يحيى بن إسحاق
يحيى بن إسحاق كان طبيباً مغربيا ذكياً عالماً بصيراً بالعلاج صانعاً بيده ، وكان في صدر دولة عبد الرحمن الناصر لدين اللّه واستوزره وولي الولايات والعمالات ، وكان قائد بطليوس زماناً وكان له من أمير المؤمنين الناصر محل كبير كان ينزله منزلة الثقة ويتطلع على الكرائم والخدم.
وألف في الطب كتاباً يشتمل على خمسة أسفار مضى فيها ممضى الروم وكان يحيى قد أسلم وأما أبوه إسحاق فكان نصرانياً كما تقدم ذكره نطق ابن جلجل حدثني عن يحيى بن إسحاق ثقة أنه كان عنده غلام للحاجب موسى أوللوزير عبد الملك نطق نطق بعثني إليه مولاي بكتاب فأنا قاعد عند داره بباب الجوز إذ أقبل رجل بدوي على حمار وهويصيح فأقبل حتى وقف بباب الدار فجعل يتضرع ويقول أدركوني وتحدثوا إلى الوزير بخبري إذ خرج إلى صراخ الرجل ومعه جواب كتابه فنطق للرجل ما بالك يا هذا فنطق له أيها الوزير ورم في إحليلي منعني البول منذ أيام كثيرة وأنا في الموت فنطق له اكشف عنه نطق فكشف عنه فإذا هووارم فنطق لرجل كان أقبل مع العليل اطلب لي حجراً أملس فطلبه فوجده وأتاه به فنطق ضعه في كفك وضع عليه الإحليل نطق فنطق المخبر لي فلما تمكن إحليل الرجل من الحجر جمع الوزير يده وضرب على الإحليل ضربة غشي على الرجل منها ثم اندفع الصديد يجري فما استوفى الرجل جري صديد الورم حتى فتح عينيه ثم بال البول في أثر ذلك فنطق له امضى فقد برئت من علتك وأنت رجل عائث واقعت بهيمة في دبرها فصادفت شعيرة من علفها لحجت في عين الإحليل فورم لها وقد خرجت في الصديد فنطق له الرجل قد عملت هذا وأقر بذلك وهذا يشير على حدس سليم وقريحة صادقة حسناء. ونطق ابن جلجل وله نادر محفوظ في علاج الناصر نطق عرض للناصر وجع في أذنه والوزير يومئذ قائد بطليوس فعولج منه فل يفتر فأمر الناصر في الخروج فيه فرانقا فلما وصل إليه الفرانق استنطقه عن الحاجة التي أوجبت الخروج فيه فنطق له أمير المؤمنين عرض له في أذنه وجع أعيا الأطباء فعرج في طريقه إلى أديار النصارى وسأل عن عالم هناك فوجد رجلاً مسناً فسأله هل عندك من تجربة لوجع الأذن فنطق الشيخ الراهب دم الحمار حاراً فوصل إلى أمير المؤمنين وعالجه بدم الحمار حاراً كما يسفح وبراً وهذا درس واستقصاء ودؤوب على التعليم وليحيى بن إسحاق من الخط كتاب كبير في الطب.