أبومسلم الخراساني هوأبومسلم عبد الرحمن بن مسلم الخراساني، صاحب الدعوة العباسية في خراسان، ومن ثم واليها، سياسي وقائد عسكري. كان أبومسلم فصيحاً بالعربية والفارسية؛ مقداماً داهية حازماً راوية للشعر، كان خافض الصوت في حديثه، قاسي القلب، سوطه سيفه. وفي الروض المعطار: «كان إذا خرج حمل أربعة آلاف أصواتهم بالتكبير، وكان بين طرفي موكبه أكثر من فرسخ». وفي البدء والتاريخ: «كان أقل الناس طمعاً توفي ليس له دار ولا عقار ولا أَمَة ولا دينار».

الحياة المبكرة

هوعبد الرحمن بن مسلم، وكنيته أبا إسحاق، أحد كبار قادة الثورة العباسية ونادىتها، تضاربت الروايات حول أصله، ومما زاد في غموض الأمر عدم تصريح أبي مسلم نفسه عن أصله بقوله كما يُعزى إليه: «إنّ ديني الإسلام، وولائي لآل محمد، وأنا على الطريق السليم»، وقيل: إنه ادّعى النسب العربي أيضاً إلا حتى هذا الانادىء اتى متأخراً، أما الرواية التي يتناقلها كثير من المؤرخين؛ فتذكر حتى أبا مسلم ولد في ماه البصرة قرية قرب أصبهان لأب فارسي مسلم وأم أَمَة، اضطر والده تحت ظروف مالية قاهرة إلى بيع الأَمَة وكانت حاملاً بأبي مسلم إلى عيسى العجلي الذي كان يمتلك بعض الأراضي في ضواحي أصبهان، فوضعت طفلاً ذكراً سُمِّي إبراهيم، ونشأ مع أولاد العجلي، وبدأ يخدمهم حينما شبّ يجمع الأموال من مزارعهم المنتشرة في إصفهان والكوفة، وأصبح مولى لهم.

في الكوفة تعرّف أول مرة على بعض الأتباع من الشيعة العلوية، وجذبه العمل من أجل أهل البيت، وظلّ ملازماً أبا موسى السرّاج يعمل معه في صناعة السروج، ويتلقى منه الآراء الشيعية والولاء لأهل البيت، وحينما التقى بعض النادىة العباسيين رأوا فيه كفاءة وذكاء، فكسبوه إلى دعوتهم، وأخذوه معهم إلى إبراهيم الإمام بعد حتى أذن لهم بذلك أبوموسى السرّاج، وقد رأى إبراهيم الإمام فيه الكفاءة والذكاء والقدرة، فأبلغ الشيعة العباسية بأنه قد «تأمل فيه شمايل الذي يقوم بهذا الأمر (أي الثورة)، فاحفظوا به…» وبدل اسمه إلى عبد الرحمن، وكنَّاه بأبي مسلم.

بقي أبومسلم في خدمة الإمام إبراهيم يستعمله في حمل رسائله إلى خراسان والكوفة حتى سنة 128هـ/745م، وحينما اختمرت الدعوة، وضعف أمر السلطة الأموية في خراسان طلب النقباء الخراسانيون من إبراهيم الإمام إرسال من ينوب عنه من أهل البيت؛ ليمثله في خراسان، فأوفد أبا مسلم، بعد حتى أخفق في إقناع عدد من الرجال مثل سليمان الخزاعي وقحطبة الطائي، وإبراهيم بن سلمه.

كان أبومسلم على فهم بأحوال خراسان إذ زارها عدة مرات قبل ذلك، على حتى إبراهيم الإمام حين أوفد أبا مسلم هذه المرّة نطق له: «أنت رجل منا أهل البيت»، تلك العبارة التي تدل على ثقته التامة به؛ والتي حملت كثيراً من منزلته بين شخصيات خراسان العربية، وهي تُذكِّر بموقف الرسولr من سلمان الفارسي الذي عده من أهل بيته.

الصعود والثورة

لم يكن موقف سليمان الخزاعي من أبي مسلم ودياً في بادئ الأمر؛ لأنه عندما طلب من إبراهيم الإمام ممثلاً له من «أهل البيت» أي من الهاشميين ـ خاصة العباسيين ـ لم يكن يتخيل أنه سيرسل له مولى له؛ ليمثّله في خراسان، ولكن موقف أبي مسلم كان مرناً، ويدل على ذكاء حيث تقرّب من سليمان، وأفهمه بأن الإمام أوصاه بألا يعصي له أمراً، وأنه أطوع له من يمينه، ولم يكن شيعة العباسيين في قرى خراسان ومدنها يطيعون إلا سليمان الخزاعي «صاحبهم والمنظور إليه منهم»؛ ولذلك خط إليهم سليمان يخبرهم بأمر إبراهيم الإمام وإرساله أبا مسلم الخراساني ممثلاً عنه.

