صدقة التطوع

في الإسلام، صدقة التطوع، هي التبرعات النقدية أوالعينية، خارج الزكاة. هي صدقة غير واجبة، وإنما يتطوع بها الإنسان بإرادته تقرباً إلى الله. وتضم التبرع بالأموال والطعام والملابس.

مفهوم صدقة التطوع

لغة: جمع صدقات، وتَصَدَّقتُ: أعطيتُهُ صدقةً، والفاعل مُتصَدِّقٌ، [وهوالذي يُعطي الصدقة]، ومنهم من يخفف بالبدل والإدغام فينطق: مُصَّدِّقٌ، والمتصدِّقُ: المُعطي، وفي التنزيل:(وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ).

وقد اتى المتصدِّقُ والمصَّدِّقُ في القرآن العظيم:(وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ).(والْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ). وأما المُصَدِّق بتخفيف الصاد: فهوالذي يأخذ صدقات النَّعَم.والذي يُصدِّقك في حديثك, فالصدقة: العطية.

اصطلاحاً: العطية التي يُبتغى بها الثواب عند الله تعالى.

نطق العلامة الأصفهاني: ((الصدقة ما يخرجه الإنسان من ماله على وجه القربة، كالزكاة، لكن الصدقة في الأصل تنطق للمتطوَّع به، والزكاة للواجب, وقد يُسمَّى الواجب صدقةً إذا تحرَّى صاحبها الصدق في عمله)).

والعطية: الشيء الـمُعطى، والجمع: العطايا، وينطق: رجل مِعطاءٌ: كثير العطاء، والمعاطاة: المناولة، والإعطاء: الإنالة. والعطية اصطلاحاً: ما أعطاه الإنسان من ماله لغيره، سواء كان يريد بذلك وجه الله تعالى، أويريد التودُّد، أوغير ذلك، فهي أعمّ من الزكاة، والصدقة، والهبة، ونحوذلك.

التطوع لغة: التنفُّل، والنافلة، وكل متنفِّل خير متطوع، نطق الله تعالى:فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ. وقد تدغم التاء في الطاء فينطق: المطوِّع: أي المتطوع.

والتطوع اصطلاحاً: ما تبرع به المسلم من ذات نفسه، مما لا يلزمه فرضه. وقيل: المتطوع هوالذي يعمل الشيء تبرعاً من نفسه، وهوتعملٌ من الطاعة، والتعريف الأول أضم.

حكمها

صدقة التطوع سنة. وسيتحب التصدق بما فضل عن حاجة الشخص إذا لم يشق عليه الصبر على الضيق, لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه نطق :((نطق رسول الله صلى اللع عليه وسلم :(من كان عنده فضل ظهر فليعد على من لا ظهر له ومن كان معه فضل زاد فليعد على من لا زاد له) حتى ظننا أنه لاحق لأحد منا في الفضل))(أبوداوود ج2\كتاب الزكاة باب 32\1663).

ويكره للمرء حتى يسترد صدقته ممن تصدق عليه بنحوشراء.

ويحرم التصدق بما يحتاجه الشخص لنفقته أونفقة من عليه نفقته, في يومه وليلته, أوبما يحتاج إليه لدين لايرجوله وفاء من مال الذي يريد التصدق به.

يحرم السؤال على الغني بمال أوكسب, لحديث سهل بن الحنظلية رضي الله عنه نطق: نطق رسول الله صلى الله عليه وسلم :(من سأل وعنده مايغنيه فإنما سيتكثر من جمر جهنم) فنطقوا يا رسول الله, وما يغنيه،يا ترى؟ نطق:(ثدر ما يغديه ويعشيه) (أبوداوود ج2\ كتاب الزكاة 23\1629).

دليلها

قوله تعالى :(فمن يعمل مثنطق ذرة خيراً يره)الزلزلة :7 عن عدي بن حاتم رضي الله عنه :نطق رسول الله صلى الله عليه وسلم :(اتقوا النار ولوبشق تمرة) (البخاري ج2\ كتاب الزكاة باب 9\1351).

فضل صدقة التطوع

1- صدقة التطوع تكمِّل زكاة الفريضة وتجبر نقصها؛ لحديث تميم الداري مرفوعاً: ((أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته، فإن كان أتمَّها خطت له تامة، وإن لم يكن أتمها نطق الله لملائكته: انظروا هل تجدون لعبدي من تطوِّعٍ فتكملون بها فريضته، ثم الزكاة كذلك، ثم تؤخذ الأعمال على حسب ذلك).

2- تُطفئ الخطايا وتكفرها؛ لحديث معاذ مرفوعاً إلى النبي، وفيه:((والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار )). وفي حديث حذيفة :((فتنة الرجل: في أهله، وولده، وجاره، تكفرها الصلاة، والصوم، والصدقة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر).

