النخلة والجبران (رواية)

عودة للموسوعة

النخلة والجبران (رواية)

النخلة والجبران
المؤلف غائب طعمة فرمان
اللغة عربية
الناشر
الإصدار 1966

النخلة والجبران رواية للمحرر العراقي غائب طعمة فرمان. وهي ضمن أفضل مائة رواية عربية.

أحداث الرواية

لقراءة الرواية، اضغط على الصورة

بُنيتْ أحداث رواية "النخلة والجيران" لـلروائي العراقي "غائب طعمة فرمان" على خلفية آثار الحرب العالمية الثانية في العراق، إذ صيغ نظام الحياة اليومية لشخصياتها في ضوء تداعيات تلك الحرب في بغداد، فظهرت منزوعة الإرادة، ومجرّدة عن أي عمل إيجابي، وما لبثت حتى مضت طالما يكتنفها اليأس إلى نهايات مقفلة أدّت بها إما إلى الموت أوالقتل أوالغياب، وبذلك تكون الرواية قد طرحت قضية التاريخ الراكد للأمة حيث يتلاشى الأمل بالتغيير، فكل شيء في تراجع مطّرد، إذ تستسلم معظم الشخصيات ليأس عام يخيّم عليها من جميع جانب، وتذوي النخلة الوحيدة، وتباع الدار، ويهدم الإسطبل، وتكاد الحواري الطينية الضيقة تخلومن الحركة، وتبدوالمشاركة الاجتماعية مشلولة، بل معطّلة، فقد انسدت الآفاق أمام شخصيات مهمّشة جرى تقييد إرادتها من طرف غامض، وأصبحت طيّ النسيان. فشرعت في الاقتصاص من بعضها بالطمع والقتل والخداع.

وحينما أطبق اليأس على مجتمع "النخلة والجيران" انفلت العنف ليمارس دوره بدواعي تحقيق عدالة غائبة، أورغبة في الامتثال إلى عهد اجتماعي أوقبلي، فالقتل نزوة عارضة مدعومة بفرضية أخلاقية مبهمة، يمكن حتى يقابل بتقدير اجتماعي يحمل من شأن القاتل في ظل انهيار سلطة الدولة، فلا يحتاج إلى سبب كبير لحدوثه إنما تدفع به مشاجرة تافهة، وخصومة عابرة، لأن الأرواح البشرية فقدت قيمتها في المجتمع المتخيّل للرواية، وهومجتمع يحيل بالتمثيل السردي على عالم بغداد في أربعينيات القرن العشرين في ظل الاحتلال الإنجليزي، وحينما يبلغ الإحباط العام مداه الأقصى تلوح فكرة العنف، ثم تتبلور، وتصبح ممارسة عملية، فلم ينتبه "حسين" إلى جرائم "ابن الحولة" وإهاناته، إلا حينما فقد "تماضر" وباع الدار التي ورثها عن أبيه، فاتى اغتياله للمجرم تخلّصا من فشل ذاتي أكثر مما هوانتصاف لصديقه القتيل "صاحب"، فالعنف ذومسار لولبي يتدفّق في وسط أخلاقيات رخوة، ثم يصبح سلوكا اجتماعيا محمودا، دون حتى يقع التفكير بتداعياته. انحسرت الروح المدنية لبغداد حينما انخرطت شريحة من العراقيين في مضاربات ممنوعة مع جيش الاحتلال، فمضى بها الظن إلى حتى الإنجليز باقون في البلاد إلى الأبد، وكفّت فئة أخرى يدها عن أية مسؤولية فراحت تتبرم يائسة، وانحسرت الأفعال الإيجابية من فضاء السرد، فمضى الرجال يدورون في حلقات مفرغة من الإحباط والبطالة، وجرى العبث بالنساء اللواتي خدعن، وسقط استغلالهن عاطفيا وماليا، وامتد ذلك إلى النخلة والبيت، وهما شاهدان على التراجع الثابت في نظام القيم، فكأن زمن الرواية يمضي إلى الوراء بعد حتى تفكّكت الأواصر الاجتماعية، وبها استبدل سلوك اجتماعي خديج لا هوية له، فهجر الشخصيات تنزلق إلى آثام سلوكية قاعدتها الخداع والطمع، فلا تكاد تظهر شخصية سوية، حتى "سليمة الخبازة" لم يوفّر لها السرد حصانة الاستقامة، فابتكر لها سذاجة دفعتها إلى الوقوع في أحابيل "مصطفى" المخادع الذي كان يتاجر بالممنوعات مع الجيش الانجليزي.

