عملية المرساة

عودة للموسوعة

كانت عملية المرساة اسمًا لأربعة سلاسل اختبار أسلحة نووية بريطانية لأول القنابل الذرية والهيدروجينية، التي نُفذت بين عامي 1957 و1958 في جميع من جزيرتي مالدن وكريماتي (جزيرة عيد الميلاد) في المحيط الهادئ كجزء من البرنامج البريطاني للقنبلة الهيدروجينية. أجريت تسع تفجيرات نووية، توّجت بتحول المملكة المتحدة إلى ثالث دولة معترف بامتلاكها أسلحة نووية حرارية، وباستعادة العلاقة النووية الخاصة التي تربطها بالولايات المتحدة عبر اتفاقية الدفاع المشهجر بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في عام 1958.

خلال الحرب العالمية الثانية، كان لدى بريطانيا مشروع للأسلحة النووية أُطلق عليه «سبائك الأنابيب»، الذي دُمج مع مشروع مانهاتن الأمريكي في شهر أغسطس/آب من العام 1943. ساهم عددٌ من نخبة الفهماء البريطانيين في مشروع مانهاتن.

بعد الحرب، خشية حتى تفقد بريطانيا مكانتها كقوة عظمى، استأنفت جهودها في تطوير القنابل الذرية، في ما يطلق عليه اليوم «البحث عالي الانفجار». كان الاختبار الناجح للقنبلة الذرية في عملية الإعصار في شهر أكتوبر/تشرين الأول من العام 1952 بمثابة إنجاز فهمي وتكنولوجي هائل، كانت بريطانيا ما تزال متخلفة لسنوات عديدة عن الولايات المتحدة في ما يتعلق بتكنولوجيا الأسلحة النووية.

في شهر يوليو/تموز من العام 1958، قرر مجلس الوزراء تطوير القنبلة الهيدروجينية. خرجت هيئة الطاقة الذرية البريطانية المعروفة بمؤسسة أبحاث الأسلحة الذرية في ألدرماستون بثلاث تصميمات: سُمي الأول «أورانج هيرالد»، وهوسلاح انشطاري معزز ضخم؛ والثاني«غرين بامبو»، وهوتصميم نووي حراري مرحلي؛ أما الثالث فـ«غرين غرانيت»، وهوسلاح نووي حراري حقيقي. اشتملت أول سلسلة تجريبية على ثلاثة اختبارات في جميع من شهري مايوويونيومن العام 1957. في الاختبار الأول المعروف باسم «المرساة 1» أُسقط نوع من الجرانيت الأخضر المعروف باسم الغرانيت القصير من طائرة فيكرز فالينت يقودها قائد الجناح كينيث هوبارد. أنتجت القنبلة طاقةً تقدر ب300 كيلوطن من الـ تي إذا تي (1300 تيرا جول)، أقل بكثير من القدرة التي صممت لأجلها. رغم فشل هذا الاختبار، إلا أنه اعتبر انفجارًا حراريًا ناجحًا، ولم تؤكد الحكومة أوتنفي التقارير التي تحدثت عن تحول المملكة المتحدة إلى قوة نووية حرارية ثالثة. أما الاختبار الثاني فكان باسم «المرساة 2» لسلاح أورانج هيرالد. بلغت قدرة القنبلة ما يقدر بين 720 إلى 800 كيلوطن من مادة التي إذا تي (بين 3000 و3300 تيرا جول)، ما يجعلها سلاحًا من رتبة الميغاطون. كانت أكبر قنبلة بفترة واحدة أنجزت على الإطلاق. كانت «المرساة 3» اختبارًا لسلاح «الجرانيت الوردي»، وهوغرانيت قصير مع بعض الإصلاحات. كانت قدرة القنبلة مخيبة للآمال، إذ بلغت 300 كيلوطن من الـ تي إذا تي (1300 تيرا جول).

كانت هناك حاجة إلى سلسلة اختبارات ثانية. تألفت من اختبار واحد، عُرف باسم «المرساة إكس»، في شهر نوفمبر/تشرين الثاني من العام 1957. تجاوزت قدرة القنبلة هذه المرة 1.8 ميغاطون من الـ تي إذا تي (7.5 بيكوجول) متجاوزةً التسقطات. كانت هذه قنبلة هيدروجينية حقيقية، لكن معظم مردودها كان من الانشطار النووي وليس من الاندماج النووي. في سلسلة ثالثة من الاختبارات عُرفت باسم «المرساة واي» في شهر أبريل/نيسان من العام 1958، اختُبر تصميم آخر. مع قدرة تفجير بلغت نحوثلاثة ميغاطون من الـ تي إذا تي (13 بيكوجول)، بقيت تلك القنبلة أكبر سلاحٍ نووي تم اختباره. كان تصميم المرساة واي ناجحًا بشكل ملحوظ لأن الكثير من مردود القنبلة اتى من تفاعلها النووي الحراري وليس من انشطار نظير اليورانيوم-238، ما جعلها قنبلة هيدروجينية حقيقية، وأشار التنبؤ الدقيق تقريبًا بالقدرة التفجيرية للقنبلة إلى فهم مصمميها لما كانوا يعملون عليه. جرت سلسلة من أربعة تجارب في شهري أغسطس وسبتمبر من العام 1985، عهدت باسم «المرساة زد»، تقنيات لتعزيز القنابل وجعلها منيعة للانفجار المبكر الذي يمكن حتى يتسبب به انفجار نووي قريب. أُلقيت قنبلتان منهما عبر المناطيد؛ واحدة غيرهما كانت اختبارًا لإلقائها خارج نطاق رؤية الرادار. ولج قرار وقف التجارب حيز التطبيق في شهر أكتوبر من العام 1958، ولم تستأنف بريطانيا اختباراتها في الغلاف الجوي أبدًا.

