تاريخ دارفور (كتاب)

عودة للموسوعة

تاريخ دارفور (كتاب)

{{{الاسم
المؤلف {{{مؤلف
الناشر {{{ناشر
الإصدار {{{تاريخ_الإصدار

دارفور ليست فقط عنوانا لأزمة سياسية مستحكمة وإنما هي أيضا عنوان على أزمة معهدية حقيقية سببها بعض الأفكار التي تعشش في مخيلة البعض ولا ترى في حركة التاريخ إلا حركة الرجل الأبيض فقط، أما ما دونها: فهي أمور لا فائدة من الالتفات لها.

ويأتي كتاب "تاريخ دارفور عبر العصور" ليبدد كثيرا من الضبابية التي خلفتها هذه الأزمة وهوللمحرر السوداني أحمد عبد القادر أرباب (عميد مهندس)وليست هناك معلومات أخرى عنه بالكتاب، وإن بدا من محتواه حتى المؤلف الذي ينحدر من قبائل دارفور أقرب قائد سياسي له نزعة استقلالية، وإن لم يقلل هذا من أهمية المعلومات الواردة بالكتاب" المطبوع عام 1998 في الخرطوم.

الدولة في وعي دارفور

أهم ما يكشفه الكتاب حتى فكرة الدولة بكيانها المقارب للمفهوم الحديث كانت متغلغلة في أبناء دارفور، وأنهم امتلكوا قدرا من الوعي والإدراك جعلهم يؤسسون الهيكل السياسي والإداري للدولة بكيفية تضمن له الاستمرار والتطور بما يلائم طبيعة البيئة التي نشأت فيها دولتهم أوسلطنتهم التي استمرت حوالي 430 عاما دون انقطاع، ولعل تعمق مفهوم الدولة والاستقلال في بنيتهم الثقافية والإدراكية هوما جعلهم يقومون بكثير من الثورات المتعاقبة ضد الحكم المصري العثماني لبلادهم على مدار تسع سنوات ونصف، ثم يقومون بثورات أخرى ضد سيطرة المهديين على بلادهم حتى تحقق لهم الاستقلال الذي ما لبث حتى قضت عليه حكومة السودان التي كانت تابعة للإنجليز عام 1916م بعدما أبدى سلطان دارفور علي دينار تعاطفا ومبادرة لمساندة الدولة العثمانية ضد الحلفاء في الحرب العالمية الثانية (وقد انتهت بمقتل علي دينار على يد الجيش الإنجليزي عام 1916).

وكتاب "أرباب" يضع يدنا على صفحات مجهولة من تاريخ دارفور، وعلى مساحة من الوعي بمفهوم الاستقلال والوطنية في قبائل تلك المنطقة التي استطاع الإسلام صياغة شخصيتها فأكسبها مذاقا خاصا، مزج فيه العامل الديني بالوطني، والشجاعة بالإصرار والتحدي ضد سطوة القوة، وجشع المطامع التي كانت تبحث عما تختزنه الأرض من ثروات دون النظر أوالحاجة إلى من عليها من البشر.

والكتاب يتكون من ستة فصول، وهوكتاب نادر في موضوعه، ويعطي معلومات تاريخية قد تكون عونا للباحث على تفسير بعض مواقف الزعامات والقوى مما يجري حاليا في دارفور (وإن اختلف معها في الموقف السياسي).


جغرافيا دارفور

ويبدأ الكتاب بالحديث عن الجغرافيا، وتكاد تنطبق مقولة حتى "الجغرافيا قد تفسر بعضا من أحداث التاريخ" على جغرافيا دارفور؛ فهذه المنطقة الكبيرة التي تزيد مساحتها عن نصف مساحة مصر، تتميز بالتنوع في مناخها، ومن ثم التنوع فيما تخرجه الأرض من نبات، وما تختزنه من ثروات، وما ينشأ عليها من بشر (بدارفور حوالي 160 قبيلة)؛ لهذا كان مدخل الجغرافيا ضروريا في رسم الصورة الذهنية المتكاملة.

