كاتدرائية

عودة للموسوعة

كاتدرائية

كاتدرائية بيتربرا في انكلترا

الكاتدرائية هي كنيسة مسيحية تستخدم كمقر لمطران الابرشية، المصطلح مستخدم في الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة الانغليكانية وبعض الكنائس اللوثرية.

المصطلح غير مستخدم في الكنيسة الارثوذوكسية الشرقية ، حيث ان كنيسة المطران تسمى بـ "الكنيسة العظمى" ولكن لطالما استخدم مصطلح كاتدرائية في الترجمة إلى اللغة الانكليزية .

اصل الحدثة

حدثة كاتدرائية مشتقة من الاسم اليوناني καθέδρα (كاثيذرا) والذي يترجم إلى "كرسي" ويشير إلى وجود كرسي اوعرش المطران .


نُرى لــمَ شاهدت أوربا هذا العدد الجم من الكنائس في الثلاثة القرون التي أعقبت عام 1000 بعد الميلاد،يا ترى؟ وأية حاجة دعت إلى حتى تنشأ في أوربا التي لا يكاد سكانها في ذلك الوقت يصلون إلى خمس سكانها الحاليين معابد قلما تمتلئ لسعتها بالمصلين في أكثر الأيام قدسية،يا ترى؟ وكيف استطاعت الحضارة الصناعية تعجز عن الاحتفاظ بها،يا ترى؟ لقد كان السكان قليلين، ولكنهم كانوا مؤمنين، وكانوا فقراء، ولكنهم كانوا يبذلون بسخاء عظيم. ويقول سوجر رئيس دير القديس دنيس إذا العابدين في أيام الأعياد، وفي الكنائس التي يؤمها الحجاج، كانوا من الكثرة بحيث "تضطر النساء إلى الجري إلى المذبح متخذات من رؤوس الرجال طواراً(1)، ولسنا ننكر حتى الرئيس العظيم كان يجمع المال لبناء تلك الآية الفنية، وأنه خليق لهذا السبب بأن نغفر له بعض مغالاته. ولكن أسباباً كثيرة كانت تدعوإلى بناء الكنائس بهذه الكثرة وتلك السعة: لقد كان من المرغوب فيه حتى يجتمع سكان بعض المدن مثل فلورنس، وبيزا، وتشارتز، ويورك، في صرح واحد في بعض المناسبات.كذلك كان لا بد حتى تتسع كنيسة الدير المزدحم للرهبان والراهبات ولغير رجال الدين. وكان لا بد من حتى تحفظ المخلفات المقدسة في أضرحة خاصة تتسع أيضا للصفوة من العابدين، وكانت الحاجة تدعوإلى وجود بناء مقدس رحب تقام فيه الطقوس الكبيرة، وإلى مذابح جانبية من الأديرة والكثدرائيات التي ينتظر حتى يتلوقساوستها الكثيرون القداس في جميع يوم، وكان الاعتقاد السائد حتى مذبحاً أومصلى يخصص لكل قديس محبوب قد يدعوه إلى إجابة طلبات من يتوسلون إليه، وكان لا بد حتى يبنى لمريم"مصلى نسائي" إذا لم تكن الكنيسة كلها ملكا لها. أما نفقات هذه الصروح فقد كان معظمها يؤخذ مما يجمع من الأموال في كرسي الأبرشية؛ وكان الأساقفة فضلا عن هذا يطلبون العطايا من الملوك والنبلاء، والمدن ذات الحكم الذاتي؛ والنقابات الطائفية والأبرشيات، والأفراد. وكانت المنافسة الطيبة تثار بين المدن التي أضحت الكثدرائية فيها رمزاً لثرائها وسلطانها، تتحدى بهما غيرها من المدن، وكان المتبرعون يوعدون بأن تغفر لهم ذنوبهم، كما كانت المخلفات المقدسة يطاف بها في الأبرشية لتحفز الناس إلى العطاء، وقد يحدث في بعض الأحيان حتى يحرض الناس على البذل والسخاء بمعجزة من المعجزات(2). وكان التنافس في بذل المال للبناء شديداً، وكان الأساقفة يعارضون في جمع المال من الأبرشياتهم لإقامة منشآت في غيرها، ولكن أساقفة من أجزاء أخرى، ومن بلاد خارجية في بعض الأحيان، كانوا يمدون بالمعونة مشروعات في غير بلادهم كما وقع في مدينة تشارتر ولسنا ننكر حتى بعض هذه الطبقات كانت تقرب أحياناً من الإلزام، ولكنها قلما تصل إلى قوة المؤثرات التي تعبأ لتمويل الحروب الحديثة من الأموال العامة. وقد استنفدت هيئات في الكثدرائيات الفرنسية أموالها الخاصة، وكادت تفلس من أجل ذلك الكنيسة الفرنسية في خلال سورة البناء القوطية. ولم يكن الناس أنفسهم يشعرون وهم يتبرعون بالمال بأنهم يستغلون، وقلما كانوا يحسون فقد القليل الذي يبذله جميع فرد منهم، لأن هذا القليل كان يرد إليهم فيما يعود عليهم من عزة جماعية وعمل جليل عظيم، وفيماقد يكون لهم من بيت للعبادة، ومكان رحب يجتمعون فيه، ومدرسة يتفهم فيها أبناؤهم، ومدرسة للفنون والحرف تتلقاها فيها نقاباتهم الطائفية، وكانت في نظرهم كتاباً مقدساً من الحجارة يقرءون في تماثيله وصورة بعين بصيرتهم سيرة إيمانهم. وقصارى القول حتى بيت الله كان أيضاً بيت الشعب.

