علم الدين المعرفي

عودة للموسوعة

فهم الدين المعهدي هودراسة الفكر والسلوك الديني من منظور العلوم المعهدية والتطورية. يستخدم المجال أساليب ونظريات من مجموعة واسعة من المجالات، بما في ذلك: فهم النفس المعهدي وفهم النفس التطوري وفهم الإنسان المعهدي والذكاء الاصطناعي والإلهيات العصبية وفهم النفس التنموي وفهم الآثار. يسعى الباحثون في هذا المجال إلى شرح كيفية اكتساب عقول البشر للأفكار والممارسات والخطط الدينية وتوليدها ونقلها عن طريق القدرات المعهدية العادية.

التاريخ

على الرغم من حتى الدين كان موضوع دراسات فهمية جادة منذ أواخر القرن التاسع عشر على الأقل، إلا حتى دراسة الدين كظاهرة معهدية حديثةٌ نسبيًا. بينما تعتمد دراسته في الغالب على الأبحاث السابقة في فهم إنسان الدينوفهم الاجتماع الديني، فإن الفهم المعهدي للدين يأخذ في الاعتبار نتائج ذلك العمل في سياق النظريات التطورية والمعهدية. على هذا النحو، لم يكن الفهم المعهدي للدين ممكنًا لولا الثورة المعهدية في الخمسينيات وتطور فهم الأحياء الاجتماعي، بدءًا من سبعينيات القرن الماضي، وغيره من المناهج التي تفسر السلوك الإنساني بمصطلحات تطورية، وخاصة فهم النفس التطوري.

تنبأ دان سبيربر بالفهم المعهدي للدين في كتابه في عام 1975 بعنوان «إعادة التفكير في الرمزية»، لكن أول درس يندرج في نطاق هذا المجال نُشر خلال الثمانينيات. من ضمن هذا العمل، هناك «نظرية الإدراك المعهدي للدين» التي وضعها ستيوارت إي. غوثري، وكانت ضرورية لدراسة أهمية التجسيم في الدين، وهوعمل أدى في النهاية إلى تطوير مفهوم فرط نشاط جهاز الكشف عن الوكالة - وهومفهوم رئيسي في الفهم المعهدي للدين.

من الممكن حتى البداية الحقيقية لفهم الدين المعهدي تعود إلى التسعينيات. خلال ذلك العقد، نُشر عدد كبير من الخط والموضوعات ذات التأثير الكبير والتي ساعدت على وضع أسس فهم الدين المعهدي. وضمت تلك: «إعادة التفكير في الدين: ربط الإدراك والثقافة وإحياء الطقوس: الأسس النفسية للأشكال الثقافية» بقلم إي. توماس لوسون وروبرت مكولي، و«طبيعية الأفكار الدينية» من تأليف باسكال بوير، و«داخل الطائفة» و«الحجج والأيقونات» من تأليف هارفي وايتهاوس، ونظريات غوثري السابقة في «وجوه في الغيوم». في تسعينيات القرن العشرين، اكتشف هؤلاء الباحثون وغيرهم، الذين كانوا يعملون بشكل مستقل في مجموعة متنوعة من المجالات المتنوعة، أعمالَ بعضهم ووجدوا أوجه تشابه قيّمة بين مناهجهم، ما أدى إلى بدء اندماج شيء من تنطقيد أبحاث الإدراك الذاتي. بحلول عام 2000، توضّحت ملامح المجال بشكل جيد لجاستن باريت لصياغة مصطلح «الفهم المعهدي للدين» في منطقه «استكشاف الأسس الطبيعية للدين».

منذ عام 2000، نما الفهم المعهدي للدين، على غرار المناهج الأخرى التي تطبق التفكير التطوري على الظواهر الاجتماعية. جميع عام يشارك المزيد من الباحثين في هذا المجال، ما يؤدي إلى مواصلة التطورات النظرية والتجريبية بخطى متسارعة. ما يزال المجال معرّفًا بشكل فضفاض، إذ يجمع الباحثين الذين ينتمون إلى مجموعة متنوعة من التنطقيد المتنوعة. لا يأتي معظم التماسك في هذا المجال من الالتزامات النظرية المفصلة والمشهجرة ولكن من الرغبة العامة في النظر إلى الدين من الناحية المعهدية والتطورية وكذلك من الرغبة في الانضمام إلى عمل الآخرين الذين يطورون هذا المجال. تلعب الجمعية الدولية للعلوم المعهدية للدين -تشكّلت في عام 2006- دورًا حيويًا في إشراك الباحثين.

