مطلوب فاعل خير لشراء جزيرة (منطق)
مطلوب فاعل خير لشراء جزيرة
للمحرر:محمود المبارك
في الوقت الذي تستمر فيه الزلازل العربية السياسية وتنتشر من بلد إلى آخر، دار في خلدي سؤال غير بريء: لما لا يشهجر من تظل من الزعماء العرب -الذين يفهمون جيداً مصيرهم غير الآمن– في شراء جزيرة تنجيهم من قبضة شعوبهم، وتبعدهم عن يد العدالة الدولية التي من الممكن تكون لهم بالمرصاد،يا ترى؟ خصوصاً إذا ما فهمنا حتى الجرائم التي ارتكبها ويرتكبها بعض هؤلاء الزعماء، لا تسقط بالتقادم كما هومعروف عند أهل الاختصاص.
| ""
ما يقوم به بعض الزعماء العرب اليوم من جرائم ضد شعوبهم، هي جرائم غير مسبوقة في التاريخ الإنساني وقد جمعت أخطر جرائم القانون الدولي على الإطلاق " " |
ذلك حتى ما يقوم به بعض الزعماء العرب اليوم من جرائم ضد شعوبهم، هي جرائم غير مسبوقة في التاريخ الإنساني وقد جمعت أخطر جرائم القانون الدولي على الإطلاق مثل "جرائم ضد الإنسانية" و"جرائم حرب" و"جرائم إبادة" وهي من الحالات النادر اجتماعها.
بل إذا المتأمل طالما الأمة العربية اليوم، قد يصعب عليه تصديق ما يراه بأم عينيه. ولوحتى أحداً فتح خط التاريخ بعد خمسة قرون من اليوم، وقرأ فيها حتى الزعيم العربي لم يكن يتردد في إبادة شعبه باستخدام جميع ما لديه من أسلحة لأجل زيادة عدد أيام حكمه، لربما راوده شيء من الشك في هذه الروايات التاريخية.
سليم أنه حصلت حروب كثيرة وجرائم إبادة عبر التاريخ لأسباب دينية أوعرقية أواقتصادية أومسببات أخرى سياسية، ولكن حتى يبيد الحاكم شعبه بكل الأسلحة الواقعة تحت يديه، والتي تضم اليوم الدبابات والصواريخ والطائرات والقنابل المحرمة دولياً لمجرد إطالة بقائه في الحكم، فأعتقد حتى هذا أمر قاسي التصديق على غير من يشاهده.
ولولا خوف تكرار أحداث اليوم، لبعثت نداءً إلى فهماء الأجنة من أجل استنساخ من تظل من الحكام العرب قبل حتى ينقرض آخرهم فيكذب أجيال المستقبل روايتنا عنهم.
العجيب في أمر هؤلاء الحكام أنهم يتهمون شعوبهم بـ"الخيانة"! فالشعوب في رأي هؤلاء هي التي خانت الزعماء، وليس العكس.
قد يحدث غريباً منطق "خيانة الشعب لحاكمه"، ولكن في عصر انقلبت فيه الموازين واختلت فيه المقاييس، فإن الخيانة في عقلية الحاكم العربي بمفهومها الواسع ليس حتى يخون الحاكم شعبه ولكن حتى يخون الشعب حاكمه، وهذا إبداع عربي لم تسبقنا إليه أمة بعد.
وبمناسبة الحديث عن الإبداع العربي، فإن الأنظمة العربية التي كانت تتهم بجمودها، تثبت اليوم أنها سباقة ومبدعة، ليس ذلك فحسب، بل إذا الأنظمة العربية أبدعت بطرق لا تستطيع حتى إسرائيل حتى تجاريها فيها. وبمقارنة حالنا مع إسرائيل، تساءلت مع نفسي: أليس من المحزن حتى يحاكم الرئيس الإسرائيلي السابق بتهمة التحرش بسكرتيرته في حين يغتصب الحاكم العربي في جميع يوم أمته؟
سؤال لن يجيبه إلا آهات الثكالى وزفرات الأيتام الذين قضى الحاكم العربي على آمالهم وأبقى على آلامهم بطرق غير مسبوقة، لعل آخرها ما قام به النظام السوري من اغتال الضباط الذين يرفضون اغتال المتظاهرين، ثم بعد ذلك اتهام النظام للمتظاهرين بقتل هؤلاء الضباط، وهوأمر أحسب أنه لم يخطر على بال.
| ""
رغم حتى جميع زعيم يرى أنه مختلف عن تونس ومصر، إلا حتى الجامع المشهجر بينهم هوأنهم يريدون البقاء ولوبإبادة شعوبهم " " |
وبمنطق القانون الجنائي، فإن هذا يحوي ثلاث جرائم في جريمة واحدة: الجريمة الأولى إعطاء الأمر للضباط بقتل المدنيين، الجريمة الثانية اغتال الضباط الرافضين لتطبيق الأمر، والجريمة الثالثة تزوير الحقائق واتهام باطل يوجه للأبرياء بقتل من قتلتهم يد السلطة.
