علم النفس السلامي
عودة للموسوعةفهم النفس السلامي هوفرع عن فهم النفس ودراسات السلام، يبحث في الجوانب النفسية للسلام والصراع والعنف والحرب. يقوم فهم النفس السلامي على أربعة أركان متّصلة: (1) البحث الفهمي، و(2) التعليم، و(3) الممارسة، و(4) المناصرة. الركن الأول، وهوالبحث الفهمي، وهوفحوى هذه الموضوعة.
تقوم الأنشطة السلامية النفسية على نظريّات وأساليب في فهم النفس، وترتبط معياريًّا أدواتها وأهدافها بتحقيق سلام مستدام باستخدام أدوات لا عنفيّة (ما أمكن). يعرَّف السلام والعنف عادةً بمفاهيم جوهان غالتنغ الموسعة، فالسلام ليس مجرد غياب العنف الشخصي المباشر والحرب (السلام السلبي)، بل هوأيضا غياب العنف الثقافي البنيوي (السلام الإيجابي). يمكن فهم السلام المثالي على أنه التطبيق الكامل لحقوق الإنسان (المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية)، سيضمن هذا تلبية الحاجات الإنسانية الأساسية، كالهوية الفردية والمجتمعية الإيجابية، والشعور بالسيطرة والأمان والعدالة الاجتماعية والرفاه والبيئة الآمنة والوصول إلى الغذاء الكافي وتأمين المأوى.
من المنظمات التي تهتم بفهم النفس السلامي مثلًا: في الولايات المتحدة مجتمع دراسات السلام والصراع والعنف (قسم فهم النفس السلامي [القسم 48] التابع لجمعية فهم النفس الأمريكية) ومنظمة فهماء نفس من أجل المسؤولية الاجتماعية، وهي منظمة غير حكومية مقرها في واشنطن. في ألمانيا منتدى فرايدنسايكولوجي وفي جمعية فهم النفس الأسترالية مجموعة تدعى فهماء نفس من أجل السلام. على المستوى العالمي لدينا لجنة الدراسات النفسية السلامية، والشبكة العالمية لفهماء النفس من أجل المسؤولية الاجتماعية، وهي شبكة تربط المنظمات من البلدان المتنوعة، من هذه البلدان: ألمانيا وفنلندا والولايات المتحدة وأستراليا وكوستاريكا والهند وإيطاليا.
البحث الفهمي
يمكن حتىقد يكون البحث الفهمي النفسي السلامي تحليليًّا (بحثًا عن السلام) أومعياريًّا (بحثًا من أجل السلام). وبصرف النظر عن توجهه التحليلي أوالسلامي، يتعامل البحث الفهمي في فهم النفس السلامي أوّلًا مع الجوانب النفسية لتشكيل الصراعات وتصعيدها والحد منها وحلّها، ومع الظروف النفسية التي تؤدي إلى السلام المستدام أوتحدده، ومع الآثار الاجتماعية النفسية للحرب والعنف. لكل حالة من هذه الحالات مستواها الخاص من التحليل والتفسير، من مستوى الأفراد إلى الجماعات والمنظمات المجتمعية والمؤسسات التعليمية والدولة وأنظمة الدول (كالاتحاد الأوربي) والأحلاف العسكرية (كحلف الناتو) وأنظمة الأمن الجماعية (كالأمم المتحدة ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا).
تشكيل الصراع وتصعيده
يركّز فهم النفس السلامي على الجوانب النفسية لتشكيل الصراعات وتصعيدها والحد منها وحلها. ينشأ الصراع عندما يرى أحد طرفيه أوكلاهما حتى تسقطاتهما أورغباتهما أواحتياجاتهما أوأفعالهما متناقضة. يركّز فهم النفس السلامي في المقام الأول على الصراعات بين المجموعات في المجتمع (كالصراعات بين الطوائف أوالأحلاف أوالأديان أوالدول)، عندما تكون هذه الصراعات هادفة إلى القوة أوالثروة أوالمواد الأولية والأسواق أوالقِيَم الدينية أوالثقافية أوالشرف أوالكرامة أوالتقدير. يجب في الصراعات حتى نفرّق بين المواقف العلنية (من مثل «نحن لا نتفاوض مع الجهة الفلانية») والرغبات الخفية (كالقوة أومجالات النفوذ والثروة) وكذلك بين المحفزات الحالية (كالعنف في مظاهرة سياسية) والأسباب النظامية البنيوية المستمرة (كغياب المشاركة السياسية لمجموعة ما أوعجزها عن الحصول على عمل). ومع حتى الصراعات لا يمكن تجنبها وقد تقود إلى تغيير إيجابي عندما تُعامَل بطريقة بناءة، فإن منع تصعيد الصراعات وحوادث العنف شيء ممكن. تؤثّر العمليات السايكولوجية لمعالجة المعلومات (الانتباه والتصوّر والتذكّر والتفكّر والحكم) والعاطفة والتحفيز على كيفية التعامل مع الصراع، لا سيما إذا صُعّدت الصراعات إلى أحداث عنف. من العوامل المهمة اختلاف وجهات النظر عن الصراع بين طرفيه، كأن ينظر الخصم إلى عمل خصمه القائم على نية حسنة على أنه عدواني؛ فيزيد في التصعيد. يمكن تصعيد الصراعات بسهولة. ويمكن حتى تنشأ دورة عنف يشهجر فيها الطرفان، ويمكن حتى تصبح الفريسة السابقة مفترسة، دون حتى تدرك ذلك (وهوما يسمى خرافة الضحية).
