المستعربون الروس

عودة للموسوعة

المستعربون الروس

تعود العلاقات الثقافية بين روسيا والبلدان العربية والإسلامية إلى قرون عدة. ولم تقترن هذه العلاقات الثقافية والروحية التاريخية فقط بدخول الإسلام إلى روسيا قبل حوالي 1300 سنة، وبكتابات الرحالة والمؤرخين العرب عن تاريخ الروس والتي أصبحت مرجعاً أساسياً للروس في كتابة تاريخهم عن تلك الحقبة الزمنية.

" إن عملية تبلور الأفكار الفهمية في روسيا الموسكوفية جرت ليس على أساس التنطقيد الفهمية اليونانية والبيزنطية فحسب وإنما لعبت هنا دوراً بارزاً التنطقيد الفهمية العربية. وانعكس ذلك بشكل خاص في مجال تشكل الأفكار والتصورات الفلكية والتنجيمية. " وهناك تصور لدى غالبية الروس بأن العرب هم مسلمون فقط. ولكن هناك صفحات لا تنسى في التأثير الثقافي المسيحي السوري على الروس منذ ألف سنة تقريباً. يقول بعض المستعربين الروس بأن الأخوين كيريل وميفودي اللذين وضعا الحروف الأبجدية للغة الروسية هما من سورية البيزنطية. وأن انتشار المسيحية وانتنطقها إلى روسيا اتى على يد قديسين مسيحيين من سورية. كما حتى رحلة البطريرك مكاريوس، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق، قبل حوالي ثلاثة قرون، برفقة ابنه بولص الحلبي(1)، سجلت نقلة نوعية في تاريخ الكنيسة الأرثوذكسية الروسية. فقد أشرف البطريرك مكاريوس بنفسه على عملية ترقية الكنيسة الروسية إلى بطريركية مستقلة. وحتى عملية إصلاح الكنيسة الروسية تمت على يد بطريرك سوري. ويجب تسليط الأضواء على هذه الصفحات لتكمل لوحة تأثير الثقافة العربية والإسلامية في ثقافة شعوب روسيا، وذلك بهدف تعميق أواصر الصداقة بين شعوب روسيا والبلدان العربية، بغض النظر عن المعتقدات الدينية والانتماءات العرقية.

وليس صدفة حتى ينطق بأن الروس يمتلكون روحاً شرقية وأنهم أوروآسيويين. وقد كُتِبَ الكثير عن تأثر الروس وشغفهم بالثقافة العربية والإسلامية وخاصة بعد ترجمتهم للقرآن الكريم وللقصص الشعبية العربية وللأدب والشعر العربي. ويكفي حتى نذكر مثالاً الشاعر الروسي العظيم ألكسندر بوشكين الذي خط قصائد مطولة بإيحاء من القرآن وسيرة النبي محمد (ص)، مثل قصيدة "قبسات من القرآن" وقصيدة "النبي". وهناك أقوال وآراء لمشاهير الكتاب الروس مثل تولستوي وبونين وليرمنتوف ودوستوييفسكي تحدثت عن تأثرهم بالثقافة العربية والإسلامية.

كما لعب الروس أيضاً دوراً تنويرياً من خلال مدارسهم التي تأسست في بلاد الشام وخرّجت شخصيات مثقفة مثل المحرر اللبناني ميخائيل نعيمة والمستعربة المعروفة كلثوم عودة–فاسيليفا.

انطلاقاً من مبدأ الترتيب الزمني, نتوقف باختصار عند تاريخ الاستعراب الروسي ومن ثم ننتقل إلى تاريخ دراسة الفهم العربي في روسيا والجمهوريات المستقلة. انتشرت الأخبار عن العرب والبلاد العربية في بلاد الروس في وقت مبكر- في تخوم القرن 9-10 للميلاد, وذلك مع تطور التجارة العالمية في القرون الوسطى. وتشهد على أبعاد هذه التجارة الكنوز المتعددة من العملة العربية المعدنية التي عثر عليها فهماء الآثار وما زالوا يعثرون عليها بمحاذاة الطرق التجارية القروسطية. عهد العرب طريق التجارة عبر البلطيق وبحر قزوين بشكل جيد لدرجة حتى الجغرافيين العرب مثل ابن حوقل أطلقوا على نهر الدون تسمية "نهر الروس". وكانت منطقة خوارزم إحدى مراكز الاتصالات النشطة بين العرب والروس على مفترق الطرق الهامة للتجارة العالمية التي تنطلق من بلاد الروس وحوض الفولغا إلى آسيا الوسطى ومنغوليا والصين. وقد قدم الجغرافي المعروف ابن فضلان من القرن 10م معلومات قيمة عن شعوب حوض الفولغا والروس. وكان ابن فضلان أحد مبعوثي الخليفة بدعوة من البولغار في منطقة حوض الفولغا. وكان البولغار قد اعتنقوا الإسلام قبل ذلك (922م).

إن عملية تبلور الأفكار الفهمية في روسيا الموسكوفية جرت ليس على أساس التنطقيد الفهمية اليونانية والبيزنطية فحسب وإنما لعبت هنا دوراً بارزاً التنطقيد الفهمية العربية. وانعكس ذلك بشكل خاص في مجال تشكل الأفكار والتصورات الفلكية والتنجيمية. ويرجع المؤلف الفلكي "شستوكريل" الذي انتشر في روسيا القروسطية إلى المصادر العربية, وبشكل أدق إلى النموذج (الموديل) الهندسي- الحركي للبطروجي (ق 12م).