وتقع دارفور في أقصى الجزء الغربي من السودان بين خطي عرضعشرة و16، وخطي طول 22/27,30 شرقا، وتحدها من الشمال ليبيا، ومن الغرب تشاد، ومن الجنوب الغربي جمهورية أفريقيا الوسطى، ومن الجنوب بحر العرب وشمال غرب بحر الغزال، ومن الشرق كثبان كردفان، ومن الشمال الشرقي الإقليم الشمالي.

ويوجد بها ثلاثة مناخات تقريبا، وهي: المناخ شبه الصحراوي في الشمال، ومناخ شبه البحر المتوسط في منطقة جبل مرة الذي يصل ارتفاعه عشرة آلاف قدم فوق سطح البحر، وفي الجنوب والجنوب الغربي تنموحشائش السافانا.

وتبلغ مساحة دارفور حوالي (510888) كيلومترا مربعا، أي ما يعادل خمس مساحة السودان، كما حتى تعداد سكانها يعادل ربع عدد سكانها، ويسكن حوالي 75% من سكان دارفور في الريف، و15% من الرعاة، و10% يسكنون المدن.

وتكثر بدارفور الجبال، فتتوسطها سلسلة جبال مرة، وهي أعلى هضبة في السودان، كذلك يوجد بها عدة جبال أخرى منها: "جبل الميدوب"، و"جبل أبوقران"، و"جبل تقابو"، و"جبل فشار"، و"جبل أم كردوس"، و"جبال الداجو".

ويوجد بها نهر بحر العرب الذي يصب في نهر بحر الغزال، وروافده المتعددة، وبحيرة كندي، إضافة إلى عدد من عيون الماء العذبة، ويوجد بها عدد من الوديان.

تاريخ دارفور القديم

ثم انتقل المحرر للحديث عن تاريخ دارفور القديم، وأشار إلى حتى الهجرات التي كانت تتميز بها المنطقة نظرا لحركة القبائل العربية والأفريقية، كان لها أثرها الواضح في تاريخ دارفور وعاداتها وتنطقيدها وأعرافها؛ إذ إذا الهجرات حملت معها تيارات ثقافية واجتماعية واقتصادية ودينية، أحدث بعضها تغيرات جذرية.

ونظرا لتنوع دارفور المناخي والطبيعي استوطنت عدد من القبائل المتنوعة في مناطق متفرقة في دارفور، فسكنت قبيلة الفور تورا في جبل مرة، واستقرت التنجر والزغاوة والخزام في شمال دارفور، وكان لكل قبيلة زعيم يدير شؤونها مستقلا عن أي سلطة، وكانت العلاقات القبلية هي التي تحكم العلاقات بين القبائل المنتشرة في المنطقة، وكانت غالبيتها وثنية.

وذكر المحرر حتى دارفور كانت معروفة للعالم قبل الإسلام، فقد زارها القائد الفرعوني "حركوف" وذكر أماكن زارها في "جبل ميدوب"، أما الرومان فقد عملوا على ربط دارفور بمصر طمعا في استغلال ثرواتها، كما حتى "درب الأربعين" الشهير يربط بين محافظة أسيوط المصرية وبين دارفور، كما حتى كثيرا من التجار والمستكشفين من مناطق مختلفة من العالم وفدوا إلى دارفور؛ إذ كانت إحدى محطات التجارة المهمة في القارة الأفريقية خاصة منطقة حوض أعلى النيل.

الفصل الثاني: سلطنة الداجو

وعرض المحرر في الفصل الثاني تاريخ سلطنة "الداجو" التي حكمت دارفور (بين القرن الثاني والثالث عشر الميلاديين) وكانت تستقر في المنطقة الواقعة جنوب شرق جبل مرة، وتاريخ الداجوغير مؤرخ بطريقة منظمة، ويعتمد في الأساس على الرواة وغيرهم ممن يحفظون التاريخ ويرونه في شكل سيرة أوحكاية تظهر في غالبية الأحيان تاريخ البطولة.

