التوجه الجديد للإقتصاد العالمي

عودة للموسوعة

التوجه الجديد للإقتصاد العالمي

تأليف : محمد السويسي

لازال العالم حتى اليوم في موضع الحيرة والإستغراب لتعثر الجهود الأمريكية والأوروبية في إصلاح الوضع الإقتصادي والمالي العالمي منذ إنفجار الأزمة المالية وحتى الآن مع تفاقم البطالة وتنامي الفقر في أمريكا ومنطقة اليوروبحيث تتعثر جميع المحاولات لوضع حد لتلك الأزمة المتفاقمة التي أدت إلى إغلاق آلآف المصانع في العالم الغربي وتشريد مئات الآلآف من العمال والموظفين ، بل ان الأمر قد طال مؤخراً الصين بحيث أضطرت إلى إغلاق بعض مصانعها وصرف عمالها مع الكساد الذي بدأ ينعكس على صادراتها نحواوروبا. قد تبدوالنظرة للوهلة الأولى ، مع تعذر العلاج ، بأن الوضع الإقتصادي العالمي يسير نحوالإفلاس ، أوعلى الأقل نحومستقبل أسود ومظلم ؟! إلا حتى واقع الأمر وبواطنه هوغير الظاهر تماماً . وسوف أورد مثلاً بسيطاً محاكياً ألخص فيه مايجري لأنطلق منه فما بعد إلى التوسع والتفصيل .

إن الوضع المالي الحالي العالمي هوأشبه بأرض غير مستوية ، غلب عليها الحصى والحجارة والصخور والأشواك ، إنهمر عليها مطر الشتاء فاهتزت وربت وأينعت من جميع زوج بهيج ولكن دون أي فائدة من ثمار اوحبوب أوخضار ، فعمد صاحبها إلى جرف ظاهرها واقتلاع صخورها وحرثها إلى حتى جعلها مستوية وقد إنتزع الأزهار منها وبعثر مظهرها الجميل الأخاذ ، ليغرسها بالبذور والشتول والأشجارالمثمرة ، عوضاً عن ذلك ، لتؤتي أكلها بعد حين من الحبوب والفواكه والخضار بما يعود عليه بالفائدة وسد جوع الجوار وحاجاتهم بأفضل حال مما كانت عليه .

من هذه المحاكاة سأنطلق لشرح مظاهر الأزمة الإقتصادية وأهدافها التي قد تختلف الآراء بشأنها بين مؤيد ورافض ، إلا أنها أشبه بحال المريض المعلول بين أيدي مجموعة من الأطباء الذين قد يختلفون بتشخيص حالته ، إذ حتى بينهم من ينصح بشق بطنه أوصدره لإجراء عملية له ، وآخرمن يجد في الدواء علاجاً لما به بن علة . وأبدأ بالشرح والتفصيل لأزمة إقتصادية ومالية خطيرة بدأت نذرها مع نهاية القرن العشرين إنطلاقاً من الولايات المتحدة الأمريكية التي كانت قد اتخذت في حينه عدة تدابير مالية وإقتصادية لدرء الأزمة واجتثاثها قبل إستفحالها ، إلا أنها زادت من تفاقمها إذ طلعت بإتفاقية "منظمة التجارة العالمية " التي نصت إحدى بنودها على حمل الحماية الجمركية عن البضائع المستوردة لأي بلد يسقط عليها ، على حتى تعامله أمريكا بالمثل بعدم إستيفاء أي رسوم على البضائع المستوردة اليها من عنده ؟!.

