الأصولية (بالإنجليزية: Fundamentalism)‏ هي اصطلاحٌ سياسي فكري مستحدث يشير إلى نظرة متكاملة للحياة بكافة جوانبها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية نابعة عن قناعة متأصلة نابعة عن إيمانٍ بفكرةٍ أومنظومة قناعات، تكون في الغالب تصوراً دينياً[]

أوعقيدةٍ دينية. حتى الحدثة اتىت من عنوان سلسلة نشرات أوكتيبات سميت الأصول أوالأساسيات والتي ظهرت في الولايات المتحدة الأمريكية خلال الفترة 1910 ـ 1915 م واستخدم فيها مصطلح الأصول ليعنى عناصر العقيدة التقليدية أي النص كوحي وسلطة، وألوهية المسيح ومعجزة إنجاب مريم العذراء وغيرها من الثوابت التي يراها الأصوليون المسيحيون اليوم.

الأصولية في الفقه الإسلامي

الأصولية لغةً من الأصل، وهوقاع الشيء وما يبنى عليه غيره، سواء أكان حسياً كالأساس الذي يشيّد عليه البناء فهوأصله، أم عقلياً كبناء الأحكام الجزئية على القواعد الكلّيّة. والأصولية اصطلاحاً من «الأصول» المتعلقة بعلوم دينياً[] . ويطلق لفظ «الأصول» على مصطلحات مختلفة أشهرها ما يشير على ثلاثة من العلوم الإسلامية هي: أصول الدين وأصول الحديث وأصول الفقه. ويسمى فهم أصول الفقه، غالباً، فهمَ الأصول، ويعرَّف بأنه الفهم بقواعد الفقه الإسلامي وبالأدلة التي تؤدي إلى تقرير الأحكام الشرعية وبمناهج استنباطها.

ولحدثة أصول التي ينسب إليها الأصولي، في الفقه الإسلامي خمسة معان هي:

  • ما يقابل الفرع: الخمر أصل النبيذ، أي إذا حكم النبيذ مستفاد من حكم الخمر.
  • ما يشير على الرجحان : الحقيقة أصل المجاز، أي إذا تردد الأمر بين حمل الكلام على الحقيقة وحمله على المجاز، كان الحمل على الحقيقة أرجح.
  • الدليل، أي الكاشف عن الشيء والمرشد إليه.
  • القاعدة، أي الركيزة التي يرتكز الشيء عليها: بني الإسلام على خمسة، أي على خمس قواعد.
  • ما يُجعل لتشخيص بعض الأحكام الظاهرية أوالوظيفية.

والقاعدة الأصولية، بخلاف القاعدة الفقهية، لا تنتج إلا حكماً كلياً، ولا يتوقف استنتاجها على قاعدة فقهية بخلاف العكس. ولا تتصل بعمل العامة، بل بعمل المجتهدين أوالفهماء.

ولمّا كانت العقائد، في الإسلام، ثابتة بطريق بتري هوالقرآن الكريم، إذ هوالمقطوع به وحده في الجملة والتفصيل، فإن الآراء المتباينة في العقائد تسمى «مذاهب». وأتباع جميع ممضى يعتقدون حتى ممضىهم صواب يحتمل الخطأ، وممضى غيرهم خطأ يحتمل الصواب. والغلاة في جميع ممضى يعتقدون حتى ممضىهم صواب لا يحتمل الخطأ، وممضى غيرهم خطأ لا يحتمل الصواب. ويوصف هؤلاء وأولئك بالأصوليين، مع فارق التعصب والغلو. ويرى بعضهم حتى الحق يتعدد في المسائل الاجتهادية، أما الحق في المسائل الاعتقادية فواحد لا يتعدد، وكل ما سواه باطل. لذلك أدى الاختلاف في أمور العقائد إلى تعدد المذاهب وتفرق الفرق في جميع الأديان بلا استثناء. ولكل ممضى أصوله وأصوليوه.

في الإسلام الحنيف تجتمع المذاهب والفرق على القرآن الكريم، على اختلاف في التفسير والتأويل، وعلى السنة النبويّة، على اختلاف في التعديل والتجريح، وعلى إجماع الصحابة والتابعين. فالأصول عند أهل السنة والجماعة، مثلاً، هي القرآن الكريم والسنة النبوية وما أجمع عليه الصحابة والتابعون، أوما استقرت عليه المذاهب الأربعة: المالكي والشافعي والحنبلي والحنفي. وعند الشيعة الإمامية، إضافة إلى ذلك، «الأصول الأربعمئة» وهي الأحاديث التي رويت عن جعفر الصادق الذي ينسب إليه الممضى الجعفري.

وتجدر الإشارة إلى اختلاف معنى الأصولية في الثقافة العربية الإسلامية عنه في الثقافات الأخرى، وإلى اختلاف معناها في الماضي عنه في الحاضر، ولاسيما ما يشيع اليوم في لغة الصحافة عامة والصحافة الغربية خاصة، عندما تتحدث عن «الأصولية» وتقصرها على نزعة «التعصب» والتشدد عند «الأصوليين الإسلاميين» ولعل أبرز المعاني التي تنطوي عليها «الأصولية» في الثقافة العربية الإسلامية، معنى «التأصيل»، أي إرجاع الأحكام العملية الجزئية إلى القواعد الكلية، وإضفاء صفة الشرعية، أي موافقة الشرع، على الأعراف والقوانين والمواضعات وأنماط السلوك الاجتماعي والسياسي التي يفرضها التقدم وتغيُّر الأحوال، حتى تصبح جزءاً من حياة المجتمع المعني. ويتم ذلك بإرجاع جميع منها إلى أصل من الأصول المعروفة في فترة التأسيس، أوإلى قاعدة من القواعد الكلية التي لا يدانيها الشك، كإرجاع الديمقراطية إلى الشورى، مثلاً. وهذا الإرجاع هونوع من تأسيس ديني وفقهي للأفكار والمفاهيم الجديدة يقوم على تضمين المفهوم الجديد معنى تراثياً وتحميل الأصل القديم دلالة توحي باحتمال تفرّع الجديد عنه واشتقاقه منه.