وحكم الداجودارفور ما بين القرن الثاني عشر والثالث عشر الميلاديين، وكان تمركزهم شرق وجنوب شرق جبل مرة، وقد حكم منهم ستة سلاطين أولهم السلطان عبد الله داج وآخرهم السلطان عمر بن آمن الشهير بـ"كسافرو".

والداجوتوزعوا في خمس مناطق هجرزت في كردفان (جبال النوبة حاليا) ودارفور وتشاد.

وعهد عن الداجوولعهم بالطرب والموسيقى، حتى إنهم اخترعوا بعض آلاته ومنها: الطبل "النقارة" وصفارة الأبنوس.

الزعامات القبلية بدارفور عبر القرون

تؤرخ الفترة التي سبقت قيام سلطنة الفور وشهدت تسلط الداجووالتنجر, هجرة القبائل العربية من المنطقة الواقعة شمال شرق دارفور وانتشار كثير من مظاهر الثقافة الاسلامية من الشمال ومن الغرب واستقرت مجموعات من هؤلاء العرب في سهول دارفور الجنوبية وهم من عهدوا بالبقارة ويقطنون جنوب خط 12 وهم الرزيقات, الهبانة, البني هلبة, التعايشة ,الترجم, الحوطية, التعالبة, المهادي, السلامات, المسيرة والفلاتة .

واختلط البقارة بالسكان الوطنيين كثيراً, وهؤلاء البقارة فضلوا ذلك الجزء من جنوب دارفور لجودة المرعى واعتدال الطقس وتوفر الماء, وهذه القبائل تنتسب الى قبيلة جهينة وفي الشمال استقرت مجموعات أخرى من العرب الرحل وهم يحترفون تربية الإبل, حيث حتى الطقس في شمال دارفور بناسبهم, نسبة لتعودهم لتلك البيئة وهؤلاء هم العرب:

الماهرية, العريقات, أبوالجلول, العطيفات, الزيادة والشطية وهذه القبائل تنتسب لعبد الله الجهيني, ما عدا الزيادية, فتنتسب لفزارة ومعم أولاد قوي. وهناك قبائل اخرى خلاف البقارة والأبالة المذكورين آنفا استوطنوا دارفور منذ القدم, قبل دخول القبائل العربية لدارفور, وقد فضل هؤلاء الانتماء لسلطنة الفور منذ القرن الخامس عشر, اى منذ السلطان سليمان سلونق وكان تعدادهم قبل سقوط دولة دارفور سبعة وعشرون زعامة أوقبيلة, مع الفهم حتى دارفور الآن بها أكثر من مائة وستين قبيلة قائمة بذاتها.


التنجر في دارفور

والتنجر هي إحدى القبائل التي استولت على الحكم في منطقة دارفور في نهاية القرن الثالث عشر الميلادي، واستمر حكمهم إلى النصف الأول من القرن الخامس عشر، أي حوالي قرن ونصف، وينسب البعض التنجر إلى عرب بني هلال، ويمضىون أنهم أول قبيلة تدخل اللغة العربية إلى دارفور، ويرى آخرون أنهم من النوبيين، وهناك رأي ثالث أنهم ينتمون إلى قبائل الفور.

وكانت سلطنة التنجر موجودة في شمال دارفور عندما كان الداجويحكمون في جنوب دارفور، وبعد زوال الداجوبسط التنجر نفوذهم على دارفور، وكانت عاصمتهم مدينة أروى في جبل أروى.

اشتهر التنجر بالتجارة، وكانت عاصمتهم أروى من المدن المزدهرة في ذلك الوقت، واستطاع حاكم المدينة حتى يقيم علاقات اقتصادية مع العثمانيين، وكان تجار القاهرة يمدونه بالسلاح لقاء الحصول على المضى.

