عقلانية
العقلانية Rationalist وتعهد أيضا بالحركة العقلانية ، منحى فلسفي يؤكد حتى الحقيقة يمكن حتى تكتشف بشكل أفضل باستخدام العقل والتحليل الواقعي وليس بالإيمان والتعاليم الدينية . للعقلانية أوجه شبه مع حركات ثقافية أخرى هي : الإنسانية واللاإلهية (الإلحاد) . وجه الشبه يتجلى أساسا في محاولة انشاء إطار للتوجهات الفلسفية والاجتماعية بمنأى عن المعتقدات الدينية والغيبية .
أما أوجه الخلاف فالإنسانية تميل دوما نحواعطاء الإنسان قيمة مركزية والتأكيد على أهمية منجزاته ، في حين لا تعتبر العقلانية الانسان جزءا مميزا عن باقي الطبيعة بما عليها من كائنات .
أما اللاإلهية فهي ترفض وجود الآلهة والعقائد الإلهية وتميل دوما لرفض وجود الذات الإلهية، أما العقلانية فهي لا تحدد موقفا من هذه القضية، لكنها ترفض فقط أي اعتقاد يستند إلى الإيمان فقط.
خلفية
في كثير من الأحيان, العقلانية تفسر علي انها تقابل التجريبية، ولكن بنظرة أكثر عمومية، الإثنان ليسوا متنافيين, والكثير من الفلاسفة من ممكن انقد يكونوا عقلانيين وتجريبيين.
مؤيدي بعض من اشكال العقلانية يجادلوا بأن إذا بدأنا من قواعد اساسية كمسلمات الهندسة، من الممكن استنتاج جميع الفهم التي يمكن معهدتها. الفلاسفة سپينوزا ولايبنتس كانوا أبرز من تمسكوا بهذا الفكر، ومحاولتهم لفهم المشاكل المعهدية والميتافيزيقية التي أثارها ديكارت، أدت إلي تنمية النهج الأساسي للعقلانية.
سبينوزا وليبنتز نطقوا ان من حيث المبدأ جميع الفهم, بما فيها الفهم الفهمية, يمكن الحصول عليها من الاستنتاج وحده، ولكن لاحظوا ان ذلك غير ممكن, من حيث التطبيق، للبشر إلا في مواضيع معينة كالرياضيات. ولكن ليبنتز أيضا، أقر بأن "كلنا تجريبيين في ثلاث أرباع أفعالنا".
العقلانية قديما
سقراط (399-470 ما قبل الميلاد)
اعتقد سقراط بان قبل حتى يفهم البشر العالم, عليهم حتى يفهموا أنفسهم أولاً، وأن التفكير العقلاني هوالطريق الوحيد لتحقيق ذلك.
علينا ان نتطرق الي فهم الإغريق للعالم, لكي نعي ما قصد سقراط. المرء بالنسبة لهم, يتكون من جزئين, الجسد والروح. الروح لها جزآن أساسيان، الجزء اللاعقلاني، وهوالخاص بالمشاعر والرغبات, والجزء العقلاني وهوالنفس. يري ان في تجاربنا اليومية، الروح اللاعقلانية تنجذب إلي الجسد برغباته وتندمج الروح اللاعقلانية معه، فيصبح ادراكنا للعالم محدود بما تؤتينا به حواسنا الجسدية. الروح العقلانية هي أبعد من إدراكنا ولكن يمكن التواصل معها بالصور، الأحلام وخلافه.
مهمة الفيلسوف إذن، كما يري سقراط، هي إصلاح، وفي نهاية المطاف استئصال الروح اللاعقلانية، وبالتالي الحاجة إلي الإصلاح الأخلاقي، وبعدها تفعيل الروح العقلانية كيقد يكون إنسان مكتمل، يظهر الجوهر الروحاني الاسمي وهوما زال في جسده.
العقلانية الحقيقية، بالنسبة لسقراط، إذن هي ليست فقط عملية تفكير، وإنما تغيير في الوعي والطبيعة النوعية للمرء. الروح العقلانية تنظر الي العالم بنظرة روحانية، تري الاشكال الافلاطونية، أوجوهر الاشياء. فهم العالم اذن، بحاجة الي ان يعهد المرء روحه أولا, وبالتالي ' يفهموا أنفسهم أولا'.
سقراط لم ينشر أويخط أي من أفكاره، ولكنه كان دائما في مناقشات مع الآخرين. عادة كان يبدأ بطرح سؤال بلاغي، يوحي بأنه قابل للاجابة. بعد الاطلاع علي الاجابات من الاخرين، يستمر في طرح الاسئلة حتي تحل جميع نقاط الخلاف أوحتي يقر الاخرين علي عدم القدرة علي اجابة السؤال. سقراط لم يدعي انه يعهد الاجابة, ولكن هذا لم يمنع قدرته علي تناول المشكلات بشكل عقلاني. هدفه كان ان في النهاية طريقتنا الفكرية لفهم العالم معيبة ووجب تجاوز ذلك للحصول علي فهم حقيقية لحقيقة الاشياء.