والأصولية، في السياق التاريخي، تعني العودة إلى ما تعدُّه جماعة معيّنة أوأمة معينة أساساً لهوِّيتها الثقافية، عودة تمليها الحاجة إلى توكيد الهوية الثقافية والحضارية والدفاع عنها إزاء تحد أوانتهاك خارجيين. وبحسب مقتضيات العودة إلى الأصول وإلى فترة التأسيس، أو«العصر المضىي»، تكون الأصولية إما قوامها الحنين إلى الماضي الذي يصير معياراً ذاتياً ينكشف في ضوئه فساد الحاضر وانحطاطه، أوتكون إصلاحية ومستقبلية قوامها تأصيل المنجزات الثقافية والفهمية والتقنية والأفكار والمفاهيم السياسية المعاصرة بغيةَ إدماجها في المجال الثقافي الخاص بالجماعة أوالأمة المعنية، لتحقيق ضرب من التكيُّف مع العصر، وضرب من التواصل التاريخي، يمنحان الجماعة أوالأمة شعوراً بذاتيتها واستقلالها وفرادة شخصيتها الحضارية. بهذا المعنى الأخير، لا تنفصل الأصولية عن «الوعي الذاتي» الذي يحدد رؤية الجماعة لذاتها وللآخر، ورؤيتها للعالم وللتاريخ. وبحسب مقتضيات العودة إلى الأصول ودواعيها تكون الأصولية إما حركة إصلاح وتجديد وإعادة تأسيس عملية وإيجابية، أوحركة احتجاج ذاتية وسلبية.

ليست الأصولية مقصورة على دينياً[]

أوممضى أوعقيدة سياسية، ولا على أمة من دون سواها. فلكل دين أوممضى ولكل عقيدة سياسية (أيديولوجية)، في جميع أمة من الأمم، أصوليتها وأصوليوها. وقد كانت الأصوليات، في التاريخ حركات إصلاح وتجديد، وحركات «إصلاح مضاد» تتسم جميع منها بسمات مجتمعها وخصائص عصرها. أما لفظ «الأصولية» الإسلامية الشائع اليوم فيقصد به الحركات الدينية التي تسمي نفسها «الصحوة الإسلامية»، وهي حركات وأحزاب[]
سياسية تتخذ من الإسلام الأصولي منطلقاً لدعوتها، وتعاني كغيرها من الأحزاب السياسية تناقضاً بين وعيها الذاتي وحقيقتها الواقعية. ولا يخلوإطلاق اسم «الأصولية» على هذه الحركات والأحزاب الحديثة من انحياز يرمي إلى طمس الفروق بين أنواع الأصولية في التاريخ، وتجريدها من شروط نشوئها وقوانين نموها وتطورها، أوتراجعها وانحطاطها، ورميها جميعاً بالتعصب و«الإرهاب». ومما يلفت النظر، في هذا المجال، هجريز الخطاب الاتهامي على «الأصولية الإسلامية» من دون غيرها من الأصوليات المعاصرة مثل الأصولية (الأرثوذكسية[]

) اليهودية ـ الصهيونية والأصولية المسيحية التي تعهد بالتمامية integrism والأصوليات العنصرية وغيرها.

وليست الأصولية مرادفة للتعصب والتشدد في جميع الأحوال، كما حتى العنف ليس صفة ثابتة في الأصولية، بل هورد عمل من نوع العمل الذي تُجابَه به غالباً. وإن كان بعضها يتمحَّل له مسوِّغات من جوهر العقيدة، يُقْنع بها محازبيها، ويمنحها نوعاً من «راحة الضمير».

الأصولية في التاريخ العربي الإسلامي

ظهرت بوادر الأصولية، في التاريخ العربي الإسلامي، في النصف الأول من القرن الأول الهجري (السابع الميلادي)، إذ اتسعت رقعة الدولة العربية الإسلامية في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، فضمت العراق وجزءاً من بلاد فارس وسوريا وفلسطين ومصر وجزءاً من شمالي أفريقيا. ثم امتدت، في أواخر القرن الأول الهجري وأوائل الثاني فضمت أجزاء واسعة من آسيا وأفريقيا وجزءاً من أوروبا. ودخلت في ولايتها وعهدها أوذمتها شعوب وأقوام مختلفة لكل منها تراثه الثقافي وأعرافه وعاداته وتنطقيده. وبرزت من جراء ذلك مشكلات اقتصادية وإدارية وتنظيمية جديدة كان لابد معها من مرونة حاذقة في التشريع وفق الأسس التي أرساها الإسلام. كما أخذت بوادر الترف تظهر في الحواضر العربية، ورافقها فساد تسرب إلى تصرفات بعض الولاة وقادة الجند الذين مكنتهم الدعة والمسالمة من الترخص في المتاجرة وتثمير الأموال وتملّك المزارع، وبرزت مسألة الأراضي الزراعية وفيئها مما استثار العصبيات التي قاومها الإسلام، فنهض بعض الصحابة والتابعين يبينون مفارقة تلك التصرفات للمثل الأعلى الإسلامي. وكان من أبرز هؤلاء الصحابي أبوذر الغفاري رضي الله عنه (ت 32 هـ/652م) الذي اشتهر بدعوته إلى التقى والتقشف مبتدئاً بنفسه. لذلك برزت الحاجة إلى الاجتهاد في المسائل التي لم يرد فيها حكم شرعي في القرآن الكريم والسنة النبوية.