وخضعت رواية "النخلة والجيران" إلى زمن شبه راكد في نظام أحداثها، فالبشر والأمور والأمكنة تتردّى ببطء، وظل وعي الشخصيات بذاتها وعلاقاتها ساكنا لم يتعرّض للتغيير، فاكتسى جميع عمل بعدمية، وانتهى بإخفاق، وفيما كان يخيّل للمتلقّي بأن خبز "سليمة" علامة إنتاج مفيدة في مجتمع استهلاكي، مثل حب "تماضر" في بيئة خلت من الحميمية، فإنهما - الخبز والحب- أصبحا ذريعة للخداع والاستغلال، فحلم الإنسان المجرّد عن الوعي يقوده إلى الوراء في حركة لا نهاية لها، فيتعثّر بما هوأسوأ مما كان عليه، وكأن الحياة متاهة كبيرة نزعت عنها العلامات الدالّة على النهاية.

تضافرت البيوت الخربة، والأزقة الموحلة، والشخصيات الضالة، والحركة الرتيبة، والسرد التفسيري، فيما بينها، فأصبحت أدلّة على أفول عالم، وتعذّر انبثاق آخر بديل، فمشهد القتل العنيف الذي ختمت به الرواية رسم في أفق السرد حلا مبهما لنهاية عالم؛ حيث يريد "حسين" حتى يتخطّى إخفاقاته على مستوى الحب، والمال، والبنوّة، بالقتل، فابتاع مدية حادة، وراح يلاحق "ابن الحولة" مترددا وخائفا دون حتى يجد سببا مقنعا للقتل، فبحث عن أية ذريعة كي يتراجع عن رغبته القاتلة إلى حتى عرض له "ابن الحولة" في حالة سكر شديد، فكأنه يدعوه لقتله، فيترنح المجرم الأصلي قتيلا دونما سبب مباشر سوى حتى البطل الجديد رغب في إرسال السكين إلى جسده المخمور ليمارس دوره، فكأنه ضحية بريئة، فقد قُتل المجرم القديم لأن المجرم الجديد راوده حلم بدوره اجتماعي يرهب به الآخرين بوصفه قاتلا أكثر مما كان يريد الاقتصاص من المجرم بسبب جريمة اغتال صديقه "صاحب".

أصبحت الجريمة الثانية مكافئا لدور بطولي مقترح، وليس عقابا عن جريمة سابقة، ومهما كان فلا يمكن التورط في جريمة بسبب جريمة أخرى، فتلك متاهة من العنف لا تفضي إلا إلى مزيد من أعمال القتل. لكن القتل في مجتمع راكد بدواعي الشرف أوالثأر أوالبحث عن دور حديث له معنى عهدي يتعارض مع الدلالة المدنية لمفهوم العقاب، فغالبا ما يتولّد عنه نوع من الترقية الاعتبارية العامة، فيحتفى بالقاتل لأنه عرض معنى مضافا لبطولة فردية تصون العلاقات التقليدية، فالتكافل السلبي بين الجماعات والأفراد ينتج معاني متحيّزة للقتل بدواعي الشرف والهيبة والثأر، فيصبح ممارسة محمودة يراد بها الحفاظ على الروابط التقليدية، وصون القيم الجماعية، وهوأمر يلاقي دعما قويا في مجتمع الرواية الذي يعاني من العوز، ويفتقر للإرادة، ويساوي بين القتلة والضحايا، والمخادعين والمخدوعين، فينعدم التمييز بين الشرّ والخير، وبين الخطأ والصواب، فحدثا جرى محوالحدود الفاصلة بين الآمال والإخفاقات انكشفت هوة خطيرة أمام الجميع، فيصبح انزلاقهم إليها محتملا. وهوأمر جنته شخصيات الرواية كلها، فلم تتفاعل فيما بينها، ولم تعد النظر بعلاقاتها، ونزع عنها الوعي بعالمها، فظهرت عائمة على سطح السرد.


