ماري، ملكة الاسكوت

عودة للموسوعة

ماري، ملكة الاسكوت

ماري ستوارت
Mary Stuart
پورتريه للملكة ماري، رسم فرانسوا كلوت، ح. 1559
ملكة الاسكوت
الحكم 14 ديسمبر 1542 – 24 يوليو1567
التتويج 9 سبتمبر 1543
سبقه جيمس الخامس
تبعه جيمس السادس
الوصي على العرش
  • جيمس هاميلتون، إيرل ثاني لأرلات (1542–1554)
  • ماري من گيوس (1554–1560)
قرينة ملك فرنسا
المنصب 10 يوليو1559 –خمسة ديسمبر 1560
الزوج
  • فرانسيس الثاني
    1558 - ديسمبر 1560
  • هنري ستوارت، لورد دارنلي
    1565 - 1567
  • Jجيمس هپرن، إيرل رابع بوثول
    1567 - 1578
الأنجال جيمس السادس من اسكتلندا والأول من إنگلترة
البيت الملكي بيت ستوارت
الأب جيمس الخامس من اسكلتندا
الأم ماري من گيوس
وُلِد
قصر لينليثگو، لينليثگو
توفي 8 فبراير 1587
قلعة فوثرينگ‌هاي، شمال هامپتون‌شاير
الدفن كاتدرائية پيتربروف، كنيسة وستمنستر
الديانة كاثوليكية
التوقيع

ماري من اسكتلندا أوماري ستيوارت Mary Stuart، (و.ثمانية ديسمبر 1542 - ت.ثمانية فبراير 1587)، هي ملكة اسكتلندا من 1542 حتى 1567، والدها هوالملك جيمس الخامس (من اسكتلندا)، قامت أمها بتدبير زقابلا من "فرانسوا الثاني" (كانا طفلين بعد)، وأوفدتها لتعيش في البلاط الفرنسي. تملكت فرنسا لمدة سبعة ايام فقط، فقد توفى زوجها بعد مدة قصيرة من تتويجه عام 1560.

عادت إلى اسكتلندا لتُدِير شؤون البلاد، فوجدت مشاكل جديدة في انتظارها. كانت الأفكار الجديد التي حملتها موجة الإصلاحات البروتستانتية قد بدأت في التغلغل في أوسط النبلاء، كما حتى ملكة إنكلترا، إليزابيث الأولى راحت بالتعاون مع أشخاص من داخل البلاط، تعمل في السر لإسقاطها. بدأت شعبيتها تتهاوي عندما تزوجت من عشيقها بوثويل (Bothwell)، والذي تورط في مقتل زوجها السابق (لورد دارنلي)، كما أنها أصبحت تحكم بطريقة استبدادية، زيادة إلى عدم تسامحها مع الأفكار الدينية الأخرى وتطرفها لحساب ممضىها الكاثوليكي. وجدت نفسها وقلة من أنصارها في عزلة، فتم إجبارها على اعتزال الحكم (1567 م). لجأت عند عَدُوتِها السابقة، إليزابيث الأولى، فقامت بحبسها، استغلت بعض الأطراف الكاثوليكية فرصة تواجدها في انكلترا، فتم إقناعها لأن تشهجر في مؤامرات ومخططات لإسقاط النظام، إلا أنها كُشِفت ثم أُعدَمت أخيرا -بتر رأسها- سنة 1587.

ماري ستيوارت

حياتها

ولدت ماري ووالدها قلعة فوثرينگ‌هاي، شمال هامپتون‌شاير.

وسط المسرحية المتشابكة، مسرحية الإصلاح الديني في إسكتلندة مع السياسة في عصر إليزابث، جرت مأساة ماري ستيوارت، بكل ما فيها من سحر الجمال والحب المشبوب والصراع الديني والسياسي، والقتل والثورة والموت البطولي، وكاد أسلافها، حتى يؤكدوا لها خاتمة عنيفة. وكانت ابنة ستيوارت الخامس ملك إسكتلندة وماري أميرة جيز واللورين وفرنسا. وحفيدة مرجريت تيودور ابنة هنري السابع ملك إنجلترا، ومن ثم كانت بنت أخت ومن باب التساهل- بنت عمة، "ماري اللعينة" وإليزابث، وكانت بإجماع الآراء الوريثة الشرعية للتاج الإنجليزي، إذا توفيت إليزابث دون عقب، وفي رأي هؤلاء الذين اعتبروا إليزابث ابنة زنى، ومن ثم غير مؤهلة للملك- مثل الكاثوليك (وهنري الثامن في وقت ما)، أنه كان لا بد حتى ترتقي عرش إنجلترا 1558، ماري ستيوارت لا إليزابث. ولتصبح المأساة يقيناً، أباحت ماري، عندما أصبحت ملكة فرنسا (1559)- نقول أباحت لأتباعها ولوثوق الدولة حتى يلقبوها ملكة إنجلترا. فثمة انادىء فارغ ساد منذ أمد طويل بأنقد يكون ملوك فرنسا ملوكاً على إنجلترا أيضاً، كماقد يكون ملوك إنجلترا بدورهم ملوكاً على فرنسا، ولكن الانادىء في هذه الحالة قارب حقاً معترفاً به بصفة عامة. وما كان لإليزابث حتى تطمئن على تاجها طالما بقيت ماري على قيد الحياة. وما كان ينقذ إلا النيات الطيبة أوالنظرة الصائبة للأمور، ولكن الملوك قل حتى يطأطئوا رءوسهم إلى هذا الحد.


معاهدة گرينتش

عملة معدنية من عام 1553: الوجه، درع اسكتلندا، الخلف، المونوگرام الملكي.

وعرضت المملك على ماري، في مدة سنة من ولادتها. فقد جعلها موت أبيها في بحر أسبوع من مولدها، ملكة إسكتلندة، واقترح هنري الثامن، أملاً منه في ضم إسكتلندة كمقاطعة ملحقة بإنجلترا-اقترح حتى تخطب الطفلة إلى ابنه إدوارد وترسل إلى إنجلترا، وتتربى فيها، مع افتراض حتى تكون بروتستانتية، لتكون ملكة مع ابنه إدوارد. ولكن بدلاً من هذا، قبلت أمها الكاثوليكية عرض هنري الثاني ملك فرنسا (1548) حتى تزوجها لأكبر أبنائه (الدوفين). وحماية لماري من اختطافها إلى إنجلترا. أسرعوا بها وهي في سن السادسة إلى فرنسا، حيث بقيت هناك ثلاثة عشر عاماً، وتلقت الفهم مع أولاد الأسرة المالكة، وتأصلت فيها الروح الفرنسية تماماً، حيث كانت نصف فرنسا بحكم الدم. ولما نضجت واكتمل شبابها، تجلت جميع مفاتن الأنوثة في جمال القسمات والقوام، وحدة الذهن، والكياسة المرحة في السلوك والحديث، وغنت غناء عذباً، وعزفت على العود عزفاً جيداً، وتحدثت باللاتينية، وخطت شعراً تكلف الشعراء إطاره، وخفقت قلوب الحاشية "لرؤية وجهها النقي الناصع البياض كالثلج" (برانتوم(1)) "وشعرها المقصوص المضفر" (رونسار (2))، ورشاقة يديها النحيلتين، وصدرها الممتلئ. وحتى حتى لوبيتال الوقور الرزين مضى إلى حتى مثل هذا الجمال لا يمكن إلا حتىقد يكون لأحد الآلهة.(3) وأصبحت أكثر الشخصيات جاذبية وأعظمها كياسة في أكثر بلاط أوربا تهذيباً وصقلاً. ولما بلغت السادسة عشرة تزوجت ولي عهد فرنسا (الدوفين) في 24 أبريل 1558. وما حتى بلغت السابع عشرة، حتى أصبحت، بارتقائه العرش، ملكة على فرنسا. ويبدوحتى جميع آمال حلم خيالي قد أصبحت حقيقة.

الحياة في فرنسا

ماري في الثالثة عشر من عمرها تقريباً.

ولكن فيخمسة ديسمبر 1560 توفي فرانسوا الثاني (زوجها) بعد حكم دام سنتين. وفكرت ماري التي باتت أرملة وهي في سن الثامنة عشرة، في حتى تأوي إلى ضيعة في تورين، لأنها أحبت فرنسا. ولكن إسكتلندة في تلك الأثناء تحولت إلى البروتستانتية، وكانت على شفا ضياعها من فرنسا بوصفها حليفة. ورأت الحكومة الفرنسية حتى من واجب ماري حتى تمضى إلى أدنبرة، وتقود وطنها الأصلي إلى التحالف مع فرنسا، وإلى العقيدة الكاثوليكية من جديد. وارتضت ماري كارهة حتى تهجر مباهج المدنية الفرنسية ورفاهيتها، لتعيش في إسكتلندة التي تصورتها أرض الهمجية والبرودة. وخطت إلى زعماء الأشراف مؤكدة إخلاصها لإسكتلندة، ولكنها لم تذكر لهم أنها في عقد زقابلا، غيرت ملك إسكتلندة إلى ملوك فرنسا إذا توفيت دون عقب. وافتتن بها النبلاء، البروتستانت منهم والكاثوليك على حد سواء، ونادىها برلمان إسكتلندة لتتبوأ عرشها. وطلبت إلى إليزابث امتياز المرور بأمان عبر إنجلترا، فرفض طلبها، فأبحرت ماري من كاليه في 14 أغسطس 1561، مودعة فرنسا بالدموع، محدقة في الشاطئ الذي يتراجع من خلفها، حتى لم يبق أمامها شيء إلا البحر.

وبعد خمسة أيام ألقت السفينة مراسيها في ليث ثغر أدنبرة واكتشفت ماري اسكتلندة.


إسكتلندة 1560-1561

Mary's all-white mourning garb earned her the sobriquet La Reine Blanche ("the White Queen").

كانت أمة ذات أصول عريقة وأساليب عتيقة، قيدتها الأراضي الجبلية الوعرة في الشمال بنظام إقطاعي، يتحكم فيه أمراء مستقلون تقريباً، يحيون حياة نصف بدائية قوامها الصيد والرعي، واستئجار الأرض القابلة للزراعة. أما الجنوب فقد تميز بأرض منبسطة خصبة بفضل ماء المطر، ولكنها مظلمة معتمة بسبب شتائها الطويل والبرد القارس الذي يشل الحركة. فهنا شعب يكافح ليخلق نظاماً أخلاقياً وحضارياً، من حمأة الأمية واختلاط الأنساب والفساد والتمرد على القانون والعنف، شعب أعمته الخرافات، وإرسال السحرة إلى الإعدام حرقاً، يفتش في عقيدة دينية متشددة عن حياة أقل قساوة ومشقة. ورغبة في موازنة قوة البارونات التي مزقت أوصال البلاد، كان الملوك ساندوا وشجعوا رجال الدين الكاثوليك وأغدقوا عليهم الثروات، مما جرهم إلى الفساد وقبول الرشوة وعدم المبالاة ومعاشرة الخليلات. وتحرق النبلاء لهفاً على ثروة الكنيسة، فانتقصوا من قدر رجال الدين، بملء الوظائف الكنسية بأبنائهم الخبراء بشئون الدنيا، ونادوا بالإصلاح الديني، وجعلوا البرلمان الاسكتلندي الذي تحكموا فيه سيداً للكنيسة والدولة على حد سواء.

وكان الخطر الخارجي أقوى حافز على الوحدة الداخلية. ولم تحس إنجلترا بالطمأنينة في جزيرة يشاركهم فيها الإسكتلنديون الذين لم يروضوا بعد. وسعت من حين لآخر، بالطرق الدبلوماسية أوالزواج أوالحرب، إلى إخضاع إسكتلندة للحكم البريطاني. وأشار سيسل على إليزابث بمساندة النبلاء البروتستانت ضد مليكتهم الكاثوليكية، ومن ثم تصبح إسكتلندة ممزقة، ولا تعود تشكل خطراً على إنجلترا أونادىمة لفرنسا. وفوق ذلك يمكن لزعماء البروتستانت، إذا حالفهم التوفيق، حتى يخلعوا ماري، ويتوجوا نبيلاً بروتستانتياً، ويحولوا إسكتلندة كلها إلى البروتستانتية. وراود سيسل بصفة خاصة حلم توحيد إسكتلندة على هذه الصورة مع إنجلترا بإغراء إليزابث بالزواج من مثل هذا الملك. فلما أوفدت فرنسا إلى إسكتلندة قوة لإخماد البروتستانت سارعت إليزابث بإرسال جيش لحمايتها وطرد الفرنسيين. ولما حاقت الهزيمة بفرنسا في ميدان القتال، سقط ممثلوها في إسكتلندة في إدنبره (6 يولية 1560) معاهدة مشئومة لا تنص على خروج الفرنسيين من إسكتلندة فحسب، بل على عدم مطالبة ماري بأي حق في عرش إنجلترا، كذلك، ورفضت ماري، بناء على مشورة زوجها فرانسوا الثاني، التصديق على المعاهدة. وفهمت إليزابث بذلك.