كما تسربت معلومات عن الطب العربي عبر أوروبا الغربية إلى روسيا الموسكوفية, ولقي انتشاراً واسعاً "كتاب العلاج للطبيب اسحاق" وهومخطوطة للطبيب الفيلسوف إسحق بن سليمان (900م). لكن روسيا الموسكوفية لم تؤسس بعد لتقليدها الخاص في الاستعراب الفهمي، ولم تبن قاعدة له من خلال تجميع المخطوطات العربية. فهماً حتى المصادر تتحدث عن مجموعة (من المخطوطات) كانت تشكل جزءاً من مخطة, لم يعثر عليها حتى الآن, تعود للقيصر إيفان الرابع(الرهيب) ويبقى ذلك مجرد احتمال ممكن.

فترة الاستعراب في القرن 18 – 19

بدأت أولى الأعمال الروسية في مجال الاستعراب في القرن 18م بناء على مبادرة من القيصر بطرس الأول, الذي زار بنفسه أنقاض مدينة بولگار على ضفاف الڤولگا، ومنح توجيهاته بنسخ بقايا الكتابات العربية المحفوظة هناك, وتم نشرها جزئياً فيما بعد. وقد لعب دوراً هاماً في تطوير الاستعراب الروسي، في تلك الفترة، المحرر المعروف أ. كانتيمير (1673-1723) والذي أسس أول مطبعة بالحرف العربي بمبادرة منه. وفي عام 1716 صدرت في روسيا أول ترجمة كاملة للقرآن الكريم باللغة الروسية. كما أنشئت, بتوجيه من القيصر بطرس الأول, أولى مدارس الترجمة للمستعربين. أما في النصف الثاني من القرن 18م، في عهد كاترينا الثانية، فقد دخلت اللغة العربية في مناهج المدارس الثانوية في بعض المدن الروسية (مثل استراخان).

وتعود انطلاقة العهد الجديد في الاستعراب الروسي إلى بداية القرن 19م:

أولا: حسب النظام الداخلي للجامعة في 1804م تم إدخال تدريس اللغات الشرقية في الجامعات الروسية. وتأسست أولى أقسام اللغة العربية في خاركوف وقازان وفيما بعد في موسكو. وترأس القسم في موسكوأ.ف. بولدرين (1758-1842) وهومؤلف أول "مختارات عربية" في روسيا, أما القسم الذي تأسس في وقت لاحق في بطرسبورغ فترأسه المحرر والمستشرق المعروف على نطاق واسع في روسيا و.ي. سينكيفتش (1800-1858), وقد بقي رئيساً للقسم 25 سنة (1822-1847).

ثانياً: يمكن اعتبار البداية العملية للاستعراب الفهمي في روسيا في عام 1817م حيث تأسس "المتحف الآسيوي" في بطرسبورغ على يد أحد أكبر المستشرقين في ذلك الحين خ.د. فرين (ت 1851)، الذي عمل قبل ذلك عشر سنوات في قازان. وكان قد أجرى سلسلة كبيرة من الأبحاث في فهم المسكوكات (النميات) العربية (حسب مقتنيات المجموعات الروسية) وقام بدراسة المراجع العربية في تاريخ بلاد الروس. وتعود إليه, بشكل خاص أولى الدراسات لأعمال ابن فضلان. وبهذا العمل الكلاسيكي تم بشكل ناجح افتتاح تاريخ الإستعراب الفهمي في روسيا وفي 1819م اقتنى "المتحف الآسيوي" مجموعة كبيرة من المخطوطات العربية, والتي اغتنت عام 1825م بمجموعة أخرى. وأضافت "الإدارة الآسيوية" التي تأسست عام 1813م مخطوطات أخرى. واستمر تزويد المتحف الآسيوي بالمخطوطات العربية الجديدة سواء بشكل منفرد أوعلى شكل مجموعات كاملة قدمت كهدايا للمتحف من أشخاص معظمهم كانوا من الدبلوماسيين في بلاد المشرق.

وقد تحول المتحف الآسيوي إلى معهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم السوڤيتية (فرع لينينغراد). وفيما بعد, في عام 1854 تأسست كلية اللغات الشرقية في جامعة سانت پطرسبورگ الحكومية، والتي احتوت على قسم اللغة العربية وآدابها. وكان من أوائل خريجيه ڤ. ف. گرگاس (ت1887) الذي ألف قاموساً شهيراً وكتاب "مختارات", كانت مرجعاً لعدة أجيال من المستعربين الروس.

" في عام 1716م صدرت في روسيا أول ترجمة كاملة للقرآن الكريم باللغة الروسية. كما أنشئت, بتوجيه من القيصر بطرس الأول, أولى مدارس الترجمة للمستعربين. أما في النصف الثاني من القرن 18م، في عهد كاترينا الثانية، فقد دخلت اللغة العربية في مناهج المدارس الثانوية في بعض المدن الروسية (مثل استراخان). " لقد ظهر في موسكوعام 1872 مركز آخر لدراسة اللغة العربية- معهد لازاريف للغات الشرقية, الذي أصبح مع بداية القرن العشرين مركزاً حقيقياً للاستعراب الفهمي وترأسه آنذاك أ.ي.كريمسكي (1947). وينتمي إلى المدرسة الموسكوفية أ.أ. سيميونوف أول مختص في العلوم الإسلامية وتاريخ الممضى الاسماعيلي. أما في قازان فقد وضعت أسس الاستعراب من قبل فرين.

