جوار إسرائيل في هذا المضمار. لذلك فإن قضية إصلاح الجامعة العربية أصبح مطلبا واسعا رسميا وشعبيا ويجب أخذه في الاعتبار".

كما أشار إلى الجهود الثنائية، مثل المحادثات التي أجراها الرئيس المصري عبد الفتاح السياسي والأمير تميم بن حمد أمير قطر – الذي كان في زيارة إلى القاهرة قبل يوم واحد من القمة العربية الإسلامية في الرياض.

ورأى القصاص أنه من الضروري التفكير في حلول جديدة من شأنها إضفاء قدر أكبر من الفاعلية على قرارات ومواقف المنظمات الإقليمية الكبرى، مثل جامعة الدول العربية من خلال تأسيس "كيانات أصغر" تكون تحركاتها أسرع وأكثر تأثيرا في المنطقة.

وأشار إلى أنه "يمكن القول بأن المنظمات الإقليمية الكبرى قد أخذت في الأفول دوليا لصالح منظمات دون إقليمية مصغرة تقوم على رعاية موضوع معين لصالح الأطراف وخصوصا التحديات الجيوسياسية الماثلة على تلك الدول وعلى ذلك أمثلة كثيرة من الشرق والغرب مثل مجموعات: :"فيشغراد" و "تُساعية بوخاريست" و "اتحاد بينيلوكس" في أوروبا والكواد الآسيوي وإطار كامب ديفيد الآسيوي والاتفاق بين الولايات المتحدة واليابان وكوريا الموقع حديثا".

وقال القصاص إن "الأولى بتنفيذ ذلك التحالف هي دول جوار إسرائيل لما تقابلها وستقابلها من تحديات جيوسياسية ضخمة تستلزم وجود سياق أوسع للتعاون ووحدة المصير، مؤكدا أن مثل هذه الكيانات لا يمكن أن تنتقص من دور الجامعة العربية".