البخل وهوكنز المال وجمعه وعدم إنفاقه في المباحات بحجة الخوف من عاديات المستقبل، والبخل خصلة ذميمة مكروهة تمنع الفرد من البذل والعطاء. والبخل يعد من أسوأ الصفات التي يكرهها الناس، على الأخص العرب، فهي بنظرهم من الصفات القبيحة التي تقلّل من الرجولة.

والبُخْلُ: ضِدُّ الكَرَمِ والجُودِ، وقد بَخِلَ بكذا: أي ضنَّ بما عنده ولم يجُدْ، وينطق: هوبخيل وباخل، وجمعه بخلاء. ونطق الراغب الأصفهاني: (البُخْلُ: إمساك المقتنيات عما لا يحق حبسها عنه). ونطق ابن حجر: (البخل هومنع ما يطلب مما يقتنى، وشره ما كان طالبه مستحقًّا، ولا سيما إذا كان من غير مال المسئول).

اختلف أهل الفهم في البخل والشح، هل هما مترادفان أم لكلِّ واحد منهما معنى غير معنى الآخر، وقد بين الطِّيبي حتى الفرق بينهما عسير جدًّا. الشُّحُّ في اللغة: البُخْل مَع حِرْصٍ. نطق النووي: (الشحُّ: هوالبخل بأداء الحقوق، والحرص على ما ليس له). ونطق الطبري: (الشحُّ: الإفراط في الحرص على الشيء).

وفرَّق ابن عمر بين الشحِّ والبخل، فنطق: (ليس الشحيح حتى يمنع الرجل ماله، ولكنه البخل، وإنه لشرٌّ، إنما الشحُّ حتى تطمح عين الرجل إلى ما ليس له). وقيل أنهما مترادفان لهما نفس المعنى. وقيل: (البخل هونفس المنع، والشحُّ الحالة النفسية التي تقتضي ذلك المنع). ويرى ابن مسعود : حتى البخل هوالبخل بما في اليد من مال، أما الشح فهوحتى يأكل المرء مال الآخرين بغير حقٍّ، فقد (نطق له رجل: إني أخاف حتى أكون قد هلكت نطق: وما ذاك نطق: إني سمعت الله يقول: ﴿وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾. وأنا رجل شحيح، لا يكاد يخرج مني شيء، فنطق له ابن مسعود: ليس ذاك بالشحِّ، ولكنه البخل، ولا خير في البخل، وإنَّ الشحَّ الذي ذكره الله في القرآن حتى تأكل مال أخيك ظلمًا). ونطق ابن القيم أنَّ (الفرق بين الشحِّ والبخل: أنَّ الشحَّ هوشدة الحرص على الشيء، والإحفاء في طلبه، والاستقصاء في تحصيله، وجشع النفس عليه، والبخل منع إنفاقه بعد حصوله، وحبه، وإمساكه، فهوشحيح قبل حصوله، بخيل بعد حصوله، فالبخل ثمرة الشحِّ، والشحُّ يدعوإلى البخل، والشحُّ كامن في النفس، فمن بخل فقد أطاع شحَّه، ومن لم يبخل فقد عصى شحَّه ووقي شرَّه، وذلك هوالمفلح ﴿وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾).

قيل أيضا: إنَّ الشحَّ هوالبخل مع زيادة الحرص، وهوما رجَّحه القرطبي، فنطق: (وقيل: إنَّ الشحَّ هوالبخل مع حرص. وهوالسليم لما رواه مسلم عن جابر بن عبد الله أنَّ رسول الله نطق: ((اتَّقوا الظلم؛ فإنَّ الظلم ظلمات يوم القيامة، واتَّقوا الشحَّ؛ فإنَّ الشحَّ أهلك من كان قبلكم؛ حملهم على حتى سفكوا دماءهم، واستحلُّوا محارمهم)). وهذا يردُّ قول من نطق: إنَّ البخل منع الواجب، والشحُّ منع المستحب. إذ لوكان الشحُّ منع المستحب لما ولج تحت هذا الوعيد العظيم، والذمِّ الشديد الذي فيه هلاك الدنيا والآخرة. ويؤيد هذا المعنى ما رواه النسائي عن أبي هريرة عن النبي : ((لا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم في منخري رجل مسلم أبدًا، ولا يجتمع شحٌّ وإيمان في قلب رجل مسلم أبدًا)).).