ومن أشهر المستعربين في قازان كان المستعرب الكبير غ.س. سابلوكوف (ت 1880), الذي أعد ترجمة رائعة للقرآن الكريم حسب التقليد الإسلامي المتأخر، وتعود كذلك إلى سابلوكوف ترجمة بعض أجزاء رسالة ابن فضلان. وترأس إدارة المتحف الآسيوي بعد فرين, المستعرب ب.أ. دورن (ت 1881) الذي عمل على دراسة المصادر العربية في تاريخ القوقاز وشواطئ بحر قزوين, حيث بذل قصارى جهده لإعداد مرشد مخطوطات المخطة العامة في بطرسبورغ (حالياً تدعى المخطة الوطنية العامة باسم سلطيكوف - شيدرين في سان بطرسبورغ). وعلى مدى عشرين عاماً أجرى دورن سلسلة كبيرة من البحوث والدراسات للإسطرلابات العربية.

وفي أواسط القرن التاسع عشر تكونت مدرسة كبيرة من المستعربين الروس اهتمت بداية بالعلوم الإنسانية من لغة وأدب وعلوم إسلامية وجغرافية.

وقد قام المستشرق الشهير ن.ف. خانيكوف (ت 1878) بدور هام ومتميز في تطوير الاستعراب الروسي، وهومؤلف كتاب "وصف إمارة بخارى" و"نبذة عن الأجناس في بلاد الفرس"، وكان قد عمل قنصلاً روسياُ لفترة طويلة في تبريز. كما بذل خانيكوف جهوداً ضخمة لإغناء مجموعات المخطة العامة في بطرسبورغ والتي أهداها مجموعاته الخاصة. ومن ضمنها مخطوطة "كتاب ميزان الحكمة" للخازني (ق 12م) والتي قام خانيكوف لأول مرة بوصفها، ونشر أجزاء منها، وترجمة مقاطعها إلى الإنجليزية عام 1859.

وترتبط فترة جديدة وهامة جداً في تطوير الاستعراب الفهمي باسم ف. ر. روزن (ت 1849) الذي كان أبرز فهماء الاستشراق الروسي، ومفهم لجيل تام من المستعربين الروس.

وكان روزن عميداً للكلية الشرقية في جامعة بطرسبورغ لسنوات عدة, وفي عام 1885 ترأس الفرع الشرقي لجمعية الآثار الروسية. ومنذ عام 1886 بدأت هذه الجمعية تحت إشراف روزن بإصدار "نشرة"– لسان حال الاستعراب الروسي الذي اكتسب اعترافاً دولياً. وأعد روزن دليلاً من أربعة مجلدات لمخطوطات المتحف الآسيوي. وأولى اهتماماً كبيراً لدراسة المؤلفات الجغرافية والتاريخية للفهماء العرب, المتعلقة بأوروبا الشرقية. ويعد روزن أول المستعربين الروس الذين قاموا بدراسة وتحليل أعمال البيروني. وفي تقييمه لكتاب "الهند" الذي أصدره ساخاونفسه, منح تقديراً عالياً لهذا المؤلف عام 1889, وتأكد ذلك بالاكتشافات اللاحقة.

ولا بد هنا من التوقف عند مؤرخ الرياضيات الروسي الكبير ف.ف. بوبينين (ت 1919) الذي أصدر مجلة في تاريخ العلوم الرياضية والفيزيائية، لسنوات طويلة، وعلى حسابه،وكان يلقي محاضرات في جامعة موسكوفي تاريخ الرياضيات منذ القديم وحتى عصره. وقد كرست عدة محاضرات لتاريخ الرياضيات العربية.

ومن التلاميذ الرائعين لروزن, كان المستشرق الروسي الكبير، والمؤسس العملي لتاريخ آسيا الوسطى في روسيا، ف.ف. بارتولد (ت 1930). فألف بارتولد سلسلة كاملة من البحوث في الجوانب العامة والخاصة من تاريخ البلاد الإسلامية والعلوم العربية: "ثقافة الإسلام" "عالم الإسلام" "فهماء النهضة الإسلامية" وغيرها. وحظي مؤلفه الفهمي "هجرستان في عهد الغزوالمغولي" بشهرة واسعة، واعتمد في إعداده على البحوث الدقيقة والمفصلة الواردة في المصادر الجغرافية والتاريخية للباحثين العرب. ويعود إلى بارتولد المؤلف التاريخي الكبير، وهو"تاريخ دراسة الشرق في أوروبا وروسيا"، وكان جزؤه الأكبر مكرساً لتاريخ الاستعراب الروسي. وكان ذلك موضوع المحاضرات التي ألقاها خلال سنوات طويلة لطلبة الكلية الشرقية في جامعة بطرسبورغ, وأعيد نشره ثلاث مرات (آخرها عام 1977 في الأعمال الكاملة لبارتولد).

وكان بارتولد أول من قام في روسيا بدراسة فترة أولغ بك (أولغ بك وعصره)، وفيها منح تقييماً لمدرسة سمرقند الفهمية وحلل المعطيات التاريخية والأثرية حول مرصد سمرقند. وكان في مركز اهتمام بارتولد طيلة حياته المؤلفات الجغرافية العربية وخاصة التي تضمنت معلومات عن أراضي روسيا. وفي عام 1940 (بعد وفاته بعشر سنوات) عثر على عمل غير منشور له "معلومات عربية عن بلاد الروس".