Mary's royal arms 1565, from the Tolbooth in Leith (now in South Leith Parish Church)

وكان الوضع الديني مضطرباً، بنفس القدر. ذلك حتى "برلمان الإصلاح الديني" الإسكتلندي الذي التأم 1550، ألغى الكاثوليكية رسمياً، وقرر حتى تكون البروتستانتية الكلفنية دين الدولة، ولكن ماري لم تصدق على هذه القرارات البرلمانية حتى تصبح القوانين نافذة المفعول في البلاد،يا ترى؟ وظل القساوسة الكاثوليك يشغلون معظم الوظائف الكنسية ذوات الدخول في إسكتلندة. وكان نصف النبلاء" بابويين، وظل جون هاملتون الذي يجير في عروقه الدم الملكي، يمضى إلى البرلمان بوصفه زعيم الكاثوليك في إسكتلندة. ومهما يكن من أمر فإن نسبة كبيرة من الطبقة المتوسطة في أدنبرة وسانت أندروز وبرث وسترلنج وأبردين، انحازت إلى الكلفنية، بفضل الوعاظ المخلصين المتحمسين، بزعامة جون نوكس.

وفي العام الذي تجاوز مجيء ماري أخرج نوكس ومعاونيه كتاباً في قواعد السلوك والانضباط "Discipline" يحدد ممضىهم وأغراضهم، فالديانة لا تعني إلا البروتستانتية، و"الربانييون والأتقياء" لا يقصد بهم إلا الكلفنيون وحدهم، أما "الوثنية" فإنها تضم "القداس، والتضرع إلى القديسين وعبادة الصور... والاحتفاظ بها"، أما "المتمسكون بهذه الأمور البغيضة والداعون إليها، فلا ينبغي حتى يفلتوا من عقاب القضاة والحكام المدنيين. "وكل ممضى أونظرية" تتنافى "مع الإنجيل، يجب" القضاء عليها قضاءاً تماماً، على أنها لعينة تحول دون خلاص الإنسان". أما القساوسة فينبغي حتى ينتخبوا في مجامع، وعليهم حتى ينشئوا المدارس ويفتحوها لمل أبناء الرب، مع خضوعها لرقابة الجامعات الإسكتلندية-سانت أندروز، جلاسجو، أبردين. ويجب حتى تخصص أموال الكنيسة الكاثوليكية والعشور الكنسية المستمرة لحاجيات القساوسة البروتستانت وتعليم الشعب ومعونة الفقراء. وعلى "الكنيسة الإسكتلندية الوطنية"، الجديدة- لا السلطة المدنية-أن تصدر تشريعات الأخلاق، وتفرض العقوبات على مخالفاتها- السكر والجشع والتجديف والإسراف في الثياب، ظلم الفقراء والفحش والفسق والزنى، وكل من يعارض الممضى الجديد، أويتغيب عمداً عن طقوسه؛ يحال إلى السلطة المدنية، مع توصية من الكنيسة الإسكتلندية الوطنية بإعدامه.

على حتى اللوردات الذين سيطروا على البرلمان أبوا حتى يقروا "قواعد السلوك والانضباط" (يناير 1561). ولم يستسيغوا قيام كنيسة وطنية قوية مستقلة. وكانت لهم خططهم الخاصة في استخدام أوال الكنيسة المنحلة. وظل "كتاب قواعد السلوك" هدفاً ونبراساً يهتدي به في تطوير الكنيسة الإسكتلندية الوطنية وتنميتها.

ولما أخفق نوكس في إقامة حكومة لاهوتية يتولاها قساوسة يدعون حتى لهم حق الكلام نيابة عن الرب، بذل جهداً جباراً في إصرار بالغ، في تنظيم الكهنوت الجديد، وإيجاد الاعتمادات اللازمة لتدعيمهم، وإنتشارهم في جميع أراتى إسكتلندة، للقاءة رجال الدين الكاثوليك الذين ظلوا يؤدون وظائفهم، وخلقت قوة العقيدة في مواعظه التي كان يلقيها وحماسة طائفته- نقول خلقت منه قوة في أدنبره وفي الحكومة. وكان لزاماً على الملكة الكاثوليكية، ماري، حتى تصفي حسابها معه، حتى تستطيع تثبيت نادىئم ملكها.


ماري ونوكس 1561-1565

زقابلا من لورد دارنلي

ماري وزوجها الثاني، لورد دارنلي.

اتخذت ماري الترتيبات لتصل إلى إسكتلندة، قبل الموعد المضروب بأسبوعين، حيث خشيت بعض المقاومة في دخولها إلى البلاد، ولكن ما حتى انتشر في العاصمة خبر وصولها إلى ليث حتى اكتظت الشوارع بالأهالي، الذين عرتهم الدهشة ليروا ملكتهم غادة جميلة مرحة مفعمة بالحيوية، لم تبلغ بعد التسعة عشر ربيعاً. وحياها معظمهم وهتفوا لها وهي على ظهر جوادها الصغير إلى قصر هوليرود، وهناك رحب بها اللوردات، بروتستانت وكاثوليك، فخورين بأنقد يكون لإسكتلندة ملكة فاتنة إلى هذا الحد، يمكن يوماً ما، بشخصها أوبشخص ابن لها، حتى تخضع إنجلترا لحكم ملك إسكتلندي.

وإن صورتيها اللتين وصلتا إلينا لتؤكدان اشتهارها بأنها من أجمل نساء عصرها. ولسنا ندري إلى أي حد استطاع الرسامان اللذان نجهل الآن اسميهما، حتى يمثلاها، ولكنا نلحظ في اللوحتين كلتيهما، القسمات الوسيمة واليدين الناعمتين والشعر الكستنائي الغزير الذي سلب ألباب البارونات وكتاب السير. ومع ذلك فإن هاتين الصورتين لا تكادان تكشفان لنا عن الجاذبية الحقيقية للملكة الصغيرة-روحها المرحة، وثغرها الباسم، وحديثها العذب البارع، وحماسها المتدفق، وروح الألفة والحنان والمودة فيها، وتلهفها على الحب. وإعجابها المتهور بالأقوياء من الرجال، وكانت طامتها الكبرى أنها أرادت حتى تكون امرأة وملكة معاً-أي حتى تحس بدفء العاطفة، دون حتى تنقص من امتيازات الملك. لقد فكرت في ذاتها بلغة قصص الفروسية-حسناوات مزهوات ولكنهن وديعات رقيقات، عفيفات شهوانيات في وقت معاً، وأهل للهفة المتقدة والألم الحسي، والإشفاق الرقيق، والولاء الذي لا تفسده الرشوة، والشجاعة التي تظهر عند الشدة. كانت بارعة في ركوب الخيل، تقفز بجوادها فوق الأسوار، وتتخطى الخنادق في اندفاع وتهور، وتستطيع احتمال مشاق الحملات دون كلل ولا شكوى. ولكنها لم تكن من الناحية الجسمية أوالعقلية صالحة لأن تكون ملكة، فقد منيت بالاعتلال والضعف في جميع شيء اللهم إلا قوة الأعصاب، وكانت عرضة لنوبات من الإغماء تبدووكأنها صرع، مصابة بعلة لم يتيسر تشخيصها، غالباً ما شلت حركتها وجعلتها تتلوى من الألم. ولم يكن لها ذكاء الرجال تميزت به إليزابث، وكانت في الغالب بارعة حاذقة. ولكن قل حتى اتسمت بالحكمة، وكثيراً ما أطلقت العنان للهوى والعاطفة فأفسدتا الدبلوماسية، وأظهرت في بعض الأحيان قدراً كثيراً من ضبط النفس والجلد واللباقة، ثم عادت فأودت بهذا كله، نتيجة الانفعال السريع واللسان السليط. لقد كان جمالها نقمة عليها، ولم توهب المقدرة العقلية، وكان في أخلاقها قضاء عليها.

جيمس هپرن، إيرل رابع بوثول

وبذلت ماري جهداً مضنياً لتقابل الأخطار المتشعبة في موقفها، متأرجحة بين اللوردات الجشعين، والوعاظ المعادين، والأكليروس الكاثوليكي المتفسخ الذي لم يرع حرمة عقيدتها التي تدعوإلى الثقة فيهم. واختارت لزعامة مجلس شورى الملكة اثنين من البروتستانت: أخاها غير الشقيق، الابن غير الشرعي، لورد جيمس ستيوارت (لورد موري فيما بعد). وكان في سن السادسة والعشرين، ووليم ميتلند لثنجتون، وكان في سن السادسة والثلاثين، وكان فيه من الذكاء أكثر مما يحتمله خلقه، وقد نحول من جانب إلى جانب. مؤثراً تسوية الأمور والحلول الوسط بين الأطراف المتنازعة، حتى وفاته. وكان هدف سياسة لثنجتون رائعاً ممتازاً-وهوتوحيد إنجلترا وإسكتلندة لأنه البديل الوحيد للعداء الذي يودي بالبلدين كليهما، وفي مايو1562 أوفدته ماري إلى إنجلترا ليرتب لقاء بينها وبين إليزابث، ووافقت إليزابث، ولكن مجلس الشورى اعترض، خشية حتى أي تسليم مهما كان غير مباشر بحق ماري في عرش إنجلترا، قد يشجع الكاثوليك على محاولة اغتال إليزابث. وتبادلت الملكتان الرسائل في مودة دبلوماسية، على حين كانت جميع منهما تحاور وتداور وتتحين الفرصة للانقضاض على زميلتها، أوكانتا تلعبان معاً لعبة القط والفأر.

وفي الأعوام الثلاثة الأولى حالف التوفيق حكم ماري في جميع ناحية، فيما عدا الدين. وعلى الرغم من أنها لم تستطع قط حتى تطيب نفساً بمناخ إسكتلندة أوثقافتها، فإنها سعت، بحفلات الرقص والتمثيليات الممتعة والجمال، حتى تجعل من قصر هوليرود "باريس" صغيرة في منطقة مجاورة للمنطقة المتجمدة الشمالية. وتحرر معظم اللوردات وأطلقوا لأنفسهم العنان في ظل مرحها وبهجتها. وتذمر نوكس وزمجر بأنهم سحروا. وفوضت الملكة موري ولثنجتون في تدبير شئون المملكة، فقاما بالمهمة خير قيام. وبدا، لبعض الوقت، أنه حتى المشكلة الدينية قد وجدت حلاً بفضل تنازلات الملكة. ولما حثها مندوبوالبابا على إعادة الكاثوليكية ديناً رسمياً للبلاد، أجابت بأن هذا محال في الوقت الراهن، وإلا تدخلت إليزابث بالقوة. ورغبة في تهدئة خواطر البروتستانت الإسكتلنديين، أصدرت ماري في 26 أغسطس 1561 بياناً يحرم فيه على الكاثوليك محاولة إحداث أية تغييرات في الديانة القائمة، ولكنها طلبت حتى يرخص لها هي نفسها في ممارسة الشعائر سراً، وأن يقام القداس في الكنيسة الملكية الخاصة. يوم الأحد 24 أغسطس أقيم القداس هناك. وتجمع نفر قليل من البروتستانت خارجها وطالبوا "بإعدام القسيس الذي يعبد الأصنام"، ولكن موري حال دون دخولهم الكنيسة، على حين اقتاد معاونوه القسيس إلى مكان آمن.. وفي يوم الأحد التالي استنكر نوكس سماح اللوردات بالقداس، وأعرب إلى جماعة المصلين في كنيسته حتى قداساً واحداً كان أكثر إساءة إليه من عشرة آلاف عدومسلحين.