ويمكن القول إذا الأصولية ارتبطت منذ بداياتها الأولى بالتقوى والاجتهاد، فالإيمان فهم وطاعة، والفهم هي الأصل، والطاعة هي الفرع. وانطوت الأصولية كذلك على تواتر دائم بين النقل والعقل. وإذا كان أهل الرأي وأهل الحديث متفقين على أولوية النص الديني، فإن خلافهم هجرز على قضية العقل وحرية الإنسان ومسؤوليته عن أعماله.

ولم يبق الاجتهاد محصوراً في مجال التشريع بل تعداه إلى المسائل الفكرية والاعتقادية فظهر مجتهدون في الفكر والعقيدة من أمثال الحسن البصري وواصل بن عطاء وغيرهما، ونشأت بعد ذلك فرق اعتقادية كالمعتزلة الذين يسمون أصحاب العدل والتوحيد ويلقبون بالقدرية والعدلية. وظهرت بإزائهم فرق تقول بنفي العمل عن العبد وإضافته إلى الله، وهوما مضى إليه الخلفاء الأمويون، وكذلك الأشعرية والمرجئة وفرق الخوارج وفرق الشيعة ولاسيما الإسماعيلية[]

وفيهم القرامطة وإخوان الصفا. وتظهر في هذه الفرق، على اختلافها، آثار انفتاح الثقافة العربية الإسلامية على الثقافات الأخرى ولاسيما الفلسفة الهلينية عامة والمنطق الأرسطي خاصة. ويظهر مصطلح الأصول و«أهل الأصول» (الأصوليين) بوضوح عند الشهرستاني في الملل والنحل الذي صنفهم فرقاً ومذاهب متقابلة تَقَابُل التضاد. ولم يخلُ هذا الاختلاف في العقائد والأفكار من وظيفة اجتماعية سياسية أوتوظيف سياسي مقترن بالتعارضات الاجتماعية والنزاعات السياسية التي وسمت فترة طويلة من التاريخ العربي الإسلامي.

بيد حتى «فهم الأصول» تأسس بصفته فهماً على يد الإمام الشافعي (150-204 هـ/767-820 م) وذلك في رسالته الشهيرة باسم «رسالة في الأصول»، وكذلك أحمد بن حنبل (160-214 هـ/ 780-855 م) أشهر من ناهض المعتزلة حين غدا الاعتزال الممضى الرسمي للدولة العباسية في عهدي المأمون والمعتصم.

وفي العصور المتأخرة من التاريخ العربي الإسلامي ظهر فقهاء ومجتهدون مقلِّدون تبَّنْوا مذاهب السلف فكثرت الشروح والشروح على الشروح، وباتت السلفية[]

صفة فارقة تميز الأصولية المجتهدة والمبدعة من الأصولية السلفية[]
التي نشأت إلى جوارها مذاهب التزهد والطرق الصوفية.

أما في العصر الحديث فتعد الدعوة الوهابية[]

التي ظهرت في الجزيرة العربية ونسبت إلى محمد بن عبد الوهاب (1115-1206 هـ/ 1703 -1792 م) أول حركة سلفية حاربت البدع وتصدت للطُرقية الصوفية. وكان لها تأثير في المغرب العربي في عهد السلطان محمد بن عبد الله (1757-1790 م) وكذلك في عهد ابنه السلطان سليمان (1792-1822 م). وقد تطورت أفكار هذه الدعوة في المغرب على أيدي الشيخ أبي شعيب الدكالي (1878-1937 م) ومحمد بن العرب العلوي (1880-1964 م) إلى أصولية اجتهادية وطنية نشأ في كنفها الجيل الأول من رجال الحركة الوطنية هناك. وقدمت الأساس الفكري العربي الإسلامي للتطلعات الوطنية والنزعة الإصلاحية. ولعل من أبرز حركات الإصلاح الحديثة أيضاً الدعوة التي قادها جمال الدين الأفغاني (1838-1897 م) ومحمد عبده[]
(1849-1905 م). ومن أعلامها عبد الرحمن الكواكبي ورشيد رضا وشكيب أوفدان وغيرهم. وقد حاربت هذه الدعوة البدع والخرافات والأوهام، وعملت على التوفيق بين النقل والعقل وبين الدين[]
والفهم الحديث، ورأت حتى الحياة الدستورية والتمثيل النيابي والحقوق المدنية والحريات السياسية والنزعة الوطنية القومية المعادية للاستعمار والاستبداد كلها لاتخالف الشرع الإسلامي. وكان لهذه الدعوة أثر بارز في الفكر العربي الحديث بوجه عام وفي الفكر السياسي بوجه خاص في العراق وبلاد الشام والمغرب العربي، وفي مركز الدولة العثمانية أيضاً. وتأثر بها المصلحون وأنصار الدستور (1908-1909). واستمر تأثيرها حتى خمسينات القرن العشرين في فكر أحمد أمين ومحمد حسين هيكل وعلي عبد الرازق وطه حسين وخالد محمد خالد، وغيرهم من رموز الثقافة العربية المعاصرة. وتأثرت بها الأصولية الشيعية في العراق، إذ أفتى مجتهدوها بوجوب محاربة الإنجليز الذين احتلوا العراق في بداية الحرب العالمية الأولى، ودعوا إلى وحدة المسلمين السنة والشيعة للقاءة الخطر الغربي وإقامة دولة إسلامية دستورية حديثة. كما كان لها تأثير بارز في المغرب العربي تجلى في أفكار خير الدين التونسي الإصلاحية وفي جمعية الفهماء في الجزائر.وتعد المهدية[]
في السودان وموريتانيا، والسنوسية في ليبيا، من الحركات الأصولية الحديثة.