3- من مسببات دخول الجنة والعتق من النار؛ لحديث عائشة رضي الله عنها أنها نطقت: اتىتنى مسكينة تحمل ابنتين لها، فأطعمتها ثلاث تمرات، فأعطت جميع واحدة منهما تمرة، وحملت إلى فيها تمرة؛ لتأكلها، فاستطعمتها ابنتاها، فشقت التمرة التي كانت ترغب حتى تأكلها بينهما، فأعجبني شأنها، فذكرت الذي صنعت لرسول الله فنطق:((إن الله قد أوجب لها بها الجنة، أوأعتقها بها من النار)).

4- الصدقة تدخل الجنة ولوبشق تمرة ، فعن عائشة رضي الله عنها نطقت: دخلت عليَّ امرأة معها ابنتان لها تسأل،يا ترى؟ فلم تج عندي شيئاً غير تمرةٍ، فأعطيتها إيَّاها، فقَسَمَتْها بين ابنتيها، ولم تأكل منها، ثم قامت وخرجت، فدخل النبي فأبلغته فنطق: ((من ابتُلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كنَّ له ستراً من النار).

نطق الحافظ ابن حجر رحمه الله في الجمع بين الحديثين السابقين: ((ويمكن الجمع بأن مرادها بقولها في حديث عروة: فلم تجد عندي غير تمرة واحدة: أي أخصها بها، ويحتمل أنها لم تكن عندها في أول الحال سوى واحدة, فأعطتها, ثم وجدت ثنتين، ويحتمل تعدد السيرة)).

5- من مسببات النجاة من حرِّ يوم القيامة؛ لحديث عقبة بن عامر ، عن النبي نطق: ((كل امرئ في ظل صدقته حتى يفصل الناس)). أونطق: ((يحكم بين الناس)). وفي لفظ: ((إن ظل المؤمن يوم القيامة صدقته). نطق يزيد- أحد رواة الحديث: ((وكان أبوالخير- راوي الحديث عن عقبة لا يخطئه يوم إلا تصدق فيه بشيء، ولوكعكة، أوبصلة، أوكذا))( ). ونطق النبي في أحد السبعة الذين يظلُّهم الله في ظلِّه يوم لا ظلَّ إلا ظله: ((...ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تفهم شماله ما تنفق يمينه)).

6- الصدقة من مسببات النصر، والرزق؛ لحديث سعد عن النبي أنه نطق: ((هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم)). نطق ابن بطال رحمه الله: ((تأويل الحديث: حتى الضعفاء أشد إخلاصاً في النادىء، وأكثر خشوعاً في العبادة؛ لخلاء قلوبهم عن التعلق بزخرف الدنيا)).

وعن أنس نطق: كان أخوان على عهد النبي ، فكان أحدهما يأتي النبي ، والآخر يحترف، فشكى المحترفُ أخاه إلى النبي فنطق: ((من الممكن أنك تُرزق به).

7- الصدقة تعوِّد المسلم على صفة الجود والكرم، والعطف على ذوي الحاجات، والرحمة للفقراء.

8- الصدقة تحفظ النفس عن الشُّح، نطق الله تعالى: وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ .

9- الصدقة تجلب البركة والزيادة والخلف من الله تعالى، نطق الله سبحانه: وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ.

وعن أبي هريرة عن النبي أنه نطق: ((نطق الله تعالى: أنفق يا ابن آدم، أنفق عليك)). ونطق: ((يد الله ملأى لا يغيضها نفقة سحاءُ الليلَ والنهار)). ونطق: ((أرأيتم ما أنفق منذ خلق السموات والأرض؟؛ فإنه لم يغض ما في يده، وكان عرشه على الماء، وبيده الميزان، يخفض ويحمل)). ولفظ مسلم: ((يمين الله ملأى...)).

وعن أبي هريرة ، عن رسول الله نطق: ((ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبداً بعفوٍ إلا عزًّا، وما تواضع أحدٌ لله إلا حمله)).

ومما يشير على فضل الصدقة، وفضل الإحسان إلى المساكين وأبناء السبيل، وفضل أكل الإنسان من كسبه والإنفاق على العيال وأن من عمل ذلك يبارك الله له في ماله ويحصل له الأجر العظيم، حديث أبي هريرة عن النبي نطق: ((بينما رجل بفلاة من الأرض فسمع صوتاً في سحابة: أسقِ حديقة فلان، فتنحى ذلك السحاب فأفرغ ماءه في حرَّة فإذا شَرْجَة من تلك الشِّراج قد استوعبت ذلك الماء كله، فتتبَّع الماء, فإذا رجل قائم في حديقته يُحوِّل الماء بمسحاته فنطق له: يا عبدالله ما اسمك،يا ترى؟ نطق: فلان، للاسم الذي سمع في السحابة، فنطق له: يا عبدالله: لم تسألني عن اسمي،يا ترى؟ نطق: إني سمعت صوتاً في السحاب الذي هذا ماؤه يقول: اسقِ حديقة فلانٍ لاسمك، فما تصنع فيها،يا ترى؟ نطق: أمَّا إذا قلت: هذا فإني أنظر إلى ما يخرج منها فأتصدق بثُلثه، وآكل أنا وعيالي ثلثاً، وأردُّ فيها ثلثه))وفي لفظ: ((وأجعل ثلثه في المساكين، والسائلين، وابن السبيل)).