ومن هم الذين خططوا الكتدرئيات،يا ترى؟ إذا كانت العمارة هي فن تخطيط البناء وتجميله، وتوجيه القائمين بتشييده فإن علينا حتى نرفض- في حالة الفن القوطي- الرأي القديم القائل حتى القديسين أوالرهبان هم مهندسوهذه الصروح. لقد كانت مهمتهم هي حتى يصوغوا حاجاتهم، وأن يتقدموا بفكرة عامة عن البناء المطلوب، ويحصلوا على مكان يقيمونه فيه، ويجمعوا ما يلزم من المال. وقد جرت عادة رجال الدين وبخاصة رهبان دير كلوني قبل عام 1050 حتى يصمموا البناء، ويضعوا خطته، ويشرفوا على بنائه. أما الكتدرئيات الكبرى- كلها بعد عام 1050- فقد كان لابد فيها من استخدام مهندسين محترفين، كانوا كلهم-إلا قلة منهم لا تذكر- من غير الرهبان أوالقسس. ولم يكن المهندس المعماري يلقب بهذا اللقب قبل عام 1563، بل كان يسمى في العصور الوسطى"رئيس البنائين" وأحياناً "رئيس المشيدين"، وتدلنا هذه التسمية على منشئه فقد كان يبدأ حياته بناءً يعمل بيده البناء الذي يشرف عليه. فلما استهل القرن الثالث عشر وعظم الثراء، فشيدت بفضله الصروح الكبيرة، وزاد المجال، لم يبق "رئيس البنّائين" رجلاً يشهجر بنفسه في العمل اليدوي، بل أصبح رجلاً يضع الخطط ويعرض المناقصات، ويقبل المشارطات، ويخطط الأرض، ويضع الرسوم، ويحصل على المواد، ويؤجر العمال والفنانين، ويؤدي إليهم أجورهم، ويشرف على أعمال البناء من البداية إلى النهاية. وإنا لنعهد أسماء الكثيرين من هؤلاء المهندسين الذين عاشوا بعد عام 1050 نعهد أسماء 137 من المهندسين القوط في أسبانية العصور الوسطى بله غيرها من البلاد. ومن هؤلاء من كانوا ينقشون أسماءهم على ما يشيدونه من الأبنية، ومنهم قلة ألفت خطاً في مهنها. وقد هجر فلار دي هنكور Villard de Honnecourt (حوالي عام 1250 سجلا من المذكرات والرسوم التخطيطية المعمارية توضح ما قام به من الأسفار وهويمارس مهنته من ليون وريمس إلى لوزان وبلاد المجر.

ولم يكن للفنانين الذين يقومون بأعمال أقل درجة من البناء- أي الذين يحفرون الصور، والنقوش، أويدهنون النوافذ والجدران، أويزينون المذبح أومكان المرتلين- لم يكن لهؤلاء الفنانين اسم خاص يمتازون به من الصناع، لقد كان رئيس صناع، وكانت جميع صناعة تحاول حتى تكون فناً. وكانت معظم الأعمال توزع بمقتضى عقوبة ومشارطات على النقابات الطائفية التي ينتمي إليها الصناع والفنانون على السواء أما العمل الذي لا يحتاج إلى مهارة فكان يقوم به أرقاء الأرض أوعمال متنقلون مأجورون، وإذا ما طلب العمل الإسراع جندت الحكومة رجالاً- وصناعاً ماهرين إذا لوم الأمر- لإنجازه(3). وكانت ساعات العمل تدوم في الشتاء من مطلع الشمس إلى مغيبها، وفي الصيف من بعد مطلع الشمس إلى قبيل الغروب مع السماح للعمال بوقت يتناولون فيه وجبة الغذاء. وكان المهندسون الإنجليز يتقاضون في عام 1275 اثني عشر بنساً في اليوم (12 سنتاً أمريكيا) تضاف إليها أجور الانتنطق وهدايا في بعض الأحيان.