خلفية

خلال الجزء الأول من الحرب العالمية الثانية، كان لدى بريطانيا مشروع للأسلحة النووية، أُطلق عليه اسم «سبائك الأنابيب». في مؤتمر كيبك في شهر أغسطس/آب من العام 1943، سقط رئيس وزراء المملكة المتحدة ونستون تشرشل ورئيس الولايات المتحدة فرانكلين روزفلت على إتفاق كيبك الذي دمج مشروع سبائك الأنابيب مع مشروع مانهاتن الأمريكي لإنشاء مشروع مشهجر بين بريطانيا والولايات المتحدة وكندا. مددت إتفاقية هايد بارك في شهر سبتمبر/أيلول من العام 1944 التعاون التجاري والعسكري إلى فترة ما بعد الحرب. ساهم عديدٌ من نخبة الفهماء البريطانيين في مشروع مانهاتن.

كانت الحكومة البريطانية على ثقة من حتى أمريكا ستواصل مشاركة التكنولوجيا النووية، وهي ما اعتبرته اكتشافًا مشهجرًا. في 16 نوفمبر من العام 1945، سقط ترومان وأتلي اتفاقا جديدًا يحل محل اشتراط إتفاق كيبيك لـ «الموافقة المتبادلة» قبل استخدام الأسلحة النووية بـ «التشاور المسبق»، وأنه ينبغي «التعاون الكامل والعملي في مجال الطاقة الذرية»، ولكن لم يكن ذلك سوى «في مجال البحث الفهمي الصرف». أنهى قانون الولايات المتحدة للطاقة الذرية لعام 1946 (قانون ماكماهون) للتعاون التقني. أدى الكشف عن شبكة تجسس كندية ضمت عالم الفيزياء البريطاني «ألان نان ماي» بينما كان مشروع القانون قيد الإعداد إلى إضافة الكونغرس الأمريكي عقوبة الإعدام لمشاركته «بيانات مقيدة» مع دول أجنبية. لازمت الجهود الرامية إلى إعادة بناء العلاقة الخاصة النووية مع الولايات المتحدة على مدى العقد التالي فضائح تجسس متكررة، بما في ذلك القبض على كلاوس فوشس في عام 1950، وهروب غاي بورغيس ودونالد ماكلين في عام 1951. خوفًا من رجوع الانعزالية الأمريكية مرة أخرى وخسارة بريطانيا مكانتها كقوة عظمى، استأنفت الحكومة البريطانية جهودها التطويرية الخاصة، التي تعهد اليوم باسم «الأبحاث عالية الانفجار».

كان الاختبار الناجح للقنبلة الذرية في عملية الإعصار في شهر أكتوبر/تشرين الأول من العام 1952 بمثابة إنجاز فهمي وتكنولوجي مذهل. أضحت بريطانيا القوة النووية الثالثة في العالم، مؤكدةً مجددًا مكانتها كقوة عظمى، إلا حتى الآمال في جذب انتباه الولايات المتحدة بما يكفي لاستعادة العلاقات الخاصة سرعان ما تبددت. في شهر نوفمبر/تشرين الثاني من العام 1952، أجرت الولايات المتحدة تجربة إيفي مايك، وهي أول تجربة ناجحة لقنبلة نووية حرارية حقيقية (قنبلة هيدروجينية). وعلى ذلك، فإن بريطانيا كانت لا تزال متخلفة عن ركب تكنولوجيا الأسلحة النووية بعدة سنوات. نظرت لجنة سياسة الدفاع، التي ترأسها تشرشل ومؤلفة من كبار أعضاء مجلس الوزراء، في التداعيات السياسية والاستراتيجية في شهر يونيو/حزيران من العام 1954، وخلصت إلى أنه «من الواجب علينا الحفاظ على موقفنا وتعزيزه كقوة عالمية حتى يتسنى لصاحبة الجلالة ممارسة تأثير قوي في وصاية العالم». في يوليو/تموز من العام 1954، وافقت حكومة مجلس الوزراء على المضي قدمًا بتطوير الأسلحة النووية الحرارية.

