الشريف الجرجاني

عليّ بن محمد بن علي الحسيني الجرجاني، السيد الشريف، (740-816هـ/1340-1413م) فيلسوف ومن كبار الفهماء بالعربية.

هومن أولاد محمد بن زيد الداعي، ولد في تاكوقرب أستراباذ، وفي سنة 766هـ/1365م إنسان إلى هرات ليقرأ على قطب الدين محمد الرازي التحتاني الذي نصحه بالتوجّه إلى مصر للقراءة على تلميذه مباركشاه. وتمهّل الجرجاني وأقام بهرات، ثم سافر سنة 770هـ/1368م إلى قره مان وهناك قرأ على محمد الفناري وسافر معه إلى مصر حيث سمع مباركشاه وأكمل الدين محمد بن محمود، وأقام بخانكاه الصوفية المسماة سعيد السعداء أربع سنين خرج بعدها إلى بلاد الروم عام 776هـ/1374م، ثم لحق ببلاد العجم ودخل شيراز فأقامه شاه شجاع مدرّساً فيها سنة 779هـ/1377م. ولما ولج تيمورلنك شيراز سنة 789هـ/1387م فرّ إلى سمرقند، وهناك التقى التفتازاني مسعود بن عمر (712-791هـ) وأخذ عنه، ثم عاد إلى شيراز بعد وفاة تيمور 807هـ/1404م وأقام فيها إلى وفاته. وهناك مَنْ ذكر حتى تيمور أخذ معه الجرجاني من شيراز إلى سمرقند وجمع بينه وبين التفتازاني للمناظرة.

كان السيد الشريف متقناً للعلوم النقلية من لغة وحديث وفقه، واسع الاطلاع على العلوم العقلية من منطق وحكمة وكلام، تصدّى للإقراء والإفتاء. نطق الشوكاني: «وأخذ عنه الأكابر وبالغوا في تعظيمه ولاسيما فهماء العجم والروم فإنهم جعلوه هووالسعد التفتازاني حجة في علومهما... ومصنفاته نافعة، كثيرة المعاني واضحة الألفاظ قليلة التكلف والتعقيد».

أعماله

هجر السيد الشريف آثاراً تربي على الستين، ومعظم آثاره حواشٍ وشروح وتعليقات في فهم الكلام والفقه والنحووالصرف والهيئة والتصوف.

من آثاره المطبوعة: كتاب «التعريفات»، وحاشية على المطوّل للتفتازاني في المعاني والبيان، ورسالة في فنّ أصول الحديث، وشرح السراجية في الفرائض، وشرح المواقف العضدية في فهم الكلام للإيجي.

من مؤلفاته الأخرى:

«رسالة في تقسيم العلوم»
خطب العلوم
شرح كتاب الجغميني في فهم الهيئة
شرح الملخص في الهيئة للجغميني
شرح التذكرة النصيرية وهي رسالة نصير الدين الطوسي في فهم الهيئة
تحقيق الكليات من قبيل التعريفات
حاشية على الكشّاف إلى آية «إن الله لا يستحيي»

كتاب التعريفات

كتاب التعريفات هومعجم يتضمن تحديد معاني المصطلحات المستخدمة في الفنون والعلوم حتى عصره، وهذا المعجم من أوائل المعاجم الاصطلاحية في التراث العربي، وقد حدد فيه الجرجاني معاني المصطلحات تبعا لمستخدميها وتبعا للعلوم والفنون التي تستخدم فيها، وجعل تلك المصطلحات مرتبة ترتيبا أبجديا مستفيدا في ذلك من المعاجم اللغوية حتى يسهل التعامل معه لكافة طالبيه، وهذا المعجم من المعاجم الهامة التي لا نستطيع الاستغناء عنها إلى الآن، وقد أشاد به كافة المستشرقين لأهميته الدلالية والتاريخية.

كتاب جمع فيه مؤلفه 1647 حدّاً من الحدود المستخرجة من علوم مختلفة، فقد اشتمل على مصطلحات فهم الكلام والفلسفة والمنطق والنحووالصرف والعروض والقافية والفقه والفرائض وأصول الفقه والحساب والمساحة وفهم البيان والبديع، كما عرّف بالفِرق الإسلامية والصفات الإلهية في إيجاز بالغ وهجريز شديد، وأتى بهذه المصطلحات مرتبةً على حروف الهاتى ناظراً إلى أوائل الحدثات بدءاً من الألف والباء وانتهاءً بالواووالياء، وهوفي ترتيبه الحدثات لا ينظر إلى الأصل الثلاثي، إنما يأخذ الحدثة في وضعها المستعملة فيه ويضعها بحسب حرفها الأوّل مع مراعاة الثواني والثوالث، فحدثة (الإبداع) في باب الألف وكذلك الابتداء والابتداع والاتفاق والاتّصال والإيمان والإيهام والاستطاعة. أما الحدثات: المترادف والمتشابه والمتخيلة ففي باب الميم، والتعليل والتعقيد والتعيين والتعبير وضعت في باب التاء إلى غير ذلك، فكتاب التعريفات استصفاء لخطٍ سبقته واستخلاصٌ مجهد لحدودٍ وتعريفات مشتتة في خط كثيرة، لذلك نطق مؤلفه في مقدمته: «... فهذه تعريفات جمعتها، واصطلاحات أخذتها من خط القوم ورتبتها على حروف الهاتى من الألف والباء إلى الياء تسهيلاً لتناولها على الطالبين وتيسيراً لتعاطيها للراغبين ...».

سقط في ترتيبه شيء من الاضطراب، كما حتى بعض التعريفات التي أوردها يشوبها الغموض وتحتاج إلى تعليق وشرح، لكنّ معظم الحدود والتعريفات التي قدمها تتّسم بالدقة وخاصة تلك الحدود الخاصة بالعلوم الواضحة المعالم كفهم الكلام والنحووالعروض وما إليها، وكأنّ ذلك الغموض إنما كان في التعريفات المقتبسة من خط التصوف كتعريف الزيت والزمرّد والسَّمَر وسرّ السر والبارقة والمحو. ويلاحظ في الكتاب التفاوت بين تعريف وآخر فبعض التعريفات لا تجاوز سطراً وبعضها يشغل صفحة.

إن كتاب «التعريفات» معجم اصطلاحي شديد الإيجاز، سهل المراجعة، يلبّي حاجة الباحث والمُراجع، ويقدّم له كثيراً مما يحتاج إليه من التعريفات، لكنه غير شامل، والباحث المدقق المحقق يحتاج إلى جانب التعريفات إلى معاجم اصطلاحية أخرى أكثر جمعاً وأغزر شرحاً كمعجم «الكليات» لأبي البقاء الكفوي.

لكتاب «التعريفات» طبعات كثيرة، أحدثها طبعة مصر التي حققها ابراهيم الإبياري سنة 1985.