وكان تخطيط أرض الكثدرائية في جوهره هوتخطيط الباسيلكا الرومانية فهوصحن مستطيل ينتهي بمحراب وقبة، وترتفع فوق طرقتين وبينهما إلى سقف قائم على جدران وعمد. وطرأ على هذه الباسيلكا البسيطة تطور معقد ولكنه فاتن خلاب، فأضحت هي الكثدرائية الرومنسية أولاً والقوطية فيما بعد، فبتر الصحن والطرقتين صحنٌ عَرضي يجعل التصميم في شكل صليب لاتيني. وأخذت مساحة أرض الكثدرائية تزداد بفضل المنافسة أوالحماسة الدينية، حتى أضحت مساحة كنيسة نوتردام في باريس 000و63 قدم مربعة، ومساحة كنيسة تشارتر أوريمس 65 ألفاً، وكنيسة أمين 70 ألفاً، وكولوني 90 ألفاً والقديس بطرس 100 ألف. وكانت الكنيسة المسيحية تبنى بحيث رأسها أومحرابهاقد يكون على الدوام متجهاً نحوالشرق- أي نحوبيت المقدس. ومن أجل هذا كان المدخل الرئيسي في القابلة الغربية التي تستقبل زخرفتها الخاصة ضوء الشمس الغاربة. وكان جميع مدخل في الكثدرائيات العظيمة يتألف من باكية ذات"تجويفات داخلة": أي حتى أبعد العقود من الداخل يعلوه عقد أكبر منه يمتد إلى الخارج، من فوقه هوأيضاً عقد يعلوه عقد ثالث أكبر من الثاني، ويتكرر هذا الوضع حتى تبلغ العقود في بعض الأحيان ثماني طبقات يتكون منها كلها غلاف قابل للاتساع.وهناك "طبقات ثانوية" شبيهة بها تزيد جمال عقود الحن وأكتاف الشبابيك. ويتسع جميع رباط حجري من العقد المعماري لتماثيل أوغيرها من الزخارف المنحوتة، وبذلك يصبح مدخل الكتدرائية، وبخاصة في القابلة الغربية، وكأنه فصل تام واف في كتاب القصص المسيحي الحجري.

ومما زاد في روعة القابلة الغربية ومهابتها حتى أقيم حولها من الجانبين برجان، ذلك حتى الأبراج قديمة قدم السجلات التاريخية، ولم تكن تستخدم في الطرازين الرومنسي والقوطي مكاناً للأجراس فحسب، بل كانت تستخدم فوق ذلك لتحمل ضغط القابلة الجنوبي، وضغط طوب الأجنحة. وكان في المباني النورمندية والإنجليزية برج ثالث ذونوافذ كثيرة، إذا لم يكن جزؤه الأكبر مفتوحاً عند قاعدته، وكان هذا البرج بمثابة "فانوس" ينفذ منه الضوء الطبيعي إلى وسط الكنيسة. وقد أراد المهندسون القوط المولعون بالأوضاع الرأسية حتى يضيفوا برجاً رفيعاً مستدق الطرف لكل واحد من هذين البرجين، غير أنهم لم يسعفهم المال، أوالمهارة الفنية، أوالحماسة، وسقطت هذه الأبراج المستدقة كما وقع في بوفيه، ولم تقم في كثدرائيات نوتردام،أوأمين، أوريمس أبراج من هذا النوع، ولم يبن في تشارتر إلا برجان من الثلاثة الأبراج المستدقة التي كان في النية إقامتها، كما لم يبن في لاؤن إلا واحد من خمسة، وقد دمر هذا البرج المستدق في أثناء الثورة الفرنسية . وكان برج الجرس يشرف على المدن الإيطالية، كما كان البرج المستدق يشرف على براري البلاد الأوربية والشمالية. وكانت هذه الأبراج في تلك الجهات الشمالية منفصلة عادة عن بناء الكنيسة، تشبه من هذه الناحية برج بيزا Pisa المائل، أوبرج جيتوفي فلورنس. ولعل من شاهدوها قد تأثروا بالمآذن الإسلامية، ثم عادوا فنشروا هذا الطراز في فلسطين وسوريا، وأصبحت هي أبراج الأجراس في المدن الشمالية.