الأصولية اليهودية أوالأرثوذكسية اليهودية

تعني حدثة الأرثوذكسية[]

العقيدة القويمة أوالرأي القويم. لكن الإصلاحيين اليهود استخدموا هذه الحدثة أول مرة عام 1795 في وصف معارضيهم من اليهود التلموديين وكانت تعني عندهم التزمت والتطرف. وقد قبل التلموديون هذا الوصف وإن كانوا يطلقون على أنفسهم اسم «اليهودية المصدقة للتوراة». ويفرق الأدب الديني اليهودي اليوم بين الأرثوذكسية[]
والأرثوذكسية المتطرفة (هَحَرديم بالعبرية)، إذ تطلق صفة الأرثوذكس على اليهود الذين يعترفون بالصهيونية وبدولة إسرائيل وأغلبهم من أنصار الصهيونية العالمية مثل حزب المفدال (الحزب الديني القومي). أما صفة الأرثوذكسية[]
المتطرفة فتطلق على الذين لايعترفون بالصهيونية الفهمانية مثل حزب أغودات يسرائيل وحركة نطوري كرتا (حراس المدينة) وحزب شاس وغيرها.

ظهرت اليهودية الأرثوذكسية رداً على اليهودية الإصلاحية لدرء الخطر الذي يمكن بزعمهم حتى يهدد اليهود بالذوبان إذا ما استجابوا إلى دعوة الاندماج في المجتمعات التي يعيشون فيها، فدافعت عن تراث «الغيتو» اليهودي وعن فكرة الانغلاق، وعن الاختيار الإلهي، وحذَّرت من مخالفة القوانين والتنطقيد الدينية اليهودية، ورفضت جميع الإغراءات التي أفرزتها دعوة التحرير والمساواة التي تهدد خصوصية اليهود. ويعد الحاخام شمشون رفائيل هيرش (1808-1888م) من أوائل الذين عرضوا أفكار اليهودية الأرثوذكسية بصورتها الحديثة. وقد هجرزت دعوته على خلود قيم التوراة والدعوة إلى الانفصال عن شعوب العالم أخلاقياً وروحياً، وإلى تحقيق التوافق بين عيش اليهود في مجتمع ما ورسالتهم اليهودية، وإلى اتخاذ التوراة معياراً للحكم على قيم الحضارة المعاصرة. ولهذه المدرسة أسس عقائدية متطرفة.

استغلت الصهيونية خوف اليهود الأرثوذكس من الذوبان في مجتمعاتهم لتشجيع الهجرة إلى فلسطين التي باتت تضم أكبر تجمع يهودي أرثوذكسي في العالم إذ تقدر نسبة هؤلاء بنحو40% من المستوطنين في فلسطين المحتلة. وتحمل هذه المدرسة عداوة عميقة للمسلمين بوجه عام وللعرب مسيحيين ومسلمين بوجه خاص. وقد خط بن غوريون ذات يوم: «على اليهودي، من الآن فصاعداً، ألا ينتظر التدخل الإلهي لتحديد مصيره، بل عليه حتى يلجأ إلى الوسائل الطبيعية العادية مثل الفانتوم والنابالم.. فالجيش الإسرائيليهوخير مفسِّر للتوراة» بهذه الحدثات يمكن تلخيص «أصولية» إسرائيل الإرهابية التي وضعت الدين اليهودي في خدمة السياسة الصهيونية ـ الامبريالية والتي تدين واقعياً بدين الرأسمالية العملي. وإن أحكام «الهاخلاه» (القوانين الدينية اليهودية) التي تتطلب إذعاناً كاملاً للشرائع، لا ترفض مبدأ الإكراه الديني للتوصل إلى السلوك المطلوب من «الكافرين بالدين». والصهيونية اليهودية التي انطلقت من أفكار الحاخام يهودا القلعي (1798-1878م) تمثل اليوم، على اختلاف منظماتها، ضرباً من أصولية يهودية متطرفة قضت بأن الاستيطان في فلسطين واجب ديني. وقد تبنى هرتزل أفكارها، ثم تحولت إلى نوع من فلسفة شاملة على يدي أبراهام إسحاق كوك (1865-1935م) الذي أسس أول مدرسة صهيونية دينية في إسرائيل تخرج فيها آلاف من نادىة الصهيونية الدينية وعلى رأسهم زعماء حركة «غوش إيمونيم».