إن إتفاقية منظمة التجارة التي تقضي بحمل الحماية الجمركية عن البضائع المستوردة هي عملية مخادعة ومؤذية بالكامل بالنسبة للدول الصغيرة والفقيرة التي تعتمد بإقتصادها على رسوم الإستيراد لإنعدام صناعاتها ، إذ ليس لديها ماتصدره للأسواق الأمريكية أوغيرها ليسد حاجاتها ، مما يؤخر نهوضها مع إعتماد ميزانياتها على الرسوم الجمركية ، فاقترحت أمريكا عليهم استبدال الرسوم الجمركية ببدعة "الضريبة على القيمة القيمة المضافة "؟! فزادوا الطين بلّة وإرهاقاً لميزانيات تلك الدول وإقتصادها مع هذا الخبط العشوائي ، إذ حتى هذه الضريبة لاتلائم سوى الدول الصناعة المنتجة التي تزيد صادراتها على وارادتها . إلا أننا مع سبر غور أهداف منظمة التجارة العالمية ومن ورائها ، فإننا نجد حتى الرأسمالية الأمريكية في وول ستريت قد تعمدت ، بما لها من نفوذ لدى مجلسي الكونغرس والشيوخ والبيت الأبيض ، إلى إقرار واعتماد هذه الإتفاقية ببنودها الكارثية لأنها المستفيد الأول من حمل الحماية الجمركية عن بعض المستوردات إلى أمريكا ودول العالم ، لأنها تستثمر بعض اموالها في الصين منذ حتى شعرت ببودار الأزمة المالية والإقتصادية وتراجع مبيعاتها وصادراتها الصناعية الأمريكية نحوالعالم الخارجي لانعدام القدرة على المنافسة امام السلع الصينية الإغراقية ، نظراً لإرتفاع أجور اليد العاملة في أمريكا والغرب بالمقارنة مع أجور اليد العاملة الصينية الرخيصة ، مما دفعها للإتجاه نحوالصين والنهوض بصناعاتها بما يشبه مشروع مارشال الأمريكي في أوروبا عقب الحرب العالمية الثانية ، إنما بطريقة مغايرة وهوبالإستثمار المباشر وليس بالهبات أومنح القروض المعدومة . وقد واكب تطبيق هذه الخطة إغلاق الكثير من المصانع الأمريكية وصرف عمالها بداعي الإفلاس وبيعها للصين كمصانع خردة ، بينما هي بكامل جهوزيتها وصلاحيتها للعمل ، ليبدأ الإنتاج فيها برأسمال أمريكي وأيد عاملة صينية رخيصه شبه مجانية . لقد استقبل الصينيون هذا التوجه الأمريكي في الشراكة معهم بترحيب وذكاء ومرونة مطلقة ، وقد وضعوا الإيديولوجيات اليسارية والشيوعية المعادية للإمبريالية جانباً ، بهدف الولوج إلى الصناعات الأمريكية المتقدمة لصالح شعبهم ، ليبدأ الإنتاج والتصدير للبضائع "الصينية – الأمريكية" إلى دول العالم أجمع بما فيه أمريكا ، ثم لتبدأ الرأسمالية الأوروبية في تناغم مع رأسماليي وول ستريت إلى التخلي عن مصانعها ايضاً ، باستثناء ألمانيا ، وصرف عمالها مع عجزها عن منافسة أسعار السلع الصينية متبعة النهج الأمريكي في الإستثمار في الصين .

ومن هنا كان الإنهيار المالي والإقتصادي الأمريكي والأوروبي المتعمد بكل تفاصيله ، الذي كان بالإمكان تجنبه بإجراءات حمائية وعدم الإستثمار في الصين ، إلا حتى الخطط الأمريكية كانت ولازالت أبعد منحى من ذلك بكثير . إذ أنه مع تعذر تفجير حرب عالمية ثالثة لإشاعة الدمار والفوضى والخراب للجم التضخم وإعادة البناء ، فإنه يتم الإكتفاء حالياً بإشاعة الفوضى المسلحة والإرهاب والإنقلابات الدموية في أنحاء عدة من دول العالم كبديل للحرب لتدمير إقتصادياتها وتأخير نموها لصالح الصادرات الأمريكية - الصينية .

وعليه فإنه ليس هناك من محاولات جدية لإصلاح الوضع الإقتصادي والصناعي في أمريكا وأوروبا لأنها تتعارض والمخطط " الإصلاحي " الذي وضعوه للإستثمار في الصين . بل إذا الوضع العالمي إلى مزيد من تفاقم البطالة والفقر من حيث إغلاق المصانع وصرف العمال والموظفين لقاء تعزيز التأمينات الإجتماعية والصحية وتحسين طرق المواصلات في الأرياف . فما هي أبعاد هذا المخطط وإلى ماذا يرمي ،يا ترى؟ سأجيب على ذلك وفقاً للآتي : إن الأزمة المالية العالمية لم تكن عفوية بل كان مخططاً لها بعناية للتخفيف من التضخم المالي بدءاً ، ومن ثم لتخفيف الإكتظاظ السكاني في المدن الغربية الكبرى الذي بدأت سلبياته تظهر في تنامي البطالة والجريمة والتردي الإداري العام مع تعذر الوصول إلى أماكن العمل في الوقت المحدد لمدن عالمية عدة مع تفاقم الإزدحام المروري المتصاعد واستفحاله ، وتراجع الصحة العامة بما ينبأ إلى خروج الوضع من عنطقه وفقدان السيطرة عليه بحيث يهدد الأمن الإجتماعي والإقتصادي وينشر الفوضى في العالم من خلال القوى المسلحة الفوضوية على حساب سلطة الدولة بما يؤدي إلى "صوملة " عالمية (نسبة إلى الصومال) لايمكن ضبطها ، عدا النزف البشري المستمر من الريف إلى المدن على حساب الإنماء والتقدم الزراعي وتوفر الغذاء ، مما زاد من مظاهر التخلف والتراجع في المدن لإنعدام القدرة المالية لهؤلاء الوافدين من الإقامة في سكن ملائم ، بما قد ينتهي مصيرهم إلى التشرد والإكتفاء بالتردد إلى أماكن الإيواء الإجتماعية التي تزيد من الأعباء على المدن والحكومات بما كان يمكن تجنبه مع قليل من التنظيم لوضع حد لهذه الفوضى .