وعهد عن التنجر عاطفتهم الإسلامية، وهناك بعض الأوقاف في المدينة المنورة تخص سلطان التنجر "أحمد رفاعة" ما زالت موجودة حتى الآن، وعهد عنهم المرونة في الحكم وعدم اللجوء إلى القسوة في إدارة مملكتهم على خلاف ما كان يعمله الداجو، وعهدوا بفنونهم المعمارية الجيدة، فما تزال هناك آثار لطريق مرصوف في أروى.

وضعفت مملكة التنجر لسيادة روح التوسع في آخر عهدها وصارت هذه المملكة متسعة جدا بحيث قاسي على السلطان إدارتها؛ مما أدى إلى اضمحلالها تدريجيا، وسقوطها في أيدي قبائل الفور "الكيرا" عام 1445م.

الفور في دارفور

كان يطلق على قبائل الفور "التورا" وهي حدثة تعني العملاق؛ إذ إنهم من طوال القامة ضخام الأجسام، وكان "التورا" يبنون بيوتا دائرية يطلقون عليها اسم "بتورنق تونقا" أي بيوت العمالقة.

وقد استوطن "التورا" جبل مرة، ولم يختلطوا بعناصر أخرى، وحافظوا على دمائهم وأشكالهم لاحتمائهم بالجبال، وعندما ولج الإسلام منطقتهم عهدوا بالفور، وكان الفور والتنجر بينهم مصاهرات كثيرة مما حدا بالمؤلف للجزم بأنهم من أصل واحد وهوالتورا.

وكان سليمان سلونق، أي سليمان العربي، هوأول سلطان يقوم بتأسيس دولة دارفور الإسلامية عام 1445م، وقد استطاع إخضاع (37) زعامة ومملكة صغيرة لحكمه، بعدما خاض حوالي (32) معركة، وكانت المملكة تتكون من مسلمين ووثنيين، وبدأ السلطان في تدعيم سلطته في دارفور، فقام بخلع الزعامات المحلية وولى على بلادهم زعماء جددا من أهلهم، من هذا التاريخ بدأ حكم الكيرا أوالفور أوالفور الكيرا في دارفور، (والكيرا تعني الأحفاد الخيرة)، وقد حزن زعماء التنجر لفقدهم السيطرة على الحكم في دارفور، فكانوا إذا جلسوا مع الفور يلبسون العمامة السوداء.

واستمر الفور يحكمون دارفور ما يقرب من 430 عاما دون انقطاع، أي من سنة 1445م حتى سنة 1875م، ثم عاد السلطان الشهير علي دينار وحكمها من سنة 1898م حتى 1916م، حيث ُضمت بعد ذلك إلى السودان في 1/1/1917م، وبلغ عدد سلاطينها (27) سلطانا.

كان الحكم في دارفور فيدراليا وكانت تسمى بسلطنة دارفور الإسلامية، حيث قسمت البلاد إلى أربع ولايات رئيسية تحت قيادة سلطان البلاد، ويساعده عدد من الوزراء (12 وزيرا)، وكان مجلس وزراء السلطان يقع عليه العبء الأكبر في اختيار السلطان الجديد بعد وفاة السلطان بالتنسيق مع مجلس الشورى.

وكان مجلس استشاري السلطنة (مجلس الشيوخ) يتكون من (12) عضوا من الأعيان، بما فيهم حكام الولايات الأربع، وكان من اختصاصه مساعدة السلطان في تسيير أمور البلاد، والمساهمة في اختيار السلطان الجديد.

وتناول المحرر القبائل المتنوعة التي يتكون منها الفور بالتفصيل، مشروحا أماكن سكنهم وزعاماتهم، وبعضا من تاريخهم، والزعامات القبلية بدارفور عبر العصور المتنوعة.

محمد علي ودارفور

وفي الفصل الرابع من الكتاب تناول "أرباب" التواجد المصري في دارفور، ودوافع حاكم مصر محمد علي باشا لضم مملكة دارفور، حيث بدأت المعارك بين الجانبين في 16/4/1821م في مدينة بارا، وهزم جيش الفور، واستطاع محمد علي السيطرة على كردفان التي كانت تابعة لدارفور في ذلك العام.