اتفق أمر النقباء في الاجتماع الذي عقدوه للنظر في أمر المكان الملائم لإعلان الثورة، حتى مروأصلح مكان لإعلانها، وأُرسِل النادىة؛ ليخبروا الشيعة بالالتقاء والتجمع في مروفي الوقت المحدد، وكان يوم عيد الفطر سنة 129هـ. فلما سمع نصر بن سيار والي خراسان بنبأ تجمع الشيعة في مرووضواحيها؛ قرر حتى يكمن لهم، ويلتقطهم جماعة جماعة، ويقضي عليهم، ولكن سليمان الخزاعي وأبا منصور تام بن المظفر فهما بالأمر، وأشارا على أبي مسلم بضرورة التجمع وإعلان الظهور قبل الموعد المحدد، وإلا «تشتت الشيعة، وفشلت الحركة»، فأعربها أبومسلم، ولمّا يبق من رمضان إلا خمسة أيام، وعسكر في مكان حصين تابع لسليمان الخزاعي الذي أصبح نقطة تجمع أنصار الدعوة لآل البيت، وحين فشا خبر أبي مسلم أقبلت الشيعة من جميع جانب إلى مرو، وكثر جمعهم، وسودوا ثيابهم، ونصبوا أعلامهم، ونشروا راياتهم، فصلى بهم سليمان بن كثير الخزاعي يوم العيد، وهي أول جماعة كانت لأهل الدعوة.

نجح أبومسلم في وقت قصير في حتى يسيطر على زمام الموقف في خراسان، وأن يهزم نصر بن سيار، وأن يستولي على مدينة مروقاعدة خراسان سنة 131هـ، واضطر نصر بن سيار إلى الانسحاب تتبعه الجيوش العباسية، ولكنه توفي في الطريق في قرية ساوة بنواحي الري ربيع الأول 131هـ/تشرين الأول 748م.

وفي حين كان أبومسلم يقوم بإتمام السيطرة على خراسان، واصلت الجيوش زحفها نحوالعراق بقيادة قحطبة بن شبيب، واضطر عامل العراق يزيد بن هبيرة إلى الانسحاب والتقهقر نحومدينة واسط جنوبي العراق والتحصن بها، وفي ربيع الأول سنة 132هـ بويع أبوالعباس السفاح بالخلافة في الكوفة، وهُزم الخليفة الأموي مروان بن محمد في مسقطة الزاب، ثم اغتال في أواخر سنة 132هـ، وزالت الدولة الأموية، ولم يبق للأمويين من مدافع سوى يزيد بن هبيرة الفزاري، فلما قُتل مروان رأى حتى لا فائدة من المقاومة، فاتفق مع أبي جعفر المنصور على التسليم لقاء التأمين على حياته.

توطّدت سلطة أبي مسلم الخراساني بعد قضائه على منافسيه من رجال العرب الذين كانوا يطمحون في نيل ولاية خراسان، كما أنه خرج منتصراً بعد سحقه كثيراً من الانتفاضات التي قادها إما نادىة عباسيون انقلبوا على الثورة أوأنصار العلويين. وأصبح أبومسلم زعيم خراسان غير المنافس، وازدادت سلطته اتساعاً، ولم يستطع الخليفة أبوالعباس عمل شيء تجاه ازدياد نفوذ أبي مسلم في الجناح الشرقي من الدولة، وبذلك بدأت بوادر التصادم في السلطة تظهر، وتتبلور تدريجياً، ولكي يتعهد الخليفة أبوالعباس من قرب على نفوذ أبي مسلم ونواياه أوفد أخاه أبا جعفر إلى خراسان، والظاهر حتى هذه الزيارة زادت في شكوك أبي جعفر بنوايا أبي مسلم الذي اغتال سليمان بن كثير الخزاعي نقيب النقباء دون أخذ رأي أبي جعفر كما أنه لم يبد الاحترام المطلوب لأبي جعفر أخي الخليفة، حيث كان يستأذن مثلاً قبل دخوله مجلس أبي مسلم كما يروي الطبري؛ ولذلك كان رأي أبي جعفر في أبي مسلم قوله للخليفة: «لستَ خليفة ولا أمرك بشيء؛ إذا هجرت أبا مسلم ولم تقتله»، ولكن الخليفة رفض حتى يتعرض له بسوء خوفاً من المتاعب التي قد تنجم عن قتله ولاسيما حتى الدولة لازالت بحاجة إلى جهود أبي مسلم وإلى جنوده الخراسانيين الذين كانوا في ذلك الوقت نادىمة الدولة العباسية.