لذا فإن الرأسمالية العالمية الغربية بقيادة وول ستريت وبتنسيق مع البيت الأبيض وموافقته ، مع بدء تباشير الأزمة العالمية ، إرتأت ضرورة إجراء جراحة عاجلة للوضع الإقتصادي العالمي إقتضى : أولاً : إفلاس معظم البنوك والشركات الكبرى لاحتواء التضخم المالي والحد منه لتقليص أعمال الطبقة الوسطى التي أضحت عبئاً في تجاراتها المركزة في المدن وبالتالي التسبب والمساهمة في الإزدحام السكاني بجذب أبناء الريف إليها سعياً وراء العمل بما أدى إلى حمل قيم العقارات واستثماراتها ، مع تزايد الطلب عليها بما لايطاق أويمكن القبول به لسلبياته . ثانياً : حمل أسعار النفط ومشتقاته لأسباب عدة منها ، التضييق على الوافدين للسكن المدن أوالعمل بها ، بحمل كلفة الإنتنطق والتنقل منها وإليها للحد من التوجه إليها أوالتواجد فيها إلا للضرورة والحاجة القصوى ، وزيادة كلفة أعباء المصانع لإجبارها على عدم التوسع في الإنتاج ، لحساب إغراق الأسواق بالسلع الصينية الرخيصة الثمن ، وبالتالي إختصار اعمالها أوالتوقف عن الإنتاج لصرف عمالها للحد من تسلل ابناء الريف نحوالمدن مع إنعدام الوظائف لإجبارهم على العودة من حيث اتوا.

ثالثاً : حمل أسعار المضى إلى عدة أضعاف ، وقد تم ذلك بشكل آلي تعويضاً عن خفض أسعار النفط الذي كانت تسعى وول ستريت إلى حمل اسعاره إلى مئتي دولار للبرميل إلا حتى تأثيراته على كلفة النقل والإنتنطق للمواطن العادي في البلدان الغربية وتأثيره على إرتفاع أسعار السلع بما كاد حتى يودي بالعالم الغربي الى خلل أمني أجبر الولايات المتحدة إلى ضبط وتثبيت أسعاره عند مستوى معين وسطي كما هوحالياً ، خاصة وأن ازدياد أسعاره عن المئة دولار للبرميل أدى غرضه وأهدافه في توقف المصانع الغربية عن العمل وإفلاس بعضها لعدم قدرتها على مجاراة أسعار السلع الإغراقية الصينية مع إرتفاع أسعار النفط ، لذا أتخذ قرار مواز بحمل أسعار المضى الى نسبة تكاد تعادل إنخفاض أسعار برميل النفط من مئة وستون دولاراً إلى مئة دولار من أجل ضبط التضخم المالي للطبقة الوسطى .

