الهندسة الرومانية

عودة للموسوعة

الهندسة الرومانية

Reconstruction of a 10.4m high Roman Polyspastos at Bonn, Germany.

كانت السفن والطرق التي تحمل عليها البضائع، والقناطر التي تربط الطرق بعضها ببعض، والموانئ والأحواض التي تستقبل السفن، والقنوات المبنية التي يجري فيها الماء النقي إلى روما، والمصارف التي تنصرف فيها مياه المستنقعات الريفية وأقذار المدن، كانت هذه كلها من عمل المهندسين الرومان واليونان والسوريين يساعدهم آلاف من العمال الأحرار وجنود الفيالق والعبيد. وكانوا يحملون الأحمال أوالحجارة الثقيلة، أويجرونها بوساطة البكرات أوالقوائم الخشبية العمودية تديرها الروافع التي يدفعها فيها الحيوانات أوالآدميون(35). وقد أقاموا على شاطئ التيبر الغدار جدراناً ذات درجات ثلاث حتى لا ينكشف الطين في قاع النهر إذا انخفض ماؤه. وقد أنشئوا ميناءً مزدوجاً عند أستيا لكلوديوس ونيرون وتراجان، وافتتحوا موانئ أصغر منها في مرسيليا وبتيولي، وميسينم، وقرطاجنة وبرنديزيوم ورافنا؛ وجددوا أعظم موانئ الإمبراطورية كلها في الإسكندرية. وقد جففوا البحيرة الفوسية، واستصلحوا أرضها للزراعة وذلك بأن شقوا لها نفقاً يخترق جبلاً من الصخر الصلب، وأنشأ تحت الأرض في روما مصارف من الأسمنت المتحجر للآجر والقرميد قاومت البلي مئات السنين، وجففوا مناقع كمبانيا حتى أصبحت صالحة للسكنى، ويدل ما عثر عليه فيها من آثار على حتى قصوراً فخمة كثيرة أقيمت فيها ، وقاموا بتطبيق المشروعات العامة المدهشة التي خفف بها قيصر وغيره من العباقرة التعطل في البلاد وجملوا بها روما.

الطرق

Diagram of Roman road construction

وكانت الطرق القنصلية من أقل أعمالهم مشقة، ولكنها لم تكن تنقص عن طرق هذه الأيام. وكانت سعتها تختلف من ستة عشر إلى أربع وعشرين قدماً ولكن بعض هذا العرض كان يشغله بالقرب من روما ممرات جانبية مرصوفة بألواح حجرية مستطيلة الشكل. وكانت تسير مستقيمة إلى أهدافها مضحية بالنفقات العاجلة في سبيل اقتصاد دائم؛ وأقيمت على المجاري التي لا حصر لها قناطر كثيرة النفقات، فإذا وصلت إلى المستنقعات اخترقتها فوق قباب مقامة على جدران من الآجر والحجارة، وكانت تصعد فوق الجبال الوعرة وتنحدر على سفوحها دون حتى تستخدم النفق، وسارت بمحاذاة الجبال أوالجسور العالية تحميها الجدران القوية. واختلفت المواد التي ترصف بها باختلاف الأماكن التي تمر بها. وكانت الطبقة السفلى تصنع في العادة من الرمل ويتراوح سمكها بين أربع بوصات وست، أومن الملاط بسمك بوصة واحدة. ثم تقام فوق هذه الطبقة أربع طبقات من البناء: الأولى وسمكها قدم وتبنى من الحجارة يمسكها الأسمنت أوالطين، تليها طبقة ثانية سمكها عشر بوصات من الأسمنت القوي، ثم طبقة ثالثة سمكها ما بين اثنتي عشر وثمان عشر بوصة وتتألف من عدة طبقات من الأسمنت المقوى أيضاً، فوقها الطبقة الرابعة وتتخذ من حجر الصوان أوالحمم البركانية الكثيرة الأضلاع والتي يختلق قطر جميع منها بين قدم واحد وثلاث أقدام، وسمكها بين ثمان بوصات واثنتي عشر بوصة. وكان يسوون الوجه الأعلى لهذه البتر، وكانت مواضع اتصالها بعضها ببعض لا تكاد تتبينها العين. وكانت الطبقة العليا تصنع في بعض الأحيان من الأسمنت المقوى، وفي الطرق القليلة الأهمية كانت تصنع من الحصباء؛ وفي بريطانيا كانت من حجر الصوان المخلوط بالأسمنت فوق طبقة من الحصباء. وكان سمك الطبقات السفلى كبيراً إلى حد جعل المهندسين لا يعنون كثيراً بتصريف الماء الجوفي. ويمكننا حتى نقول عن هذه الطرق بوجه عام إنها أطول الطرق أعماراً في التاريخ كله، ولا يزال بعضها يستخدم إلى اليوم، ولكن منحنياتها الشديدة التي صنعت لسير البغال والعربات الصغيرة جعلتها غير صالحة لوسائل النقل الحديث.


الجسور والقناطر

جسر القنطرة، اسبانيا

وكانت القناطر التي تحمل هذه الطرق نمإذج طيبة لتضافر الفهم والفن، ولقد ورث الرومان عن مصر البطليموسية أصول الهندسة المائية واستخدموها على نطاق بلغ من السعة حداً لم يسبقهم أحد إليه من قبل، وبقيت الأساليب التي نقلت عنهم لم يطرأ عليها تغيير إلى هذه الأيام. وقد وضعوا الأسس وأشادوا الأرصفة تحت الماء كما كانت تشاد هذه وتلك في أقدم العهود. وكانوا يدفعون في أنواع المجاري اسطوانات مزدوجة مملوءة بمواد البناء، وقد أحكموا إغلاق جميع منهما ونزحوا الماء مما بينهما، وغطوا الجزء المعرى بالحجارة أوالجير، وأقاموا الرصيف المطلوب إقامته على هذا الأساس. وقد أقيمت على نهر التيبر قبالة روما تسعة جسور بعضها قديم مقدس كجسر سبليسيوس الذي لم يكن يجوز استخدام المعادن فيه، وبعضها كجسر فبريسيوس متقن البناء اتقاناً أبقاه صالحاً للاستعمال إلى هذه الأيام. وعن هذه الجسور نقلت العقود الرومانية لتستخدم في البناء مئات المئات من القناطر فوق المجاري في العالم الذي يسكنه البيض.


Aqueduct of Segovia, Spain.

وكان بني يظن حتى قنوات المياه المبنية أعظم أعمال الرومان، وفي ذلك يقول: "إذا فكر لإنسان في مقدار ما يصل إلى المدينة من الماء للأغراض العامة والخاصة التي يخطئها الحصى وإذا شاهد القنوات المشيدة العالية التي لا بد حتى تحتفظ بالعلووالتدرج المطلوبين، والجبال التي لا بد من اختراقها، والمنخفضات التي لابد من ملئها-لم يسعه إلا حتى يحكم حتى الأرض كلها ليس فيها ما أحب وأعظم من هذه الأعمال"(38). وكانت أربع عشرة قناة من هذا النوع يبلغ مجموع أطوالها 1300 ميل وتخترق النفق وتسير فوق عقود فخمة، كانت هذه القنوات تحمل إلى روما من عيون بعيدة ما لا يقل عن 300.000.000 جالون من الماء في جميع يوم، ينال منها جميع فرد في روما ما يناله أي إنسان في مدننا الحديثة(39). على حتى هذه المباني الضخمة لم تكن تخلومن عيوب. فقد كانت أنابيب الرصاص تخرق وتتطلب الإصلاح المرة بعد المرة، وأصبحت هذه القنوات كلها غير صالحة للاستعمال قبل نهاية عهد الإمبراطورية الغربية. ولكننا إذا ذكرنا أنها كانت تحمل إلى المباني، والمساكن، والقصور، والفسافي، والحدائق، والبساتين، والحمامات العامة التي يستحم فيها آلاف الناس مجتمعين، وان ما بقي بعد ذلك من الماء كان يكفي لإنشاء بحيرات صناعية للمعارك الحربية، إذا ذكرنا هذا كله بدأنا ندرك حتى رومة كانت احسن الحواضر القديمة إدارة، وأنها كانت من خير المدن المزودة بما بحاجة إليه من الضروريات والكماليات، رغم ما كان فيها من فساد، وما كان ينتابها من رعب في كثير من الأحيان.

وكان يشرف على مصلحة المياه في ختام القرن الأول الميلادي سكستس يوليوس فرنتينس الذي جعلته خطهم أشهر مهندسي الرومان الأقدمين. وكان قبل حتى يتولى هذا المنصب قد عمل بريتوراً، ووالياً على بريطانيا، وتولى القنصلية مراراً عدة. وكان كالحكام الإنجليز في هذه الأيام يجد متسعاً من الوقت لتأليف الخط وحكم الولايات، فقد نشر خطاً في العلوم الحربية لا يزال ختامه باقياً إلى هذه الأيام ، وهجر لنا وصفاً بقلمه لعملية المياه في رومة De Aquis Urbis Romanae. وهويصف ما وجده في تلك المصلحة حين تولى أمورها من ضروب الفساد والرشوة، وكيف كانت القصور والمواخير تخرق الأنابيب الكبرى وتسرف في الماء إسرافاً جعل روما في بعض الأيام تطلب الماء فلا تجده(41). ثم يصف ما أدخله بحزمه وهمته من ضروب الإصلاح، ويفصل القول في زهووإعجاب في مبدأ جميع قناة وطولها والغرض منها. ويختم هذا القول كما يختم بلنى قوله بهذه العبارة: "من ذا الذي يجرؤ على حتى يوازن هذه القنوات العظيمة بالأهرام السخيفة أوبأعمال اليونان الذائعة الصيت العديمة النفع"(42). ونحن نحس هنا بما يؤمن به هذا الروماني من مبدأ النفسية، وبعدم تذوقه الجمال المجرد من النفعية. ولسنا نلومه على هذا، ونقر بأن من الواجب حتى تحصل المدينة على الماء النقي قبل حتىقد يكون فيها هياكل جميلة ونحن نستشف من خلال هذه الخط الخالية من التجميل الفني انه كان لا يزال في رومة في أيام الطغاة رومان من الطراز القديم، رجال ذووكفاية وصلاح، وإداريون يعملون بوحي ضمائرهم، وقد افلحوا في نشر الرخاء في أنحاء الإمبراطورية، تحت حكم الأباطرة السفهاء الفاسدين، وكانوا هم الذين مهدوا السبيل لعصر الملكية المضىي.

العمارة

كوليسيوم في روما.


التعدين

ساقية صرف من مناجم ريوتنتو.


الهندسة العسكرية


انظر أيضاً

  • De architectura
  • De aquaeductu
  • Frontinus
  • List of Roman watermills
  • Naturalis Historia
  • Pliny the Elder
  • Roman agriculture
  • Roman aqueducts
  • Roman metallurgy
  • Roman mining
  • Roman technology
  • Vitruvius

الهامش

  1. ^ Duruy, Victor, and J. P. Mahaffy. History of Rome and the Roman People: From Its Origin to the Establishment of the Christian Empire. London: K. Paul, Trench & Co, 1883. Page 17
  • Davies, Oliver (1935). Roman Mines in Europe. Oxford.
  • Healy, A.F. (1999). Pliny the Elder on Science and Technology. Oxford: Clarendon.
  • Hodge, T. (2001). Roman aqueducts and Water supply (2nd ed.). Duckworth.
  • Smith, Norman (1972). A History of Dams. Citadel Press.
تاريخ النشر: 2020-06-04 12:31:49
التصنيفات: تاريخ الهندسة, روما القديمة

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

حملات مرورية بمحاور القاهرة الكبرى لضبط المخالفين

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-01 09:21:48
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 55%

الوكالة الذرية تؤكد أنها رصدت في ايران جزيئات مخصبة بنسبة تناهز 90%

المصدر: جريدة المغرب - تونس التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-01 09:22:03
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 53%

اليوم جلسة تفاوض حاسمة بين وزارة التربية وجامعة التعليم الثانوي

المصدر: جريدة المغرب - تونس التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-01 09:22:06
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 68%

قريبا... الدورة21 لمهرجان الأغنية التونسية

المصدر: جريدة المغرب - تونس التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-01 09:22:08
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 59%

الاتحاد الأوروبي يعتزم تجديد العمل بآلية خفض استهلاك الغاز

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-01 09:22:06
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 65%

«المالية»: 14.6% زيادة فى إيرادات الدولة خلال 6 أشهر

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-01 09:21:25
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 66%

حصيلة ضحايا زلزال تركيا ترتفع لـ45 ألف قتيل

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-01 09:22:06
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 59%

دعاء الصباح اليوم الأربعاء 1-3-2023

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-01 09:21:25
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 61%

قادمة من ألمانيا.. مرسى علم تستقبل 8 رحلات طيران سياحي اليوم

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-01 09:21:45
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 66%

الذهب يواصل الصعود مع تراجع الدولار اليوم الأربعاء

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-01 09:22:07
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 62%

«الداخلية» تحتفل باليوم العالمي للحماية المدنية

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-01 09:21:49
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 69%

«حار نهارًا».. توقعات طقس الـ72 ساعة المقبلة

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-01 09:21:52
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 61%

204 ملايين جنيه حجم مبيعات «سند الخير» في المحافظات

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-01 09:21:44
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 65%

أعمال ملحمية ضخمة.. البوسترات الجماعية تزين دراما رمضان 2023

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-01 09:21:57
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 54%

افتتاح مصنع لتوطين صناعة السيارات بمليار جنيه فى السويس الجديدة

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-01 09:21:24
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 66%

النفط يصعد بنحو 2% بدعم من آمال نمو الصين

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-01 09:22:08
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 63%

مهرجان القاهرة السينمائي الدولي يعلن موعد دورته القادمة

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-01 09:21:56
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 57%

مواعيد مباريات اليوم الأربعاء 1-3-2023 والقنوات الناقلة

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-01 09:21:35
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 63%

بعد طرده فى لقاء كريمونيزى.. مورينيو يهدد حكم اللقاء

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-01 09:21:34
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 60%

وفاة تاجر مخدرات بغيبوبة سكر أثناء هروبه من الشرطة

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-01 09:21:47
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 63%

حالة الطقس ودرجات الحرارة اليوم الأربعاء 1-3-2023

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-01 09:21:29
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 51%

ثلاثي تونسي في التشكيلة الافضل للبطولة العربية للناشئين لكرة اليد

المصدر: جريدة المغرب - تونس التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-01 09:22:01
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 50%

واقعة سرقة شعار مهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية تصل للبرلمان

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-01 09:22:10
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 52%

تحميل تطبيق المنصة العربية