" في أواسط القرن التاسع عشر تكونت مدرسة كبيرة من المستعربين الروس اهتمت بداية بالعلوم الإنسانية من لغة وأدب وعلوم إسلامية وجغرافية. " ويعتبر الأكاديمي أغناطيوس كراتشكوفسكي (ت 1951) وهومن تلاميذ روزن، شيخ المستعربين الروس حيث تخرج على يديه نخبة من المستعربين الروس. وقد هجر كراتشكوفسكي مؤلفات عظيمة مثل كتاب "المؤلفات الجغرافية العربية"، و"مع المخطوطات العربية" الذي ألفه في زمن حصار لينينغراد العصيب في الفترة 1941- 1945، ونشره بعد انتهاء الحرب، وكتابه المرجعي "نبذات من تاريخ الاستعراب الروسي". ويجدر القول إذا كراتشكوفسكي قام بدراسة ووصف حوالي 300 مؤلف من المراجع الجغرافية العربية, ومعظمها محفوظ في خزائن المخطوطات في روسيا والدول المستقلة.

ونلفت الانتباه إلى ضرورة ترجمة هذه وغيرها من المراجع الاستعرابية الروسية إلى اللغة العربية لما لها من قيمة فهمية وتاريخية وفكرية وحضارية. يكفي حتى نذكر هنا مثالاً عن دور كراتشكوفسكي في اكتشاف شخصية المحرر والمفكر اللبناني المعروف أمين الريحاني، وخط عنه بالروسية،وانتشر صيته في أوروبا عن طريق كتابات كراتشكوفسكي (هناك تفاصيل عن ذلك في كتاب كراتشكوفسكي: مع المخطوطات العربية).

وفي كتابه "نبذات من تاريخ الاستعراب الروسي"، خط كراتشكوفسكي عن الجالية العربية في روسيا في القرن التاسع عشر، والتي تكونت من نخبة من المثقفين والأدباء العرب المغتربين في روسيا، والذين لعبوا دوراً هاماً في تطوير الاستعراب الروسي وخاصة من مصر وسورية وفلسطين. وبعض هؤلاء العرب كانوا قد حصلوا على تعليمهم في الجامعات والمعاهد الروسية. وتجسد دور العرب قبل جميع شيء في تعليم اللغة العربية للمترجمين والمستعربين الروس في المؤسسات التعليمية العليا. وقد ساهم بعضهم بقسط عظيم في الاستعراب الروسي مثل الشيخ عياد الطنطاوي وجورجي مرقص وفايز قلزة ومحمد عطايا وفضل الله صروف الدمشقي الذي عمل في جامعة سان بطرسبورغ. ثم يذكر حتى المحرر الفلسطيني رزق الله حسون عمل أيضا في تلك المدينة. كما عمل في روسيا الصحفي المصري محمد طلعت رئيس تحرير جريدة "التلميذ" الصادرة في القاهرة. ولا ننسى كلثوم عودة- فاسيلييفا التي أصبحت واحدة من أبرز المستعربين الروس من أصول عربية، وهي فلسطينية مسيحية تزوجت من ضابط روسي، وعاشت جميع حياتها في روسيا، وساهمت بدور كبير في تعليم اللغة العربية لأجيال من الدبلوماسيين والمستعربين الروس. وكل هؤلاء هجروا إرثاً فهمياً وأدبياً وأكاديمياً احتل مكانة قيمة في تاريخ الاستعراب الروسي.

ولأول مرة خط عن مخطوطة رياضية عربية في مجلة روسية متخصصة في الرياضيات في عام 1865،واسم المجلة: "مجموعة أبحاث الرياضيات" (مات سبورنيك – Mathematical Collection) وهي من أشهر مجلات الرياضيات في العالم. وكان ذلك العدد الأول منها، وهي مجلة جمعية فهماء الرياضيات في موسكوالتي تأسست تقريباً في تلك السنة. وأعضاء هذه الجمعية هم كبار فهماء الرياضيات الروس مثل العالم تشيبيشيف ((Chebeshev المعروف عالمياً،وله اكتشافات هامة في معظم فروع الرياضيات. وقد نشرت في تلك المجلة منطقة في العام المذكور بعنوان "كتاب التلخيص لعالم الهندسة العربي ابن البناء" - مجلة توفي سبورنيك – موسكو– 1867- المجلد 2 رقم 1 الجزء 2. ص 27-43. وكان نشرها بناء على طلب من تشيبيشيف نفسه الذي أوصى بأهمية العلوم العربية وضرورة دراستها ونشرها حتى في مجلات وزارة التربية والتعليم. وهذه الحادثة تدل على الاهتمام الكبير والمبكر والفهم العميق من قبل أعظم فهماء الرياضيات في روسيا، منذ منتصف القرن 19م، لدور وقيمة العلوم العربية وخاصة الرياضيات.

اقترن النصف الثاني من القرن 19م بظهور الكثير من المؤسسات والجمعيات في روسيا, والتي بذل أعضاؤها جهداً كبيراً في مجال الاستعراب. وبالإضافة إلى الجامعات, فقد أصبحت مسائل الاستشراق بما فيها الاستعراب, هدفاً للدراسة من قبل أعضاء جميع من: الجمعية الجغرافية الروسية وجمعية هواة العلوم الطبيعية والآثار والأجناس. أما في عام 1882 فقد تأسست "الجمعية الفلسطينية المسيحية الشرقية" والتي لعبت دوراً في تنشيط الاستعراب في روسيا.

لكن الدراسات الاستعرابية اقتصرت في الفترة المذكورة على المخطوطات الأدبية والجغرافية. أما الاهتمام بالعلوم العربية مثل الرياضيات والفيزياء والفلك والطب والصيدلة وكذلك الفلسفة فقد بدأ في أواسط القرن العشرين. أما سابقاً فكانت هناك إشكالية في الاستعراب الفهمي لأن الذين اهتموا بالعلوم كانوا من المترجمين والمستعربين ذوي المجالات الأدبية.