إن حقد أبي جعفر المنصور على أبي مسلم لم يمنعه بعد حتى تولى الخلافة من الاستعانة به في القضاء على عمه عبد الله بن علي[ر] الذي خرج عن طاعته، وبايع لنفسه بالخلافة في مدينة حرّان بالجزيرة.

دامت الحرب بين أبي مسلم وعبد الله بن علي نحوستة أشهر، تمكّن فيها أبومسلم من الفوز على خصمه سنة 137هـ، وازداد اعتداد أبي مسلم بنفسه بعد فوزه على عبد الله حتى إنه كان كما يروي الطبري: «يأتيه الكتاب من أمير المؤمنين، فيقرأه، ثم يلوي شدقه على سبيل السخرية منه». أما المنصور فإنه أراد حتى يُشعر أبا مسلم بأنه أحد عماله؛ فأوفد إليه رسولاً ليحصي الغنائم التي غنمها في الحرب مع عمه عبد الله، فأثار هذا غضب أبي مسلم، ونطق: «أؤتمن على الأرواح، ولا أؤتمن على الأموال؟» ثم خرج من الجزيرة غاضباً متجهاً إلى خراسان. ويبدوأنه كان عازماً على الخلاف والعصيان بدليل أنه لم يمر على الخليفة بالعراق لاستئذانه في العودة كما جَرت العادة بذلك.

وفاته

رأى المنصور حتى عودة أبي مسلم إلى خراسان معناه اعتصامه بأهلها واستقلاله بحكمها، فيصعب بذلك إخضاعه والتغلب عليه، فخط إليه أنه ولاه الشام ومصر؛ فهي خير له من خراسان، غير حتى أبا مسلم فطن لغرض المنصور إذ علّق على ذلك بقوله: «يولّيني الشام ومصر، وخراسان لي»، ثم واصل سيره إلى خراسان، عندئذ لجأ المنصور إلى سياسة اللين وأساليب الدهاء، فأخذ يؤمّنه ويستميله ويسترضيه، كما أوفد إليه من يخوفه من مغبة معصية الإمام والرجوع دون إذنه، وما زال المنصور يستعمل سياسة الترغيب والتهديد حتى انخدع أبومسلم، ومضى للقائه في مدينة المدائن التي كان المنصور قد انتقل إليها من هاشمية الكوفة حيث قُتل.

اضطربت خراسان لمقتل أبي مسلم، وظهرت من جرّاء ذلك فرق دينية غريبة عن الإسلام كان أصحابها يظهرون الإسلام، ويبطنون ديانتهم، فلما اغتال أبومسلم أعربوا الثورة، واتخذوا من مأساته وسيلة لإحياء ديانتهم القديمة وعدّوه رمزاً لحركاتهم الدينية.

ذكراه

• سمي على اسمه نادي أبومسلم، نادي كرة قدم إيراني.

أقوال المؤرخين العرب القدماء فيه

أبومسلم الخراساني هذا فكما نطق الامام المضىي رحمه الله: كان أبومسلم بلاء عظيما على عرب خراسان فإنه أبادهم بحد السيف.

نطق المضىي: كان أبومسلم سفاكا للدماء يزيد على الحجاح في ذلك وهوأول من سن للدولة لبس السواد وكان ذا شأن عجيب ونبأ غريب من رجل يمضى على حمار بإكاف من الشام حتى يدخل خراسان ثم يملك خراسان بعد تسعة أعوام ويعود بكتائب أمثال الجبال ويقلب دولة ويقيم دولة أخرى !

وصاحب الدعوة العباسية وهازم جيوش الدولة الأموية والقائم بإنشاء الدولة العباسية .

كان غلاماً للسراجين في بغداد فرأه الإمام محمد بن علي بن عبد الله بن عباس والد المنصور والسفاح فاعجب به وضمه الي الدعوة لبني العباس حتي اصبح كبير النادىة في خراسان وما والاها وما ان استتب الامر لبني العباس حتي صار هذا السفاح من اعظم القتلة وكان سيفا مصلتاً علي العرب خاصة .