وعن أبي هريرة نطق: نطق رسول الله: ((ما من يوم يصبح العباد فيه إلا مَلَكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً)).

10- شرح الصدر وتدخل السرور على المنفق المتصدق، فالمتصدق إذا أحسن إلى الخلق، ونفعهم بما يملكه من المال، وأنواع الإحسان، انشرح صدره؛ فالكريم المحسن أشرح الناس صدراً، وأطيبهم نفساً، وأنعمهم قلباً، والبخيل الذي لا يحسن أضيق الناس صدراً، وأنكدهم عيشاً، وأكثرهم همّاً وغمّاً، لكن لا بد من العطاء بطيب نفس، ويخرج المال من قلبه قبل حتى يخرج من يده .

11- الصدقة تُلحق المسلم بالمؤمن الكامل؛ لحديث أنس عن النبي نطق: ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه – أونطق – لجاره ما يحب لنفسه)). فكما حتى المسلم يحب حتى يُبذل له المال الذي يسد به حاجته، فهويحب حتى يحصل لأخيه المحتاج مثل ذلك، فيكون بذلك تام الإيمان.

12- الصدقة يحصل بها قضاء الحاجات، وتفريج الكربات، والستر في الدنيا ويوم القيامة؛ لما فيها من قضاء حاجات المحتاجين، وتفريج كربات المكروبين، والستر على المعسرين؛ لأن الجزاء من جنس العمل؛ لحديث أبي هريرة ، نطق: نطق رسول الله: ((من نفَّس عن مؤمن كُربَة من كُرب الدنيا نفَّس الله عنه كُربةً من كُربِ يوم القيامة، ومن يسَّر على معسرٍ يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه...))؛ ولحديث ابن عمر رضي الله عنهما، وفيه: ((ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرَّج عن مسلم كربة فرَّج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة)).

13- الصدقة من مسببات رحمة الله تعالى للعبد؛ لقوله : ((لا يرحم الله من لا يرحم الناس)).

14- الصدقة من الإحسان، والله يحب المحسنين؛ لقوله تعالى: وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ . ونطق تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ .ونطق سبحانه:إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ .

15- يترتب على الصدقة الأجر العظيم الذي يربيه الله تعالى ويضاعفه لصاحبه؛ لقول الله تعالى: يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ. ونطق: وَمَا آَتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُوعِنْدَ اللَّهِ وَمَا آَتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ ؛ ولقوله تعالى: وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ ؛ ولحديث أبي هريرة  نطق: نطق رسول الله : ((من تصدَّق بعدل تمرة، من كسب طيب ولا يقبل الله إلا الطيب، فإن الله يتقبَّلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوّه ، حتى تكون مثل الجبل)) وفي لفظ مسلم: ((حتى تكون أعظم من الجبل كما يربي أحدكم فلوّه أوفصيله)).

وفي رواية لمسلم: ((لا يتصدق أحد بتمرة من كسب طيب...)).

16- المتصدِّق ابتغاء سقماة الله تعالى، يفوز بثناء الله عليه، وما وعد به المتصدقين من الأجر العظيم، وانتفاء الخوف والحزن؛ لقول الله تعالى: الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُون.

17- المتصدق يحصل على مضاعفة الأجر على حسب إخلاصه لله تعالى؛ لقول الله : مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ؛ ولحديث أبي مسعود الأنصاري نطق: اتى رجل بناقة مخطومة، فنطق: هذه في سبيل الله، فنطق رسول الله : ((لك بها يوم القيامة سَبْعمائة ناقةٍ كلها مخطومة).

18 – الصدقة تجعل المجتمع المسلم كالأسرة الواحدة، يرحم القوي الضعيف، ويعطف القادر على العاجز، ويحسن الغني إلى المعسر، فيشعر صاحب المال بالرغبة في الإحسان؛ لأن الله أحسن إليه، نطق الله تعالى: وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ .

19- بذل المال خير للمتصدق إذا كان زائداً عن كفايته؛ لحديث أبي أمامة ، نطق: نطق رسول الله : ((يا ابن آدم إنك حتى تبذل الفضل خير لك، وأن تُمسكه شرٌّ لك، ولا تُلامُ على كفاف، وابدأ بمن تعول، واليد العليا خير من اليد السفلى).

20- صدقة السر تطفئ غضب الرب، وصنائع المعروف تنجي من مصارع السوء؛ لحديث معاوية بن حيد, عن النبي ، أنه نطق: ((إن صدقة السر تطفئ غضب الرب))؛ ولحديث أبي أمامة نطق: نطق رسول الله : ((صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وصدقة السر تطفئ غضب الرب، وصلة الرحم تزيد في العمر)).

21- الصدقة دواء للأمراض .