وقد كانت البداية الحقيقية لدراسة المؤلفات ذات المحتوى الفيزيائي والرياضي في روسيا مترافقة مع العمل على إصدار المؤلفات المنفردة والمجموعات الكاملة لأبرز الفهماء العرب, وذلك في أواسط القرن العشرين. وتميزت هذه الفترة الجديدة من الاستعراب الروسي بأن انضم إلى فريق الباحثين في العلوم العربية ليس المستعربون وحسب بل المختصون في مجال العلوم الأساسية: الرياضيات, الفيزياء, الفلك, الفلسفة. وكان العمل قد بدأ سوية في ثلاثة مراكز في روسيا:

" الاهتمام بالعلوم العربية مثل الرياضيات والفيزياء والفلك والطب والصيدلة وكذلك الفلسفة فقد بدأ في أواسط القرن العشرين. أما سابقاً فكانت هناك إشكالية في الاستعراب الفهمي لأن الذين اهتموا بالعلوم كانوا من المترجمين والمستعربين ذوي المجالات الأدبية. " المركز الأول في موسكوتحت إشراف وبمشاركة فعالة من أ.ب. يوشكيفتش الذي يعود إليه أول درس في تاريخ الرياضيات العربية في الإتحاد السوفياتي والذي قرأه ي.يو.كراتشكوفسكي، فأبدى إعجابه بهذا البحث، فنصح يوشكيفيتش على دراسة اللغة العربية. وقد نشر ذلك البحث الذي حمل عنوان: "الجبر عند عمر الخيام" في مجلة "دراسات في تاريخ الرياضيات" الصادرة في معهد تاريخ العلوم والتكنولوجيا التابع لأكاديمية العلوم الروسية. والبحث تعبير عن دراسة معمقة لرسالة الخيام الجبرية، والتي وضعت نقطة البداية لسلسلة كاملة من الأبحاث في تاريخ المخطوطات الرياضية للفهماء العرب والمسلمين في القرون الوسطى.

أما المركز الثاني لهكذا أبحاث فهوباكو, حيث ظهرت فيها, مع نهاية الأربعينات وبداية الخمسينات, سلسلة أعمال غ.د. مامدبيلي باللغتين الروسية والآذرية المكرسة لأعمال نصير الدين الطوسي ودوره في تطوير الرياضيات والفلك.

ثالث هذه المراكز هوطشقند، وفيها خط غ.د. جلالوف مجموعة من الأعمال عن الإبداع الفهمي للبيروني وعن نشاط مرصد سمرقند ونتائج ممثلي مدرستها الفهمية. وفي عام 1950 ظهر كتاب ت.ن. كاري – نيازوف "المدرسة الفلكية لأولغ بك" الذي احتوى على تحليل دقيق لزيج أولغ بك، وعن العاملين معه (على أساس المخطوطات المحفوظة في طشقند)، مما جاز برصد مسار تشكل هذه المدرسة. وقدمت في ذلك الكتاب لوحة عامة عن إنجازات الفهم في آسيا الوسطى حتى القرن 15م.

لقد أصبحت الأعمال المذكورة للفهماء السوفييت، في المراكز الفهمية الثلاثة, بداية لدراسة وأبحاث مكثفة للمخطوطات العربية في الرياضيات والفيزياء, المحفوظة في المخطات والخزائن والمؤسسات الفهمية في روسيا،مما أدى في النتيجة إلى ولادة مدرسة فهمية سوفيتية في مجال تاريخ العلوم الرياضية والفيزيائية في المشرق القروسطي. وقد انخرط في هذا العمل بعد يوشكيفتش ومامدبيلي وكاري - نيازوف مجموعة من الباحثين كمترجمين وشارحين مثل ب.أ. روزنفيلد (952), م.ي. ميدفوي (1958), غ.ب. ماتفيسكايا (1962) وم.م. روجانسكايا (1966) وكذلك فصيل تام من مؤرخي الرياضيات والفلك الذين كان معظمهم تلاميذ لروزنفيلد وماتفيفسكايا.

وتنتشر الآن الكثير من المخطات في روسيا وجمهوريات آسيا الوسطى والتي تضم في خزائنها مجموعات غنية وقيمة من المخطوطات العربية والفارسية والهجرية. ومن أكبر المراكز: معهد المخطوطات الشرقية التابع لأكاديمية العلوم الروسية- فرع لينينغراد - (المتحف الآسيوي ثم معهد الاستشراق سابقاً) ومعهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم الأوزبكية (طشقند), والمخطة الوطنية الروسية (مخطة لينين الحكومية سابقاً في موسكو) ومخطة سلطيكوف شيدرين العامة (لينينغراد) ومعهد المخطوطات الجيورجي (أكاديمية العلوم الجيورجية- تبيليسي) ومركز المخطوطات القديمة ماتانديرن (يرفان) ومركز المخطوطات الجمهوري (باكو) ومعهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم الطاجيكية (دوشنبيه) ومخطة الفردوسي الحكومية (دوشنبه) ومخطات جامعات لينينغراد وقازان.

