تابعون

التابعون في التاريخ الإسلامي هم شخصيات إسلامية لم تعاصر النبي محمد بن عبد الله، وعاشت في فترة لاحقة بعد وفاته (في القرن الأول والقرن الثاني الهجري) أوعاشت في فترته ولم تره وإنما كان إيمانها ودخولها للإسلام بعد وفاته، وكان لها دور ملحوظ في فترة حياتها فتفهمت الحديث من الصحابة وفهمته إلى غيرها وكانوا من الذين يتبعون سنن النبي محمد والصحابة.

تعريف التابعين

التابعي :عند ابن حجر وهومن لقي صحابي كذلك. فالأول : المرفوع، والثاني : الموقوف، والثالث : المقطوع، ومن دون التابعي فيه مثله. وينطق للأخيرين : الأثر.والمسند.

وعند ابن الصلاح التابعي من صحب الصحابي، (التابع بإحسان)، وينطق للواحد منهم تابع وتابعي. ويكفي فيه حتى يسمع من الصحابي أويلقاه، وإن لم توجد الصحبة العهدية. والاكتفاء في هذا بمجرد اللقاء والرؤية أقرب منه في الصحابي، نظراً إلى مقتضى اللفظين فيهما، والتابعي من صحب صحابيا ولا يكتفي بمجرد اللقي بخلاف الصحابي مع النبي محمد فإنه يكتفى بذلك لشرف النبي وعلومنزلته فالاجتماع به يؤثر النور في القلب أضعاف ما يؤثره الاجتماع الطويل بالصحابي وغيره من الأخيار وأشار النبي إلى الصحابة والتابعين بقوله (طوبى لمن رآني وطوبى لمن رآى من رآني).

والتابعون هم الطبقة الثانية من المسلمين الذين أخذوا فهمهم ودينهم من صحابة رسول الله وقاموا خلفهم بحمل الرسالة والدعوة إليها وقد التف التابعون حول الصحابة يأخذون عنهم القرأن والحديث وينهلون من علوم الشرع على الصورة التي نقلوها لهم عن رسول الله وتتلمذوا على يد الصحابة بإقبال وشغف ومحبة ثم كان لهم الشرف في حمل ذلك ونشره وكان الصحابة قد تفرقوا في الأمصار وأشتهر في جميع بلد عدد معين من التابعين وكانوا حلقة مهمة ومحكمة ومؤثرة بين الصحابة وجيل أئمة المذاهب وتلاميذهم ومن اتى بعدهم.

فضلهم

بحسب التفاسير فإنهم المقصودين من الآية القرآنية: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ [9:100]، وقد اشتملت الآية على أبلغ الثناء من الله على السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان، حيث أبلغ الله أنه رضي عنهم ورضوا عنه بما أكرمهم به من جنات النعيم، وذكر محمد الأمين الشنقيطي حتى الذين اتبعوا السابقين بإحسان يشاركونهم في الخير. نطق حافظ الحكمي: «وقد رتب الله تعالى فيها الصحابة على منازلهم وتفاضلهم، ثم أردفهم بذكر التابعين في قوله تعالى: والذين جاؤوا من بعدهم».
يروي البخاري ومسلم عن عمران بن حصين يقول نطق رسول اللَّه: «"خَيْرُ أُمَّتِي قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ. قَالَ عِمْرَانُ فَلاَ أَدْرِي أَذَكَرَ بَعْدَ قَرْنِهِ قَرْنَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا " ثُمَّ إِنَّ بَعْدَكُمْ قَوْمًا يَشْهَدُونَ وَلاَ يُسْتَشْهَدُونَ، وَيَخُونُونَ وَلاَ يُؤْتَمَنُونَ، وَيَنْذُرُونَ وَلاَ يَفُونَ، وَيَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ». نطق شرف الدين الطيبي: «يعني الصحابة ثم التابعين»، ونطق الحافظ ابن حجر: «والمراد بقرن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: الصحابة، وأما قرن التابعين فإن اعتبر من سنة مائة كان نحوسبعين أوثمانين، وأما الذين بعدهم فغن اعتبر منها كان نحواً من خمسين».
خطب عمر بن الخطاب الناس فنطق في خطبته: «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام في مثل مقامي هذا فنطق: ألا أحسنوا إلى أصحابي، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم».