وإذ كانت العمد التي على جانبي الطرقة الوسطى في داخل الكنيسة تعتمد عليها عقود تنحني حتى تلتقي في قبة السقف، فإن هذه الطرقة تبدوللناظر كأنها هيكل المركب من الداخل في وضع مقلوب، ومن هذا الوضع اشتق اسمها Nav . وكان طولها ينقص تأثيره في نفس الناظر إليه أحياناً، وبخاصة في إنجلترا، بإضافة شباك من الرخام أوالحديد المشغول منحوت أومصبوب نحتاً أوصباً جميلاً يعترض الصحن ليقي المحراب من تطفل الفهمانيين أثناء الصلاة.

وكان في المحراب مقاعد للمرنمين كلها تحف فنية على الدوام، ومنبران، ومقاعد للقساوسة الذين يصلون بالناس، والمذبح الرئيسي الذي يحتوي في أغلب الأحيان على ستار خلفي مزخرف. ومن حول المحراب مسار دائري يصل صحن الكنيسة بقباها، ويسمح للمواكب بأن تطوف البناء كله. وكانت بعض الكنائس تنشئ تحت المذبح قبواً تحفظ فيه مخلفات القديس الشفيع، أوعظام الأموات الممتازين، وكأنها بذلك تذكرنا بحجرات الدفن في مقابر الرومان.

وكانت المشكلة الكبرى في العمارة الرومانسية أوالقوطية هي طريقة ارتكاز السقف. لقد كانت الكنائس الأولى المقامة على الطراز الرومنسي ذات سقف خشبية مصنوعة في العادة من خشب البلوط الجيد الجفاف. وإذا ما أحسنت تهوية هذا الخشب ومنعت عنه الرطوبة فإنه يبقى إلى ما شاء الله، وشاهد ذلك حتى الطريقة الجنوبية المستعرضة في كثدرائية ونشستر لا تزال محتفظة بسقفها الخشبي المصنوع في القرن الثاني عشر. وأكبر عيب في هذه السقف هوتعرضها لخطر الحريق، فإذا ما شبت النار فيها من الصعب الوصول إليها لإطفائها. ولهذا فإنه لم يستهل القرن الثاني عشر حتى كانت الكنائس الكبرى كلها تقريباً قد بنيت سقفها. وكان ثقل هذا السقف هوالذي وجه تطور العمارة الأوربية في العصور الوسطى. فكان لابد من حتى يرتكز قسم كبير من هذا الثقل على العمد المقامة على جانبي الصحن، وإذن فقد كان لابد من تقوية هذه العمد أومضاعفة عددها، وقد تحقق هذا الغرض بضم عدد من العمد في مجموعة أوإحلال نادىمات ضخمة من البناء محل هذه العمد. وكانت مجموعة العمد أوالنادىمة الضخمة يعلوها تاج، وربما كانت لها أيضاً عصابة يتسع بها سطحها لتحمل ما يعلوها من ثقل، وكانت مروحة من العقود تقوم فوق جميع مجموعة من العمد أوالنادىمة: منها عقد مستعرض في الصحن يمتد إلى النادىمة اللقاءة، وعقد مستعرض آخر يمر فوق الطرقة إلى نادىمة في الجدار، وعقدان طوليان يمتدان إلى النادىمتين التاليتين الخلفية منهما والأمامية، وعقدان ممتدان على طولي القطرين ويصلان بين إحدى النادىمات ونادىمتين متقابلتين لها في عرض الصحن، وقد يحدث هناك عقدان آخران ممتدان إلى نادىمتين لقاءتين يعلوان فوق عرض المسار. وقد جرت العادة حتىقد يكون لكل عقد ركيزته الخاصة فوق عصابة النادىمة أوتاجها. وكان يحدث أحياناً ما خير من هذا فيكون مستطيل جميع عقد في خط غير منبتر حتى يصل إلى الأرض ليكون طائفة من العمد المتجمعة أوالنادىمات المركبة. وكان الأثر الذي ينتج من هذه العمد والنادىمات الرأسية من أجمل خصائص الطرازين الرومنسي والقوطي. وكان جميع مربع من العامات القائمة في الصحن أوالطرقاتقد يكون فرجة ترتفع منها العقود منثنية انثناءاً رشيقاً نحوالداخل ليتكون منها قسم سن القبة. وكان هذا السقف يغطى من الخارج بسطح هرمي من الخشب تستره وتقيه طبقة من الأردواز أوالقرميد.