لقد قام أعضاء هذه المدرسة بدراسة أعمال العشرات من الفهماء أمثال البيروني والخيام وابن قرة والخوارزمي والكرجي وأبي تام وابن الهيثم والكاشي والطوسي والخازني والفارابي وابن سينا وابن عراق والبغدادي وغيرهم. كما أصدر الفهماء الروس مؤلفات ضخمة في تاريخ العلوم العربية،مثل كتاب يوشكيفيتش: "تاريخ الرياضيات في القرون المتوسطة"، حيث خصص فيه فصلاً كبيراً لتاريخ الرياضيات في بلاد الإسلام (ترجم إلى الفرنسية والألمانية وتجري ترجمته إلى العربية من قبل مؤلف هذه الموضوعة). ويعتبر هذا العمل الفهمي أحد أبرز المراجع في تاريخ الرياضيات العربية والإسلامية بشهادة العلامة الكبير د. رشدي راشد(2). بالإضافة إلى كتاب يوشكيفيتش وروزنفلد حول تاريخ نظرية الخطوط المتوازية ودور الفهماء العرب في دراستها (ترجم إلى العربية في جامعة حلب 1984).


دراسة الفلك والطب والفلسفة والميكانيكا العربية

" كانت المدرسة الروسية في الاستعراب، منذ بداياتها، منصفة وودية تجاه العرب، وهذا ما يميزها عن المدارس الاستشراقية الأوروبية والغربية. فقد أكد يوشكيفيتش على فكرة حتى العلوم المشرقية: العربية والصينية والهندية تمثل فترة أساسية في تطور العلوم العالمية ولا يمكن القفز فوقها، وأن العلوم العربية هي التي مهدت للنهضة الأوروبية. " حظي فهم الفلك العربي باهتمام كبير. حيث تحدثنا أعلاه عن البحوث الأولى التي تعود إلى خمسينات القرن العشرين، أما الفترة الجديدة من البحوث في تاريخ الفلك فترتبط بدراسة وإصدار المؤلفات الفلكية لكبار الفهماء العرب: البيروني والفارابي والخوارزمي والفرغاني والطوسي والشيرازي وابن عراق وغيرهم. وساهمت تلك البحوث بكتابة تاريخ الفلك الكروي والجغرافيا الرياضية في المشرق القروسطي، سواء منها المسائل الخاصة (تاريخ ظهور مبرهنات وطرق خاصة مثل إسقاط الكرة على المستوى), أوالمسائل العامة لحساب الإحداثيات، ووسائط (بارمترات) حركة الأجسام السماوية المرتبطة بتاريخ الطرق الرياضية المستخدمة في الفلك. ودرست أيضاً فهارس (دلائل) النجوم للبيروني والخيام, ومسائل التعاقب الزمني وتاريخ التقويم (مامدبيلي, روزنفلد, روجانسكايا, بولغاكوف, أحمدوف, سيرغييفا, ماتفيفسكايا, وغيرهم).

أما تاريخ الآلات الفلكية فقد أولي اهتماماً جيداً (بولگاكوڤ, روزنفلد) وخاصة الإسطرلابات ونظرياتها الرياضية (أ.تقي- زادة). وكرست سلسلة من البحوث لمسائل الميكانيك والفيزياء والكيمياء والطب وفلسفة الطبيعة ومسائل فلسفية بحتة عن الفهم العربي. وفي 1962 قام المستشرق السوفيتي المشهور أ.م. بيلينتسكي وعالم فيزياء البلوريات والمختص في فهم المعادن غ.غ. ليملين بإجراء درس رائع عن "فهم المعادن" عند البيروني، وكتابه حول الأوزان النوعية, وبذلك فقد وضعا الأساس لسلسلة كاملة من البحوث في هذا الاتجاه.

ولقد درست مسائل السكون (ابن سينا, ابن قرة) ومسائل الميكانيك بشكل عام في المشرق القروسطي (م.أحادوڤ وت.د. ستليروڤ وغيرهم ) وأنجزت م.م. روجانسكايا في عام 1976 أول دراسة شاملة في هذا المجال (روجانسكايا), حيث درست أحد الأعمال الأساسية وهو"كتاب ميزان الحكمة" للخازني، وكرست روجانسكايا جل دراستها للمسألة الأساسية في فهم الحركة في المشرق القروسطي- النموذج الحركي الهندسي لحركة الأجسام السماوية, مثل أسلوب بطليموس وطرق البطليموسيين الجدد.

وأجريت في الاتحاد السوفيتي أبحاث عن أعمال الرازي و"القانون في الطب" لابن سينا و"فهم الصيدلة" للبيروني. واهتم الفهماء بالمراسلات الفهمية بين البيروني وابن سينا حول مؤلف أرسطوفنشرها يو.ن.زفادوفسكي. ودرست المؤلفات الفلسفية للفارابي وابن سينا والخيام وابن رشد, وتصنيف العلوم عند الفارابي وابن سينا. كما ظهرت أعمال فيها تعميم في تاريخ الفلسفة في آسيا الوسطى. وخطت السير الفهمية لكل من البيروني (بولغاكوف, روزنفلد, روجانسكايا, سوكولوفسكايا) والخيام (روزنفيلد, يوشكيفتش) والفارابي (قبيسوف) وغيرهم.

وبذلت جهوداً ضخمة في الاتحاد السوفياتي لنشر أعمال كبار الفهماء العرب, ففي 1954- 1960 أصدر معهد الاستشراق في طشقند "قانون الطب" لابن سينا في خمسة مجلدات، أما في عام 1957- 1976 صدرت سبعة مجلدات من "الأعمال المختارة" للبيروني: "تعاقب الزمن", "الهند", "جيوديزيا", "فهم الصيدلة", "القانون المسعودي في جزئين" و"فهم النجوم" وكان ذلك بناء على مبادرة من المؤرخ الكبير وعالم الآثار في آسيا الوسطى س.ب. تولستوف. وقام بترجمة "تعاقب الزمن" المستعرب السوفيتي الكبير م.أ. سالييه، وهونفسه الذي ترجم قصص "ألف ليلة وليلة". أما مترجم "جيوديزيا"، وأحد مترجمي "القانون المسعودي"،فهوتلميذ كراتشكوفسكي، المستعرب السوفيتي الشهير بولغاكوف، الذي أصدر لأول مرة النص الكامل "للجيوديزيا" باللغة العربية. وفي موسكونشر "فهم المعادن" ورسالة في الوتر للبيروني. وصدرت في طشقند المراسلات الفهمية بين البيروني وابن سينا وكذلك "المخطوطات الجبرية" للخوارزمي و"كتاب الأسرار" للرازي. أما في باكوفقد نشر المخطوط المثلثي للطوسي.