ليست الحالة السورية بدعة بذاتها فالعالم العربي يشهد اليوم ثلاث ثورات شبيهة بثورتي تونس ومصر، ورغم حتى جميع زعيم يرى أنه مختلف عن تونس ومصر، إلا حتى الجامع المشهجر بينهم هوأنهم يريدون البقاء ولوبإبادة شعوبهم.
المثير للسخرية أنه في الأمثلة العربية الثلاثة، جميع حاكم عربي يزعم أنه هوالبديل، وأنه إنما يريد مزيداً من الوقت لبدأ الإصلاحات. ولونظرنا إلى أقلهم مدة في الحكم وهوالرئيس السوري، لفهمنا أنه قضى أحد عشر عاماً، وهذا بمنطق الرئاسة الأميركية ما يعادل أقل من ثلاث فترات رئاسية بقليل.
فالرئيس السوري –الذي وصل إلى الحكم في فترة الرئيس الأميركي السابق كلينتون- يريد مزيداً من الوقت من أجل "بدء" الإصلاحات، ولعل السؤال الذي يدور على لسان جميع عربي أنه إذا كانت الإصلاحات "تبدأ" بعد هذه المدة فمتى تنتهي؟
الرئيس اليمني نطق إنه لا مانع لديه من تسليم السلطة إذا ما وثق أنها ستكون في "أياد أمينة"! وإذا كان الرئيس اليمني يشير إلى تاريخه "الأمين"، فأعتقد أنه من الصعب إذا لم يكن من المتعذر وجود "أياد أمينة" مثيلة ليديه.
أما الزعيم الليبي فلا ينوي البدء في أي إصلاحات، وكل ما يريد هوالبقاء في الحكم حتى الموت أويجعل الله لشعبه سبيلاً.
كم هومثير للسخرية حين يردد بعض الزعماء العرب ما فشل فيه إخوتهم الذين لم يصمدوا طويلاً أمام تظاهرات شعوبهم الباسلة في تونس ومصر، بعد حتى أطلقوا الرصاص على صدورهم العارية في مشهد يخجل التاريخ من ذكره.
وفي الوقت الذي استبشر فيه الكثير خيراً بسرعة سقوط النظامين السابقين في تونس ومصر، كان الأمل في حتى اكتمال بقية الثورات العربية لن يطول كثيراً. ولكن حيث بدأت الأنظمة في جميع من ليبيا واليمن وسوريا في استخدام القوة العسكرية ضد شعوبها، تماماً كما في الحروب مع الأعداء، بدت الصورة اليوم مختلفة جداً.
إذ الواقع يقول إذا بقية الزعماء تفهموا من الدرسين التونسي والمصري، ولكن بطريقتهم الخاصة. فهم بذلك لن يكترثوا لكم من الأرواح تزهق أوكم من الدماء تراق أوكم من المجازر ترتكب،يا ترى؟ ما دام ذلك يبقي لهم عروشهم.
| ""
بقية الزعماء تفهموا من الدرسين التونسي والمصري، ولكن بطريقتهم الخاصة, فهم بذلك لن يكترثوا لـكم من المجازر ترتكب ما دام ذلك يبقي لهم عروشهم " " |
واقع الأمر حتى الكثير من الزعماء يدركون جيداً تاريخهم غير الشريف مع شعوبهم، ويخشون نهاية مماثلة لنهاية الرئيس المصري المخلوع أوأخرى كتلك التي انتهى إليها بن علي، والذي ينتظر حتى تطاله يد العدالة الدولية أي حين. فهم بذلك يخشون مثولهم أمام المحاكم الداخلية أوالدولية.
وتفادياً لهذه النهاية المأساوية، من الممكن كان من حق هؤلاء الزعماء الذين "أفنوا حياتهم في خدمة شعوبهم" حتى نتقدم لهم بهدية تتناسب مع تطلعاتهم لـ"نهاية الخدمة". لذا، أقترح حتى يتبرع فاعل خير بشراء جزيرة خلابة على الأرض أوفي المريخ أوفي أي كوكب آخر، تكون ملاذاً آمناً لجميع الزعماء الذين يريدون الهروب من سطوة شعوبهم، ليتم تحويل هذه الجزيرة لاحقاً إلى "حديقة الإنسان
المصدر الجزيرة