رابعاً : حمل أسعار السلع الغذائية والحبوب ، مع بداية هذا القرن ، إلى عدة أضعاف لدفع أبناء الريف للهجرة المعاكسة من المدن نحوقراهم لإغرائهم بالبقاء حيث هم مع جزالة الأرباح من الزراعة بأكثر مما يجنوا من الوظائف في المدن وبالتالي الإكتفاء بحاجاتهم الغذائية ضمن مناطقهم بما يحد من استهلاك المحروقات والكهرباء وضبط الأمن في المدن مع تخفيف عدد قاطنيها . لذا فإن من يعتقد حتى الغرب عازم على إعادة الوضع الإقتصادي في البحبوحة المالية للطبقات المتوسطة وما دونها كما كان عليه قبل إنفجار الأزمة المالية فإنه مخطىء تماماً وفق ماعرضت آنفاً، لإنهم مؤمنون بصحة مايعملونه بأنه لصالح شعوبهم وصالح البشرية جمعاء ،بما أنهم يهدفون إلى الحد من التضخم البشري في المدن وإعادة بناء الزراعة في الريف على أسس عائلية بما يلغي أعباء الرواتب والأجور وتضخمها ، حيث سيكتفي أفرادها بأقل النفقات وباقل الأجور بما يسد حاجاتهم الضرورية لينفقوا الفائض منها على تطوير زراعاتهم والتوسع فيها مستقبلاً دون حاجة إلى عمالة خارجية ، أي من خارج القرية . ولقد بدأت الصين بتطبيق هذه الإجراءات بفعالية ، بصفتها شريك طارىء مع الرأسمالية الأمريكية والأوروبية لإنجاح إستثماراتهم لديها . وقد بدات بترحيل الفائض من العماله الصينية الداخلية لديها نحوقرى الريف وشق الطرقات لتسهيل المواصلات للقاطنين فيما بينهم ، مع إنشاء السكك الحديدية وإيصال الكهرباء إلى أقصى الأرياف وفتح المدراس والمستشفيات وتحقيق جميع الضمانات الصحية والإجتماعية وإنشاء ممحرر زراعية لترشيد المزارعين وتقديم البذور بأسعار بخسة ومجانية لبعض انواعها تشجيعاً للزراعة والإستقرار ، وقد تعهدت الدولة بشراء محاصيلهم بالإسعار المرتفعة المستجدة ، بما أغرى الكثير منهم في هجر مصانعهم والعودة للريف لحياة أكثر ملائمة مع جدوى الإقامة في قراهم حيث كانت هذه التقديمات والتسهيلات معدومة قبل سنوات قليلة .

وكل هذا جرى ويجري بالإتفاق مع ألمانيا التي وُظفت بعض الأموال الأمريكية لديها ، وأودعت مئات المليارات من الدولارات واليوروفي بنوكها من أمريكا وبعض دول منطقة اليورو، لأنها الأقوى صناعياً في اوروبا نظراً للثقة والسمعة الجيدة التي تتمتع بها صناعاتها بحيث لايمكن منافستها لجودتها العالية ، وقد حرضتها الولايات المتحدة وشجعتها وتعاونت معها ، على إنشاء منطقة اليورونهاية القرن الماضي لتمرير إجراء حمل الحماية الجمركية وتطبيق مضمون إتفاقية منظمة التجارة العالمية في معظم بلدان اوروبا الذي ضُمّن في قوانين منطقة اليوروبالإضافة لتوقيعهم على هذه الإتفاقية التي تحوي هذا البند المجحف بحمل الحماية الجمركية ، مما أسقط خزائن بعض هذه الدول بعجز مرير بعد حتى دالت مداخيلها من الرسوم الجمركية وإقتصارها على ضريبة القيمة المضافة التي تراجعت بشكل خطير مع تراجع أعمال الطبقة الوسطى وإغلاق معظم مصانعها وتجاراتها في خطة مبيّتـة متوافقة ومتطابقة ومصالح الرأسمالية الأمريكية-الأوروبية لوقفها عن العمل بما لها من مصلحة لترويج سلعها المنتجة في الصين بديلاً عن السلع الأوروبية ، أوبالأصح بديلاً عن الإنتاج الوطني لأوروبا وأمريكا ، ومن ثم السعي إلى تمتين الشراكة مع المانيا لعدم المقدرة على إفلاسها نظراً لأن إنتاجها غير قابل للمنافسة لطلب السوق العالمي له وحاجته إليه وبالتالي عدم تأثرة من منافسة السلع الإغراقية الصينية لمتانته وجودته الفائقة .

إنه نهج رأسمالي بالغ القسوة والشدة ، بما نراه على أرض الواقع ، ولكن من الممكن سيكون تدبيراً ملائماً متقدماً للأجيال اللاحقة ، من وجهة نظرهم ، بما يحفظ الأرض من التلوث الصناعي والبيئي لمعظم دول العالم ،كما يحفظ للمدن ألقها وتوازنها السكاني والمعيشي والأمني ويعيد للريف نموه وازدهاره ، إلا ان ذلك سيتم على حساب بعض الشعوب والدول التي ستحصر بها الكثافة الصناعية العالمية بما فيها من تلوث كما يجري حالياً ، مع توطينها في الصين وألمانيا التي نشاهدها في إنتنطق رؤوس الأموال من أثرياء أمريكا وباقي دول أوروبا من أجل هذا الهدف . إلا أنه لايبدوان الرأسمالية العالمية هجرن إلى هذا الحصر لاستثماراتها في دولتين فقط من الممكن خوفاً من المجهول أوالمستقبل ، لذا فإنها لاتفتأ تسعى وراء تنوع مصادر إنتاجها وفتح مراكز صناعية جديدة لها باستمرار في أماكن عدة من العالم ، حيث تدني أجور اليد العاملة الرخيصة .