العقلانية القارية
منذ عصر النهضة وارتبطت العقلانية بادخال الطرق الرياضية للفلسفة, كما هوالحال في اعمال الفلاسفة ديكارت, سبينوزا وليبنتز. يعد هؤلاء الفلاسفة أبرز الفلاسفة العقلانيين ويطلق علي أفكارهم العقلانية القارية لانها كانت سائدة في المدارس الفلسفية القارية في أوروبا، بينما في بريطانيا، التجريبية كانت سائدة.
رينيه ديكارت (1596-1650)
من وجهة نظر ديكارت, فهم الحقائق الخالده, بما فيها الحقائق الرياضية والأسس المعهدية والميتافيزيقية للعلوم، يمكن الحصول عليها من العقل وحده. أما المعارف الاخري, كالفهم الفيزيائية، بحاجة الي التجربة مع العالم بالاعتماد علي المنهج الفهمي.
جادل ديكارت بأن، بينما الأحلام تبدوكأنها حقيقية نابعة من حواسنا، إلا أنها لا يمكن حتى تعطي المرء الفهم. أيضاً، بما حتى حواسنا من الممكن حتى تخدعنا وتوهمنا، الحواس نفسها قابلة للشك. لذلك, السعي العقلاني للحقيقة يجب حتى يشكك في جميع الأفكار المسبقة عن الواقع. ويقول ديكارت في كتابه 'منطق عن المنهج', ص3
فانني لأفهم مبلغ الخطأ الذي نحن عرضة له فيما يمسنا من الامور، ومبلغ الحذر الذي يجب ان تكون أحكام أصحابنا موضعا له, عندما تكون في مصلحتنا.
منهج التحقيق
في 'منطق عن المنهج'، وضع منهج للحصول علي الحقائق، ويتكون من أربع قواعد ويعهد المنهج كالآتي:
قواعد وثيقة سهلة تمنع مراعاتها الدقيقة من حتى يؤخذ الباطن علي أنه حق، وتبلغ بالنفس الي الفهم السليمة بكل الأمور التي تستطيع إدراكها، دون حتى تضيع في جهود غير نافعة، بل وهي تزيد في ما للنفس من فهم بالتدريج.
أما القواعد الأربع، هم قاعدة اليقين، التحليل، التأليف والاستقراء التام، يعهدهم ديكارت في كتابه كما يلي:
لا أدخل في أحكامي إلا ما يتمثل أمام عقلي في جلاء وتميز، بحيث لاقد يكون لدي أي مجال لوضعه موضع الشك ...
إذا بدأنا من الإدراك البديهي لأبسط الاشياء كلها فإننا نجتهد حتى نرقي بنفس الدرجات إلي فهم سائر الأمور... أن أسّير افكاري بنظام، بادئا بأبسط الامور وأسهلها فهم كي اتدرج قليلا حتي أصل إلي فهم أكثرها هجريبا... ان اعمل في جميع الاحوال من الإحصائات الكاملة والمراجعات الكاملة ما يجعلني علي ثقة من أني لم أغفل شيئا.
اذن, يمكننا ان نلخص الاربع قواعد كالاتي:
- اخضاع الأفكار المسبقة لمحاكمة العقل والتخلي عن تلك التي لا يتوافر فيها الوضوح والتمايز.
- تقسيم المشكلة الكبيرة إلي أجزاء صغيرة
- نبدأ بالمشاكل الأسهل أولاً
- نراجع بشكل دوري للتأكد من أننا لم نهمل نقطة ما أواخطأنا في التفكير
منهج الشك
منهج الشك عملية عقلية تستخدم لاكتشاف أي من المسائل يمكن حتى نحصل علي الفهم عنها بكل يقين. وفرق بين الفهم، والاعتقادات والاراء. لأن الفهم تعني اليقين، بينما الاعتقاد والرأي يتحملوا بعض درجات من الشك. لأن اي انادىء يحتمل الشك، فمن غير الممكن حتى يعبر عن فهم، وإنما من الممكن حتى تعبر عن اعتقاد أورأي. إذا لم نستطع الشك بأي طريقة في انادىء ما، فيصبح فهم.
لذا، مناهج ديكارت احدثت تحول في نظرية الفهم والتساؤل عن ما يمكن معهدته, ويبقي كما رأي ديكارت، حتى العقل وحده يمكنه الحصول علي الفهم بشكل مستقل عن حواسنا.