أنواع الرجال عند العرب

وقد قسم العرب الرجال إلى أربع: كريم وبخيل وزاهد وشحيح.

• أما الكريم فهوالرجل الذي يكرم نفسه وأهله وجيرانه وضيفه وأقاربه فهورجل كريم المعشر.
• أما البخيل فهومن ينفق على نفسه بل يغدق عليها ولكنه بخيل على الناس فهورجل بخيل.
• أما الشحيح فهوأقبح أنواع البخل فهوشديد البخل على نفسه وعلى عياله وجيرانه وأقاربه ومعارفه ويبخل بما يملك وما لا يملك ويكون سيئ المعشر.

ولقد وصفهم الجاحظ وصفًا دقيقًا في كتابه البخلاء كما ذكر فيه أساليبهم وعاداتهم بأسلوب قصصي.

أشهر بخلاء العرب

• الحطيئة:يحكى أنه كان جالسا أمام بيته وهويحمل عصا، فمر به رجل فنطق:أنا ضيف، فأشار الحطيئة إلى العصا ونطق: إنما هي للضيوف.

ذم البخل والنهي عنه في النصوص الإسلامية

• في القرآن:

البخل والشُّح خلقان مذمومان، ذمَّهما الله تعالى في غير آية من كتابه الكريم، وتوعَّد أصحابها بوعيد شديد، وعقوبات تلحقهم في الدنيا والآخرة:

- نطق تعالى: ﴿الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ ~[الحديد: 24]... (أي: يجمعون بين الأمرين الذميمين، اللذين كلٌّ منهما كافٍ في الشرِّ: البخل: وهومنع الحقوق الواجبة، ويأمرون الناس بذلك، فلم يكفهم بخلهم، حتى أمروا الناس بذلك، وحثوهم على هذا الخلق الذميم، بقولهم وعملهم، وهذا من إعراضهم عن طاعة ربهم، وتوليهم عنها...).

- ونطق تعالى: ﴿وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ ~[آل عمران: 180]... (أي ولا يظنُّ الذين يبخلون، أي: يمنعون ما عندهم مما آتاهم الله من فضله، من المال والجاه والفهم، وغير ذلك مما منحهم الله، وأحسن إليهم به، وأمرهم ببذل ما لا يضرُّهم منه لعباده، فبخلوا بذلك، وأمسكوه، وضنُّوا به على عباد الله، وظنُّوا أنَّه خير لهم، بل هوشرٌّ لهم، في دينهم ودنياهم، وعاجلهم وآجلهم ﴿سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ ~[آل عمران: 180] أي: يجعل ما بخلوا به طوقًا في أعناقهم، يعذَّبون به).

- ونطق تعالى: ﴿وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا﴾ ~[النساء: 36-37]... نطق ابن تيمية: (قَدْ تُؤُوِّلَتْ في البُخْل بالمال والمنع والبخل بالفهم ونحوه، وهي تَعُمُّ البخل بكلِّ ما ينفع في الدِّين والدُّنيا مِن فهم ومال وغير ذلك). (والمراد بالبخل في الآية البخل بالإحسان الذي أمر به فيما تقدم، فيضم البخل بلين الكلام، وإلقاء السلام، والنصح في التعليم، وإنقاذ المشرف على التهلكة، وكتمان ما آتاهم الله من فضله يضم كتمان المال، وكتمان الفهم).

- ونطق تعالى: ﴿وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ ~[الحشر: 9]... نطق الطبري: ("وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ". يقول تعالى ذكره: من وقاه الله شح نفسه "فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" المخلدون في الجنة... وأما الفهماء فإنهم يرون أنَّ الشحَّ في هذا الموضع إنما هوأكل أموال الناس بغير حقٍّ). ونطق السعدي: (من رزق الإيثار فقد وقي شح نفسه "وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" ووقاية شح النفس، يضم وقايتها الشح، في جميع ما أمر به، فإنه إذا وقي العبد شح نفسه، سمحت نفسه بأوامر الله ورسوله، فعملها طائعًا منقادًا، منشرحًا بها صدره، وسمحت نفسه بهجر ما نهى الله عنه، وإن كان محبوبًا للنفس، تدعوإليه، وتطلع إليه، وسمحت نفسه ببذل الأموال في سبيل الله وابتغاء سقماته، وبذلك يحصل الفلاح والفوز، بخلاف من لم يوق شح نفسه، بل ابتلي بالشح بالخير، الذي هوأصل الشر ومادته).

