يزيد بن معاوية (23 يوليو645 م - 683 م) هوابن الخليفة الأموي الأول معاوية بن أبي سفيان، في الترتيب الزمني للخلافة يعتبر سادس خلفاء المسلمين وثاني خلفاء بني امية، وقد حكم لمدة ثلاث سنوات (680 - 683) كانت من أكثر الفترات تأثيراً في التاريخ الأسلامي.

أخذ له أبوه البيعة في حياته، فجعل من الخلافة ملكاً عضوضاً، ولم يكن أحب منه إلى قلب أبيه. وكانت خلافة يزيد التي دامت ثلاث سنوات وصلة حروب متصلة، ففي عهده كانت واقعة الطف التي استشهد فيها الحسين بن علي. ثم حدثت ثورة في المدينة المنورة انتهت بسقطة الحرة. ثم سار مسلم بن عقبة المري إلى مكة لقتال عبد الله بن الزبير فضرب الكعبة بالمنجنيقات.

توفي يزيد بن معاوية، وتخلى ابنه معاوية عن حقه في الحكم. وكان ولداه معاوية بن يزيد و خالد بن يزيد صالحين عالمين.

حياته

هويزيد بن معاوية بن أبي سفيان وكنيته أبوخالد الأموي ولد سنة خمس أوست وعشرين كان ضخماً كثير اللحم كثير الشعر وأمه ميسون بنت بحدل الكلبية.

بيعته

قبل وفاته، خطب معاوية فنطق: اللهم إذا كنت إنما عهدت ليزيد لما رأيت من فضله فبلغه ما أملت وأعنه وإن كنت إنما حملني حب الوالد لولده وإنه ليس لما صنعت به أهلا فاقبضه قبل حتى يبلغ ذلك فلما توفي معاوية بايعه أهل الشام ثم بعث إلى أهل المدينة من يأخذ له البيعة فأبى الحسين بن علي وابن الزبير حتى يبايعاه وخرجا من ليلتهما إلى مكة.

فأما ابن الزبير فلم يبايع ولا نادى إلى نفسه وأما الحسين فكان أهل الكوفة يخطون إليه يدعونه إلى الخروج إليهم زمن معاوية وهويأبى فلما بويع يزيد أقام على ما مهموماً يجمع الإقامة مرة ويريد المسير إليهم أخرى فأشار عليه ابن الزبير بالخروج وكان ابن عباس يقول له لا تعمل ونطق له ابن عمر لا تخرج فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم خيره الله بين الدنيا والآخرة فاختار الآخرة وإنك بضعة منه ولا تنالها يعني الدنيا واعتنقه وبكى وودعه فكان ابن عمر يقول: غلبنا حسين بالخروج ولعمري لقد رأى في أبيه وأخيه عبرة وحدثه في ذلك أيضاً جابر بن عبد الله وأبوسعيد وأبوواقد الليثي وغيرهم فلم يطع أحداً منهم وصمم على المسير إلى العراق فنطق له ابن عباس والله إني لأظنك ستقتل بين نسائك وبناتك كما اغتال عثمان فلم يقبل منه فبكى ابن عباس ونطق أقررت عين ابن الزبير ولما رأى ابن عباس عبد الله بن الزبير نطق له قد أتى ما أحببت هذا الحسين يخرج ويهجرك والحجاز ثم تمثل:

يا لك من قنبرة بمعمر ... خلا لك الجوفبيضي واصفري

ونقري ما شئت حتى تنقري

قتل الحسين بن علي

وبعث أهل العراق إلى الحسين بن علي الرسل والخط يدعونه إليهم فخرج من مكة إلى العراق في عشر ذي الحجة ومعه طائفة من آل بيته رجالا ونساء وصبياناً فخط يزيد إلى واليه بالعراق عبيد الله بن زياد بقتله فوجه إليه جيشاً أربعة آلاف عليهم عمر بن سعد بن أبي وقاص فخذله أهل الكوفة كما هوشأنهم مع أبيه من قبله فلما رهقه السلاح عرض عليهم الاستسلام والرجوع والمضي إلى يزيد فيضع يده في يده فأبوا إلا قتله فقتل وجيء برأسه في طست حتى وضع بين يدي ابن زياد لعن الله قاتله وابن زياد معه ويزيد أيضاً.