وتتمثل «الأصولية» اليهودية اليوم، على اختلاف اتجاهاتها، في دولة إسرائيل التي يعد الإرهاب عنصراً أساسياً في بنيتها ووظيفتها. وما المجازر التي ارتكبتها إسرائيل في فلسطين المحتلة من دير ياسين إلى المسجد الأقصى إلى الحرم الإبراهيمي، ومن بحر البقر بمصر إلى صبرا وشاتيلا وقانا في لبنان، سوى تعبير عن البنية والوظيفة هاتين.

وثمة قوى دينية غير حزبية معارضة للصهيونية تقول بكفر الدولة وتدعوإلى الانعزال في الغيتوGhetto منها الطائفة الحسيدية والطائفة الحريدية وطائفة «ساطمر» الحسيدية وجماعة «نطوري كرتا». وهي حركات دينية غيبية تشيع فيها أفكار صوفية حلولية شبه وثنية لا تتطلب إعمال العقل أوالفهم، وإنما تتطلب الاستجابة العمياء. وقد صعدت هذه الحركات من حب اليهود «لأرض إسرائيل» ومن الكره لغير اليهود (الأغيار)، وزادت من حدة النزعة القومية إذ رأت حتى الهجرة إلى فلسطين تمثل العلاقة بين خلاص الفرد وخلاص الشعب.

الأصولية المسيحية

ترجع بدايات الأصولية المسيحية إلى انشقاق الكنيسة إلى كنيستين شرقية وغربية وظهور العقيدة القويمة (الأرثوذكسية[] ) في الشرق، والعقيدة الكاملة (الكاثوليكية) في الغرب. ويمكن رد الخلاف بين الكنيستين، ثم بين التيارات التي ظهرت في جميع منهما في القرنين الرابع والخامس للميلاد، إما إلى مسألة الثالوث وصلة الأقانيم فيما بينها أوإلى مسألة طبيعة السيد المسيح. فقد أبت مدرسة أنطاكية حتى ترى في يسوع المسيح غير إنسان حلت عليه النعم الإلهية كافة، واستبعدت التراكيب الميتافيزيقية القائلة بالإنسان الإله. وانتشرت هذه الفكرة في ديار النصرانية قاطبة ووصلت إلى الشرق الأقصى. ونشأت في لقاءة هذه التصورات «العقيدة القويمة» التي سعت إلى التوفيق بين النظرية المركزية الإلهية التي تذيب جميع الفوارق في الوحدة الإلهية وتنهي التمايزات التي لاغنى عنها لوجود المسيحية (وحدة الجوهر في اللهواختلاف الأقانيم) وهي الصيغة التي توسلها كيريلس الإسكندري ومجمع أفسس سنة 433م لإدانة نسطور. وأدت الخلافات في الغرب مباشرة أوبطريق غير مباشرة، إلى ضرورة إعادة تأسيس الكنيسة وبناء هرمها، ويعد القديس أوغسطين رائد هذا الاتجاه، فقد رأى في الكنيسة مؤسسة واجبة الوجود لتوزيع النعم الإلهية.

وعزز البابا غريغوريوس الكبير (540-604م) السلطة النهائية للكنيسة. وقد وضعت هذه «العقيدة الكاملة» العقل في خدمة الإيمان، فلا مسّوغ للعلوم، في نظرها، إذا لم تكن مفيدة لفهم الإلهيات وتفسير الكتاب المقدس وتعاليم آباء الكنيسة، وتعليم أصول العقيدة. ونطقت: إذا جميع المعارف والعلوم تنبثق من مصدر الحقيقة نفسه الذي انبثق منه التنزيل، وجميع المعارف والعلوم تُردُّ إلى حقائق الدين، وهذه تضمّنها الكتاب المقدس. وظل عدم التوازن بين العقل والإيمان قائماً حتى القرن الحادي عشر الذي حاول فيه القديس أنسلم (1033-1109م) إقامة نوع من التوازن بينهما. ففي نظر هذا القديس، تفرض التوراة والأناجيل والكنيسة على الإيمان عقائد محددة مثل عقائد وجود الله التجسُّد، ولا مرقاة للإنسان إليها سوى طريق النقل. ولكن متى وُجد الإيمان مال الإنسان إلى تعقُّل العقائد والبحث عن موجباتها، فالإيمان يحتاج الفهم، وفهم العقائد عن طريق النقل هووسيط بين الإيمان المحض والمعاينة المباشرة للوجود الإلهي التي وُعد بها المصطفَوْن.

وفي القرن الثاني عشر ظهر «مصنفوالأحكام» الذين يعملون من أجل ضمان الوحدة الروحية للعالم المسيحي، وبإزائهم برزت صوفية الفكتوريين التي رأت حتى المثل الأعلى للحياة الترهبية هوالعزوف عن مغانم الدنيا والتنسك وصولاً إلى الكمال عن طريق الفقر والعفة والطاعة. مما وضع الكنيسة في لقاءة الرهبانية الصوفية التي تقف على النقيض منها.

في بداية القرن الثالث عشر صادق مجمع ترنت (تورنتو) عام 1215م على وجهة النظر المؤيدة لسلطة البابوات، وأنشأ محاكم التفتيش، وأجاز رهبانيات الصدقة، كرهبانية البندكتيين والفكتوريين. وفي لقاء ذلك ظهرت الحركات المناهضة التي وسمتها الكنيسة البابوية بالهرطقة واشتد نفوذها في الأوساط الشعبية واتجهت جميعها إلى نفي سلطة الكنيسة ونفوذ البابوات ورافق ذلك نوع من التحرر الاجتماعي وازدهار حركة أدبية وفكرية عملت على إحياء تراث العصور القديمة، وكانت كلها تؤذن بقدوم عصر حديث سيطلق عليه اسم «عصر النهضة».

