الحرية الدينية في فرنسا

عودة للموسوعة

الحرية الدينية في فرنسا مكفولة بالحقوق الدستورية المنصوص عليها في «إعلان حقوق الإنسان والمواطن» عام 1789.

منذ عام 1905، أصبحت فرنسا دولة فهمانية، واتبعت الحكومة الفرنسية مبدأ «اللائكية» (الفهمانية الفرنسية)، إذ لا تعترف الدولة بأي دين رسمي (باستثناء القوانين القديمة مثل «قانون الملحق الديني العسكري» والقانون المحلي في «الألزاس موسيل»). بدلًا من ذلك، فهي تعترف فقط بمنظمات دينية معينة، وفقًا للمعايير القانونية الرسمية التي لا تتناول المذاهب الدينية. في اللقاء، تُمنع المنظمات الدينية من المشاركة في تشكيل سياسة الدولة.

وفقًا لـ «مركز بيوللأبحاث» في عام 2017، تتمتع فرنسا بمستوى عالٍ من القيود الحكومية على الدين. من بين الدول الـ 25 الأكثر اكتظاظًا بالسكان، تعد فرنسا من بين 12 دولة ذات مستوعالٍ من القيود الدينية، وفقًا لبيانات عام 2015. في أوروبا، تتمتع فرنسا بثاني أعلى مستوى من القيود الدينية، بعد روسيا فقط.

نظرة عامة

الحكومة والمنظمات الدينية

تُعرّف العلاقة بين الحكومة والمنظمات الدينية في فرنسا بموجب «قانون الفصل بين الكنيسة والدولة» الصادر عام 1905. الجملة الأولى من القانون هي:

«الجمهورية تؤكد على حرية العقيدة. فهي تضمن حرية ممارسة العبادة الدينية تحت القيود الوحيدة لخدمة المصلحة النظام العام. الجمهورية لا تمنح الاعتراف ولا تدفع ولا تدعم أي كنيسة».

ينص إعلان حقوق الإنسان والمواطن عام 1789، الذي تعتبره السلطات القانونية ذي مكانة قانونية مساوية لدستور فرنسا، على ما يلي:

«لن يجري استجواب أي إنسان عن آرائه، ونفس الأمر ينطبق على آرائه الدينية، شريطة حتى لا يؤدي التعبير عنها إلى اضطراب النظام العام الذي يقره القانون».

و:

«يحق للقانون منع الأعمال الضارة فقط بالمجتمع. لا يمكن إعاقة أي شيء لا يحظره القانون، ولا يمكن تقييد أي إنسان على عمل ما لا يأمر به القانون».

بالتالي، لا يمكن للحكومة الفرنسية تنظيم الأنشطة الدينية وحظرها بشكل استبدادي؛ فهي مُقيدة بشكل صارم بتنظيمه فقط إلى الحد الذي يضمن الحماية للنظام العام بالإضافة لحظر الأعمال الضارة بالمجتمع (مثل التضحيات البشرية).

لم ينشأ المفهوم الفرنسي للحرية الدينية عن التعددية الموجودة للأديان، ولكن تنبع جذوره من تاريخ الكاثوليكية الرومانية باعتبارها الديانة الرسمية الوحيدة في الماضي، الذي تضمن اضطهاد الأشخاص الذين لا يؤيدونها، أوالذين يحيدون عن الخط الأكثر رسمية، من «الكاثارين» إلى «الهوغونوتينين» و«الينسينيين» -استمر هذا الاضطهاد حتى الثورة الفرنسية.

يُعد الإصرار الفرنسي على إبعاد الدين عن جميع الأمور العامة (اللائكية أوالفهمانية) سمة بارزة في النظرة الفرنسية المثالية للمواطنة. يلعب مفهوم الفهمانية هذا أيضًا دورًا في المناقشات الجارية حول ارتداء النساء المسلمات للحجاب في المدارس العامة. في عام 2004، أصدر البرلمان الفرنسي قانونًا يحظر ارتداء الزي الديني المتفاخر في المدارس الابتدائية والثانوية العامة؛ وضمت الدوافع تقليد إبقاء المناقشات الدينية والسياسية والتبشير خارج هذه المدارس، وكذلك الحفاظ على حرية الطالبات المسلمات اللاتي يُجبرن على ارتداء أزياء معينة نتيجة ضغط أقرانهن.

دائمًا ما اعترفت الجمهورية الفرنسية بالأفراد بدلًا من الجماعات وترى حتى الولاء الأول لمواطنيها هوللمجتمع بشكل عام وليس لجماعة معينة سواء كانت دينية أوغير ذلك؛ يُعتبر الموقف المعارض، والمعروف باسم «الفكر الجماعي»، غير مرغوب بشكل عام في الخطاب السياسي في فرنسا. من ناحية أخرى، ترى الدولة أنها مسؤولة أيضًا عن حماية الأفراد من الجماعات بدلًا من حماية الجماعات نفسها سواء كانت دينية أوغير ذلك.