وأوفدت الملكة في طلبه؛ تستعطفه وتناشده التسامح. وفي قصرها، في أربعة سبتمبر، التقت العقيدتان لقاء تاريخياً، لم تصل إلينا تفاصيل ما جرى فيه إلا من تقرير نوكس نفسه. وانتهرته ماري إثارته الفتنة ضد سلطة أمها الشرعية، ولكتابته "هجومه العنيف" ضد "جماعات النسوة الخاطئات"، الذي أساء إلى جميع السيدات اللائى تولين الملك. فأجاب "بأنه إذا كان استنكار الوثنية معناه إثارة الرعايا ضد حكامهم، فهلا يمكن التماس العذر فيه والصفح عنه، فإن الله قد ارتضى... حتى أكون واحداً (من بين الكثيرين) ممن أوصدوا أبواب هذه المملكة ضد باطل العقائد البابوية وضد خداع هذا الروماني عدوالمسيح، البابا، وغروره وظلمه. أما الهجوم العنيف. فإنه يا سيدتي قد خط بصفة أخص ضد المرأة الفاسقة في إنجلترا ماري تيودور. ويستطرد تقرير نوكس:

نطقت الملكة: هل تظن حتى الرعايا قد يقومون في وجه حكامهم،يا ترى؟

فأجاب نوكس: إذا تجاوز الحكام حدودهم، فلا ريب في أنهم يلقون المقاومة، حتى ولوبالقوة.

ونهضت الملكة من مقعدها، وقد تولتها الدهشة.. ثم نطقت في النهاية:

حسناً، إذن، أرى حتى رعاياي يفترض أن يمتثلون لك وليس لي.

فنطق نوكس: إذا الله يحرم على حتى آخذ على عاتقي حتى آمر أحداً بطاعتي، أوحتى أهجر الناس أحراراً يعملون ما يشاءون. ولكن رسالتي حتى يلتزم الأمراء والرعايا جميعهم بطاعة الله. وهذا الخضوع لله وللكنيسة المجيدة-يا سيدتي-هوأسمى منزلة يمكن حتى يحظى بها الإنسان على هذه الأرض.

فنطقت: ولكنكم لستم الكنيسة التي يفترض أن أرعاها وآخذ بيدها، يفترض أن أدافع عن كنيسة رومة، لأني أعتقد أنها كنيسة الله الحقة.

فنطق نوكس: لن تكل مشيئتك سبباً يا سيدتي، ولن يجعل مجرد تفكيرك أنت من هذه الفاجرة الداعرة الرومانية القرينة الحقة الطاهرة التي تحمل بلا دنس، ليسوع المسيح... ولا تعجبي يا سيدتي لأني أطلق على روما، المومس الفاجرة، لأن هذه الكنيسة ملوثة تلوثاً تاماً بكل ألوان الفجور الروحي. فنطقت: لا يحدثني قلبي بهذا.

ولوكان هذا الحديث منقولاً نقلاً أميناً لكان لقاءة محزنة بين الملكية والديمقراطية اللاهوتية، وبين الكاثوليكية والكلفنية. ولوكان لنا حتى نصدق نوكس، فإن الملكة تلقت توبيخات دون حتى تقابل الأذى بمثله، ولم تزد على حتى نطقت:

"لقد جاوزت الحد في إيلامي" وانصرفت إلى العشاء، ومضى نوكس إلى كنيسته. وناشد لثنجتون نوكس حتى يعامل الملكة برفق أكثر، لأنها أميرة يافعة لم تخضع لأي تحريض أوإغراء.

ولم يشعر أتباعه بأنه كان قاسياً عليها. ولما ظهرت في المحافل العامة نطق بعضهم بأنها وثنية، وصاح فيها الأطفال بأن الاستماع إلى القداس خطيئة. وأصدر حكام إدنبرة قراراً بنفي الأشخاص الأقذار (كذا) "الرهبان، أعضاء الأخوات الدينية، القساوسة الراهبات، الزناة". فعزلت ماري هؤلاء الحكام وأمرت بإجراء انتخابات جديدة. وفي سترلنج طرد القساوسة الذين أرادوا حتى يقيموا لها القداس والدم ينزف من رءوسهم، "على حين انفجرت هي باكية، حيرة وعجزاً". واجتمعت الجمعية العامة للكنيسة الوطنية الاسكتلندية وطالبت بمنعها من حضور أي قداس في أي مكان، ولكن لوردات مجلس الشورى أبوا حتى يستجيبوا لهذا. وفي ديسمبر 1561 قام خلاف حاد بين المجلس والكنيسة حول توزيع إيرادات الكنيسة. فخص للقساوسة البروتستانت السدس، وللملكة سدس آخر، واختص رجال الدين الكاثوليك (ولا يزالون يشكلون الغالبية) بثلثي الإيراد. فأوجز نوكس هذه القسمة في قوله: منح للشيطان ثلثان، وقسم الثلث الأخير بين الشيطان والرب. وقبض الكهنة البروتستانت في المتوسط مائة مارك (3.333 شلنات؟) سنوياً.

واستمر رجال الكنيسة الوطنية، طوال العام التالي، ينددون بالملكة، وقد روعتهم التمثيليات والعربدة والصخب وحفلات الرقص والمغازلات التي تجري في بلاط ماري، واقتصدت الملكة في ملاهيها ومباذلها استجابة للاحتجاجات، ولكن القساوسة أحسوا بأن عليها لأن تعمل شيئاً أكثر من هذا، لأنها ما زالت تشهد القداس. وخط أحد المعاصرين: "أن جون نوكس يرغي ويزيد ويدوي كالرعد من فوق المنبر، إلى حد أني لا أخشى شيئاً أكثر من أنه يوماً ما سيفسد علينا جميع شيء، إنه يسود ويتحكم". وهنا أيضاً اشتبك الإصلاح الديني مع النهضة.

وفي 55 ديسمبر 1562 استدعت ماري نوكس، واتهمته، في حضرة موري ولثنجتون وغيرهما، ببذر بذور الكراهية لها في نفوس أتباعه. ويقول هوبأنه رد عليها: "إن الأمراء والحكام درجوا على اللعب واللهووتضييع الوقت سدى أكثر منهم في قراءة أعظم حدثات الله والاستماع إليها، وأن العابثين واللاهين أعظم قيمة في أعينهم من الحكماء والجادين والوقورين، الذين قد يستطيعون بشيء من النصح الكريم حتى يستأصلوا بعض الغرور والزهوالكامن في نفوس الناس جميعاً، ولكنها صفات تتأصل وتقوى في نفوس الأمراء والملوك بعمل التعليم السيئ" فما كان جواب الملكة-على حد قول نوكس نفسه، إلا حتى نطقت (في حلم غير معهود فيه): "إذا سمعت عني ما يغضبك تعال وأبلغني إياه ولسوف أصغي إليك." فرد عليها: "أنا يا سيدتي، مكلف برسالة عامة في كنيسة الرب، وعينت من قبله لأحاسب على خطايا ورذائل الناس جميعاً. ولست مكلفاً بأن آتي لكل فرد على حدة لأظهره على إثمه، فهذا عمل لا ينتهي. وإذا تفضلت جلالتك بحضور المواعظ العامة، فلا يخامرني أي شك في أنك ستعهدين تماماً ما أريد وما أبغض".

وهجرته ينصرف في سلام، ولكن استمر الصراع بين العقائد. وفي عيد الفصح 1563 قبض الموظفون المحليون على عدة قساوسة كاثوليك، كانونا قد خالفوا القانون بإقامة القداس، وهددوهم بالموت لوثنيتهم. وسجن بعضهم، وهرب آخرون واختفوا في الغابات فأوفدت ماري في طلب نوكس مرة أخرى، وتوسطت للإفراج عن القساوسة المسجونين، فأجابها بأنها إذا طبقت القانون، فأنه يكفل لها انصياع البروتستانت وطاعتهم، وإلا فأنه يعتقد حتى هؤلاء البابويين كانوا جديرين بتلقينهم درساً. "فنطقت: إني أعد بتحقيق رغبتك". ودامت صداقتها لبعض الوقت. وبأمر منها حوكم أسقف سانت أندروز وسبعة وأربعون قسيساً آخرون لإقامتهم القداس. وحكم عليهم بالسجن. وابتهج الكهنة البروتستانت بهذا. ولكن بعد أسبوع، (26 مايو1563) عندما شهدت ماري ووصيفاتها البرلمان في أبهى حلة، وهتف بعض الناس "بارك الله ذاك الوجه الجميل" ندد هؤلاء الكهنة البروتستانت بتبرجهن وأذيال ثيابهن وما تدلى منها من حواش. وخط نوكس: لم تشهد إسكتلندة مثيلاً لهذه الأبهة البغيضة في السيدات من قبل.

وترامى إلى سمع نوكس بعد ذلك بقليل حتى لثنجتون كان يحاول عقد زواج بين ماري ودون كارلوس ابن فيليب الثاني ملك أسبانيا. وإحساساً منه بأن مثل هذا الزواج سيكون ضربة قاضية على البروتستانتية في اسكتلندة، أعرب نوكس عن رأيه بصراحة في موعظة ألقاها على النبلاء الذين شهدوا البرلمان:

والآن أيها اللوردات، وللقضاء على جميع شيء، أسمع عن زواج الملكة... واسمحوا لي حتى أقول أيها اللوردات إنه حينما يعترف نبلاء إسكلندة للسيد المسيح برضاهم عن حتىقد يكون أحد الكفار (وكل أتباع البابا كفار) على رأس مملكتكم، فإنكم بذلك تبذلون أقصى ما في وسعكم لإبعاد يسوع المسيح عنها.

وفقدت الملكة صوابها، فاستدعته، وسألته-كما يقرر هونفسه: "ما شأنك بزواجي،يا ترى؟ ومن أنت في هذه الدولة؟" فأجاب جوابه المشهور "فرد ولد في هذه البلاد نفسها يا سيدتي. ومع أنني لا إرل ولا لورد ولا بارون، في هذه الدولة، فقد اختارني الله (مهما كنت حقيراً في عينيك) عضواً نافعاً فيها" فانفجرت ماري باكية، وأمرته بالانصراف.

وبلغت جرأة نوكس ذروتها في أكتوبر (1563) ذلك أنه أحاط مرة أخرى بالكنيسة الملكية الخاصة جمع من الناس احتجاجاً على القداس الذي كان على وشك حتى يقام، ودخل أندروز آرمسترونج وباتريك كرانزتون إلى الكنيسة وأرهبا القسيس حتى أنصرف، فأمرت الملكة التي لم تكن في الكنيسة آنذاك، بمحاكمة هذين الرجلين الكلفنيين بتهمة اقتحام حرمها الخاص. وفي أكتوبر أوفد نوكس كتاباً يأمر فيه "الاخوة من جميع الطبقات، الذين آثروا طريق الحق" بأن يشهدوا المحاكمة. وحكم مجلس الملكة بأن هذه الدعوة خيانة عظمى، ونادى نوكس للمثول للمحاكمة أمامها. وحضر نوكس (21 ديسمبر 1563) ولكن حشداً هائلاً من مؤيديه تجمع في الفناء، وعلى الدرجات "حتى وصل إلى باب القاعة التي جلست فيها الملكة ومجلسها" ودافع هوعن نفسه دفاعاً مجيداً إلى حد حتى المحكمة برأته، ونطقت الملكة "تستطيع يا مستر نوكس حتى تعود إلى دارك الليلة." فأجاب هو"أدعوالله حتى يطهر قلبك من رجس البابوية".

وفي يوم أحد السعف 1564 تزوج "الرسول" الذي لا يقهر، وهوفي سن التاسعة والخمسين، زوجته الثانية، مرجريت ستيوارت، التي تربطها بالملكة صلة قرابة بعيدة، وهي في سن السابعة عشرة، وبعد سنة واحدة، تزوجت الملكة للمرة الثانية.


الملكة تقع في شراك الغرام 1565-1568

من ذا الذي تستطيع الملكة حتى تختاره زوجاً لها، دون حتى تقع في ورطة دبلوماسية،يا ترى؟ أميراً أسبانيا؟. ولكن لا بد حتى تحتج فرنسا وإنجلترا ويغضب البروتستانت في إسكتلندة. "فرنسا"،يا ترى؟ ولكن إنجلترا لا بد حتى تقاوم، حتى بحد السيف، تجدد التحالف الفرنسي الاسكتلندي، "أميراً نمسوياً، الأرشيدوق شارل"،يا ترى؟ ولكن نوكس أنذر وحذر من فوق المنبر، من الاتحاد مع "كافر" كاثوليكي، كما حتى إليزابث أخطرتها بأن الزواج من آل هبسبرج-الأعداء القدامى لآل تيودور-يعتبر عملاً عدائياً.