- نطق تعالى: ﴿وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِن تُحْسِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾ ~[ النساء: 128 ]...

نطق السعدي: (وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ أي: (جبلت النفوس على الشحِّ، وهو: عدم الرغبة في بذل ما على الإنسان، والحرص على الحقِّ الذي له، فالنفوس مجبولة على ذلك طبعًا، أي: فينبغي لكم حتى تحرصوا على قلع هذا الخلق الدنيء من نفوسكم، وتستبدلوا به ضدَّه وهوالسماحة، وهوبذل الحقِّ الذي عليك؛ والاقتناع ببعض الحقِّ الذي لك. فمتى وُفِّق الإنسان لهذا الخلق الحسن سهل حينئذ عليه الصلح بينه وبين خصمه ومعامله، وتسهَّلت الطريق للوصول إلى المطلوب. بخلاف من لم يجتهد في إزالة الشحِّ من نفسه، فإنَّه يعسر عليه الصلح والموافقة؛ لأنَّه لا يرضيه إلا جميع ماله، ولا يرضى حتى يؤدي ما عليه، فإن كان خصمه مثله اشتدَّ الأمر).

*في السنة:

- عن جابر بن عبد الله، أنَّ رسول الله نطق: «إيَّاكم والظلم، فإنَّ الظلم ظلمات يوم القيامة، واتَّقوا الشحَّ، فإنَّ الشحَّ أهلك من كان قبلكم، حملهم على حتى سفكوا دماءهم، واستحلوا محارمهم»... نطق النووي: (قوله : (واتقوا الشحَّ، فإنَّ الشحَّ أهلك من كان قبلكم). نطق القاضي: يحتمل أنَّ هذا الهلاك هوالهلاك الذي أبلغ عنهم به في الدنيا بأنهم سفكوا دماءهم، ويحتمل أنَّه هلاك الآخرة، وهذا الثاني أظهر، ويحتمل أنه أهلكهم في الدنيا والآخرة).

- وعن أبي هريرة نطق: «ضرب رسول الله مثل البخيل والمتصدق، كمثل رجلين عليهما جنتان من حديد، قد اضطرت أيديهما إلى ثديهما وتراقيهما، فجعل المتصدق حدثا تصدق بصدقة انبسطت عنه، حتى تغشي أنامله وتعفوأثره، وجعل البخيل حدثا همَّ بصدقة قلصت، وأخذت جميع حلقة مكانها، نطق: فأنا رأيت رسول الله ، يقول: بإصبعه في جيبه، فلورأيته يوسعها ولا توسع» . نطق ابن القيم تعليقًا على هذا الحديث: (لما كان البخيل محبوسًا عن الإحسان، ممنوعًا عن البرِّ والخير، وكان جزاؤه من جنس عمله؛ فهوضيق الصدر، ممنوع من الانشراح، ضيق العطن، صغير النفس، قليل الفرح، كثير الهمِّ والغمِّ والحزن، لا يكاد تقضى له حاجة، ولا يعان على مطلوب، فهوكرجل عليه جبة من حديد قد جمعت يداه إلى عنقه، بحيث لا يتمكن من إخراجها ولا حركتها، وحدثا أراد إخراجها أوتوسيع تلك الجبة؛ لزمت كلُّ حلقة من حلقها موضعها، إلى غير ذلك البخيل حدثا أراد حتى يتصدق منعه بخله فبقي قلبه في سجنه كما هو).