الأساس النظري

على الرغم من عدم وجود اتفاق بشأن الأساس النظري للعمل في العلوم المعهدية للدين، فمن الممكن تحديد بعض التوجّهات. أبرز تلك التوجهات هوالاعتماد على النظريات التي طوّرها فهم النفس التطوري. يعد ذلك المنهج الخاص بتفسير السلوك البشري تفسيرًا تطوريًا مناسبًا بالتحديد لتفسير النواتج الثانوية المعهدية للدين، وهوالأكثر شيوعًا بين فهماء الدين المعهدي. وذلك بسبب الهجريز على تفسير النواتج الثانوية وصفات الأجداد في فهم النفس التطوري. أحد المفاهيم المهمة المرتبطة بهذا المنهج هونمطية العقل، الذي يُستخدم لدعم الآليات الذهنية التي تعتبر مسؤولة عن المعتقدات الدينية. تقدم الأبحاث التي أجراها باسكال بوير وجاستن باريت أمثلةً مهمة للعمل الذي يندرج تحت هذا النموذج.

رغم ذلك، لا يتشارك جميع فهماء الدين المعهدي هذه الالتزامات النظرية. إذا النقاشات المستمرة حول المزايا النسبية للتفسيرات التطورية المتنوعة للسلوك الإنساني تجد صدىً في فهم الدين المعهدي مع نظرية الوراثة المزدوجة التي اكتسبت مؤخرًا تأييدًا بين الباحثين في هذا المجال، بمن فيهم أرمين غيرتز وأرا نورينزيان. إنّ الميزة المدركة لهذا الإطار النظري هي قدرته على التعامل مع التفاعلات الأكثر تعقيدًا بين الظواهر المعهدية والثقافية، ولكنها تكون على حساب التصميم التجريبي الذي يجب حتى يأخذ في الاعتبار مجموعة أكبر من الاحتمالات.

المفاهيم الرئيسية

النتيجة الثانوية المعهدية

هي الرأي القائل بأن المعتقدات والممارسات الدينية يجب ألا تُفهم على أنها وظيفية، وإنما تولّدها الآليات المعهدية للبشر التي تكون وظيفية خارج سياق الدين. ومن الأمثلة على ذلك فرط نشاط جهاز الكشف عن الوكالة والمفاهيم الأقل تعارضًا مع الحدس أوعملية البدء التي تشرح البوذية والطاوية. تفسير النواتج الثانوية المعهدية للدين هوتطبيق لمفهوم عروة العقد spandrel (فهم الأحياء) ومفهوم التكيف المسبق الذي اقترحه ستيفن جاي غولد من بين آخرين.

المفاهيم الأقل تعارضًا مع الحدس

هي المفاهيم التي تتلاءم في الغالب مع الأفكار المسبقة للإنسان ولكنها تشذ عنها بطريقة ملفتة أواثنتين. تكون هذه المفاهيم سهلة التذكر (بفضل العناصر المتعارضة مع الحدس) وسهلة الاستخدام (بفضل الانسجام الكبير مع ما يتسقطه الناس). وتضم الأمثلة الأشجار الناطقة والوسطاء الروحانيين. يقول باسكال بوير حتى الكثير من الكيانات الدينية تنسجم مع هذه الفئة. أطلق يوبال على حقيقة حتى الأفكار الأقل تعارضًا مع الحدس يتم تذكرها بشكل أفضل من الأفكار البديهية والأكثر تعارضًا مع الحدس اسم تأثير الحدس أوتأثير MCI.

فرط نشاط جهاز الكشف عن الوكالة

يفترض العالم المعهدي جاستن باريت حتى هذه الآلية الذهنية، التي تتمثل وظيفتها في تحديد نشاط الوكلاء، قد تسهم في الإيمان بوجود قوى خارقة للطبيعة. نظرًا للفشل النسبي في اكتشاف أي وكيل، توصف الآلية بأنها مفرطة النشاط، وينتج عنها عدد كبير من الأخطاء الإيجابية. ادعى ستيوارت غوثري وآخرون حتى هذه الأخطاء يمكن حتى تفسر ظهور المفاهيم الخارقة للطبيعة.

التكيف الاجتماعي الإيجابي

وفقًا لما يذكره التكيف الاجتماعي الإيجابي عن الدين، ينبغي فهم المعتقدات والممارسات الدينية على أنها تمتلك وظيفة استنباط السلوك الاجتماعي الإيجابي المتكيّف وتجنب معضلة الراكب الحر. ضمن فهم الدين المعهدي، يتبع ريتشارد سوسيس هذا المنهج بشكل أساسي. ديفيد سلون ويلسون هومؤيد بارز آخر لهذا المنهج ويفسِّر الدين باعتباره تكيّفًا على مستوى المجموعة، ولكن عمله يُعدّ عمومًا خارج نطاق فهم الدين المعهدي.

الإشارات القيّمة

هي الممارسات التي بسبب قيمتها المتأصلة يمكن الاعتماد عليها في تقديم إشارة صريحة فيما يتعلق بنوايا الوكيل. اقترح ريتشارد سوسيس حتى الممارسات الدينية يمكن تفسيرها كإشارات قيّمة للتعبير عن الاستعداد للتعاون. وقد اتبع كريغ بالمر ولايل ستيدمان أسلوبًا مشابهًا في الجدل. من ناحية أخرى، ناقش جيسون سلون بأن التدين قد يحدث إشارة قيمة تستخدم كإستراتيجية تزاوج طالما حتى التدين هوبمثابة وكيل «لقيم الأسرة».