وقام معهد الفلسفة والقانون التابع لأكاديمية العلوم الكازاخية (ألما-آتا) بنشر خمسة مجلدات من مؤلفات الفارابي: المخطوطات الفلسفية والرياضية والاجتماعية ومخطوطاته في الأخلاق وفي المنطق وشروحه حول "المجسطي" لبطليموس. وطبعت في موسكو"رسائل الخيام"، ومخطوطات الكاشي الرياضية، وعدد من مخطوطات ابن قرة وابن الهيثم والطوسي وأولغ بك، وصدرت مؤلفات ابن قرة عام 1984 وكتاب ميزان الحكمة "للخازني" مع تعليقات مفصلة عام 1983، وصدرت مخطوطات للبيروني و"المناظر" لابن الهيثم وغيرهم. كما ترجمت إلى الروسية في فترات سابقة منطقات لأبي حامد الغزالي حول المنطق.

وكانت المدرسة الروسية في الاستعراب، منذ بداياتها، منصفة وودية تجاه العرب، وهذا ما يميزها عن المدارس الاستشراقية الأوروبية والغربية. فقد أكد يوشكيفيتش على فكرة حتى العلوم المشرقية: العربية والصينية والهندية تمثل فترة أساسية في تطور العلوم العالمية ولا يمكن القفز فوقها، وأن العلوم العربية هي التي مهدت للنهضة الأوروبية. كما أبرز المستعربون الروس أبرز الانجازات الفهمية العربية والإسلامية.

وتجدر الإشارة إلى أننا نستخدم مصطلح الفهماء العرب والمسلمين فنقصد جميع الفهماء العرب من مسلمين وغير مسلمين، وكذلك لنضم المسلمين من مختلف القوميات (فهماء آسيا الوسطى وإيران). وعلى جميع حال فالثقافة التي كانت سائدة آنذاك هي الثقافة العربية الإسلامية، واللغة التي سادت في بقعة جغرافية واسعة تمتد من الحدود الجنوبية لفرنسا إلى الصين، وكانت لغة الفهم والمثقفين، هي اللغة العربية (التي وصفها تاتون بأنها كانت لغة العصر آنذاك). فهماً أنه كان هناك فهماء مسيحيون (حنين بن اسحق وقسطا بن لوقا) وصابئة (ثابت بن قرة الحراني) ويهود (موسى بن ميمون وغيره من يهود الأندلس) لعبوا دوراً عظيماً في تطوير العلوم والفلسفة العربية والإسلامية وخاصة في الترجمة من اللغات اليونانية والسريانية والفارسية والسنسكريتية والعبرية إلى العربية ومنها.

حدثة أخيرة

" تعاني الآن مدرسة الاستعراب الفهمي في روسيا من صعوبات وعقبات كثيرة، تأتي في مقدمتها شح المخصصات المالية للبحث الفهمي، وعدم تشجيع الجهات العليا المسئولة لهذه الأبحاث. " أعطي في فترة العهد السوفييتي اهتمام واسع لإعداد المختصين الشباب في مجال الاستعراب في موسكووفي مدن أخرى من الاتحاد السوفياتي، معظمهم في موسكووآسيا الوسطى والقوقاز. أما الآن فتعاني مدرسة الاستعراب الفهمي في روسيا من صعوبات وعقبات كثيرة، تأتي في مقدمتها شح المخصصات المالية للبحث الفهمي، وعدم تشجيع الجهات العليا المسئولة لهذه الأبحاث لأسباب مختلفة، لا يمكننا التوقف عندها في هذا البحث. وكذلك لا نشهد اهتماماً عربياً وتشجيعاً لهذه الدراسات الاستعرابية الفهمية الروسية. ففي روسيا كلها يوجد فقط ثلاثة باحثين في تاريخ الرياضيات العربية والإسلامية، واحدة منهم عمرها 80 عاماً، والاثنان الآخران هما: محرر هذه السطور وباحثة روسية أخرى.

ولا يمكنني أخيراً إلا حتى أضيف بأن من واجبنا كعرب ومسلمين حتى نمد يد التعاون والدعم المادي والمعنوي لهؤلاء الفهماء الروس، الذين ربطوا حياتهم ومصيرهم وقضوا أجمل سنوات عمرهم مع المخطوطات العربية سواء بالقيام بترجمتها أم دراستها ونشرها، وقد نطقوا حدثة منصفة وعادلة بحق تراثنا وكل ذلك يستحق منا جميع الاحترام والتقدير لهم.