ونطق أبوحامد الداودي ولج رجل فراى على رأس أبي مسلم عمامة سوداء . فنطق ما هذا ،يا ترى؟ نطق : اسكت حدثني أبوالزبير عن جابر حتى النبي صلى الله عليه وسلم ولج مكة يوم الفتح وعلى رأسه عمامة سوداء يا غلام اضرب عنقه ! نطق إبراهيم الصائغ : لما رأيت العرب وصنيعها خفت ألاقد يكون لله فيهم حاجة فلما سلط الله عليهم أبا مسلم رجوت حتى تكون لله فيهم حاجة .

فهذا كلام من عاصروه من الفهماء وهناك ماهولايتسع المقام لذكره من تجبر ابومسلم علي الناس وخاصة العرب وكان يري نفسه حفيد كسري ولايخضع لاحد وقد ولج أبومسلم على أبي العباس السفاح يوما فسلم عليه وعنده أخوه أبوجعفر فنطق له يا أبا مسلم هذا أبوجعفر فنطق يا أمير المؤمنين هذا موضع لا يؤدى فيه إلا حقك .

فسرها المنصور في نفسه وقد تعددت مواقف تعالي ابومسلم علي ابوجعفر المنصور في اكثر من موضع حتي تملك الغضب من المنصور واقسم علي قتله وقد رأى أبوجعفر عظمة أبي مسلم وسفكه للدماء ونطق للسفاح لست بخليفة إذا أبقيت أبا مسلم نطق وكيف ،يا ترى؟ نطق ما يصنع إلا ما يريد . نطق : فاسكت واكتمها .

ودارت حوادث طوال حتي تولي المنصور الخلافة وهوعازم علي اغتال ابومسلم ودبر له حتي اتي به امامه في قصره وكانت هذه الواقعة:

نطق له المنصور : أبلغني عن سيفين أصبتهما في متاع عبد الله بن علي فنطق هذا أحدهما نطق أرنيه فانتضاه ، فناوله فهزه أبوجعفر ثم وضعه تحت مفرشه وأقبل عليه يعاتبه . ونطق له ألست المحرر إلي تبدأ بنفسك ،يا ترى؟ والمحرر إلي تخطب أمينة بنت علي عمتي ،يا ترى؟ وتزعم أنك ابن سليط بن عبد الله بن عباس ؟

وأيضا فما نادىك إلى اغتال سليمان بن كثير مع أثره في دعوتنا وهوأحد نقبائنا ،يا ترى؟ . نطق عصاني وأراد الخلاف علي فقتلته . نطق وأنت قد خالفت علي قتلني الله إذا لم أقتلك . وضربه بعمود ، ثم وثبوا عليه ، وذلك لخمس بقين من شعبان .

وينطق : إذا المنصور لما سبه ، انكب على يده يقبلها ويعتذر .

وقيل : أول ما ضربه ابن نهيك لم يصنع أكثر من بتر حمائل سيفه ، فصاح : يا أمير المؤمنين استبقني لعدوك ، نطق لا أبقاني الله إذا وأي عدوأعدى لي منك .

ونطق أبوجعفر قوله الشهيرة الان اصبح الامر خالصاً لبني العباس من دون الناس.

ونطق المضىي وقد كان بعض الزنادقة والطغام من التناسخية اعتقدوا حتى الباري سبحانه وتعالى حل في أبي مسلم الخراساني المقتول عندما رأوا من تجبره واستيلائه على الممالك وسفكه للدماء .

خط

يوجد على الأقل ثلات خط ملحمية خط عنه:

• Marzubānī, Muḥammad ibn ʻImrān, Akhbār shuʻarāʾ al-Shīʻah 
• Muḥammad ibn Ḥasan, Abū Ṭāhir Ṭarsūsī, Abū Muslimʹnāmah 
• Zidan, Jorji, Abu Muslim al Khorasani 

المصادر

المراجع

• الدينوري، الأخبار الطوال (القاهرة 1960).
• اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي (ليدن 1883).
• الطبري، تاريخ الرسل والملوك، تحقيق محمد أبوالفضل إبراهيم (القاهرة 1966)
• المسعودي، مروج المضى (دار الأندلس، بيروت 1966م).
• الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد (القاهرة 1931).
• ابن الأثير، الكامل في التاريخ (دار الكتاب العربي، بيروت 1983).

وصلات خارجية

• سيرة ابن كثير لأبومسلم الخرساني