- وعن أنس بن مالك، نطق: كان النبي يقول: «اللهم إني أعوذ بك من الهمِّ والحزن، والعجز والكسل، والجبن والبخل، وضلع الدين، وغلبة الرجال»... يقول ابن القيم تعليقًا على هذا الحديث: (...ثم ذكر الجبن والبخل فإنَّ الإحسان المتوقَّع من العبد إما بماله؛ وإما ببدنه؛ فالبخيل مانع لنفع ماله، والجبان مانع لنفع بدنه ...). ونطق: (والجبن والبخل قرينان: فإن عدم النفع منه إذا كان ببدنه فهوالجبن، وإن كان بماله فهوالبخل).

- وعن جابر نطق: لما قدم رسول الله نطق: «يا بني سلمة من سيدكم نطقوا: الجدُّ بن قيس وإنا لنبخِّله. نطق: وأيُّ داء أدوأ من البخل؟! بل سيدكم الخير الأبيض عمروبن الجموح». نطق: وكان على أضيافهم في الجاهلية، نطق: وكان يولم على رسول الله إذا تزوَّج... نطق المناوي: (أيُّ عيب أقبح منه؛ لأنَّ من هجر الإنفاق خوف الإملاق لم يصدق الشارع، فهوداء مؤلم لصاحبه في الآخرة، وإن لم يكن مؤلمًا في الدنيا).

- وعن أبي هريرة، عن النبي ، نطق: «يتقارب الزمان، وينقص العمل، ويُلقَى الشحُّ، وتظهر الفتن، ويكثر الهرج. نطقوا: يا رسول الله، أيُّمَ هو،يا ترى؟ نطق: ((القتل القتل))» ... نطق ابن حجر: (أما قوله: ويلقى الشح. فالمراد إلقاؤه في قلوب الناس على اختلاف أحوالهم؛ حتى يبخل العالم بفهمه، فيهجر التعليم والفتوى، ويبخل الصانع بصناعته حتى يهجر تعليم غيره، ويبخل الغني بماله حتى يهلك الفقير، وليس المراد وجود أصل الشحِّ؛ لأنَّه لم يزل موجودًا). ونطق ابن الجوزي: (قوله: يلقى الشح. على وجهين: أحدهما يلقى من القلوب، يشير عليه قوله: ويفيض المال. والثاني: يلقى في القلوب، فيوضع في قلب من لا شحَّ عنده، ويزيد في قلب الشحيح. ووجه هذا أنَّ الحديث خارج مخرج الذمِّ، فوقوع الشحِّ في القلوب مع كثرة المال أبلغ في الذمِّ).

• في أقوال الفهماء:

- نطق طلحة بن عبيد الله : (إنا لنجد بأموالنا ما يجد البخلاء؛ لكننا نتصبر).

- نطق علي : (البخل جلباب المسكنة، وربما ولج السخيُّ بسخائه الجنة).

- وسئل الحسن بن علي عن البخل فنطق: (هوحتى يرى الرجل ما ينفقه تلفًا، وما يمسكه شرفًا).

- ونطق بشر بن الحارث: (البخيل لا غيبة له؛ نطق النبي ((إنك إذًا لبخيل)) .

- ونطق: (لا تزوِّج البخيل ولا تعامله، ما أقبح القارئ حتىقد يكون بخيلًا) .

- ومدحت امرأة عند رسول الله فنطقوا: ((صوَّامة قوَّامة إلا حتى فيها بخلًا، نطق: فما خيرها إذن؟)).) .

- نطق حبيش بن مبشر الثقفي الفقيه: (قعدت مع أحمد بن حنبل ويحيى بن معين، والناس متوافرون فأجمعوا أنهم لا يعهدون رجلًا صالحًا بخيلًا).

- ونطق أبوحنيفة: (لا أرى حتى أُعدِّل بخيلًا؛ لأنَّ البخل يحمله على الاستقصاء؛ فيأخذ فوق حقه خيفة من حتى يغبن، فمن كان هكذا لاقد يكون مأمون الأمانة) .

- ونطق الشعبي: (لا أدري أيهما أبعد غورًا في نار جهنم البخل، أوالكذب).

- ونطق ابن المعتز: (أبخل الناس بماله أجودهم بعرضه). - ونطق أيضًا: (بشِّرْ مال البخيل بحادث، أووارث).