وقد اغتال الحسين ومعه ستة عشر رجلا من أهل بيته.

ولما اغتال الحسين مكثت الدنيا سبعة أيام والشمس على الحيطان كالملاحف المعصفرة والكواكب يضرب بعضها بعضاً وكان قتله يوم عاشوراء وكسفت الشمس ذلك اليوم واحمرت آفاق السماء ستة أشهر بعد قتله ثم لا زالت الحمرة ترى فيها بعد ذلك ولم تكن ترى فيها قبله.

وقيل: إنه لم يقلب حجر بيت المقدس يومئذ إلا عثر تحته دم عبيط وصار الورس الذي في عسكرهم رماداً ونحروا ناقة في عسكرهم فكانوا يرون في لحمها مثل النيران وطبخوها فصارت مثل العلقم وتحدث رجل في الحسين بحدثة فرماه الله بكوكبين من السماء فطمس بصره. ولما اغتال الحسين وبنوأبيه بعث ابن زياد برؤوسهم إلى يزيد فسر بقتلهم أولا ثم ندم لما مقته المسلمون على ذلك وأبغضه الناس وحق لهم حتى يبغضوه.

خلعه

وفي سنة ثلاث وستين بلغه حتى أهل المدينة خرجوا عليه وخلعوه فأوفد إليهم جيشاً كثيفاً وأمرهم بقتالهم ثم المسير إلى مكة لقتال ابن الزبير فاتىوا وكانت سقطة الحرة على باب طيبة وما أدراك ما سقطة الحرة ذكرها الحسن مرة فنطق والله ما كاد ينجومنهم أحد اغتال فيها خلق من الصحابة رضي الله عنهم ومن غيرهم ونهيت المدينة وافتض فيها ألف عذراء فإنا لله وإنا إليه راجعون نطق صلى الله عليه وسلم " من أخاف أهل المدينة أخافه الله وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين " رواه مسلم.

وكان سبب خلع أهل المدينة له حتى يزيد أسرف في المعاصي وأخرج الواقد من طرق حتى عبد الله بن حنظلة بن الغسيل نطق: والله ما خرجنا على يزيد حتى خفنا حتى ترمى بالحجارة من السماء إنه رجل ينكح أمهات الأولاد والبنات والأخوات ويشرب الخمر ويدع الصلاة.

نطق المضىي: ولما عمل يزيد بأهل المدينة ما عمل مع شربه الخمر وإتيانه المنكرات اشتد عليه الناس وحرج عليه غير واحد ولم يبارك الله في عمره وسار جيش الحرة إلى مكة لقتال ابن الزبير فمات أمير الجيش بالطريق فاستخلف عليهم أميراً وأتوا مكة فحاصروا ابن الزبير وقاتلوه ورموه بالمنجنيق وذلك في صفر سنة أربع وستين واحترقت من شرارة نيرانهم أستار الكعبة سقفها وقرنا الكبش الذي فدى الله به إسماعيل وكانا في السقف وأهلك الله يزيد في نصف شهر ربيع الأول من هذا العام فاتى الخبر بوفاته والقتال مستمر فنادى ابن الزبير: يا أهل الشام إذا طاغيتكم قد هلك فانفلوا وذلوا وتخطفهم الناس ونادى ابن الزبير إلى بيعة نفسه وتسمى بالخلافة وأما أهل الشام فبايعوا معاوية بن يزيد ولم تطل مدته.

من شعر يزيد

آب هذا الهم فاكتنعا ... وأمر النوم فامتنعا

راعياً للنجم أرقبه ... فإذا ما كوكب طلعا

حام حتى إنني لأرى ... أنه بالغور قد سقطا

ولها بالماطرون إذا ... أكل النمل الذي جمعا

نزهة حتى إذا بلغت ... نزلت من جلق بيعا

في قباب وسط دسكرة ... حولها الزيتون قد ينعا

موقف أهل السنة والجماعة من يزيد بن معاوية

وقد سئل حجة الإسلام أبوحامد الغزالي عمن يصرح بلعن يزيد بن معاوية ، هل يحكم بفسقه أم لا ،يا ترى؟ وهل كان راضياً بقتل الحسين بن علي أم لا ،يا ترى؟ وهل يسوغ الترحم عليه أم لا،يا ترى؟ فلينعم بالجواب مثاباً .