وحاول محمد علي مصالحة سلطان دارفور لحاجة مصر للنحاس من دارفور، من خلال اتفاقية في هذا الشأن، لكنه لم يستطع، وكان عهد محمد سعيد باشا بداية لانفتاح في العلاقات بين الجانبين، أما عهد الخديوي إسماعيل فكانت العلاقة فيه ملتبسة بعض الشيء، فرغم التبادل التجاري بين الجانبين فإن سلطان دارفور شعر بوجود أطماع مصرية في مملكته، ولذا قام بتجنيد عشرة آلاف جندي وسلحهم بأسلحة حديثة، وتم إدخال المدفعية في جيش دارفور لأول مرة.

وفي عهد الخديوي إسماعيل قرر السيطرة على دارفور، وأنقد يكون غزوها من جهتين، وهوما دفع سلطان دارفور للدخول في تحالف مع سلطنة وداي المجاورة لتوحيد الدفاع والمقاومة، لكن قوة الجيش المصري حسمت الأمر، فتم إسقاط مملكة دارفور والسيطرة عليها في 24/10/1874م، ودارت عدة معارك كبيرة في دارفور ساعد فيها "الزبير رحمة" أحد كبار تجار الرقيق في منطقة بحر الغزال المصريين، واستطاع الزبير حتى يهزم سلطان دارفور "إبراهيم قرض" في معركة منواشي في 25/10/1874م، وقتل في هذه المعركة المئات من أمراء دارفور وكبار أعيانها، وأطلق المحرر على هذه الهزيمة "مذبحة منواشي".

ثورة بوش بن محمد

كانت فكرة الاستقلال مترسخة في أذهان أهل دارفور (على حد قول المحرر)، فعقب هزيمة منواشي لم تضعف روحهم القتالية، بعد مقتل سلطانهم، فقاموا بتشكيل حكومة ظل تحملت عبء مسؤولية النضال من أجل الاستقلال، واستمر النضال حوالي تسع سنوات ونصف حتى تم لدارفور الاستقلال عن الحكم المصري، قامت خلالها عدة ثورات عنيفة، منها ثورة السلطان "حسب الله" في جبل مرة الذي استسلم دون مقاومة للزبير بن رحمة مما أثار غضب أهل دارفور، فقاموا بتتويج الأمير "بوش بن السلطان محمد الفضل" سلطانا على دارفور في مارس 1875م وكلفوه بمواصلة النضال من أجل التحرير.

سلاطين باشا

وخاض الزبير بن رحمة حربا ضارية ضد الأمير بوش استمرت خمسة عشر يوما، خسر فيها بوش كثيرا من رجاله وعتاده فاضطر للانسحاب من جبل مرة، ثم ما لبث بوش حتى ُقتل أثناء مطاردة الزبير له. سلاطين باشا

لكن روح النضال لم تهدأ وتولى حكومة الظل في دارفور السلطان "هارون بن سيف الدين" الذي قام بثورة كبيرة وناهض الحكم المصري الهجري لكنه اغتال عام 1880م، وقامت ثورة أخرى بقيادة الزعيم "مادبو"، كما قامت قبيلة "بني هلبا" بثورة في جنوب دارفور.

وانتهى الأمر بالحكم المصري في دارفور بعد حتى أوفدت القاهرة رسالة سرية إلى الحاكم المصري في دارفور "سلاطين باشا" تأمره حتى يجمع قواته المتفرقة في دارفور في منطقة الفاشر، ثم عليه حتى يسلم الحكم في دارفور إلى الأمير "عبد الشكور عبد الرحمن شاتوت" وهومن أمراء دارفور، وشاءت الأقدار حتى يتوفى "عبد الشكور" قبل حتى يصل إلى دارفور قادما من القاهرة، وأن تقوم الثورة المهدية في تلك الفترة.


