عبد الرحمن صدقي
عبد الرحمن بن محمد عثمان صدقي بن عثمان رفقي (1314-1392هـ/1896-1973م)، شاعر ومحرر مصري.
ولد في المنصورة (شمالي مصر) وانتقل مع أبيه إلى القاهرة طفلاً وتفهم في مدارسها، وعاش وتوفي بها. عمل عدة سنوات في مراقبة الامتحانات وانتقل بعدها للعمل في مراقبة الفنون الجميلة، وأسهم في تحرير مجلة (السفـور) التي كان يصدرها عبد الحميد حمدي، وهي المجلة التي خط فيها طه حسين، ومصطفى عبد الرزاق أول إنتاجهما، وكثيراً ما كان يهجر عبد الحميد حمدي المجلة موكِلاً مهمة تحريرها وإصدارها لعبد الرحمن صدقي لثقته الكبيرة بمواهبه الأدبية وقدراته اللغوية.
ثم عمل عبد الرحمن صدقي في وزارة المعارف مشرفاً على دار الأوبـرا، وعين وكيلاً فمديراً لها، مدة عشرين سنة. وكان من أعضاء مجلس الفنون مما أعطى له السفر في بعثات فنية إلى بلاد كثيرة.
وكان عبد الرحمن صدقي من الرعيل الأول الذي ربى نفسه بالثقافة الرفيعة ونهل منها بمجهوده الشخصي بعيداً عن الأجواء الأكاديمية، مشهجراً في ذلك مع أدباء فطاحل آخرين شقوا طريقهم بأنفسهم أيضاً حتى وصلوا إلى مراتب مرموقة في عالم الأدب أمثال: عباس محمود العقاد وعلي أدهم ودريني خشبـة وإسماعيل مظهر وسلامة موسى وعبد اللطيف النشار وعثمان حلمي وغيرهم ممن عاصرهم.
بدأ حياته شاعراً وكان يعتقد حتى الشعر هوالفن الكتابي الوحيد الذي ينسى فيه الشاعر نفسه ويكشف عن خباياها أمام الجمهور، وقد تأثر، كما يقول، بالقصائد والمقطوعات الشعرية المبثوثة في كتاب ألف ليلة وليلة، وتأثر بابن الرومي والمتنبي، كما نصحه المازني بقراءة الشريف الرضي، ومختارات من الشعر الذي جمع فيه البارودي أحسن الشعر العربي ورتبه في أبواب، حيث ساعدته تلك القراءات على صقل أسلوبه وتميزه بالجزالة وتمكنه من أسرار اللغة العربية.
ويرى حتى ما خطه من شعر هوترجمة لانفعالاته، وأن موضوع شعره يكاد ينحصر في موضوعي الحياة والموت، وقد بدأ بنشر قصائده في مجلة «عكــاظ» لصاحبها الشيخ محمد فهيم، وفي مجلة «الثمــرات» لصاحبها حسن السندوبي، ويقر بأن فجيعته بموت زوجته ماري وكان قد تجاوز سن الأربعين، قد فجرت شاعريته من حديث ليخط لها ديواناً كاملاً، ليس مراثي زوجٍ لزوجته وإنما هورسم للحياة التي عاشها اثنان على وجه الأرض في أكمل سعادة، وغرامهما بالطبيعة وشاطئ النيل واستغراقهما معاً في قراءة الفن بالعقول والفهم بالقلوب، يقول في ديوانه «مـن وحــي امـــرأة»:
- نضاعفُ بالخطِ الحياةَ فحظنا من الحسن والتفكير حظٌ مضاعفُ
- ونعرض للعقل الفنون فتنجلي وندرس بالقلب العلوم فتلطفُ
ويتصدر ديوانه المشار إليه قصيدة صار يرددها الشعراء في ذلك الوقت وهي الوحيدة في وزنها يقول فيها:
- كان لي في أخريات العمر بيتٌ فعدمتهْ أحرامٌ إذا سعدنا،يا ترى؟ كان ذا حلماً حلمتهْ
- سنوات أربعٌ،يا ترى؟ أم ذا خيال ما زعمتهْ جميع ما أعهد أني كان لي بيت عدمتهْ
وفي طيّات ذاك الديوان وصف للحب والموت ورحلة قام بها إلى إيطاليا، ولم يكن وصفه للطبيعة جغرافياً بقدر ما كان وصفاً نفسيّاً رقيقاً لعاطفة الشاعر، أما ديوانه الآخر المهم فهو«حواء والشاعر» وهودراسة شعرية نفسية متكاملة للأنوثة الخالدة التي تتجسد في بنات حواء على اختلاف أنماطهن في الحسن والشمائل كما كان يقول، إضافة لتناوله لتجربته مع المرأة الأم.
كما صدرت له عدة قصص مطبوعة وهي «بودلر، الشاعر الرجيم» و«أزهار الشر» و«أبونواس» و«ألحان الحان» و«الشرق والإسلام في أدب جوته» و«تاغور والمسرح الهندي» و«ألوان من الحب» وله خط لاتزال مخطوطة، منها «حياتي في الأوبرا» و«اعترافات شاعر»، وكتاب في تراجم بعض معاصريه، و«المرأة والحب» وقد نشرت بعض فصوله، وغير ذلك مما بقي في أوراقه. وقد أوصى بمخطته التي كانت تضم (28916 مجلداً) إلى دار الخط في مصر.
المصادر
- نـزار بنـي المرجـة. "صدقي (عبــد الرحمـــن ـ)". الموسوعة العربية.
للاستزادة
- مصطفى نجيب، أعلام مصر في القرن العشرين (1996 ).
- سمير وهبي، مجلة (الهلال) الصادرة في القاهرة، دار الهلال السنة 81 العددثمانية (أغسطس 1973).