باروخ سپينوزا (1632-1677)
طور الفيلسوف سبينوزا في القرن السابع عشر فلسفة منهجية، منطقية وعقلانية. افترض سبينوزا أنه لا توجد إلا عقلانية واحدة شاملة للإنسان والطبيعة، ولذا سعي الي تطبيق المنهج الهندسي (كما في كتاب إقليدس العناصر) في قضايا فلسفية مختلفة منها الألوهية والاخلاق، حتي أننا نجده يعهد الله في أول (التعريف السادس) كتابه الأخلاق ويثبته بشكل رياضياتي بعدها من بضعة مسلمات. واتخاذه لمنهج الهندسة كان لعدة أسباب
- أن في ذلك الوقت, الهندسة كانت مثالا للفهم التام واليقيني وغير قابلة للاختلاف.
- اعتقاده ان بالإمكان الوصول إلى الحقيقة (في الفلسفة) علي غرار ما عمله اقليدس في الرياضيات من منهجية, دقة, ووضوح.
- الحد من الاختلافات التي تتسم بها الفلسفية بتطبيق المنهج الهندسي باعتماده علي البراهين التي تكون سليمة أوغير سليمة ولكن غير قابلة للاختلاف
گوتفريد لايبنتس (1646-1716)
النظرة العقلانية لدي لايبنتس تستند في استدلالاتها على مبدأين
- مبدأ التناقض وهوحتى نقول حتى إنادىء كاذب إذا احتوي علي تناقض، وأنه سليم طالما العكس
- مبدأ العلة الكافية وهوحتى لا يمكن لواقعة حتى تحدث، ولا أي إنادىءقد يكون سليم إلا إذا عثر سبب كافي لذلك لا شيئا آخر.
الحقائق بالنسبة الي ليبنتز نوعين، حقائق العقل وحقائق الواقع.
حقائق العقل
حقائق العقل, كما يري ليبنتز, هي الحقائق اللازمة والأبدية يحكمها مبدأ التناقض. ومنها يمكن الحصول علي العلوم والتفسيرات العقلية، وجود الاشياء، البشر والله والوعي علي وجودنا.
ولكن مبدأ التناقض وحده لم يكن كافي لحل المشكلات الميتافيزيقية لتبرير وجود الموجودات، لأن مبدأ التناقض لا يثبت شيئا سوى حتى هذا الشيء ممكن الوجود،
وبما ان حقائق العقل تخضع للتحليل المنطقي. حلم بتطوير حاسوب يمكنه فهم صحة الأفكار كما هوالحال في حساب الأرقام، ولكن بالرغم من عدم تحقيق حلمه إلا أنه كان أول من اخترع الحاسوب.
حقائق الواقع
حقائق الواقع هي الحقائق الجائزة (Contingent truths) يحكمها مبدأ العلة الكافية. ونلاحظ ان لايبنتس لم يفرق بين الدليل الكافي علي وجود الشيء والدليل الكافي علي صحة معهدتنا به.
ولعل من أبرز الاختلاف بينه وبين سبينوزا، حتى لايبنتس يري ان من الممكن ان بعض الاشياء أوالاحداث تتحقق بسبب ليس ضروري, ولكن بسبب كافي (مبدأ العلة الكافية). مثال إذا قلنا ان "عمروليس متزوجا" فهذا ليس ضروري, من الممكن حتىقد يكون العكس، أي متزوجاً. هنا السبب الكافي ليس من قبيل الصدفة وانما, كما يري, الأفضل من جميع الاحتمالات الاخري (وهنا العناية الإلهية هي التي اختارت أفضل العوالم الممكنة، ولذا نري تبرير لوجود الموجودات بالعلة الكافية).
ليبنتز لا ينفي إمكانية انقد يكون مصدر الفهم من التجربة، ولا ينفي أيضا حتى حواسنا يمكن حتى تلعب دوراً في اكتشافنا للحقائق الأبدية والضرورية، بل من الممكن ان معهدتنا بحقائق الرياضيات والمنطق اكتسبت عبر حواسنا. ولكن، تلك الحقائق تبقي مستقلة عن التجربة.
مراجع
- ويكيبيديا
- ^ كتاب منطق عن المنهج، رينيه ديكارت, ترجمة محمود محمد الخضيري، دار المحرر العربي للطباعة والنشر, 1968.
- ^ Notes on Descartes' Method of Inquiry, Method of Doubt، David Turner
- ^ Wikisource Ethics, Spinoza
- ^ تاريخ الفلسفة الحديثة: 2) سبينوزا، أشرف حسن منصور
- ^ كانط ومبدأ العلة الكافية، أشرف حسن منصور
- ^ PHIL 252: History of Modern Philosophy، University of Montana, Soazig Le Bihan, Chapter 6