كان القرن الثالث عشر قرن الكاثوليكية الحقة كما وصفه أوغست كونت. ففي هذا القرن اعتلى إنوشنسيوس الثالث كرسي البابوية، وأنشأ ديوان التفتيش لتطهير المجتمع من البدع والهرطقات، والحيلولة دون استقلال العلوم والفلسفة عن الكنيسة. فثَّبت رهبانيات الصدقة الفرنسسكانية والدومينكانية التي ضمت رجالاً بتروا جميع صلة لهم بالاهتمامات الزمنية، وشجع جامعة باريس وسيلة لممضىة الحياة العقلية حول تعليم العقيدة المقدسة. وفي هذه الفترة ظهر القديس توما الأكويني الذي حقق في عمله توازناً بين العقل والنقل، بين الفلسفة والدين[] ، انطلاقاً من مبدأ عدم مناقضة الحقيقة لذاتها، فما من حقيقة من حقائق الإيمان يمكن حتى تبطل حقيقة من حقائق العقل، وبالعكس. وقد حاول القديس توما الأكويني إعادة تأويل أرسطومسيحياً دافعاً بالتفكير العقلي خطوة نحوالاستقلال إلى جانب اللاهوت، ومع ذلك قاوم الرشدية اللاتينية التي أدانتها محاكم التفتيش أيضاً.

أما الأصولية الإصلاحية التي أحدثت انشقاقاً جديداً في الكنيسة فقد أطلقتها دعوة مارتن لوثر (1483-1546م) الذي ميز مجال الإيمان من مجال القانون. ففي مجال الإيمان يعيش المسيحي حراً منعتقاً من جميع قانون، إنه قس أوكاهن كوني، لكن هذه الحرية ليس لها أي معنى سياسي فهي روحية خالصة وداخلية. أما في مجال القانون عملى المسيحي حتى يطيع السلطة الزمنية طاعة غير مشروطة. وما دام جميع مسيحي كاهنَ نفسه فلا حاجة إلى سلطة الكنيسة التي عليها حتى تخلي في المجال للسلطة الزمنية. فالكنيسة الحقة هي الكنيسة الخفية ورئيسها الأعلى هويسوع المسيح. لقد اتى الإنجيل لكل الناس، يفهمه جميع مؤمن بحسب قدرته، لذا لابد من إشاعة التعليم وترجمة الكتاب المقدسإلى اللغات التي يتحدثها المؤمنون. وإن العقيدة المسيحية هي التواضع والطهارة والتقوى، والمصدر الوحيد للسيادة والتشريع الروحي وللعقائد والعبادات هوالكتاب المقدس (العهد القديم والعهد الجديد) لأنه موحى به من عند الله، وليس تعاليم الكهنة. وقد ناهضت «اللوثرية»، وكذلك «الكالفنية» المتأثرة بها سلطة الكنيسة، وأكدت قداسة السلطة الزمنية، محدثة فصلاً جذرياً بين الروحي والزمني، رابطة الإيمان بالاستقامة والعمل (العمل عبادة)، فألغت نظام الرهبنة والرتب الكهنوتية وسمحت للقس بالزواج واشترطت فيهم الكفاية الثقافية واللاهوتية والسيرة الحسنة، وعدّتهم موظفين في خدمة الرعية.

استنكرت الكنيسة الكاثوليكية دعوة لوثر وحكم عليه مجمع فورمس (Worms (1521 بالطرد من الكنيسة وعده هرطيقاً، وقضى بحرمانه ومطاردة مؤيديه. غير حتى اللوثرية، التي سمت نفسها «الإنجيلية» كانت تحمل في داخلها بذور انقسامها مادامت قد هجرت للمؤمنين حرية تفسير الكتاب المقدس وتأويله، وما دامت قد ربطت التنظيم الاجتماعي والسياسي بالعقل البشري الذي يمكنه حتى يعمل إيجابياً، من دون حتى يستغني عن النظام الروحي أويستقل عنه. لذلك تكاثرت الفرق اللوثرية (البروتستنتية) حتى بلغت عام 1648 أكثر من 180 فرقة أشهرها الانغليكانية واللوثرية والكالفنية والطهريون (البيورتانيون) والأساسيون والمنهجيون وغيرها. وتجدر الإشارة إلى حتى حدثة الأصولية Fundamentalism تشير في اللغات اللاتينية إلى حركة عهدتها البروتستنتية في القرن العشرين تؤكد عصمة الكتاب المقدس عن الخطأ، لا في قضايا العقيدة والأخلاق فحسب، بل في جميع ما يتعلق بالتاريخ ومسائل الغيب، كسيرة الخلق وولادة المسيح ومجيئه ثانية إلى العالم والحشر الجسدي وغيرها وحاولت تنزيه الكنيسة عما لحق بها من بدع.