أبوجميزة الصوفي المحارب

بعد رحيل المصريين خضعت دارفور لحكم المهديين، وكان أول من تولاها من المهديين الأمير "محمد خالد زقل" بعدما سيطر عليها في (15 يناير 1884م) وكان أمراء دارفور يرفضون حتى يخضعوا للمهديين، وأعرب الأمير "دود بنجة" بأنه لا يقبل بوجود أي نفوذ لدولة المهدي بدارفور، وساندت كثير من القبائل "دود بنجة" فيما مضى إليه، وهوما جعل العلاقات متأزمة مع المهديين، لكن معنويات "دود بنجة" ما لبثت حتى خارت واعترف بسلطة المهدية وقابل المهدي وأقر بالولاء له وانضم إلى صفوف جيشه.

وقد دارت معارك من أجل استقلال دارفور عن المهدية، منها معركة دارة، ومعركة ود بيرة في 22 يناير 1888م؛ وهوما أربك موقف المهديين في دارفور.

ومن الثورات التي أرهقت المهديين "ثورة أبوجميزة" ومسماه محمد زين من قبيلة أرينقة في غرب دارفور، وكان رجلا صوفيا فصيحا، وأعرب "أبوجميزة" أنه عازم على تخليص البلاد من المهدية التي أرهبت الناس وأساءت استخدام السلطة، وأعرب حتى ثورته على الكتاب والسنة، وكان لهذه الثورة أهداف وأبعاد دينية وسياسية، وساندتها بعض السلطنات المجاورة مثل سلطنة وداي وسلطنة دار سيلا، واستقطبت ثورة أبوجميزة اهتماما عالميا، لكن وفاته أعاقت هذه الثورة.

وفي ظل الحكم المهدي لدارفور قامت حكومة ظل ثانية بقيادة السلطان أبوالخيرات إبراهيم قرض الذي قام بتصعيد المقاومة وساعده في هذه المقاومة جيش أبوجميزة وعدد كبير من القبائل ودارت معارك طاحنة بين الجانبين، هزم فيها جيش أبوالخيرات، لكنه لم يهدأ وأخذ في التحريض على الثورة حتى اغتيل فيتسعة فبراير 1891م.

السلطان علي دينار

بعد اغتيال أبوالخيرات اختار أهل دارفور علي دينار ليتولى قيادة سلطنة دارفور ورئاسة حكومة الظل لتحرير دارفور من المهدية وخاض معارك عنيفة مع المهديين منها معركة كرري التي استمرت ستة أيام في 2 من سبتمبر 1898م.

وفي هذه الأثناء تمكن السلطان حسين محمد عجيب أبوكودة من القيام بثورة والإطاحة بسلطة المهديين في دارفور في إبريل 1898م وأعرب استقلال سلطنة دارفور الإسلامية، ونطق أمام الجموع الحاشدة من أهل دارفور: "يا أهلنا ربنا خلصنا من الهجرية والمهدية، وكل زول (أي شخص) يعيش حرا بدون عبودية، ربنا يا أهلنا أكرمنا وعتقنا".

وكانت العلاقة بين أبوكودة وبين علي دينار من العلاقات الشائكة التي بحاجة إلى تحديد دقيق في كيفية التعامل معها؛ ولذا استشار أبوكودة رجاله الثقات في هذا الأمر، ورأى هؤلاء المستشارون حتى يحارب أبوكودة الأمير علي دينار.

وقد طلب علي دينار من أبوكودة حتى يتنازل عن زعامة سلطنة دارفور وأن يتعاون معه في إدارتها، وكانت تلك الرسالة هي التي أشعلت نار الحرب بين الرجلين، وجمع علي دينار جيشا كبيرا للزحف على دارفور، وتيقن أبوكودة أنه ليس في وسعه المقاومة، فأوفد إلى علي دينار معتذرا ومعترفا له بالسلطة في دارفور.