وكانت قبة السقف أعظم ما أنتجته عمارة العصور الوسطى. وقد جاز مبدأ العقود بإيجاد فضاء يغطي أوسع رقعة من السطح الذي ييسر وجوده السقف الخشبي أوالعوارض المرتكزة على العمد. وبهذا أصبح من المستطاع توسيع عرض الصحن حتى يوائم طوله الكبير، فلما زاد هذا العرض تطلب ذلك زيادة ارتفاعه حتى يتناسب الارتفاع مع سعته، وييسر هذا ازدياد المستوى الذي تقوم فوقه العامات أوالجدران، وهذه الاستطالة الجديدة في العمد زادت هي الأخرى من علوالكثدرائية. وزاد تناسق أجزاء القبة لما أنشأت في حافاتها "ضلوع" من الآجر أوالحجارة تمتد من زوايا تقاطع العقود. وأدت هذه الضلوع هي الأخرى إلى تحسينات كبرى في البناء والطراز. فقد عهد البناءون كيف من الممكن أن يبدأون القبة بإنشاء ضلع فوق إطار خشبي يسهل تحريكه ونقله، ثم ملئوا المثلثات التي بين ضلعين بالبناء الخفيف مثلثاً بعد نثلث، وجعلوا هذه الشبكة الرقيقة من البناء مقعرة، وبهذا نقل الجزء الأكبر من ثقله إلى الضلوع نفسها، وجعلت هذه الضلوع قوية حتى يلقى الضغط السفلي على نقط معينة- هي نادىمات الصحن أوالجدار. ولقد أضحت القبة ذات الأضلاع والعقود المتقاطعة من أبرز ما تمتاز به عمارة العصور الوسطى في أعلى درجاتها.

وعولجت معضلة ارتكاز البناء العلوي فوق هذا بجعل صحن الكنيسة أعلى من طرقاتها، وبهذا كان سقف الطرقة، هووالجدار الخارجي، بمثابة نادىمة لقبة الصحن، وإذا ما بنيت فوق الطرقة نفسها قبة، فإن عقودها المضلعة تلقي نصف ثقلها إلى الداخل لتقاوم بذلك الضغط الخارجي للقبة الوسطى عند أضعف نقط في نادىمات الصحن. ويضاف إلى هذا حتى جزء الصحن الذي يعلوا عن سقف الطرقات يصبح في الوقت نفسه بمثابة طابق أعلى ترتفع نوافذه فوق مستوى البناء المجاور له، فتكون بذلك غير محجوبة وتضيء صحن الكنيسة. وكانت الطرقات نفسها تقسم عادة إلى طابقين أوثلاثة أطباق تكون أعلاها شرفة، وتسمى التي أسفل منها ذات الأبواب الثلاثة لأن المسافات التي بين العقود والتي تقابل بها الصحن كانت تقسم عادة إلى "ثلاثة أبواب" بعمودين يقومان فيها. أوكان ينتظر من النساء في الكنائس الشرقية حتى يصلين في ذلك المكان وأن يهجرن الصحن كله للرجال.