اقتراح

تأسيس مركز فهمي عربي إسلامي خاص بدراسة المخطوطات الفهمية العربية والإسلامية في روسيا. تنظيم مؤتمر فهمي دولي عن التراث الفهمي العربي في الاستعراب الروسي. فهكذا مركز جدير بحفظ الدراسات والبحوث الغنية التي قدمها المستعربون الروس في هذا المجال، بالإضافة إلى ضرورة ترجمتها إلى اللغة العربية ليستفيد منها الباحثون العرب. وعلاوة على جميع ذلك يمكن لهذا المركز حتى يجذب ليس فقط الباحثين الشباب من الروس وإنما من مسلمي روسيا، الذين، للأسف، يجهلون هذا التاريخ المشرق للحضارة العربية والإسلامية، والذي، بنشره في روسيا المعاصرة، يمكن حتى يساهم في تسليم الصورة المشوهة التي خلقتها الكثير من وسائل الإعلام الروسية حول صورة العربي والمسلم وربط ظاهرة الإرهاب بهما. وكأن الإسلام هومرتبط بالجهاد والحجاب فقط. أما تلك الفترة المزدهرة من العلوم الإسلامية التي قدمت خدمات عظيمة للبشرية فتتجاهلها النادىية الإعلامية الروسية ويغفل عنها حتى المسلمون من مواطني روسيا.

ملاحظة

يمكن الاطلاع على مزيد من التفاصيل حول المواضيع المطروقة أعلاه في بحوث وترجمات ومؤلفات محرر هذه الموضوعة.

هوامش

(1) بولص الحلبي الذي يقول عنه كراتشكوفسكي أنه عربي من سورية وقد عُرض عليه حتى يعمل مترجماً في بلاط القيصر الروسي لمعهدته الممتازة باللغتين العربية والروسية وهوالذي خط كتاباً وصف فيه رحلة البطريرك التي امتدت عدة أشهر وترجمه إلى الروسية ج. مرقص. وكانت الرحلة في أواسط القرن السابع عشر في عهد القيصر ألكسي ميخائيلوفيتش.

(2) د. رشدي راشد - عالم فرنسي من أصل مصري مقيم في فرنسا منذ 50 عاماً وهوأستاذ في جامعة ديدروفي باريس ومدير مركز تاريخ وفلسفة العلوم العربية ويعتبر من أشهر الباحثين المعاصرين في تاريخ الرياضيات العربية وفلسفتها . كما أنه أبرز لأول مرة الكثير من الحقائق الفهمية التي اكتشفها فهماء عرب ومسلمون، اُعتقِد لفترة طويلة بأنها من اكتشاف فهماء أوروبيين مثل نظرية الهندسة الجبرية عند الخيام ونظريات ابن الهيثم في البصريات. واكتشف بأن الكسور العشرية ابتكرها السموأل في ق. 12 قبل الكاشي ق.15 وغيرها. ونشر مئات الدراسات الفهمية الأصيلة في تاريخ العلوم والفلسفة وتطبيقات الرياضيات في العلوم الاجتماعية بالاضافة إلى مؤلفات موسوعية في تاريخ الرياضيات والعلوم العربية. وللدكتور راشد رؤية فهمية جديدة حول دور دراسة تاريخ الفهم العربي في تحديث تاريخ العلوم بشكل عام.


  1. ^ الدكتور محمود الحمزة (2010-06-26). "حول دراسة العلوم العربية في روسيا". قناة الجزيرة. Retrieved 2010-08-29.

وصلات خارجية

  • من تاريخ دراسة العلوم العربية في روسيا وجمهوريات الإتحاد السوفيتي (سابقاً)
تاريخ النشر: 2020-06-04 13:56:05
التصنيفات: مستشرقون روس, مستعربون

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

هذه مستجدات مشروع قانون المسطرة المدنية الذي صادقت عليه الحكومة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-25 15:25:51
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 62%

الجزائر "تخرج عن صمتها" بشأن رفض مجموعة ال"بريكس" طلب انضمامها

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-25 15:25:57
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 57%

تصنيف الفيفا للسيدات.. المغرب يتقدم بـ 14 مركزا ويصعد إلى الرتبة 58

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-25 15:26:13
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 67%

نيس الفرنسي يصر على الظفر بخدمات آيت نوري

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-25 15:24:25
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 67%

الجزائر "تخرج عن صمتها" بشأن رفض مجموعة ال"بريكس" طلب انضمامها

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-25 15:26:02
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 63%

عين تموشنت: 46 جريحا في انحراف حافلة

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-25 15:24:28
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 68%

سانت إيتيان الفرنسي يسعى من اجل الظفر بخدمات قيتون

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-25 15:24:12
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 52%

رشيد غزال يتلقى صدمة كبيرة من قبل مدرب بشكتاش

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-25 15:24:09
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 66%

كبار الاعلامين والصفحات الرياضية العالمية تشيد بإسلام سليماني

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-25 15:24:31
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 52%

فضيحة "القبلة" تدفع رئيس الاتحاد الاسباني لتقديم استقالته

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-25 15:26:50
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 63%

أجاكس أمستردام يصر على التعاقد مع الجزائري عبد القهار قادري

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-25 15:24:18
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 52%

ليفربول ينفي انتقال نجمه المصري محمد صلاح الى السعودية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-25 15:25:41
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 64%

بودبوز يلمح الى امكانية مغادرة الأهلي السعودي

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-25 15:24:22
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 58%

تصنيف الفيفا للسيدات.. المغرب يتقدم بـ 14 مركزا ويصعد إلى الرتبة 58

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-25 15:26:09
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 53%

هذه مستجدات مشروع قانون المسطرة المدنية الذي صادقت عليه الحكومة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-25 15:25:54
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 65%

الفاف تقترب أكثر من حسم ملف الفرانكو جزائري أمين غويري

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-25 15:24:15
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 65%

ليفربول ينفي انتقال نجمه المصري محمد صلاح الى السعودية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-25 15:25:48
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 58%

تحميل تطبيق المنصة العربية