أدرك السلطان علي دينار حتى هناك رغبة من حكومة السودان (التي كانت تخضع لسيطرة الإنجليز وقتها) في ضم دارفور إليها، وتقويض استقلالها؛ لذا أوفد إلى حاكم السودان "كتشنر" يعلن قبوله بالتبعية الاسمية لحكومة السودان شريطة الاعتراف به سلطانا على دارفور، وشاءت الأقدار حتى تكون سياسة حكومة السودان في تلك الفترة هي عدم التدخل في شؤون دارفور، حيث قرر الإنجليز حتى يرضوا بسيادة اسمية على دارفور وهجر أمرها لواحد من أبنائها؛ لذا تم الاعتراف بعلي دينار سلطانا على دارفور في مايو1901م شريطة حتى يحمل الفهمين المصري والإنجليزي في عاصمته الفاشر، وأن يدفع جزية سنوية مقدارها 500 جنيه.

وقد قام علي دينار بإصلاحات في دارفور وأقام نظاما إداريا متطورا لتسيير دفة الحكم، فكون مجلسا للشورى، وعين مفتيا لسلطنته، ومجلسا للوزراء وأسس جيشا وأوكل تدريبه لضابط مصري، وخاض عددا من النزاعات الداخلية لتثبيت سلطته، منها عصيان بعض القبائل، واحتلال الفرنسيين لسلطنة دار وداي المجاورة 1909م، واستسلام سلطنة دار سلا للفرنسيين.

وأثناء الحرب العالمية الأولى التي خاضتها الدولة العثمانية ضد الحلفاء جاهر علي دينار بعدائه لحكومة السودان، بل جهز جيشا لاختراق حدود السودان بقصد احتلال كردفان، وأعرب استقلاله التام عن السودان.

وقد قررت حكومة السودان السيطرة على دارفور والإطاحة بعلي دينار الذي ناصر الدولة العثمانية ضد الحلفاء، وسقطت عدة معارك بين الجانبين استخدم فيها الإنجليز الطائرات، واستطاعت القوات الغازية حتى تدخل العاصمة الفاشر بعدما تحالف بعض أعضاء مجلس الشورى ضد علي دينار، فطلب السلطان "الســـــلام" فرد عليه القائد الإنجليزي بأن: "الســـــــلام يحتاج الاستســـــــلام"، وانتهى الأمر بمقتل علي دينار فيستة من نوفمبر 1916 وهويؤم المصلين في صلاة الصبح، وأعرب في 1/1/1917م ضم سلطنة دارفور إلى السودان.

قامت ثورات في دارفور بعد ضمها للسودان منها ثورة عبد الله السحيني عام 1921م، لكنها فشلت وأعدم السحيني شنقا.

حبال الفور وحفظ القرآن الكريم

وفي الفصل السادس من الكتاب تحدث "أرباب" عن الإسلام في دارفور، وذكر حتى الإسلام ولج دارفور قديما قبل قيام سلطنة الفور، إلا حتى سلاطين الفور هم الذين اهتموا ببناء المساجد وبناء الخلاوي واستقدام الفهماء من تمبتكوفي غرب أفريقيا، كما حتى بعض القبائل غير العربية كان لها أثرها في نشر الإسلام في دارفور.

وتحدث "أرباب" عن طريق تفرد بها أبناء الفور في دارفور وهي التي عهدت بـ(حبال الفور)، وهي طريقة متفردة يستعين الحافظ فيها بالحبال لحفظ الآيات المتشابهة، وفي هذه الفترة يعهد الحافظ أعداد حروف القرآن، ولا يعتبر الحافظ حافظا عند الفور إلا إذا كان عارفا بفن الحبال والحروف، وهوقمة الفهم عند أبناء الفور.