وفي لحظة من الانفعال بترت ماري العقدة الدبلوماسية. ففي اكتوبر 1564 رأى ماتيوستيوارت أنه قد آن الأوان للعودة إلى إسكتلندة-وكان ماتيو، إرل لنوكس يعتقد أنه المرشح التالي لعرش إسكتلندة بعد ماري، وكان قد فقد جميع أراضيه بمساندته هنري الثامن ضد إسكتلندة، وهرب إلى إنجلترا تفادياً لانتقام الاسكتلنديين آنذاك. ولحق به إلى إسكتلندة بعد قليل ابنه، هنري ستيوارت لورد دارنلي البالغ من العمر تسعة عشر عاماً، والذي هو، عن طريق والدته، من نسل هنري السابع ملك إنجلترا، مثل الملكة ماري. وفتنت ماري بالشاب الأمرد وأعجبت بمهارته في لعب التنس والعزف على العود، وتجاوزت عن غروره، بوصفه أمراً يلتئم مع طلعته الجميلة، واندفعت في الغرام قبل حتى تستطيع حتى تتبين فيه الغباء والحمق. وفي 29 يوليه 1565، وعلى الرغم من احتجاج إليزابث ونصف أعضاء مجلسها الخاص، اتخذت ماري من هذا الفتى زوجاً، وأسمته ملكاً. واستنطق موري من المجلس وانضم إلى أعداء الملكة العنيدة الجامحة.

ونعمت، لشهور قلائل، بالسعادة المشوبة بالمتاعب. لقد استبد بها توقها الشديد إلى الحب طيلة السنوات الأربع التي قضتها أرملة. وقد أثلج صدرها حتى تجد من يرغب فيها. لقد منحت زوجها حبها بلا قيد ولا شرط، وأغدقت عليه جميع شيء بلا حدود، نطق توماس راندولف سفير إليزابث: "لقد أولته جميع ألوان الجلال والحملة وألقاب الشرف، ولا ينشرح صدرها لأي رجل لا يرضى عنه الملك الفتي، وتنازلت عن إرادتها من أجله هو. "ولكن الحظ السعيد أفسد عقل الفتى، فأصبح دكتاتوراً مستبداً وقحاً وطالب بأن يشارك الملكة سلطانها. وفي نفس الوقت أقام الحفلات الصاخبة وأسرف في الشراب، وأبعد المجلس، وأصابته نوبات من الحقد، وارتاب في حتى ماري ترتكب الزنى مع دافيد رتيشو.

ومنقد يكون رتبشوهذا،يا ترى؟ أنه موسيقار إيطالي كان قد قدم إلى اسكتلندة 1560، وهوفي سن الثامنة والعشرين، في معية السفير (من سافوي). ولما كانت ماري مولعة بالموسيقى، فقد ألحقته بخدمتها كمنظم للمهرجانات الموسيقية، ولقد سعدت بفطنته وسرعة بديهيته، وتنوع ثقافته التي اكتسبها من القارة (أوربا). ولما كان يعهد الفرنسية واللاتينية فهم جيدة، ويخط بلغة إيطالية جميلة، فقد اتخذته كذلك سكرتيراً لها، وسرعان ما عهدت إليه بإعداد مراسلاتها الأجنبية وكتابتها. وأصبح مستشاراً لها، وبات قوة لا يستهان بها، وأسهم في توجيه السياسة. وجلس إلى مائدة الملكة يشاركها غذائها، وخلا بها أحياناً إلى ساعة متأخرة من الليل. ومذ رأى النبلاء الإسكتلندين حتى رتيشوقد نحاهم عن مكانتهم وحل محلهم، وارتابوا في أنه يناصر الكاثوليك، فإنهم تآمروا على تدميره.

وكان الإيطالي الداهية في بداية الأمر قد سحر لب دارنلي نفسه، فكانا يسرحان ويمرحان معاً وينامان معاً، ولكن على حين حتى المهام المنوطة برتشيووامتيازاته وتكريمه والحفاوة به زادت، فإن حماقة دارنلي هبطت به إلى مستوى العجز السياسي، فانقلب حب الملك للخادم الذي أصبح وزيراً إلى مقت وبغض. ولما حملت الملكة ماري مضىت الظنون بالملك إلى أنها حملت بولد رتشيو. واعتقد روندولف في صحة هذا بل إنه في الجيل التالي أبدى كواتر ملاحظة ساخرة فنطق إذا جيمس الول ملك إنجلترا لا بد حتىقد يكون "سليمان الحديث" طالما حتى أباه هودافيد العازف على القيثارة. وإذ لعب الويسكي يوماً برأس دارلني، وألهب جرأته، انضم إلى إرل مورتورن، والبارون روثفن وغيرهما من النبلاء في تدبير اغتال رتشيو، وسقطوا "عهداً" تعاهدوا فيه على تدعيم البروتستانتية في إسكتلندة، وعلى منح دارنلي "تاج الزواج"-أي جميع حقوقه وسلطاته بوصفه ملكاً على إسكتلندة-وأنقد يكون له الحق في العرش عند وفاة ماري. ووعد دارنلي بحماية المسقطين على "العهد" من نتائج "أية جريمة" قد ترتكب؛ وبإعادة موري وسائر اللوردات المنفيين.

وفيستة مارس 1560 كشف راندولف للورد سيسل النقاب عن المؤامرة. وفيتسعة مارس نفذت. واقتحم دارنلي حجرة الملكة حيث كانت تتناول العشاء مع رتشيووليدي آرجيل، وأمسك الملكة واحتجزها، واندفع مورتون وروثفن وآخرون إلى الحجرة، واقتادوا رتشيوخارجها، رغم احتجاجات واعتراضات لا غناء فيها من ماري، وعلى السلم كالوا له الطعنات حتى الموت-ستاً وخمسين طعنة، إحكاماً للتدبير وضماناً للقضاء عليه. ودق أحدهم ناقوس الخطر في المدينة، فسار حشد كبير من المواطنين المسلحين إلى القصر، واقترحوا تمزيق ماري "إرباً" ولكن دارلني أقنعهم بالتفرق، وبقيت ماري طوال الليل وطيلة اليوم التالي سجينة السفاحين في قصر هوليرود. وفي نفس الوقت لعبت على فزع دارلني وحبه لها، فساعدها وصحبها، عندما هربت في الليلة التالية ولجأت إلى دنبار وهناك أقسمت حتى تنتقم، فأصدرت نداء إلى مؤيديها المخلصين، ليهبوا لنجدتها والدفاع عنها. وأعادت موري إلى المجلس، وربما عملت هذا رغبة في إشاعة الفرقة بين أعدائها.

وكان أكثر من عرضوا مساعدتها وحمايتها فعالية وأثراً جيمس هيبرون، إرل بوثول الرابع. وكان شخصية غريبة سيئة الطالع، ولم يكن وسيماً، ولكن قوي الجسم والعاطفة والإرادة. مغامراً في لبر والبحر، يحذق الضرب بالسيف والمغول (سيف مستقيم مستدق الرأس ذوحدين). يرهب الرجال بجرأته الهادئة، ويفتن النساء بحديثه وتهوره واشتهاره بالقدرة على إغوائهن، ولكنه كان كذلك على درجة عالية من التعليم، ومحباً للخط، ومؤلفاً، في وقت لم يكن فيه كثير من النبلاء الإسكتلنديين يعهدون كتابة أسمائهم. وكرهته الملكة أول الأمر، لأنه أساء إليها في أحاديثه، ولكن هذه الطريقة في كسب اهتمام المرأة. ولما عهدت صفاته العسكرية عينته قائداً للحدود، ولما سمعت بدرايته بالسفن والملاحة عينته أمير الأسطول، ولما فهمت برغبته بالزواج من ليدي جين جوردون عجلت بإتمام الزواج.

وكانت الآن تخشى قتلة رتشيووترتاب في اشتراك زوجها في جريمتهم. ومن ثم ولت شطر بوثول تسأله الحماية والنصح. ولم تندفع ماري إلى هذا الرجل على عجل، بل إذا صفات الرجولة فيه: الشجاعة والحيوية والقوة والثقة بالنفس، كانت هي الصفات التي تصبوإليها طبيعتها الأنثوية، ولم تجدها في فرانسوا الثاني أودارلني. وقد لحظت كيف من الممكن أن حتى الاحترام لسيفه ولجنوده أدى بالمتآمرين إلى الاختفاء والخضوع، وسرعان ما أحست بالأمان والاطمئنان إلى حد العودة إلى قصر هوليرود، وعلى الرغم من حتى نوكس كان قد أقر اغتال رتشيو، فإن ماري هدأت من روع القساوسة البروتستانت لبعض الوقت بوضع شروط أفضل لأرزاقهم والإبقاء عليهم. أما عامة الإسكتلنديين الذين لمقد يكونوا في يوم من الأيام يكنون ذرة من الحب للوردات، فإنهم تعاطفوا معها، وتمتعت الملكة لعدة أشهر بعد ذلك، بشعبية عامة. وخط السفير الفرنسي يقول: "لم أر الملكة قط تحظى بمثل هذا الحب والتقدير والتكريم، أوبمثل هذه الألفة بين رعاياها. "على أنها-عندما اقترب موعد الوضع، انتابتها الهواجس واستبدت بها فكرة أنها لا بد حتى تقتل أوتخلع، وهي راقدة لا حول لها ولا قوة ولا عون. ولما وضعت، في سلام وأمان، طفلاً ذكراً 19 يونيه 1566 ابتهجت إسكتلندة بأسرها، وكأنها تنبأت بأن هذا الصبي سيكون ملكاً على إسكتلندة وإنجلترا معاً. وكانت ماري في أوجها.

ولكنها كانت تعسة بدارنلي الذي استاء من تجديد ثقتها بموري، ومن إعجابها المتزايد ببوثول. وتناثرت الإشاعات بأنه قد يخطف الطفل الملكي ويحكم باسمه. واتهم دارنلي النبلاء بقتل رتشيو، وطالب ببراءته هو. فما كان منهم، انتقاماً منه، إلا حتى بعثوا إلى الملكة بدليل اشتراكه في الجريمة. واقترح آرجيل ولثنجتون وبوثول على الملكة حتى تطلقه، فاعترضت بأن هذا قد يعرض العرش للخطر، فأجاب لثنجتون على هذا بأنه من الميسور إيجاد طريقة لتخليصها من دارنلي دون الإضرار بابنها فلم توافق وعرضت أنها تفضل الخروج من إسكتلندة، وتهجر الحكم لدارنلي، وأنهت الحديث بقولها: محذرة، أريد منكم ألا تعملوا شيئاً يلوث شرفي أوضميري، ولذلك أتوسل إليكم حتى تهجروا المور كما هي، وأن نحتمل حتى يقضي الله فيها برحمته". وكم من مرة تحدثت آنذاك عن الانتحار.

وفي أكتوبر 1566، أونحوذلك. سقط آجريل وسير جيمس بلفور وبوثول، وربما كان معهم لثنجتون، على ميثاق بالتخلص من دارنلي. وترامى إلى مسامع إرل لينوكس نبأ هذه المغامرة، وحذر ابنه دارنلي الذي كان يعيش بعيداً عن ماري، مع والده في جلاسجو(ديسمبر 1566). وهناك سقم دارنلي، وكان من الواضح أنه مريض بالجدري، رغم انتشار إشاعة بأنه مسموم. وفي الوقت نفسه حانت الشبهات حول ماري وعلاقتها الآثمة مع بوثول، نتيجة لنموالمودة والألفة بينهما. ونعتها نوكس صراحة بأنها بغي عاهرة. ويبدوأنها اتصلت برئيس الأساقفة هملتون لاتخاذ الترتيبات لطلاق بوثول من زوجته. وعرضت على دارنلي حتى تزوره، ولكنه بعث إليها برد ملؤه التقريع والإهانة. وعلى الرغم من هذا مضىت إليه (12 يناير 1567) وأكدت إخلاصها له، وأيقظت فيه من حديث حبه لها، وتوسلت إليه حتى يعود إلى أدنبرة، حيث وعدت حتى ترعاه وتعيد إليه موفور الصحة والسعادة.