بعيدًا عن الحالات الخاصة بسبب الظروف التاريخية (مثل قانون الملحق الديني العسكري والقانون المحلي في الألزاس موسيل)، تحظر الحكومة الفرنسية بموجب القانون منح الاعتراف الرسمي للأديان، كما تمتنع عن تمويلها أودفع رواتب موظفيها. ومع ذلك، تمنح الحكومة الاعتراف للكيانات القانونية (الجمعيات) التي تدعم الأنشطة الدينية. الفرق مهم، لأن الحكومة الفرنسية ترفض تعريف الدين من غيره، وترفض تحديد حدود الأديان بشكل قانوني. تلعب الدولة دورًا في تعيين الأساقفة، مباشرة في مدينتي «ستراسبورغ» و«ميتز»، وبشكل غير مباشر (ولكن مع استخدام نادر لحق النقض) في الأساقفة الأبرشية الأخرى. ونتيجة لذلك، يُعين مواطنون مناسبون فقط ولا تعكس الأسقفية التنوع الإثني لممارسة الكاثوليكيين في فرنسا.

يجوز للأفراد المُنظمين كمجموعات خاصة بالعبادة حصريًا (جمعيات العبادة) تسجيل أنفسهم على هذا النحووالحصول على إعفاءات ضريبية كبيرة يحددها القانون. تتمتع الجماعات الدينية ذات الأنشطة غير العبادية (مثل الجمعيات الإنسانية) بالحرية في تنظيمها كجمعيات مع الإعفاءات الضريبية المعتادة الممنوحة للجمعيات الفهمانية. تُضم هذه التعريفات من خلال مجموعة واسعة من الفقه القضائي (قانون السوابق القضائية بشكل عام) التي هجرز على أنشطة المجموعات من الناحية المالية، ولا تأخذ المذاهب الدينية بعين الاعتبار وفقًا للقانون.

نحو50% من السكان في فرنسا هم من الروم الكاثوليك، و4 إلى 5% من المسلمين، ونحو3% من البروتستانت، و1% من اليهود، و1% من البوذيين، و1% من الطوائف الأخرى، و40% من اللادينيين (30% من الملحدين). نسبة المواظبة على الذهاب إلى الكنيسة منخفضة بين الكاثوليكيين، وتشير الاستطلاعات إلى حتى نسبة كبيرة من السكان ملحدون أولا أدريون. نظرًا لأن الحكومة الفرنسية لا تجمع بيانات حول التفضيلات الدينية للمواطنين، يجب الحرص عند استخدام هذه الأرقام المقتبسة.

مواقف فرنسا من الأديان والأقليات الدينية

منذ سبعينات وثمانينات القرن العشرين، أصبح عدد متزايد من الحركات الدينية الجديدة نشطًا في فرنسا. اعتُبرت مجموعة معينة من المعتقدات مثل «السيانتولوجيا» أو«أبناء الرب» و«كنيسة التوحيد» و«الرائيلية» وأخوية المعبد الشمسي على أنها طوائف دينية خطيرة أوإجرامية في التقارير البرلمانية.

برر المسؤولون والجمعيات، اللذين يحاربون تجاوزات هذه الجماعات، هذه التدابير بضرورة امتلاك الأدوات القانونية المناسبة وضرورة محاربة المنظمات الإجرامية المُتخفية كمجموعات دينية شرعية. أكد وزعم النقاد على حتى تلك الأفعال استهدفت بشكل غير عادل ديانات الأقليات، وعرضت الحرية الدينية للخطر، وكانت مدفوعة بالتحامل (أي الأحكام المسبقة). أصبحت القضية أكثر تعقيدًا نظرًا لحقيقة تتمركز بعض المجموعات المعنية في الولايات المتحدة، حيث تمارس الضغط على تدخل الحكومة في شؤونها.

العقبات

كانت فرنسا، وكذلك البلدان الأخرى، على دراية بمختلف المآسي التي تسببت بها مجموعات وُصفت بأنها «طوائف دينية مدمرة» مثل «معبد الشعوب» و«الفرع الداوودي» و«أوم شينريكيو» وجرائم القتل الانتحارية التي قام بها أتباع أخوية معبد الشمس التي سقطت في مقاطعة كيبك، سويسرا وفي فرنسا. بالإضافة لذلك، اتُهمت بعض الجماعات مثل «كنيسة السيانتولوجيا» بالاحتيال على أعضائها.