اقرأ أيضًا

  • دارفور.. بُناة الخلاوي وحفظة القرآن
  • دارفور.. ماذا يجري على يسار العالم العربي؟! (ملف خاص)
  • الذريعة "الإنسانية" بدل "أسلحة الدمار".. لتفكيك السودان
  • "الخلاوي".. حفظت للسودان عروبته وإسلامه


المراجع

إسلام أون لاين: تاريخ دارفور.. عبر العصور - استعراض: مصطفى عاشور       تصريح

  • مسقط سودان جم - جمال حسن احمد / الامارات
تاريخ النشر: 2020-06-04 04:26:15
التصنيفات: عن إسلام أون لاين.نت, دارفور, كتاب

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

محمد السادس يراسل رئيس الأوروغواي الشرقية

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-25 18:10:06
مستوى الصحة: 65% الأهمية: 85%

"لا يستهدف بكين".. تدريب ثلاثي على "استعادة" جزيرة ببحر الصين

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-25 18:07:45
مستوى الصحة: 79% الأهمية: 99%

مزور: المغرب يدخل مرحلة جديدة في مجال التجارة

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-25 18:11:15
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 70%

عادل بن حمزة يكتب: فرنسا مجرّد "سقط متاع" في إفريقيا...!

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-25 18:11:14
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 67%

مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال 24 ساعة..

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-25 18:09:39
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 65%

رسالة ماكرون للملك.. رضوخ فرنسي أم مناورة لكسب الوقت؟

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-25 18:10:19
مستوى الصحة: 69% الأهمية: 85%

لماذا غاب 6 وزراء عن أول مجلس حكومي بعد العطلة الصيفية؟

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-25 18:10:04
مستوى الصحة: 66% الأهمية: 77%

تفتيش شخص بمحطة القطار بالقنيطرة يفجر مفاجأة!

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-25 18:10:09
مستوى الصحة: 61% الأهمية: 81%

شاهد.. هجوم سلاحف نادرة على نزلاء فندق بمصر والبيئة توضح

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-25 18:08:08
مستوى الصحة: 90% الأهمية: 96%

علامات حمراء في مقابلات العمل.. رفض الوظيفة قد يكون الأفضل

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-25 18:09:02
مستوى الصحة: 77% الأهمية: 93%

النادي الصفاقسي تواصل عملية بيع الاشتراكات

المصدر: جريدة المغرب - تونس التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-25 18:12:06
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 67%

"الوضع طبيعي".. باكستان تناقض يونيسف حول الوضع بعد الفيضانات 

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-25 18:07:44
مستوى الصحة: 88% الأهمية: 89%

رسمياً.. بوتين يلزم عناصر المجموعات المسلحة بأداء القسم

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-25 18:07:46
مستوى الصحة: 80% الأهمية: 87%

الجيش الليبي يطلق عملية عسكرية واسعة لتأمين الجنوب

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-25 18:08:39
مستوى الصحة: 77% الأهمية: 97%

فيورنتينا ينتظر عرض مانشستر يونايتد المالي لأمرابط

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-25 18:11:15
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 63%

مقتل 7 مقاتلين من هيئة تحرير الشام في قصف للجيش بريف حلب

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-25 18:08:14
مستوى الصحة: 83% الأهمية: 88%

تقدم نسبة 68 بالمائة في أشغال برنامج « تعصير المؤسسات التربوية »

المصدر: جريدة المغرب - تونس التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-25 18:12:09
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 56%

وسط أزمة الطحين.. تونسيون يسطون على شاحنة محملة بالسميد

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-25 18:08:37
مستوى الصحة: 77% الأهمية: 99%

خزينة الأهلي تنتعش بـ 4 ملايين دولار

المصدر: الأهلى . كوم - مصر التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2023-08-25 18:09:46
مستوى الصحة: 37% الأهمية: 40%

الأمم المتحدة تحذر بأن الحرب والجوع "يهددان بتدمير" السودان بالكامل

المصدر: جريدة المغرب - تونس التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-25 18:12:04
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 69%

أعلاها بمراكش.. درجات الحرارة الدنيا والعليا المرتقبة غدا السبت

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-25 18:10:12
مستوى الصحة: 69% الأهمية: 70%

والد يامال يمارس ضغطا على ابنه لتمثيل منتخب المغرب

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-25 18:10:16
مستوى الصحة: 72% الأهمية: 73%

تحميل تطبيق المنصة العربية