من الأمور التي تزيد الصراع حدة تكوين صورة عن العدو، والحرب النفسية والبروباغندا التي تنشرها وسائل الإعلام والنُّخَب السياسية وأنظمة التعليم والمجتمع والرموز الثقافية وغيرها. وقد تكون صورة العدوهذه في صلبها حقيقية، ولكنها تبالغ في وصف الجوانب السلبية للعدو. من العناصر الأساسية لصورة العدوالقوية: (1) الحطّ من العدو(عدواني، غير أخلاقي، ولكن منحط في الوقت نفسه)، و(2) لوم طرف واحد على الأحداث السلبية، و(3) اختلاف الحكم على العمل إذا كان فاعله صديقًا لا عدوًا (الكيل بمكيالين، أوازدواجية المعايير، مثل «بناء جيشنا من أجل الدفاع عن النفس، ولكن بناء العدوجيشَه عدوان»). هذه البنى تؤدي إلى سلب العدوإنسانيته، ثم عد تطبيق المعايير الأخلاقية في التعامل معه. في الحالات المتطرفة تصبح معاناة العدوأوقتله شيئًا مقبولًا، أوحتّى مرغوبًا. إذا الوظيفة الأساسية لتشكيل صورة العدوهي تبرير التسلح والعنف والحرب. وهي فوق ذلك تعزز صورة الذات الفردية والجمعية.
تتضمن الحرب النفسية أساليب توليد دعم السكان المدنيين والجيش لشنّ الحرب، أوتقوية هذا الدعم. من هذه الأساليب التضليل باستعمال الإعلام (البروباغندا الحربية)، والتخريب والتهجير والقتل والإرهاب. تتألف البروباغندا الحربية من استراتيجيتين متكاملتين: (1) تكرير المعلومات التي تعزز صورة العدووتخيف الناس منه والهجريز عليها وزخرفتها وذكرها بالتفاصيل، و(2) تجاهل المعلومات التي تقود إلى تخفيض الصراع أوالحطّ من قيمتها. بالإضافة إلى هذا، قد يُستفز السلوك السلبي للخصم (من خلال المناورات على الحدود مثلًا) أوتُلفَّق التهم للعدوبأنه اقترف أعمالًا شنيعة (كشهادة نيرة).
آثار الحرب والعنف
يدرس فهم النفس السلامي الحرب والعنف بين المجموعات أيضًا بهدف إيضاح التكاليف النفسية والاجتماعية للحرب والعنف ولتوثيق المعاناة الإنسانية الناجمة. من الآثار النفسية: الصدمات النفسية (بين السكان المدنيين، ولكن قد تصيب العساكر أيضًا) والأذى الذهني أوالعاطفي، وتدمير علاقات اجتماعية وثيقة. لا تحل الحروب عادةً المشكلات المخفية، بل تشعل حروبًا وأحداث عنف جديدة. يُلاحظ مثلا في المجتمعات التي انتهت الحرب فيها زيادة مستوى العنف الأسري والمجتمعي. وتفقد فوق هذا الموارد اللازمة للتعامل مع المشكلات المدنية (كالتعليم والصحة والرفاه الاجتماعي). لم يزل البحث قائمًا عن آثار الحرب وعواقبها.
المراجع
- ^ See http://www.peacepsych.org/peace-resources.htm
- ^ Galtung, J. (1969). Violence, peace, and peace research. Journal of Peace Research, 6 (3), 167-191.
- ^ Galtung, J. (1990). Cultural violence. Journal of Peace Research, 27 (3), 291-305.
- ^ Christie, D. J., Wagner, R. V., & Winter, D. D. (2001). Introduction to peace psychology. In D. J. Christie, R. V. Wagner, & D. D. Winter (Eds.), Peace, conflict, and violence: Peace psychology for the 21st century (pp. 1-13). Englewood Cliffs, NJ: Prentice-Hall.
- ^ Tropp, L. R. (2012). Understanding and responding to intergroup conflict: Toward an integrated analysis. In L. R. Tropp (Ed.), The Oxford handbook of intergroup conflict (pp. 3-10). Oxford: Oxford University Press.
- ^ See http://www.inspsysr.org/[وصلة مكسورة]
- ^ Bar-Tal, D. & Hammack, P. L. (2012). Conflict, delegitimization, and violence. In L. R. Tropp (Ed.), The Oxford handbook of intergroup conflict (pp. 29-52). Oxford: Oxford University Press.
- ^ Psychologists for Social Responsibility (2004). Enemy images: A resource material for reducing enmity. Washington, DC: Psychologists for Social Responsibility. http://www.psysr.org/about/pubs_resources/Enemyimagesmanual.pdf
- ^ Jaeger, S. (2004). Propaganda und Kriegsberichterstattung. In G. Sommer & A. Fuchs (Eds.), Krieg und Frieden: Handbuch der Konflikt- und Friedenspsychologie (pp. 317-329). Weinheim: Beltz.
التصنيفات: سلام, فروع علم النفس, جميع المقالات ذات الوصلات الخارجية المكسورة, مقالات ذات وصلات خارجية مكسورة منذ مارس 2018, مقالات يتيمة منذ يناير 2020, جميع المقالات اليتيمة, جميع المقالات التي بحاجة لصيانة, بوابة علم النفس/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات