عدي بن الرقاع العاملي

عدي بن الرقاع العاملي، توفي في العام 95 هـ / 714 م، شاعر كبير من بني عاملة سكن دمشق، يكنى أبا داود. كان معاصراً لجرير، مهاجياً له، مقدماً عند بني أمية، مدّاحاً لهم، خاصة بالوليد بن عبد الملك. لقبه ابن دريد في كتاب الاشتقاق بشاعر أهل الشام.

نسبه

عدي بن زيد بن مالك بن عدي بن زيد بن مالك بن عدي بن الرقاع من عاملة. كنيته أبوداوود

ولادته وسيرته

سنة ولادته غير معروفة، لكنه سكن دمشق وعاصر عبد الملك بن مروان والوليد بن عبد الملك وسليمان بن عبد الملك وعمر بن عبد العزيز وقد امتدت خلافة هؤلاء حتى سنة 101 هجرية، توفي على الأرجح في عام 95 هجرية. وكان من حاضرة الشعراء لا من باديتهم كما يقول الأصفهاني في كتابه الأغاني.

كان أعرجا وعدّه الجاحط من البرصان، كانت له بنت تقول الشعر ينطق لها سلمى، وكان مقدّما عند بني أمية، مدّاحا لهم، أكثر قصائده في مدح الوليد بن عبد الملك وعمر بن الوليد. وصلنا من ديوانه 1093 بيتا مجموعة في 76 قصيدة.
ذكره ابن خير الأشبيلي في فهرسته،ولقبه ابن دريد في كتاب الاشتقاق بشاعر أهل الشام.
وقد ذكره العلامة السيد حسن محسن الامين في مستدركات أعيان الشيعة، ولم يذكر أنه كان شيعيا، والظاهر بل الأكيد انه لم يكن كذلك، والمظنون حتى سبب ذكر العلامة الأمين له هوانتسابه لبني عاملة فقط.

بعض ما قيل فيه

أصبحت أبياته مضربا للمثل واستشهد بها الكثير من أعلام اللغة والشعر والأدب.

فعندما سألوا جريرا من أنسب الشعراء نطق: ابن الرقاع وذكر قوله:

لولا الحياء وان رأسي قد عسا       فيه المشيب لزرت أم القاسم 
فـكأنها بين النسـاء أعارهـا       عينيه أحور من جاذر جاسم

ثم نطق جرير: ما كان يبالي إذا لم يقل بعدها شيئا.

ونطق الأصمعي عن هذه الأبيات المتقدمة أنها أحسن أبيات قيلت في فترة الجفون.
وكان أبوتمام لا يأنف عن التمدح به والاستشهاد بذكره فيقول:

يثير عجاجة في جميع ثغر      يهيم به عدي بن الرقاع

ونرى الشريف الرضي يقول:

ويعجبني البعاد كأن قلبي       يحدث عن عدي بن الرقاع

وأما علي بن المقرب الأحسائي يشير إليه في قوله:

أهم بهجوهم فأرى ضلالا       هجائي دون رهط ابن الرقاع

والغريب حتى ياقوت الحموي (وهومن البلدانيين: الذين خطوا في جغرافيا البلدان) قد استشهد بأبيات لعدي بن الرقاع في 110 مواضع وهوعدد غير قليل وهذا ما يوثّق صحة المواضع التي تحدث عنها في شعره.
واما صاحب كتاب لسان العرب (قاموس لغوي مشهور) فقد استشهد بشعر عدي في أكثر من مائة موضع، وهذا ما يشير على اعتماد اللغويين على شعره.

معركته مع جرير

لقد استطاع عدي بن الرقاع العاملي ما لم يستطعه غيره، فقد استطاع حتى يهزم جريرا وأن يضطره إلى الاعتراف بالهزيمة.
ويبدوحتى جريرا استهان به أول الأمر فأراد السخرية من هذا الشاعر الوافد من الجبل إلى دمشق يريد حتى يزاحمه على أبواب الملوك، فرماه ببيت من الشعر تقضي الكياسة بان لا نذكره كاملا وهو:

يقصر باع العاملي عن الندى *** ولكن أ... العاملي طويل
وقد افترض جرير أنه قد أخجله وأسكته، ولكن عديا انبرى له بالبيت الذي أفحمه به وهو:

أأمك كانت أبلغتك أم *** أنت امرؤ لم تدر كيف من الممكن أن تقول
فبهت جرير وهوالذي لم يهزم من قبل وخاف مغبة الاسترسال مع هذا الشاعر القوي فآثر الانسحاب من المعركة والاعتراف بالهزيمة لأول مرة في حياته، فأجابه: بل أنا امرؤ لم أدر كيف من الممكن أن أقول. ثم لم تتم بينهما مهاجاة، إلا حتى جريرا قد هجاه تعريضا في قصيدته: حي الهدملة من ذات المواعيس، ولم يصرح لأن الوليد حلف إذا هوهجاه أسرجه وألجمه وحمله على ظهره.

ويروي الفرزدق لقاءه الأول هووجرير لعدي بهذا النص: كنت في المجلس وجرير إلى جانبي، فلما ابتدأ عدي في قصيدته:

                عهد الديار توهما فاعتادها           من بعد ما تفهم البلى إبلادها

قلت لجرير مشيرا إلى عدي: هلم نسخر من هذا الشامي، فلما ذقنا كلامه يئسنا منه.

شعره

له أبيات غزلية من أرق الشعر العربي كقوله:

           وكـأنـهـا بين النـسـاء أعارهـا          عينيه أحور من جاذر جاسم
           وسنان أقصده النعاس فرنقت               في جـفـنه سـنـة وليس بنائم

وكقوله:

            لوثوى لا يريمها ألف حول          لم يطل عندها عليه الثواء
            أهـواهـا شـفه أم أعيرت           منظرا غير ما أعير النساء

ويروي المؤرخون أنه لما وصل في إنشاد قصيدته الدالية إلى هذا البيت:

            تزجي أغن كان أبرة روقه            قلم أصاب من الدواة مدادها

وسمعه الشعراء سجدوا له، فلما استغرب الناس حتى يسجد الشعراء لبيت من الشعر، نطق الشعراء: إنا نعهد مواضع السجود في الشعر كما تعهدون مواضع السجود في القرآن.

ومن الإبداع في شعره في غير الغزل قوله:

           والنـاس أشباه وبين حـلـومهم            بون كـذاك تفـاضل الأشـيـاء
           بل ما رأيت جبال أرض تستوي            فيما عسيت ولا نجـوم سـماء
           والمجد يورثـه امرؤ أشـباهـه            ويموت آخر وهوفي الأحياء

ومن شعره :

           فلوقبل مبكاهـا بكيت صبابـة               إليها شفيت النفس قبل التندم 
           ولكن بكت قبلي فهيج لي البكا                بكاها فقـلت: الفضل للمتقدم

ما خط فيه

عدي بن الرقاع العاملي: حياته وشعره - كتاب من إعداد تحسين محمد صلاح - طبع 1999 - الأردن وزارة الثقافة
عدي بن الرقاع العاملي: أفضل من وصف ظبيا وعيني امرأة - كتاب من إعداد حسن محمد نور الدين العاملي اللبناني - 2001 - دار المواسم - بيروت - لبنان
الأثر الحضاري في شعر عدى بن الرقاع العاملى - علي إبراهيم أبوزيد - 2000 - در المعارف - بيروت
التصوير البياني في شعر عدي بن الرقاع العاملي - مريم بنت عواض جابر الحارثي - رسلة ماجستير - جامعة أم القرى - 2001
ديوان عدي بن الرقاع العاملي: جمع د. عبدالله الحسيني البركاتي، مكة المكرمة- المخطة الفيصلية، سنة 1406هـ.
ديوان عدي بن الرقاع العاملي، تحقيق د. نوري حمودي القيسي ود. حاتم الضامن، بغداد: المجمع الفهمي العراقي، سنة 1407هـ/1981م.