ويلاحظ حتى أبرز الخلافات التي أدت إلى تعدد الفرق المسيحية كانت تدور حول مسائل من النوع الذي أدى إلى اختلاف الفرق الإسلامية كالعقل والنقل والقدرية والجبرية وحرية الإنسان وعلاقة السلطة الزمنية بالسلطة الروحية وغيرها. مما يدفع إلى القول إذا الأصولية ظاهرة عالمية وتاريخية لم يخل منها دينياً[]

من الأديان أوممضى من المذاهب في أي حقبة تاريخية. وكما في الأصولية الإسلامية، ثمة في المسيحية أصوليات سلفية وأخرى إصلاحية مارست جميعها أوقابلت، درجات متفاوتة من العنف بحسب الأحوال التي نشأت فيها، وأبرز مثال على ذلك الحروب الدينية التي شهدها الغرب. وفي النصف الثاني من القرن العشرين برزت الأصولية الكاثوليكية التي ترى في الكنيسة «شعب الله» وتسعى إلى إقامة عالم كنسي مركزي (حاضرته الفاتيكان) وتضفي على البابا وعلى تعاليمه وتصرفاته صفة القداسة، وتغلق الباب في وجه أي محادثة حول مسائل العقيدة أوالحياة الاجتماعية، وتقصر حق تفسير النصوص المقدسة على الكورية Coria البابوية ورجال الإكليروس، وتنسب إلى البابا والكرادلة والمطارنة صفة العصمة، وهي تتسم كغيرها من الأصوليات بالعودة إلى الماضي، وبالرغبة في فرض قانونها عنوةً، وبانادىئها امتلاك حقيقة مطلقة وناجزة في شؤون الدين والدنيا.

تجلت هذه «الأصولية» المتشددة في موقف الفاتيكان من لاهوت التحرير في أمريكة الجنوبية بوجه خاص، حتى غدت مرادفة للاهوت الهيمنة لقاء لاهوت التحرير الذي يربط تحرير الإنسان التاريخي اجتماعياً وسياسياً بالتحرر من الخطيئة، ويضع مفهوم الخطيئة الاجتماعية (الفقر والاستغلال والاستعمار والاستبداد) لقاء مفهوم الخطيئة الشخصية (الخطيئة الأصلية)، ويقدمه عليه. ويعمل على تحرير الإيمان من الاستعمار، وعلى تنسيب الثقافة الغربية، للحفاظ على القيمة العالمية للمسيحية بوصفها ديانة شرقية استولى عليها الغرب وطبعها بطابع فلسفته وحقوقه وثقافته، وقدمها على هذا النحوإلى الشعوب الأخرى، في إطار تصوره أنه «مركز» العالم الحديث وسيِّده. وفي هذا السياق يرى الفيلسوف الفرنسي المعاصر روجيه غارودي حتى جميع الأصوليات غير الغربية كانت ردود عمل على أصوليات غربية قدمت نفسها بوصفها نموذج التقدم، كالأصولية الوضعية والأصولية الفهمانية، أوبوصفها ذات قيمة عالمية كالأصولية الكاثوليكية. وأن الاستعمار الجديد كان نفياً للثقافات الوطنية المحلية، وكانت أصولية «الهوّية» نفياً لذلك النفي، فارتدت هي أيضاً رداء رفض شامل. وهويرى حتى مكافحة الأصولية (بالمعنى المستخدم اليوم في الإعلام الغربي) إنما تبدأ بالنقد الذاتي، وبأن يكافح الغرب أصوليته الخاصة أولاً.

لقد عانت الأمم والشعوب غير الأوربية الأصوليات الغربية التي استهدفت ثقافتها وتاريخها وهويتها الحضارية، ووجودها أحياناً، كما في القارة الأمريكية التي أبيد معظم سكانها الأصليين، وما تزال سياسة التمييز العنصري قائمة إزاء الملونين وغير الأوربيين في الولايات المتحدة الأمريكية. وعانت الأمة العربية هذه الأصوليات بدءاً من الحروب الصليبية وصولاً إلى حركة الاستعمار التي بدأت بحملة نابليون على مصر (1798م) وما رافقها من بعثات «تبشيرية» ومحاولات فرض الثقافة واللغة ونمط الحياة الغربية عليها إضافة إلى الصهيونية وأطماعها في الأرض العربية. و«الأصولية» في جميع مكان وزمان تستثير «الأصولية» المضادة وتغذيها. والغرب هوأول من جعل من الأصولية غطاء أيديولوجياً، أوقناعاً لسياسة الاستعمار والهيمنة، وللعنف السياسي وإرهاب الدولة بوجه خاص.

الأصولية الفهمانية

لا تقتصر الأصولية، على الأديان والمذاهب الدينية، بل تتعداها إلى المذاهب الفكرية والأيديولوجيات و«النظريات» السياسية. ومن هذه الأصوليات «الأصولية» الفهمانية التي تجعل من الفهمانية ممضىاً إلحادياً غالباً، في حين هي موقف منفتح إزاء مسائل الفهم ومسائل الواقع والتاريخ. فهي تحّول ما ليس ممضىاً إلى ممضى أوإلى أيديولوجية. ومنها أيضاً الأصولية الوضعية التي تزعم حتى بوسع الفهم حل جميع المسائل والمشكلات التي تعترض الحياة الإنسانية، وأن ما لايمكن للفهم حتى يقيسه ويختبره ويتسقطه هوشيء غير موجود. وبهذا تستبعد أحمل أبعاد الحياة كالإيمان والحب والإبداع الفني والحلم، وتتجاهل الوجه القبيح للتقدم الذي يتجلى في تشييء الإنسان وتدمير البيئة واحتكار الثروة والقوة.