المراجع

  1. ^ Gowing 1964، صفحات 236–242.
  2. ^ Farmelo 2013، صفحات 239–241.
  3. ^ Hewlett & Anderson 1962، صفحة 277.
  4. ^ Gowing 1964، صفحات 340–342.
  5. ^ Gowing 1964، صفحات 108–111.
  6. ^ Paul 2000، صفحات 80–83.
  7. ^ Gowing & Arnold 1974a، صفحات 105–108.
  8. ^ Dawson & Rosecrance 1966، صفحات 27–29.
  9. ^ Gowing & Arnold 1974a، صفحات 303–305.
  10. ^ Gowing & Arnold 1974a، صفحات 181–184.
  11. ^ Cathcart 1995، صفحات 23–24, 48, 57.
  12. ^ Goldberg 1964، صفحة 410.
  13. ^ Arnold & Pyne 2001، صفحات 55–57.
  14. ^ Arnold & Pyne 2001، صفحة 53.
  15. ^ Gowing & Arnold 1974b، صفحات 498–502.
  16. ^ Arnold & Pyne 2001، صفحات 16–20.
تاريخ النشر: 2020-06-01 21:11:48
التصنيفات: 1957 في المملكة المتحدة, 1958 في المملكة المتحدة, التاريخ العسكري في 1957, التاريخ العسكري في 1958, انفجارات في 1957, انفجارات في 1958, تاريخ المملكة المتحدة العسكري في القرن 20, كيريتيماس, مقالات يتيمة منذ مارس 2020, جميع المقالات اليتيمة, جميع المقالات التي بحاجة لصيانة, بوابة طيران/مقالات متعلقة, بوابة طاقة نووية/مقالات متعلقة, بوابة الحرب/مقالات متعلقة, بوابة المملكة المتحدة/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات, صفحات تستخدم خاصية P244

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

قاسم جومارت توكاييف على وشك الفوز في الانتخابات الرئاسية في

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-11-21 12:22:38
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 68%

إردوغان يعتبر مصافحة السيسي في قطر «خطوة أولى نحو التطبيع»

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-21 12:23:27
مستوى الصحة: 83% الأهمية: 89%

مقتل فلسطيني وإصابة 4 آخرين بعملية عسكرية إسرائيلية في الضفة الغربية

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-21 12:23:29
مستوى الصحة: 89% الأهمية: 98%

البعثة الأممية تطالب بوقف انتهاك سيادة العراق

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-21 12:23:34
مستوى الصحة: 77% الأهمية: 98%

إردوغان: عملياتنا في سوريا والعراق لن تقتصر على الضربات الجوية

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-21 12:23:32
مستوى الصحة: 88% الأهمية: 86%

إصابة المسؤول التنفيذي لهونج كونج بكوفيد بعد عودته من قمة اب

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-11-21 12:22:28
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 60%

العاصمة الإندونيسية تتعرض لزلزال قوي دون أضرار

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-11-21 12:22:34
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 63%

رونالدو: البرتغال تستطيع الفوز بالمونديال... وعلينا الانطلاق من غانا

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-21 12:23:31
مستوى الصحة: 77% الأهمية: 92%

عاجل.. إصابة "أخنوش" بفيروس "كورونا" تغيبه عن حضور أنشطة رسمية

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-21 12:23:35
مستوى الصحة: 63% الأهمية: 84%

الأمم المتحدة تدعو إلى وقف الانتهاكات الإيرانية على الأراضي

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-11-21 12:22:31
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 58%

مهسا أميني: اعتقال ممثلتين بارزتين في إيران بتهمة " التواطؤ

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-11-21 12:22:42
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 59%

مقتل 46 شخصا على الأقل وإصابة 700 في زلزال قوي بإندونيسيا

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-11-21 12:22:20
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 68%

46 قتيلا ومئات الجرحى في زلزال هز العاصمة الإندونيسية

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-21 12:23:26
مستوى الصحة: 88% الأهمية: 92%

استشهاد فلسطيني وإصابة أربعة آخرين برصاص الجيش الاسرائيلي في

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-11-21 12:22:24
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 69%

حكومة كردستان العراق تستنكر الضربات الإيرانية: «انتهاكات غير مبررة»

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-21 12:23:34
مستوى الصحة: 95% الأهمية: 99%

3 قتلى و5 جرحى بقصف مصدره سوريا استهدف مناطق تركية

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-21 12:23:33
مستوى الصحة: 85% الأهمية: 95%

انقلاب الفريق عبود في 17 نوفمبر 1958 ووصاية الجيش على الحكم في السودان «1-2»

المصدر: صحيفة التغيير - السودان التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-21 12:22:55
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 59%

تحميل تطبيق المنصة العربية