- ونطق يحيى بن معاذ: (ما في القلب للأسخياء إلا حبٌّ؛ ولوكانوا فجارًا، وللبخلاء إلا بغض؛ ولوكانوا أبرارًا).

- ونطق الماوردي: (الحرص والشحُّ أصل لكلِّ ذم، وسبب لكلِّ لؤم؛ لأنَّ الشحَّ يمنع من أداء الحقوق، ويبعث على القطيعة والعقوق).

- ونطق ابن القيم: (والجبن والبخل قرينان: فإن عدم النفع منه إذا كان ببدنه فهوالجبن، وإن كان بماله فهوالبخل). .

حكم البخل

ليس للبخل حكمًا واحدًا ينطبق على جميع صوره وأنواعه، وإنما لكل صورة من صور البخل حكمًا خاصًّا بها، وإن كان البخل في عمومه مذمومًا مكروهًا، يقول ابن تيمية: (والبخل جنس تحته أنواع كبائر وغير كبائر).

فإن كان المنع بخلًا بواجب فهومحرم شرعًا، بل هوكبيرة من الكبائر توعَّد الله صاحبها بالعقوبة والعذاب، كمن منع الزكاة الواجبة بخلًا بالمال وحرصًا عليه، نطق ابن تيمية: (فإنَّ البخل من الكبائر، وهومنع الواجبات: من الزكاة، وصلة الرحم، وقرى الضيف، وهجر الإعطاء في النوائب، وهجر الإنفاق في سبيل الله)

أشد درجات البخل: نطق ابن قدامة المقدسي: (وأشد درجات البخل حتى يبخل الإنسان على نفسه مع الحاجة، فكم من بخيل يمسك المال، ويسقم فلا يتداوى، ويشتهي الشهوة فيمنعه منها البخل. فكم بين من يبخل على نفسه مع الحاجة، وبين ما يؤثر على نفسه مع الحاجة، فالأخلاق عطايا يضعها الله عزَّ وجلَّ حيث يشاء)

ينطق: رجل بخيل، ثم مُسُك إذا كان شديد الإمساك لماله، ثم لَحِز إذا كان ضيق النفس شديد البخل، ثم شحيح إذا كان مع شدة بخله حريصًا، ثم فاحش إذا كان متشدِّدًا في بخله، ثم حِلِزٌّ إذا كان في نهاية البخل .

وسائل البُعد عن البخل

1- حتى يحسن المرء الظنَّ بالله عزَّ وجلَّ، وليفهم أنَّ الله الذي أمره بالإنفاق قد تكفَّل له بالزيادة. وقد قيل: (قلة الجود سوء ظنٍّ بالمعبود). 2- الإكثار من الصدقة، وإن كان ذلك ثقيلًا على من اتصف بهذه الصفة، وبذلك يعتاد على صفة الكرم والإنفاق، نطق ابن القيم: (فالفقير الآخذ لصدقتك يستخرج منك داء البخل، كالحجام يستخرج منك الدم المهلك). 3- فهم حتى الإيحاء بالفقر والتخويف منه إنما هووعد شيطاني، وأن وعد الله هوالمغفرة للذنوب وزيادة الفضل، يقول الله تعالى: ﴿الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 268]. 4- الاستعاذة بالله من البخل، كما كان يعمل أكرم الخلق وأجودهم ، حيث كان يستعيذ من البخل فيقول: ((اللهمَّ إني أعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك حتى أُردَّ إلى أرذل العمر)). 5- معالجة طول الأمل بالإكثار من ذكر الموت، والنظر في موت الأقران. 6-التأمُّل طالما البخلاء الذين تعبوا في جمع المال، والحرص عليه ثم هجرهم له يتقاسمه الورثة، وربما استخدموه في غير طاعة الله، فكان وبالًا عليهم. 7- التأمل في الآيات الواردة في ذمِّ البخل، وما أعده الله للمتصفين بهذه الصفة القبيحة. 8- عدم الخوف على مستقبل الأبناء، والتيقن أنَّ من خلقهم قد خلق أرزاقهم معهم، ولن يضيعهم. فكم من ولد لم يرث من والده مالًا صار أحسن حالًا ممن ورث الأموال الطائلة.

انظر أيضا

• توفير
• نزعة استهلاكية

المصادر