وتعد الأصولية الستالينية، من بعض وجوهها، مظهراً من مظاهر الأصولية الوضعية، ومن وجوه أخرى مظهراً من مظاهر الأصولية الفهمانية، إذ نطقت باستقرار الكائن الحي وأعربته حقيقة مطلقة وحولت الإنسان إلى موضوع للفهم، والمجتمع إلى موضوع للإرادة ووضعت الاقتصاد، وليس الإنسان، في مركز دائرة الحياة الاجتماعية والسياسية، ونظرت إلى الغد على أنه «انعكاس» لواقع ناجز ومحدد تحديداً نهائياً. فضلاً عن مقولة «الحتمية» التاريخية التي تجعل منها ممضىاً جبرياً (بالمعنى الديني)، وعن نزعتها «القانونية» التي ترى حتى هنالك ثلاثة أسس للمادية وأربعة قوانين للديالكتيك. وكذلك الانادىء بامتلاك الحقيقة المطلقة، والسعي إلى فرضها عنوة.

وفي هذا السياق يمكن الحديث عن أصوليات عنصرية أخرى كتلك التي قامت عليها النازية في ألمانيا والصهيونية العالمية، وأصوليات «إثنية» قومية نشطت بعد تفكك الاتحاد السوفييتي والاتحاد اليوغسلافي. كما تجدر الإشارة إلى المكارثية، في الولايات المتحدة الأمريكية، التي كانت نوعاً من «محكمة تفتيش» أخذت على عاتقها ملاحقة المفكرين والمثقفين والسياسيين المعارضين لأيديولوجية الولايات المتحدة الأمريكية وسياستها، وتصفيتهم، ولاسيما في فترة الحرب الباردة.

المصادر

  • روجيه غارودي، الأصوليات المعاصرة، أسبابها ومظاهرها، تعريب خليل أحمد خليل (دار عام ألفين، باريس 1992).
  • الشهرستاني، أبوالفتح محمد بن عبد الكريم بن أبي بكر أحمد، الملل والنحل.
  • فؤاد زكريا، الصحوة الإسلامية في ميزان العقل، دار التنوير (بيروت 1985).
  • إميل برهييه، تاريخ الفلسفة، العصر الوسيط والنهضة، ترجمة جورج طرابيشي (دار الطليعة، بيروت 1983).

مراجع

  1. ^ "معلومات عن أصولية على مسقط monde-diplomatique.fr". monde-diplomatique.fr. مؤرشف من الأصل في 26 مارس 2017.
  2. ^ "معلومات عن أصولية على مسقط psh.techlib.cz". psh.techlib.cz. مؤرشف من الأصل في 31 أكتوبر 2019.
  3. ^ "معلومات عن أصولية على مسقط ne.se". ne.se. مؤرشف من الأصل فيسبعة أكتوبر 2017.
تاريخ النشر: 2020-06-01 19:21:17
التصنيفات: أصولية دينية, أيديولوجيات سياسية, عقائد سياسية, عوائق التفكير النقدي, مصطلحات دينية, مقالات تحتوي نصا بالإنجليزية, صفحات بها وصلات إنترويكي, بوابة أخلاقيات/مقالات متعلقة, بوابة علم الاجتماع/مقالات متعلقة, بوابة الأديان/مقالات متعلقة, بوابة فلسفة/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

عاجل.. باريس سان جيرمان يعلن عن إصابة “مفاجئة” لحكيمي

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-26 15:15:21
مستوى الصحة: 37% الأهمية: 45%

الاعلان عن موعد إفتتاح المركز الاستشفائي مولاي يوسف بالرباط

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-26 15:15:23
مستوى الصحة: 43% الأهمية: 35%

"الاتصالات" تعقد أول مزاد عالمي لترددات الشبكات غير الأرضية في أغسطس

المصدر: صحيفة اليوم - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-02-26 12:24:55
مستوى الصحة: 34% الأهمية: 45%

عاجل: الإصابات في تراجع .. 127 إصابة بكورونا أقل عن الأمس

المصدر: صحيفة اليوم - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-02-26 12:24:54
مستوى الصحة: 41% الأهمية: 50%

اختتام فعاليات الملتقى الوطني الاول للتربية الطرقية بتزنيت

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-26 15:15:20
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 38%

لحظة بلحظة.. وزيرة الهجرة تتابع أوضاع الجالية المصرية بأوكرانيا

المصدر: الرئيس نيوز - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-26 12:24:47
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 70%

وزارة الإنتقال الرقمي و إصلاح الإدارة تُعلن تجميد "إقتطاعات التلقيح"

المصدر: زاكورة بريس - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-26 15:15:12
مستوى الصحة: 16% الأهمية: 19%

مأساة جديدة في أوكرانيا.. مقتل زوجان وطفلهما بالرصاص

المصدر: الإمارات اليوم - الإمارات التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-02-26 12:25:10
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 69%

صاروخ يصيب مبنى سكني في كييف

المصدر: الإمارات اليوم - الإمارات التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-02-26 12:25:10
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 53%

السلطات المحلية تطيح بلص روع التلميذات بمراكش

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-26 15:15:18
مستوى الصحة: 38% الأهمية: 36%

أسعار بيع المواد الغذائية الأساسية بالتقسيط بأسواق جهة مراكش

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-26 15:15:18
مستوى الصحة: 43% الأهمية: 40%

روسيا تعلن استهداف بنى تحتية عسكرية في اوكرانيا بصواريخ كروز

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-26 15:15:19
مستوى الصحة: 36% الأهمية: 38%

تحميل تطبيق المنصة العربية