انظر أيضاً

  • أفضل مائة رواية عربية

المصادر

  1. ^ الروائي, د.عبدالله إبراهيم عن النخلة والجيران
تاريخ النشر: 2020-06-04 11:09:11
التصنيفات: روايات عراقية, روايات عربية, أفضل مائة رواية عربية

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

محمد بن سلمان يستعرض مع مسؤولين تركيين سبل تطوير العلاقات

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-25 00:23:11
مستوى الصحة: 81% الأهمية: 93%

منتخب مصر يواصل تدريباته استعدادًا لمواجهة ليبيريا.. صور

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-09-25 00:22:08
مستوى الصحة: 43% الأهمية: 48%

خدمة وشوشة: أهلى تنمروا عليا من طفولتى.. مابنامش وإحساس الفشل ملازمنى

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-09-25 00:22:11
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 50%

الصين تدعو إلى احتواء الحرب الأوكرانية

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-09-25 00:22:30
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 68%

السعودية تدعو لإصلاح مجلس الأمن وحل الخلافات سلمياً

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-25 00:23:10
مستوى الصحة: 82% الأهمية: 87%

عاجل.. الطالب "إبراهيم سعدون" يصل إلى المغرب

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-25 00:23:24
مستوى الصحة: 63% الأهمية: 71%

القبض على 747 شخصًا في روسيا وسط احتجاجات ضد التعبئة العسكري

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-09-25 00:22:15
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 61%

مظاهرات منددة بالنظام الإيراني في باريس ولندن وبرلين

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-25 00:23:14
مستوى الصحة: 91% الأهمية: 89%

خصخصة التعليم الجزء الظاهر من جبل الجليد «5»

المصدر: صحيفة التغيير - السودان التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-25 00:22:50
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 63%

رئيس مجلس السيادة بالسودان يعود إلى الخرطوم بعد زيارته للقاه

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-09-25 00:22:37
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 65%

بتكلفة 11.45 مليار جنيه.. تعرف على محاور النيل الجارى تنفيذها

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-09-25 00:22:07
مستوى الصحة: 31% الأهمية: 45%

الرئيس الجزائري: فلسطين قضيتنا الجوهرية ونرفض كافة أشكال الا

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-09-25 00:22:33
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 54%

إعصار فيونا يسبب أضرارًا على طول الساحل الشرقي لكندا

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-09-25 00:22:22
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 53%

خلال لقاء بين قائد الانقلاب ولافروف.. روسيا تؤكد دعمها للسودان

المصدر: صحيفة التغيير - السودان التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-25 00:22:51
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 67%

وزير الداخلية الإيراني: الشرطة غير مسؤولة عن وفاة مهسا أميني

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-09-25 00:22:19
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 64%

أول تعليق للفنان المغربي "سعد لمجرد" بعد عقد قرانه(صورة)

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-25 00:23:25
مستوى الصحة: 64% الأهمية: 75%

شكري في كلمته بالأمم المتحدة: التوتر الدولي ارتفع لمستوى غير

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-09-25 00:22:25
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 69%

في تجربة ودية .. منتخب الناشئين السوداني يخسر أمام تنزانيا

المصدر: صحيفة التغيير - السودان التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-25 00:22:48
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 58%

تحميل تطبيق المنصة العربية