لا يؤيد سكان فرنسا بشكل عام المجموعات التي تُوصف بأنها طوائف دينية. في عام 2000، أشار استطلاع ضم 1000 إنسان إلى حتى غالبيتهم يعتبرون حتى الطوائف الدينية تشكل تهديدًا كبيرًا على الديمقراطية (73%) وعلى أسرهم وأصدقائهم (66%) وأنفسهم (64%) وفضل 86% منهم (76% من أتباع الديانات الأخرى غير الكاثوليكية) التشريعات التي تقيد هذه الطوائف. يدعي قادة الأقلية البروتستانتية الفرنسية حتى الحرية الدينية كانت محمية حقًا في فرنسا وأن الحساسية الثقافية والعلاقات الحريصة مع السلطات المحلية والمسيحيين الآخرين يمكن حتى تمنع معظم هذه العقبات.

المراجع

  1. ^ "Religious restrictions vary significantly in the world's most populous countries". مركز بيوللأبحاث. 13 April 2017. مؤرشف من الأصل في 23 ديسمبر 2019.
  2. ^ "Global Restrictions on Religion Rise Modestly in 2015, Reversing Downward Trend". Pew Research Center's Religion & Public Life Project. مركز بيوللأبحاث. 11 April 2017. مؤرشف من الأصل في 21 فبراير 2020.
  3. Tincq, Henri (10 January 2007). "Les Français sont de moins en moins catholiques". لوموند. مؤرشف من الأصل فيعشرة أبريل 2013. اطلع عليه بتاريخ 14 مارس 2012.
  4. ^ "International Religious Freedom Report 2007". مؤرشف من الأصل في 09 مارس 2020. اطلع عليه بتاريخ 08 فبراير 2011.
  5. ^ "Commission d'enquête sur les sectes". مؤرشف من الأصل في 09 مارس 2020.
  6. ^ The New Heretics of France: Minority Religions, la Republique, and the Government-Sponsored "War on Sects" Susan J. Palmer 2011
تاريخ النشر: 2020-06-01 20:34:13
التصنيفات: حرية الدين حسب البلد, حقوق الإنسان في فرنسا, مقالات يتيمة منذ مارس 2020, جميع المقالات اليتيمة, مقالات يتيمة (فرنسا), جميع المقالات التي بحاجة لصيانة, بوابة فرنسا/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

ارتفاع سقف مطالب معتصمي «العبيدية» شماليّ السودان

المصدر: صحيفة التغيير - السودان التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-09 00:22:48
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 60%

لبنان: مقتل مسؤول في «فتح» بالرصاص في مخيم عين الحلوة

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-09 00:22:59
مستوى الصحة: 89% الأهمية: 85%

عمليات الاحتيال تتزايد... والبنوك السعودية تحذّر «خلّك حريص»

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-09 00:22:57
مستوى الصحة: 81% الأهمية: 97%

السودان: الموقف من حلف مناهض للانقلاب يضع «الشعبية» بمفترق طرق

المصدر: صحيفة التغيير - السودان التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-09 00:22:37
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 63%

البنتاجون يكشف حصيلة ضحايا روسيا في الحرب الأوكرانية

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-08-09 00:22:17
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 54%

واشنطن: حصيلة القتلى والجرحى الروس في أوكرانيا 80 ألفاً

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-09 00:22:58
مستوى الصحة: 84% الأهمية: 100%

مسؤول أممي يشيد بدور مصر في وقف إطلاق النار بين الإسرائيليين

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-08-09 00:22:23
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 57%

وزير دفاع الاحتلال: سنشن هجمات استباقية لحماية مواطنينا من ط

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-08-09 00:22:02
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 65%

واشنطن تعلن تقديم أسلحة جديدة لأوكرانيا بقيمة مليار دولار

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-09 00:23:03
مستوى الصحة: 83% الأهمية: 85%

الخارجية الصينية: نقدر جهود مصر للتوصل إلى وقف إطلاق النار فى غزة

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-08-09 00:21:57
مستوى الصحة: 40% الأهمية: 48%

ترقب مشوب بقلق حول صمود هدنة غزة

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-09 00:23:01
مستوى الصحة: 83% الأهمية: 99%

الخارجية الصينية: نقدر جهود مصر للتوصل إلى وقف إطلاق للنار ف

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-08-09 00:22:26
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 66%

المالكي يرفض حل البرلمان العراقي وإجراء انتخابات مبكرة

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-08-09 00:22:13
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 51%

معهد ألماني يحذر من "أمراض غريبة" بسبب التغير المناخي

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-08-09 00:22:09
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 63%

محمد عمر مديرًا فنيًا للاتحاد السكندرى لنهاية الموسم.. رسميًا

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-08-09 00:21:55
مستوى الصحة: 40% الأهمية: 47%

مقتل قهوجي مصري بسبب «رش المياه»! - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-08-09 00:23:09
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 52%

مصطفى كامل يقرر الترشح لمقعد نقيب الموسيقيين بالانتخابات المقبلة

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-08-09 00:21:56
مستوى الصحة: 39% الأهمية: 45%

لماذا تعيد الولايات المتحدة رسم سياستها في إفريقيا؟

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-08-09 00:22:06
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 54%

تحميل تطبيق المنصة العربية