وهنا تدخل الرسائل المعروفة باسم "رسائل الصندوق الفضي" إلى مسرح الحوادث لتكمل المشهد. وتتوقف بقية السيرة إلى حد ما على صحة تلك الرسائل، وهذه قضية لا تزال بعد مضي أربعمائة سنة مثار خلاف ومناقشة. وزعموا حتى تلك الرسائل وجدت في صندوق صغير من الفضة كانت ماري قد أهدته إلى بوثول، ثم استولى عليه، في 20 يونية 1567، من أحد خدم بوثول، بعض وكلاء النبلاء الذين كانوا يسعون آنذاك إلى خلع الملكة. وفتح الصندوق في اليوم التالي بفهم مورتون ولثنجتون وغيرهم من أعضاء المجلس الخاص. وسرعان ما عرضت بعد ذلك على البرلمان إسكتلندة، ثم أخيراً على اللجنة الإنجليزية التي تولت محاكمة ماري في 1568، وكانت تعبير عن ثمانية خطابات وبعض شذرات متناثرة من قصائد شعرية، وكلها فرنسية، غير موجهة لأحد، ولا تحمل تاريخاً، ولكنهم زعموا أنها من ماري إلى بوثول. وأقسم اللوردات أعضاء المجلس أمام البرلمان حتى الرسائل سليمة، ولم يحدث فيها أي تلاعب، ولكن ماري ادعت أنها مزيفة. والظاهر حتى ابنها اعتبرها "حقيقة، لأنه أتلفها، ولم يبق إلا صور منها". ولما أطلع ملوك القارة على هذه الصور تصرفوا وكأنما وثقوا من صحتها. وارتابت إليزابث أول المر في صحتها، ثم عادت فسلمت بها في شيء من التردد، واول ما يتبادر إلى الذهن عند قراءة الرسائل، هوالارتياب في حتى امرأة تتوسط في اغتال زوجها ثم تفصح في طيش وإسهاب بالغين عن مقاصدها في رسائل تعهد بها إلى رسل يمكن حتى يعترض أحد سبيلها أويرشوهم، ثم أنه يظهر من المحال حتى يحتفظ بوثول بمثل هذه الرسائل التي تدينه وتورطه في جريمة. ثم من غير المحتمل بنفس القدر حتى يوجد في إسكتلندة أحد حتى الداهية لثنجتون نفسه (المشتبه فيه بصفة خاصة) كان في مقدوره حتى يزيف أي جزء هام من هذه الرسائل في سحابة اليوم الذي مضى بين الاستيلاء على الصندوق وعرض الرسائل على المجلس أوالبرلمان. والرسالة الثانية التي تحمل أكبر إدانة، مطولة بشكل غريب، وتقع في عشر صفحات مطبوعة. ولوكانت مزيفة، لكانت أكبر عملية تزييف غير عادية، لأن محتواها العاطفي يظهر متطابقاً مع طبيعة ماري، قدر تطابق الكتابة مع خط ماري. وإنها لمثل ماري شريكة ضالعة في اغتال دارنلي، مترددة تملؤها الحسرة والأسى، وتشعر بالعار والخجل من أجل ذاك.

وسمح الملك العليل المتخوف الواثق بأن ينقل عبر إسكتلندة في محفة ليقيم في بيت قسيس "كيرك أوفيلد" القديم في ضواحي أدنبرة، وفسرت ماري عدم نقله فوراً إلى قصر هوليرود بأنه خشيت انتنطق العدوى إلى طفلهما. وهناك رقد لمدة أسبوعين، حيث كانت ماري تزوره يومياً. وثابرت على تمريضه والعناية به حتى استرد صحبته، وخط إلى والده (7 فبراير 1567) "... إذا صحتي الجيدة هي.... النتيجة السريعة لحسن الرعاية.... الملكة التي أؤكد لكم أنها كانت طيبة طيلة هذه المدة" ولا تزال، تسهر على العناية بي، على أنها الزوجة الطبيعية المحبة. ومع ذلك لا زلت آمل حتى يمن الله علينا بما يدخل الفرح على قلوبنا التي أضنتها المتاعب طويلاً". ولماذا كانت تقوم على تمريضه والعناية به طيلة أسابيع مملة إذا كانت تفهم أنه كان سيقتل حتماً،يا ترى؟ "إن هذا الجزء من السر الكامن وراء ماري استيوارت. وفي مساءتسعة فبراير هجرته لتشهد حفل زفاف إحدى وصيفاتها في هوليرود. وفي تلك الليلة وقع انفجار في بيت كيرك أوفيلد، وفي الصباح عثر دارنلي ميتاً في الحديقة.

وسلكت ماري في أول الأمر مسلك المرأة البريئة. فحزنت وولولت وأقسمت حتى تثأر. وأمرت حتى تجلل غرفتها بالسواد وأن يحجب عنها الضوء، وبقيت تعاني الظلام والوحدة. وأمرت بالتحقيق القضائي في الحادث، وأعربت عن جائزة من المال والأرض لمن يدلي بأية معلومات تؤدي إلى القبض على الجناة. ولما ظهرت الإعلانات على الجدران في المدينة تتهم بوثول بالقتل، وكان بعضها يورط الملكة في الحادث، صدر بيان يهيب بموجهي الاتهام حتى يتقدموا بأدلتهم، ويعد بحماية المبلغين ومكافأتهم، ورفض واضعوالإعلانات حتى يظهروا، ولكن إرل لنوكس حث الملكة على تقديم بوثول للمحاكمة على الفور. وأيد بوثول هذا المطلب، وفي 12 أبريل مثل أمام المحققين. ولكن لنوكس لم يبرح جلاسجو، لأنه كان يعوزه مرشد الاتهام، أوأنه كان يخشى جنود بوثول في العاصمة. وانتهى التحقيق إلى تبرئة بوثول، وأعرب البرلمان براءته رسمياً. وفي 19 أبريل أقنع آرجيل وهنتلي ومورتون واثني عشر نبيلاً آخرين بتوقيع "عهد آنسلي" يثبتون فيه ثقتهم ببراءته، ويتعهدون بالدفاع عنه، ويوافقون على زقابل من ماري التي أولت بوثول آنذاك عطفها وحبها علانية، وزادت على ما كانت قد أغدقت عليه من هدايا ثمينة.

وفي 23 أبريل زارت ابنها في سترلنج، وقد قدر لها ألا تراه بعد اليوم أبداً. وفي طريق عودتها إلى دبلن مع لثنجتون كمن لهما بوثول وجنوده وهاجموهما وحملوهما بالقوة إلى دنبار (4 أبريل). واحتج لثنجتون وهدده بوثول بالقتل، ولكن ماري أنقذته وأطلق سراحه، وانضم بعد ذلك إلى أعداء الملكة. وفي دنبار استأنفت المفاوضات لطلاق بوثول. وفي ثلاثة مايوعادت ماري وبوثل إلى أدنبرة، وأعربت أنها طليقة من كيد الطلاق. وفي 15 مايو، حين رفض قسيسها الكاثوليكي تزويجهما (هي وبوثول)، تزوجا وفق الطقوس البروتستانتية، أما أسقف أوركني الذي كان فيما مضى كاثوليكياً. وانقلبت ضدها، بوصفها نفساً هالكة، أوربا الكاثوليكية التي كانت يوماً تناصرها. ونأى عنها رجال الدين الكاثوليك، ونادى القساوسة البروتستانت بخلعها، ووقف الأهالي منها موقفاً عدائياً. أما الأقلية التي تعاطفت معها فقد عزت غرامها الطائش إلى جرعة حب أعطاها إياها بوثول.

وفيعشرة يونية أحاطت عصابة مسلحة بقصر بورثوك حيث كانت تقيم ماري وبوثول، فهرب الاثنان، وكانت ماري في ثياب رجل. وفي دنبار جمع بوثول ألف رجل، سعت ماري وبوثول بهم حتى يشقوا طريقهم عائدين عنوة إلى أدنبرة، فاعترضهما في كاريري هل (15 يونية) قوة مماثلة تحمل راية نقش عليها صورة دارنلي الميت وصورة الطفل جيمس السادس. وعرض بوثول تسوية الموضوع بالنزال الفردي؛ ولكن ماري رفضت حتى تسمح له بذلك. وارتضت حتى تستسلم إذا جاز لبوثول الهرب. وادعت فيما بعد حتى زعماء الثوار كانوا قد وعدوها بالولاء لها إذا لحقت بهم دون قتال(41). ولاذ بوثول بالفرار إلى الشاطئ واتخذ طريقه إلى الدنمرك. وهناك بعد عشر سنوات قضاها في السجن بأمر ملك الدنمك قضى بوثول نحبه وهوفي سن الثانية والأربعين (1578).

ورافقت ماري معتقليها إلى أدنبرة وسط صيحات الجنود والأهالي. "أحرقوا العاهرة اقتلوها أغرقوها" واحتجزت تحت الحراسة في دار رئيس البلدية وهناك، تحت نافذتها التي ظهرت منها شعثاء الشعر نصف عارية، استمرت الجموع تهددها بأقذع العبارات. وفي 17 يونية، رغم احتجاجاتها واعتراضاتها الشديدة نقلت إلى سجن سحيق وأكثر أمناً، في جزيرة في بحيرة لوك ليفن، على بعد نحوثلاثين ميلاً إلى الشمال من العاصمة. وهناك طبقاً لما رواه سكرتيرها كلود وضعت توأمين قبل الأوان. وأوفدت متلمساً إلى الحكومة الفرنسية ولكنها رفضت التدخل، وأصدرت إليزابث تعليمات إلى مبعوثها بالوعد بحماية ماري، وتهديد النبلاء بأشد العقاب إذا مسوا الملكة بأي أذى، ونادى نوكس إلى إعدام ماري، وأنذر بأن الله يفترض أن يرسل إلى إسكتلندة بطاعون فظيع إذا أبقت على حياة ماري. وفي يونية أعاد اللوردات "رسائل الصندوق الفضي"، وتوسلت ماري إلى البرلمان حتى يستمع إليها، (إلى ماري)، ولكنه رفض على أساس حتى الرسائل أوضحت قضيتها بما فيه الكفاية. وفي 24 يولية سقطت وثيقة تخليها عن العرش، وعين موري وصياً على ابنها.

وبقيت لنحوأحد عشر شهراً أسيرة في قصر لوك ليفن، وخففت قيود السجن تدريجياً فتناولت الطعام مع أسرة وليم دوجلاس صاحب القصر، وسقط أخوه الأصغر جورج في غرامها، وساعدها على الهرب (25 مارس 1568) واعتقلت، ولكنها في 2 مايوعاودت المحاولة وأفلحت. ووصلت تحت حماية دوجلاس الصغير، إلى داخل البلاد حيث التقت بجماعة من الكاثوليك، وركبت في ظلام الليل إلى لسان فورث، وعبرته، وآوت إلى بيت آل هملتون، وهناك في بحر خمسة أيام، تجمع ستة آلاف رجل، وأقسموا حتى يعيدوها إلى العرش، ولكن موري نادى البروتستانت في إسكتلندة إلى حمل السلاح. والتقى الجمعان في لانجسيد بالقرب من جلاسجو(13 مايو)، ودحر جيش ماري السيئ التنظيم. وهربت مرة أخرى، وجدت السير على ظهر جوادها في تهور، ثلاث ليال سوياً، إلى دندرينان أبى على خليج سولوراي. وآنذاك أعادت إلى مانحها، الماسة التي كانت إليزابث يوماً قد أهدتها إلى "أختها العزيزة"، مع رسالة تقول "إني أعيد تلك الجوهرة إلى ملكتها، وكانت رمزاً لصداقة ومعونة موعودتين". وفي 16 مايو1568 عبرت خليج سولواي في قارب مكشوف لصيد السمك، ودخلت إنجلترا، ووضعت مصيرها بين يدي غريمتها.


التنازل عن العرش والسجن في اسكتلندا

تصوير لماري وابنها جيمس السادس والأول، وفي حقيقة الأمر، كانت آخر مرة ترى ماري إبنها وهوفي عمر عشرة أشهر.