تدوين الحديث

لم تشهد السنة النبوي في عهد الرسول وكبار الصحابة أي حركة للتدوبن الرسمي كما دون القرآن، ولم يأمر النبي أصحابه بذلك، وانقضى عصر الصحابة ولم يدون من السنة إلا القليل، حتى اتى الخليفة عمر بن عبد العزيز فأمر بجمع الحديث لدواع اقتضت ذلك، بعد حفظ الأمة لقران، وأمنها عليه حتى يشتبه بغيره من السنن. بعد حتى تلقى التابعون علومهم على يدي الصحابة، وخالطوهم وعهدوا جميع شيء عنهم، بدأت فترة تدوين الحديث، روي عن أبي قلابة نطق: «خرج علينا عمر بن عبد العزيز لصلاة الظهر ومعه قرطاس، ثم خرج علينا لصلاة العصر وهومعه، فقلت له: يا أمير المؤمنين، ما هذا الكتاب، نطق: حديث حدثني به عون بن عبد الله فأعجبني فخطته». وبهذا بدأ تدوين وكتابة الحديث من قبل التابعين، ومنهم أكابرهم سعيد بن جبير والحسن البصري، وروي حتى هشام بن عبد الملك طلب من عامله حتى يسأل التابعي راتى بن حيوة عن حديث، فيقول راتى: «فكنت قد نسيته لولا أنه كان عندي مكتوباً»، وكان عطاء بن أبي رباح يخط لنفسه ويأمر ابنه أحياناً حتى يخط له، وكان طلابه يخطون بين يديه، وقد بالغ في حض طلابه على التفهم والكتابة، وعن أبي حكيم الهمداني نطق: «كنت عند عطاء بن أبي رباح ونحن غلمان، فنطق: يا غلمان، تعالوا اخطوا، فمن كان منكم لا يحسن خطنا له، ومن لم يكن معه قرطاس أعطيناه من عندنا». فنشطت الحركة الفهمية وازدادت معها الكتابة والقراءة على الفهماء، روى عن الوليد بن أبي السائب نطق: «رأيت مكحولاً ونافعاً وعطاء تقرأ عليهم الأحاديث، وكثرت الصحف المدونة، حتى إذا خالد الكلاعي جعل فهمه في مصحف له أزرار وعرا».

تدريس الحديث

لم يكتف عمر بن عبد العزيز بالأمر بجمع السنة بل حث الفهماء على نشرها في المساجد، روى البخاري حتى عمر بن عبد العزيز خط إلى أبي بكر بن حزم يقول: «ولتُفشوا الفهم، ولتجلسوا حتى يُعلَّم من لا يَفهمُ، فإن الفهم لا يهلك حتىقد يكون سراً». وعقدت حلقات تدريس الحديث الشريف في مساجد المدن الإسلامية، وجلس المحدثون لتدريس الناس ورواية الأحاديث لهم. وشهد عهد التابعين جهوداً فهمية كبيرة في رواية السنة ونشرها بين الناس في صحف خطوا فيها أحاديثهم التي سمعوها من صحابة رسول الله، وانتشرت كتابة الحديث في جيل التابعين على نطاق أوسع مما كان في زمن الصحابة، إذ أصبحت الكتاب ملازمة لحلقات الفهم المنتشرة في الأمصار الإسلامية آنذاك.

الخط المدونة في عصر التابعين يفوق الحصر، وقد ذكر الدكتور محمد مصطفى الأعظمي عدداً كبيراً منها:

صحيفة أوصحف سعيد بن جبير تلميذ ابن عباس.
صحيفة بشير بن نهيك خطها عن أبي هريرة وغيره.
صحف مجاهد بن جبر تلميذ ابن عباس.
صحيفة أبي الزبير محمد بن مسلم بن تدرس المكي تلميذ جابر بن عبد الله، يروي نسخة عنه وعن غيره.
صحيفة زيد بن أبي أنيسة الرهاوي.
صحيفة أبي قلابة التي أوصى بها عند موته أيوب السختياني.
صحيفة أيوب بن أبي تميمة السختياني.
صحيفة هشام بن عروة بن الزبير.
صحيفة همام بن منبه، عن أبي هريرة رضي الله عنه.

مراجع

↑ فضل التابعين في الكتاب والسنة د. أحمد بن عبد الله الباتلي المسلم. وصل لهذا المسار في 13 سبتمبر 2016 نسخة محفوظة 06 أغسطس 2017 على مسقط واي باك مشين.
^ فضل التابعين في القرآن الكريم مجلة الفرقان. وصل لهذا المسار في 13 سبتمبر 2016 نسخة محفوظة 18 سبتمبر 2014 على مسقط واي باك مشين.
^ تدوين السنة النبوية (1-2) إسلام ويب مسقط الموضوعات. وصل لهذا المسار في 13 سبتمبر 2016 نسخة محفوظة 29 أبريل 2017 على مسقط واي باك مشين.
^ تدوين السنة النبوية (2-2) إسلام ويب مسقط الموضوعات. وصل لهذا المسار في 13 سبتمبر 2016 نسخة محفوظة 04 فبراير 2017 على مسقط واي باك مشين.