وعليه فإن مانشهده من أحداث وثورات في بلدان عدة ، خاصة في العالم العربي ، فإنما هوعمل مخطط له لقلب هذه الأنظمة العائلية الفاسدة التي عطلت العمليات الإنتخابية الديمقراطية ومنعت تطور بلدانها ونهوضها وقد نهبت المال العام أوأهدرته دون تقديم أي ضمانات إجتماعية وصحية لشعوبها . وبالتالي فأنها تتحمل مسؤولية التراجع الصناعي في العالم الغربي مع انعدام القدرة الشرائية للأغلبية من مواطني شعوبها . وكنت قد خطت في وقت سابق في منطقات عدة عقب الأزمة المالية العالمية أشرت فيها بأن المنطقة العربية ستشهد ثورات حادة لقلب انظمتها بحيث لن يستثى منها أحد لشدة فسادها ، لذا عملى هذه الأنظمة إستباقاً لرياح التغيير القادمة حتى تسعى الى إلى إصلاح وضعها بتحقيق جميع الضمانات الإجتماعية والصحية ودفع تعويضات البطالة للعاطلين عن العمل لتوفير السيولة بين أيدي مواطنيها والنهوض بقدراتهم الشرائية وإلا فإنها إلى زوال . ولم يكن ذلك تنبوءاً بل حتمية إقتصادية مقرؤة على صفحة بيضاء مع تفشي العولمة التي قربت المسافات وجعلت من العالم قرية واحدة مترابطة المصالح والمنافع .

ومصر حالياً هي المستهدفة الأساس من التغيير في المنطقة ، بعد نجاح التجربة الإقتصادية الهجرية ، في ثورة الربيع العربي وقد أوكل أمرها بدعم من الرأسمالية الأمريكية إلى حزب الأخوان المسلمين من أجل تعميق الشراكة الصناعية في تسهيل مشاريع الإستثمار لرؤوس الأموال الغربية في مصر بما فيها من أيدي عاملة رخيصة ، إذ حتى الفساد السياسي والإداري للعهد البائد كان هوالعائق في الإستثمار للفترة التي سبقت. والأمريكيون يتطلعون حالياً إلى حكام مصر الجدد لإنتزاع هذه العقبة لتسهيل الإستثمار فيها وقد دعموا الدستور الجديد للرئيس المصري وانحازوا اليه . إلا حتى دور مصر الرئيس سيكون اختراق الأسواق الأفريقية لصالح الشراكة بين مصر وأمريكا في بناء أنشطة صناعية واسعة فيها . والنظام المصري حالياً هوفي طور التجربة والإمتحان لسنوات عدة في إنجاح الأهداف الإقتصادية لوول ستريت في مصر وأفريقيا ، فإن نجح ، فإن الأخوان المسلمين سيرسخون وجودهم في حكم مصر إلى ماشاء الله ، وإن فشلوا فإن أمر إزالتهم سيصبح وارداً . ولقد كان من الممكن حتى تنشأ الفوضى في المملكة العربية السعودية في وقت سابق إلا تفاقم الأزمة السورية وصدور الأوامر الملكية الإصلاحية في اللحظة الأخيرة ، التي أُقرت بنصيحة من البيت البيض ، أنجت النظام من كوارث قد تفجر الوضع في البلاد . إلا انها لازالت في دائرة الخطر إذا لم يتم استكمال تلك الإصلاحات الإجتماعية المطلوبة لتوفير السيولة بشكل متوزان بين أيدي المواطنين بحيث لايجب انقد يكون من عوز فيها أوشريحة تحت خط الفقر بما عند المملكة من مداخيل عالية لاتقل عن تسعمئة مليون دولار يومياً حتى كتابة هذا الموضوع ، ومع ذلك فإنها لازالت قاصرة عن الإصلاح الإدراي وعن تحرير المرأة وفي تحقيق شبكة خطوط عامة داخل المدن وفي سائر أنحاء البلاد . لذا فإنه لاغرابة لهذه الضغوط الغربية على إيران ، التي لاتستوعب مايجري على الصعيد الإقتصادي العالمي وترفض التعاون في تسهيل هذه الخطط بحيث اضحت عائقاً لاستكمال وتحديث الدورة الإقتصادية المخطط لها من قبل وول ستريت من أجل تسهيل دخول الشركات الأمريكية إلى السوق الإيرانية والإستثمار فيها ، بما تشكل من مدخل نحوالدول الإسلامية الأسيوية المحيطة بها كخط إنتاجي صناعي خفيف ومتوسط ، لقاء الصين لضبط أجور اليد العاملة الرخيصة من الإرتفاع حاضراً ومستقبلاً ، وإقامة حالة من التنافس بتوازن منضبط . وقد رأينا هذا التوجه الرأسمالي العالمي في الفترة الأخيرة كيف من الممكن أن جاز لدول الخليج بإنشاء مصانع لتجميع الطائرات والسيارات وبعض الأجهزة الكهربائية والألكترونيات الغربية لتقنيات لم يكن مسموحاً بها قبل عقد من الزمن .