ومن مدينة كارليل (في شمال غرب إنجلترا) أوفدت ماري رسالة ثانية إلى إليزابث. تطلب لقاءتها لتشرح لها موقفها وسلوكها. وكانت إليزابث من حيث المبدأ تناهض مساعدة الثوار ضد أي حكم شرعي. ومن ثم مالت إلى دعوة ماري للقاءتها. ولكن مجلس شورى الملكة أسقطها في حيرة وارتباك بما ساق لها من تحذيرات: فلوحتى ماري جاز لها بالذهاب إلى فرنسا، لأغريت الحكومة الفرنسية بإرسال جيش إلى إسكتلندة لإعادة ماري إلى العرش. ولإعادة إسكتلندة حليفة كاثوليكية لفرنسا. وشوكة في ظهر إنجلترا، وعند ذاك تساند فرنسا دعوى ماري في عرش إنجلترا بقوة السلاح، كما يساندها الكاثوليك الإنجليز. ولوبقيت ماري حرة طليقة في إنجلترا فمن الممكن حتى تكون مصدر بؤرة ميسورة لثورة الكاثوليك، وإنجلترا لا تزال في أعماق قلبها كاثوليكية في الكثير الغالب. وإذا أرغمت إنجلترا النبلاء الاسكتلنديين على إعادة مليكتهم إلى عرشها، فإن حياة هؤلاء النبلاء تتعرض للخطر، كما تفقد إنجلترا حلفاءها البروتستانت في إسكتلندة. وربما اتفق سيسل مع هللام في الرأي القائل بأن احتجاز ملكة الاسكتلنديين أوتقييد حريتها قسراً، إنما هوخرق لكل قانون "طبيعي أوعام أومحلي". ولكنه أحس بأن مسئوليته التي تطغى على جميع ما عداها، هي حماية إنجلترا.

رسائل النعش

Mary's half-brother and regent after her abdication in 1567, James Stewart, Earl of Moray, by Hans Eworth, 1561

ولما كان من إحدى مهام الدبلوماسية حتى تخلع على الواقعية ثوب الأخلاقية، فقد أبلغت ماري أنه ينبغي عليها قبل الاستجابة إلى مطلبها في اللقاء مع الملكة إليزابث، حتى تبرئ نفسها من عدة اتهامات أمام لجنة تحقيق. فأجابت ماري بأنها ملكة، ولا يمكن حتى تحاكم أمام مندوبين عاديين، وبخاصة من بلد آخر. وطلبت حتى تكون لها حرية العودة إلى إسكتلندة أوالذهاب إلى فرنسا، كما طلبت حتى تلتقي بمورتون ولثنجتون في حضرة إليزابث. ووعدت بإثبات إدانتهما في اغتال دارنلي. وفي 13 يولية 1568 أمر المجلس الإنجليزي بنقلها من كارليل (لقربها الشديد من الحدود) إلى قصر بولتون بالقرب من يورك. وهناك خضعت ماري للسجن البسيط بناء على وعد من إليزابث: "ضعي نفسك بين يدي دون تحفظ، ولن ألقي بالاً إلى أي شيء يسيء إليك. وسيكون شرفك في مأمن من أي خدش. ولسوف تعادين إلى عرشك". ولما هدأت إليزابث من روع ماري بهذا الشكل، وافقت الأخيرة على تعيين ممثلين لها في لجنة التحقيق، وحاولت حتى ترضي إليزابث بانادىئها قبول الممضى الأنجليكاني، ولكنها أكدت لفيليب ملك فرنسا أنها لن تتخلى عن قضية الكاثوليك. ومن ذلك الوقت باتت ماري وإليزابث فرسي رهان في سباق للنفاق، الأولى تتلمس لنفسها العذر بأنها سجين ملكي خانوه وغدروا به، والثانية بأنها ملكة تكتنفها المخاطر.

واجتمعت لجنة التحقيق في يورك في أكتوبر 1568. ومثل ماري فيها سبعة أشخاص أهمهم جون لزلي أسقف روس الكاثوليكي، ولورد هريز من إقليم المستنقعات الغربية في إسكتلندة، وهوكاثوليكي أيضاً، وعينت إليزابث ثلاثة من البروتستانت، هم دوق نورفولك، وارل سسكس، وسير رالف سادلر. ومثل أمام اللجنة موري ومورتن ولثنجتون الذين عرضوا "رسائل الصندوق الفضي" على الأعضاء الإنجليز سراً. ونطقوا إنه إذا أقرت ماري حتىقد يكون موري وصياً على العرش، وقبلت حتى تعيش في إنجلترا على راتب تقاعد كبير تدفعه لها إسكتلندة، فلن تذاع الرسائل. ولكن نورفولك- الذي كان يحلم بالزواج من ماري، ومن ثم يصبح ملكاً على إنجلترا بعد وفاة إليزابث، رفض هذا العرض. أما سسكس فقد خط إلى إليزابث بأنه يظهر من المرجح حتى تكسب ماري قضيتها.

وأمرت إليزابث بأن تنتقل المحاكمة إلى وستمنستر. وهناك وضع موري الرسائل أمام المجلس، وانقسم الرأي حول حجية الوثائق، ولكن إليزابث قضت بأنها لن تستقبل ماري قبل حتى تثبت عدم صحتها. وطلبت ماري حتى تطلع على الرسائل الأصلية أووصورتها ولكن اللجنة رفضت هذا الطلب، ولتم تطلع ماري قط على أصل الرسائل أوصورها. وفي 11 يناير 1569 انفضت اللجنة دون حتى تصدر قراراً. واستقبلت إليزابث موري ثم أعيد إلى إسكتلندة ومعه الرسائل. ونقلت ماري- وهي غاضبة متحدية إلى سجن أشد قيوداً في تتبري على نهر ترنت، واحتجت الحكومات الأجنبية، ولكن إليزابث أجابت بأنهم لواطلعوا على الأدلة التي قدمت إلى اللجنة لاعتبروا معاملتها لماري لينة هينة،لا قاسية. وأشار السفير الأسباني على فيليب بغزوإنجلترا ووعده بمعاونة شمال إنجلترا الكاثوليكي له، ولكن فيليب تشكك في مثل هذه المعاونة، كما أنذره دوق ألفا بأن إليزابث قد تأمر بقتل ماري عند أول بادرة للغزوأوالثروة.

وقامت الثورة. ففي 14 نوفمبر 1569 قاد ارل نورثمبرلند وارل وستمورلند جيشاً قوامه 5.700 من الثوار إلى درهام، وأطاحوا بمخط الطائفة الأنجليكانية وأحرقوا كتاب الصلوات العامة، واستردوا المذبح الكاثوليكي، واستمعوا إلى القداس، ودبروا هجوماً على تتبري لإطلاق سراح ماري، ولكن إليزابث فوتت عليهم الفرصة بنقل ماري إلى كونفتري في 23 نوفمبر 1569. وعجل ارل سسكس على رأس جيش معظمه من الكاثوليك، بإخماد الثورة. وأمرت إليزابث "بشنق المقبوض عليهم من المتمردين وأتباعهم المتواطئين معهم، وإلا تنقل جثثهم بل تظل في أماكنها حتى تتساقط إرباً". وبهذا أمكن التخلص من نحوستمائة رجل وصودرت أملاكهم للتاج، وفر نورثمبرلند ووستمورلند إلى إسكتلندة. وفي فبراير 1570 قاد ليونارد داكريس ثورة أخرى من الكاثوليك، ولكنه هزم أيضاً، وهرب عبر الحدود.

وفي يناير 1570 خط نوكس إلى سيسل يشير عليه بإصدار أمره بقتل ماري فوراً، "فإنك إذا لم تستأصل الجذور عادت الأغصان التي تبدوذابلة متكسرة إلى النمووالازدهار، وكان قد فرغ آنذاك من كتابه" تاريخ الإصلاح الديني في مملكة إسكتلندة"- وهوكتاب لا يدعي عدم التحيز: قصصي غير دقيق، ولنه مفعم بالحيوية زاخر بالمعلومات عن سير الأفراد، ذوأسلوب طريف فردي لاذع لأنه صادر عن واعظ لا يخشى في الحق لومة لائم، يصارح كلاً بما فيه دون مواربة. وهورجل موجع قاس ولكنه عظيم، حقق حلمه في القوة والسيطرة أكثر مما عمل كلفن، وكان يبغض من جميع قلبه، ويناضل في بسالة وجرأة، ويستنفد آخر خفقة من الطاقة الجبارة إلى حد لا يصدق لإرادته الحديدية. وما اتى عام 1572 حتى كان قد استنزف قوته، فلم يعد يستطيع المشي- إلا إذا أعانه عليه أحد. ولكنه كان يلوذ بمن يأخذ بيده يوم الأحد حتى يصل إلى المنبر في كنيسة سانت جيلز St. Giles وألقى آخر موعظة له فيتسعة نوفمبر 1572، ورافقه جميع شعب الكنيسة إلى مسكنه، ووافاه الأجل في 24 نوفمبر، وهوفي السابعة والستين من العمر، فقيراً كيوم ولدته أمه. "إنه لم يتجر بحدثة الرب" وهجر للأعقاب حتى تحكم عليه. لن يدرك هذا العهد الجحود ماذا كان بالنسبة لبلدي، ومع ذلك فإن الأجيال القادمة يفترض أن تضطر حتى تكون شواهد عدل على الحقيقة. إذا قلة من الناس هي التي أثرت تأثيراً حاسماً في معتقدات الشعب، وإن قلة من أهل عصره ضارعته في تشجيعه للتعليم وفي التعصب وفي ضبط النفس. ولقد اقتسم نوكس وماري روح إسكتلندة، وكان هويمثل الإصلاح الديني، وهي تمثل عصر النهضة، واندحرت ماري لأنها- شأنها شأن إليزابث- لم تعهد كيف من الممكن أن تزاوج بينهما.

المؤامرات

ماري في السجن، رسم نيكولاس هيليارد، ح. 1578

وحاولت ماري- مثل نمر قلق هائج حبيس- جميع إمكانات الهرب ووسائله. وفي 1571 قام روبرتودي ريدولفي، وهوفلورنسي من أصحاب المصارف ذوي النشاط في لندن- قام بدور الوساطة بين ماري والسفير الأسباني، وأسقف روسي، ودوق ألفا، وفيليب ملك أسبانيا، والبابا بيوس الخامس. واقترح حتى يرسل ألفا إلى إنجلترا قوات أسبانية من الأراضي الوطيئة، وأن تغزوإنجلترا في نفس الوقت قوة كاثوليكية من إسكتلندة، وأن تخلع إليزابث عن العرش، وتنصب ماري ملكة على إنجلترا وإسكتلندة، وأن يتزوجها نورفولك بهذه الخطة، فلم يوافق عليها موافقة صريحة، ولم يكشف عنها لأحد. وأقرتها ماري بصفة مؤقتة. ودفع البابا لريدولفي بعض المال على ذمة المشروع، ووعد بأن يوصي فيليب بقبوله، ولكن فيليب علق رأيه على موافقة ألفا الذي دمغ المشروع بالسخافة والحمق، على أنه مشروع خيالي، وأنه لن ينتهي لا بكارثة على أصدقاء ماري. وضبطت رسائل ريدولفي ونورفولك لدى من قبض عليهم من خدم ماري والدوق. وأودع السجن نورفولك وروس وعدد من النبلاء الكاثوليك. وحوكم نورفولك بتهمة الخيانة، وصدر الحكم عليه. وترددت إليزابث في التصديق على حكم الإعدام على مثل هذا النبيل البارز العظيم. ولكن سيسل والبرلمان الإنجليزي وأقطاب الكنيسة الأنجليكانية، طالبوا بإعدام نورفولك وماري كليهما. واتخذت إليزابث حلاً وسطاً فأوفدت نورفولك إلى السجن (2 يونية 1572). ولما ترامت إلى إنجلترا أنباء مذبحة سانت برثلميو(22 أغسطس) تعالت الصيحات من جديد، للمطالبة بإعدام ماري. ولكن إليزابث أصرت على الرفض.