إلى غير ذلك قامت الكثدرائية فترة في إثر فترة خلال عشرة أعوام أوعشرين عاماً أومائة عام، تتحدى قوة الجاذبية لتمجد الله سبحانه. فإذا تمت وأصبحت معدة للصلاة دشنت باحتفال ديني فخم، يجتمع فيه كبار الأحبار وذووالمقام العالي، والحجاج، والنظارة، وجميع أهل المدينة ما عدا القرويين غير المتدينين. وتمضي عدة سنوات بعد ذلك لتكملة ما بحاجة إليه من الإضافات في الداخل والخارج وإضافة ألف من الزخارف وضروب التحلية. ويظل الناس قروناً طوالاً يقرءون على أبوابها، ونوافذها، وتيجان أعمدتها وجدرانها ما حفر أوصور عليها من تاريخ دينهم وقصصه- يقرءون سيرة خلق العالم، وسقوط آدم، ويوم الحساب، وسير الأنبياء والبطارقة وما تعرض له أولياء الله الصالحون من صنوف العذاب وما قاموا به من المعجزات، والقصص ذات المغزى التي تدور حول عالم الحيوان، وعقائد رجال الدين التحكيمية، بل وآراء الفلاسفة التجريدية. جميع هذه نجدها في الكنيسة تتكون منها موسوعة حجرية كبيرة في الدين المسيحي. وكان المسيحي الصالح يرجوحين يموت حتى يدفن بالقرب من تلك الجدران التي تمتنع الشياطين عن الجولان حولها. ويأتي الناس جيلاً بعد جيل للصلاة في الكثدرائية، ويخرجون جيلاً بعد جيل من الكنيسة إلى المقابر التي حولها وتظل الكثدرائية الشهباء عليهم في غدوهم ورواحهم بهدوء الحجارة الساكنة حتى يجيء الموت الأعظم، ويموت الدين نفسه، فتستسلم هذه الجدران المقدسة إلى الدهر الذي لا يبقي على شيء أوحتى تهدم هذه الكثدرائية لتبنى من أنقاضها هياكل جديدة لآلهة جدد.


انظر أيضاً

كاتدرائية شارتر، فرنسا، مفهم شهير يجتذب الحجاج ومحبي الفنون.
  • قائمة الكاتدرائيات
  • عمارة الكاتدرائية في اوروبا الغربية
  • Architecture of the medieval cathedrals of England
  • Historical development of Church of England dioceses
  • نمط الكاتدرائية البولندية
  • Cathedral diagram
  • List of largest church buildings in the world
  • List of tallest churches in the world
  • List of highest church naves
  • بازيليكا
  • List of basilicas
  • Duomo
  • Minster

الهامش

تاريخ النشر: 2020-06-04 10:40:07
التصنيفات: بذرة مسيحية, أنواع الكنائس, كاتدرائيات, مصطلحات مسيحية

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

ارتفاع طفيف بأسعار الذهب فى ختام التعاملات المسائية

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-11 21:21:34
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 61%

جامعة بنها : 18 سبتمبر بدء الكشف الطبي للطلاب الجدد

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-09-11 21:21:48
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 55%

ريال بيتيس يلاقي فيا ريال في الدوري الاسباني.. الليلة

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-09-11 21:21:44
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 62%

«البحوث الإسلامية» يبحث مع متخصصين تأصيل مخطوطات الفلك الشرعى

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-11 21:21:43
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 52%

اليوم السابع: مصر تدعم القضاء فى أفريقيا

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-09-11 21:22:05
مستوى الصحة: 42% الأهمية: 43%

وكيل الأزهر يقدم واجب العزاء في وفاة الملكة إليزابيث الثانية

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-11 21:21:42
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 67%

النبراوي: «نقابات الحوار الوطني» عليها دور في مناقشة مشاكل المهنيين

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-11 21:21:30
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 62%

وزير الرياضة يلتقي رئيس الإتحاد الدولي لرفع الأثقال

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-09-11 21:21:49
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 50%

«وش مصر».. أمسية شعرية ولقاء مفتوح مع زين العابدين فؤاد فى جاليرى ضى

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-11 21:21:38
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 53%

القفز بالمظلات.. عجوز تحتفل بعيد ميلادها الـ91 بطريقة مثيرة (فيديو)

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-09-11 21:22:08
مستوى الصحة: 37% الأهمية: 38%

أسبوع ثقافي سعودي فى الأردن ضمن احتفالية إربد

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-11 21:21:38
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 67%

جهاز مدينة بدر: تسليم 5 مدارس لهيئة للأبنية التعليمية

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-11 21:21:33
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 59%

بشرى للفلاحين.. 5155 جنيها سعر بيع قنطار القطن في الصعيد بزيادة 1400 جنيه

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-09-11 21:22:03
مستوى الصحة: 30% الأهمية: 41%

نائب «التنسيقية» يلتقي وزيرة الهجرة لبحث التنسيق والتعاون

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-11 21:21:31
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 67%

في قداس بكاتدرائية جميع القديسين

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-09-11 21:21:45
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 56%

الزمالك : عودة «محمد صبحي» حارس مرماه من فاركو

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-09-11 21:21:47
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 53%

حسام بدراوى: مهمتى استشارية للتوافق مع «رؤية مصر 2030»

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-11 21:21:31
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 51%

سفير السعودية بمصر يلتقي وزير التعليم العالي والبحث العلمي

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-09-11 21:21:48
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 61%

تحميل تطبيق المنصة العربية