وأنهي بان التوجه الجديد الآخر للرأسمالية الغربية ،بالإضافة لما أسلفت، هوقلب المعادلة الإنتاجية والأدوار ومواقع بعض الصناعات بتشغيل الأيدي العاملة في الدول النامية لصالح رفاهية الشعوب الغربية ومجتمعاتها التي تملك العملة الصعبة من دولار ويوروبالإضافة للمؤسسات المالية العالمية الضخمة لتشتري ماتريد بدلاً من حتى تكون خادماً لهذه الشعوب كما كانت لفترة طويلة ، على حتى تُحصر الصناعات الثقيلة والعسكرية المتطورة والطائرات ، خاصة المحركات ، بيد المانيا وفرنسا بما فيها من أسرا ر صناعية وتقنية متقدمة ومتطورة .

  • http://blog.marefa.org/node/790
تاريخ النشر: 2020-06-04 11:33:20
التصنيفات:

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

حرائق الغابات الثلجية في أمريكا الشمالية وأوراسيا تشكل تهديد

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-03-03 15:23:50
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 60%

ممثل الاتحاد الأوروبي خلال زيارته حوارة: عنف المستوطنين يجب

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-03-03 15:24:05
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 60%

بالوعات مسدودة واخري غير مطابقة القوانين بطرقات واحياء عنابة 

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-03 15:24:31
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 54%

ابراهيمي و ديلور ابرز المرشحين لتعويض وناس وغزال في المعسكر المقبل

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-03 15:24:44
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 66%

هلاك شابان من باتنة في حادث سير بالطريق السيار شرق غرب

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-03 15:24:28
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 57%

الثلوج تغلق عديد المحاور الطرقية و موجة برد قاسية  بجيجل

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-03 15:24:25
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 55%

تأجيل انتخابات «الصحفيين المصرية» لـ 17 مارس الجاري - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2023-03-03 15:25:27
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 58%

توجيه تهمة الاغتصاب رسمياً لأشرف حكيمي... ومحاميته: اللاعب هادئ

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-03 15:25:04
مستوى الصحة: 88% الأهمية: 91%

مسيلة: حجز 13750 قرص مهلوس ببلدية بن سرور

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-03 15:24:35
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 54%

أمطار رعدية مرتقبة هذا السبت على عدة ولايات بشرق البلاد

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-03 15:24:18
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 69%

باحث مصري: مخططات «الإخوان» للتخريب مفضوحة - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2023-03-03 15:25:26
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 50%

شي جينبينغ في طريقه إلى ولاية رئاسية ثالثة في الصين

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-03 15:25:05
مستوى الصحة: 86% الأهمية: 92%

محاولة قتل زوجة نتنياهو ورئيس حكومة الاحتلال يتهم معارضه لاب

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-03-03 15:23:54
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 50%

السعودية تسير طائرتين تحملان 168 طناً من المساعدات للشعب الأ

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-03-03 15:24:09
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 60%

وزراء خارجية المجموعة الرباعية: التهديدات النووية الروسية "م

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-03-03 15:23:59
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 65%

تسرب للغاز يتسبب في حريق داخل محل بالسطارة بجيجل

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-03 15:24:22
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 60%

زيلنيسكي يشكر البرازيل وسويسرا على دعمهما في الحرب الروسية

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-03-03 15:23:45
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 64%

محتجو زاهدان يهتفون: الموت للحرس الثوري - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2023-03-03 15:25:28
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 63%

تحميل تطبيق المنصة العربية