ولن نستطيع حتى ندرك مدى يأس ماري ومدى شعورها بفداحة الذنب ألا إذا تذكرنا أنها قضت في الأسر قرابة تسعة عشر عاماً. وكان مكان احتجازها يتغير، باستمرار، مخافة حتى العطف الذي يشعر به نحوها أهالي البلاد المجاورة أوسجانوها، يأتي بمؤامرات أخرى أويغري بها، وكانت شروط احتجازها تتسم بالروح الإنسانية، حيث جاز لها بتسلم معاشها- الفرنسي- 1200 جنيه سنوياً- وأعطتها الحكومة الإنجليزية مبلغاً محترماً للطعام والعلاج الطبي والخدم ووسائل الترفيه وسمح لها بحضور القداس وغيره من الصلوات الكاثوليكية، وحاولت حتى تشغل الساعات الطوال بالتطريز والقراءة، وفلاحة البستان واللعب مع كلابها المدللة. ولما تلاشت آمالها في الحرية، فقدت حرصها على العناية بنفسها، ولم تتريض إلا قليلاً، وأصبحت مترهلة بدينة، وأصيبت بالروماتيزم، وتورمت رجلاها في بعض الأحيان إلى حد لا تستطيع معه المشي. وفي 1577، وهي بنت الخمسة والثلاثين عاماً فقط، ابيض شعرها فغطته بشعر مستعار.

وعرضت، في يونية 1583، حتى تنزل عن أي حق لها في تاج إنجلترا، إذا أطلق سراحها، وألا تتصل بالمتآمرين قط، وأن تعيش في أي مكان في إنجلترا تختاره إليزابث، وألا تبتعد عن مقر إقامتها بأكثر من عشرة أميال. وأن تخضع لرقابة جيرانها وأشرافهم. ولكن أشير على إليزابث بألا تثق فيها.

واستأنفت ماري مشروعات الهرب، وبعد وسائل متنوعة سعت إلى الاتصال بسفيري فرنسا وأسبانيا وحكومتيهما، وبأنصارها في إسكتلندة وبممثلي البابا. وكانت الرسائل تهرب منها وإليها في ثياب الغسيل وفي الخط، وفي العصي، وفي الشعر المستعار، وفي بطانة الأحذية. ولكن جواسيس سيسل وولسنهام كشفوا عن جميع مؤامرة في حينها. وحتى بين الطلبة والقساوسة في كلية الجزويت في ريمس، كان لولسنهام عملاء ووكلاء يبلغونه بكل شيء.

ولكن الهالة الرومانسية التي أحاطت بماري الأسيرة حركت الشفقة والعطف في قلوب كثير من الشبان الإنجليز، كما ألهبت حماسة الشبان الكاثوليك. وفي 1583 دبر فرانسيس ثروكمورتون، وهوكاثوليكي، وابن أخت المغفور له سفير إليزابث لدى فرنسا، دبر مؤامرة أخرى لإطلاق سراح ماري، ولكن سرعان ما كشف أمره وعذب حتى أعترف. وصرخ مولولا: "لقد كتمت جميع أسرارها، تلك التي كانت اعز ما لدي في هذه الدنيا بأسرها(59)". ومات بضربة من فاس جلاد وهوفي سن الثلاثين.

وبعد ذلك بعام واحد، أقنع وليم باري، وهوأحد الجواسيس الذين يعملون في خدمة سيسل، أقنع القاصد الرسولي في باريس، بأن يقدم إلى جريجوري الثالث عشر طلباً بالغفران التام، على أساس أنه يفترض أن يقدم على محاولة خطيرة لإطلاق سراح ماري ستيوارت وإعادة إنجلترا إلى حظيرة الكاثوليكية. ورد وزير البابا (30 يناير 1584) بأن قداسته اطلع على التماس باري، وابتهج لما اعتزم القيام به، وأنه سيرسل إليه الغفران المطلوب، ويكافئه على جهوده. وحمل باري هذا الرد إلى سيسل. واتهم جاسوس إنجليزي آخر- يدعى ادموند نفيل- اتهم باري بتحريضه على اغتال إليزابث. وقبض على باري، واعترف، فشنق، ومزقت أوصاله، وهولا يزال ينبض بالحياة.

ولما اشتد غضب مجلس الملكة إليزابث بهذه السلسلة الطويلة من المؤامرات، وجزع وفزع لمقتل وليم أورلنج، صاغ "التعهد بالتكاتف والترابط"، يتعهد المسقطون عليه بألا يرتضوا قط خلفاً لمليكتهم، أي إنسان جرت لمصلحته أية محاولة للقضاء على إليزابث، وأن يعذبوا حتى الموت أي فرد اشهجر في مثل هذه المحاولة. وسقط هذا التعهد جميع أعضاء المجلس ومعظم أعضاء البرلمان، كما سقطه ذووالمكانة في طول إنجلترا وعرضها، وبعد سنة أسبغ البرلمان على هذه الوثيقة صفة القانون النافذ المفعول أوالمعمول به.

ولكن هذا لم يحل دون مزيد من المؤامرات. ففي 1586 أغرى جون بللارد وهوقسيس كاثوليكي روماني، أنتوني بابنجتون، وهوشاب ثري كاثوليكي، أغراه بتدبير مؤامرة لقتل إليزابث وغزوإنجلترا بجيوش من فرنسا وأسبانيا والأراضي المنخفضة، وتنصيب ماري على العرش. وخط بابنجتون إلى ماري بهذا، وأبلغها حتى ستة من النبلاء الكاثوليك اتفقوا على التخلص من مغتصبة العرش، وسألها إقرارا للخطة. وفي خطاب مؤرخ في 17 يولية 1586 قبلت ماري مقترحات بابنجتون، ولم توافق موافقة صريحة على اغتال إليزابث، ولكنها وعدت بالمكافأة عند نجاح المشروع. وكان الرسول الذي عهد إليه سكرتيرها بحمل هذا الرد عميلاً سرياً لولسنهام. فأخذ صورة من جميع رسالة وأوفدها إلى ولسنهام، وأوفد أصل الرسالة إلى بابنجتون. وفي 14 أغسطس قبض على بابنجتون وبللارد، وبعد ذلك بقليل أودع السجن نحوثلاثمائة من أبرز الكاثوليك، واعترف الزعيمان، وأغرى سكرتير ماري بالاعتراف بصحة خطابها. وأعدم ثلاثة عشر من المتآمرين، وأطلقت الصواريخ النارية في سماء لندن، ودقت النواقيس، وأنشد الأطفال التسابيح شكراً لله على نجاة الملكة إليزابث. ودوت الصيحات في إنجلترا البروتستانتية تطالب بالموت لماري.

وفتشت حجرات ماري، وجمعت جميع أوراقها، وفي أكتوبر نقلت إلى قلعة فوذرنجاي. وهناك جرت محاكمتها أمام لجنة مؤلفة من ثلاثة وأربعين من النبلاء. ولم يسمح لها بندب من يدافع عنها، ولكنها دافعت عن نفسها في عزم وإصرار. وأقرت باشتراكها في مؤامرة بابنجتون، ولكنها أنكرت إقرارها للقتل، واحتجت بأنها، كإنسان سجن ظلماً وعدواناً لمدة تسعة عشر عاماً، لها جميع الحق في تخليص نفسها بأية وسيلة كانت. وأدانتها اللجنة بالإجماع. وطلب البرلمان إلى إليزابث حتى تصدر أمرها بإعدامها. ولكن هنري الثالث ملك فرنسا قدم طلباً مهذباً للرأفة. ولكن إليزابث نطقت إذا مثل هذا الطلب اتى بسند ضعيف من حكومة ذبحت آلافاً من البروتستانت دون محاكمة. ودافع معظم إسكتلندة الآن عن مليكتهم، ولكن ابنها قام بوساطة تعوزها الحماسة، حيث ارتاب في أنها أنكرته وتبرأت منه في وصيتها لأنه بروتستانتي. وأوعز ممثله في لندن إلى ولسنجهام إلى أنه- ابنها، جيمس السادس- ولوأنه حريص على ألا تقتل أمه، يفترض أن يعتبر الموضوع منتهياً، ويقنع بأن يثبت إليزابث البرلمان الإنجليزي حقه في حتى يخلف إليزابث على العرش، وتزيد إليزابث من مبلغ المعاش الذي ترسله إليه. وضيع الإسكتلندي المحاذر الحريص- الوقت سدى، بدافع من الطمع شديد، إلى حد حتى أهالي أدنبرة كانوا يطلقون عليه صيحات الاستهزاء والاستهجان، وينعون كالبوم في الشوارع. ولم يبق بين ماري وبين الموت إلا تردد إليزابث.

الاعدام

مشهد الاعدام، رسم فنان هولندي غير معروف، عام 1613

وانقضت قرابة أشهر ثلاثة تجرر الأيام فيها أذيالها متثاقلة، قبل حتى تحزم إليزابث المنهوكة المنزعجة أمرها، ثم لم تعمل شيئاً. كانت قادرة على السماحة والرحمة: ولكنها سئمت حياة الفزع من حتى يعاجلها بالقتل في أية لحظة أنصار امرأة تدعي حقاً في عرشها، كما وضعت في اعتبارها خطر غزوإنجلترا من جانب فرنسا وأسبانيا وإسكتلندة احتجاجاً على إعدام ملكة، كما فكرت في إمكان موتها هي، ميتة طبيعية أوبيد أثيمة، وفي وقت يتيسر فيه لماري وللكاثوليكية حتى ترثا إنجلترا. وحثها سيسل على توقيع التصديق على حكم الإعدام، ووعد بأن يتحمل هوجميع مسئولية نتائجه، وفكرت في حتى تتفادى هي حسم الموضوع بالإلماع إلى سير أمياس بولت، المعين لحراسة ماري، بأنه يمكن حتى يضع حداً لهذا الارتباك، بأن يأمر بإعدام ماري، بناء على مجرد فهم شفوي بأن الملكة أومجلسها يرغبان في ذلك، ولكن بولت أبى حتى يتصرف دون أمر كتابي من إليزابث، وأخيراً سقطت التصديق على الحكم، وحمله سكرتيرها وليم دافيسون إلى المجلس الذي أوفده في الحال إلى بولت قبل حتى تغير إليزابث رأيها.

أما ماري التي كانت طيلة هذا الإمهال الطويل، قد عاودها الأمل، فإنها لم تصدق النبأ في بداية الأمر، ثم قابلته بشجاعة. وخطت إلى إليزابث رسالة مؤثرة، سألتها فيها حتى تسمح "لخدمي البؤساء الذين باتوا بلا صديق أومعين... حتى ينقلوا رفاتي ليدفنوها في أرض مقدسة، مع سائر ملكات فرنسا". وقيل إنها في صباح اليوم الذي أعدمت فيه، نظمت باللاتينية قصيدة قصيرة، تشيع فيها جميع الحماسة والرشاقة اللتين تتسم بهما ترانيم العصور الوسطى:


يا إلهي لقد وضعت جميع أملي فيك
أنقذني الآن يا يسوع العظيم،
إني أرسف في الأغلال وأعاني أشد الآلام، إني أضرع إليك،
متلهفة باكية راكعة، أسبح بحمدك، وأتوسل إليك
أن تخلصني

وطلبت حتى يسمح لها بالاعتراف أمام كاهنها الخاص الكاثوليكي، فلم تجب إلى طلبها، وأحضر لها سجانوها بدلاً منه قسيساً أنجليكانياً، فرفضته. وارتدت الملابس الملكية لتقابل بها الموت، وصففت شعرها المستعار بعناية، وغطت وجهها بخمار أبيض، وتدلى من عنقها صليب مضىي، كما كان في معصمها صليب من العاج. وتساءلت لما منعت وصيفتها من شهود إعدامها، فقيل لها إنهن قد يحدثن اضطراباً، فوعدت بأنهن لن يعملن شيئاً. فرخص لها حتى تصحب اثنتين منهن وأربعة رجال، وسمح لنحوثلاثمائة من الإنجليز بأن يشهدوا تطبيق الإعدام، في القاعة الكبرى في حصن فوذرنجاي (8 فبراير 1587) وسألها اثنان من الجلادين المقنعين مغفرتها، وتلقياها منها. ولما بدأت وصيفتاها في الصراخ والعويل منعتهما قائلة "لقد تعهدت بالنيابة عنكما"، ثم ركعت وصلت ووضعت رأسها في المقصلة، وسقط الشعر المستعار عن رأسها المفصول عن جسدها، وكشف عن شعرها الأشيب. وكانت في سن الرابعة والأربعين.