الوراثة المزدوجة

في سياق فهم الدين المعهدي، يمكن فهم نظرية الوراثة المزدوجة على أنها محاولة للجمع بين النواتج الثانوية المعهدية ونواتج التكيف الاجتماعي الإيجابي باستخدام المنهج النظري الذي طوره روبرت بويد وبيتر ريتشرسن من بين آخرين. النظرة الأساسية هي حتى الإيمان بالكيانات الخارقة للطبيعة هونتيجة ثانوية معهدية، لكن التنطقيد الثقافية وظّفت هذه المعتقدات لتحفيز السلوك الاجتماعي الإيجابي. يمكن العثور على بيان دقيق لهذا المنهج في نظرية سكوت أتران وجوزيف هنريتش (2010) «تطور الدين: كيف من الممكن أن تعمل النواتج الثانوية المعهدية واستنباطات التفهم التكيفي وعرض الطقوس والمنافسة الجماعية على توليد التزامات راسخة تجاه الديانات الاجتماعية الإيجابية».

انظر أيضًا

  • فهم نفس الأديان
  • العلاقة بين الدين والفهم
  • الجذر التطوري للأديان
  • فهم النفس التطوري للأديان
  • إلهيات عصبية

مراجع

  1. ^ Geertz C. (1966) "Religion as cultural system" In: Banton, M. (ed) Anthropological approaches to the study of religion London: Tavistock p 1-46
  2. ^ Current Anthropology 21 (2) 1980, pp. 181-203.
  3. ^ Barrett, Justin (1 January 2000). "Exploring the natural foundations of religion". Trends in Cognitive Sciences. 4 (1): 29–34. doi:10.1016/S1364-6613(99)01419-9. PMID 10637620.
  4. ^ Pyysiäinen, Ilkka and Marc Hauser (March 2010). "The origins of religion : evolved adaptation or by-product?". Trends in Cognitive Sciences. 14 (3): 104–09. doi:10.1016/j.tics.2009.12.007. PMID 20149715.
  5. ^ See Laland K. and Brown D. (2002) Sense and Nonsense: Evolutionary Perspectives on Human Behavior Oxford: Oxford University Press for overview.
  6. ^ "Minimal counterintuitiveness" (PDF). مؤرشف من الأصل (PDF) في 24 سبتمبر 2015. اطلع عليه بتاريخ 24 فبراير 2015.
  7. ^ Kress, Oliver (1993). "A new approach to cognitive development: ontogenesis and the process of initiation". Evolution and Cognition 2(4): 319-332. نسخة محفوظة ثلاثة مايو2019 على مسقط واي باك مشين.
  8. ^ Boyer, Pascal. The Naturalness of Religious Ideas University of California Press, 1994.
  9. ^ Upal, M. A. (2010). "An Alternative View of the Minimal Counterintuitiveness Effect", Journal of Cognitive Systems Research, 11(2), 194-203.
تاريخ النشر: 2020-06-01 18:59:38
التصنيفات: دين وعلم, روحانية, علم نفس الأديان, علوم استعرافية, قالب أرشيف الإنترنت بوصلات واي باك, صفحات بها وصلات إنترويكي, بوابة العقل والدماغ/مقالات متعلقة, بوابة الأديان/مقالات متعلقة, بوابة تفكير/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

القوى العاملة بالشرقية توفر 753 فرصة عمل  في 10 شركات  

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-20 09:19:32
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 67%

قوى عاملة الشرقية تستمع لمطالب ذوى الإعاقة لتوفير وظائف لائقة لهم

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-20 09:19:35
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 53%

70 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط»

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-20 09:19:28
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 69%

90 دقيقة متوسط تأخيرات قطارات «القاهرة - الإسكندرية».. الثلاثاء

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-20 09:19:24
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 53%

آخر موعد لقبول طلبات 250 طبيبا وممرضا للعمل بالكويت.. الأحد

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-20 09:19:31
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 58%

الرئيس السيسي يتوجه للأردن للمشاركة في مؤتمر «بغداد للتعاون والشراكة»

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-20 09:19:21
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 65%

الري: ضرورة الالتزام بضوابط استخدام المياه الجوفية

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-20 09:19:29
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 64%

وزيرة الهجرة تفتتح ورشة عمل المرصد الأفريقى للهجرة بالرباط

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-20 09:19:33
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 67%

تكريم 140 عالما وباحثا.. جامعة القاهرة تحتفل اليوم بعيد العلم الـ17

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-20 09:19:36
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 65%

«المركزي للإحصاء» 17 الف نسمة زيادة سكانية خلال أربعة أيام

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-20 09:19:38
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 56%

تحميل تطبيق المنصة العربية