فأجاب : لا يجوز لعن المسلم أصلاً ، ومن لعن مسلماً فهوالملعون ، وقد نطق رسول الله صلى الله عليه وسلم: المسلم ليس بلعان ، - المسند (1/405) والسليمة (1/634) وسليم سنن الترمذي (2/189) - ، وكيف يجوز لعن المسلم ولا يجوز لعن البهائم وقد ورد النهي عن ذلك - لحديث عمران بن الحصين نطق : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره وامرأة من الأنصار على ناقة ، فضجرت فلعنتها ، فسمع ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فنطق : خذوا ما عليها ودعوها فإنها ملعونة ، نطق عمران : فكأني أراها الآن تمشي في الناس ما يعرض لها أحد. جمع الفوائد (3/353) - ، وحرمة المسلم أعظم من حرمة الكعبة بنص النبي صلى الله عليه وسلم - هوأثر موقوف على ابن عمر بلفظ : نظر عبد الله بن عمر رضي الله عنه يوماً إلى الكعبة فنطق : ما أعظمك وأعظم حرمتك ، والمؤمن أعظم حرمة منك ، وهوحديث حسن ، أنظر : غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام للشيخ الألباني (ص197) - ، وقد صح إسلام يزيد بن معاوية وما صح قتله الحسين ولا أمر به ولا رضيه ولا كان حاضراً حين قتل، ولا يصح ذلك منه ولا يجوز حتى يُظن ذلك به ، فإن إساءة الظن بالمسلم حرام وقد نطق الله تعالى{اجتنبوا كثيراً من الظن إذا بعض الظن إثم [ الحجرات /12] ، ومن زعم حتى يزيد أمر بقتل الحسين أورضي به ، فينبغي حتى يفهم حتى به غاية الحمق ، فإن من كان من الأكابر والوزراء ، والسلاطين في عصره لوأراد حتى يفهم حقيقة من الذي أمر بقتله ومن الذي رضي به ومن الذي كرهه لم يقدر على ذلك ، وإذا كان الذي قد قُتل في جواره وزمانه وهويشاهده ، فكيف لوكان في بلد بعيد ، وزمن قديم قد انقضى ، فكيف نفهم ذلك فيما انقضى عليه قريب من أربعمائة سنة في مكان بعيد ، وقد تطرق التعصب في الواقعة فكثرت فيها الأحاديث من الجوانب فهذا الأمر لا تُفهم حقيقته أصلاً ، وإذا لم يُعهد وجب إحسان الظن بكل مسلم يمكن إحسان الظن به . ومع هذا فلوثبت على مسلم أنه اغتال مسلماً فممضى أهل الحق أنه ليس بكافر ، والقتل ليس بكفر ، بل هومعصية ، وإذا توفي القاتل فربما توفي بعد التوبة والكافر لوتاب من كفره لم تجز لعنته فكيف بمؤمن تاب عن اغتال .. ولم يُعهد حتى قاتل الحسين توفي قبل التوبة وقد نطق الله تعالى {وهوالذي يقبل التوبة عن عباده ، ويعفوا عن السيئات ويفهم ما تعملون [ الشورى /25] فإذن لا يجوز لعن أحد ممن توفي من المسلمين بعينه لم يروه النص ، ومن لعنه كان فاسقاً عاصياً لله تعالى . ولوجاز لعنه فسكت لم يكن عاصياً بالإجماع ، بل لولم يلعن إبليس طول عمره مع جواز اللعن عليه لا يُنطق له يوم القيامة : لِمَ لَمْ تلعن إبليس ،يا ترى؟ وينطق للاعن : لم لعنت ومِنْ أين عهدت أنه مطرود ملعون ، والملعون هوالمبعد من الله تعالى وذلك علوم الغيب ، وأما الترحم عليه فجائز ، بل مستحب ، بل هوداخل في قولنا : اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات ، فإنه كان مؤمناً والله أفهم بالصواب . قيد الشريد من أخبار يزيد (ص57-59) .