الصفح والمغفرة للجميع، والعفووالمغفرة لماري التي بذلت الجهد بشجاعة لتكون ملكة عادلة بهيجة على حد سواء. ولسنا نعتقد أنها، وهي التي سهرت طويلاً على العناية بزوجها حتى استرد صحته وعافيته، كانت قد رضيت عن قتله، ويمكن حتى نصفح عن المرأة الشابة التي تخلت عن جميع شيء لقاء حب مهماً كان طائشاً، وينبغي حتى نرثى للمرأة البائسة التي تخلى عنها أصدقاؤها، والتي قدمت إلى إنجلترا تلتمس ملجأ وملاذاً، فلاقت بدلاً منه تسعة عشر عاماً في غيابة السجن، ويمكننا حتى ندرك محاولاتها الجبارة لاسترداد حريتها. كما يمكن كذلك حتى نغفر للملكة العظيمة (إليزابث) التي أصر مستشاروها على حتى احتجاز ماري بين جدران السجن، أمر حيوي بالنسبة لأمن لإنجلترا وسلامتها، والتي رأت حتى حياتها وسياستها مهددتان دوماً بالمؤامرات من أجل إطلاق سراح منافستها، ماري، وإعادتها إلى العرش، والتي أطالت مدة هذا الأسر البغيض القاسي، والتي لم تقنع نفسها بإنهائه بالتصديق على إعدام ماري. وكانتا امرأتين نبيلتين، الواحدة منهما نبيلة سريعة الانفعال، والأخرى نبيلة وحكيمة عاقلة مع شيء من التردد. وترقد كلتاهما الآن في انسجام، الواحدة قرب الأخرى، في كنيسة وستمنستر وقد سويت الخلافات بينهما، في ظل الموت والسلام.

شجرة العائلة

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
جيمس الثاني من اسكتلندا
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
جيمس الثالث من اسكتلندا
 
ماري ستورت
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
James Hamilton, 1st Earl of Arran
 
Elizabeth Hamilton
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
James Hamilton, 2nd Earl of Arran
 
John Stewart, 3rd Earl of Lennox
 
Henry VII of England
 
Elizabeth of York
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
Claude, Duke of Guise
 
Antoinette de Bourbon
 
James IV of Scotland
 
 
 
 
 
 
Margaret Tudor
 
Archibald Douglas, 6th Earl of Angus
 
Henry VIII of England
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
Francis, Duke of Guise
 
Charles, Cardinal of Lorraine
 
Mary of Guise
 
James V of Scotland
 
Matthew Stewart, 4th Earl of Lennox
 
Margaret Douglas
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
James Stewart, 1st Earl of Moray
 
ماري، ملكة الاسكوت
 
 
 
 
 
Henry Stuart, Lord Darnley
 
Edward VI of England
 
Mary I of England
 
إليزابث الأول من إنگلترة
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
جيمس السادس والأول
 

انظر أيضاً

  • Act Anent the demission of the Crown in favour of our Sovereign Lord, and his Majesty's Coronation 1567
  • التصويرات الثقافية لماري، ملكة الاسكوت
  • أحفاد ماري، ملكة الاسكوت

الهوامش

  1. ^ Bishop John Lesley said Mary was born on the 7th, but Mary and John Knox claimed the 8th, which was the feast day of the Immaculate Conception of the Virgin Mary (Fraser 1994, p. 13; Wormald 1988, p. 11).
  2. ^ While Catholic Europe switched to the New Style Gregorian calendar in the 1580s, England and Scotland retained the Old Style Julian calendar until 1752. In this article, dates before 1752 are Old Style, with the exception that years are assumed to start on 1 January rather than 25 March.
  3. ^ Fraser 1994, p. 14
  4. ^ ول ديورانت. سيرة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود. Unknown parameter |coauthors= ignored (|author= suggested) (help)
  5. ^ Fraser 1994, p. 183

المصادر

  • Bain, Joseph (editor) (1900). Calendar State Papers, Scotland: Volume II. Edinburgh: General Register Office (Scotland).CS1 maint: extra text: authors list (link)
  • Bingham, Caroline (1995). Darnley: A Life of Henry Stuart, Lord Darnley, Consort of Mary Queen of Scots. London: Constable. ISBN .
  • Boyd, William K. (editor) (1915). Calendar of State Papers, Scotland: Volume IX. Glasgow: General Register Office (Scotland).CS1 maint: extra text: authors list (link)
  • Clifford, Arthur (editor) (1809). The State Papers and Letters of Sir Ralph Sadler. Edinburgh: Archibald Constable and Co.CS1 maint: extra text: authors list (link)
  • Donaldson, Gordon (1974). Mary, Queen of Scots. London: English Universities Press. ISBN .
  • Fraser, Antonia (1994) [1969]. Mary Queen of Scots. London: Weidenfeld and Nicolson. ISBN .
  • Greig, Elaine Finnie (2004). "Stewart, Henry, duke of Albany [Lord Darnley] (1545/6–1567)". Oxford Dictionary of National Biography. Oxford University Press. doi:10.1093/ref:odnb/26473. Retrieved 3 March 2012. نطقب:ODNBsub
  • Guy, John (2004). "My Heart is my Own": The Life of Mary Queen of Scots. London: Fourth Estate. ISBN .
  • Lewis, Jayne Elizabeth (1999). The Trial of Mary Queen of Scots: A Brief History with Documents. Boston: Bedford/St. Martin's. ISBN .
  • McInnes, Charles T. (editor) (1970). Accounts of the Lord High Treasurer of Scotland Volume 12. Edinburgh: General Register Office (Scotland).CS1 maint: extra text: authors list (link)
  • Weir, Alison (2008) [2003]. Mary, Queen of Scots and the Murder of Lord Darnley. London: Random House. ISBN .
  • Williams, Neville (1964). Thomas Howard, Fourth Duke of Norfolk. London: Barrie & Rockliff.
  • Wormald, Jenny (1988). Mary, Queen of Scots. London: George Philip. ISBN .

قراءات إضافية

  • Bath, Michael (2008). Emblems for a Queen: The Needlework of Mary Queen of Scots. London: Archetype Publications. ISBN .
  • Labanov, A. I. (Prince Lobanov-Rostovsky) (1844). Lettres et Memoires de Marie, Reine d'Ecosse. London: Charles Dolman.
  • Marshall, Rosalind (2006). Queen Mary's Women: Female Relatives, Servants, Friends and Enemies of Mary, Queen of Scots. Edinburgh: John Donald. ISBN .
  • Swain, Margaret (1973). The Needlework of Mary Queen of Scots. New York: Van Nostrand Reinhold. ISBN .
  • Warnicke, Retha M. (2006). Mary Queen of Scots. New York: Routledge. ISBN .
  • Wilkinson, Alexander S. (2004). Mary Queen of Scots and French Public Opinion, 1542–1600. Basingstoke: Palgrave Macmillan. doi:10.1057/9780230286153. ISBN .

وصلات خارجية

  • Mary's biography at the official website of the British Monarchy
  • Biography of Mary, with primary and secondary sources
  • Texts of the casket letters derived from published transcriptions
  • Portraits of Mary, Queen of Scots
  • Furgol, Edward M. (1987). "The Scottish Itinerary of Mary Queen of Scots" (pdf). PSAS. 117: 219–231.
ماري، ملكة الاسكوت
بيت ستوارت
وُلِد: ثمانية ديسمبر 1542 توفي: ثمانية فبراير 1587
ألقاب ملكية
سبقه
جيمس الخامس
ملكة الاسكوت
14 ديسمبر 1542 – 24 يوليو1567
تبعه
جيمس السادس
العائلة الملكية الفرنسية
سبقه
كاثرين ده مديتشي
قرينة ملك فرنسا
10 يوليو1559 –خمسة ديسمبر 1560
شاغر


تاريخ النشر: 2020-06-04 14:44:53
التصنيفات: Pages with citations using unsupported parameters, CS1 maint: extra text: authors list, مقالات مميزة, ماري، ملكة الاسكوت, مواليد 1542, وفيات 1587, حاكمات من القرن 16, اسكتلنديون من القرن 16, مناهضون للپروتستنتية, مدفونون في كنيسة وستمنستر, Dauphines of France, Dauphines of Viennois, ملوك أعدموا, نساء اسكتلنديات أعدموا, قرينات ملوك فرنسا, ورثة العرش الإنگليزي, ورثة العرش الاسكلتندي, بيت ستوارت, بيت ڤالوا, Lutenists, حكام أطفال معاصرون, ملوك قطعت رأسهم, أشخاص أعدموا بقطع الرأس, أشخاص أُعدموا بتهمة خيانة إنگلترة, People executed under the Tudors, People from Linlithgow, Queens regnant in the British Isles, Queens regnant of Scotland, ملوك كاثوليك, ملوك اسكتلندا, اسكتلنديون من أصل فرنسي, كاثوليك اسكتلنديون, ناجون من الجدري, The Rough Wooing, نساء من فترة تيودور, أميرات اسكتلنديات

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

عظامك هشة.. لا تثْنِ ركبتيك ! - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-10-21 00:22:59
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 57%

المقاومة السودانية تحدد مسارات مليونية 21 اكتوبر «لا للتسوية»

المصدر: صحيفة التغيير - السودان التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-21 00:22:20
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 65%

واشنطن: إيرانيون «على الأرض في القرم» لمساعدة روسيا

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-21 00:22:46
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 96%

مفاوضات ليبية جديدة مرتقبة بين مجلسي النواب و«الأعلى للدولة»

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-21 00:22:52
مستوى الصحة: 82% الأهمية: 93%

حي طريف التاريخي يشهد انطلاق موسم الدرعية

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-21 00:22:51
مستوى الصحة: 76% الأهمية: 88%

مستقبل الصیادلة وصناعة الدواء - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-10-21 00:23:00
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 54%

تحالف الكيزان والتسوويين..

المصدر: صحيفة التغيير - السودان التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-21 00:22:19
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 67%

إنفوغراف| ليز تراس... صاحبة أقصر مدة حُكم في بريطانيا

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-21 00:22:49
مستوى الصحة: 76% الأهمية: 93%

خلك قريب! - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-10-21 00:23:00
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 56%

أيهما أجدى في أسواق المال المضاربة أم الاستثمار؟ - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-10-21 00:23:01
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 67%

العلاقات العسكرية بين إيران وروسيا تقلق إسرائيل

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-21 00:22:45
مستوى الصحة: 80% الأهمية: 94%

بيع 3 صقور بـ 167 ألف ريال في مزاد نادي الصقور السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2022-10-21 00:23:02
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 55%

الأمم المتحدة تكشف إحصائية صادمة لضحايا نزاع لقاوة غربي السودان

المصدر: صحيفة التغيير - السودان التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-21 00:22:17
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 54%

تركيا تنفي مزاعم باستخدام أسلحة كيماوية ضد مسلحي حزب العمال

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-10-21 00:22:05
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 69%

إطلاق نادي الرياض للعبة اللاكروس السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2022-10-21 00:23:02
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 68%

العراق: الإطار التنسيقي يفوض السوداني في توزيع الحقائب الوزا

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-10-21 00:22:01
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 62%

مخاوف الخلع والطلاق.. سبب العزوف عن الزواج - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-10-21 00:22:59
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 60%

«الحرية والتغيير» تنفي الاتفاق مع العسكر وتدعو للخروج في مواكب الجمعة

المصدر: صحيفة التغيير - السودان التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-21 00:22:18
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 66%

زيلينسكي: روسيا تحول شبكة الكهرباء في بلادنا إلى ساحة معركة

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-10-21 00:21:55
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 61%

بوتين زار مركز تدريب لجنود شملتهم التعبئة

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-21 00:22:50
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 88%

إثيوبيا تستهدف عاصمة إقليم تيجراي في هجوم جديد ضد المتمردين

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-10-21 00:21:58
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 57%

الإمارات تتضامن مع الأردن إزاء تصريحات سفير هولندا في عمان

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-10-21 00:21:51
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 63%

فرص غربية محدودة لتغيير مسار إيران

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-21 00:22:46
مستوى الصحة: 84% الأهمية: 96%

زيلينسكي: روسيا تقصف محطات الطاقة لتحفيز الهجرة إلى الاتحاد الأوروبي

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-21 00:22:44
مستوى الصحة: 80% الأهمية: 99%

تحميل تطبيق المنصة العربية