وقد سئل ابن الصلاح عن يزيد فنطق : لم يصح عندنا أنه أمر بقتل الحسين رضي الله عنه والمحفوظ حتى الآمر بقتاله المفضي إلى قتله إنما هوعبيد الله بن زياد والي العراق إذ ذاك ، وأما سب يزيد ولعنه فليس ذلك من شأن المؤمنين ، وإذا ‏صح أنه قتله أوأمر بقتله ، وقد ورد في الحديث المحفوظ : إذا لعن المؤمن كقتاله - البخاري مع الفتح (10/479) -، وقاتل الحسين لا يكفر بذلك ، وإنما ارتكب إثماً ، وإنما يكفر بالقتل قاتل نبي من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام .

والناس في يزيد على ثلاث فرق ، فرقة تحبه وتتولاه ، وفرقة تسبه وتلعنه وفرقة متوسطة في ذلك ، لا تتولاه ولا تلعنه وتسلك به سبيل سائر ملوك الإسلام وخلفائهم غير الراشدين في ذلك وشبهه ، وهذه هي المصيبة – أي التي أصابت الحق - ممضىها هواللائق لمن يعهد سِيَر الماضين ويفهم قواعد الشريعة الظاهرة . قيد الشريد (ص59-60) .

وسُئل شيخ الإسلام عن يزيد أيضاً فنطق : افترق الناس في يزيد بن معاوية بن أبي سفيان ثلاث فرق طرفان ووسط ، فأحد الطرفين نطقوا : إنه كان كافراً منافقاً ، وإنه سعى في اغتال سِبط رسول الله تشفياً من رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتقاماً منه وأخذاً بثأر جده عتبة وأخي جده شيبة وخاله الوليد بن عتبة وغيرهم ممن قتلهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بيد علي بن أبي طالب وغيره يوم بدر وغيرها ، ونطقوا تلك أحقاد بدرية وآثار جاهلية . وهذا القول سهل على الرافضة الذين يكفرون أبا بكر وعمر وعثمان ، فتكفير يزيد أسهل بكثير . والطرف الثاني يظنون أنه كان رجلاً صاحاً وإماماً عدل وإنه كان من الصحابة الذين ولدوا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وحمله بيده وبرّك عليه ومن الممكن فضله بعضهم على أبي بكر وعمر، ومن الممكن جعله بعضهم نبياً .. وهذا قول غالية العدوية والأكراد ونحوهم من الضُلاّل . والقول الثالث : أنه كان ملكاً من ملوك المسلمين له حسنات وسيئات ولم يولد إلا في خلافة عثمان ولم يكن كافراً ولكن جرى بسببه ما جرى من مصرع الحسين وفُعل ما عمل بأهل الحرة ، ولم يكن صحابياً ولا من أولياء الله الصالحين وهذا قول عامة أهل العقل والفهم والسنة والجماعة . ثم افترقوا ثلاث فرق ، فرقة لعنته وفرقة أحبته وفرقة لا تسبه ولا تحبه وهذا هوالمنصوص عن الأمام أحمد وعليه المقتصدون من أصحابه وغيرهم من جميع المسلمين . سؤال في يزيد (ص26).

وفاته

توفي يزيد الأول في عمر الثامنة والثلاثين. وحكم لثلاثة سنوات. وخلفه ابنه معاوية الثاني..

انظر أيضا

• معركة كربلاء
• أمويون
• الإمبراطوريات الإسلامية
• نظرة السنة إلى يزيد بن معاوية

المصادر

تحوي هذه الموضوعة معلومات مترجمة من الطبعة الحادية عشرة لدائرة المعارف البريطانية لسنة 1911 وهي الآن من ضمن الملكية العامة.

وصلات خارجية

• مسقط إسلام أون لاين
• [1]